الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وارتفع "الشَّمْسُ والْقَمَرُ" بإضمار فعل، مجازه: الشمس والقمر يجريان بحسبان
(1)
، وقيل
(2)
: هو مبتدأ وخبره فيما بعده.
فصل
قيل: "إنّ سَعةَ الشمس تسعةُ آلاف فَرْسَخٍ، وأرْبَعُمِائِةِ فَرْسَخٍ في مثلها، وسَعةُ القَمَرِ ألْفُ فَرْسَخٍ في ألْفِ فَرْسَخٍ، مكتوبٌ في وجه الشمس: لا إله إلّا اللَّه، محمد رسول اللَّه، خلق اللَّه الشمس بقدرته، وأجْراها بِأمْرِهِ وحِكْمَتِهِ، وفي بطنها مكتوب: لا إله إلّا اللَّه، رِضاهُ كَلَامٌ، وغَضَبُهُ كَلَامٌ، ورَحْمَتُهُ كَلَامٌ، وعَذابُهُ كَلَامٌ، وفي وجه القمر مكتوبٌ: لا إله إلّا اللَّه، محمد رسول اللَّه، خلق اللَّه الخَيْرَ والشَّرَّ بِقُدْرَتهِ، يَبْتَلِي بهما من شاء من خلقه، فَطُوبَى لِمَنْ أجْرَى اللَّهُ الخَيْرَ على يديه، والوَيْلُ لِمَنْ أجْرَى اللَّهُ الشَّرَّ على يديه"
(3)
.
قوله: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)} قيل: النَّجْمُ: هو ما ليس له ساقٌ
= القرآن للأخفش ص 490، الفصيح ص 281، معانِي القرآن للنحاس 4/ 245، وينظر أيضًا: التهذيب 4/ 332، تصحيح الفصيح وشرحه ص 191، وذهب أبو عبيدة إلى أن الحُسْبانَ جمع حِساب مثل شُهْبانٍ وشِهاب، ينظر: مجاز القرآن 2/ 242، وحكاه الأزهري عن الليث في التهذيب 4/ 332، وحكاه الجوهوي وغيره عن الأخفش، ينظر: الصحاح 1/ 111، تفسير القرطبي 17/ 153، اللسان: حسب.
(1)
هذا قول الأخفش في معانِي القرآن ص 490، وينظر: إعراب القرآن 4/ 303، ومعناه أن "الشَّمْسُ" مبتدأ وخبره مضمر، وقوله:{بِحُسْبَانٍ} متعلق بهذا الخبر، والمعنى: الشمسُ والقَمَرُ يَجْرِيانِ بِحُسْبانٍ.
(2)
وهذا الخبر هو قوله: {بِحُسْبَانٍ} ، ذكره النحاس في إعراب القرآن 4/ 303، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 342.
(3)
رواه النقاش في شفاء الصدور ورقة 84/ أ، 84/ ب، وينظر: الكشف والبيان 9/ 178.
من الأشجار، ويَنْبَسِطُ على وجه الأرض كالعُشْبِ والبَقْلِ، وسُمِّيَ نَجْمًا لِطُلُوعِهِ من الأرض، قاله الثعلبي
(1)
، والشَّجَرُ: ما كان له ساقٌ تَبْقَى فِي الشتاء، قاله الواحديُّ
(2)
، قال زهير بن أبِي سلمى:
308 -
مُكُلَّلٌ بِأُصُولِ النَّجْمِ تَنْسِجُهُ
…
رِيحُ الجَنُوبِ لِضاحِي مائِهِ حُبُكُ
(3)
وقوله: "يَسْجُدانِ"؛ أي: يَخْضَعانِ للَّهِ، ويَذِلَّانِ له ويُعَظِّمانِهِ، والسُّجُودُ: الخُضُوعُ، والسّاجِدُ مُعَظِّمٌ لِمَنْ سَجَدَ له، وسُجُودُهُما: سُجُودُ ظِلِّهِما
(4)
، وقيل
(5)
: سُجُودُهُما: أنهما يَسْتَقْبِلَانِ الشَّمْسَ إذا طَلَعَتْ، ثم يَمِيلَانِ معها حتى
(1)
الكشف والبيان 9/ 178.
(2)
الوسيط 4/ 218.
(3)
البيت من البسيط، لزهير يصف واديًا، ورواية ديوانه:"بأُصُولِ النَبْتِ. . . . ريحٌ خَرِيقٌ".
