الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَالصَّلَاحُ فِيمَا يَظْهَرُ) مِنْ الثَّمَرَةِ (فَمًا وَاحِدًا كَبَلَحٍ وَعِنَبٍ طَيِّبٍ أَكْلُهُ وَظُهُورِ نُضْجِهِ) لِحَدِيثِ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَطِيبَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَ) الصَّلَاحُ (فِيمَا يَظْهَرُ فَمَا بَعْدَ فَمٍ كَقِثَّاءٍ أَنْ تُؤْكَلَ عَادَةً) كَالثَّمَرِ (وَ) الصَّلَاحُ (فِي حَبٍّ أَنْ يَشْتَدَّ أَوْ يَبْيَضَّ) ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ اشْتِدَادَهُ غَايَةً لِصِحَّةِ بَيْعِهِ كَبُدُوِّ صَلَاحِ ثَمَرٍ (وَشَمِلَ بَيْعَ دَابَّةٍ) كَفَرَسٍ (عِذَارًا) أَيْ لِجَامًا (وَمِقْوَدًا) بِكَسْرِ الْمِيمِ (وَنَعْلًا) لِتَبَعِيَّتِهِ لَهَا عُرْفًا (وَ) يَشْمَلُ بَيْعُ (قِنٍّ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (لِبَاسًا مُعْتَادًا) عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مِمَّا تَتَعَلَّقُ بِهِ حَاجَةُ الْمَبِيعِ وَمَصْلَحَتُهُ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِبَيْعِهِ مَعَهُ
(وَلَا يَأْخُذُ مُشْتَرٍ مَا لِجَمَالٍ) مِنْ لِبَاسٍ وَحُلِيٍّ ; لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ حَاجَةُ الْمَبِيعِ وَإِنَّمَا يُلْبِسُهُ إيَّاهُ لِيُنْفِقَهُ بِهِ، وَهَذِهِ حَاجَةُ الْبَائِعِ لَا حَاجَةُ الْمَبِيعِ (وَ) لَا يَشْمَلُ الْبَيْعُ (مَالًا مَعَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (أَوْ بَعْضَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْضَ مَا لِجَمَالٍ وَبَعْضَ الْمَالِ (إلَّا بِشَرْطٍ) بِأَنْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ أَوْ بَعْضَهُ فِي الْعَقْدِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ (ثُمَّ إنْ قَصَدَ) مَا اشْتَرَطَ وَلَا يَتَنَاوَلُهُ بَيْعٌ لَوْلَا الشَّرْطُ بِأَنْ لَمْ يُرِدْ تَرْكَهُ لِلْقِنِّ (اشْتَرَطَ لَهُ شُرُوطَ الْبَيْعِ) مِنْ الْعِلْمِ بِهِ وَإِنْ لَا يُشَارِكَ الثَّمَنَ فِي عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ وَنَحْوِهِ، كَمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الْعَيْنَيْنِ الْمَبِيعَيْنِ ; لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مَقْصُودٌ أَشْبَهَ مَا لَوْ ضَمَّ إلَى الْقِنُّ عَيْنًا أُخْرَى وَبَاعَهُمَا (وَإِلَّا) يُقْصَدْ مَالُ الْقِنِّ أَوْ ثِيَابُ جَمَالِهِ أَوْ حُلِيُّهُ (فَلَا) يُشْتَرَطُ لَهُ شُرُوطُ بَيْعٍ لِدُخُولِهِ تَبَعًا غَيْرَ مَقْصُودٍ أَشْبَهَ أَسَاسَاتِ الْحِيطَانِ وَتَمْوِيهَ سَقْفٍ بِذَهَبٍ وَسَوَاءٌ قُلْنَا الْقِنُّ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ أَوْ لَا، وَمَتَى رُدَّ الْقِنُّ الْمَشْرُوطُ مَالُهُ لِنَحْوِ عَيْبٍ رُدَّ مَالُهُ مَعَهُ ; لِأَنَّ قِيمَتَهُ تَكْثُرُ بِهِ وَتَنْقُصُ مَعَ أَخْذِهِ، فَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُ حَتَّى يَدْفَعَ مَا يُزِيلُ نَقْصَهُ فَإِنْ تَلِفَ مَالُهُ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ فَكَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ مُشْتَرٍ
[بَاب السَّلَمِ]
ِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالسَّلَفُ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَهُمَا لُغَةً شَيْءٌ وَاحِدٌ، سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ بِالْمَجْلِسِ وَسَلَفًا لِتَقْدِيمِهِ وَيُقَالُ السَّلَفُ لِلْقَرْضِ وَالسَّلَمُ شَرْعًا (عَقْدٌ عَلَى) مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ (مَوْصُوفٌ) بِمَا يَضْبِطُهُ (فِي ذِمَّةٍ) وَهِيَ وَصْفٌ يَصِيرُ بِهِ الْمُكَلَّفُ أَهْلًا لِلْإِلْزَامِ وَالِالْتِزَامِ (مُؤَجَّلٌ) أَيْ الْمَوْصُوفُ (بِثَمَنٍ) مُتَعَلِّقٍ بِ " عَقْدِ "(مَقْبُوضِ) ذَلِكَ
الثَّمَنُ (بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ) .
وَهُوَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى {إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] رَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَدْ أَجَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَأَذِنَ فِيهِ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ» وَهَذَا اللَّفْظُ يَصْلُحُ لِلسَّلَمِ وَيَشْمَلُهُ بِعُمُومِهِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِأَنَّ الْمُثَمَّنَ أَحَدُ عِوَضَيْ الْبَيْعِ فَجَازَ أَنْ يَثْبُتَ فِي الذِّمَّةِ كَالثَّمَنِ وَلِحَاجَةِ النَّاس إلَيْهِ (وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (بِلَفْظِهِ) كَ أَسْلَمْتُك هَذَا الدِّينَارَ فِي كَذَا مِنْ الْقَمْحِ.
(وَ) يَصِحُّ (بِلَفْظِ سَلَفٍ) ك أَسْلَفْتُكَ كَذَا فِي كَذَا ; لِأَنَّهُمَا حَقِيقَةٌ فِيهِ ; لِأَنَّهُمَا لِلْبَيْعِ الَّذِي عُجِّلَ ثَمَنُهُ وَأُجِّلَ مُثَمَّنُهُ.
(وَ) يَصِحُّ بِلَفْظِ (بَيْعٍ) وَكُلُّ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ (وَهُوَ) أَيْ السَّلَمُ (نَوْعٌ مِنْهُ) أَيْ الْبَيْعِ ; لِأَنَّهُ بَيْعٌ إلَى أَجَلٍ فَشَمَلَهُ اسْمُهُ
(بِشُرُوطٍ) - مُتَعَلِّقٌ ب " يَصِحُّ " - سَبْعَةٍ (أَحَدُهَا) كَوْنُ مُسْلَمٍ فِيهِ مِمَّا يُمْكِنُ (انْضِبَاطُ صِفَاتِهِ) ; لِأَنَّ مَا لَا تَنْضَبِطُ صِفَاتُهُ يَخْتَلِفُ كَثِيرًا فَيُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَالْمُشَاقَّةِ وَعَدَمُهَا مَطْلُوبٌ شَرْعًا (كَمَوْزُونٍ) مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَصُوفٍ وَإِبْرَيْسَمٍ وَشَهْدٍ وَقُنَّبٍ وَكِبْرِيتٍ وَنَحْوِهَا (وَلَوْ) كَانَ الْمَوْزُونُ (شَحْمًا) نِيئًا قِيلَ لِأَحْمَدَ: إنَّهُ يَخْتَلِفُ؟ قَالَ كُلُّ سَلَفٍ يَخْتَلِفُ (وَلَحْمًا نِيئًا وَلَوْ مَعَ عَظْمِهِ) ; لِأَنَّهُ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ (إنْ عُيِّنَ مَحِلٌّ يُقْطَعُ مِنْهُ) كَظَهْرٍ وَفَخِذٍ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي مَطْبُوخٍ وَمَشْوِيٍّ وَلَا فِي لَحْمٍ بِعَظْمِهِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَحِلَّ قَطْعٍ لِاخْتِلَافِهِ (وَ) ك (مَكِيلٍ) مِنْ حَبٍّ وَتَمْرٍ وَدُهْنٍ وَلَبَنٍ وَنَحْوِهَا (وَ) ك (مَذْرُوعٍ) كَثِيَابٍ وَخُيُوطٍ (وَ) ك (مَعْدُودٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَلَوْ آدَمِيًّا) كَعَبْدٍ صِفَتُهُ كَذَا.
