المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما جاء فيها من الإعراب - البستان في إعراب مشكلات القرآن - جـ ٣

[ابن الأحنف اليمني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة الدخان

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فْصَلُ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الجاثية

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الأحقاف

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الفتح

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الحجرات

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة ق

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الذاريات

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الطور

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة النجم

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة القمر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الرحمن

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الواقعة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الحديد

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة المجادلة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الحشر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الامتحان

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة الصف

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الجمعة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل في ذِكر بعض ما ورد من الأخبار في فَضْلِ هذا اليومِ وسُنَتِهِ

- ‌سورة المنافقين

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌سورة التغابن

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الطلاق

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة التحريم

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الملك

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

‌سورة ق

مكية

وهي ألف وأربعمائة وأربعة وسبعون حرفًا، وثلاثمائة وخمس وسبعون كلمة، وخمس وأربعون آية.

‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورة "ق"، هَوَّنَ اللَّهُ عليه تاراتِ الموت وسَكَراتِهِ"

(1)

.

ورُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ سورة {قَ} كُتِبَ من الذاكرين ما شاء اللَّه كان"

(2)

.

‌باب ما جاء فيها من الإعراب

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله عز وجل {ق} قيل: هو اسم من أسماء اللَّه، أقْسَمَ اللَّهُ تعالى به، وقيل: هو اسم من أسماء القرآن، وقيل: هو جَبَلٌ محيط بالدنيا من زُمُرُّذةٍ خضراءَ، خُضْرةُ السماء منه، والسماء مُقَبَّبة عليه، وما أصاب الناسُ من زُمُرُّذٍ،

(1)

ينظر: الكشف والبيان 9/ 92، الوسيط 4/ 162، الكشاف 4/ 13، مجمع البيان 9/ 233.

(2)

لَمْ أعثر له على تخريج.

ص: 137

فهو مما يسقط من ذلك الجبل، وهو وراءَ الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنة، قيل لابن عباس: ما بالُ الأرضِ لا تَخْضَرُّ بِخُضْرَتهِ؟ قال: لأن السماء مَوْجٌ مَكْفُوفٌ، والبحر هو ماء، فلو كانت الأرضُ ماءً لاخْضَرَّتْ، وعُرُوقُ الجبال كلها منه، فإذا أراد اللَّه الزَّلْزَلةَ بأرضٍ أوْحَى اللَّهُ إلى المَلَكِ الذي عنده أن يُحَرِّكَ عِرْقًا من الجبل، فيتحرك الجبلُ الذي يريده، وهو أول جَبَلٍ خُلِقَ، ثم بعده أبو قُبَيْسٍ

(1)

، وهو الجبل الذي الصَّفا تَحْتَهُ، ولِجَبَلِ قافٍ وَجْهٌ كَوَجْهِ الإنسانِ، وقَلْبٌ كقلوب الملائكة في المعرفة

(2)

، واللَّه أعلم.

وحَكَى الفَرّاءُ والزَّجّاجُ أن قوما قالوا: معنى {ق} : قُضِيَ الأمْرُ، أو قُضِيَ ما هو كائن، كما قيل في "حم": حُمَّ الأمرُ؛ أي: قُضِيَ ما هو كائن

(3)

.

قوله: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1)} ؛ أي: الشريفِ الكريمِ على اللَّه، الكثيرِ الخيرِ، واختلفوا فِي جواب هذا القَسَمِ، فقال أهل الكوفة

(4)

: جوابه {بَلْ

(1)

أبو قُبَيْسٍ: اسم الجبل المُشْرِفِ على مكة، وَجْهُهُ إلى قُعَيْقِعانَ، ومكةُ بينهما، أبو قُبَيْسٍ من شَرقِيِّها، وقُعَيْقِعانُ من غَرْبِيِّها. معجم البلدان 1/ 80.

(2)

ينظر في هذه الأقوال: جامع البيان 26/ 189، 190، شفاء الصدور ورقة 45/ ب، 46/ أ، الكشف والبيان 9/ 92، 93، الوسيط 4/ 162، زاد المسير 8/ 4، عين المعاني ورقة 125/ب، تفسير القرطبي 17/ 2.

