الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51]
(وَلَا لِعَبْدٍ جَمْعُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ) أَيْ زَوْجَتَيْنِ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّاسَ كَمْ يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ اثْنَتَيْنِ وَطَلَاقُهُ اثْنَتَيْنِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَلَمْ يُنْكِرْ وَهُوَ يَخُصُّ عُمُومَ الْآيَةِ مَعَ أَنَّ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْأَحْرَارِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] وَلِأَنَّ مَبْنَى النِّكَاحِ عَلَى التَّفْضِيلِ وَلِهَذَا فَارَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ أُمَّتَهُ
(وَلِمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ فَأَكْثَرُ جَمْعُ ثَلَاثِ) زَوْجَاتٍ نَصًّا ثِنْتَيْنِ بِنِصْفِهِ الْحُرِّ وَوَاحِدَةً بِنِصْفِهِ الرَّقِيقِ فَإِنْ كَانَ دُونَ نِصْفِهِ حُرٌّ فَلَهُ نِكَاحُ اثْنَتَيْنِ فَقَطْ
(وَمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِهَايَةِ جَمْعِهِ) كَحُرٍّ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ عَبْدٍ وَاحِدَةً مِنْ ثِنْتَيْنِ (حَرُمَ) عَلَيْهِ (تَزَوُّجُهُ بَدَلَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) نَصًّا، لِأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ إذْ الْعِدَّةُ أَثَرُ النِّكَاحِ فَلَوْ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا لَكَانَ جَامِعًا بَيْنَ أَكْثَرَ مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ (بِخِلَافِ مَوْتِهَا) أَيْ وَاحِدَةٍ مِنْ نِهَايَةِ جَمْعِهِ فَلَهُ نِكَاحُ غَيْرِهَا فِي الْحَالِ نَصًّا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِنِكَاحِهَا أَثَرٌ
. (فَإِنْ قَالَ) مُطَلِّقُ وَاحِدَةٍ مِنْ نِهَايَةِ جَمْعِهِ عَنْهَا (أَخْبَرَتْنِي بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَكَذَّبَتْهُ) وَأَمْكَنَ انْقِضَاؤُهَا (فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَنِكَاحُ بَدَلِهَا) لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا فِي هَذِهِ الدَّعْوَى بَلْ الْحَقُّ لَلَّهُ تَعَالَى فَنَدِينَهُ فِيهِ وَنُصَدِّقُهُ، وَلِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ فِي ذَلِكَ بِإِرَادَةِ مَنْعِهِ نِكَاحَ غَيْرِهَا (وَتَسْقُطُ الرَّجْعَةُ) فَلَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَ (لَا) تَسْقُطُ عَنْهُ (السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ) لَهَا إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً مَعَ تَكْذِيبِهَا لَهُ فِي أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ; لِأَنَّهُمَا حَقٌّ لَهَا عَلَيْهِ يَدَّعِي سُقُوطَهُ وَهِيَ مُنْكِرَةٌ لَهُ وَالْأَصْلُ مَعَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِيهِ دُونَهُ.
(وَ) لَا يَسْقُطُ (نَسَبُ الْوَلَدِ) إذَا أَتَتْ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ لِمُدَّةٍ يَلْحَقُ فِيهَا عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ إقْرَارُهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْقُرُوءِ ثُمَّ تَأْتِي بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَهَا ; لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يُقْبَلُ عَلَيْهَا.
[فَصْلٌ الْمُحْرِمَات فِي النِّكَاح لِعَارِضٍ يَزُولُ]
فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ إلَى أَمَدٍ الْمُحَرَّمَاتِ (لِعَارِضٍ يَزُولُ فَتَحْرُمُ) عَلَيْهِ (زَوْجَةُ غَيْرِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] .
(وَ) تَحْرِيمُ (مُعْتَدَّتِهِ) أَيْ غَيْرِهِ
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} [البقرة: 235] .
(وَ) تَحْرُمُ عَلَيْهِ (مُسْتَبْرَأَةٌ مِنْهُ) أَيْ غَيْرِهِ ; لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَيُفْضِي تَزَوُّجُهَا إلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ وَاشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْعِدَّةُ أَوْ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ وَطْءٍ مُبَاحٍ أَوْ مُحَرَّمٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ ; لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا.