و (لَا) يَصِحُّ السَّلَمُ (فِي أَمَةٍ وَوَلَدِهَا) أَوْ أُخْتِهَا وَنَحْوِهِ لِنُدْرَةِ جَمْعِهِمَا فِي الصِّفَةِ.
(وَ) فِي حَيَوَانٍ (حَامِلٍ) لِجَهْلِ الْوَلَدِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِهِ فَلَا تَأْتِي الصِّفَةُ عَلَيْهِ وَكَذَا شَاةٌ لَبُونٌ (وَلَا) يَصِحُّ السَّلَمُ (فِي فَوَاكِهَ مَعْدُودَةٍ) كَرُمَّانٍ وَكُمِّثْرَى وَخَوْخٍ وَإِجَّاصٍ لِاخْتِلَافِهَا وَلَوْ أَسْلَمَ فِيهَا وَزْنًا بِخِلَافِ نَحْوِ عِنَبٍ وَرُطَبٍ (وَ) لَا فِي (بُقُولٍ) لِاخْتِلَافِهَا وَلَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهَا بِالْحَزْرِ. (وَ) لَا فِي (جُلُودٍ) لِاخْتِلَافِهَا صِغَرًا وَكِبَرًا وَلَا يُمْكِنُ ذَرْعُهَا لِاخْتِلَافِ أَطْرَافِهَا.
(وَ) لَا فِي (رُءُوسٍ وَأَكَارِعَ) أَكْثَرُهَا الْعِظَامُ وَالْمَشَافِرُ وَلَحْمُهَا قَلِيلٌ وَلَيْسَتْ مَوْزُونَةً.
(وَ) لَا فِي (بَيْضٍ وَنَحْوِهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ كَجَوْزٍ لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ كِبَرًا وَصِغَرًا (وَ) لَا فِي (أَوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ رُءُوسًا وَأَوْسَاطًا كَقَمَاقِمَ) جَمْعُ قُمْقُمٍ بِضَمَّتَيْنِ لِاخْتِلَافِهَا
فَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ رُءُوسُهَا وَأَوْسَاطِهَا صَحَّ السَّلَمُ فِيهَا.
(وَلَا فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ كَجَوْهَرٍ) وَلُؤْلُؤٍ وَمِرْجَانٍ وَعَقِيقٍ وَنَحْوِهَا لِاخْتِلَافِهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا صِغَرًا وَكِبَرًا، وَحُسْنَ تَدْوِيرٍ وَزِيَادَةَ ضَوْءٍ وَصَفَاءٍ. وَلَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهَا بَيْضَ عُصْفُورٍ وَنَحْوِهِ ; لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ وَلَا شَيْءَ مُعَيَّنٍ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ.
(وَ) لَا فِي (مَغْشُوشِ أَثْمَانٍ) ; لِأَنَّ غِشَّهُ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمَقْصُودِ مِنْهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ (أَوْ يَجْمَعُ أَخْلَاطًا) مَقْصُودَةً (غَيْرَ مُتَمَيِّزَةٍ كَمَعَاجِينَ) مُبَاحَةٍ.
(وَ) لَا فِي (نِدٍّ وَغَالِيَةٍ) لِعَدَمِ ضَبْطِهِمَا بِالصِّفَةِ (وَ) لَا فِي (قِسِيٍّ وَنَحْوِهَا) مِمَّا يَجْمَعُ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةً لَا يُمْكِنُ ضَبْطُ قَدْرِ كُلٍّ مِنْهَا وَلَا تَمْيِيزُ مَا فِيهَا لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِيمَا) أَيْ شَيْءٍ (فِيهِ لِمَصْلَحَتِهِ شَيْءٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَجُبْنٍ) فِيهِ نَفْحَةٌ (وَ) ك (خُبْزٍ) وَعَجِينٍ فِيهِ مَاءٌ وَمِلْحٍ (وَ) ك (خَلٍّ تَمْرٍ) وَزَبِيبٍ فِيهِ مَاءٌ (وَ) ك (سَكَنْجَبِينَ) وَهُوَ مَا يُجْمَعُ مِنْ الْخَلِّ وَالْعَسَلِ فِيهِ خَلٌّ (وَنَحْوِهَا) كَشَيْرَجٍ فِيهِ مِلْحٌ ; لِأَنَّ الْخَلْطَ يَسِيرٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْمُعَارَضَةِ لِمَصْلَحَةِ الْمَخْلُوطِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ (وَ) يَصِحُّ (فِيمَا يَجْمَعُ أَخْلَاطًا مُتَمَيِّزَةً كَثَوْبٍ) نُسِجَ (مِنْ نَوْعَيْنِ) كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ أَوْ إبْرَيْسَمٍ وَقُطْنٍ.
