المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قوله: {وَلَهُمْ فِيهَا} يعني: فِي الجنة {مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ - البستان في إعراب مشكلات القرآن - جـ ٣

[ابن الأحنف اليمني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الدخان

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فْصَلُ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الجاثية

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الأحقاف

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الفتح

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الحجرات

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة ق

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الذاريات

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الطور

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة النجم

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة القمر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الرحمن

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الواقعة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الحديد

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة المجادلة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الحشر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الامتحان

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة الصف

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الجمعة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل في ذِكر بعض ما ورد من الأخبار في فَضْلِ هذا اليومِ وسُنَتِهِ

- ‌سورة المنافقين

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة التغابن

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الطلاق

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة التحريم

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الملك

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: قوله: {وَلَهُمْ فِيهَا} يعني: فِي الجنة {مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ

قوله: {وَلَهُمْ فِيهَا} يعني: فِي الجنة {مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ} وهذا محذوف الجواب، قال الفراء

(1)

: أراد: أمَنْ كان فِي هذا النعيم كَمَنْ هو خالد في النار؟ وقيل

(2)

: معناه: أفَمَنْ حالُهُ ذلك في هذا النعيم كمن هو خالد في النار فيها الحميم؟ ومَثَلُ أهل الجنة فِي النعيم المقيم كمثل أهل النار فِي العذاب الأليم؟! شَتّانَ ما بينهما {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا} شديد الحر {فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)} ، والأمعاء جميع ما في البطن من الحَوايا، واحدها مِعًى.

‌فصل

عن أبِي أُمامةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا شَرِبَ الكافرُ الماءَ الحميمَ قَطَّعَ أمْعاءَهُ حتى يخرج من دُبُرِهِ، يقول اللَّه تعالى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} ".

ورُوِيَ عن محمد بن عبيد اللَّه الكاتب

(3)

قال: قَدِمْتُ من مكة، فلما صرت إلى طِيْزَناباذَ ذكرتُ قول أبِي نواس:

(1)

معانِي القرآن 3/ 60، وهذا عند الفراء، وأما عند سيبويه فالخبر محذوف، قال سيبويه:"قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ}، ثم قال بَعْدُ: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ} فيها كذا وكذا، فإنما وُضِعَ المَثَلُ للحديث الذي بعده، فذكر أخبارًا وأحاديث، فكأنه قال: ومن القَصَصِ مَثَلُ الجَنّةِ، أو مِمّا يُقَصُّ عليكم مَثَلُ الجنة". الكتاب 1/ 143.

وقال مَكِّي بن أبِي طالب: "وقال يونس: معنى {مَثَلُ الْجَنَّةِ} : صفة الجنة، فـ {مَثَلُ} مبتدأ، و {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ} ابتداء وخبر في موضع خبر {مَثَلُ} . مشكل إعراب القرآن 2/ 307.

(2)

هذا قول ابن كيسان، ينظر: الكشف والبيان 9/ 33، عين المعانِي 123/ أ، القرطبي 16/ 237.

(3)

محمد بن عبيد اللَّه بن محمد بن العلاء، أبو جعفر الأُطْرُوشُ، ثقة مأمون، سمع أحمد بن بديل اليامي وعَلِيَّ بن حرب الطائي، روى عنه القاضي أبو الحسن الجراحي والدارقطني، توفِّي سنة (329 هـ). [تاريخ بغداد 3/ 133].

ص: 77

253 -

بِطِيزَناباذَ كَرْمٌ ما مَرَرْتُ بِهِ

إلّا تَعَجَّبْتُ مِمَّنْ يَشْرَبُ الماءَ

فهتف بِي هاتفٌ أسمع صوته، ولا أراه يقول:

254 -

وَفِي الجَحِيمِ حَمِيمٌ ما تَجَرَّعَهُ

حَلْقٌ فَأبْقَى لَهُ فِي البَطْنِ أمْعاءَ

(1)

قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ} يعني المنافقين {مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} ؛ أي: يستمعون إلى خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ} يعني: من المسجد {قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} من الصحابة {مَاذَا قَالَ} محمد {آنِفًا (16)} ؛ أي: الآنَ والساعةَ، استهزاءً وتهاونًا منهم بقوله، وهو نصب على المصدر

(2)

، ومعنى الآنِفِ من الائْتِنافِ، وأصله من الأنْفِ وهو الابتداء من كل شيء، يقال: ائْتَنَفْتُ الأمْرَ؛ أي: ابْتَدَأْتُهُ

(3)

.

