الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلُزُومِ الْوَقْفِ إخْرَاجُ الْمَوْقُوفِ عَنْ يَدِهِ]
(فَصْلٌ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلُزُومِهِ) أَيْ الْوَقْفِ (إخْرَاجُهُ) أَيْ الْمَوْقُوفِ (عَنْ يَدِهِ) نَصًّا. لِحَدِيثِ عُمَرَ. فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّ وَقْفَهُ كَانَ بِيَدِهِ إلَى أَنْ مَاتَ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ تَبَرُّعٌ يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ. فَلَزِمَ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ كَالْعِتْقِ، وَالْهِبَةُ تَمْلِيكٌ مُطْلَقٌ. وَالْوَقْفُ تَحْبِيسُ الْأَصْلِ وَتَسْبِيلُ الثَّمَرَةِ. فَهُوَ بِالْعِتْقِ أَشْبَهُ. فَإِلْحَاقُهُ بِهِ أَوْلَى. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ إخْرَاجَهُ عَنْ يَدِهِ لَيْسَ شَرْطًا لِصِحَّتِهِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَسَاجِدُ وَالْقَنَاطِرُ وَالْآبَارُ وَنَحْوُهَا تَكْفِي التَّخْلِيَةُ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي التَّسْلِيمَ إلَى الْمُعَيَّنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، إذَا قِيلَ بِالِانْتِقَالِ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَإِلَى النَّاظِرِ أَوْ الْحَاكِمِ
(وَلَا) يُشْتَرَطُ (فِيمَا) وُقِفَ (عَلَى) شَخْصٍ (مُعَيَّنٍ قَبُولُهُ) لِلْوَقْفِ. لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ وَالْمِيرَاثَ. أَشْبَهَ الْعِتْقَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَبَيْنَ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُعَيَّنِ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ مَنْ يَأْتِي مِنْ الْبُطُونِ. فَالْوَقْفُ عَلَى جَمِيعِهِمْ إلَّا أَنَّهُ مُرَتَّبٌ، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ قَبُولٌ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَلَا يَبْطُلُ بِرَدِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا يَقِفُ عَلَى قَبُولِهِ، بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ لِمُعَيَّنٍ وَالْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ قَبُولٌ مِنْ بَابِ أَوْلَى
(وَلَا يَبْطُلُ) وَقْفٌ عَلَى مُعَيَّنٍ (بِرَدِّهِ) لِلْوَقْفِ، فَقَبُولُهُ وَرَدُّهُ وَعَدَمُهُمَا سَوَاءٌ
(وَيَتَعَيَّنُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ) مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ لَهُ، لِأَنَّ تَعْيِينَهُ لَهَا صَرْفٌ لَهَا عَمَّا سِوَاهَا (فَلَوْ سَبَّلَ مَاءً لِلشُّرْبِ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ) وَلَا الْغُسْلُ وَنَحْوُهُ وَكَذَا عَكْسُهُ. لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ اتِّبَاعُ تَعْيِينِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ فِي الْفَرَسِ الْحَبِيسِ: لَا يُعِيرُهُ وَلَا يُؤَجِّرُهُ إلَّا لِنَفْعِ الْفَرَسِ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْكَبَهُ فِي حَاجَتِهِ إلَّا لِتَأْدِيبِهِ وَجَمَالٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَرِفْعَةً لَهُمْ. أَوْ غَيْظِهِ لِلْعَدُوِّ. وَيَجُوزُ رُكُوبُهُ لِعَلَفِهِ وَسَقْيِهِ. وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ حُصْرِ الْمَسْجِدِ وَلَا بُسُطِهِ لِمُنْتَظِرِ جِنَازَةٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) وَقْفُ (مُنْقَطِعِ الِابْتِدَاءِ) فَقَطْ كَوَقْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى عَبْدِهِ ثُمَّ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ (يُصْرَفُ فِي
الْحَالِ إلَى مَنْ بَعْدَهُ) فَيُصْرَفُ لِوَالِدِهِ فِي الْحَالِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ وُجُودَ مَنْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَعَدَمِهِ (وَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ) كَوَقْفِهِ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَبْدِهِ ثُمَّ الْمَسَاكِينِ يُصْرَفُ بَعْدَ انْقِطَاعِ مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ (إلَى مَنْ بَعْدَهُ) فِي الْمِثَالِ بَعْدَ زَيْدٍ لِلْمَسَاكِينِ، لِأَنَّا لَمَّا صَحَّحْنَا الْوَقْفَ مَعَ ذِكْرِ مَنْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَقَدْ أَلْغَيْنَاهُ لِتَعَذُّرِ التَّصْحِيحِ مَعَ اعْتِبَارِهِ (وَ) يَنْصَرِفُ مُنْقَطِعٌ (لِآخَرَ) كَعَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو، ثُمَّ عُبَيْدٍ، أَوْ الْكَنِيسَةِ (بَعْدَ مَنْ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ) إلَى وَرَثَتِهِ حِينَ الِانْقِطَاعِ نَسَبًا عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمْ وَقْفًا وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ.