(وَ) ك (نُشَّابِ وَنَبْلِ مُرَيَّشَيْنِ وَخِفَافٍ وَرِمَاحِ وَنَحْوهَا) ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِصِفَاتٍ لَا يَخْتَلِفُ ثَمَنُهَا مَعَهَا غَالِبًا (وَ) يَصِحُّ السَّلَمُ (فِي أَثْمَانٍ) خَالِصَةٍ ; لِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ ثَمَنًا فَتَثْبُتُ سَلَمًا كَعُرُوضٍ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَغْشُوشَةٍ (وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَهَا) أَيْ الْأَثْمَانِ كَثَوْبٍ وَفَرَسٍ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى رِبَا النَّسِيئَةِ، وَلَا يَكُونُ رَأْسُ مَالِهَا فُلُوسًا لِمَا يَأْتِي. (وَ) يَصِحُّ السَّلَمُ (فِي فُلُوسٍ) وَلَوْ نَافِقَةً وَزْنًا وَعَدَدًا عَلَى مَا فِي الْإِقْنَاعِ (وَيَكُونُ رَأْسُ مَالِهَا عَرَضًا) لَا نَقْدًا ; لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالنَّقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي رِبَا النَّسِيئَةِ (وَ) يَصِحُّ (فِي عَرَضٍ بِعِوَضٍ) كَتَمْرٍ فِي فَرَسٍ وَحِمَارٍ فِي حِمَارٍ.
و (لَا) يَصِحُّ السَّلَمُ (إنْ جَرَى بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَرَأْسُ مَالِهِ (رِبًا فِيهِمَا) أَيْ فِي إسْلَامِ عَرْضٍ فِي فُلُوسٍ وَعَرْضٍ فِي عَرْضٍ فَلَوْ أَسْلَمَ فِي فُلُوسٍ وَزْنِيَّةٍ نُحَاسًا أَوْ حَدِيدًا أَوْ فِي تَمْرٍ بُرًّا وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ مَوْزُونٍ بِمَوْزُونٍ أَوْ مَكِيلٍ بِمَكِيلٍ نَسِيئَةً (وَإِنْ جَاءَهُ) أَيْ جَاءَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُسْلِمَ لِعَرْضٍ فِي عَرْضٍ (بِعَيْنِهِ) أَيْ عَيْنِ رَأْسِ الْمَالِ (عِنْدَ مَحَلِّهِ) أَيْ السَّلَمِ كَمَنْ أَسْلَمَ عَبْدًا صَغِيرًا فِي عَبْدٍ كَبِيرٍ إلَى عَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا، فَجَاءَهُ بِعَيْنِ الْعَبْدِ عِنْدَ الْحُلُولِ وَقَدْ كَبِرَ وَاتَّصَفَ بِصِفَاتِ السَّلَمِ (لَزِمَ) الْمُسْلِمَ (قَبُولُهُ) لِاتِّصَافِهِ بِصِفَاتِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ جَاءَهُ بِغَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ اتِّحَادُ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ ; لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ وَهَذَا عِوَضٌ عَنْهُ
وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ حِيلَةٌ كَمَنْ أَسْلَمَ جَارِيَةً صَغِيرَةً فِي كَبِيرَةٍ إلَى أَمَدٍ تَكْبَرُ فِيهِ بِصِفَاتِ الصَّغِيرَةِ اسْتَمْتَعَ بِهَا وَيَرُدُّهَا عِنْدَ الْأَمَدِ بِلَا عِوَضِ وَطْءٍ فَلَا يَصِحُّ. (تَتِمَّةٌ) يَصِحُّ السَّلَمُ فِي السُّكَّرِ وَالْفَانِيذَ وَالدُّبْسِ وَنَحْوِهِ مِمَّا مَسَّتْهُ نَارٌ ; لِأَنَّ عَمَلَ النَّارِ فِيهِ مَعْلُومٌ عَادَةً يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالنُّشَافِ وَالرُّطُوبَةِ أَشَبَهَ الْمُجَفَّفَ بِالشَّمْسِ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي ذِكْرُ مَا يُخْتَلَفُ بِهِ) مِنْ صِفَاتِ (ثَمَنِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (غَالِبًا) ; لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي الذِّمَّةِ فَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِهِ كَالثَّمَنِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ النَّادِرَ لَا أَثَرَ لَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذِكْرِ الصِّفَاتِ فِي الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ (كَنَوْعِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِذِكْرِ جِنْسِهِ.
