الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال آخر:
313 -
لَا تَقْطَعَنَّ الصَّدِيقَ ما طَرَفَتْ
…
عَيْناكَ مِنْ قَوْلِ كاشِحٍ أشِرْ
وَلَا تَمَلَّنَّ مِنْ زِيارَتهِ
…
زُرْهُ، وَزُرْهُ، وَزُرْ، وَزُرْ، وَزُرْ
(1)
فَكَرَّرَ اللَّفْظَ فِي بَيْتٍ واحِدٍ مِرارًا تأكيدًا لِفَرْطِ العناية.
فصل
عن جابر رضي الله عنه قال: قرأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على أصحابه سورة الرحمن فَسَكَتُوا، فقال:"لَقَدْ قَرَأْتُها على الجِنِّ لَيْلةَ الجِنِّ، فكانوا أحْسَنَ منكم، كُلَّما أتَيْتُ على قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، قالوا: لا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الحَمْدُ"
(2)
.
قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ} يعني آدم عليه السلام {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14)} تقدم تفسير الصلصال في سورة الحِجْرِ
(3)
، والفَخّارُ هو
(1)
البيتان من المنسرح، لم أقف على قائلهما، وجاء الثاني في الأصل هكذا:"زره وزره وزره وزره وزره"، وهو سهو من الناسخ فيما يبدو.
اللغة: الكاشح: العَدُوُّ المُبْغِضُ الذي يُضْمِرُ لك العداوةَ، ويَطْوِي عليها كَشْحَهُ؛ أي: باطنه.
التخريج: الكشف والبيان 9/ 180، عين المعانِي ورقة 129/ ب، تفسير القرطبي 17/ 160، اللباب في علوم الكتاب 18/ 312.
(2)
رواه الترمذي في سننه 5/ 73 - 74 أبواب تفسير القرآن: سورة الرحمن، والحاكم في المستدرك 2/ 473 كتاب التفسير: سورة الرحمن، وينظر: الوسيط 4/ 219، مجمع الزوائد 7/ 117 كتاب التفسير: سورة الرحمن.
(3)
الآية 26، وهي قوله تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} ، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.
الخَزَفُ الذي طُبخَ في النار، ومعناه: من طِينٍ يابسٍ كالخَزَفِ
(1)
، {وَخَلَقَ الْجَانَّ} يعني أَبا الجِنِّ
(2)
{مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)} وقال أبو عبيدة
(3)
: الجانُّ: واحِدُ الجِنِّ.
والمارِجُ: لَهَبٌ صافٍ لا دُخانَ فيه، وقيل: هو لِسانُ النّارِ الذي يكون في طَرَفِها إذا الْتَهَبَتْ، وهو أحْسَنُها، وقيل: هو ما اخْتَلَطَ بَعْضُهُ في بَعْضٍ من اللهب الأحمر والأخضر والأصفر الذي يَعْلُو النارَ إذا أُوقِدَتْ
(4)
، وهو مأخوذ من قولهم: مَرَجَ الشَّيءُ: إذا اخْتَلَطَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، و"مَرَجَتْ عُهُودُهُمْ وَأماناتُهُمْ"
(5)
.
قوله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17)} قيل
(6)
: إن لِلشَّمْسِ ثَلَاثَمِائةٍ وسِتِّينَ مَطْلِعًا فِي كل سنة، وثَلَاثَمِائةٍ وسِتِّينَ مَغْرِبًا، تَطْلُعُ في كل يوم في مَشْرِقٍ منها، ثم لا تَعُودُ إليه إلى قابِلٍ من ذلك، وتَغْرُبُ في كل يوم في مَغْرِبٍ منها، ثم لا تَعُودُ إليه إلى قابِلٍ من ذلك، وأراد بالمَشْرِقَيْنِ والمَغْرِبَيْنِ هاهنا مَشْرِقَهُما
(1)
قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن 2/ 243، وينظر أيضًا: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص 151، الوسيط للواحدي 4/ 220.
(2)
قاله نشوان الحميري في شمس العلوم 2/ 940.
(3)
لَمْ أقف عليه في مجاز القرآن، وإنما ذكره الثعلبي في الكشف والبيان 9/ 181، وينظر: تفسير القرطبي 17/ 161.
(4)
هذه الأقوال في معنى المارج تنظر في: جامع البيان 27/ 164 - 166، شفاء الصدور ورقة 86/ أ، الكشف والبيان 9/ 181، زاد المسير 8/ 110، الفريد للهمداني 4/ 406، تفسير القرطبي 17/ 61.