(1)

البيتان من البسيط، لَمْ أقف على الأول في ديوان أبِي نواس، وأنشدهما النويري لمحمد بن مسروق البغدادي، ويروى الثانِي:"وَفِي جَهَنَّمَ مُهْلٌ. . . . حَلْقٌ فَأبْقَى".

اللغة: طِيزَناباذُ: قرية بين الكوفة والقادسية، كانت محفوفة بالشجر والحانات، وكانت أحد المواضع المقصودة لِلَّهْوِ والبطالة، ولأهل الخلاعة فيها أخبار كثيرة.

التخريج: هذه القصة والبيتان في المُحَبِّ والمَحْبُوبِ للسَّرِيِّ الرَّفّاءِ 4/ 366 - 367، الوسيط 4/ 123 - 124، معجم البلدان: طيزناباذ 4/ 62، عين المعانِي ورقة 123/ أ، نِهاية الأرب للنويري 4/ 180، طبقات المفسرين للداودي 1/ 395 - 396، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 242.

(2)

{آنِفًا} منصوب على الحال من الضمير في {قَالَ} ؛ أي: مُؤْتَنِفَّا، وهو قول العكبري وأبي حيان. ينظر: التبيان ص 1162، البحر المحيط 8/ 79، وقال الزمخشري:"نصب على الظرف". الكشاف 3/ 534، قال أبو حيان:"والصحيح أنه ليس بظرف، ولا نعلم أحدًا من النحاة عَدَّهُ في الظروف". البحر المحيط 8/ 79، وينظر، أيضًا، الدر المصون 6/ 152.

(3)

قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 10، وينظر: تهذيب اللغة 15/ 483، الوسيط 4/ 124.

ص: 78

قوله تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ} يعني كفار مكة، أي: ينتظرون {إِلَّا السَّاعَةَ} يعني القيامة {أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} يعني: فجأة، نصب على الحال {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا (18)} أماراتُها وعَلَاماتُها، من انشقاقِ القمرِ، وخروجِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم، والأشْراطُ واحدها شَرَطٌ، وأصل الإشْراطِ الإعْلَامُ، يقال: أشْرَطَ نَفْسَهُ للأمر: إذا جَعَلَ نَفْسَهُ عَلَمًا فيه، وبهذا سُمِّيَ أصحاب الشُّرَطِ لِلُبْسِهِمْ لِباسًا يكون علامةً لَهُمْ، ومنه قيل: الشرْطُ فِي البيع وغيرِه؛ لأنه علامة من المتبايعين

(1)

.

ويقال

(2)

: أشْرَطَ فُلَانٌ نَفْسَهُ في عمل كذا؛ أي: أعْلَمَها وجعلها له. قال أوس بن حَجَرٍ يصف رَجُلًا تَدَلَّى بِحَبْلٍ من رأس جَبَلٍ إلى نَبِقةٍ ليقطعها ويتخذ منها قَوْسًا:

255 -

فَأشْرَطَ فِيها نَفْسَهُ، وَهْوَ مُعْصِمٌ

وَألْقَى بِأسْبابٍ لَهُ وَتَوَكَّلا

(3)

(1)

هذه المعانِي حكاها ابن السكيت عن الأصمعي في إصلاح المنطق ص 229، وحكاها الأزهري عن الأصمعي وأبِي عبيد في التهذيب 11/ 309، وينظر: غريب القرآن للسجستانِي ص 143، شمس العلوم 6/ 3443، تفسير القرطبي 16/ 240، اللسان: شرط.

(2)

قاله ابن السكيت في إصلاح المنطق ص 229، وينظر: الزاهر 1/ 346، تهذيب اللغة 11/ 309.

(3)

البيت من الطويل، لأوس بن حَجَرٍ.

اللغة: أشْرَطَ نفسَهُ في الأمر: قَذمَها، وأشرط نفسه: جعلها عَلَمًا للموت، والمعنى هنا: هَيَّأ لهذه النبعة، مُعْصِمٌ: معتصمٌ ومستمسك بالحبل الذي دَلّاهُ.

التخريج: ديوانه ص 87، العين 6/ 236، غريب الحديث للهروي 1/ 41، الحيوان 5/ 23، 6/ 42، جمهرة اللغة ص 726، الزاهر 1/ 346، مقاييس اللغة 3/ 260، الكشف والبيان 9/ 33، المحرر الوجيز 5/ 116، أساس البلاغة: شرط، شمس العلوم 6/ 3443، عين المعانِي ورقة 123/ أ، منتهى الطلب 2/ 244، تفسير القرطبي 4/ 157، 16/ 240، اللسان: شرط، عصم، البحر المحيط 8/ 71، الدر المصون 6/ 152، اللباب في علوم الكتاب 17/ 448، التاج: شرط، عصم.

