الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيَّ ذَنْبًا، كُلُّهُ لَمْ أصْنَعِ
(1)
فصل
عن ابن عمر قال: بينما النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جالِسٌ وعنده أبو بكر رضي الله عنه وعليه عباءة قد خَلَّها على صَدْرِهِ بِخِلالٍ، إذْ نَزَلَ عليه جِبْرِيلُ عليه السلام، فَأقْرَأهُ من اللَّه عز وجل السلامَ، ثم قال:"يا محمد ما لِي أرى أبا بكر عليه عَباءةٌ وقد خَلَّها على صدره بِخِلالٍ؟ " فقال: "يا جبريل: أنْفَقَ مالَهُ قَبْلَ الفَتْحِ عَلَيَّ"، قال:"فَأقْرِئْهُ مِن اللَّهِ تعالى السلامَ، وقُلْ لَهُ: يقول لك رَبُّكَ: أراضٍ أنْتَ عَنِّي فِي فَقْرِكَ أمْ ساخِطٌ؟ "، فالتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلى أبِي بكر فقال: "يا أبا بكر: هذا جبريل يُقْرِئُكَ من اللَّه عز وجل السلامَ، ويقول لك رَبُّكَ: أراضٍ أنْتَ عَنِّي فِي فَقْرِكَ أمْ
= وقال مَكِّيٌّ: ولا يحسن أن يجعل {وَعَدَ اللَّهُ} نعتًا لـ {وَكُلٌّ} ؛ لأن كُلًّا معرفة؛ إذِ التقديرُ فيها الإضافة إلى المضمر، والتقدير: وكلهم وعد اللَّه الحسنى، وأيضًا فإنه لو كان صفة لبقي المبتدأ بغير خبر". الكشف عن وجوه القراءات 2/ 308، وينظر أيضًا: الخصائص 3/ 61، أمالِي ابن الحاجب 2/ 656.
(1)
البيتان من الرجز المشطور لأبِي النَّجْمِ العِجْلِيِّ، وأُمُّ الخِيارِ: امرأته.
التخريج: ديوانه ص 150، الكتاب 1/ 85، 127، 137، 146، معانِي القرآن للفراء 1/ 140، 242، 2/ 95، مجاز القرآن 2/ 84، معانِي القرآن للأخفش ص 253، إعراب القرآن للنحاس 2/ 7، شرح أبيات سيبويه 1/ 13، 295، إعراب القراءات السبع 2/ 350، الحجة للفارسي 4/ 26، الخصائص 1/ 292، 3/ 61، 303، المحتسب 1/ 211، إصلاح الخلل ص 406، المحرر الوجيز 5/ 260، البيان للأنباري 1/ 414، التبيان للعكبري ص 443، شرح المفصل 2/ 30، 6/ 90، شرح التسهيل لابن مالك 1/ 312، 370، شرح كافية ابن الحاجب للرضي 1/ 209، 402، ارتشاف الضرب ص 1956، مغني اللبيب ص 265، 647، 796، المقاصد النحوية 4/ 224، شرح شواهد المغني ص 544، همع الهوامع 1/ 117، خزانة الأدب 1/ 359، 3/ 20، 6/ 272، 273.
ساخِطٌ؟ "، قال: فَبَكَى أبو بكر رضي الله عنه وقال: عَلَى رَبِّي أغْضَبُ؟ أنا عن رَبِّي راضٍ، أنا عن رَبِّي راضٍ"
(1)
.
قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} {مَنْ} في موضع رفع بالابتداء، و {مَنْ} خبره، و {الَّذِي} نعت لـ {ذَا} ، ومعنى القرض الحسن هاهنا الحلال وأن ينفق مُحْتَسِبًا للَّه عز وجل، مُبْتَغِيًا ما عنده، ونصب {قَرْضًا} على أنه اسم للمصدر، ويجوز أن يكون مفعولًا كما تقول: أقْرَضْتُهُ مالًا
(2)
.
