الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الثَّمَنِ (أَوْ) فِي (عَيْنِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ كَبِعْتَنِي هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَيَقُولُ بَلْ الْعَبْدَ (فَقَوْلُ بَائِعٍ) نَصًّا لِأَنَّهُ كَالْغَارِمِ وَلِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُجُوبِ الثَّمَنِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي التَّعْيِينِ
(وَإِنْ تَشَاحَّا فِي أَيِّهِمَا يُسَلِّمُ قَبْلَ) الْآخَرِ فَقَالَ الْبَائِعُ لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أُسَلَّمَ الثَّمَنَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أُسَلِّمُ الثَّمَنَ حَتَّى أَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ (وَالثَّمَنُ عَيْنٌ) أَيْ مُعَيَّنٌ فِي الْعَقْدِ (نُصِّبَ عَدْلٌ) أَيْ نَصَّبَهُ الْحَاكِمُ لِيَقْطَعَ النِّزَاعَ (يَقْبِضُ مِنْهُمَا) الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ (وَيُسَلِّمُ الْمَبِيعَ) لِمُشْتَرٍ (ثُمَّ) يُسَلِّمُ (الثَّمَنَ) لِبَائِعٍ ; لِأَنَّ قَبْضَ الْمَبِيعِ مِنْ تَتِمَّاتِ الْبَيْعِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَاسْتِحْقَاقُ الثَّمَنِ مُرَتَّبٌ عَلَى تَمَامِ الْبَيْعِ وَلِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (دَيْنًا ثُمَّ أُجْبِرَ بَائِعٌ) عَلَى تَسْلِيمِ مَبِيعٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ مُشْتَرٍ بِعَيْنِهِ (ثُمَّ) أُجْبِرَ (مُشْتَرٍ) عَلَى تَسْلِيمِ ثَمَنٍ (إنْ كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا بِالْمَجْلِسِ) لِوُجُوبِ دَفْعِهِ عَلَيْهِ فَوْرًا لِإِمْكَانِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ عَلَى ثَمَنِهِ (وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ حَالًّا (دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ حُجِرَ عَلَى مُشْتَرٍ فِي مَالِهِ كُلِّهِ) حَتَّى الْمَبِيعِ (حَتَّى يُسَلِّمَهُ) أَيْ الثَّمَنَ خَوْفًا مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ، فَيَضُرُّ بِبَائِعٍ.
(وَإِنْ غَيَّبَهُ) أَيْ غَيَّبَ مُشْتَرٍ مَالَهُ (بِ) بَلَدٍ (بَعِيدٍ) مَسَافَةَ قَصْرٍ (أَوْ كَانَ) مَالُهُ (بِهِ) أَيْ الْبَلَدِ الْبَعِيدِ ابْتِدَاءً (أَوْ ظَهَرَ عُسْرُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (فَلِبَائِعٍ الْفَسْخُ) لِتَعَذُّرِ قَبْضِ الثَّمَنِ عَلَيْهِ (كَمُفْلِسٍ) أَيْ كَمَا لَوْ ظَهَرَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا (وَكَذَا) أَيْ كَبَائِعٍ فِيمَا ذُكِرَ (مُؤَجِّرٌ بِنَقْدٍ حَالٍّ) فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا لَمْ يُطَالَبْ بِهِ حَتَّى يَحِلَّ (وَإِنْ أَحْضَرَ) مُشْتَرٍ (بَعْضَ الثَّمَنِ لَمْ يَمْلِكْ أَخْذَ مَا يُقَابِلُهُ) مِنْ مَبِيعٍ (إنْ نَقَصَ) مَبِيعٌ (بِتَشْقِيصٍ) كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ، وَقُلْنَا: لِبَائِعٍ حَبْسُ مَبِيعِهِ عَلَى ثَمَنِهِ لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ فِيهِ وَلَا يَقْدِرَ عَلَى بَاقِ الثَّمَنِ فَيَتَضَرَّرَ بَائِعٌ بِنَقْصِ مَا بَقِيَ بِيَدِهِ مِنْ مَبِيعٍ (وَلَا يَمْلِكُ بَائِعٌ مُطَالَبَةً بِثَمَنٍ بِذِمَّةٍ) زَمَنَ خِيَارٍ (وَلَا) يَمْلِكُ (أَحَدُهُمَا قَبْضَ مُعَيَّنٍ) مِنْ ثَمَنِ مُثَمَّنٍ (زَمَنَ خِيَارِ شَرْطٍ) أَوْ مَجْلِسٍ (بِغَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ) فِي قَبْضِهِ (مِمَّنْ الْخِيَارُ لَهُ) لِعَدَمِ انْقِطَاعِ تَعَلُّقِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ عَنْهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَى بَائِعٍ تَسْلِيمُ مَبِيعٍ فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ
[فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ]
فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ (وَمَا اُشْتُرِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (بِكَيْلٍ) كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ (أَوْ) اُشْتُرِيَ ب (وَزْنٍ) كَرِطْلٍ مِنْ زُبْرَةِ حَدِيدٍ (أَوْ) اُشْتُرِيَ ب (عَدٍّ) كَبَيْضٍ عَلَى أَنَّهُ مِائَةٌ (أَوْ)
اُشْتُرِيَ ب (ذَرْعٍ) كَثَوْبٍ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ (مُلِكَ) أَيْ الْمَبِيعُ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ فَنَمَاؤُهُ لِمُشْتَرٍ أَمَانَةٌ بِيَدِ بَائِعٍ (وَلَزِمَ) الْبَيْعُ فِيهِ (بِعَقْدٍ) لَا خِيَارَ فِيهِ، كَسَائِرِ الْمَبِيعَاتِ (وَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ وَلَوْ لِبَائِعِهِ، وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) أَيْ أَخَذَ بَدَلِهِ (وَلَا إجَارَتُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ، وَلَا رَهْنُهُ وَلَوْ قَبَضَ ثَمَنَهُ) وَلَوْ لِبَائِعِهِ فَيُهَزُّ (وَلَا حَوَالَةَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) لِحَدِيثِ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ يَشْمَلُ بَيْعَهُ مِنْ بَائِعِهِ وَغَيْرِهِ وَقِيسَ عَلَى الْبَيْعِ مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ بَائِعِهِ فَلَمْ يَجُزْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَالسَّلَمِ.
فَإِنْ بِيعَ مَكِيلٌ وَنَحْوُهُ جُزَافًا كَصُبْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَثَوْبٍ جَازَ تَصَرُّفٌ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ نَصًّا لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ " مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ مَا أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي " وَلِأَنَّ التَّعَيُّنَ كَالْقَبْضِ. (تَنْبِيهٌ) مَعْنَى الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ هُنَا: تَوْكِيلُ الْغَرِيمِ فِي قَبْضِهِ لِنَفْسِهِ نَظِيرَ مِثْلِهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ. زَادَ فِي الْإِقْنَاعِ وَلَا حَوَالَةَ بِهِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ (وَيَصِحُّ) قَبْضُ مَبِيعٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ (جُزَافًا، إنْ عَلِمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (قَدْرَهُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَلِأَنَّهُ مَعَ عِلْمِ قَدْرِهِ كَالصُّبْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ.
(وَ) يَصِحُّ (عِتْقُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ بَعْدُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِقُوَّتِهِ وَسِرَايَتِهِ.