(وَ) يَصْرِفُ (مَا وَقَفَهُ وَسَكَتَ) بِأَنْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ وَقْفٌ وَلَمْ يُسَمِّ مَصْرِفًا (إلَى وَرَثَتِهِ) لِأَنَّ مُقْتَضَى الْوَقْفِ التَّأْبِيدُ، فَيُحْمَلُ عَلَى مُقْتَضَاهُ. وَلَا يَضُرُّ تَرْكُهُ ذِكْرَ مَصْرِفِهِ. لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ إذَا كَانَ لَهُ عُرْفٌ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَيْهِ. وَعُرْفُ الْمَصْرِفِ هُنَا أَوْلَى الْجِهَاتِ بِهِ، وَوَرَثَتُهُ أَحَقُّ النَّاسِ بِبِرِّهِ. فَكَأَنَّهُ عَيَّنَهُمْ لِصَرْفِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ جِهَةً بَاطِلَةً كَالْكَنِيسَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا جِهَةً صَحِيحَةً فَإِنَّ الْإِطْلَاقَ يُفِيدُ مَصْرِفَ الْبِرِّ لِخُلُوِّ اللَّفْظِ عَنْ الْمَانِعِ مِنْهُ بِخِلَافِ تَعْيِينِهَا (نَسَبًا) لَا وَلَاءً وَلَا نِكَاحًا (عَلَى قَدْرِ إرْثِهِمْ) مِنْ الْوَاقِفِ (وَقْفًا) عَلَيْهِمْ. فَلَا يَمْلِكُونَ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي رَقَبَتِهِ. وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَصْرِفًا، خِلَافًا لِمَا فِي الْإِقْنَاعِ (وَيَقَعُ الْحَجْبُ بَيْنَهُمْ) أَيْ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ فِيهِ (كَ) وُقُوعِهِ فِي (إرْثٍ) قَالَهُ الْقَاضِي، فَلِلْبِنْتِ مَعَ الِابْنِ الثُّلُثُ وَلَهُ الْبَاقِي، وَلِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ السُّدُسُ وَلَهُ مَا بَقِيَ. وَإِنْ كَانَ جَدٌّ وَأَخٌ قَاسَمَهُ. وَإِنْ كَانَ أَخٌ وَعَمٌّ انْفَرَدَ بِهِ الْأَخُ وَإِنْ كَانَ عَمٌّ وَابْنُ عَمٍّ انْفَرَدَ بِهِ الْعَمُّ (فَإِنْ عَدِمُوا) أَيْ وَرَثَةُ الْوَاقِفِ نَسَبًا (فَ) هُوَ (لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) وَقْفًا عَلَيْهِمْ. لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْوَقْفِ الثَّوَابُ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الدَّوَامِ. وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْأَقَارِبُ عَلَى الْمَسَاكِينِ لِكَوْنِهِمْ أَوْلَى. فَإِذَا لَمْ يَكُونُوا فَالْمَسَاكِينُ أَهْلٌ لِذَلِكَ (وَنَصُّهُ) أَيْ الْإِمَامِ أَحْمَدُ يُصْرَفُ (فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) فَيَرْجِعُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ
