المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌331- باب: القنوت في الصلوات - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٥

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌245- جِماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها

- ‌246- باب: في أي وقت يحول رداءه

- ‌247- باب: رفع اليدين في الاستسقاء

- ‌248- باب: صلاة الكسوف

- ‌249- باب: من قال: أربع ركعات

- ‌250- بَابُ: القراءة في صلاة الكُسُوف

- ‌251- بَاب: ينادي فيهَا بالصّلاةِ

- ‌252- بَابُ: الصدَقة فيها

- ‌253- بَابُ: العِتْق فِيهَا

- ‌254- بَابُ: مَنْ قَال: يَركَعُ رَكعَتيْن

- ‌255- بَابُ: الصلاة عند الظلمة ونحوها

- ‌256- بَابُ: السُّجُود عند الآيات

- ‌257- بَابُ: صَلاةِ المُسَافِر

- ‌258- بَابُ: مَتَى يَقْصُر المُسَافِرُ

- ‌259- بَابُ: الأذانِ في السَّفر

- ‌260- بَابُ: المُسَافر يُصَلِي وهو يَشُكّ فِي الوَقتِ

- ‌261- باب: الجمعُ بين الصَّلاتين

- ‌262- بَابُ: قصر القراءة في السفرِ فِي الصلاةِ

- ‌263- بَابُ: التَّطَوُّع فِي السَّفَر

- ‌264- باب: التطوع على الراحلة والوتر

- ‌265- باب: الفريضة على الراحلة من غير عُذر

- ‌266- باب: متى يتم المسافر

- ‌267- باب: إذا أقام بأرض العدو يقصر

- ‌268- باب: صلاة الخوف

- ‌269- باب: مَن قال: يقومُ صف مع الإمام وصفّ وُجَاه العدوِّ

- ‌270- باب: مَن قال: إذا صلى ركعة

- ‌271- بَابُ: مَن قال: يكبرون جميعاً وإن كانوا مستدبري القبْلة

- ‌ 272- باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعة [

- ‌273- باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعة

- ‌274- باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ولا يقضون

- ‌275- باب: قول من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين

- ‌276- باب: صلاة الطالب

- ‌277- باب: تفريع أبواب التطوع وركعات السُّنَّة

- ‌278- باب: ركعتي الفجر

- ‌279- باب: تخفيفها

- ‌280- باب: الاضطجاع بعدها

- ‌281- باب: إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر

- ‌ 282- باب: من فاتته متى يقضيها

- ‌283- باب: الأربع قبل الظهر وبعدها

- ‌284- باب: الصلاة قبل العصر

- ‌285- باب: الصلاة بعد العصر

- ‌286- بَابُ: مَنْ رَخّصَ فِيهمَا إذا كانَت الشمسُ مُرْتفِعةً

- ‌287- بَابُ: الصَّلاةِ قبْل المَغْرِب

- ‌288- بَابُ: صَلاة الضُّحَى

- ‌289- بَابُ: صَلاةِ النهارِ

- ‌290- بَابُ: صَلاةِ التَّسْبِيح

- ‌291- بَابُ: رَكعَتِي المَغْرب أيْنَ تُصَليانِ

- ‌292- بَابُ: الصَّلاةِ بَعْد العِشَاءِ

- ‌294- بَاب: قيام الليل

- ‌295- باب: من نام عن حزبه

- ‌296- باب: من نوى القيام فنام

- ‌297- باب: أي الليل أفضل

- ‌298- باب: وقت قيام النبي- عليه السلام من الليل

- ‌299- باب: افتتاح صلاة الليل بركعتين

- ‌300- باب: صلاةُ الليل مثنى مثنى

- ‌301- باب: في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل

- ‌302- باب: في صلاة الليل

- ‌303- باب: ما يؤمر به من القصد

- ‌باب: تفريع أبواب شهر رمضان