(وَ) يَصِحُّ جَعْلُهُ أَيْ الْمَبِيعِ بِنَحْوِ كَيْلٍ (مَهْرًا وَ) يَصِحُّ (خُلْعٌ عَلَيْهِ وَوَصِيَّةٌ بِهِ) لِاغْتِفَارِ الْغَرَرِ فِيهِمَا (وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ) أَيْ الْبَيْعُ (فِيمَا) أَيْ مَبِيعٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ (تَلِفَ بِآفَةٍ) قَبْلَ قَبْضِهِ ; لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ بَائِعِهِ (وَيُخَيَّرُ مُشْتَرٍ إنْ بَقِيَ) مِنْهُ (شَيْءٌ) بَيْنَ أَخْذِهِ بِقِسْطِهِ وَرَدِّهِ (كَمَا) يُخَيَّرُ (لَوْ تَعَيَّبَ بِلَا فِعْلِ) آدَمِيٍّ (وَلَا أَرْشَ) لَهُ إنْ أَخَذَهُ مَعِيبًا ; لِأَنَّهُ حَيْثُ أَخَذَهُ مِنْهُ مُعَيَّنًا فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مَعِيبًا. ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَفِي شَرْحِهِ وَفِيهِ مَا ذَكَرْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
(وَ) إنْ تَلِفَ مَبِيعٌ بِنَحْوِ كَيْلٍ أَوْ عَيْبٍ قَبْلَ قَبْضِهِ (بِإِتْلَافٍ وَمُشْتَرٍ تَعَيَّبَهُ) لَهُ فَ (لَا خِيَارَ) لَهُ ; لِأَنَّ إتْلَافَهُ كَقَبْضِهِ وَإِذَا عَيَّبَهُ فَقَدْ عَيَّبَ مَالَ نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِأَرْشِهِ عَلَى غَيْرِهِ.
(وَ) إنْ تَلِفَ أَوْ تَعَيَّبَ (بِفِعْلِ بَائِعٍ أَوْ) بِفِعْلِ (أَجْنَبِيٍّ) غَيْرِ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ (يُخَيَّرُ مُشْتَرٍ بَيْنَ فَسْخِ) بَيْعٍ، وَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعٍ بِمَا أَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ ; لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ إلَى قَبْضِهِ.
(وَ) بَيْنَ (إمْضَاءِ) بَيْعٍ (وَطَلَبِ) مُتْلِفٍ (بِمِثْلِ مِثْلِيٍّ أَوْ قِيمَةِ مُتَقَوِّمٍ مَعَ تَلَفٍ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِتْلَافِ أ (وَ) إمْضَاءٍ وَمُطَالَبَةِ مَعِيبِهِ (بِ) أَرْشِ (نَقْصٍ مَعَ تَعَيُّبٍ) أَيْ فِي
مَسْأَلَةِ التَّعَيُّبِ لِتَعَدِّيهِمَا عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ، بِخِلَافِ تَلَفِهِ بِفِعْلِهِ تَعَالَى ; لِأَنَّهُ لَا مُقْتَضَى لِلضَّمَانِ سِوَى حُكْمِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ إتْلَافِ الْآدَمِيِّ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الضَّمَانَ بِالْبَدَلِ إنْ أَمْضَى الْعَقْدَ وَحُكْمُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي الضَّمَانَ بِالثَّمَنِ إنْ فُسِخَ فَكَانَتْ الْخِيَرَةُ لِلْمُشْتَرِي بَيْنَهُمَا.
(وَالتَّالِفُ) قَبْلَ قَبْضِهِ بِآفَةٍ مِمَّا ذُكِرَ كُلَّ الْمَبِيعِ كَانَ أَوْ بَعْضَهُ (مِنْ مَالِ بَائِعٍ) أَيْ ضَمَانُهُ لِحَدِيثِ " نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ " قَالَ الْأَثْرَمُ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْهُ؟ قَالَ هَذَا فِي الطَّعَامِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ، فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، لَكِنْ إنْ عَرَضَهُ بَائِعٌ عَلَى مُشْتَرٍ فَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ بَرِئَ مِنْهُ، كَمَا فِي الْكَافِي فِي الْإِجَارَةِ.
