الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَارِهِ (وَكَمَيْلِ) حَائِطِهِ إلَى غَيْرِ مِلْكِهِ (شَقَّهُ عَرْضًا) لِأَنَّهُ يَخْشَى وُقُوعَهُ كَالْمَائِلِ (لَا) شَقَّهُ (طُولًا) مَعَ اسْتِقَامَتِهِ فَلَا أَثَرَ لَهُ (وَأَبَى) رَبُّهُ (هَدْمَهُ حَتَّى أَتْلَفَ شَيْئًا) بِسُقُوطِهِ عَلَيْهِ (لَمْ يَضْمَنْهُ) نَصًّا، وَلَوْ طُولِبَ بِنَقْضِهِ وَأَمْكَنَهُ، لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، لِأَنَّهُ بَنَاهُ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ بِفِعْلِهِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُطَالَبْ بِنَقْضِهِ أَوْ لَمْ يَمِلْ. وَإِنْ بَنَاهُ ابْتِدَاءً مَائِلًا أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُطَالَبْ بِنَقْضِهِ.
[فَصْلٌ لَا يَضْمَنُ رَبُّ بَهَائِمَ غَيْرِ ضَارِيَةٍ مَا أَتْلَفَتْهُ]
(فَصْلٌ وَلَا يَضْمَنُ رَبُّ) بَهَائِمَ (غَيْرِ ضَارِيَةٍ) أَيْ: مَعْرُوفَةٍ بِالصَّوْلِ (وَ) غَيْرِ (جَوَارِحَ وَشِبْهِهَا مَا أَتْلَفَتْهُ) إنْ لَمْ تَكُنْ يَدُهُ عَلَيْهَا (وَلَوْ) كَانَ الْمُتْلَفُ (صَيْدًا بِالْحَرَمِ) لِحَدِيثِ " «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ يَعْنِي هَدَرًا. فَإِنْ كَانَتْ ضَارِيَةً أَوْ مِنْ الْجَوَارِحِ وَشِبْهِهَا ضَمِنَ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِإِمْسَاكِهَا أَيْ: الضَّارِيَةِ: ضَمِنَهُ إنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا.
وَفِي الِانْتِصَارِ الْبَهِيمَةُ الصَّائِلَةُ يَلْزَمُ مَالِكَهَا وَغَيْرَهُ إتْلَافُهَا.
(وَيَضْمَنُ رَاكِبٌ وَسَائِقٌ وَقَائِدٌ) لِدَابَّةٍ مَالِكًا كَانَ أَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا أَوْ مُوصًى لَهُ بِنَفْعِهَا (قَادِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهَا جِنَايَةَ يَدِهَا وَفَمِهَا وَوَلَدِهَا وَوَطْءٍ بِرِجْلِهَا) ; لِحَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا: " «مَنْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي سَابِلَةٍ مِنْ سُبُلِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ فَأَوْطَأَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَهُوَ ضَامِنٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلِأَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ إلَى مَنْ هِيَ مَعَهُ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ حِفْظُهَا، وَ (لَا) يَضْمَنُ (مَا نَفَحَتْ بِهَا) أَيْ بِرِجْلِهَا بِلَا سَبَبٍ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "«الرِّجْلُ جُبَارٌ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَخَصَّ بِالنَّفْحِ دُونَ الْوَطْءِ لِإِمْكَانِ مَنْ بِيَدِهِ الدَّابَّةُ أَنْ يُجَنِّبَهَا وَطْءَ مَا لَا يُرِيدُ أَنْ تَطَأَهُ لِتَصَرُّفِهِ فِيهَا بِخِلَافِ نَفْحِهَا فَلَا يُمْكِنُهُ مَنْعُهَا مِنْهُ (مَا لَمْ يَكْبَحْهَا) أَيْ يَجْذِبْهَا بِاللِّجَامِ (زِيَادَةً عَلَى الْعَادَةِ أَوْ يَضْرِبْ وَجْهَهَا) فَيَضْمَنُ مَا نَفَحَتْهُ بِرِجْلِهَا ; لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِي جِنَايَتِهَا (وَلَا) يَضْمَنُ مَنْ بِيَدِهِ دَابَّةٌ (جِنَايَةَ ذَنَبِهَا) ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ (وَيَضْمَنُ) جِنَايَتَهَا (مَعَ سَبَبٍ كَنَخْسٍ وَتَنْفِيرٍ فَاعِلُهُ) لِوُجُودِ السَّبَبِ مِنْهُ دُونَ رَاكِبٍ وَسَائِقٍ وَقَائِدٍ.