اللغة: المُكَلَّلُ: ما كان حول النَّبْتِ كالإكْلِيلِ، النَّجْمُ: الثَّيِّلُ وهو يَنبْتُ على شطوط الأنْهار، واحدته نَجْمةٌ، نَسَجَتِ الرِّيحُ الماءَ: ضَرَبَتْهُ فانْتَسَجَتْ فيه طَرائِقُ، الحُبُكُ: طَرائِقُ فِي الماء تَصْنَعُها الرِّيحُ، واحِدَتُهُ حَبِيكةٌ وحِباكٌ.
التخريج: ديوانه ص 176، مجاز القرآن 2/ 225، جمهرة اللغة ص 283، إيضاح الوقف والابتداء ص 96، الزاهر 1/ 342، المحتسب 2/ 387، المخصص 9/ 149، أساس البلاغة: حبك، الكشاف 4/ 14، المحرر الوجيز 5/ 172، عين المعانِي ورقة 126/ ب، تفسير القرطبي 17/ 32، 153، اللسان: حبك، خرق، نجم، نسج، البحر المحيط 8/ 131، الدر المصون 6/ 184، اللباب في علوم الكتاب 18/ 61، 298، التاج: نسج، حبك، نجم.
(4)
قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة 84/ ب، وينظر: الوسيط 4/ 218، وحكاه القرطبي عن الضحاك في تفسيره 17/ 154.
(5)
قاله الفراء في معانِي القرآن 3/ 112، وينظر: الأضداد لابن الأنباري ص 297، غريب القرآن للسجستانِي ص 150.
يَنْكَسِرَ الفَيءُ، والسُّجُودُ من جميع المَواتِ: الاستسلامُ والانقيادُ لِما سُخِّرَ له
(1)
.
قوله: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا} نصب بإضمار فعل؛ أي: رَفَعَ السَّماءَ بغير عمد من تحتها، ولا علاقةٍ من فوقها، ورفعها عن الأرض مسيرة خمسمائة عام، فجعلها سَقْفًا على خَلْقِهِ محفوظًا.
قوله: {وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7)} يعني: الذي يُوزَنُ به، فجعله عَدْلًا بين الناس فِي الأرض في معاملتهم، لِيُوصَلَ به إلى الإنصاف والانتصاف.
قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10)} يعني: بَسَطَها على الماء، وجعلها فِراشًا ومِهادًا لجميع الخلق الذين بَثَّهُمْ فيها، ونصب الأرض بإضمار فعل؛ أي: وَضَعَ الأرضَ للأنام {فِيهَا فَاكِهَةٌ} يعني: جَعَلَ في الأرض أنواعَ الفاكهة وما يُتَفَكَّهُ به من ألْوانِ الثمار والنِّعَمِ التي لا تُحْصَى {وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (11)} يعني أوْعِيةَ الثَّمَرِ، واحدها كُمٌّ، وأكْمامُها: اللِّيفُ المُلْتَفُّ المُسْتَدِيرُ عليها، التي تَخْرُجُ منها الثَّمَرةُ، فهي كالكُمِّ لها، وغِلَافُ كُلِّ شَيْءٍ: كُمُّهُ، وكل ما يَسْتُرُ شيئًا فهو كُمٌّ وكُمّةٌ، ومنه: كُمُّ القميص، ويقال لِلْقَلَنْسُوةِ: كُمّةٌ
(2)
، قال الشاعر:
309 -
فَقُلْتُ لَهُمْ: كِيلُوا بِكُمّةِ بَعْضِكُمْ
…
دَراهِمَكُمْ، إنِّي كَذاكَ أكِيلُ
(3)
(1)
قاله ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص 436.
(2)
ينظر في معنى الكُمِّ والكُمّةِ: معانِي القرآن وإعرابه 5/ 97، شفاء الصدور ورقة 85/ أ، التهذيب 9/ 466، غريب القرآن للسجستانِي ص 151، الكشف والبيان 9/ 178، عين المعانِي ورقة 129/ ب، تفسير القرطبي 17/ 156.
