المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والزجاج (1) : والعرب تُوَبِّخُ بالألف وبغير ألف، تقول: أذَهَبْتَ فَفَعَلْتَ كَذا؟ - البستان في إعراب مشكلات القرآن - جـ ٣

[ابن الأحنف اليمني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الدخان

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فْصَلُ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الجاثية

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الأحقاف

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الفتح

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الحجرات

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة ق

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الذاريات

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الطور

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة النجم

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة القمر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الرحمن

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الواقعة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الحديد

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة المجادلة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الحشر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الامتحان

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة الصف

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الجمعة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل في ذِكر بعض ما ورد من الأخبار في فَضْلِ هذا اليومِ وسُنَتِهِ

- ‌سورة المنافقين

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة التغابن

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الطلاق

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة التحريم

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الملك

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: والزجاج (1) : والعرب تُوَبِّخُ بالألف وبغير ألف، تقول: أذَهَبْتَ فَفَعَلْتَ كَذا؟

والزجاج

(1)

: والعرب تُوَبِّخُ بالألف وبغير ألف، تقول: أذَهَبْتَ فَفَعَلْتَ كَذا؟ وذَهَبْتَ فَفَعَلْتَ كَذا؟ قرأ ابن كثير وهشام وأبو جعفر ويعقوب: {أَذْهَبْتُمْ} بهمزة بعدها مدة، وقرأ ابن ذكوان:{أَأَذْهَبْتُمْ} بهمزتين من غير مَدٍّ، وقرأ الباقون بهمزة واحدة من غير مَدٍّ على الخبر

(2)

، ومعنى القراءات كلها سواء.

‌فصل

رُوِيَ عن عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: اسْتَأْذَنْتُ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فدخلتُ عليه فِي مَشْرُبَتِهِ

(3)

، وإنه لَمُضْطَجِعٌ على خَصَفةٍ

(4)

، وإنّ بَعْضَهُ على التُّرابِ، وتحت رأسه وِسادةٌ مَحْشُوّةٌ لِيفًا، فَسَلَّمْتُ ثُمَّ جَلَسْتُ فقلتُ: يا رسول اللَّه: أنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وصَفْوَتُهُ وخِيرَتُهُ من خَلْقِهِ، وَكِسْرَى وقَيْصَرُ على سُرُرِ الذَّهَبِ وفُرُشِ الدِّيباجِ والحَرِيرِ؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا عُمَرُ: إنّ أولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لهم طَيِّباتُهُمْ، وهي وَشِيكةُ الانقطاعِ، وإنّا أُخِّرَتْ لنا طَيِّباتُنا"

(5)

.

(1)

معانِي القرآن للفراء 3/ 54، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 444، والنص للفراء.

(2)

قرأ ابن كثير والدّاجِوانِيُّ عن هشام ورُويْسٌ: {أَاذْهَبْتُمْ} بهمزتين مُحَقَّقةٍ فَمُسَهَّلةٍ مع عدم الفصل، وقرأ ابن كثير أيضًا وأبو جعفر والأعرج وابن وثاب ومجاهد وقتادة:{أَذْهَبْتُمْ} بألف مُطَوَّلةٍ، وقرأ ابن عامر:{أَأَذْهَبْتُمْ} بهمزتين حَقَّقَهُما ابنُ ذَكْوانَ، ولَيَّنَ الثانيةَ منهما هشامٌ، وابنُ كثير في روايةٍ عنه، وهي أيضًا، قراءة الحسن وأبِي العالية ويعقوب ونصر بن عاصم، وقرأ الباقون بهمزة واحدة على الخبر. ينظر: السبعة ص 598، إعراب القراءات السبع 2/ 320 - 321، تفسير القرطبي 16/ 199، البحر المحيط 8/ 62، النشر 1/ 366، الإتحاف 2/ 472.

(3)

المَشْرَبةُ والمَشْرُبةُ، بفتح الراء وضمها: الغُرْفةُ، والجمع مَشْرَباتٌ ومَشارِبُ. كتاب سيبويه 4/ 91، تهذيب اللغة 11/ 354، الصحاح 1/ 152، اللسان: شرب.

