المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل رُوِيَ عن منصورِ بنِ عَمّارٍ (1) واعظِ أهْلِ العراق أنه قال: - البستان في إعراب مشكلات القرآن - جـ ٣

[ابن الأحنف اليمني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الدخان

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فْصَلُ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الجاثية

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الأحقاف

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الفتح

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الحجرات

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة ق

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الذاريات

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الطور

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة النجم

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة القمر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الرحمن

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الواقعة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الحديد

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة المجادلة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الحشر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الامتحان

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة الصف

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الجمعة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل في ذِكر بعض ما ورد من الأخبار في فَضْلِ هذا اليومِ وسُنَتِهِ

- ‌سورة المنافقين

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة التغابن

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الطلاق

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة التحريم

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الملك

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: ‌ ‌فصل رُوِيَ عن منصورِ بنِ عَمّارٍ (1) واعظِ أهْلِ العراق أنه قال:

‌فصل

رُوِيَ عن منصورِ بنِ عَمّارٍ

(1)

واعظِ أهْلِ العراق أنه قال: دخلتُ خَرِبةً، فرأيتُ شابًّا يصلي صلاة الخائفين، فقلتُ في نفسي: إن لهذا الفتى شأنًا، لعله وَلِيٌّ من أولياء اللَّه، فوقفتُ حتى فَرَغَ من صلاته، فلما سَلَّمْتُ عليه وَرَدَّ عَلَيَّ السلامَ قلتُ له: إن في جهنم وادِيًا يقال له: {لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى}

(2)

، قال: فَشَهَقَ شَهْقةً، وخَرَّ مَغْشِيًّا عليه، فَلَمّا أفاقَ قال: زِدْنِي، فقلتُ:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)}

(3)

، فَخَرَّ مَيْتًا، فلما كشفتُ ثيابه عن صَدْرِهِ رأيتُ على صدره مكتوبًا:{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ}

(4)

، فلما كان الليل نِمْتُ فرأيتُهُ في المنام جالسًا على سرير وعلى رَأْسِهِ تاجٌ، فقلتُ له: ما فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟، فقال: آتانِي ثواب أهْلِ بَدْرٍ وزادَنِي، فقلتُ: لِمَ؟ قال: لأنهم قُتِلُوا بِسَيْفِ الكُفّارِ، وأنا قُتِلْتُ بسيف الجبار.

= التي في الفعل، وذلك قولهم في جَمَل: جِمالةٌ، وحَجَرٍ: حِجارةٌ، وذَكَرٍ: ذِكارةٌ، وذلك قليل، والقياس على ما ذكرنا". الكتاب 3/ 570 - 571.

(1)

منصور بن عمار بن كثير السلمي الخراساني، أبو السَّرِيِّ البصري البليغ الصالح الرباني، لم يكن له نظير في الموعظة والتذكير، وعظ بالعراق والشام ومصر، تزاحم عليه الناس، وكان منكر الحديث، ليس بالقوي، توفِّي سنة (200 هـ). [حلية الأولياء 9/ 325: 331، تاريخ بغداد 13/ 71: 79، سير أعلام النبلاء 9/ 93 - 98].

(2)

المعارج 15 - 18.

(3)

التحريم 6.

(4)

الحاقة 21 - 23.

ص: 460

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني كفار مكة {لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} يعني يوم القيامة {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ} في الآخرة {مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)} فِي الدنيا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} ؛ أي: خالصةً، قرأ العامة بفتح النون على نعت التوبة، وَرَوَى أبو بكر عن عاصم بِضَمِّهِ على المصدر

(1)

، وهي قراءة الحَسَنِ.

قال المُبَرِّدُ

(2)

: أراد: توبةً ذاتَ نُصْحٍ، وهو نعت كقولك: ناقةٌ رَكُوبٌ وناقةٌ حَلُوبٌ؛ أي: ذاتُ رُكُوبٍ وذاتُ حَلَبٍ، وَماءٌ شَرُوبٌ.

