الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو عمرو وابن عامر: {ذُرِّيَّاتُهُمْ} بألف على الجمع، غير أن ابن عامر ضَمَّ التاءَ، وأبو عمرو كَسَرَها، وقرأ الباقون:{ذُرِّيَّتَهُمْ} على الواحد مضمومة التاء، وقرأ نافع وأبو عمرو:{أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيّاتِهِمْ} على الجمع مكسورة التاء، وقرأ الباقون:{ذُرِّيَّتُهُمْ} على الواحد مفتوحة التاء.
فمن قرأ: {ذُرِّيَّتُهُمْ} بالرفع، فرفعه لأنه فاعل، ومن قرأ:"ذُرِّيّاتِهِمْ" بالخفض فمحله نصب، ومن قرأ:{ذُرِّيَّتُهُمْ} بنصب التاء فنصبه لأنه مفعول، وقرأ ابن كثير:{أَلِتْنَاهُمْ} بكسر اللام
(1)
، وذلك لا يعرفه أهل اللغة
(2)
، وقرأ الباقون:{أَلَتْنَاهُمْ} بفتح اللام.
فصل
عن عَلِيِّ بن أبِي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمنين وأولادَهُمْ فِي الجنة، وإن المشركين وأولادَهُمْ فِي النار"، ثم قرأ:"والَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ. . الآية"
(3)
.
(1)
وقرأ بها ابن محيصن والحسن أيضًا، ورُوِيَ عن ابن كثير أيضًا:"لِتْناهُمْ" بكسر اللام وبغير ألف، وهي قراءة ابن مسعود وأُبَيٍّ وقُنْبُلٍ والحسن وطلحة والأعمش وشبل وابن شَنَبُوذٍ. ينظر: مختصر ابن خالويه ص 146، المحتسب 2/ 290، تفسير القرطبي 1767، البحر المحيط 8/ 147، النشر 2/ 377، الإتحاف 2/ 496.
(2)
قال الأزهري: "ما رُوِيَ عن ابن كثير: "وَما ألِتْناهُمْ" بكسر اللام فهو وهم، قال ابن مجاهد وغيره: وأخبرنِي أبو بكر بن عثمان عن أبِي حاتم أنه قال: الهمز مع كسر اللام غَلَطٌ، قال أبو حاتم: ورُوِيَ عن ابن كثير الهَمْزُ مع فَتْحِ اللامِ كما قرأ القُرّاءُ، وهو الصحيح، قال أبو منصور: هذا حرف فيه ثلاث لغات، يقال: ألَتَ يَأْلِتُ، ولَاتَ يَلِيتُ، وألَاتَ يُلِيتُ، وكلها صحيحة مسموعة معناها النُّقْصُ، وأما ألِتَ يَأْلَتُ فهو خطأ، ولا يجوز القراءة بها". معانِي القراءات 3/ 34.
(3)
هذا جزء من حديث رواه الإمام أحمد في المسند 1/ 134 - 135، وابن أبِي عاصم في =
قوله: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)} مَحْبُوسٌ بِعَمَلِهِ في النار، وهو مبتدأ وخبر أي: كُلُّ إنْسانٍ مُتَرْهَنٌ بما عَمِلَ، لا يُؤاخَذُ أحَدٌ بذنب أحَدٍ.
وقوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ} يريد: بالخِدْمةِ {غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ} فِي الحُسْنِ والبَياضِ {لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (24)} مَسْتُورٌ مَصُونٌ، لا تَمَسُّهُ الأيدي، قال قتادة: ذُكِرَ لنا أن رَجُلًا قال: يا نَبِيَّ اللَّه! هذا الخادمُ، فكيف المخدوم؟ فقال:"والذي نفسي بِيَدِهِ، إن فَضْلَ المَخْدُومِ على الخادم كفَضْلِ القمر لَيْلةَ البَدْرِ على سائر الكواكب"
(1)
، والمؤمن لا يكون مُرْتَهَنًا لقوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ}
(2)
، فاسْتَثْنَى المؤمنين.
ثم ذَكَرَ ما أمَدَّهُمْ به من الخير والنعمة، فقال تعالى:{وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا} يعني: في الجنة؛ أي: يَتَعاطَوْنَ ويتناولون فيها {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23)} ؛ أي: لا تَذْهَبُ بِعُقُولِهِمْ فَيَلْغُوا ويَرْفُثُوا، كما يكون من خمر الدنيا
(3)
، ولا يكون بينهم ما يُؤْثمُهُمْ، والتَّأْثِيمُ: تَفْعِيلٌ من الإثْمِ، يقال: أثَّمَهُ: إذا جَعَلَهُ ذا إثْمٍ، والمعنى أن تلك الكأس لا تَجْعَلُهُمْ آثِمِينَ
(4)
.