(4)

الخَصَفةُ: القطعة من الجِلْدِ. اللسان: خصف.

(5)

رواه الحاكم في المستدرك 4/ 104 كتاب الأطعمة: باب ذِكْرِ معيشة النبي صلى الله عليه وسلم، وينظر: الوسيط 4/ 110، 11، زاد المسير 7/ 382، عين المعانِي ورقة 122/ أ، كنز العمال 3/ 245.

ص: 52

وعن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه قال: "رأى عُمَرُ رضي الله عنه فِي يدي لَحْمًا مُعَلَّقًا، فقال: ما هذا يا جابر؟ قلتُ: اشْتَهَيْتُ لَحْمًا فاشتريتُهُ، قال عُمَرُ: أوَ كُلَّما اشْتَهَيْتَ يا جابرُ اشْتَرَيْتَ؟ أما تَخافُ هذه الآيةَ يا جابرُ: "أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا؟ "

(1)

.

ورُوِيَ أن عُتْبةَ

(2)

بنَ فَرْقَدٍ دخل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو يَكْدِمُ

(3)

كَعْكًا شامِيًّا، ويَتَفَوَّقُ لَبَنًا حازِرًا

(4)

، فقال: يا أمير المؤمنين: لَوْ أمَرْتَ أنْ يُصْنَعَ لك طَعامٌ ألْيَنُ من هذا؟ فقال: يا ابن أُمِّ فَرْقَدٍ: أتَرَى أحَدًا من العرب أقْدَرَ على ذلك مِنِّي؟! فقال: ما أحَدٌ أقْدَرُ على ذلك منك يا أمير المؤمنين، فقال عمر: سمعتُ اللَّهَ عَيَّرَ أقوامًا فقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا}

(5)

.

قوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ} ؛ أي: واذكر يا محمدُ لِقَوْمِكَ أهْلِ مَكّةَ أخا عادٍ،

(1)

رواه النقاش في شفاء الصدور ورقة 17/ ب، والحاكم في المستدرك 2/ 455 كتاب التفسير: سورة الأحقاف، وينظر: الكشف والبيان 9/ 15، الوسيط 4/ 112، زاد المسير 7/ 382، 383، الدر المنثور 6/ 42.

(2)

في الأصل: "عبيدة" وهو خطأ، وهو عتبة بن فَرْقَدِ بن يَرْبُوعَ بن حبيب بن مالك، أبو عبد اللَّه السلمي، له صحبة ورواية، كان شريفًا في قومه، وكان عاملًا لِعُمَرَ على بعض فتوح العراق، وهو الذي فتح الموصل سنة (18 هـ)، ثم نزل الكوفة، وتوفِّي بها. [أسد الغابة 3/ 365، 366، تهذيب الكمال 19/ 319 - 321].

(3)

يَكْدِمُ: يَعَضُّ، والكَدْمُ: الأكْلُ بجَفاءٍ. اللسان: كدم.

(4)

يَتَفَوَّقُ لَبَنًا: يشربه، ومنه: تَفَوَّقَ الفَصِيلُ؛ أي: شَرِبَ اللَّبَنَ. والحازِرُ: الحامض، يقال: حَزَرَ اللَّبَنُ يَحْزُرُ حَزْرًا وحُزُورًا: إذا حَمَضَ.

(5)

هذه القصة رواها الواحدي في الوسيط 4/ 112، وينظر: تاريخ دمشق 44/ 295 - 297، زاد المسير 7/ 383، عين المعانِي ورقة 122/ أ.

ص: 53

يعني هُودًا عليه السلام، وهو أخوهم في النَّسَبِ لا في الدِّينِ، وإنما صَرَفَ عادًا لأنه اسم للحَيِّ، ولو كان اسمًا للقبيلة لَمْ ينصرف، وإن كان على ثلاثة أحرف

(1)

.