(3)

معانِي القرآن للفراء 3/ 75، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 41، وقال الزجاج أيضًا:"واحتج الذين قالوا من أهل اللغة: إن معنى "ق" بمعنى قُضِيَ الأمْرُ بقول الشاعر:

قُلْنا لَها: قِفِي، قالَتْ: قافْ

لَا تَحْسَبِي أنّا نَسِينا الإيجافْ

معناه: فقالت: أقِفُ". معانِي القرآن وإعرابه 5/ 41، وذكره أيضًا في 1/ 62 - 63.

(4)

ذكره النقاش في شفاء الصدور ورقة 45/ ب، وينظر: الكشف والبيان 9/ 93، المحرر الوجيز 5/ 155، تفسير القرطبي 17/ 3، البحر المحيط 8/ 120، الدر المصون 6/ 174.

ص: 138

عَجِبُوا}، وقال الأخفش

(1)

: جوابه محذوف، مجازه: والقرآنِ المَجِيدِ لَتُبْعَثُنَّ، وقال أيضًا

(2)

: جوابه: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ. . . الآية}

(3)

، وجوابات القسم سبعة:"إنّ" المشددة كقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}

(4)

، و"ما" التي للنفي كقوله تعالى:{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}

(5)

، واللام المفتوحة كقوله:{لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}

(6)

، و"إنِ" الخفيفة كقوله تعالى:{تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}

(7)

، و"لا" كقوله تعالى:{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ}

(8)

، و"قَدْ" كقوله تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}

(9)

، و"بَلْ" كقوله هاهنا

(10)

: {بَلْ عَجِبُوا} يعني كفار مكة {أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} .

محمد صلى الله عليه وسلم {فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2)} مُعْجِبٌ، عَجِبُوا من كون

(1)

هذا قول الفراء، قاله في معاني القرآن 3/ 75، وبه قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه 5/ 41، وأما الأخفش فالجواب عنده {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ}؛ أي: لقد علمنا، ينظر: معانِي القرآن ص 483، وأجازه الزجاج أيضًا في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 42، ولَمْ يَنْسِبِ القَوْلَ بحذف الجواب للأخفش سوى الثعلبيِّ وأبِي حيان، ينظر: الكشف والبيان 9/ 93، البحر المحيط 8/ 120.

(2)

هذا قولٌ آخَرُ للأخفش، وهو قول ابن كيسان أيضًا، ينظر: الكشف والبيان 9/ 93، المحرر الوجيز 5/ 155، البحر المحيط 8/ 120.

(3)

ق 18.

(4)

الفجر 14.

(5)

الضحى 3.

(6)

الحجر 92.

(7)

الشعراء 97.

(8)

النحل 38.

(9)

الشمس 9.

(10)

الجبلي بهذا يختار قول الكوفيين، وهو أن الجواب قوله تعالى:{بَلْ عَجِبُوا} .

ص: 139

محمد صلى الله عليه وسلم رسولًا إليهم، فأنكروا رسالته، وأنكروا البعث بعد الموت.

قوله تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ} ؛ أي: من لحومهم ودمائهم وشعورهم، لا يَعْزُبُ ذلك عن علمه، ثم قال:{وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4)} .

حافِظُ لِعِدَّتِهِمْ وأسْمائِهِمْ، وهو اللَّوْحُ المَحْفُوظُ، و"كِتابٌ" رفع على خبر الظرف.

قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ} به محمد صلى الله عليه وسلم، يعني القرآن {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5)}؛ أي: مختلط ملتبس مختلف، وأصل المَرْجِ: الاضْطِرابُ والقَلَقُ، يقال: مَرَجَ أمْرُ النّاسِ، ومَرَجَ الدِّينُ، ومَرَجَ الخاتَمُ فِي إصْبَعِي أي: قَلِقَ من الهُزالِ

(1)

، وفي الحديث:"مَرَجَتْ عُهُودُهُمْ وَأماناتُهُمْ"

(2)

.

ومعنى الآية أنهم قالوا: هو كاهن، ومنهم من قال: هو ساحر، ومنهم من قال: هو شاعر، ومنهم من قال: هو مجنون، وللقرآن: إنه سِحْرٌ، ومرة يقولون: رِجْزٌ، ومرة يقولون: مُفْتَرًى، فالْتَبَسَ القولُ عليهم حتَّى اختلفوا فِي أمْرِهِ

(3)

.

