الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طويل لا ينقطع: مَمْدُودٌ، قال لبيد:
330 -
غَلَبَ العَزاءَ، وَكَانَ غَيْرَ مُغَلَّبٍ
…
دَهْرٌ طَوِيلٌ دائِمٌ مَمْدُودُ
(1)
قيل: هو مسيرة سبعين ألف سنة، وقيل: هو ظِلُّ العَرْشِ، وقال ابن عباس رضي الله عنه:"هي شجرة في الجنة على ساق العرش، يَخْرُجُ إليها أهْلُ الجنة: أهْلُ الغُرَفِ وغَيْرُهُمْ، فيتحدثون في أصلها، ويُذاكِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ويشتهي بعضهم لَهْوَ الدنيا، فَيُرسِلُ اللَّهُ عز وجل إليها رِيحًا من الجنة، فتتحرك تلك الشجرةُ بكل لَهْوٍ كان في الدنيا"
(2)
.
فصل
عن أبِي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن فِي الجنة شجرةً، يسير الراكب في ظِلِّها مائة سنة لا يقطعها، اقرؤوا إن شئتم قول اللَّه عز وجل:{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}
(3)
.
(1)
البيت من الكامل، لِلَبِيدٍ، من قصيدة يذكر فيها طول عمره وسَأمَهُ من الحياة، ويُرْوَى:"غَلَبَ البَقاءَ وَكُنْتُ غَيْرَ. . . "، ويُرْوَى:"غَلَبَ الرِّجال"، وقوله:"دَهْرٌ" فاعل الفعل "غَلَبَ" مؤخر، و"العَزاءَ" مفعولٌ مقدمٌ، والمُغَلَّبُ: المَغْلُوبُ كثيرًا.
التخريج: ديوانه ص 47، مجاز القرآن 2/ 250، جامع البيان 27/ 236، الأغانِي 14/ 94، 100، الكشف والبيان 9/ 207، الأنساب 4/ 116، مجمع البيان 9/ 330، عين المعانِي ورقة 131/ أ، تفسير القرطبي 17/ 209، اللباب في علوم الكتاب 18/ 398.
(2)
ينظر: الكشف والبيان 9/ 207، تفسير ابن كثير 4/ 311، فتح الباري 6/ 233، الدر المنثور 6/ 157.
(3)
رُوِيَ هذا الحديث عن أنس أيضًا، رواه البخاري في صحيحه 4/ 87 كتاب بدء الخلق: باب ما جاء في صفة الجنة، 6/ 57 كتاب تفسير القرآن: سورة الواقعة، 7/ 201 كتاب الرقاق: باب صفة الجنة والنار، ورواه مسلم في صحيحه 8/ 144 كتاب الجنة وصفة نعيمها: باب "إنّ فِي الجنة شجرةً. . . إلخ".
قوله: {وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31)} ؛ أي: مَصْبُوبٍ يجري دائمًا في غَيْرِ أُخْدُودٍ، لا ينقطع {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ} بالأزمان {وَلَا مَمْنُوعَةٍ} بالأثمانِ، قال قتادة
(1)
: لا يَمْنَعُ منها شَوْكٌ ولا بُعْدٌ، رُوِيَ عن ثَوْبانَ
(2)
قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما قُطِعَتْ ثَمَرةٌ من ثِمارِ الجنة إلّا أبْدَلَ اللَّهُ مَكانَها ضِعْفَيْنِ"
(3)
، قال الصَّفّارُ
(4)
: و {مَقْطُوعَةٍ} نعت، وجاز أن يفرق بين النعت والمنعوت بقولك:"لا" لكثرة تصرفها، وأنها تقع زائدة.
قوله: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)} يعني: على الأسِرّةِ، بعضُها فوق بعض عالية، رُوِيَ عن أبِي سعيد الخُدْرِيِّ وأبِي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فِي قوله تعالى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} ، قال:"إنّ ارتفاعَها لَكَما بين السماء والأرض، مسيرةَ خمسمائة عام"
(5)
، وقيل
(6)
: إنه أراد بالفُرُشِ النَّسْلَ، والعرب تسمي المرأةَ
(1)
ينظر قوله في إعراب القرآن 4/ 332، وذكره القرطبي بغير عزو في تفسيره 17/ 210.