(وَ) تَحْرِيمُ (زَانِيَةٍ عَلَى زَانٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى تَتُوبَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] لَفْظُهُ لَفْظُ الْخَبَرِ، وَالْمُرَادُ النَّهْيُ وَقَوْلُهُ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ} [المائدة: 5] أَيْ الْعَفَائِفُ فَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْعَفِيفَةِ لَا تُبَاحُ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ كَانَ يَحْمِلُ الْأُسَارَى بِمَكَّةَ وَكَانَ بِمَكَّةَ بَغِيٌّ يُقَالُ لَهَا عَنَاقٌ وَكَانَتْ صَدِيقَتَهُ قَالَ فَجِئْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنْكِحُ عَنَاقًا؟ قَالَ فَسَكَتَ عَنِّي فَنَزَلَتْ {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3] فَدَعَانِي فَقَرَأَهَا عَلَيَّ وَقَالَ: تَنْكِحُهَا؟» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. وَتَوْبَةُ الزَّانِيَةِ (بِأَنْ تُرَاوَدَ عَلَى الزِّنَا فَتَمْتَنِعَ) نَصًّا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنْ تَابَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّتْ لِزَانٍ كَغَيْرِهِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَابْنُهُ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَعَائِشَةَ لَا تَحِلُّ لِزَانٍ بِحَالٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا قَبْلَ التَّوْبَةِ أَوْ الِاسْتِبْرَاءِ فَهُوَ كَقَوْلِنَا.
(وَ) تَحْرُمُ عَلَيْهِ (مُطَلَّقَتُهُ ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَ) حَتَّى (تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُمَا) أَيْ الزَّانِيَةُ وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا مِنْ زَوْجٍ نَكَحَتْهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وَالْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ هُنَا الْوَطْءُ، «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِامْرَأَةِ رِفَاعَةَ لَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَرْجِعَ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَتْ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ: لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ»
وَعِدَّةُ زَانِيَةٍ مِنْ فَرَاغِ وَطْءٍ كَمَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ حَمْلِهَا مِنْ زِنًا إنْ كَانَ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ
(وَ) تَحْرُمُ (مُحْرِمَةٌ حَتَّى تَحِلَّ) مِنْ إحْرَامِهَا، لِحَدِيثِ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطُبُ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ، وَلَمْ يَذْكُرْ التِّرْمِذِيُّ الْخِطْبَةَ وَلِأَنَّهُ عَارَضَ مَنْعَ الْخَطِيبِ فَمَنْعُ النِّكَاحِ كَالْعِدَّةِ
(وَ) تَحْرُمُ (مُسْلِمَةٌ عَلَى كَافِرٍ حَتَّى يُسْلِمَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221] وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ} [الممتحنة: 10]
(وَ) تَحْرُمُ (عَلَى مُسْلِمٍ وَلَوْ عَبْدًا كَافِرَةٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] "
وَقَوْلِهِ: {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] وَقَوْلِهِ: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10](غَيْرُ حُرَّةٍ كِتَابِيَّةٍ) وَلَوْ حَرْبِيَّةً (أَبَوَاهَا كِتَابِيَّانِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ مَنْ دَانَ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ خَاصَّةً.
(وَلَوْ) كَانَ أَبَوَاهَا (مِنْ بَنِي تَغْلِبَ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ) مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ وَيَهُودِهِمْ (حَتَّى تُسْلِمَ) الْكَافِرَةُ فَتَحِلَّ بَعْدَ إسْلَامِهَا لِلْمُسْلِمِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ حِلِّ الْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِهَا لِمُسْلِمٍ وَلَوْ اخْتَارَتْ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَكَذَا لَوْ تَوَلَّدَتْ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيَّةٍ تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ وَكَذَا الدُّرُوزُ وَنَحْوُهُمْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبَائِحُهُمْ.
(وَمُنِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ) إكْرَامًا لَهُ (كَ) مَا مُنِعَ مِنْ نِكَاحِ (أَمَةٍ مُطْلَقًا) أَيْ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ يُبَاحُ لَهُ مِلْكُ الْيَمِينِ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ مُشْرِكَةً وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ قَالَهُ فِي شَرْحِهِ (وَلِكِتَابِيٍّ نِكَاحُ مَجُوسِيَّةٍ و) لَهُ (وَطْؤُهَا بِمَلْكِ يَمِينٍ) قِيَاسًا عَلَى الْمُسْلِمِ يَنْكِحُ الْكِتَابِيَّةَ وَيَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَ (لَا) يَحِلُّ نِكَاحُ (مَجُوسِيٍّ لِكِتَابِيَّةٍ) نَصًّا ; لِأَنَّهَا أَعْلَى مِنْهُ.
(وَلَا يَحِلُّ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ نِكَاحُ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَنَتَ الْعُزُوبِيَّةِ لِحَاجَةِ الْمُتْعَةِ أَوْ) حَاجَةِ (خِدْمَةِ) امْرَأَةٍ لَهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا نَصًّا، وَأَدْخَلَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا الْخَصِيَّ وَالْمَجْبُوبَ إذَا كَانَ لَهُ شَهْوَةٌ يَخَافُ مَعَهَا مِنْ التَّلَذُّذِ بِالْمُبَاشَرَةِ حَرَامًا وَهُوَ عَادِمٌ الطَّوْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَالْمُوَفَّقِ وَغَيْرِهِمَا (وَلَوْ) كَانَ خَوْفُ عَنَتِ الْعُزُوبِيَّةِ (مَعَ صِغَرِ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ أَوْ غَيْبَتِهَا أَوْ مَرَضِهَا) أَيْ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ نَصًّا.
(وَلَا يَجِدُ طَوْلًا) أَيْ مَالًا (حَاضِرًا يَكْفِي لِنِكَاحِ حُرَّةٍ وَلَوْ) كَانَتْ الْحُرَّةُ (كِتَابِيَّةً لَا غَائِبًا وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِتَأْخِيرِ صَدَاقِهَا أَوْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ تَفْوِيضِ بُضْعِهَا أَوْ وُهِبَ لَهُ فَتَحِلُّ) لَهُ الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ خَوْفَ الْعَنَتِ وَعَدَمِ الطَّوْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} [النساء: 25]- إلَى قَوْلِهِ - {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25] وَالصَّبْرُ عَنْ إنْكَاحِهَا مَعَ الشَّرْطَيْنِ أَوْلَى، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [النساء: 25] وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي وُجُودِ الشَّرْطَيْنِ. وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ فَادَّعَى أَنَّهُ وَدِيعَةٌ أَوْ مُضَارَبَةٌ فَإِنْ عُدِمَ أَحَدُ الشَّرْطَيْنِ أَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ كَافِرَةً وَلَوْ كِتَابِيَّةً لَمْ تَحِلَّ لِلْمُسْلِمِ لِلْآيَةِ قَالَ فِي الشَّرْحِ: أَوْ وَجَدَ مَالًا وَلَمْ يُزَوَّجْ لِقُصُورِ نَسَبِهِ فَلَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ أَيْ مَعَ خَوْفِ الْعَنَتِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَطِيعِ الطَّوْلِ إلَى
حُرَّةٍ تُعِفُّهُ فَأَشْبَهَ مَنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا انْتَهَى.
وَكَذَا لَوْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُزَوِّجُهُ حُرَّةً إلَّا بِزِيَادَةٍ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا تَجْحَفُ بِمَالِهِ (وَلَوْ قَدَرَ) عَادِمُ الطَّوْلِ خَائِفُ الْعَنَتِ (عَلَى ثَمَنِ أَمَةٍ) قَدَّمَهُ فِي التَّنْقِيحِ، ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ لَا وَلَوْ كِتَابِيَّةً وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ وَهُوَ أَظْهَرُ انْتَهَى، وَمِمَّنْ اخْتَارَ الْقَوْلَ الثَّانِي الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمَجْدُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهُ فِي الْإِقْنَاعِ.