= كتاب السُّنّةِ ص 94، وينظر: الكشف والبيان 9/ 128، الوسيط 4/ 187، مجمع الزوائد 7/ 217 كتاب القدر: باب ما جاء في الأطفال.
(1)
رواه الطبري في جامع البيان 27/ 40، وينظر: الكشف والبيان 9/ 129، الوسيط 4/ 188، زاد المسير 8/ 52، الدر المنثور 6/ 119.
(2)
المدثر 38 - 39.
(3)
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص 425، وينظر: الوسيط 4/ 188، زاد المسير 8/ 52.
(4)
قاله الجوهري في الصحاح 5/ 1856 - 1857، وينظر: الوسيط 4/ 188، زاد المسير 8/ 52.
قوله تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25)} قال ابن عباس: يَتَذاكَرُونَ ما كانوا فيه في الدنيا من التعب والخوف، وذلك قوله:{قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ} يعني: في الدنيا {فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26)} خائِفِينَ وَجِلِينَ من عذاب اللَّه تعالى {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27)} وهي جهنم، والسَّمُومُ: الرِّيحُ الحارّةُ في جهنم، وفيها أنواع العذاب
(1)
، وقيل
(2)
: السَّمُومُ هاهنا: الرِّيحُ البارِدةُ، وقال الحَسَنُ
(3)
: السَّمُومُ: اسم من أسماء جهنم.
قوله: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ} في الدنيا {نَدْعُوهُ} ؛ أي: نَدْعُو الرَّبَّ تعالى، ونُوَحِّدُهُ ونَعْبُدُهُ ونَرْغَبُ إليه {إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ} لإجابة الذين يدعونه ويرغبون إليه {الرَّحِيمُ (28)} بهم، قرأ الحسن وشيبة وأبو جعفر ونافع والكسائي:"أنّهُ" بفتح الألف
(4)
؛ أي: لأنّهُ، أو: بِأنّهُ
(5)
، وقرأ غيرهم بالكسر على الاستئناف وقطع الكلام مما قبله، ونظير هذا: "لَبَّيْكَ إنّ الحَمْدَ والنِّعْمةَ
(1)
ذكره النقاش بغير عزو في شفاء الصدور ورقة 65/ ب، وينظر: المفردات للراغب ص 241.
(2)
ذكره القرطبي بغير عزو في تفسيره 17/ 70.
(3)
ينظر قوله في شفاء الصدور ورقة 65/ ب، الكشف والبيان 9/ 130، الوسيط 4/ 188، المحرر الوجيز 5/ 190، وغيرها.
(4)
لَمْ أقف على أنها قراءة لِشَيْبةَ، ورَوَى ابنُ جَمّازٍ عن نافع:"إنّهُ" بكسر الهمزة كالباقين. ينظر: السبعة ص 613، تفسير القرطبي 17/ 70، البحر المحيط 8/ 147، الإتحاف 2/ 497.
(5)
يعني أن موضع "أنّهُ" بالفتح النصب على نزع الخافض، قاله الفراء والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 93، إعراب القرآن للنحاس 4/ 258، قال ابن الأنباري:"فمن قرأ بالكسر وقف على "نَدْعُوهُ"، وابتدأ: "إنّهُ"، ومن قرأ: "أنّهُ" بالفتح لَمْ يقف على"نَدْعُوهُ"، لأن "أنّ" متعلقة بما قبلها، والمعنى: نَدْعُوهُ لأنّهُ وَبِأنّهُ". إيضاح الوقف ص 909، وينظر أيضًا: معانِي القراءات للأزهري 3/ 34 - 35، الوسيط للواحدي 4/ 188.
لَكَ" بفتح "إنّ" وكسرها
(1)
، والبَرُّ هو اللطيف بعباده، وقيل: هو الرحيم بخلقه لا يعذبهم بعد التوبة.
قوله تعالى: {فَذَكِّرْ} ؛ أي: فَعِظْ يا محمد بالقراَن أهْلَ مَكّةَ {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ} بإنعامه عليك بالنبوة {بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)} الكاهن: الذي يُوهِمُ أنه يَعْلَمُ الغَيْبَ، ويُخْبَرُ بما فِي غَدٍ من غَيْرِ وَحْيٍ
(2)
، يقال: كَهَنَ يَكْهُنُ كِهانةً، مثل: كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابةً
(3)
، أي: لَسْتَ تقول بِقَوْلِ كَهانةٍ ولا تَنْطِقُ إلّا بِوَحْيٍ.