- ‌304- باب: في قيام شهر رمضان

- ‌305- باب: في ليلة القدر

- ‌306- باب من قال: ليلة إحدى وعشرين

- ‌307- باب: من روى أنها ليلة سبع عشرة

- ‌308- باب: من روى في السبع الأواخر

- ‌309 - باب من قال: سبعاً وعشرين

- ‌310- باب من قال: هي في كل رمضان

- ‌311- باب: في كم يقرأ القرآن

- ‌312- باب: تحزيب القرآن

- ‌313- باب: في عدد الآي

- ‌314- باب: تفريع أبواب سجود القرآن، وكم فيه من سجدة

- ‌315- باب: من لم ير السجود في المفصل

- ‌316- باب: من رأى فيها السجود

- ‌317- باب: السجود في- {إذَا السماءُ انشَقَّتْ} و {اقْرَأ}

- ‌318- باب: السجود في " ص

- ‌319- باب: الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير صلاة

- ‌320- باب: ما يقول إذا سجد

- ‌321- باب: فيمن يقرأ السجدة بعد الصبح

- ‌322- باب: استحباب الوتر

- ‌323- باب: فيمن لم يوتر

- ‌324- باب: كم الوتر

- ‌325- باب: ما يقرأ في الوتر

- ‌326- باب: القنوت في الوتر

- ‌328- بَاب: في الوِتْر قَبْلَ النَّوْم

- ‌329- بَابُ: وقْت الوتْرِ

- ‌330- بَاب: فِي نَقْضِ الوِتْرِ

- ‌331- بَابُ: القُنُوتِ في الصلَواتِ

- ‌332- بَابٌ: في فَضْلِ التطوع فِي البَيْت

- ‌333- بابٌ

- ‌334- بَابُ الحَثِّ عَلى قيام اللَّيل

- ‌335- بَاب: فِي ثواب قراءة القُرَانِ

- ‌336- بَابٌ: في فَاتحةِ الكِتَابِ

- ‌337- بَاب: مَنْ قالَ: هيَ مِنَ الطُّوَلِ

- ‌338- بَاب: مَا جَاء في آية الكُرسيِّ

- ‌339- بَاب: فِي سُورة الصَّمدِ

- ‌340- بَابٌ: في المُعَوِّذَتَيْن

- ‌341- كَيفَ يُستحبُّ التَّرَسُّلُ في القُرآنِ

- ‌342- بَابٌ: فِيمَنْ حَفِظَ القُرآنَ ثم نَسِيَهُ

- ‌343- بَابٌ: أُنزِل القُرآنُ على سبعة أحْرُفٍ

- ‌344- بابُ الدُُّّعاء

- ‌345- بابُ: التّسْبِيح بالحصى

- ‌346- بابُ: ما يقُول الرجل إِذا سلم

- ‌347- باب: فِي الاسْتغْفارِ

- ‌349- بابُ: الصّلاةِ على غيْر النبِي- عليها السلام

- ‌350- بابُ الدعاء بظهْرِ الغيبِ

- ‌351- باب: ما يقُول الرجلُ إذا خاف قوْمًا

- ‌352- بابُ الاسْتخارةِ

- ‌353- باب: فِي الاسْتِعاذةِ

الفصل: ‌331- باب: القنوت في الصلوات

عائشة في الذي ينقض وتره: هذا يَلْعبُ بوِتره. وقال الشعبي: أمرْنا بالإبْرام ولم نؤمر بالنقض.

قلت: روى ابن أبي شيبة: نا وكيع،. عن أبي حمزة، عن ابن عياش، وعائذ بن عمرو، قالا: إذا أوترت أول الليل فلا توتر آخره، وإذا أوترت آخره فلا توتر أوله.

ونا هشيم قال: اخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، عن عائشة أنها سُئلَتْ

عن الذي ينقض وتره فقالت: إنما أمرنا بالإبْرام ولم نؤمر بالنقض.

***

‌331- بَابُ: القُنُوتِ في الصلَواتِ

أي: هذا باب في بيان قراءة القنوت في الصلوات.

1410-

ص- نا داود بن أميّةَ: نا معاذ- يعني: ابن هشام-: حدثني أبي، عن يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن: نا أبو هريرة قال: والله لأقَرئن بكُم (1) صلاةَ رسول الله- عليه السلام. قال: فكان أبو هريرةً يقنت في الركعة الآخرةِ من صَلَاة الظهرِ، وصلاةِ العِشاءِ الآخرةِ، وصلاةِ الصبح، فيدعُو للمَؤمنين، ويَلعنُ الكَافرين (2) .