ثم دَلَّهُمْ على قدرته على البعث بعظيمِ خَلْقِهِ، فقال تعالى:{أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ} يعني: أفلا ينظرون هؤلاء المشركون الذين أنكروا البعث،

(1)

قاله ابن قتيبة والنقاش، ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص 417، شفاء الصدور ورقة 46/ ب، وينظر أيضًا: تهذيب اللغة 11/ 72، تفسير القرطبي 17/ 5.

(2)

هذا جزء من حديث رواه الإمام أحمد عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال لِي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت إذا بَقِيتَ في حُثالةٍ من الناس؟ قال: قلت: يا رسول اللَّه كيف ذاك؟ قال: "إذا مَرَجَتْ عُهُودُهُم وأماناتهم. . . إلخ". المسند 2/ 162، 212، 220، 221، ورواه ابن ماجه في سننه 2/ 1307 كتاب الفتن: باب التثبت في الفتنة.

(3)

قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 5/ 42، وينظر: الكشف والبيان 9/ 94، الوسيط 4/ 163، القرطبي 17/ 5.

ص: 140

وجَحَدُوا قُدْرَتَنا على إحيائهم بعد البلَى، إلى قدرتنا على خلق السماء حين جعلناها سقفا محفوظا بغير عمد؟ {كَيْفَ بَنَيْنَاهَا} ؛ أي رفعناها، وكل شيء ارتفع على شيء فهو بناء {وَزَيَّنَّاهَا} بنجومها وشمسها وقمرها {وَمَا لَهَا} في سَعَتِها {مِنْ فُرُوجٍ (6)}؛ أي: ليس فيها خِلَالٌ ولا فُرْجةٌ ولا شَقٌّ ولا صُدُوعٌ ولا وَهَنٌ ولا فتوقٌ، وفُرُوجٌ يكون جمعًا ويكون واحدًا

(1)

.

وفي الآية دلالة على استدارة السماء وإحاطتها بالأرض من جميع جهاتها؛ لأنَّهُ أخبر أنه لا فروج فيها، ولو كانت مبسوطةً مُتَّصِلةَ الأطرافِ لَمْ تكن كذلك

(2)

.

قوله: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} ؛ أي: مَدَدْنا الأرضَ، يعني: بَسَطْناها مَسِيرَ خمسمائة عام، ونصب الأرض بإضمار فعل؛ أي: مَدَدْنا الأرضَ وبَسَطْناها، والرفع جائزٌ، إلا أن النصبَ أحسنُ؛ لِيُعْطَفَ بالفعل على الفعل

(3)

، وقد تقدم نظيره فِي سورة الحجر

(4)

.

قوله: {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} جِبالًا ثَوابتَ، وهي الجبال التي خلقها اللَّه أوْتادًا للأرض لِئَلَّا تتحرك بأهلها وتَمِيدَ بهم {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ}؛ أي: من كل

(1)

قاله النحاس في إعراب القرآن 4/ 221، ومعناه أن الفروج يكون جمعًا لِفَرْح وفُرْجةٍ، ومعناهما الخَلَلُ بين الشيئين، وأنه يكون واحدًا، فيما أزعم، على أنه مصدر كالدُّخُولِ والخُرُوجِ ونحوهما.

(2)

قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة 47/ أ.

(3)

قاله النحاس فِي إعراب القرآن 4/ 221، وقد قرأ الجحدري:{وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} بالرفع، ينظر: شواذ القراءة للكرمانِيِّ ورقة 228.

(4)

الحِجْر 19، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.

ص: 141

لون {بَهِيجٍ (7)} ؛ أي: حَسَنٍ من أخْضَرَ وأحْمَرَ وأصْفَرَ، والبَهِيجُ: الجميل، والبَهْجةُ: الجمال، كقوله:{حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ}

(1)

؛ أي: ذات جَمالٍ.

ثم قال تعالى: {تَبْصِرَةً} ؛ أي: جَعَلْنا ذلك تَبْصِرةً، وقال أبو حاتم

(2)

: هو نصب على المصدر، وقيل

(3)

: على المفعول، قال الزجاج

(4)

: فَعَلْنا ذلك لِنُبَصِّرَ به ونُذَكِّرَ به، وهو قوله:{وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8)} يعني: مخلص القلب، منيب راجع إلى اللَّه بقوله وعمله ونِيَّتِهِ، و {وَذِكْرَى} مقصور، وهو فِي موضع نصب عطف على "تَبْصِرةً".

قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} يعني: المطر كثير الخير، وفيه حياة كل شيء {فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ} يعني البساتين وما أخرج فيها لعباده من الثمار {وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9)} أراد: الحَبَّ الحَصِيدَ، يعني المَحْصُودَ، وهو البُرُّ والشَّعِيرُ والذُّرةُ وسائر الحبوب مما يُحْصَدُ

(5)

، قال الشاعر:

271 -

والنَّاسُ فِي قَسْمِ المَنِيّةِ بَيْنَهُمْ

[كالزَّرْعِ مِنْهُ] قائِمٌ وَحَصِيدُ

(6)

(1)

النمل 60.

(2)

ينظر قوله في الكشف والبيان 9/ 95، تفسير القرطبي 17/ 6، وهو على هذا مصدر مؤكد لفعله؛ أي: بَصَّرْناهُمْ تَبْصِرةً.

(3)

يعني على المفعول له، وهو قول الزجاج والنحاس وغيرهما من العلماء. ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 5/ 43، إعراب القرآن 4/ 211، التبيان للعكبري ص 1173، الفريد للهمداني 4/ 348، البحر المحيط 8/ 121، الدر المصون 6/ 175.

(4)

معانِي القرآن وإعرابه 5/ 43.

(5)

قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة 47/ ب.

(6)

البيت من الكامل، لَمْ أقف على قائله، وما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

التخريج: التذكرة الحمدونية 4/ 278، تفسير القرطبي 9/ 95، فتح القدير 2/ 524، روح المعانِي 12/ 135.

ص: 142

وأضاف الحَبَّ إلى الحَصِيدِ كما يُقالُ: صَلاةُ الأُولَى؛ أي: الصلاةُ وَقْتَ الأُولَى، ومَسْجِدُ الجامِعِ، وزعم الفَرّاءُ أن الشيء أُضِيفَ لِنَفْسِهِ لاختلاف اللفظين

(1)

؛ لأن الحَبَّ هو الحَصِيدُ عنده، وقال محمد بن يزيد

(2)

: إضافة الشيء إلى نفسه مُحالُ ولكن التقدير: حَبَّ النَّبْتِ الحَصِيدِ.

قوله: {وَالنَّخْلَ} ؛ أي: وأنْبَتْنا النَّخْلَ {بَاسِقَاتٍ} يعني طِوالًا يقال: بَسَقَ الشَّيءُ يَبْسُقُ بُسُوقًا: إذا طالَ، وكل طويلٍ باسِقٌ، والتاء في موضع نصب على الحال والقطع.

وقوله: {لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10)} ؛ أي: ثَمَرٌ مَنْضُودٌ بَعْضُهُ على بعض، وذلك قبل أن يَتَفَتَّحَ، وهو نَضِيدٌ فِي أكْمامِهِ، فإذا خَرَجَ من أكْمامِهِ فليس بِنَضِيدٍ

(3)

{رِزْقًا لِلْعِبَادِ (11)} ، مفعول من أجله؛ أي: أنْبَتْنا هذه الأشياءَ للرزق، وقيل: هو منصوب على المصدر

(4)

.

ثم ذكر الأُمَمَ المُكَذِّبةَ تخويفًا لكفار مكة، فقال:{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ (12)} إلى قوله: {فَحَقَّ وَعِيدِ (14)} ؛ أي: وَجَبَ عليهم عذابِي، وحَقَّتْ عليهم كلمةُ

(1)

قال الفراء: "والحَبُّ هو الحصيد، وهو مما أُضِيفَ إلى نفسه مثل قوله: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ}، ومثله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} والحبل هو الوريد بعينه، أُضِيفَ إلى نفسه لاختلاف اسْمَيْهِ". معانِي القرآن 3/ 76.

(2)

ينظر قول المبرد في الأصول لابن السراج 2/ 8، إعراب القرآن للنحاس 4/ 221، أمالِيُّ ابن الشجري 2/ 68، 69.

(3)

قاله الفراء وابن قتيبة، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 76، غريب القرآن لابن قتيبة ص 418.