قوله: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ} ؛ أي: هو شاعر {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30)} {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44)} يعني صُرُوفَ الدَّهْرِ وحَوادِثَهُ، أي: نَنْتَظِرُ به حَدَثانَ المَوْتِ وحَوادِثَ الدَّهْرِ، فَيَهْلِكَ كما هَلَكَ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الشُّعَراءِ، قال ابن عباس رضي الله عنه
(4)
:
291 -
تَرَبَّصْ بِها رَيْبَ المَنُونِ لَعَلَّها
…
تُطَلَّقُ يَوْمًا أوْ يَمُوتُ حَلِيلُها
(5)
(1)
قاله النحاس في إعراب القرآن 4/ 258.
(2)
قاله الواحدي في الوسيط 4/ 189، وينظر: زاد المسير 8/ 53.
(3)
وفيه لغة أخرى، يقال: كَهُنَ يَكْهُنُ كَهانةً. ينظر: تهذيب اللغة 6/ 24.
(4)
قال ابن الأنباري: "وحدثني أبو عبد اللَّه القارئ قال: حدثنا أبو بكر الأنصاري قال: حدثنا أبو بشر هارون بن حاتم البَزازُ قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبِي حَمّادٍ عن أسْباطِ بن نصر عن إسماعيل ابن عبد الرحمن السُّدَيِّ عن أبِي مالك عن ابن عباس قال: "ريبٌ": شَكٌّ، إلا مكانًا واحدًا في الطور: "ريبَ المَنُونِ": يعني: حوادث الأمور، قال: وقال ابن عباس: تَرَبَّصْ بِها ريبَ المَنُونِ. . . البيت". إيضاح الوقف والابتداء ص 99 - 100.
(5)
البيت من الطويل، لِفَرّاصِ بن عُتْبةَ الأزْدِيِّ، وكان قد خطب ابنة عَمٍّ له كان يهواها، فَرُدَّ عنها وزُوِّجَتْ غَيْرَهُ، ونُسِبَ البيت لِحَمّادٍ البَرْتِيِّ، ويُرْوَى:"يَمُوتُ حَمِيمُها"، ويُرْوَى عَجُزُهُ:
سَيَهْلِكُ عَنْها بَعْلُها أوْ تُسَرَّحُ
التخريج: جامع البيان 27/ 43، معجم الشعراء ص 192، الكشف والبيان 9/ 131، =
والمَنُونُ يكون بمعنى الدهر ويكون بمعنى المَنِيّةِ.
قال صاحب "إنسان العين"
(1)
: و"أمْ" هاهنا خمسة عشر، وكلها استفهام وإن كان حُكْمُ اللغة كَوْنَ ما بعدها مشكوكًا فيه، لكن أربعة منها للتحقيق: على التوبيخ أو بمعنى "بَلْ"، وهي:{أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ} ، و {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ} ، وقد قالُوهُما، و {أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} ، و {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا} ، وقد فَعَلُوهُما، وسائِرُها للإنْكارِ، والمَنُونُ من المَنِّ وهو القَطْعُ، والمراد به حوادث الدهر وأسباب الموت، نزلت فِي المُقْسِمِينَ.
قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ (44)} ؛ أي: هو سحاب مَرْكُومٌ بَعْضُهُ على بَعْضٍ، و"يَقُولُوا"جزم على جواب الشرط.
قوله: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)} ؛ أي: يَمُوتُونَ، ومن قرأ:"يُصْعَقُونَ"
(2)
بضم الياء فهو من: أصْعَقَهُم اللَّهُ؛ أي: قَتَلَهُمْ أهْلَكَهُمْ
(3)
، وذلك
= المحرر الوجيز 5/ 191، مجمع البيان 2/ 94، عين المعاني ورقة 127/ ب، تفسير القرطبي 3/ 158، 17/ 72، اللسان: ربص، البحر المحيط 8/ 148، الدر المصون 6/ 251، اللباب في علوم الكتاب 18/ 136، الدر المنثور 6/ 120، فتح القدير 1/ 232.
(1)
ينظر: عين المعانِي ورقة 127/ ب.
(2)
قرأ عاصم وابن عامر والحسن وزيد بن عَلِيٍّ والسُّلَمِيُّ، وأهلُ مكة في قول شبل بن عباد:{يُصْعَقُونَ} بالبناء للمفعول، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو جعفر ويعقوب:"يَصْعَقُونَ" بالبناء للفاعل. ينظر: السبعة ص 613، تفسير القرطبي 17/ 77، البحر المحيط 8/ 150، الإتحاف 2/ 498.