والتوبة النَّصُوحُ: أن يتوب ثم لا يعود إلى الذَّنْبِ، كما لا يعود اللَّبَنُ إلَى الضَّرْعِ، رَوَى ذلك مُعاذُ بن جبل عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

(3)

، والمعنى: أنها تَنْصَحُ صاحِبَها بِتَرْكِ العَوْدِ إلَى ما تاب منه، وأصله من النُّصْحِ، يقال: نَصَحْتُ له نُصْحًا ونُصُوحًا، ويقال أيضًا: نَصَحْتُ الثَّوْبَ: إذا خِطْتَهُ، والناصح: الخَيّاطُ، والنِّصاحُ: الخَيْطُ

(4)

.

(1)

قرأ أبو بكر عن عاصم، وخارجةُ عن نافع، والحسنُ والأعرجُ وعيسى بنُ عمر:{نُصُوحًا} بضم النون، وقرأ الباقون وحفص ونافع بفتح النون، ينظر: السبعة ص 641، تفسير القرطبي 18/ 199، البحر المحيط 8/ 288، الإتحاف 2/ 548.

(2)

ينظر قوله في شفاء الصدور ورقة 144/ ب، الكشف والبيان 9/ 350، شمس العلوم 10/ 6624، عين المعانِي ورقة 135/ ب، تفسير القرطبي 18/ 199.

(3)

رواه الحاكم في المستدرك 2/ 495 كتاب التفسير: سورة التحريم، والبيهقي في السنن الكبرى 10/ 154 كتاب الشهادات: باب شهادة القاذف، وينظر: الكشف والبيان 9/ 350، الوسيط 4/ 322، الدر المنثور 3/ 61، 6/ 245.

(4)

قاله الأصمعي وأبو زيد وابن السكيت، ينظر: إصلاح المنطق ص 174، 175، تهذيب اللغة 4/ 249، وينظر أيضًا: شمس العلوم 10/ 6624، اللسان: نصح.

ص: 461

قال صاحب "إنسان العين"

(1)

: فالخَيّاطُ يَضُمُّ أجزاء الثوب بحُسْنِ التناسب، والناصح يَضُمُّ أجزاء الثَّوابِ بِحُسْنِ النِّيّاتِ، قال الحسن

(2)

: التوبة النصوح: أن تُبْغِضَ الذَّنْبَ كما أحْبَبْتَهُ، وتَسْتَغْفِرَ منه إذا ذَكَرْتَهُ، وقال أيضًا

(3)

: هي نَدَمٌ بالقلب، واستغفارٌ باللسان، وتَرْكٌ بالجوارح، وإضمارُ ألَّا يَعُودَ.

وقيل: التوبة النصوح: هي المُبالِغةُ في النصح، التي لا يَنْوِي التائبُ معها مُعاوَدةً لِلْمَعْصِيةِ. وقال ذو النون

(4)

: علامتها ثلاثٌ: قِلّةُ الكلام وقِلّةُ الطعام وقِلّةُ المنام. وقال محمد بن كعب القُرَظِيُّ

(5)

: التوبة النَّصُوحُ تجمعها أربعةُ أشياءَ: الاستغفار باللسان، والإقلاع بالأبدان، وإضمارُ تَرْكُ العَوْدِ بالجَنانِ، ومُهاجَرةُ سَيِّئِ الخِلَّانِ، وقال فَتْحٌ المَوْصِلِيُّ

(6)

: علامتها ثلاثٌ: مخالفة الهوى وكثرة البُكا ومكابدة الجوع والظَّما

(7)

.

قوله: {عَسَى رَبُّكُمْ} يعني: إذا تُبْتُمْ، {عَسَى} من اللَّه واجبٌ، وقد تقدم نظيره

(8)

{أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} ؛ أي: يُغَطِّيَها ويَسْتُرَها عنكم {وَيُدْخِلَكُمْ

(1)

قال نحوه في عين المعانِي ورقة 135/ ب.