وقوله: {فَيُضَاعِفَهُ}
(3)
قال الفراء
(4)
: أن يكون جعله عطفًا على {يُقْرِضُ} ، كما تقول: مَنْ يَجِيءُ فَيُكْرِمُنِي ويُحْسِنُ إلَيَّ، وقال الزَّجّاجُ
(5)
أيضًا: يجوز أن يكون مقطوعًا من الأول مستأنفًا، ومن قرأ:"فَيُضاعِفَهُ" بنصب
(1)
رواه ابن حبان في كتاب المَجروحين 2/ 185، وينظر: أسباب النزول ص 272، الوسيط 4/ 246، تاريخ دمشق 30/ 71، 72، تاريخ بغداد 2/ 105.
(2)
من أول قوله: "ومعنى القرض الحسن". قاله النحاس في إعراب القرآن 4/ 355.
(3)
بالرفع قرأ أبو عمرو ونافع وحمزة والكسائي وخَلَفٌ، وقرأ عاصمٌ:"فَيُضاعِفَهُ" بالنصب، وقرأ ابن كثير وأبو جعفر:"فَيُضَعِّفُهُ"، وقرأ ابن عامر:"فَيُضَعِّفَهُ"، ينظر: السبعة ص 625، تفسير القرطبي 17/ 243، الإتحاف 2/ 520.
(4)
معانِي القرآن 3/ 133 باختلاف في ألفاظه.
(5)
في الأصل: "وقال الفراء". وهذا خطأ؛ لأن الكلام للزجاج، وهو بنصه في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 123، ونصب الفعل بالفاء في جواب الاستفهام هو مذهب الجرمي وبعض الكوفيين، وذهب جمهور الكوفيين إلى أنه منصوب بالخلاف أو الصرف. ينظر: معانِي القرآن للفراء 1/ 276، 2/ 79، 387، الأصول لابن السراج 2/ 179، إعراب القرآن 1/ 214، 4/ 355، إصلاح الخلل ص 49، الإنصاف ص 557 - 559، ارتشاف الضرب ص 1668، الجنى الدانِي ص 74.
الفاء جعله جوابًا للاستفهام بالفاء، وقيل
(1)
: بإضمار "أن"، وقد مضى نظيرها في سورة البقرة
(2)
وذِكْرُ الخلاف فيها، فأغنى عن الإعادة هاهنا.
قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} ؛ أي: نَسْتَضِئْ من نوركم، قرأه العامة:"انْظُرُونا" موصولًا؛ أي: انْتَظِرُونا، و"انْظُرْ" بمعنى "انْتَظِرْ" كثيرٌ في التَّنْزِيلِ، وقرأ يحيى والأعمش وحمزة:{انْظُرُونَا}
(3)
بقطع الألف وكسر الظاء، من الإنْظارِ؛ أي: أمْهِلُونا، قال الزَّجّاجُ
(4)
: ومعناه: انْتَظِرُونا أيضًا، قال الفَرّاءُ
(5)
: والعرب تقول: أنْظِرْني؛ أي: انْتَظِرْنِي، وأنشد عمرو ابن كُلْثُومٍ:
339 -
أبا هِنْدٍ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْنا
…
وَأنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينا
(6)
(1)
هذا مذهب الخليل وسيبويه والمبرد وجمهور النحويين، ينظر: الكتاب 3/ 28، المقتضب 2/ 13، إعراب القرآن 4/ 355، النكت للأعلم ص 709.
(2)
الآية 245، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.
(3)
وهي أيضًا قراءة زيد بن عَلِيِّ وطلحة والمُطَّوِّعِيِّ. ينظر: السبعة ص 625، القرطبي 17/ 245، البحر المحيط 8/ 220.
(4)
قال الزجاج: "ومن قال: "أنْظِرُونا" بالكسر فمعناه: أخِّرُونا، وقد قيل: إن معنى "أنْظِرُونا": انْتَظِرُونا أيضًا". معانِي القرآن وإعرابه 5/ 124.
(5)
معانِي القرآن 3/ 133.
(6)
البيت من الوافر، لعمرو بن كلثوم من معلقته، وأبو هند هو الملك عمرو بن هند.
