الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو عبيدة
(1)
: الحوراء: الشَّدِيدةُ بَياضِ العَيْنِ، الشَّدِيدةُ سَوادِها، وقيل لها: حَوْراءُ؛ لأن الطَّرْفَ يَحارُ في النظر إليها؛ لِرِقّةِ جِلْدِها وصفاء لونها، يُرَى مُخُّ ساقِها من وراء سبعين حُلّةً، ويَرَى الرَّجُلُ وَجْهَهُ في وَجْهِها من رِقّةِ جِلْدِها وصَفاءِ لَوْنها
(2)
، والعِينُ: جمع عَيْناءَ وهي العظيمة العينين
(3)
.
فصل
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مُهُورُ حُورِ العِينِ قَبَضاتُ التَّمْرِ، وَفِلَقُ الخُبْزِ"
(4)
، ورُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إخراج القمامة من المساجد مُهُورُ الحُورِ العِينِ"
(5)
.
قوله: {يَدْعُونَ فِيهَا} يعني: في الجنة {بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55)} أي: بكل صنف من ألوان الفاكهة والنِّعَمِ التي يَتَفَكَّهُونَ بها، فَيُؤْتَوْنَ بها على
(1)
قال أبو عبيدة: "الحَوْراءُ: الشَّدِيدةُ بَياضِ بَياضِ العَيْنِ، والشَّدِيدةُ سَوادِ سَوادِ العَيْنِ". مجاز القرآن 2/ 246.
(2)
قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة 7/ أ.
(3)
قاله الضحاك وأبو عبيدة واللحيانِيُّ، ينظر: مجاز القرآن 2/ 170، إعراب القرآن 4/ 137، تهذيب اللغة 3/ 206.
(4)
هذا حديث موضوع، رواه ابن حبان في كتاب المجروحين 2/ 88، وابن عدي في الكامل في الضعفاء 5/ 25، وينظر: الكشف والبيان 8/ 356، الموضوعات لابن الجوزي 3/ 253، تفسير القرطبي 16/ 153، والقَبَضاتُ: جمع قَبْضةٍ، وهي مقدار ما أخذته بجُمْعِ كَفِّكَ، وفِلَقُ الخُبْزِ: كِسَرُهُ، جمع فِلْقةٍ.
(5)
رواه الطبرانِيُّ عن أبِي قِرْصافةَ في المعجم الكبير 3/ 19 بلفظ: "ابنوا المساجد، وأخرجوا منها القمامة، وإخراج القمامة منها مهور حور العين"، ورواه ابن الجوزي عن أنس في الموضوعات 3/ 254 بلفظ "كنس المساجد"، وينظر: الكشف والبيان 8/ 356، مجمع الزوائد 2/ 9، 10 كتاب الصلاة: باب بناء المساجد، وباب تنظيف المساجد.
ما يُحِبُّونَ، آمنين من كل ما يخافونه في الدنيا، ويحذرونه من الموت والأسقام والأوجاع والآلام، قال عَلِي بنُ أبِي طالب رضي الله عنه
(1)
: "نَسُوا المَوْتَ، فَصَفا لهم العَيْشُ"، ونصب "آمِنِينَ" على الحال.
قوله: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ} ؛ يعني: فِي الجنة {إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} نصب لأنه استثناء ليس من الأول؛ يعني: سوى الموتة الأولى التي ذاقوها في الدنيا، قال الفراء والزجاج
(2)
: {إلا} بمعنى "سِوَى"، كقوله:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}
(3)
؛ أي: سِوَى ما سَلَفَ، وقيل
(4)
: {إلا} بمعنى "بَعْدَ"، وقيل
(5)
: هو استثناء منقطع، وهو الأحسن، وقال ابن قتيبة
(6)
: إنما استثنى الموتة الأولى -وهي فِي الدنيا- من موت الجنة؛ لأن السعداء حين يموتون يصيرون بلطفِ اللَّهِ وقدرتهِ إلى أسباب من الجنة، يُلَقَّوْنَ الرَّوْحَ والرَّيْحانَ، ويُرَوْنَ مَنازِلَهُمْ من الجنة، وتُفَتَّحُ
(1)
ينظر: شفاء الصدور ورقة 7/ ب.
(2)
معانِي القرآن للفراء 3/ 44، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 428.
(3)
النساء 22.
(4)
قاله الطبري، وأنكر على من جعل {إلا} بمعنى "سِوَى". جامع البيان 25/ 178 - 179، قال السمين الحلبي:"اختاره الطبري، وأباه الجمهور؛ لأن "إلّا" بمعنى "بَعْدَ" لَمْ يَثْبُتْ". الدر المصون 6/ 119.
(5)
قاله النحاس في إعراب القرآن 4/ 137، ومعاني القرآن 6/ 417، وهذا ما ذكره المؤلف أوَّلًا، قال الأنباري:"استثناء منقطع وتقديره: لَكِنْ قَدْ ذاقُوا المَوْتةَ الأُولَى في الدنيا، والبصريون يقدرون {إلا} في الاستثناء المنقطع بـ "لَكِنْ"، والكوفيون يقدرونه بـ "سِوَى". البيان للأنباري 2/ 362، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 292، الفريد للهمداني 4/ 277، الدر المصون 6/ 119.
(6)
تأويل مشكل القرآن ص 78 - 79 باختلاف في بعض ألفاظه.
لهم أبوابُها، فإذا ماتوا في الدنيا فكأنهم ماتوا في الجنة؛ لاتصالهم بأسبابها، ومشاهدتِهم إياها.
قوله: {وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} وهي النار، وقيل لها: جَحِيمٌ لِعِظَمِها وبُعْدِ قَعْرِها
(1)
-أجارنا اللَّه منها آمين-.
وقوله: {فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ} ؛ أي: فَعَلَ اللَّهُ ذلك بهم يا محمد فَضْلًا منه، وهو منصوب على المصدر
(2)
{ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ؛ يعني الكبير.
قوله: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ} يعني القرآن، كناية عن غير مذكور
(3)
؛ أي: سَهَّلْنا على لِسانِكَ قِراءَتَهُ {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58)} ؛ أي: لكي يتعظوا، فيؤمنوا به إذا سمعوه منك ويفهموه، فلم يؤمنوا به.
ثم قال اللَّه تعالى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59)} ؛ أي: فانْتَظِرْ ما وَعَدْتُكَ من الفتح والنصر والظَّفَرِ عليهم والعذاب الذي أُنْزِلَ بهم {إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ} ؛ أي: منتظرون بزعمهم قهرك وهلاكك ومَنْ مَعَكَ، نظيرها قوله تعالى:{نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)}
(4)
، واللَّه أعلم.
(1)
قاله أبو بكر النقاش في شفاء الصدور ورقة 7/ ب.
(2)
وعلى أنه منصوب على المصدر فقد أجاز الزجاج أن يكون العامل فيه "يَدْعُونَ" أو "آمِنِينَ"، وقيل: العامل فيه {وَوَقَاهُمْ} ، ويرى النحاس أن العامل فيه محذوف، والتقدير: تَفَضَّلَ اللَّهُ فَضْلًا. ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 429، إعراب القرآن 4/ 137، مشكل إعراب القرآن 2/ 292، الفريد للهمداني 4/ 277، 278، الدر المصون 6/ 120.
(3)
ويرى الباقوليُّ والأنباري أن الهاء في "يَسَّرْناهُ" تعود على "الكتاب"، وقد ذُكِرَ في أول السورة، ينظر: كشف المشكلات للباقولِيِّ 2/ 305، البيان للأنباري 2/ 362.
(4)
الطور 30.