(2)

ينظر قوله في شفاء الصدور ورقة 144/ ب، تفسير القرطبي 18/ 197.

(3)

ينظر قوله في غريب القرآن للسجستانِي ص 159، زاد المسير 8/ 314.

(4)

ينظر قوله في عين المعانِي ورقة 135/ ب، تفسير القرطبي 18/ 198.

(5)

ينظر قوله في الكشف والبيان 9/ 350، عين المعانِي 135/ ب، تفسير القرطبي 18/ 198.

(6)

هو فتح بن سعيد، أبو نصر الموصلي الزاهد الولِيُّ العابد، كان شريفًا من العرب، رَوَى عن عيسى بن يونس وغيره، توفِّي سنة (220 هـ). [حلية الأولياء 8/ 292، سير أعلام النبلاء 10/ 483 - 484].

(7)

ينظر قوله في الكشف والبيان 9/ 351، عين المعانِي 135/ ب، تفسير القرطبي 18/ 199.

(8)

في الآية 5 من هذه السورة، وانظر 3/ 457.

ص: 462

جَنَّاتٍ} يعني بساتين {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} يعني: من تحت البساتين، ثم أخبر مَتَى ذلك فقال تعالى:{يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ} يعني: يومَ لا يُعَذِّبُ اللَّهُ النبيَّ {وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} ولا يُخْزَى يومئذٍ إلا مَنْ دَخَلَ النارَ، والعامل في {يَوْمَ} ما قبله

(1)

.

وقوله: {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} يعني المؤمنين، وذلك حين يُعْطَوْنَ النُّورَ فَيَسْعَى بين أيديهم على الصراط، فَيُورِدُهُمْ إلى الجنة {وَبِأَيْمَانِهِمْ} يعني: يُعْطَوْنَ كُتُبَهُم التي فيها أعمالهم الطيبة، فهي نُورٌ لهم أيضًا {يَقُولُونَ رَبَّنَا}؛ أي: يقولون إذا طُفِئَ نُورُ المنافقين: {رَبَّنَا} نداء مضاف؛ أي: يا ربنا {أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)} من إثبات النور والمغفرة للمؤمنين، وإطفاء نور المنافقين.

قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ} واسمها واغِلةُ {وَامْرَأَتَ لُوطٍ} واسمها واهِلةُ، وقال مقاتل

(2)

: اسمهما والِغةُ ووالِهةُ {كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا} يعني: في الدِّينِ، قال الحسن

(3)

: في فُرُوجِهِما، وقال ابن عباس

(4)

: ما بَغَت امرأةُ نَبِيٍّ قَطُّ، إنما كانت

(1)

يعني أن العامل فيه قوله: {وَيُدْخِلَكُمْ} ، قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 195، ويجوز أن يكون مفعولًا به على إضمار: اذْكُرْ، ينظر: الفريد للهمدانِي 4/ 492، تفسير القرطبي 18/ 200.

(2)

ينظر قوله في الكشف والبيان 9/ 351، عين المعانِي ورقة 135/ ب، تفسير القرطبي 18/ 201، البحر المحيط 8/ 289.

(3)

ينظر قوله في شفاء الصدور ورقة 145/ أ، المحرر الوجيز 5/ 335، البحر المحيط 8/ 289.

(4)

ينظر قوله في جامع البيان 28/ 216، 217، شفاء الصدور ورقة 145/ ب، الكشف =

ص: 463

خِيانَتُهُما في الدِّينِ، كانت امرأة نوح تُخْبِرُ الناسَ أنه مجنون، وكانت امرأة لوط تَدُلُّ قَوْمَهُ على الأضياف، إذا نَزَلَ بِلُوطٍ ضَيْفٌ بالليل أوْقَدَتِ النارُ، وإذا نَزَلَ بالنهار دَخَنَتْ لِيَعْلَمَ قَوْمُهُ أنه قد نَزَلَ به ضَيْفٌ، وقال الكلبي

(1)

: أسَرَّتا النِّفاقَ وأظْهَرَتا الإيمانَ {فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا} يعني نُوحًا ولُوطًا، لَمْ يُغْنِيا مع نُبُوَّتِهِما عن امرأتيهما {مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)} وإنما لَمْ يَقُلْ: مع الداخلات؛ لأن المعنى: مع القوم الداخلين

(2)

، أعْلَمَ اللَّهُ أن الأنبياء لا يُغْنُونَ عَنْ مَنْ عَمِلَ بالمعاصي شيئًا.