ص: 79

قوله تعالى: {فَأَوْلَى لَهُمْ} يعني المنافقين، وَعِيدٌ لهم وتهديدٌ، والعرب تتكلم به فِي الوعيد والتعجب، تقول للإنسان إذا كاد أن يَعْطَبَ: أوْلَى لَكَ، أي: قارَبَكَ العَطَبُ

(1)

.

ثم استأنف فقال: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} ؛ أي: حَسَنٌ، مجازه: ويقول هؤلاء المنافقون قبل نزول الآية المحكمة: {طَاعَةٌ} ، وهو رفع على الحكاية، وقيل: هو ابتداء محذوف الخبر، تقديره: طاعةٌ وقولٌ معروفٌ أمْثَلُ أو أحْسَنُ، أو أمْرُنا طاعةٌ

(2)

، والمعنى على هذا أن اللَّه قال: لو أطاعوا، وقالوا قولا معروفًا، كان أمْثَلَ وأحْسَنَ، ويجوز أن يكون متصلًا بما قبله على معنى: فَأوْلَى لَهُمْ طاعةٌ للَّهِ ولِرَسُولِهِ وقَوْلٌ مَعْرُوفٌ بالإجابة

(3)

؛ أي: لو أطاعوه كانت الطاعة والإجابة

(1)

قاله المبرد والنحاس والنقاش، ينظر: الكامل للمبرد 4/ 51، معانِي القرآن للنحاس 6/ 479، 480، شفاء الصدور ورقة 26/ أ، وقوله:"إذا كاد أن يَعْطَبَ" فيه إدخال "أنْ" فى خبر "كادَ"، وهو قليل.

(2)

المؤلف هنا ذكر أن "طاعةٌ" مبتدأ محذوف الخبر، ثم فسر ذلك بقوله:"طاعةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ أمْثَلُ"، ولكن قوله:"أو أمْرُنا طاعةٌ" معناه أن "طاعةٌ" خبر ابتداء محذوف، وهذا هو الراجح، على عكس ما ذكره هو أوَّلًا من أنه مبتدأ محذوف الخبر، وهذان الوجهان صحيحان، وبهما قال سيبويه، حيث قال:"قال اللَّه تعالى جَدُّهُ: "طاعةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ"، فهو مثله، فإما أن يكون أضْمَرَ الاسمَ، وجَعَلَ هذا خَبَرَهُ، كأنه قال: أمْرِي طاعةٌ وقولٌ معروفٌ، أو يكونَ أضْمَرَ الخَبَرَ، فقال: طاعة وقول معروف أمْثَلُ". الكتاب 1/ 141، ومثله فى الكتاب 2/ 136، وينظر أيضًا: الكامل للمبرد 2/ 57، المقتضب 4/ 11، إعراب القرآن 4/ 187، الخصائص 2/ 364.

(3)

يعني أن قوله تعالى: {أَوْلَى} مبتدأ، و {لَهُمْ} متعلق به، واللام بمعنى الباء، والخبر {طَاعَةٌ} ، أي: أولى بهم طاعة دون غيرها. ينظر: الكشف والبيان 9/ 35، الفريد للهمداني 4/ 312، 313، المحرر الوجيز 5/ 117، البحر المحيط 8/ 81.

ص: 80

أوْلَى لهم، وهذا معنى قول ابن عباس

(1)

في رواية عطاء

(2)

، واختيارُ الكسائي

(3)

.

قوله: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ} ؛ أي: جَدَّ ولَزِمَ فَرْضُ القتالِ، وصار الأمْرُ مَعْزُومًا عليه، وذلك عند حقائق الأمور، وإن العزيمة للرجال، فَأسْنَدَ العزيمةَ إلى الأمر لأنه فيه، كما يقال: نامَ لَيْلُكَ؛ لأن النوم فيه

(4)

.

وجواب "إذا" محذوف، يدل عليه قوله:{فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ}

(5)

يعني النَّبِيَّ {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} من الشك، وتقديره: فإذا عَزَمَ الأمْرُ نَكَلُوا، وكَذَبُوا فيما وَعَدُوا من أنفسهم، ولو صَدَقُوا اللَّهَ في إيمانهم وجهادهم، لكان الصدق خَيْرًا لهم من المعصية، وقيل: المعنى: فلو صدقوا اللَّه في القلب كما قالوا باللسان إذْ أُمِرُوا لكان خيرا لهم.