(وَإِنْ تَعَدَّدَ رَاكِبُ) دَابَّةٍ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهَا اثْنَانِ فَأَكْثَرُ (ضَمِنَ الْأَوَّلُ) مَا يَضْمَنُهُ الْمُنْفَرِدُ ; لِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا وَالْقَادِرُ عَلَى كَفِّهَا (أَوْ) أَيْ: وَيَضْمَنُ (مَنْ خَلْفَهُ إنْ انْفَرَدَ بِتَدْبِيرِهَا لِصِغَرِ الْأَوَّلِ أَوْ مَرَضِهِ وَنَحْوِهِمَا) كَعَمَاهُ (وَإِنْ اشْتَرَكَا) أَيْ: الرَّاكِبَانِ (فِي تَدْبِيرِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ) مَعَهَا (إلَّا سَائِقٌ وَقَائِدٌ اشْتَرَكَا
فِي الضَّمَانِ) ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ لَضَمِنَ فَإِذَا اجْتَمَعَا ضَمِنَا (، وَيُشَارِكُ رَاكِبٌ مَعَهَا) أَيْ: السَّائِقِ وَالْقَائِدِ كُلًّا مِنْهُمَا (أَوْ) أَيْ: وَيُشَارِكُ رَاكِبٌ (مَعَ أَحَدِهِمَا) مِنْ سَائِقٍ أَوْ قَائِدٍ فِي ضَمَانِ جِنَايَةِ الدَّابَّةِ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ لَوْ انْفَرَدَ مَعَ الدَّابَّةِ انْفَرَدَ بِالضَّمَانِ. فَكَذَا إذَا اجْتَمَعَ مَعَ غَيْرِهِ (وَإِبِلٌ) مُقْطَرَةٌ كَوَاحِدَةٍ (وَبِغَالٌ مُقْطَرَةٌ كَوَاحِدَةٍ عَلَى قَائِدِهَا الضَّمَانُ) لِجِنَايَةِ كُلٍّ مِنْ الْقِطَارِ. لِأَنَّ الْجَمِيعِ يَسِيرُ بِسَيْرِ الْأَوَّلِ، وَيَقِفُ بِوُقُوفِهِ وَيَطَأُ بِوَطْئِهِ، وَبِذَلِكَ يُمْكِنُهُ حِفْظُ الْجَمِيعِ عَنْ الْجِنَايَةِ (وَيُشَارِكُهُ) أَيْ: الْقَائِدَ فِي ضَمَانٍ (سَائِقٌ فِي أَوَّلِهَا) أَيْ: الْمُقْطَرَةِ (فِي) جِنَايَةِ (جَمِيعِهَا وَ) يُشَارِكُهُ سَائِقٌ (فِي آخِرِهَا فِي) جِنَايَةٍ (الْأَخِيرِ فَقَطْ وَ) يُشَارِكُهُ سَائِقٌ (فِيمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ: الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ (فِيمَا بَاشَرَ سَوْقَهُ. وَ) فِ (مَا بَعْدَهُ) دُونَ مَا قَبْلَهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَائِقٍ لَهُ وَلَا تَابِعٍ لِمَا يَسُوقُهُ، فَانْفَرَدَ بِهِ الْقَائِدُ، (وَإِنْ انْفَرَدَ رَاكِبٌ عَلَى أَوَّلِ قِطَارٍ ضَمِنَ) جِنَايَةَ (الْجَمِيعِ) ; لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْقَائِدِ لِمَا بَعْدَ الْمَرْكُوبِ، وَالْكُلُّ يَسِيرُ بِسَيْرِهِ وَيَطَأُ بِوَطْئِهِ، فَأَمْكَنَ حِفْظُهُ عَنْ الْجِنَايَةِ. وَإِنْ رَكِبَ أَوْ سَاقَ غَيْرُ الْأَوَّلِ، وَانْفَرَدَ ضَمِنَ جِنَايَةَ مَا رَكِبَهُ أَوْ سَاقَهُ وَمَا بَعْدَهُ، لَا مَا قَبْلَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّاكِبُ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ مَالِكًا أَوْ أَجِيرًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا، أَوْ مُسْتَعِيرًا، أَوْ مُوصًى لَهُ بِنَفْعِهَا، وَلَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ مِمَّنْ هُنَّ بِيَدِهِ وَأَفْسَدَتْ فَلَا ضَمَانَ نَصًّا. فَلَوْ اسْتَقْبَلَهَا إنْسَان فَرَدَّهَا، فَقِيَاسُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ الضَّمَانُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ:
(وَيَضْمَنُ رَبُّهَا) أَيْ: الدَّابَّةِ (وَمُسْتَعِيرٌ وَمُسْتَأْجِرٌ وَمُودِعٌ مَا أَفْسَدَتْ مِنْ زَرْعٍ وَشَجَرٍ وَغَيْرِهِمَا) كَثَوْبٍ خَرَقَتْهُ أَوْ مَضَغَتْهُ فَنَقَصَ، أَوْ وَطِئَتْ عَلَيْهِ وَنَحْوَهُ (لَيْلًا) فَقَطْ نَصًّا. لِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حِزَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَيِّصَةُ " «أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ. فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَمَا أَفْسَدَتْ بِاللَّيْلِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمْ» " قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ مَشْهُورٌ. وَهَذَا حَدَّثَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الثِّقَاتُ وَتَلَقَّاهُ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ بِالْقَبُولِ، وَلِأَنَّ عَادَةَ أَهْلِ الْمَوَاشِي إرْسَالُهَا لِلرَّعْيِ وَحِفْظُهَا لَيْلًا وَعَادَةَ أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظُهَا نَهَارًا (إنْ فَرَّطَ) مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ فِي حِفْظِهَا بِأَنْ لَمْ يَضْمَنْهَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الْخُرُوجُ. فَإِنْ فَعَلَ فَأَخْرَجَهَا غَيْرُهُ أَوْ فَتَحَ عَلَيْهَا بَابَهَا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ دُونَ مَالِكِهَا لِتَسَبُّبِهِ. وَ (لَا) يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْ (نَهَارًا) لِلْخَبَرِ. وَلِأَنَّ التَّفْرِيطَ مِنْ جِهَةِ رَبِّهِ بِتَرْكِهِ الْحِفْظَ فِي عَادَتِهِ وَقَدْ فَرَّقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَقَضَى عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْحِفْظِ فِي وَقْتِ عَادَتِهِ. وَقَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ بِمَا إذَا لَمْ تُرْسَلْ