ونصب {مَثَلًا} و {امْرَأَتَ نُوحٍ} لأنهما مفعولان لـ {ضَرَبَ}

(3)

، وقيل

(4)

: نصب {امْرَأَتَ نُوحٍ} على البدل من {مَثَلًا} ، تقديره: مَثَلًا مَثَلَ امْرَأةِ نُوحٍ، ثم حذف مَثَلًا الثانِي؛ لدلالة الأول عليه، وكذلك إعراب الآية بعدها مثله، وهو قوله تعالى:{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} وهي آسِيةُ بنت مُزاحِمٍ، كانت قد آمنتْ بِمُوسَى عليه السلام، وسألت اللَّه تعالى بَيْتًا في الجنة، فقالت: {إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ

= والبيان 9/ 351، الوسيط 4/ 322، زاد المسير 8/ 315، تفسير القرطبي 18/ 202، البحر المحيط 8/ 289.

(1)

ينظر قوله في الوسيط 4/ 322، زاد المسير 8/ 315.

(2)

قاله النحاس في إعراب القرآن 4/ 465.

(3)

هذا على أن "ضَرَبَ" بمعنى جَعَلَ، ولهذا تعدى إلى مفعولين، قاله النحاس ومكي، ينظر: إعراب القرآن 4/ 456، مشكل إعراب القرآن 2/ 390، وينظر: البيان للأنباري 2/ 449، الفريد للهمداني 4/ 492.

(4)

هذا على أن "ضَرَبَ" بمعنى ذَكَرَ أو وَصَفَ، وهذا الرأي ذكره مَكِّيٌّ بغير عزو في مشكل إعراب القرآن 2/ 390، وبه قال الباقُولِيُّ في كشف المشكلات 2/ 373، وينظر: البيان للأنباري 2/ 449، تفسير القرطبي 18/ 202.

ص: 464

وَعَمَلِهِ} قيل: شِرْكُهُ، وقيل: جِماعُهُ {وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)} الكافرين أهْلِ دِينِ فرعون اللعين.

وفي هذين المَثَلَيْنِ اللذين ضربهما اللَّه تعالى تخويفٌ لعائشة وحفصة رضي الله عنهما، وزَجْرٌ لَهُما عن أذَى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، يقول: لا تكونا بِمَنْزِلةِ امرأة نوح وامرأة لوط في المعصية، وكُونا بمَنْزِلةِ امرأة فرعون ومريم، وهو قوله:{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} ؛ أي: حَفِظَتْهُ من الفواحش، فَلَمْ يَمَسَّها بَشَرٌ قَطُّ.

ونصب "مَرْيَمَ" عطفًا على مَثَلٍ، و {ابْنَتَ} نعت لها، وقيل: على البدل

(1)

، ولَمْ ينصرف مَرْيَمُ للتأنيث والتعريف، وقيل: إنه اسم أعجمي، وقيل: عربِي

(2)

.

وقوله: {فَنَفَخْنَا فِيهِ} يعني: في جَيْبِ دِرْعِها {مِنْ رُوحِنَا} مِنْ أمْرِنا، يقال: إن جبريل عليه السلام مَدَّ جَيْبَ مِدْرَعَتِها بِإصْبَعِهِ، ثم نفخ في جيبها فحملت، والكناية عن غير مذكور، وقيل: إن الرُّوحَ عيسى عليه السلام؛ أي: جعله اللَّه تعالى في بطن أمه.