وقوله: {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ (21)} قيل

(2)

: الأحقاف وادٍ بين عُمانَ ومَهْرةَ، وقيل

(3)

: جَبَل بالشام، وقيل

(4)

: هي رمال باليمن بحَضْرَمَوْتَ، فعلى هذا القول: الأحْقافُ جمع حِقْفٍ، وهو الرَّمْلُ المُسْتَطِيلُ المُعْوَجُّ من الرمال

(5)

، وقيل: الحِقافُ جمع الحِقْفِ

(6)

والأحقاف جمع الجمع، ونظير حِقْفٍ وأحْقافٍ: ستْر وأسْتارٍ، قال الأعشى:

243 -

فَباتَ إلَى أرْطاةِ حِقْفٍ يَكُفُّهُ

خَرِيقُ شِمالٍ يَتْرُكُ الوَجْهَ أقْتَما

(7)

(1)

قاله النحاس في إعراب القرآن 4/ 167.

(2)

قاله ابن عباس، ينظر: جامع البيان 26/ 30، الكشف والبيان 9/ 16، الكشاف 3/ 523، المحرر الوجيز 5/ 101، معجم البلدان 1/ 115، عين المعانِي ورقة 122/ أ.

(3)

قاله ابن عباس والضحاك ومجاهد، ينظر: جامع البيان 26/ 30، شفاء الصدور ورقة 18/ أ، الكشف والبيان 9/ 16، المحرر الوجيز 5/ 101، معجم البلدان 1/ 115، عين المعانِي 122/ أ.

(4)

قاله مقاتل، ينظر: الكشف والبيان 6/ 16، الوسيط 4/ 113.

(5)

قاله النحاس في إعراب القرآن 4/ 168، وحكاه الأزهري عن الليث في التهذيب 4/ 68.

(6)

في الأصل: "الحقف جمع الأحقاف"، وهو خطأ.

(7)

البيت من الطويل للأعشى، من قصيدة يمدح بها إياسَ بنَ قُبَيْصةَ الطّائِيَّ، ورواية ديوانه:

يَلُوذُ إلَى أرْطاةِ حِقْفٍ تَلُفُّهُ

اللغة: الأرْطاةُ: شجرة تَنْبُتُ بالرمل طيبة الر ائحة، الخَرِيقُ: من أسماء الريح الباردة الشديدة الهبوب التي تَتَخَلَّلُ المَواضِعَ، الشِّمالُ: ريح تهب من قِبَلِ الشام عن يسار القِبْلةِ، الأقْتَمُ: الذي يعلوه سواد ليس بالشديد.

التخريج: ديوانه ص 345، جامع البيان 26/ 29، الكشف والبيان 9/ 16، شرح أدب الكاتب للجواليقي ص 172، عين المعانِي ورقة 122/ أ.

ص: 54

ويقال: حِقْفٌ أحْقَفُ؛ أي: رَمْلٌ مُتَناهٍ من الاسْتِدارةِ، قال العَجّاجُ:

244 -

باتَ إلَى أرْطاةِ حِقْفٍ أحْقَفا

(1)

والفعل منه: احْقَوْقَفَ، قال الراجز:

245 -

سَماوةَ الهِلَالِ حَتَّى احْقَوْقَفا

(2)

أي: انْحَنَى واسْتَدارَ

(3)

.

وانصرف الأحقافُ -وإن كان اسمَ أرْضٍ-؛ لأن فيه ألِفًا ولامًا، قال سيبويه

(4)

: واعلم أن كل ما لا ينصرف إذا دخله الألفُ واللّامُ انْصَرَفَ.

(1)

الرجز للعَجّاجِ، ونُسِبَ لرؤبة، وقبله:

كَأنّ تَحْتِي ناشِطًا مُوَقَّفا

مُذَرَّعًا بَوَشيهِ مُوَقَّفا

التخريج: ديوان العجاج ص 375، مجاز القرآن 2/ 213، جامع البيان 26/ 31، مقاييس اللغة 4/ 41، الكشف والبيان 9/ 16، تفسير القرطبي 16/ 253.

(2)

الرجز للعَجّاجِ أيضًا، من الأرجوزة التي منها البيت السابق، وسَماوةِ الهلال: شَخْصُهُ.