(وَلَا يَبْطُلُ نِكَاحُهَا) أَيْ الْأَمَةِ إذَا تَزَوَّجَهَا بِالشَّرْطَيْنِ (إنْ أَيْسَرَ) فَمَلَكَ مَا يَكْفِيهِ لِنِكَاحِ حُرَّةٍ وَلَوْ نَكَحَ حُرَّةً عَلَيْهَا أَوْ زَالَ خَوْفُ الْعَنَتِ وَنَحْوُهُ) كَمَا لَوْ نَكَحَ أَمَةً لِحَاجَةِ خِدْمَةٍ لِمَرَضٍ فَعُوفِيَ مِنْهُ أَوْ غَيْبَةِ زَوْجَتِهِ فَقَدِمَتْ ; لِأَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ لِابْتِدَاءِ النِّكَاحِ لَا لِاسْتِدَامَتِهِ وَهِيَ تُخَالِفُ ابْتِدَاءَهُ إذْ الرِّدَّةُ وَالْعِدَّةُ وَأَمْنُ الْعَنَتِ يَمْنَعْنَ ابْتِدَاءَهُ دُونَ اسْتِدَامَتِهِ، وَقَالَ عَلِيٌّ: إذَا تَزَوَّجَ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ قَسَمَ لَيْلَتَيْنِ وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةٌ (وَلَهُ) أَيْ لِمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً بِشَرْطِهِ (إنْ لَمْ تُعِفُّهُ) الْأَمَةُ (نِكَاحُ أَمَةٍ أُخْرَى) عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يُعِفَّاهُ فَلَهُ نِكَاحُ ثَالِثَةٍ وَهَكَذَا (إلَى أَنْ يَصِرْنَ أَرْبَعًا) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} [النساء: 25] إلَى آخِرِهِ.
(وَكَذَا) لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةً (عَلَى حُرَّةٍ لَمْ تُعِفَّهُ) الْحُرَّةُ (بِشَرْطِهِ) بِأَنْ لَا يَجِدَ طَوْلًا لِنِكَاحِ حُرَّةٍ، لِعُمُومِ الْآيَةِ.
قَالَ أَحْمَدُ إذَا لَمْ يَصْبِرْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ تُعِفُّهُ فَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ أَمَةٍ، أُخْرَى وَإِنْ نَكَحَ أَمَتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَهُوَ يَسْتَعِفُّ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَنِكَاحُهُمَا بَاطِلٌ لِبُطْلَانِهِ فِي إحْدَاهُمَا وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا) بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى فَبَطَلَ فِيهِمَا كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ (وَكِتَابِيٌّ حُرٌّ فِي ذَلِكَ) أَيْ نِكَاحِ الْأَمَةِ (كَمُسْلِمٍ) فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِالشَّرْطَيْنِ وَكَوْنِهَا كِتَابِيَّةً
. (وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ أَمَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) مَعَ أَنَّ فِيهِ شُبْهَةً تُسْقِطُ الْحَدَّ لَكِنْ لَا تُجْعَلُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدِهِ. ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ وَحَقُّ الزَّوْجِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِي الْمَنْكُوحَةِ (وَلَا تَصِيرُ) أَمَةٌ مَنْكُوحَةٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (إنْ وَلَدَتْ أُمَّ وَلَدٍ) لِأَنَّهُ مِنْ زَوْجٍ وَلَوْ كَانَ يَمْلِكُهَا أَوْ شَيْئًا مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ (وَلَا يَكُونُ وَلَدُ الْأَمَةِ) مِنْ زَوْجِهَا (حُرًّا) إنْ لَمْ يَكُنْ ذَا رَحِمِ مَحْرَمٍ لِسَيِّدِهَا (إلَّا بِاشْتِرَاطِ) الزَّوْجِ حُرِّيَّتَهُ فَإِنْ اشْتَرَطَهَا فَحُرٌّ. لِحَدِيثِ «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» وَلِقَوْلِ عُمَرَ مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ ; لِأَنَّهُ
شَرْطٌ لَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ فَلَزِمَ كَشَرْطِ سَيِّدهَا زِيَادَةَ مَهْرِهَا، وَمَنْ نَكَحَ أَمَةً ثُمَّ ادَّعَى فَقْدَ أَحَدِ الشَّرْطَيْنِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى بَعْدَ الدُّخُولِ مُطْلَقًا وَنِصْفُهُ قَبْلَهُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ سَيِّدُهَا
(وَ) يُبَاحُ (لِقِنٍّ وَمُدَبَّرٍ وَمُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ نِكَاحُ أَمَةٍ وَلَوْ) كَانَتْ (لِابْنِهِ) الْحُرِّ ; لِأَنَّ الرِّقَّ قَطَعَ وِلَايَةَ وَالِدِهِ عَنْهُ وَعَنْ مَالِهِ وَلِهَذَا لَا يَلِي مَالَهُ وَلَا نِكَاحَهُ وَلَا يَرِثُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ مِنْهُ (حَتَّى) لَوْ تَزَوَّجَهَا (عَلَى حُرَّةٍ) إنْ قُلْنَا الْكَفَاءَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ.