(4)

هذان الوجهان قالهما الزجاج والنحاس، وإذا كان مصدرًا فالعامل فيه معنى الجملة قبله، أي: رَزَقْناهُمْ رِزْقًا؛ لأن إنباته هذه الأشياء رِزْقٌ، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 5/ 43، إعراب القرآن 4/ 222.

ص: 143

العذاب، و"وَعِيدِ" في موضع رفع لأنَّهُ فاعل، إلّا أن ما قبل ياء الإضافة لا يكون إلّا مكسورًا

(1)

.

قوله تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ} يعني آدم عليه السلام {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} ؛ أي: ما تُحَدِّثُهُ نَفْسُهُ، يقال لِما يَقَعُ في النفس من فِعْلِ الشيطان وشَرِّه: وَسْواسٌ، ومصدره: وَسْوَسَ وَسْوَسةً ووِسْواسًا

(2)

{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)} ؛ أي: أعْلَمُ وأقْدَرُ عليه من حبل الوريد؛ لأن أبْعاضَهُ وأجْزاءَهُ يَحْجُبُ بَعْضُها بَعْضًا، ولا يَحْجُبُ عِلْمَ اللَّهِ عَنْهُ شَيْءٌ.

وحَبْلُ الوَرِيدِ: عِرْقٌ بين الحُلْقُومِ والعِلْباوَيْنِ

(3)

، وجمعه أوْرِدةٌ، وقيل

(4)

: هو الوَتِينُ، وقيل

(5)

: هو عِرْقُ العُنُقِ، وهو مُخالِطٌ للقلب، وقيل

(6)

: عِرْقٌ

(1)

يعني ياء المتكلم، وهي مقدرة هنا على قراءة الجمهور، وقرأ يعقوب:"وَعِيدِي" بياء في الوصل والوقف، وقرأ ورش بياء في الوصل فقط، ينظر: التيسير ص 202، النشر 2/ 376، إتحاف فضلاء البشر 2/ 488.

(2)

قاله النقاش، ثم قال:"ولِما وَقَعَ فيها [يعني النفس] من الخير: إلْهامٌ وإيزاعٌ، ولِما وقع فيها من الخوف للقتل وأشباهه: إيجاسٌ، ولِما وقع فيها من الأمن: طُمَانِينةٌ، ولما وقع فيها مما لا يُقَدَّرُ لَها فيه ولا لَها شَيءٌ: خاطِرٌ كقولك: خَطَرَ بِبالِي مَجِيءُ فلان وَأشباه ذلك". شفاء الصدور 49/ أ.

(3)

قاله الفراء في معانِي القرآن 3/ 76، وينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص 418، والعِلْباوانِ: تثنية عِلْباءٍ وهو عَصَبُ العُنُقِ. اللسان: علب.

(4)

هذا قول الحسن البصري، ينظر: تفسير القرطبي 17/ 9، والوَتِينُ: عِرْقٌ في القلب إذا انقطع مات صاحبه. اللسان: وتن.

(5)

قاله مقاتل والزجاج، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 5/ 44، وقول مقاتل في تفسير القرطبي 17/ 9.

(6)

ذكره ابن الجوزي بغير عزو في زاد المسير 7/ 9.

ص: 144

مُتَفَرِّقٌ فِي البَدَنِ، مُخالِطٌ للإنسان في جميع أعضائه، والحَبْلُ هو الوَرِيدُ فأُضِيفَ إلى نفسه لاختلاف اللفظين

(1)

، وسُمِّيَ الوَرِيدُ وَرِيدًا؛ لأن الرُّوحَ تَرِدُهُ.

قوله تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} قال الحسن

(2)

: هما مَلَكانِ مُوَكَّلَانِ بابن آدم، مَلَكٌ عن يمينه يكتب حسناتِهِ، ومَلَكٌ عن يَسارِهِ يكتب سيئاته، ثم قال:

{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)} ؛ أي: جَلِيسٌ وقَرِينٌ لا يفارقه، قال أهل البصرة

(3)

: أراد: عن اليمين قعيدٌ وعن الشمال قعيدٌ، فاكتفى بأحدهما عن الَاخَر، كقول الشاعر:

نَحْنُ بِما عِنْدَنا وَأنْتَ بِما عِنْـ

دَكَ راضٍ، والرَّأْيُ مُخْتَلِفُ

(4)

ولَمْ يقل: راضِيانِ.