ش- " لأقربن "- بالباء المُوحدة ، وفي نسخة صحيحة:" لأقرئنّ َ" من القراءة، وفي رواية الطحاوي: قال أبو هريرة: لأرينكم صلاة رسول الله. وأخرجه: البُخاريُ، ومسلم، والنسائي. وكل ما جاء من القنوت في الصلوات الفرض قد نُسخ.

وقال الطحاوي: حدثنا ابن أبي داود: نا المقدمي: نا أبو معشر: نا

أبو حمزة، عن إبراهيم، عن القمة، عن ابن مسعود قال: قنت

(1) في سنن أبي داود: " لكم "

(2)

البخاري: كتاب الأذان، باب: حدثنا معاذ بن فضالة (797)، مسلم: كتاب المساجد، باب: استحباب القنوت في جميع الصلاة، إذا نزلت بالمسلمة نازلة (676)، النسائي: كتاب قيام الليل، باب: النهي عن وترين

في ليلة (2/ 229) .

ص: 352

رسول الله شهرًا يَدْعُو على عُصية وذكوان، فلها ظهر كليهم ترك القنوت، وكان ابن مسعود لا يَقنتُ في صلاة، ثم قال: فهذا ابن مسعود يُخبرُ أن قنوتَ رسول الله الذي كان إنما كان من أجل من كان يَدْعو عليه، وأنه قد كان ترك ذلك فصارَ القنوت منسوخا، فلم يكن هو من بعد رسول الله يقنتُ، وكان أحدُ مَنْ رَوَى- أيضًا- عن رسول الله عبد الله بن عمر، ثم أخبرَهم أن الله- عز وجل نسخ ذلك حين أُنزِلَ على رَسول الله عليه السلام {لَيْسَ لَكَ منَ الأمْرِ شَيء أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذبّهَمْ فَإِنَهُمْ ظَالمُون} (1) فصار ذلكَ عند ابن عمر منسوخا- أيضًا- فلم يكن هوَ يقْنت بَعدَ رسول الله، وكان يُنكِرُ على مَنْ كان يَقنت، وكان احد من روي عنه القنوت عن رسول الله- عليه السلام: عبدُ الرحمن بن أبي بكر، فأخبر في حديثه بأن ما كان يقنتُ به رسول الله دعاء على منِ كان يدعو عليه، وأن الله عز وجل نسخ ذلك بقوله:{لَيْسَ لَكَ من الأمْرِ شَيء أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذبّهَمْ} الآية، ففي ذلك- أيضاَ- وجوب ترك القنوت في الفجر.

فإن قيل: قد ثبت عن أبي هريرة أنه كان يقنت في الصبح بعد النبي

عليه السلام، فكيف تكون الآية ناسخة لجملة القنوت؟ وكذا أنكر البيهقي ذلك، فبسط فيه كلاما في كتاب " المعرفة " فقال: وأبو هريرة أسلم في غزوة خيبر، وهو بعد نزول الآية بكثير ، لأنها نزلت في احدٍ، وكان أبو هريرة يقنت في حياته- عليه السلام وبعد وفاته؟ قلنا: يحتملُ أن يكون نزول هذه الآية لم يكن أبو هريرة علمه، فكان يعملُ على ما علم من فعل رسول الله وقنوته إلى أن مات. لأن الحجة لم تثبت عنده بخلاف ذلك، الا ترى أن عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر لما علما بنزول هذه الآية، وعَلِمَا كونها ناسخة لما كان رسول الله يَفعْل تركا القنوت.

1411-

ص- نا أبو الوليد، ومسلم بن إبراهيم، وحفص بن عمرو،

(1) سورة آل عمران: (128) .

23 هـ شرح سنن أبي داود هـ

ص: 353

ونا ابن معاذ: نا أبي قالوا كلهم: نا شعبة، عن عمرِو بن مُرة، عن ابن أبي ليلى، عن البَرَاء، أن النبي- عليه السلام كان يقنُتُ في صلاةِ الصبحِ. [2/ 164 - ب] زاد ابن معاذ: وصلاة/ المغربِ (1) .