(فَلَوْ بِيعَ أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ مَا) أَيْ مَبِيعٌ اُشْتُرِيَ بِكَيْلٍ (وَنَحْوِهِ) كَمَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ أَوْ مَذْرُوعٍ بِأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا أَوْ شِقْصًا مَشْفُوعًا بِنَحْوِ صُبْرَةِ بُرٍّ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ، ثُمَّ بَاعَ الْعَبْدَ أَوْ أَخَذَ الشِّقْصَ بِشُفْعَةٍ (ثُمَّ تَلِفَ الثَّمَنُ) وَهُوَ الصُّبْرَةُ بِآفَةٍ (قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ) الْوَاقِعُ بِالصُّبْرَةِ، لِتَلَفِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ مُثَمَّنًا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّانِي الْوَاقِعِ عَلَى الْعَبْدِ ثَانِيًا، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِتَمَامِهِ قَبْلَ فَسْخِ الْأَوَّلِ (وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ) لِلْعَبْدِ أَوْ الشِّقْصِ بِالصُّبْرَةِ (لِلْبَائِعِ) لَهُمَا (قِيمَةَ الْمَبِيعِ) أَيْ الْعَبْدِ أَوْ الشِّقْصِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا أَوْ أَحْبَلَ أَمَةً اشْتَرَاهَا بِذَلِكَ ثُمَّ تَلِفَ (وَأَخَذَ) الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ (مِنْ الشَّفِيعِ مِثْلَ الطَّعَامِ) ; لِأَنَّهُ ثَمَنُ الشِّقْصِ وَمِنْ مُشْتَرِي الْعَبْدِ مِنْهُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُهُ
(وَلَوْ خُلِطَ) مَبِيعٌ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ قَبْلَ قَبْضٍ (بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ) كَبُرٍّ بِبُرٍّ، وَزَيْتٍ بِمِثْلِهِ (لَمْ يَنْفَسِخْ) الْبَيْعُ بِالْخَلْطِ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ (وَهُمَا) أَيْ الْمُشْتَرِي وَمَالِكُ الْآخَرِ (شَرِيكَانِ) بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا فِيهِ (وَلِمُشْتَرٍ الْخِيَارُ) لِعَيْبِ الشَّرِكَةِ (وَمَا عَدَا ذَلِكَ) أَيْ مَا اشْتَرَى بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ كَعَبْدٍ وَدَارٍ وَمَكِيلٍ وَنَحْوِهِ بِيعَ جُزَافًا (يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «كُنَّا نَبِيعُ الْإِبِلَ بِالنَّقِيعِ بِالدَّرَاهِمِ فَنَأْخُذُ عَنْهَا الدَّنَانِيرَ وَبِالْعَكْسِ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تُؤْخَذَ بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَتَفَرَّقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ (إلَّا الْمَبِيعَ بِصِفَةٍ) وَلَوْ مُعَيَّنًا (أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ) فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ.
(وَ) مَا عَدَا ذَلِكَ (مِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ) وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ لِحَدِيثِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» . وَهَذَا الْمَبِيعُ رِبْحُهُ لِلْمُشْتَرِي فَضَمَانُهُ عَلَيْهِ (إلَّا إنْ مَنَعَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (بَائِعٌ) مِنْ قَبْضِهِ وَلَوْ لِقَبْضِ ثَمَنِهِ،
فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ ; لِأَنَّهُ كَغَاصِبٍ (أَوْ كَانَ) الْمَبِيعُ (ثَمَرًا عَلَى شَجَرٍ) عَلَى مَا يَأْتِي (أَوْ) كَانَ مَبِيعًا (بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ ف) تَلَفُهُ (مِنْ) ضَمَانِ (بَائِعٍ) لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى بِنَحْوِ كَيْلٍ (وَمَا لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ مُشْتَرٍ فِيهِ) كَمَبِيعٍ بِنَحْوِ كَيْلٍ أَوْ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ (يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ) بِآفَةٍ (قَبْلَ قَبْضِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ تَلِفَ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ فَعَلَى مَا سَبَقَ (وَثَمَنٌ لَيْسَ فِي ذِمَّتِهِ) مِنْ ثَمَنٍ وَهُوَ الْمُعَيَّنُ (كَمُثَمَّنٍ) فِي حُكْمِهِ السَّابِقِ.