(2)
هو ثَوْبانُ بن يَجْدُدَ، أبو عبد اللَّه، مولَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أصله من أهل السراة بين مكة واليمن، اشتراه النبي صلى الله عليه وسلم ثم أعتقه، فلم يزل يخدمه حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى الشام ونزل الرملة بفلسطين، ثم انتقل إلى حمص فمات بها سنة (54 هـ). [أسد الغابة 1/ 249 - 250، الإصابة 1/ 527 - 528، الأعلام 5/ 102].
(3)
ينظر: الكشف والبيان 9/ 208.
(4)
يعني النحاس، ينظر: إعراب القرآن 4/ 331 - 332.
(5)
رواه الإمام أحمد في المسند 3/ 75، والترمذي في سننه 4/ 86 أبواب صفة الجنة: باب ما جاء في صفة ثياب أهل الجنة، 5/ 75 أبواب تفسير القرآن: سورة الواقعة، والثعلبيُّ في الكشف والبيان 9/ 208، ورواه ابن الجوزي في الموضوعات عن أبِي هريرة بلفظ:"غِلَظُ كُلِّ فِراشٍ منها ما بين السماء والأرض". الموضوعات 3/ 254، وينظر: تذكرة الموضوعات ص 85.
(6)
قاله ابن جبير والحسن ومجاهد وقتادة، ورُوِيَ عن ابن عباس، ينظر: الكشف والبيان =
فِراشًا ولباسًا وإزارًا على الاستعارة؛ لأن الفُرُشَ مَحْمَلُ النساء، وقوله:"مَرْفُوعةٍ" رُفِعَتْ بالجَمالِ والفَضْلِ على نساء أهل الدنيا، ودليل هذا التأويل قولُهُ تعالى في عقبه:{إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35)} يعني مُؤْمِناتِ نِساءِ أهْلِ الدنيا؛ أي: خَلَقْناهُنَّ بعد الخَلْقِ الأوَّلِ خَلْقًا آخَرَ {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36)} عَذارَى {عُرُبًا} جمع عَرُوبٍ، وهي المُتَحَسِّنةُ المُتَحَبِّبةُ إلَى زوجها، العاشقة له الغَنِجةُ.
قال صاحب "إنسان العين"
(1)
: العَرُوبُ: التي يُعْرِبُ لِسانُها على ما فِي قلبها، فهي التي تُكَلِّمُ زَوْجَها بما يُنَشِّطُ فِي الجِماعِ، قال الشاعر:
331 -
يَعْرُبْنَ عِنْدَ بُعُولِهِنَّ إذا خَلَوْا
…
وَإذا هُمُ خَرَجُوا فَهُنَّ خِفارُ
(2)
قرأ حَمْزةُ وأبو بكر بنُ عَيّاشٍ: {عُرْبًا}
(3)
ساكنة الراء، وقرأ الباقون بالتحريك، وقوله:{أَتْرَابًا (37)} يعني: مُسْتَوْياتٍ فِي السِّنِّ، كأنهن وُلِدْنَ في
= 9/ 209، الكشاف 4/ 54، زاد المسير 8/ 141، عين المعانِي ورقة 131/ أ، تفسير القرطبي 17/ 210.
(1)
عين المعانِي ورقة 131/ أ.
(2)
البيت من الكامل، للفرزدق، ورواية ديوانه:
يَأنَسْنَ عِنْدَ بُعُولِهِنَّ إذا التَقَوْا
…
وَإذا هُمُ بَرَزُوا فَهُنَّ خِفارُ
اللغة: يَعْرُبْنَ: يَتَحَبَّبْنَ إلى أزواجهن، الخِفارُ: جمع خَفِرةٍ وهي الشديدة الحياء.
التخريج: ديوانه 1/ 371، غريب الحديث للهروي 3/ 253، عيون الأخبار 4/ 4، تهذيب الكمال 2/ 443، تاريخ دمشق 8/ 243، 46/ 103، روضة المحبين ص 343، الدر المنثور 6/ 159، روح المعانِي 27/ 142.
(3)
قرأ حمزةُ، وعاصمٌ في رواية أبي بكر وحمادٍ وأبانٍ عنه، ونافعٌ في رواية إسماعيل بن جعفر عنه، وأبو زيد، وأبو عمرو في رواية شجاع بن أبِي نصر عنه:"عُرْبًا" ساكنة الراء، وهي لغة تميم وبكر، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 125، السبعة ص 622، إعراب القرآن 4/ 332، الحجة للفارسي 4/ 21، تفسير القرطبي 17/ 211، البحر المحيط 8/ 206.