وقال أهل الكوفة

(5)

: أراد: قُعُودٌ، رَدَّهُ إلى الجنس، فوضع الواحد موضع

(1)

المؤلف اختار رأي الكوفيين في جواز إضافة الشيء إلى نفسه لاختلاف اللفظين، على الرغم من أنه قبل قليل اختار رأي البصريين في عدم جوازه، وأوَّلَ ذلك على أنه مضاف لِمَحْذُوفٍ، وراجِعْ ما قاله في قوله تعالى:{وَحَبَّ الْحَصِيدِ} في الصفحة السابقة.

(2)

ينظر قوله في تفسير القرطبي 17/ 9.

(3)

مذهب سيبويه وغيره من البصريين أن الخبر فِي مثل هذا محذوف من الأول، لدلالة الثانِي عليه، وأن الخبر إنما جُعِلَ للثانِي لأنَّهُ أقْرَبُ إليه، وهو مذهب الكسائي أيضًا، كما ذكر النحاس، وهو مذهب المبرد أيضًا، وإن كان المبرد يُجِيزُ أن يكون الخبر للأول، وحُذِفَ من الثانِي لدلالة الأول عليه، ينظر: الكتاب 1/ 73، 77، مجاز القرآن 1/ 39، 257 - 258، المقتضب 3/ 112 - 113، 4/ 72 - 74، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 44، إعراب القرآن 4/ 224، مشكل إعراب القرآن 2/ 320.

(4)

تقدم برقم 157، 2/ 179.

(5)

قال الفراء: "يقال: قَعِيدٌ، ولَمْ يقل: قَعِيدانِ. . . يريد به: قُعُودٌ، فجعل القَعِيدَ جَمْعًا كما =

ص: 145

الجميع، كالرسول في الاثنين جُعِلَ للاثنين والجميع، قال اللَّه تعالى في الاثنين:"إنّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِين"

(1)

، وقال الشاعر:

ألِكْنِي إلَيْها، وَخَيْرُ الرَّسُو

لِ أعْلَمُهُمْ بِنَواحِي الخَبَرْ

(2)

ومعنى الآية: أن اللَّه عز وجل وَكَّلَ بالإنسان -مع عِلْمِهِ بأحواله- مَلَكَيْنِ بالليل وملكين بالنهار، يحفظان عَمَلَهُ، ويكتبان أثَرَهُ، إلزامًا لِلْحُجّةِ، أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات، والآخر عن شِمالِهِ يكتب السيئات، فذلك قوله تعالى:{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} ، والمراد بالقَعِيدِ هاهنا المُلَازِمُ الذي لا يَبْرَحُ، لا القاعدُ الذي هو ضِدُّ القائمِ

(3)

.

= تجعل الرسول للقوم والاثنين". معانِي القرآن 3/ 77، وأجاز الفراء أن يكون "قَعِيدٌ" لأحدهما بدون تعيين، فقال: "وإن شئت جعلت القعيد واحدًا اكْتُفِيَ به من صاحبه". معانِي القرآن 3/ 77.

وذهب الأخفش والفارسي مذهب الكوفيين، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص 238 - 239، 483، المسائل المشكلة ص 423، وينظر قول الكوفيين في إعراب القرآن للنحاس 4/ 224، مشكل إعراب القرآن 2/ 320، الفريد للهمداني 4/ 350 - 351، البحر المحيط 8/ 123.

ولكنني وجدتُ نَصًّا لسيبويه في هذه الآية يجعل فيه لفظ "قَعِيدٌ" يؤدي عن الاثنين والجمع، كما يؤدي عن الواحد، قال سيبويه:"ونظير "أحَقًّا أنّكَ ذاهِبٌ" من أشعار العرب قول العبدي:

أحَقًّا أنَّ جِيرَتَنا اسْتَقَلُّوا

فَنِيَّتُنا وَنيَّتُهُمْ فَرِيقُ

قال: فريق كما تقول للجماعة: هم صديق، وقال اللَّه تعالى جده:{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} الكتاب 3/ 136.

(1)

الشعراء 16.

(2)

تقدم برقم 67، 1/ 412.

(3)

قاله الواحدي فِي الوسيط 4/ 165، وينظر: تفسير القرطبي 17/ 11.

ص: 146