(3)
قال الفراء: "والعرب تقول: صُعِقَ الرَّجُلُ وصَعِقَ، وسُعِدَ وسَعِدَ، لغات كلها صَوابٌ". معانِي القرآن 3/ 94، وقال الأزهري:"من قال: صُعِقَ، فهو من: صَعَقَتْهُمْ الصّاعِقةُ، وهم مُصْعَقُونَ، ومن قال: صَعِقَ، فهو فعل لازم". معانِي القراءات 3/ 35، ومعنى هذا أن "يُصْعَقُونَ" مأخوذ من صُعِقَ المبني للمفعول، وأما مَكِّيٌّ فقد جعله من أصْعَقَ كما قال =
اليَوْمَ لا ينفعهم كيدهم ولا يمنعهم من العذاب مانع، وهو قوله:{يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (46)} و {يَوْمَ} نصب على البدل من {يَوْمَهُمُ} ، وهو مفعولٌ، ويجوز أن يكون {يَوْمَ} نصبًا بفعل مضمر تقديره: اذكر يوم لا يغني.
قوله: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} يعني كفار مكة {عَذَابًا} فِي الدنيا {دُونَ ذَلِكَ} قبل عذاب الآخرة، يعني القتل ببدر {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (47)} ما هو نازِلٌ بِهِمْ.
قوله تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} يعني: لِقَضاءِ رَبِّكَ على تكذيب قومك إيّاكَ يا محمد {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} ؛ أي: بحَيْثُ نَراكَ ونَرْعاكَ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} أي: صَلِّ بأمر ربك {حِينَ تَقُومُ (48)} إلى الصلاة المكتوبة، وكان عُمَرُ ابن الخَطّابِ رضي الله عنه يقول في الصلاة: "سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، وتَبارَكَ اسْمُكَ، وتَعالَى جَدُّكَ
(1)
، ولا إلَهَ غَيْرُكَ"
(2)
، وكذلك قال الضَّحّاكُ.
= الجِبْلِي هنا، قال مَكِّيٌّ:"وحجة من فتح أنه جعله مستقبلَ صَعِقَ كعَلِمَ، وحجة من ضَمَّ الياءَ أنه نقله إلى الرباعي، ورَدَّهُ إلى ما لَمْ يُسَمَّ فاعله، فَعَدّاهُ إلى مفعول، وهو الضمير في "يُصْعَقُونَ" يقوم مقام الفاعل، فهو مثل "يُكْرَمُونَ"، ولا يَحْسُنُ أن يكون من صَعِقَ ثم رَدَّهُ إلى ما لَمْ يُسَمَّ فاعله ك"يُضْرَبُونَ"؛ لأنه إذا كان ثلاثيًّا لا يتعدى، والفعل الذي لا يتعدى لا يُرَدُّ إلى ما لَمْ يُسَمَّ فاعله على أن يقوم الفاعل مقام المفعول الذي لَمْ يُسَمَّ فاعله، وقد حَكَى الأخفشُ: صَعِقَ كسَعِدَ لغة مشهورة، فعلى هذا يجوز أن يكون من الثلاثي غيرَ منقول، لغة لا قياس عليها". الكشف عن وجوه القراءات 2/ 292، 293.
(1)
جَدُّ اللَّهِ: عَظَمَتُهُ وجَلَالُهُ.
(2)
رَوَى الإمام أحمد بسنده عن أبِي سعيد الخدري قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل، واسْتَفْتَحَ صَلاتَهُ وَكَبَّرَ، قال:"سبحانك اللهم وبحمدك. . . الحديث". المسند 3/ 50، 69، ورواه الدارمي في سننه 1/ 282 كتاب الصلاة: باب ما يقال بعد افتتاح الصلاة.
وروى مسلمٌ أنّ عُمَرَ كان يجهر بهؤلاء الكلمات. صحيح مسلم 2/ 12 كتاب الصلاة: باب حجة من قال: البسملة آية من كل سورة سوى براءة.
{وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)} قيل: أراد بالليل صلاةَ العِشاءِ، وقيل: صلاة المغرب والعشاء و {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} قيل: أراد رَكْعَتَي الفَجْرِ، وقيل: صلاة الصبح، وهو أوْلَى لأنه فرض من اللَّه تعالى، ودليل القول الأول ما رُوِيَ عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إدْبارُ النُّجُومِ الرَّكْعَتانِ قبل الفجر، وأدْبارُ السُّجُودِ الرَّكْعَتانِ بعد المغرب"
(1)
.
ونصب {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} على الظرف؛ أي: وَسَبِّحْ وَقْتَ إدْبارِ النجوم، كما تقول: أنا آتِيكَ وَقْتَ مَقْدَمِ الحاجِّ، ولا يجوز: أنا آتِيكَ مَقْدَمَ زيدٍ، إنما يجوز هذا فيما عُرِفَ، وهو قول الخليل وسيبويه
(2)
، وباللَّه التوفيق.
* * *
(1)
تقدم تخريجه 3/ 157.
(2)
الكتاب 1/ 222، وينظر ما تقدم 3/ 157.