(وَ) ذِكْرُ (مَا يُمَيِّزُ مُخْتَلِفَهُ) أَيْ النَّوْعِ فَفِي نَحْوِ بُرْتُقَالٍ صَعِيدِيٍّ أَوْ بُحَيْرِيٍّ بِمِصْرَ وَحُورَانِيٍّ أَوْ شَمَالِيٍّ بِالشَّامِ (وَ) ذِكْرُ (قَدْرِ حَبٍّ) كَصِغَارِ حَبٍّ أَوْ كِبَارٍ، مُتَطَاوَلِ الْحَبِّ أَوْ مُدَوَّرِهِ.
(وَ) ذِكْرُ (لَوْنٍ) كَأَحْمَرَ أَوْ أَبْيَضَ (إنْ اخْتَلَفَ) ثَمَنُهُ بِذَلِكَ لِيَتَمَيَّزَ بِالْوَصْفِ.
(وَ) ذِكْرُ (بَلَدِهِ) أَيْ الْحَبِّ فَيَقُولُ مِنْ بَلَدِ كَذَا بِشَرْطِ أَنْ تَبْعُدَ الْآفَةُ فِيهَا.
(وَ) ذِكْرُ (حَدَاثَتِهِ وَجَوْدَتِهِ وَضِدِّهِمَا) فَيَقُولُ حَدِيثٌ أَوْ قَدِيمٌ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ وَيُبَيِّنُ قِدَمَ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ وَنَحْوِهِ وَيُبَيِّنُ كَوْنَهُ مُشْعِرًا أَيْ بِهِ شَعِيرٌ وَنَحْوُهُ أَوْ زَرْعِيٌّ.
(وَ) ذِكْرُ (سِنِّ حَيَوَانٍ) وَيَرْجِعُ فِي سِنِّ رَقِيقٍ بَالِغٍ إلَيْهِ وَإِلَّا فَقَوْلُ سَيِّدِهِ فَإِنْ جَهِلَهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ تَقْرِيبًا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَيَذْكُرُ نَوْعَهُ كَضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ ثَنِيٍّ أَوْ جَذَعٍ (وَ) ذِكْرُ مَا يُمَيِّزُ مُخْتَلِفَهُ فَيَقُولُ (ذَكَرًا وَسَمِينًا وَمَعْلُوفًا وَكَبِيرًا أَوْ ضِدَّهَا) كَالْأُنْثَى وَهَزِيلٍ وَرَاعٍ وَفِي إبِلٍ، فَيَقُولُ: بُخْتِيَّةٌ أَوْ عِرَابِيَّةٌ أَوْ بِنْتُ مَخَاضٍ أَوْ لَبُونٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَبَيْضَاءُ أَوْ حَمْرَاءُ وَنَحْوُهُمَا وَمِنْ نِتَاجِ بَنِي فُلَانٍ وَكَذَا خَيْلٌ وَتُنْسَبُ بِغَالٌ وَحَمِيرٌ لِبَلَدِهَا.