(3)
البيت من الطويل، لَمْ أقف على قائله، ولِعُبَيْدِ اللَّهِ الجُعْفِيِّ بَيتٌ يشترك مع هذا البيت في الصدر، وهو قوله: =
قوله: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12)} قرأها العامة كُلَّها مرفوعةً عطفًا على الفاكهة، ونصبها ابن عامر كُلَّها على معنى: خَلَقَ الإنسانَ، وخَلَقَ هذه الأشياءَ، والوجه الرَّفع
(1)
، وقرأ أهل الكوفة إلّا عاصمًا:{وَالرَّيْحَانُ}
(2)
بالجر عطفًا على {الْعَصْفِ} .
والحَبُّ: جَمِيعُ الحُبُوبِ، والعَصْفُ: وَرَقُ الزرع، قال ابن السكيت: تقول العرب لورق الزرع: العَصْفُ والعَصِيفةُ والجِلُّ بكسر الجيم
(3)
. قال عَلْقَمةُ بن عَبَدةَ:
310 -
تَسْقِي مَذانِبَ قَدْ مالَتْ عَصِيفَتُها
…
حَدُورُها مِنْ أتِيِّ الماءِ مَطْمُومُ
(4)
= أقولُ لَهُم: كيلوا بِكُمّةِ بَعضِكُم
…
وَلا تَجعَلوني في النَدى كاِبنِ مالِكِ
التخريج: الكشف والبيان 9/ 179، عين المعانِي ورقة 129/ ب، تفسير القرطبي 17/ 156، اللباب في علوم الكتاب 18/ 305.
(1)
الرفع والنصب كلاهما جائز في اللغة، والنصب قرأ به أحد القُرّاءِ السبعة بالإضافة إلى غَيْرِهِ، وقال الفراء:"وهي في مصاحف أهل الشام: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ}. معانِي القرآن 3/ 114، فلا يصح بعد هذا كله أن يقول المؤلف هنا: "والوجه الرفع"، وينظر أيضًا: إعراب القرآن للنحاس 4/ 305، معانِي القراءات للأزهري 3/ 44، الحجة للفارسي 4/ 13 - 14.
(2)
قرأ ابن عامر وأبو حيوة وابن أبِي عبلة: "والْحَبَّ ذا العَصْفِ والرَّيْحانَ" بالنصب، وقرأ حمزة والكسائي وخلف والأصمعي عن أبِي عمرو والأعمشُ:{وَالرَّيْحَانُ} بالخفض. ينظر: السبعة ص 619، البحر المحيط 8/ 188، الإتحاف 2/ 509.
(3)
لَمْ أقف على قوله في كتبه، وقال الأزهري:"ابن السكيت: والجِلُّ: قَصَبُ الزَّرْعِ إذا حُصِدَ". تهذيب اللغة 10/ 489، وأما القول الذي ذكره المؤلف هنا فهو في الكشف والبيان للثعلبي 9/ 179، وتفسير القرطبي 17/ 157.
(4)
البيت من البسيط، لعَلْقَمةَ بن عَبْدةَ، ويُروَى:"زالَتْ عَصِيفَتُها"، ويُروَى:"طالَتْ"، ويُروَى:"جُدُورُها".
اللغة: المَذانِبُ: جمع مِذْنَبةٍ ومِذْنَبٍ، وهي المِغْرَفةُ، العَصِيفةُ والعَصْفُ: ما يَيْبَسُ من =
والرَّيْحانُ قيل: هو الرِّزْقُ في قول الأكثرين، وقيل: هو الرَّيْحانُ الذي يُشَمُّ
(1)
، قال الشاعر:
311 -
سَلَامُ الإلَهِ وَريحانُهُ
…
وَرَحْمَتُهُ وَسَماءٌ دِرَرْ
(2)
ثم خاطَبَ الجِنَّ والإنْسَ بلفظ التثنية على عادة العرب، فقال: {فَبِأَيِّ
= الزرع فَيُؤْكَلُ، مالَتْ عَصِيفَتُها: جُزَّ ثُمَّ سُقِيَ لِيَعُودَ وَرَقُهُ، الحَدُورُ: ما انحدر منها، والجُدُورُ جمع جَدْرٍ وهو الجانب، أتِيُّ الماءِ: كُلُّ مَسِيلٍ سَهَّلْتَهُ لِماءٍ، والأتِيُّ: النهر يسوقه الرجل إلى أرضه، مطموم: مغمور بالماء.