ش- أبو الوليد: َ هشام بن عبْد الملك الطيالسي، وابن معاذ: هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ (2) بن حسان البصري، والبراء: ابن عازب. والحديث أخرجه: مسلم، والترمذي، والنسائي مشتملاً على الصلاتين. ومذهب الشافعي، ومالك، وأحمد، وإسحاق: القنوت في الصبح، وأن محله بعد الركوع. ومذهب أبي حنيفة وأصحابه: لا قنوت إلا في الوتر قبل الركوع. وقد قلنا: إن أحاديث القنوت في الفرائض منسوخة. ومن أحاديث الشافعي ومن معه: ما رواه عبد الرزاق في " مُصنّفه ": أخبرنا أبو جَعْفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس بن مالك قال: ما زال رسول الله- عليه السلام يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا. ومن طريق عبد الرزاق: رواه الدارقطني في " سننه "، وإسحاق بن راهوَيْه في " مسنده "، ولفظه عن الربيع بن أنسٍ: قال: قال رجل لأنس بن مالك: اقنتي رسولُ الله شهرا يدْعو على حي منْ أحياء العرب؟ قال: فزجره أنسى وقال: مازال رسول الله- عليه السلام يقنت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا. قال إسحاق: وقوله " ثم تركه " يعني: ترك تسمية القوم في الدعاء. انتهى.

ورواه الحاكم أبو عبد الله في كتاب " الأربعين" له، وفي " الخلاصة " للنووي: صححه الحاكم في كتابه المستدركة فليراجع " وقال: حديث صحيح. ورواته كلهم ثقات، وعن الحاكم: رواه البيهقي في " المعرفة " بسنده ومَتْنه وسكت عنه، قال: وله شواهد عن أنس ذكرناها في السنن ".

(1) مسلم: كتاب المساجد، باب: استحباب القنوت في جميع الصلاة، وإذا نزلت بالمسلمين نازلة (678)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: القنوت في الفجر (401)، النسائي: كتاب افتتاح الصلاة، باب: القنوت في صلاة المغرب (2/ 202) .

(2)

كتب فوقها:" صح "

ص: 354

وقال صاحب: " التنقيح على التحقيق ": هذا الحديث أجود أحاديثهم، وذكر جماعة وثقوا أبا جعفر الرازي، وله طرق في كتاب " القنوت " لأبي مُوسى المديني، قال: وإن صغ فهو محمول على أنه مازال يقنت في النوازل، أو على انه ما زال يُطول في الصلاة ، فإن القنوت لفظ مشترك بين الطاعة، والقيام، والخشوع، والسكوت، وغير ذلك، قال الله تعالى:{إِنَّ إبْراهيمَ كَانَ أمَّةَ قَانِتَا للهِ حَنِيفًا} (1)، وقال:{أفَنْ هُوَ قَانت آنَاءَ الليل} (2) قاَل (3) : {ومَن يَقْنُتْ منكُن لله} (4)، وقال:{يا مَرْيَمُ اقْنُتِي} (5)، وقال:{وقُومُوا للهَ قَانتينً} (6)، وقال:{كُل لهُ قَانِتُون} (7) . وفي الحديث: " أفضلَ الَصَلاة: طول القنوت " انتهى. وضعفه ابن الجوزي في كتاب "التحقيق " وفي " العلل المتناهية " فقال: هذا حديث لا يصح ، فإن أبا جعفر الرازي اسمُه: عيسى بن ماهان ، قال ابن المديني: كان يخلط، وقال يحيي: كان يخطئ، وقال أحمد: ليس بالقوي في الحديث، وقال أبو زرعة: كان يَهِمُ كثيرًا، وقال ابن حبان: كان ينفرد بالمناكير عن المشاهير. انتهى. ورواه الطحاوي في " شرح الآثار ": وسكت عنه ، إلا أنه قال: وهو مُعارَض بما رُوي عن أنس أنه- عليه السلام إنما قنت شهرًا يدعو على أحياء من العرب ثم تركه. انتهى.

