الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحسنُ بالحاء
(1)
، قال الأخفش
(2)
: ليس تَبْعُدُ إحداهما عن الأخرى، إلّا أن التجسس بالجيم عما يُكْتَمُ ويُوارَى، ومنه الجاسوس، والتَّحَسُّسُ بالحاء طلب الأخبار والبحث عنها.
ويقال
(3)
: إن التجسس بالجيم للشر لا غير، والتحسس بالحاء للخير والشر. معنى الآية: خُذُوا ما ظَهَرَ، ودَعُوا ما سَتَرَ اللَّهُ، ولا تَتَّبِعُوا عَوْراتِ الناس وعُيُوبَهُمْ.
فصل
عن أبِي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إيّاكُمْ والظَّنَّ، فإن الظَّنَّ أكْذَبُ الحديث، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَقاطَعُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَدابَرُوا، وكونوا عبادَ اللَّه إخوانًا"
(4)
.
قوله: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} ؛ أي: ولا يُعَيِّرْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، والغِيبةُ أن
(1)
وهي قراءة ابن سيرين أيضًا، ونسبها ابن خالويه للنبي صلى الله عليه وسلم، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 144، الكشف والبيان 9/ 82، تفسير القرطبي 16/ 332، البحر المحيط 8/ 113، الإتحاف 2/ 486.
(2)
لَمْ أقف عليه في معانِي القرآن، وإنما حكاه الثعلبي عنه في الكشف والبيان 9/ 82، وينظر: القرطبي 16/ 333.
(3)
حكاه السجاوندي بغير عزو، ثم قال:"ولو صحّ هذا القول ما قرأ الحسن بالحاء". عين المعاني ورقة 125/ أ.
(4)
رواه البخاري في صحيحه 6/ 136، 137 كتاب التكاح: باب "لا يخطب على خطبة أخيه"، 7/ 88، 89 كتاب الأدب: باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر، وباب {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} كتاب الفرائض: باب تعليم الفرائض، ورواه مسلم في صحيحه 8/ 10 كتاب البر والصلة والآداب: باب تحريم الظن والتجسس.
يُقالَ فِي الرجل مِنْ خَلْفِهِ ما فيه، وإذا اسْتُقْبِلَ به فتلك المُجاهَرةُ، فإذا قيل فيه ما ليس فيه فذلك البَهْتُ
(1)
.
وقوله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} قرأ نافع: {مَيِّتًا} بالتشديد
(2)
، وقرأ الباقون بالتخفيف، وهو منصوب على الحال، وقرأ أبو سعيد الخُدْرِيُّ:{فَكُرِّهْتُمُوهُ}
(3)
بالتشديد على غير تسمية الفاعل، الباقون بالتخفيف، والمعنى: فكما تكرهون ذلك فاكرهوا غيبةَ أخيكم المسلم
(4)
،
(1)
قاله الأزهري في تهذيب اللغة 8/ 215، وحكاه ابن الشجري عن قتادة في أماليه 1/ 230، وينظر: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 145، تفسير القرطبي 16/ 334.
(2)
وهي قراءة أبِي جعفر ورُويْسٍ ويعقوب أيضًا، ينظر: السبعة ص 606، النشر 2/ 224، الإتحاف 2/ 487.
(3)
ورواها أبو سعيد الخُدْرِيُّ عن النبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وهي قراءة أبِي حيوة والجَحْدَرِيِّ أيضًا، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 144، البحر المحيط 8/ 114.
(4)
يعني أن الفاء في قوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ} عاطفة على محذوف، وهذا التأويل للفارسي، فقد قال:"فَأمّا الفاء في قوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ} فعطفٌ على المعنى، كأنه لَمّا قيل لهم: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا}؟ قالوا: لا، فقيل لهم لَمّا قالوا: لا: {فَكَرِهْتُمُوهُ}، أي: كَرِهْتُمْ أكْلَ لَحْمِهِ ميتًا، فكما كرهتم أكل لحمه ميتًا فكذلك فاكْرَهُوا غِيبَتَهُ، وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} معطوف على هذا الفعل المقدر، ولا يكون قوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ} بمعنى فاكْرَهُوهُ، واتقوا اللَّه؛ لأن لفظ الخبر لا يوضع للدعاء في كل موضع، ولأن قوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ} محمول على المعنى الذي ذكرناه، فمعنى الخبر فيه صحيح". الحجة 3/ 415، وحكاه عنه ابن الشجري في أماليه 1/ 230: 232، ويرى ابن الشجري أن قول الفارسي ضعيف؛ لأن فيه حَذْفَ الموصول وإبقاءَ صلته، وهو رديءٌ ضعيفٌ، ثم قال:"ولو قدر المحذوف مبتدأ كان جيدًا؛ لأن حذف المبتدأ كثير في القرآن، والتقدير عندي: فهذا كرهتموه، والجملة المقدرة المحذوفة مُبْتَدَئِيّةٌ لا أمْرِيّةٌ كما قَدَّرَها". أمالِيُّ ابن الشجري 3/ 100.
وفيه أقوال أخرى، تنظر في معانِي القرآن للفراء 3/ 73، إعراب القرآن للنحاس 4/ 215، الكشاف للزمخشري 3/ 568، البحر المحيط 8/ 114، الدر المصون 6/ 171.