(وَمَتَى انْقَطَعَتْ الْجِهَةُ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا (وَالْوَاقِفُ حَيٌّ رَجَعَ إلَيْهِ وَقْفًا) أَيْ مَتَى قُلْنَا يَرْجِعُ إلَى أَقَارِبِ الْوَاقِفِ وَقْفًا وَكَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا رَجَعَ إلَيْهِ وَقْفًا. وَكَذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَنْسَالِهِمْ أَبَدًا عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ رَجَعَ نَصِيبُهُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ، فَتُوُفِّيَ أَحَدُ أَوْلَادِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، وَالْأَبُ الْوَاقِفُ حَيٌّ، رَجَعَ إلَيْهِ نَصِيبُهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ (وَيَعْمَلُ فِي) وَقْفٍ (صَحِيحٍ وَسَطٍ فَقَطْ)
أَيْ دُونَ الِابْتِدَاءِ وَالْآخَرِ. كَمَا لَوْ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى عَبِيدِهِ ثُمَّ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ الْكَنِيسَةِ (بِالِاعْتِبَارَيْنِ) فَيُصْرَفُ فِي الْحَالِ لِزَيْدٍ وَبَعْدَهُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ نَسَبًا لِمَا تَقَدَّمَ
(وَيَمْلِكُهُ) أَيْ الْوَقْفَ (مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ) إذَا كَانَ مُعَيَّنًا لِأَنَّ الْوَقْفَ سَبَبُ نَقْلِ الْمِلْكِ عَنْ الْوَاقِفِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْمَالِيَّةِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْتَقِلَ الْمِلْكُ إلَيْهِ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ. وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ تَمْلِيكًا لِلْمَنْفَعَةِ الْمُجَرَّدَةِ لَمَا كَانَ لَازِمًا وَلَمَا زَالَ مِلْكُ الْوَاقِفِ عَنْهُ، كَالْعَارِيَّةِ. وَيُفَارِقُ الْعِتْقَ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ الْمَعْتُوقُ عَنْ الْمَالِيَّةِ وَامْتِنَاعُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّقَبَةِ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ كَأُمِّ الْوَلَدِ (فَيَنْظُرُ فِيهِ) أَيْ الْوَقْفِ (هُوَ) أَيْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا (أَوْ وَلِيُّهُ) إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ كَالطَّلْقِ (وَيَتَمَلَّكُ) مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ مُعَيَّنٌ أَرْضًا غُصِبَتْ وَزُرِعَتْ (زَرْعَ غَاصِبٍ) بِنَفَقَتِهِ، وَهِيَ مِثْلُ بَذْرِهِ وَعِوَضُ لَوَاحِقِهِ كَمَالِكِ الْأَرْضِ الطَّلْقِ
(وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ (أَرْشُ خَطَئِهِ) أَيْ الْمَوْقُوفِ إنْ كَانَ قِنًّا فَجَنَى كَمَا يَلْزَمُ سَيِّدَ الْأَمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ فِدَاؤُهَا فَيَفْدِيهِ بِأَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ أَوْ قِيمَتِهِ وَكَذَا لَوْ جَنَى عَمْدًا يُوجِبُ الْمَالَ أَوْ عَفَا وَلِيُّ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ.