التخريج: ديوانه ص 50، مجاز القرآن 2/ 242، المفضليات ص 398، جمهرة اللغة ص 885، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 97، الحجة للفارسي 4/ 13، شرح المفضليات للتبريزي ص 1330، الكشف والبيان 9/ 179، المحرر الوجيز 5/ 225، أساس البلاغة: طمم، منتهى الطلب 1/ 187، تفسير القرطبي 17/ 157، 20/ 199، اللسان: جدر، عصف، اللباب في علوم الكتاب 18/ 308، التاج: جدر، عصف.
(1)
هذا القول والذي قبله قالهما الفراء في معانِي القرآن 3/ 113 - 114، وينظر: جامع البيان 27/ 159 - 160، الصحاح 1/ 371، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 151، الكشف والبيان 9/ 179، الوسيط 4/ 4/ 218، زاد المسير 8/ 109.
(2)
البيت من المتقارب، لِلنَّمِرِ بن تَوْلَبٍ.
اللغة: رَيْحانُ اللَّه: رِزْقُهُ، أو هو الرَّيْحانُ الذي يُشَم، دِرَرٌ: جمع دِرّرة والدِّرّةُ في المطر: أن يَتْبَعَ بعضُهُ بعضًا.
التخريج: ديوانه ص 64، غريب القرآن لابن قتيبة ص 437، جامع البيان 27/ 161، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 97، تهذيب اللغة 5/ 221، إعراب القراءات السبع 2/ 333، الحجة للفارسي 4/ 13، الصحاح ص 371، 656، المحرر الوجيز 5/ 225، تفسير غريب القرآن للسجستانِي ص 151، مجمع البيان 9/ 328، المحرر الوجيز 5/ 254، زاد المسير 8/ 108، تفسير القرطبي 17/ 157، 233، التبيان للطوسي 9/ 467، اللسان: درر، روح، التاج: روح، درر.
{آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)}
(1)
، نظيرها قوله تعالى:{أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ}
(2)
، خاطَبَ الواحِدَ بلفظ الاثنين، وقد تقدم ذِكْرُهُ في سورة ق، ومعناه: فَبِأيِّ نِعَمِ رَبِّكُما تُكذِّبانِ أيُّها الثَّقَلانِ.
والحكمة في تكرير هذه الآية في هذه السورة: تَقْرِيرٌ لِلنِّعْمةِ، وتَأْكِيدٌ في التذكير بها، على عادة العرب في الإبلاغ والإشباع
(3)
، والتكرار شائع في كلام العرب، حَسَنٌ في مثل هذا الموضع، قال الشاعر:
312 -
كَمْ نِعْمةٍ كَانَتْ لَكُمْ، كَمْ كَمْ وَكَمْ
(4)
(1)
ما بين المعقوفتين غير موجود في الأصل.
(2)
ق 24، 3/ 149، وهذا أحَدُ وَجْهَيْنِ قالهما الفَرّاءُ، ثم قال:"والوجه الآخر أن الذِّكْرَ أُرِيدَ فِي الإنسان والجانِّ، فَجَرَى لهما من أول السورة إلى آخرها". معانِي القرآن 3/ 114، وقال ابن قتيبة: "وقال اللَّه تعالى في أول سورة الرحمن: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ، ولَمْ يَذْكُر قَبْلَ ذلك إلا الإنسانَ، ثم خاطَبَ الجانَّ معه، لأنه ذَكَرَهُمْ بَعْدُ، وقال:{وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} . تأويل مشكل القرآن ص 238، وينظر: إعراب القرآن 4/ 305، شفاء الصدور ورقة 85/ أ، تهذيب اللغة 15/ 507 - 508، المحرر الوجيز 5/ 226، تفسير القرطبي 17/ 159.
(3)
قاله ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن ص 239 - 240، وينظر: شفاء الصدور ورقة 85/ ب، الوسيط 4/ 219، زاد المسير 8/ 110 - 111، تفسير القرطبي 17/ 160.
(4)
من الرجز المشطور، لَمْ أقف على قائله، ويُرْوَى:"كانَتْ لَهُ".
التخريج: معانِي القرآن للفراء 1/ 177، تأويل مشكل القرآن ص 236، شفاء الصدور ورقة 85/ ب، الصاحبي ص 177، الصناعتين ص 213، أمالِيُّ المرتضى 1/ 121، الكشف والبيان 9/ 180، زاد المسير 1/ 189، 7/ 258، 8/ 111، مجمع البيان 10/ 464، عين المعانِي ورقة 129/ ب، القرطبي 17/ 160، التبيان للطوسي 1/ 15، اللباب في علوم الكتاب 18/ 312.