التخريج: ديوانه ص 56، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 124، شرح القصائد المشهورات 2/ 97، تهذيب اللغة 14/ 369، معانِي القراءات 3/ 55، إعراب القراءات السبع 2/ 350، الحجة للفارسي 4/ 30، جمهرة أشعار العرب ص 280، الكشف والبيان 9/ 237، الوسيط 4/ 248، أمالِي ابن الشجري 1/ 371 - 372، المحرر الوجيز 5/ 262، عين المعانِي ورقة 131/ ب، تفسير القرطبي 2/ 60، 17/ 245، شرح المعلقات السبع للزوزني ص 171، اللسان: نظر، التاج: نظر، إلى.
يعني: انْتَظِرْنا، وقال آخر:
340 -
بِنَظْرةِ ذِي شَجَنٍ وامِقٍ
…
إذا ما الرَّكائِبُ جاوَزْنَ مِيلا
(1)
ونصب يومًا على الظرف، ويجوز أن يكون بدلًا من اليوم الذي قبله
(2)
.
وقوله: {قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ} نصب على الظرف، أي: وَراءَ المكان الذي جاوَزْتُمُوهُ، استهزاءً بهم، أو رُجُوعَ القَهْقَرَى، فلا محلَّ له من الإعراب معناه: ارْجِعُوا ارْجِعُوا
(3)
، قال الشاعر:
(1)
البيت من المتقارب، لبَشامةَ بنِ الغَدِيرِ المُرِّيِّ الذُّبْيانِيِّ، وقبله:
وَحُمِّلتَ مِنها عَلى نَأيِها
…
خَيالًا يُوافِي وَنَيلًا قَلِيلا
اللغة: الشَّجَنُ: الهَمُّ والحُزْنُ وهَوَى النفسِ، وامِقٌ: مُحِبٌّ مُتَوَدِّدٌ، الزكائِبُ: جمع رِكابٍ وهي الإبِلُ.
التخريج: المفضليات ص 56، الحجة للفارسي 4/ 28، شرح المفضليات للتبريزي 1/ 168، مختارات ابن الشجري ص 56، منتهى الطلب 2/ 399.
(2)
يعني باليوم الذي قبله قوله تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} ، قال النحاس:"نَصَبْتَ يومًا على الظرف؛ أي: وذلك الفوز العظيم في ذلك اليوم، ويجوز أن يكون بدلًا من اليوم الذي قبله". إعراب القرآن 4/ 357، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 358 - 359.
(3)
المؤلف هنا ذكر وجهين في إعراب {وَرَاءَكُمْ} ، الأول: أن يكون ظرفًا، فيكون العامل فيه {ارْجِعُوا} ، والثانِي: أن يكون اسمَ فِعْلٍ مؤكدًا لـ {ارْجِعُوا} ، فيكون بِمَنْزِلةِ "إلَيْكَ" و"عَلَيْكَ" و"دُونَكَ"، وهذا قول الفارسيِّ في الشيرازيات ص 272: 274، واختار ابن عطية الوجه الأول، وهو أن {وَرَاءَكُمْ} ظرف والعامل فيه {ارْجِعُوا} ، فقال:"وقوله: "وَراءَكُمْ" حكى المَهْدَوِيُّ وغيرُه من المفسرين أنه لا موضع له من الإعراب، وأنه كما لو قال: ارْجِعُوا ارْجِعُوا، وأنه على نحو قول أبِي الأسود الدُّؤَليِّ للسائل: وَراءَكَ أوسعُ لك، ولستُ أعرف مانعًا يمنع من أن يكون العامل فيه {ارْجِعُوا}، والقول لهم: "فالتَمِسُوا نُورًا" هو على التوبيخ لهم؛ أي: إنكم لا تجدونه". المحرر الوجيز 5/ 262، وينظر: أمالِيُّ ابن الشجري 1/ 251، كشف المشكلات 2/ 353، الفريد للهمداني 4/ 431، البحر المحيط 8/ 220، الدر المصون 6/ 276.