(وَ) يَلْزَمُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ (فِطْرَتُهُ) أَيْ الْقِنِّ الْمَوْقُوفِ. وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِخِدْمَةِ الْوَقْفِ فَإِنَّ الْفِطْرَةَ تَجِبُ قَوْلًا وَاحِدًا لِتَمَامِ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي
(وَ) يَلْزَمُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ (زَكَاتُهُ) لَوْ كَانَ إبِلًا أَوْ بَقَرًا أَوْ غَنَمًا سَائِمَةً، وَيُخْرِجُ مِنْ غَيْرِهَا وَتَقَدَّمَ. وَاخْتَارَ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ لَا يَجِبُ زَكَاتُهُ لِضَعْفِ الْمِلْكِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي غَلَّةِ شَجَرٍ وَأَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى مُعَيَّنٍ بِشَرْطِهِ، وَيَخْرُجُ مِنْ عَيْنِ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ
(وَيُقْطَعُ سَارِقُهُ) أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنٍ
(وَلَا يَتَزَوَّجُ) مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ أَمَةً (مَوْقُوفَةً عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يُجَامِعُ النِّكَاحَ. فَإِنْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ لِلْمِلْكِ (وَلَا يَطَؤُهَا) أَيْ الْأَمَةَ الْمَوْقُوفَةَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَهَا نَاقِصٌ وَلَا يُؤْمَنُ حَمْلُهَا، فَتَنْقُصُ أَوْ تَتْلَفُ وَتَخْرُجُ عَنْ الْوَقْفِ بِأَنْ تَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ (وَلَهُ) أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (تَزْوِيجُهَا) لِمِلْكِهِ لَهَا (إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ) أَيْ يَشْتَرِطْهُ وَاقِفٌ (لِغَيْرِهِ) وَيَجِبُ بِطَلَبِهَا.
(وَ) لِمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ الْأَمَةُ (أَخْذُ مَهْرِهَا) إنْ زَوَّجَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (وَلَوْ) كَانَ الْمَهْرُ (لِوَطْءِ شُبْهَةٍ) لِأَنَّهُ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ يَسْتَحِقُّهَا كَالْأُجْرَةِ وَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ وَالثَّمَرَةِ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَاطِئُ الْوَاقِفُ أَوْ غَيْرُهُ. وَهَذِهِ كُلُّهَا فَوَائِدُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ، وَكَذَا النَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَتَأْتِي
(وَوَلَدُهَا) أَيْ الْمَوْقُوفَةِ (مِنْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ حُرٌّ) وَلَوْ كَانَ الْوَاطِئُ رَقِيقًا إنْ
اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ بِمَنْ وَلَدَهُ مِنْهَا حُرٌّ، لِاعْتِقَادِهِ حُرِّيَّتَهُ (وَعَلَى وَاطِئٍ قِيمَتُهُ) أَيْ الْوَلَدِ لِتَفْوِيتِهِ رِقَّةً بِاعْتِقَادِهِ حُرِّيَّتَهُ يَوْمَ وَضْعِهِ حَيًّا (تُصْرَفُ) قِيمَتُهُ (فِي) شِرَاءِ (مِثْلِهِ) يَكُونُ وَقْفًا مَكَانَهُ.
(وَ) وَلَدُهَا (مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا وَقْفٌ) تَبَعًا لِأُمِّهِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَكَكَسْبِهَا. وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي شَرْحِهِ صِحَّةُ اشْتِرَاطِ الزَّوْجِ حُرِّيَّتَهُ. وَفِيهِ هُنَا نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ عِتْقَهُ بِالتَّصْرِيحِ فَلَا يَمْلِكُ شَرْطَهُ
(وَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ) عَلَى مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ (بِوَطْئِهِ) أَمَّا انْتِفَاءُ الْحَدِّ فَلِلشُّبْهَةِ. وَأَمَّا الْمَهْرُ فَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَكَانَ لَهُ، وَلَا يَجِبُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ (وَوَلَدُهُ) أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْقُوفَةِ (حُرٌّ) لِلشُّبْهَةِ (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) أَيْ الْوَلَدِ يَوْمَ وَضْعِهِ حَيًّا لِتَفْوِيتِهِ رِقَّهُ عَلَى مَنْ يَئُولُ إلَيْهِ الْوَقْفُ بَعْدَهُ (تُصْرَفُ فِي مِثْلِهِ) لِأَنَّهَا بَدَلُهُ
(وَتُعْتَقُ) الْمُسْتَوْلَدَةُ مِمَّنْ هِيَ وَقْفٌ عَلَيْهِ (بِمَوْتِهِ) لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ لِوِلَادَتِهَا مِنْهُ وَهُوَ مَالِكُهَا (وَتَجِبُ قِيمَتُهَا فِي تَرِكَتِهِ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا عَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْبُطُونِ (يَشْتَرِي بِهَا) أَيْ بِقِيمَتِهَا مِثْلَهَا.