قلت (8)، ويُعارَضُ بما رواه الطبراني في " معجمه ": حدثنا عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز: نا شيبان بن فروخ: نا غالب بن فرقد الطحان قال: كنت عند أنس بن مالك شهرين فلم يقنت في صلاة الغداة. انتهى./

(1) سورة النحل: (120) .

(2)

سورة الزمر: (9) .

(3)

كذا بدونه " واو ".

(4)

سورة الأحزاب: (31) .

(5)

سورة آل عمران: (43) .

(6)

سورة البقرة: (238) .

(7)

سورة البقرة: (116) .

(8)

القائل هو الحافظ الزيلعي كما في نصب الراية.

ص: 355

وروى محمد بن الحسن في كتابه " الآثار ": أخبرنا أبو حنيفة، عن

حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي قال: لم يُر النبي- عليه السلام قانتاً في الفجر حتى فارق الدنيا.

وقال ابن الجوزي في " التحقيق ": أحاديث الشافعية على أربعة أقسام،

منها: ما هو مطلق وأن رسول الله- عليه السلام قنت ، وهذا لا نزاع

فيه ، لأنه ثبت أنه قنت، والثاني: مقيد بأنه قنت في صلاة الصبح فيحمل

على فعله شهرا بأدلتنا، الثالث: ما رُوي عن البراء بن عازب أن النبي

عليه السلام كان يقنت في صلاة الصبح والمغرب. رواه مسلم،

وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وأحمد، وقال أحمد: لا يُروى عن

النبي- عليه السلام أنه قنت في المغرب إلا في هذا الحديث، والرابع:

ما هو صريح في حجتهم ، نحو ما رواه عبد الرزاق في " مصنفها- وقد

ذكرناه الآن-.

قال: وقد أورد الخطيب في كتابه الذي صنفه في " القنوت " أحاديث

أظهر فيها تعَصبه ، فمنها: ما أخرجه عن دينار بن عبد الله خادم أنس بن

مالك، عن أنس بن مالك قال: ما زال رسول الله- عليه السلام[2/ 165 - أ] يقنت في صلاة الصبح حتى مات. قال: وسكوته/ عن القدح في هذا الحديث، واحتجاجه به وقاحة عظيمة، وعصبية نادرة، وقفة دين ، لأنه

يعلم أنه باطل ، قال ابن حبان: دينار يروي عن أنس أضناء موضوعه لا

يحل ذكرها في الكتب إلا على سبيل القدح فيها، فواعجبا للخطيب! أما

سمع في " الصحيح ": " من حدث عني حديثًا وهو يرى أنه كذب فهو

أحد الكاذبين "؟ ! وهل مثله إلا كمثل من أنفق بَهْرجًا ودلسه ، فإن كثر

الناس لا يعرفون الصحيح من السقيم، وإنما يظهرُ ذلك للنُقاد، فإذا أورد

الحديثَ مُحدثْ، واحتج به حافظ، لم يقع في النفوس إلا أنه صحيح

ولكن عصبيته. ومَنْ نظر في كتابه الذي صرفه في القنوت، وكتابه الذي

صنفه في الجهر بالبسملة، ومسألة الغيم، واحتجاجه بالأحاديث التي يعلم

بطلانها اطلع على فرط عصبيته، وقفة دينه، ثم ذكر له أحاديث أخرى

ص: 356

كلها عن أنس، أن النبي- عليه السلام لم يزل يَقْنت في الصبح حتى مات، وطعن في أسانيدها " (1) .

1412-

ص- نا عبد الرحمن بن إبراهيم: نا الوليد: نا الأوزاعي: حدثني يحيي بن أبي كثير: حدثني أبو سلمي، عن أبي هريرة قال: قنَتَ رسولُ الله- عليه السلام في صَلاة العَتْمَة شهرًا يَقُولُ في قُنُوتِهِ: " اللهم نجِّ الوليدً بنَ الوليد، اللهم نَجِّ سلمةً بنَ هشَام، اللهم نَجِّ المستضعفين من المؤمنين، اللهمّ اشددْ وَطأتَكَ على مُضَرَ، اللهم اجْعَلهَا عليهم سِنينَ كسِنِيِّ يوسفَ ". قال أبو هريرةَ: وأصبح رسولُ اللهِ ذاتَ يومٍ فلم يَدع لهم، فذكرتُ ذلك له فقال:" وما تَراهم قد (2) قدِمُوا؟ "(3) .