(1)

هذا الوجه والذي قبله قالهما النَّحّاسُ ومَكِّيٌّ، ينظر: إعراب القرآن 4/ 465، مشكل إعراب القرآن 2/ 390.

(2)

قاله مَكِّيٌّ بنصه في مشكل إعراب القرآن 2/ 390. قال ابن دريد: "ومَريمُ: اسمٌ أعجميٌّ، وليسَ في كلام العرب فَعْيَلٌ". الاشتقاق ص 347، وقال الصاحب بن عباد:"والمَرْيَمُ من النِّساءِ: التي تُحِبُّ حَدِيْثَ الرِّجالِ ولا تَفْجُرُ". المحيط في اللغة 10/ 289، وقال الجوهري:"أبو عمرو: مَرْيَم مَفْعَل من رام يَرِيم". الصحاح 5/ 1940، وقال الجواليقي:"ومريم: اسم أعجمي". المعرب ص 317، وينظر: اللسان: ريم، التاج: ريم.

ص: 465

قوله: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا} يعني الشرائع التي شرعها اللَّه تعالى للعباد بكلماته المُنْزَلةِ في كتبه، وقيل: الكلمات هي البشارات، نحو قوله:{إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ}

(1)

.

وقوله: {وَكُتُبِهِ} يعني كتب اللَّه تعالى كُلَّها، قرأ العامة:{وَصَدَّقَتْ} بالتشديد، وقرأ لاحِقُ بن حُمَيْدٍ بالتخفيف

(2)

، وقرأ أيضًا العامةُ:{بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا} على الجَمْعِ، وقرأ الحسنُ وعيسى بن عُمَرَ والجَحْدَرِيُّ:"بكَلِمةِ"

(3)

على التوحيد، يَعْنُونَ عيسى عليه السلام، وقرأ أبو عمرو ويعقوب:{وَكُتُبِهِ} على الجمع، وهي روايةُ حَفْصٍ عن عاصم، واختيارُ أبِي حاتم، قال

(4)

: لأنَّها أعَمُّ، وقرأ الباقون:{وَكِتابِهِ}

(5)

على الواحد، وهي اختيار أبِي عبيد، وأرادوا به الإنجيلَ، {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)} يعني العابدين الراكعين الساجدين، وقال قتادة

(6)

: أراد: من القوم المُطِيعِينَ لِرَبِّها، ولذلك لَمْ يَقُلْ: من القانتات.

(1)

مريم 19.

(2)

قرأ عُصْمةُ عن عاصمٍ، وأبو مِجْلَزٍ وقتادة ويعقوب وحُمَيْدٌ والأمويُّ:"وَصَدَقَتْ" بالتخفيف، ينظر: تفسير القرطبي 18/ 204، مفاتيح الغيب 30/ 50، البحر المحيط 8/ 290.

(3)

وهي أيضًا قراءة مجاهد وأبِي العالية، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 158، تفسير القرطبي 18/ 204، البحر المحيط 8/ 290.

(4)

اختيار أبِي حاتم وقوله في المحتسب 2/ 342، الكشف والبيان 9/ 352.

(5)

قرأ أبو عمرو، وحفصٌ عن عاصم، وخارجةُ عن نافع، ويعقوبُ:{وَكُتُبِهِ} ، وقرأ ابنُ كثير وابنُ عامر، وأبو بكر عن عاصم، وحمزةُ والكسائيُّ، وغيرُ خارِجةَ عن نافعٍ، وأبو العالية والحسنُ وأبو رجاء وخلفٌ وأبو جعفر:"وَكِتابِهِ" بالإفراد، ينظر: السبعة ص 641، المحتسب 2/ 324، تفسير القرطبي 18/ 204، البحر المحيط 8/ 290، إتحاف فضلاء البشر 2/ 549.

(6)

ينظر قوله في جامع البيان 28/ 219، الكشف والبيان 9/ 352، الوسيط 4/ 324.

ص: 466