الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الجمعة
مدنية
وهي سبعمائة وثمانية وأربعون حرفًا، ومائة وثمانون كلمةً، وإحدى عشرة آيةً.
باب ما جاء فِي فضل قراءتها
عن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ سُورةَ الجُمُعةِ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَناتٍ، بعَدَدِ مَنْ ذَهَبَ الجُمُعةَ مِنْ مِصْرٍ مِنْ أمْصارِ المُسْلِمِينَ، وَبِعَدَدِ مَنْ لَمْ يَذْهَبْ"
(1)
.
ورُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ قَرَأ سُورةَ الجُمُعةِ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ مَنافِعَ الدُّنْيا والآخِرةِ"
(2)
.
باب ما جاء فيها من الإعراب
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} من الملائكة {وَمَا فِي الْأَرْضِ} من كل شيء غَيْرَ كُفّارِ الجِنِّ والإنْسِ، ثم نعت الرَّبُّ نَفْسَهُ، فقال: {الْمَلِكِ
(1)
ينظر: الكشف والبيان 9/ 305، الوسيط 4/ 294، الكشاف 4/ 107، مجمع البيان 10/ 5.
(2)
لَمْ أعثر له على تخريج.
الْقُدُّوسِ} قال أهل اللغة
(1)
: كل اسم على "فَعُّولٍ" بتشديد العين فالفاء فيه منصوبة نحو سَفُّودٍ وكَلُّوب وسَمُّورٍ وشَبُّوطٍ
(2)
، وهو ضَرْبٌ من السَّمَكِ، إلا ثلاثةَ أحْرُفٍ: سُبُّوحٌ وقُدُّوسٌ وذُرُّوحٌ لواحد الذَّرارِيحِ
(3)
.
وحَكَى الفَرّاءُ
(4)
عن الكسائي أنه قال: سمعت أبا الدِّينارِ -وكان أعرابيًّا فصيحًا- يقرأ: "القَدُّوسِ" بفتح القاف
(5)
، ولَعَلَّهُ لُغةٌ.
وقرأ أبو وائل: "المَلِكُ القُدُّوسُ"
(6)
بالرَّفع على معنى: هُوَ المَلِكُ
(1)
قاله الكسائي وابن السكيت وثعلب وغيرهم، ينظر: ما تلحن فيه العامة للكسائي ص 112 - 113، إصلاح المنطق ص 132، 218، الفصيح ص 292، وينظر: إعراب القرآن 4/ 405، اشتقاق أسماء اللَّه ص 214، تهذيب اللغة 4/ 340، ليس في كلام العرب ص 250، الصحاح 1/ 372، 3/ 961، 4/ 1494.
(2)
السَّفُّودُ: حديدة ذات شُعَب مُعَقَّفةٍ يُشْوَى بها اللَّحْمُ، والكَلُّوبُ والكُلَّابُ: حديدة معطوفة كالخُطّافِ، وهي أيضًا السُّفُّودُ، والجمع: كَلالِيبُ، والسُّمُّورُ: دابّةٌ تُشْبِهُ النِّمْسَ فِي بلاد التُّرْكِ والرُّوسِ، تُسَوَّى من جلودها فِراءٌ غالِيةُ الأثمان، والجمع: سَمامِيرُ، والشَّبُّوطُ: نوع من السمك دَقِيقُ الذَّنَبِ، عَرِيضُ الوَسَطِ، صَغِيرُ الرَّأْسِ، لَيِّنُ المَمَسِّ، وهو لفظ أعجمي، انظر: اللسان: سفد، كلب، سمر، شبط.
(3)
الذُّرُّوحُ: دُوَيْبةٌ أكبر من الذُّبابِ شَيْئًا، مُجَزَّعٌ مُبَرْقَشٌ بِحُمْرةٍ وسَواب وصُفْرةٍ، له جناحان، وهو سَمٌّ قاتل. اللسان: ذرح.
(4)
لَمْ أقف على هذا القول في معانِي القرآن، وإنما ذكره ابن الأنباري في الزاهر 1/ 53، وقال الكسائي:"وبعضهم يقول: الشبُّوحُ والقَدُّوسُ بالفتح". ما تلحن فيه العامة ص 112، 113، وينظر: الكشف والبيان 9/ 305.
(5)
قرأ أبو الدينار الأعرابيُّ وزيدُ بن عَلِيٍّ وشبلٌ وقَعْنَبٌ: "القَدُّوس" بفتح القاف، ورُوِيَ عنه أيضًا:{القَدُوسِ} بالتخفيف، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 156، شواذ القراءة ورقة 239، البحر المحيط 8/ 263.