ش- عبد الرحمن بن إبراهيم: قاضي الأردن، دُحَيْم، والوليد: ابن مسلم.

قوله: " نج الوليدَ بن الوليد " هو اخو الخالد بن الوليد، أسر يوم بدر كافرًا فَفُدي بأربعة آلاف درهم، ولما افتُدي أسلم، فحبسوه بمكة، فكان رسول الله يَدْعو له. وسلمة بن هشام: أخو أبي جهل بن هشام، وكان من خيار الصحابة، واحتبس بمكة، وعُذب في الله، وكان رسول الله يَدْعو له.

قوله: " وطأتك " الوطأة- بفتح الواو، وسكون الطاء، وبعدها همزة- هي البَأس ، والمعنى هنا: الإيقاع بهم، والعقوبة لهم، ويكون الوطأة بالقدم وبالقوائم وبالخيل.

قوله: " كسِني يوسفَ " أصله: كسِنين ، سقطت النون بالإضافة،

(1) إلى هنا انتهى النقل من " نصب الراية ".

(2)

غير موجودة في سنن أبي داود.

(3)

البخاري: كتاب الصلاة، باب: دعاء النبي يكل صلى الله عليه وسلم اجعلها عليهم كسني يوسف، مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب القنوت (675) .

ص: 357

ومعنى " سنِي يُوسُفَ ": الجدْبُ والقحط ، وهي السَبْع الشداد التي أصابتهم. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم.

1413-

ص- نا عبدُ الله بن معاوية الجُمحي: نا ثابت بن يزيد، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قنتَ رسولُ الله- عليه السلام شهرًا مُتتابعًا في الظهرِ والعَصْرِ والمغرب والعشاء، وصَلاةِ الصبح في دُبُرِ كل صلاةٍ إَذا قال: سَمِعَ اللهُ لمن صَلَهُ مَن الركعَةِ الآخرةِ، يدْعو على أحْناء من [بني] سُلَيْم: على رعْل، وذَكوانَ، وعُصَية، ويؤمنُ مَنْ خَلفَه (1)

ش- عبد الله بن معاوية: ابن موسى بن نشيط الجُمحي، أبو جعفر ".

روى عن: صالح المري، وحماد بن سلمة، وَوُهَيْب بن خالد وغيرهم. روى عنه: محمد بنْ الحارث المخزومي، وأبو داود. مات سنة ثلاث وأربعن ومائتين.

وثابت بن يزيد: الأحول، أبو زيد البصري. روى عن: بُرد بن سنان، وهلال بن خباب وآخرين. روى عنه: عبد الله بن معاوية وغيره، قال ابن معين: ثقة، وقال النسائي: ليس به بأس. روى له الجماعة. وهلال بن خبّاب- بالخاء المعجمة، وتشديد الباء الموحدة الأولى-

أبو العلاء البصري العبدي مَوْلى زيد بن صُوحَان، سكن المدائن ومات بها سنة أربع وأربعين ومائة. روى عن: أبي جحيفة السّوائي، وعكرمة مولى ابن عباس، وسعيد بن جبير وغيرهم. روى عنه: ثابت بن يزيد، ومسعر، والثوري، وأبو عوانة وغيرهم. قال أحمد: شيخ ثقة، وقال

- سفيان: ثقة ، إلا أنه تغير، عَمِلَ فيه السنُّ. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

قوله: " على رعل " بيان عن قوله: وعلى أحناء من [بني] سليم "، ورعيل- بكسر الوراء، وسكون العين المهملتين ولام-، وذكران- بفتح

(1) تفرد به أبو داود.

ص: 358

الذال المعجمة، وسكون الكاف، وبعدها واو وألف ونون- وعُصَيّة

- بضم العين، وفتح الصاد المهملتين، وتشديد الياء آخر الحروف وفتحها وتاء تأنيث- كلها أحناء من بني سُلَيْم.

وقال الخطابي: فيه بيان أن موضع/ القنوت بعد الركوع لا قبله. [2/ 165 - ب]، والجواب: أنه منسوخ، على أن في إسناده هلال بن خبّاب ، قال ابن

حبان: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.