(وَ) لِلْعَبْدِ (جَمْعٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ (فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ ; لِأَنَّهُ إذَا جَازَ إفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَالْأَمَتَيْنِ وَ (لَا) يُبَاحُ لِلْعَبْدِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ (نِكَاحُ سَيِّدَتِهِ) وَلَوْ مَلَكَتْ بَعْضَهُ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا ; لِأَنَّ أَحْكَامَ الْمِلْكِ وَالنِّكَاحِ تَتَنَاقَصُ إذْ مِلْكُهَا إيَّاهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ نَفَقَتِهِ عَلَيْهَا وَأَنْ يَكُونَ بِحُكْمِهَا وَنِكَاحُهُ إيَّاهَا يَقْتَضِي عَكْسَ ذَلِكَ، وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ (أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ الْعَبْدِ يَنْكِحُ سَيِّدَتَهُ فَقَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَنَحْنُ بِالْجَابِيَةِ وَقَدْ نَكَحَتْ عَبْدَهَا فَانْتَهَرَهَا عُمَرُ وَهَمَّ أَنْ يَرْجُمَهَا وَقَالَ لَا يَحِلُّ لَك) .
(وَ) يُبَاحُ (لِأَمَةٍ نِكَاحُ عَبْدٍ وَلَوْ) كَانَ الْعَبْدُ (لِابْنِهَا) لَقَطَعَ رِقُّهَا التَّوَارُثَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ابْنِهَا فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ مِنْهَا
و (لَا) يَصِحُّ (أَنْ تَتَزَوَّجَ) أَمَةٌ (بِسَيِّدِهَا) لِأَنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ يُفِيدُ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَإِبَاحَةَ الْبُضْعِ فَلَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَقْدٌ أَضْعَفُ مِنْهُ
(وَلَا) يُبَاحُ (لِحُرٍّ أَوْ حُرَّةٍ نِكَاحُ أَمَةِ أَوْ عَبْدِ وَلَدِهِمَا) أَيْ لَيْسَ لِلْحُرِّ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ وَلَا لِلْحُرَّةِ نِكَاحُ عَبْدِ وَلَدِهَا لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا مَلَكَ وَلَدُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ (وَإِنْ مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الزَّوْجَ الْآخَرَ أَوْ) بَعْضَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ لِتَنَافِي أَحْكَامِ الْمِلْكِ وَالنِّكَاحِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا (أَوْ) مَلَكَ (وَلَدُهُ الْحُرُّ) أَيْ وَلَدُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الزَّوْجَ الْآخَرَ أَوْ بَعْضَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ ; لِأَنَّ مِلْكَ وَلَدِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ كَمِلْكِ أَصْلِهِ فِي إسْقَاطِ الْحَدِّ فَكَانَ كَمِلْكِهِ فِي إسْقَاطِ النِّكَاحِ (أَوْ) مَلَكَ (مُكَاتَبُهُ) أَيْ مُكَاتَبُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ.
(أَوْ) مَلَكَ (مُكَاتَبَ وَلَدِهِ) أَيْ وَلَدِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (الزَّوْجَ الْآخَرَ أَوْ) مَلَكَ (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ الزَّوْجِ الْآخَرِ (انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِمَا سَبَقَ فَلَوْ بَعَثَتْ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ حَرُمْتُ عَلَيْكَ وَنَكَحْتُ غَيْرَكَ وَعَلَيْكَ نَفَقَتِي وَنَفَقَةُ زَوْجِي فَقَدْ مَلَكَتْ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ ابْنَ عَمِّهَا وَهَذَا الْفَسْخُ لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ فَلَوْ أَعْتَقَتْهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