التخريج: ديوانه ص 374، العين 7/ 319، الكتاب 1/ 359، مجاز القرآن 1/ 300، 2/ 87، غريب الحديث للهروي 2/ 189، جمهرة اللغة ص 553، الزاهر لابن الأنباري 2/ 263، شرح أبيات سيبويه 1/ 309، إعراب القرآن للنحاس 4/ 363، تهذيب اللغة 4/ 68، 13/ 116، إعراب ثلاثين سورة ص 98، مقاييس اللغة 2/ 90، ديوان الأدب 2/ 492، 4/ 49، المخصص 10/ 137، أساس البلاغة: حقف، شمس العلوم 3/ 1531، اللسان: حقف، زلف، سما، وجف، التاج: حقف، زلف، وجف، سما.

(3)

من أول قوله: "وقيل: الحقاف جمع الحقف" قاله الثعلبي في الكشف والبيان 9/ 16، وينظر: عين المعانِي ورقة 122/ أ، تفسير القرطبي 16/ 203، اللسان: حقف.

(4)

قال سيبويه: "واعلم أن كل اسم لا ينصرف، فإنّ الجَرَّ يدخله إذا أضَفْتَهُ أو أدْخَلْتَ فيه الألفَ واللامَ". الكتاب 3/ 221.

ص: 55

قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ} يعني العذاب {عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} ؛ أي: سحاب يمطرنا، وذلك أن اللَّه عز وجل حَبَسَ عنهم المطرَ أيامًا، ثم ساق إليهم سحابةً سوداءَ، فخرجت على قوم عاد من وادٍ لهم

(1)

يُقال له: المغيث، فلما رأوها استقبلتْ أوديتَهُم اسْتَبْشَرُوا بها، وقالوا:{هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} ؛ أي: غَيْم فيه مَطَرٌ، فقال هود:{بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} ، ثُمَّ بَيَّنَ ما هو فقال:{رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)} والريح التي عُذِّبُوا بها نَشَأتْ من ذلك السحاب

(2)

.

وقوله: {مُمْطِرُنَا} نكرة، وإن كان مضافًا إلى معرفة؛ لأن إضافته غير محضة، فلولا أنه نكرة لَمْ يَنْعَتْ به عارِضًا وهو نكرة

(3)

، قال الشاعر:

246 -

يا رُبَّ غابِطِنا لَوْ كانَ يَطْلُبُكُمْ

لَاقَى مُباعَدةً مِنْكُمْ وَحِرْمانا

(4)

(1)

في الأصل: "فخربت على قوم عاد من أوديتهم يقال له: المغيث". والصواب ما أثبت.

(2)

هذا الخبر ذكره الواحدي في الوسيط 4/ 113.

(3)

قال سيبويه: "وليس يُغَيِّرُ كَفُّ التنوين، إذا حذفْتَهُ مُسْتَخِفًّا، شَيْئًا من المعنى، ولا يجعله معرفة، فمن ذلك قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، و {إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ}. . . ويَزِيدُ هذا عندك بَيانًا قولُهُ، تعالى جَدُّهُ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} و {عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}، فلو لَمْ يكن هذا في معنى النكرة والتنوين لَمْ توصف به النكرة". الكتاب 1/ 166، وقال مثله في الكتاب 1/ 425.

(4)

البيت من البسيط لجرير، ويُرْوَى:"لَوْ كانَ يَعْرِفُكُمْ".

التخريج: ديوانه ص 163، الكتاب 1/ 427، معانِي القرآن للفراء 2/ 15، المقتضب 3/ 227، 4/ 150، 289، شرح أبيات سيبويه 1/ 376، إعراب ثلاثين سورة ص 15، سر صناعة الإعراب ص 457، الحلل ص 124، 258، شرح الجمل لطاهر بن أحمد 1/ 165، 2/ 153، ثِمارُ الصناعة ص 317، الفريد للهمدانِي 4/ 298، عين المعانِي ورقة 122/ أ، اللسان: عرض، مغني اللبيب ص 664، الدر المصون 6/ 141، المقاصد النحوية 3/ 364، اللباب في علوم الكتاب 17/ 407، شرح شواهد المغني ص 712، 880، همع الهوامع 2/ 415.