(وَ) فِي صَيْدٍ يَقُولُ بَعْدَ ذِكْرِ نَوْعِهِ وَمَا يُمَيِّزُ مُخْتَلِفَهُ (صَيْدَ أُحْبُولَةٍ أَوْ) صَيْدَ (كَلْبٍ أَوْ) صَيْدَ (صَقْرٍ) أَوْ شَبَكَةٍ أَوْ فَخٍّ وَنَحْوِهِ ; لِأَنَّ صَيْدَ الْأُحْبُولَةِ سَلِيمٌ، وَالْكَلْبِ أَطْيَبُ نَكْهَةً مِنْ الْفَهْدِ وَيَذْكُرُ فِي تَمْرٍ النَّوْعَ، كَصَيْحَانِيٍّ وَالْجَوْدَةَ وَالْكِبَرَ أَوْ ضِدَّهُمَا، وَالْبَلَدَ نَحْوَ بَغْدَادِيٍّ ; لِأَنَّهُ أَحْلَى وَأَقَلُّ بَقَاءً لِعُذُوبَةِ مَائِهِ وَالْبَصْرِيُّ بِخِلَافِهِ وَالْحَدَاثَةَ فَإِنْ أَطْلَقَ الْعَتِيقُ أَجْزَأَ وَإِنْ شَرَطَ عَتِيقٌ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ فَلَهُ شَرْطُهُ وَكَذَا الرُّطَبُ إلَّا الْحَدَاثَةَ وَلَا يَأْخُذُ إلَّا مَا أَرْطَبَ كُلُّهُ وَلَا يَلْزَمُهُ أَخْذُ مَشْدُوخٍ وَلَا مَا قَارَبَ أَنْ يُتْمِرَ
وَيَذْكُرُ فِي عَسَلٍ جِنْسَهُ كَنَحْلٍ أَوْ قَصَبٍ وَبَلَدَهُ وَزَمَنَهُ، كَرَبِيعِيٍّ أَوْ صَيْفِيٍّ وَلَوْنَهُ كَأَبْيَضَ أَوْ أَحْمَرَ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا مُصَفًّى مِنْ شَمْعَةٍ، وَفِي سَمْنٍ نَوْعَهُ كَسَمْنِ بَقَرٍ أَوْ ضَأْنٍ، وَلَوْنَهُ كَأَصْفَرَ أَوْ أَبْيَضَ، وَمَرْعَاهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْحَدَاثَةِ ; لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِيهَا وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي عَتِيقِهِ ; لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَلَا يَنْتَهِي إلَى حَدٍّ وَيَذْكُرُ فِي اللَّبَنِ النَّوْعَ وَالْمَرْعَى وَفِي حِينِ النَّوْعِ وَالْمَرْعَى، وَرَطْبٍ أَوْ يَابِسٍ جَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ، وَفِي ثَوْبٍ النَّوْعَ وَالْبَلَدَ وَاللَّوْنَ وَالطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالْخُشُونَةَ وَالصَّفَاقَةَ وَضِدَّهَا.
فَإِنْ زَادَ الْوَزْنُ لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ، وَفِي غَزْلٍ اللَّوْنَ وَالنَّوْعَ وَالْبَلَدَ وَالْوَزْنَ وَالْغِلَظَ وَالرِّقَّةَ، وَفِي صُوفٍ وَنَحْوِهِ ذِكْرُ بَلَدٍ وَلَوْنٍ وَطُولٍ أَوْ قِصَرٍ وَذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ وَزَمَانٍ، وَفِي كَاغِدٍ يَذْكُرُ بَلَدًا وَطُولًا وَعَرْضًا وَغِلَظًا أَوْ رِقَّةً، وَاسْتِوَاءُ الصِّفَةِ وَاللَّوْنِ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ وَهَكَذَا. (وَ) فِي رَقِيقٍ ذِكْرُ نَوْعٍ كَرُومِيٍّ أَوْ حَبَشِيٍّ أَوْ زِنْجِيٍّ ; و (طُولِ رَقِيقٍ بِشِبْرٍ) .
قَالَ أَحْمَدُ: يَقُولُ خُمَاسِيٌّ سُدَاسِيٌّ أَعْجَمِيٌّ أَوْ فَصِيحٌ ذَكَرٌ وَأُنْثَى (وَكَحِلًا أَوْ دَعِجًا وَبَكَارَةً أَوْ ثُيُوبَةً وَنَحْوَهَا) كَسِمَنٍ وَهُزَالٍ وَسَائِرِ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ ثَمَنُهُ وَالْكَحَلُ سَوَادُ الْعَيْنِ مَعَ سِعَتِهَا وَالدَّعَجُ أَنْ يَعْلُوَ الْأَجْفَانَ سَوَادٌ خِلْقَةً مَوْضِعُ الْكُحْلِ ذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ وَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ الْجُعُودَةِ وَالسُّبُوطَةِ وَإِنْ شَرَطَ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ الْحُسْنِ، كَأَقْنَى الْأَنْفِ أَوْ أَزَجَّ الْحَاجِبَيْنِ لَزِمَهُ.