(5)
هذا جزء من حديث سبق تخريجه في سورة ق، 3/ 140.
(6)
رواه الطبري عن ابن أبْزَى في جامع البيان 27/ 166، وينظر: شفاء الصدور ورقة 86/ أ.
في الشتاء، ومَشْرِقَهُما في الصيف، ومَغْرِبَهُما في الشتاء ومَغْرِبَهُما في الصيف، قاله ابن عباس
(1)
.
وهو رفع على إضمار مبتدأ، ويجوز أن يكون بَدَلًا من المضمر الذي في "خَلَقَ"، ويجوز الخفض
(2)
بمعنى: فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16) رَبِّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبِّ الْمَغْرِبَيْنِ، ويجوز النصب بمعنى: أعْنِي
(3)
.
قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19)} أراد: في كل عام مَرّةً؛ أي: خَلَطَهُما، وقيل: أرْسَلَهُما، ومنه يقال: أمْرَجْتُ الدّابّةَ: إذا رَعَيْتَها، ومَرَجْتُ دابَّتِي: إذا خَلَّيْتَها تَرْعَى في المَرْجِ
(4)
.
وعَنَى بالبَحْرَيْنِ بَحْرَ فارِسَ والرُّومِ، وأحدهما عَذْبٌ، والآخَرُ مِلْحٌ {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ} يعني حاجِزًا ومانِعًا من اللَّه تعالى {لَا يَبْغِيَانِ (20)}؛ أي: لا يَبْغِي أحَدُهُما على الآخر، فَيُغَيِّرُ هذا طَعْمَ هذا، ولا يَخْتَلِطانِ، {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22)} قرأ أهل المدينة والبصرة:"يُخْرَجُ"
(5)
بضم الياء وفَتْحِ
(1)
ينظر قوله فِي شفاء الصدور ورقة 86/ ب، عين المعانِي ورقة 129/ ب، البحر المحيط 8/ 189.
(2)
وقد قرأ: {رَبِّ الْمَشْرِقَيْنِ} بالخفض أبو حيوة وابنُ أبِي عَبْلةَ وأبو البَرَهْسَمِ، ينظر: الكامل لابن جبارة ورقة 477، شواذ القراءة للكرمانِي ورقة 234، البحر المحيط 8/ 189.
(3)
من أول قوله: "وهو رفع على إضمار مبتدأ. . . " قاله النحاس في إعراب القرآن 4/ 306، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 343.
(4)
قاله أبو عبيدة وابن قتيبة، ينظر: مجاز القرآن 2/ 77، 243، غريب القرآن لابن قتيبة ص 438، وينظر أيضًا: شفاء الصدور ورقة 86/ ب، غريب القرآن للسجستانِي ص 151.
(5)
هذه قراءة نافع وأبي عمرو وأبي جعفر ويعقوب واليَزِيدِيِّ، ورَوَى حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ عن أبِي عمرو:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} ، ينظر: السبعة ص 619، تفسير القرطبي 17/ 163، البحر المحيط 8/ 190، الإتحاف 2/ 510.
الرّاءِ على غير تسمية الفاعل وهو الاختيار، من الإخْراجِ؛ لأنه يُخْرَجُ ولا يَخْرُجُ بِنَفْسِهِ، وقرأ الباقون على الضِّدِّ منهما على الاتِّساعِ، وذلك أنه إذا أُخْرِجَ خَرَجَ
(1)
.
وقوله: "مِنْهُما" يعني: من البَحْرَيْنِ، قال أهل المعانِي: وإنما يُخْرَجُ من أحَدِهِما، وهو الِمْلُح دون العَذْبِ، ولكنَّ اللَّه تعالى ذَكَرَهُما وجَمَعَهُما، وهما بَحْرٌ واحدٌ، فإذا خَرَجَ من أحَدِهِما فقد خَرَجَ منهما، هذا قول الزَّجّاجِ
(2)
.
وقال أبو عَلِيٍّ الفارسيُّ
(3)
: أراد: من أحدهما، فحذف المضاف. وهذا جائز فِي كلام العرب أن يُذْكَرَ شيْئانِ، ثم يُخَصُّ أحَدُهُما بنِعْلٍ دون الآخَرِ، كقوله عز وجل:{يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}
(4)
، والرُّسُلُ من الإنْسِ دون الجِنِّ، وقال تعالى:{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا}
(5)
، وإنما هو في واحِدةٍ من السماوات.