ص: 56

ونصب "عارِضًا" الأول على الحال، وإن شئت على التكرير؛ أي: رأوا عارِضًا، وهو السحاب، سُمِّيَ بذلك لأنه يَعْرِضُ؛ أي: يَبْدُو فِي عُرْضِ السماء، قال الأعشى:

247 -

يا مَنْ رَأى عارِضًا قَدْ بِتُّ أرْمُقُهُ

كَأنّما البَرْقُ فِي حافاتِهِ الشُّعَلُ

(1)

قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ} ؛ يعني عادًا {فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ (26)} يا أهل مكة؛ يعني: الذي أعْطَيْنا عادًا في الأرض من الخَيْرِ والقوة والأجسام والعمارة والأموال، ما إنْ مَكَّنّاكُمْ فِي الأرض يا أهل مكة.

قال أهل اللغة

(2)

: {مَا} في قوله: {فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ (26)} بمَنْزِلةِ "الَّذِي"، يعني: في الذي إنْ مَكَّنّاكُمْ فيه، و {إِنْ} هاهنا في الجحد بِمنْزِلَةِ "ما" في النفي، وتقديره: ولقد مكناهم في الذي ما مكناكم فيه.

و {مَا} بمعنى "الَّذِي" أحسن في اللفظ من "ما"، أما ترى أنك لو قلت: رَغِبْنا فِيما إنْ رَغِبْتَ فِيهِ، لكان الأحسن أن تقول: قَدْ رَغِبْتَ فِيهِ، تريد: في الذي ما رَغِبْتُ فيه؛ لاختلاف اللفظين

(3)

، وقيل

(4)

: معناه: فيما لَمْ نُمَكِّنْكُمْ فيه،

(1)

البيت من البسيط للأعشى، ورواية ديوانه:"بتُّ أرْكبهُ".

التخريج: ديوانه ص 107، جامع البيان 26/ 33، الكشف والبيان 9/ 16، الحلل ص 194، المحرر الوجيز 5/ 102، عين المعانِي ورقة 122/ أ، البحر المحيط 8/ 64، التاج: عرض.

(2)

هذا قول الفراء والأخفش والزجاج، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 56، معانِي القرآن للأخفش ص 111، 112، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 446، وحكاه النحاس عن المبرد في إعراب القرآن 4/ 170، وبه قال الفارسي في المسائل المشكلة ص 176، 318.

(3)

من أول قوله: "و"ما" بمعنى "الذي" أحسن في اللفظ" قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 4/ 446، وينظر: شفاء الصدور ورقة 19/ أ.

(4)

قاله ابن عباس ومجاهد والفراء وابن قتيبة، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 56، غريب =

ص: 57

و"إنْ" بمعنى "لَمْ"، وقيل

(1)

: بل هي زائدة، والمعنى: مَكَّنّاكُمْ فيه.

قوله تعالى: {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ} ؛ أي: فَهَلَّا نَصَرَهُمْ، وهذا استفهام إنكار؛ أي: لَمْ ينصرهم {الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً} يعني الأوثان، قال الكسائي

(2)

: القُرْبانُ: كل ما يُتَقَرَّبُ به إلى اللَّه تعالى من طاعة ونَسِيكةٍ، والجمع قَرابِينُ مثل رُهْبانٍ ورَهابينَ، وثُعْبانٍ وثَعابينَ. وهو منصوب على المصدر، وقيل: هو مفعول من أجله، وقيل: هو مفعولَ بـ "اتَّخَذُوا" و"آلِهةً" بدل منه

(3)

.

{بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ} قال مقاتل

(4)

: ضَلَّت الآلهةُ عنهم، فلم تنفعهم عند نزول العذاب بهم {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ}؛ أي: اتخاذ الآلهة من دون اللَّه كَذِبُهُمْ وافْتِراؤُهُمْ، وقرأ ابن عباس وابن الزبير:{وَذَلِكَ أفَكَهُمْ} بفتح الألف؛ أي: ذلك القول صَرَفَهُمْ عن التوحيد، وقرأ عكرمة:{أفَّكَهُمْ}

(5)

بتشديد الفاء على

= القرآن لابن قتيبة ص 408، معانِي القرآن للنحاس 6/ 453، شفاء الصدور 19/ أ، عين المعانِي 122/ ب.

(1)

ذكره ابن قتيبة وغيره بدون عزو، ينظر: غريب القرآن ص 408، تأويل مشكل القرآن ص 251، معانِي القرآن للنحاس 6/ 454، شفاء الصدور ورقة 19/ ب، الكشاف 3/ 525، البيان للأنباري 2/ 372، عين المعانِي ورقة 122/ ب.