{فَهَلْ عَسَيْتُمْ} يقول: لعلكم {إِنْ تَوَلَّيْتُمْ} ؛ أي: أعرضتم عن الإسلام وما جاء به محمد عليه السلام {أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} ؛ أي: تعودوا إلى ما

(1)

ينظر قول ابن عباس في الوسيط 4/ 126، مجمع البيان 9/ 172، تفسير القرطبي 16/ 244، وقال الدانِي:"وروى أبو صالح عن ابن عباس أنه قال: "فأوْلَى" تمام الكلام، ثم قال: "لَهُمْ طاعةٌ"، أي: للذين آمنوا منهم طاعةٌ وقولٌ معروفٌ". المكتفى في الوقف والابتدا ص 330.

(2)

هو عطاء بن أبِي رباح، واسمه أسْلَمُ القرشي بالولاء، أبو محمد المكي، تابعي ثقة فقيه كثير الحديث، نشأ بمكة، وانتهت إليه وإلى مجاهد فتوى أهلها، توفِّي سنة (114 هـ)، وقيل:(115 هـ). [تهذيب الكمال 20/ 70، الأعلام 4/ 235].

(3)

ينظر: اختياره في الوسيط 4/ 126، مجمع البيان 9/ 172.

(4)

قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة 26/ أ.

(5)

قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 13، وذهب أبو حيان إلى أن الجواب هو نفس قوله:{فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ} ، فقال:"والظاهر أن جواب "إذا" قَوْلُهُ: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ}، كما. تقول: إذا كان الشتاء فلو جئتني لَكَسَوْتُكَ". البحر المحيط 8/ 81، وينظر أيضًا: الدر المصون 6/ 155، اللباب في علوم الكتاب 17/ 454.

ص: 81

كنتم عليه في الجاهلية، فتُفْسِدُوا ويقتل بعضكم بعضًا، وذلك قوله تعالى:{وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)} وقرأ نافع: "عَسِيتُمْ" بكسر السين

(1)

، وقد مضى نظيرها في سورة البقرة

(2)

.

قوله تعالى: {أُولَئِكَ} يعني المنافقين {الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23)} عن الحق {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} فيعرفون ما أعَدَّ اللَّهُ لِلْمُتَمَسِّكِ بالإسلام {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)} فلا تَفْهَمُ مَواعِظَ القرآن وأحكامَهُ، يقال: تَدَبَّرْتُ الأمْرَ أي: نَظَرْتُ فِي عاقبته، والتَّدَبُّرُ: هو قَيْسُ دُبُرِ الكلام بِقَلْبِهِ لِيُنْظَرَ: هل يَخْتَلِفُ؟ ثُمَّ جُعِلَ كُلُّ تَمْيِيزٍ تَدَّبُّرًا

(3)

.

ومعنى الأقفال هاهنا: الطبْعُ على القلب، والأقفال استعارة لانغلاق القلب عن معرفة الإسلام والقرآن.

وفي إضافة الأقفال إلى القلوب تنبيه على أن المراد بها ما هو للقلوب بِمَنْزِلةِ الأقفال للأبواب، إذْ ليست للقلوب أقفالٌ حقيقةً

(4)

، ومعنى الاستفهام فِي قوله {أَمْ} الإخبارُ أنها كذلك؛ لأن معنى "أمْ" هاهنا "بَلْ".

(1)

وهي قراءة الحسن وطلحة أيضًا، ينظر: التيسير ص 81، النشر 2/ 230، الإتحاف 2/ 477، قال الأزهري:"أما قراءة نافع: {فَهَلْ عَسِيتُمْ} بكسر السين فهي لغة، وليست بالكثيرة الشائعة، وأهل اللغة اتفقوا على "عَسَيْتُمْ" بفتح السين، والدليل على صحتها اجتماع القراء على قوله: "عَسَى رَبُّكُمْ"، لَمْ يقرأه أحد: "عَسِيَ رَبُّكُمْ". معانِي القراءات 2/ 388، وذكر مثله في 1/ 214، والكسر لغة أهل الحجاز كما ذكر الفارسي في الحجة 1/ 454.

(2)

في الآية 246، وهي قوله تعالى:{قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا} ، وهي في القسم المفقود من الكتاب.

(3)

من أول قوله: "يقال: تدبرت الأمر" قاله أبو بكر السجستانِيُّ في تفسير غريب القرآن ص 143، ودُبُرُ الكلامِ: عاقِبَتُهُ وآخِرُ أمْرِهِ. اللسان: دبر.

(4)

قاله الواحدي في الوسيط 4/ 127، وقال الزمخشري: "وأما إضافة الأقفال فلأنه يريد =

ص: 82