فَلَوْ اشْتَرَى شَاةً بِشَعِيرٍ فَأَكَلَتْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ بَائِعٍ فَكَقَبْضِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ مُشْتَرٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ خُيِّرَ بَائِعٌ كَمَا مَرَّ (وَمَا فِي الذِّمَّةِ) مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ (لَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ) إنْ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ غَيْرُ سَلَمٍ وَيَأْتِي (لِاسْتِقْرَارِهِ) فِي ذِمَّتِهِ (وَحُكْمُ كُلِّ عِوَضٍ مُلِكَ بِعَقْدٍ) مَوْصُوفٍ بِأَنَّهُ (يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ) أَيْ الْعِوَضِ (قَبْلَ قَبْضِهِ كَأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ) فِي إجَارَةٍ (وَعِوَضٍ) مُعَيَّنٍ (فِي صُلْحٍ بِمَعْنَى بَيْعٍ) وَتَقَدَّمَ (وَنَحْوِهِمَا) كَعِوَضٍ مُعَيَّنٍ شُرِطَ فِي هِبَةٍ (حُكْمُ عِوَضٍ فِي بَيْعٍ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ) إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ وَلَمْ يَكُنْ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ (وَ) فِي (مَنْعِهِ) أَيْ التَّصَرُّفِ فِيمَا يَحْتَاجُ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ أَوْ كَانَ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ.
(وَكَذَا) حُكْمُ (مَا) أَيْ عِوَضٍ (لَا يَنْفَسِخُ) عَقْدُهُ (بِهَلَاكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَعِوَضِ خُلْعٍ وَعِتْقٍ وَ) ك (مَهْرٍ وَمُصَالَحٍ بِهِ عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَنَحْوِهِ) كَعِوَضِ طَلَاقٍ فِي جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَمَنَعَهُ إلْحَاقًا لَهُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ (لَكِنْ يَجِبُ) عَلَى الْبَاذِلِ، إنْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَإِلَّا فَعَلَى مُتْلِفِهِ (بِتَلَفِهِ) أَيْ الْعِوَضُ الَّذِي لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ (مِثْلُهُ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (أَوْ قِيمَتُهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا لِبَقَاءِ الْعَقْدِ وَتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ (وَلَوْ تَعَيَّنَ مِلْكُهُ) أَيْ الْجَائِزِ التَّصَرُّفِ (فِي مَوْرُوثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَنِيمَةٍ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) لِتَمَامِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ تَوَهُّمِ غَرَرِ الْفَسْخِ فِيهِ.
(وَكَذَا وَدِيعَةٌ وَمَالُ شَرِكَةٍ وَعَارِيَّةٍ) فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهَا قَبْلَ قَبْضِهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَمَا) أَيْ مَبِيعٌ (قَبَضَهُ) بِمَجْلِسِ عَقْدِهِ (شَرْطٌ ل) بَقَاءِ (صِحَّةِ عَقْدِهِ كَصَرْفٍ وَ) رَأْسِ مَالِ (سَلَمٍ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) ; لِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ تَامٍّ أَشْبَهَ مِلْكَ غَيْرِهِ.
(وَ) يَحْرُمُ وَ (لَا يَصِحُّ تَصَرُّفٌ فِي مَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ) ; لِأَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ بِهِ (وَيَضْمَنُ هُوَ) أَيْ الْمَبِيعَ الْمَقْبُوضَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَمَغْصُوبٍ.
(وَ) يَضْمَنُ (زِيَادَتَهُ) مِنْ وَلَدٍ وَثَمَرَةٍ وَكَسْبٍ وَغَيْرِهَا (كَمَغْصُوبٍ لِحُصُولِهِ بِيَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرْعِ) أَشْبَهَ الْمَغْصُوبَ، وَعَلَيْهِ