(6)
قرأ أبو وائل ورُؤْبةُ وأبو الدينار ومَسْلَمةُ بن مُحارِب ويعقوب وأبو العالية ونصر بن عاصم: =
القُدُّوسُ {الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)} وقرأ الباقون بالخفض على النعت للَّه.
قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ} يعنِي العربَ، وكانت أُمّةً أُمِّيّةً لا تكتب ولا تقرأ {رَسُولًا مِنْهُمْ} يعني محمَّدًا صلى الله عليه وسلم، نَسَبُهُ نَسَبُهُمْ، وهو من جنسهم، نظيرها قوله تعالى:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}
(1)
.
وقوله: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} يعني القرآن {وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)} ؛ أي: وما كانوا قبل بَعْثِهِ فيهم إلّا في ضلال مبين
(2)
، وهو الشرك باللَّه تعالى.
قوله: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} في محله من الإعراب وجهان، أحدهما: الخفض عطفًا على {الْأُمِّيِّينَ} ، تقديره: في الأُمِّيين وفي آخَرِينَ منهم، وقيل: على الهاء والميم في {عَلَيْهِمْ} ، والآخَر: النصب عطفًا على المضمر المنصوب في قوله: {وَيُعَلِّمُهُمُ} ؛ أي: وَيُعَلِّمُ آخَرِينَ منهم
(3)
؛ أي: من المؤمنين الذين يَدِينُونَ بِدِينِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
وقيل: معناه: وبَعَثَ في آخَرِينَ، يعني الأعاجم ومَنْ لا يتكلم بلغة العرب، والنبي صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى العرب والعَجَمِ، وقوله:{مِنْهُمْ} لأنهم إذا
= {الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} بالرفع، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 156، تفسير القرطبي 18/ 91، البحر المحيط 8/ 263.
(1)
التوبة 128.
(2)
تأويله لهذه لآية يدل على أنه يأخذ برأي الكوفيين الذين يجعلون "إن" المخففة من الثقيلة نافية بمعنى "ما"، واللام الفارقة بمعنى "إلّا"، وقد تقدم مثل ذلك.
(3)
الوجهان: الخفض والنصب قالهما الفراء والزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 155، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 169 - 170، إعراب القرآن 4/ 425 - 426.
أسْلَمُوا صاروا منهم، والمسلمون كُلُّهُمْ يَدٌ واحِدةٌ وأُمّةٌ واحِدةٌ، وإن اخْتَلَفَتْ أجْناسُهُمْ، كما قال اللَّه تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}
(1)
، ومَنْ لَمْ يؤمن باللَّه ورسولِهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فليسوا مِمَّنْ عَناهُم اللَّهُ بقوله:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} ، وإن كان عليه السلام مبعوثًا إليهم بالدعوة؛ لأنه قال تعالى:{وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} ، ومن لَمْ يُؤْمِنْ فليس مِمَّنْ زَكّاهُ وعَلَّمَهُ القرآنَ والسنةَ.
وقوله: {لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ (3)} ؛ أي: لَمْ يُدْرِكُوهُمْ، ولكنهم بَعْدَهُمْ؛ لأن التابعين لا يدركون شيئًا، والصحابة في الفضل والسابقة.
وأصل {لَمَّا} "لَمْ"، زِيدَتْ عليها "ما" لِيُنْفَى بها ما قَرُبَ من الحال، ولو لَمْ يكن معها "ما" لكانت نَفْيَ ماضٍ لا غَيْرُ، فإذا قلت: لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ، فهو نَفْي لِمَنْ قال: قامَ زَيْدٌ، وإذا قلت: لَمّا يَقُمْ زَيْدٌ، فهو نَفْي لِمَنْ قال: قَدْ قامَ زَيْدٌ
(2)
.
واختلفوا فيهم، فقيل: هم العَجَمُ -كما تقدَّم-، وقيل: هم التابعون، وقيل: هم جميع مَنْ دَخَلَ فِي الإسلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة، واللَّه أعلم.
(1)
التوبة 71.
(2)
من أول قوله: "وأصل لَمّا" قاله مَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن 2/ 376، وهذا الكلام بيان لقول سيبويه:"و"لَمْ" وهي نَفْيٌ لقوله: فَعَلَ". الكتاب 4/ 225، ولقول سيبويه أيضًا:"وأما "قَدْ" فجواب لقوله: لَمّا يَفْعَلْ، فتقول: قَدْ فَعَلَ، وزعم الخليل أن هذا الكلام لقوم ينتظرون الخبر، و"ما" في "لَمّا" مُغَيِّرةٌ لَها عن حال "لَمْ". الكتاب 4/ 223. وينظر: حروف المعاني ص 8، 11 معانِي الحروف للرمانِي ص 132، الجنى الدانِي ص 268، 269، 592، مغني اللبيب ص 228، 368.