1414-

ص- نا سليمان بن حرب، ومسدد قالا: نا حماد، عن أيوب،

عن محمد، عن أنس بن مالك أنه سُئلَ: هل قنَتَ رسولُ الله في صلاة

الصبح؟ فقال: نعم، فقيلَ له: قبلَ اَلركوِع أو بعدَ الركوع؟ قال: بعدً

الركوع. قال مُسدد: بِيسيرٍ (1) .

ش- حماد: ابن سلمي، وأيوب: السختياني، ومحمد: ابن سيرين.

قوله: " قال مسدد: بيسير " أي: قال مسدد في روايته: بعد الركوع

بيسير. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه

مختصرا ومُطولا. والجواب عن ذلك: أنه روي عن أنس من وجوه

خلاف ذلك ، فروى إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عنه أنه قال:

قنت رسول الله ثلاثين صباحا على رِعْل وذكوان. وروى قتادة، عنه

نحوا من ذلك. وروى عنه محمدٌ أن رسول الله- عليه السلام إنما قنت

عشرين يوما. وروى عاصم عنه إنكار القنوت بعد الركوع أصلاً وأن

رسول الله إنما فعل ذلك شهران ولكن القنوت قبل الركوع، فهؤلاء كلهم

أخبروا عنه خلاف ما رواه محمدٌ عنه، فلم يجز لأحد أن يحتج من

حديث أنس بأحد الوجهين مما روي عنه ، لأن لخصمه أن يحتج عليه بما

(1) البخاري: كتاب الوتر-، باب القنوت قبل الركوع وبعده (1001)، مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب القنوت في جميع إذا

نزلت بالمسلمين نازلة حول (298 / 677)، النسائي: كتاب التطبيق، باب: القنوت في صلاة الصبح (2/ 200)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب:

ما جاء في القنوت قبل الركوع وبعده (1184) .

ص: 359

روي عنه مما يخالف ذلك. وأما قوله: " ولكن القنوت قبل الركوع " فلم يذكر ذلك عن النبي- عليه السلام ، فقد يجوز أن يكون ذلك أخذه ممن بعده أو رأيا رآه.

1415-

ص- نا أبو الوليد: نا حماد بن سلمة، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، أن النبي- عليه السلام قنتَ شهرًا ثم تَرَكَه (1) . ش- أبو الوليد: الطيالسي. والحديث أخرجه: مسلم أتم منه ، وليس فيه " ثم تركه ".

قوله: " ثم تركه " يدل على أن القنوت في الفرائض كان ثم نسخ. قال الخطابيّ: معنى قوله: " ثم تركه " أي: ترك الدعاء على هؤلاء القبائل المذكورة في الحديث الأوّل، أو ترك القنوت في الصلوات الأربع ولم يتركه في صلاة الصبح.

قلت: هذا كلام متحكم متعصّب بلا دليل، فإن الضمير في " تركه " يرجع إلى القنوت الذي يدل عليه لًفظ " قنتَ " وهو عام يتناولُ جميع القنوت الذي كان في الصلوات، وتخصيص الفجر من بَيْنها بلا دليل من اللفظ يدل عليه باطل. وقوله " أي ترك الدعاء " لا يصح ، لأن الدعاء ليمِ يمض ذكره في هذا الحديث ، ولئن سلمنا فالدعاء هو عَيْن القنوت وما ثَم شيءٌ غيره، فيكون قد ترك القنوت ، والترك بعد العمل نسخ- كما ذكرنا - مستوفًى.

1416-

ص- نا مسدد: نا بشر بن المفضل: نا يونس بن عبيد، عن محمد بن سيرين: حدثني مَن صَلَّى مع النبي- عليه السلام صلاة الغَدَاة: فلما رَفَعَ رأسَهُ من الركعةِ الثانيةِ قَامَ هُنية (2) .

ش- " هنية "- بضم الهاء وفتح النون، وتشديد الياء آخر الحروف

(1) مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب القنوت في جمع الصلاة، 304000 - (677) .

(2)

النسائي: كتاب التطبيق، باب: القنوت في صلاة الصبح (2/ 201) .

ص: 360