وقوله: {اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} قال الفراء
(6)
: اللُّؤْلُؤُ: ما عَظُمَ من الدُّرِّ، واحدتها لُؤْلُؤ، والمَرْجانُ: ما صَغُرَ. وهذا قول جميع أهل اللغة
(7)
.
(1)
ينظر: معانِي القراءات 3/ 45، الحجة للفارسي 4/ 15، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 301، الوسيط 4/ 220.
(2)
معانِي القرآن وإعرابه 5/ 100.
(3)
قال الفارسي: "وقال: "يَخْرُجُ مِنْهُما"، وإنما يخرج من أحدهما على حذف المضاف، كما قال: {عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} على ذلك". الحجة 4/ 15، وينظر: الإغفال 2/ 211 - 212.
(4)
الأنعام 130.
(5)
نوح 16.
(6)
قال الفراء: "واللُّؤْلُؤُ: العِظامُ، والمَرْجانُ: ما صَغُرَ من اللُّؤْلُؤِ". معانِي القرآن 3/ 115.
(7)
ينظر: مجاز القرآن 2/ 244، غريب القرآن لابن قتيبة ص 438، معانِي القرآن وإعرابه 5/ 100، تهذيب اللغة 11/ 72، الصحاح 1/ 341.
وقرأ أبو بكر بن عَيّاشٍ: "اللُّوْلُؤُ" بترك الهمزة الأولى
(1)
بناءً على أصله، قال جَبَلةُ بن عَدِيٍّ الكِنْدِيُّ الذي يقال له: الذّائِدُ:
314 -
أذُودُ القَوافِيَ عَنِّي ذِيادا
…
ذِيادَ غُلَامٍ يُبَقِّي جِيادا
وَأعْزِلُ مَرجانَها جانِبًا
…
وَآخُذُ مِنْ دُرِّها المُسْتَجادا
(2)
قوله تعالى: {وَلَهُ الْجَوَارِ} يعني السُّفُنَ الجاريةَ في الماء {الْمُنْشَآتُ} أي المرفوعات، والوجه فتح الشين، ومَنْ كَسَرَ
(3)
أراد: المُنْشِئاتُ السَّيْرَ، أي: اللَّاتِي ابْتَدَأتْ وأنْشَأتِ السَّيْرَ {فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24)} ؛ أي: كالجِبالِ، والعَلَمُ: الجَبَلُ الطويل، {الْجَوَارِ} رفع على الخبر لِلَّامِ الزائدة.
(1)
هذه قراءة أبِي بكر بن عَيّاشٍ وأبِي جعفر، وأبِي عمرو بخلاف عنه. ينظر: النشر 1/ 390، 394، الإتحاف 2/ 510.
(2)
البيتان من المتقارب، لامْرِئ القَيْسِ الأكبَرِ بن بكر بن امرئ القيس الكِنْدِيِّ، ونُسِبا لامرئ القيس بن حُجْرٍ، ولَمْ يَنْسُبْهُما لِجَبَلةَ بن عَدِيِّ الكندي إلّا ابنُ الأنباريِّ، فقد قال:"حدثنا أبِي قال: حدثنا أحمدُ عن الهيثم عن الكلبيِّ عن أبِي صالح وعبدِ الوهاب عن مجاهد في قوله: {اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} قال: اللؤلؤ: عِظامُ اللُّؤْلُؤِ، والمَرْجانُ: اللُّؤْلُؤُ الصِّغارُ، قال الكلبي: وهي بِلُغةِ أهل اليمن، وأنشدنِي شِعْرَ جَبَلةَ بن عَدِيٍّ الكِنْدِيِّ الذي يقال له: الذائد أذُودُ القَوافِيَ. . . إلخ". إيضاح الوقف والابتداء ص 74، 75.
التخريج: ديوان امرئ القيس ص 248، إيضاح الوقف والابتداء ص 75، المؤتلف والمختلف ص 10، العمدة 1/ 200، التنبيه والإيضاح 1/ 219، اللسان: مرج، المزهر 2/ 438، التاج: ذود.
(3)
قرأ حمزةُ، وأبو بكر عن عاصمٍ، وابنُ وَثّابٍ والأعمشُ وزيدُ بنُ عَلِيٍّ وطلحةُ:"المُنْشِئاتُ" بكسر الشين، وقرأ الباقون بفتحها. ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 115، السبعة ص 619 - 620، معانِي القراءات 3/ 46، الحجة للفارسي 4/ 15 - 16، الوسيط 4/ 220، البحر المحيط 8/ 191، الإتحاف 2/ 510 - 511.