(2)

ينظر قوله في الكشف والبيان 9/ 19، تفسير القرطبي 16/ 209، فتح القدير 5/ 24.

(3)

هذه الأوجه الثلاثة في إعراب "قُرْبانًا" ذكرها النحاس في إعراب القرآن 4/ 171، ومَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن 2/ 353، وزعم الباقولِيُّ أن "آلِهةً" مفعول أول مؤخر، و"قُرْبانًا" مفعولٌ ثانٍ مُقَدُّمٌ، وأن المعنى: اتخذوا من دون اللَّه آلهةً قربانًا، ينظر: كشف المشكلات 2/ 312، وينظر أيضًا: الفريد للهمداني 4/ 300، البحر المحيط 8/ 66، الدر المصون 6/ 143.

(4)

ينظر قوله في الوسيط 4/ 114.

(5)

قرأ ابن عباس وابن الزبير وعكرمة ومجاهد وحنظلة بن النعمان بن مرة وأبو عياض والصباح بن العلاء الأنصاري: {أفَكَهُمْ} وقرأ عكرمة وأبو عياض بتشديد الفاء. ينظر: مختصر ابن خالويه ص 140، المحتسب 2/ 267 - 268، تفسير القرطبي 16/ 209 - 210، البحر المحيط 8/ 66.

ص: 58

التأكيد والتكثير، قال أبو حاتم

(1)

؛ يعني: قَلَبَهُمْ عما كانوا عليه من النعيم، ودليل قراءة العامة قوله:{وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28)} ؛ أي: يكذبون من أنها آلهة تقربهم إلى اللَّه، وتشفع لهم عنده.

قوله عز وجل: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ} يعني: وَجَّهْنا إليكَ يا محمد {نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} والنَّفَرُ والرَّهْطُ والقَوْمُ لا يُقالُ إلّا في الرجال دون النساء

(2)

، وفي قوله:{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ} حُجّةٌ على القَدَرِيّةِ؛ لأن اللَّه تعالى صَرَفَ الجِنَّ إلى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم بالإرادة، وَلَمْ يأمرهم بذلك؛ لأن اللَّه تعالى قد يريد ما لا يأمر به فيكون، ويأمر بما لا يريد فلا يكون

(3)

.

وقوله: {فَلَمَّا حَضَرُوهُ} يعني الجن الذين صَرَفَهُمُ اللَّهُ عز وجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون منه القرآن، وكانوا سبعةَ نَفَرٍ في قول الكلبي ومقاتل

(4)

، وهم شاصر وناصر وَبَسا وَحَسا والأزد وأُبْنان والأحقم

(5)

، وقيل: تسعة من جن نَصِيبِينَ، وهو قول ابن عباس

(6)

.

(1)

ينظر قوله في الكشف والبيان 9/ 19، تفسير القرطبي 16/ 210.

(2)

قال الأزهري: "أبو عُبيد عن أبِي زَيد: النَّفَر والرَّهْط: ما دُون العَشرة من الرَّجال، وقال أبو العّباس: النَّفَر والقوم والزهْط، هؤلاء معناهم: الجمع، لا واحدَ لهم من لفْظهم للرِّجال دون النِّساء". التهذيب 15/ 209.

(3)

قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة 19/ ب.

(4)

وهو أيضًا قول ابن عباس وزِز بن حُبَيْشٍ ومجاهد. ينظر: جامع البيان 26/ 40، الكشف والبيان 9/ 22، مجمع الزوائد 7/ 106 كتاب التفسير: سورة الأحقاف، الدر المنثور 6/ 44.

(5)

ينظر في أسمائهم: جمهرة اللغة 1/ 282، شفاء الصدور ورقة 20/ أ، الروض الأُنُفُ للسهيلي 1/ 236، 2/ 180، عين المعاني ورقة 122/ ب، تفسير القرطبي 16/ 213، 215، الإصابة 1/ 99، فتح الباري 8/ 517.

(6)

رواه الطبرانِيُّ عن ابن عباس في المعجم الكبير 11/ 204، وابن عَدِيٍّ في الكامل في =

ص: 59