(وَ) يَشْتَرِي (بِقِيمَةٍ وَجَبَتْ بِتَلَفِهَا أَوْ) تَلَفِ (بَعْضِهَا مِثْلُهَا) يَكُونُ وَقْفًا مَكَانَهَا (أَوْ) يُشْتَرَى بِذَلِكَ (شِقْصٌ) مِنْ أَمَةٍ إنْ تَعَذَّرَ شِرَاءُ أَمَةٍ كَامِلَةٍ (يَصِيرُ) مَا يَشْتَرِي بِالْقِيمَةِ أَوْ بَعْضِهَا (وَقْفًا بِالشِّرَاءِ) لِيَنْجَبِرَ عَلَى الْبَطْنِ الثَّانِي مَا فَاتَهُمْ
(وَلَا يَصِحُّ عِتْقُ) رَقِيقٍ مَوْقُوفٍ يُحَالُ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ مَنْ يَئُولُ إلَيْهِ الْوَقْفُ بِهِ، وَلِأَنَّ الْوَقْفَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ وَفِي الْقَوْلِ بِنُفُوذِ عِتْقِهِ إبْطَالٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ غَيْرَ مَوْقُوفٍ فَأَعْتَقَهُ مَالِكُهُ صَحَّ فِيهِ وَلَمْ يَسْرِ إلَى الْبَعْضِ الْمَوْقُوفِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ بِالْمُبَاشَرَةِ فَلِئَلَّا يُعْتَقَ بِالسِّرِّ أَوْلَى
(وَإِنْ قُطِعَ) جُزْءٌ مِنْ رَقِيقٍ مَوْقُوفٍ عُدْوَانًا (فَلَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (الْقَوَدُ) لِأَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ (وَإِنْ عَفَا) أَيْ الرَّقِيقُ الْمَقْطُوعُ عَنْ النُّقُودِ أَوْ كَانَ الْقَطْعُ لَا يُوجِبُ قَوَدًا (فَأَرْشُهُ) يُصْرَفُ (فِي مِثْلِهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا اُشْتُرِيَ بِهِ شِقْصٌ مِنْ مِثْلِهِ، لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ بَعْضِ الْوَقْفِ. فَوَجَبَ أَنْ يُرَدَّ فِي مِثْلِهِ
(وَإِنْ قُتِلَ) رَقِيقٌ مَوْقُوفٌ (وَلَوْ) كَانَ قَتْلُهُ (عَمْدًا) مَحْضًا مِنْ مُكَافِئٍ لَهُ (فَ) الْوَاجِبُ بِذَلِكَ (قِيمَتُهُ) دُونَ الْقِصَاصِ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ قَاتِلِهِ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ
(وَلَا يَصِحُّ عَفْوُ) الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (عَنْهَا) أَيْ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ يَمْلِكُهُ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْبَطْنِ الثَّانِي بِهِ تَعَلُّقًا لَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ وَلَا يُعْلَمُ قَدْرُ مَا يَسْتَحِقُّ هَذَا مِنْهُ فَيَعْفُو عَنْهُ
(وَ) إنْ قُتِلَ الْمَوْقُوفُ (قَوَدًا) بِأَنْ قَتَلَ مُكَافِئًا لَهُ عَمْدًا فَقَتَلَهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ قِصَاصًا (بَطَلَ الْوَقْفُ) كَمَا لَوْ