(وَ) ذِكْرُ (نَوْعِ طَيْرٍ) كَحَمَامٍ وَكُرْكِيٍّ (وَ) ذِكْرُ (لَوْنِهِ وَكِبَرِهِ) إنْ اخْتَلَفَ بِهِ لَا ذُكُورِيَّةً وَأُنُوثِيَّةً إلَّا فِي نَحْوِ دَجَاجٍ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِهَا وَلَا إلَى مَوْضِعِ اللَّحْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا يُؤْخَذُ بَعْضُهُ كَالنَّعَامِ وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُ رَأْسٍ وَسَاقَيْنِ ; لِأَنَّهُ لَا لَحْمَ عَلَيْهَا (وَلَا يَصِحُّ شَرْطُهُ أَجْوَدَ) لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مَا مِنْ جَيِّدٍ إلَّا وَيُحْتَمَلُ وُجُودُ أَجْوَدَ مِنْهُ (أَوْ أَرْدَأَ) ; لِأَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ وَلَا يَطُولُ فِي الْأَوْصَافِ بِحَيْثُ يَنْتَهِي إلَى حَالٍ يَنْدُرُ وُجُودُ الْمُسْلَمُ فِيهِ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ، فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَ (وَلَهُ) أَيْ الْمُسْلَمُ (أَخْذُ دُونَ مَا وَصَفَ) مِنْ جِنْسِهِ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ وَقَدْ رَضِيَ بِدُونِهِ.
(وَ) لَهُ أَخْذُ (غَيْرِ نَوْعِهِ) كَمَعْزٍ عَنْ ضَأْنٍ وَجَوَامِيسَ عَنْ بَقَرٍ (مِنْ جِنْسِهِ) ; لِأَنَّهُمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِتَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ بَيْنَهُمَا.
(وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُسْلِمَ (أَخْذُ أَجْوَدَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا أَسْلَمَ فِيهِ (مِنْ نَوْعِهِ) ; لِأَنَّهُ أَتَاهُ بِمَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ وَزَادَهُ نَفْعًا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ وَلَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ كَضَأْنٍ عَنْ مَعْزٍ ; لِأَنَّ الْعَقْدَ تَنَاوَلَ مَا وَصَفَاهُ عَلَى شَرْطِهِمَا وَالنَّوْعُ صِفَةٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ فَاتَ غَيْرُهُ مِنْ الصِّفَاتِ فَإِنْ رَضِيَا جَازَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَلَحْمِ بَقَرٍ عَنْ ضَأْنٍ لَمْ يَجُزْ
وَلَوْ رَضِيَا لِحَدِيثِ «مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّهُ بِيعَ بِخِلَافِ غَيْرِ نَوْعِهِ مِنْ جِنْسِهِ فَإِنَّهُ قَضَاءٌ لِلْحَقِّ (وَيَجُوزُ) لِمُسْلِمٍ (رَدُّ) سَلَمٍ (مَعِيبٍ) أَخَذَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِعَيْبِهِ وَيَطْلُبُ بَدَلَهُ.
(وَ) لَهُ (أَخْذُ أَرْشِهِ) مَعَ إمْسَاكِهِ كَمَبِيعٍ غَيْرِ سَلَمٍ.
(وَ) لِمُسْلَمٍ إلَيْهِ أَخْذُ (عِوَضِ زِيَادَةِ قَدْرٍ) دَفَعَهُ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي قَفِيزٍ فَجَاءَهُ بِقَفِيزَيْنِ لِجَوَازِ إفْرَادِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ بِالْبَيْعِ وَ (لَا) يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ عِوَضٍ (جَوْدَةً) إنْ جَاءَهُ بِأَجْوَدَ مِمَّا عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْجَوْدَةَ صِفَةٌ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهَا بِالْبَيْعِ (وَلَا) أَخْذُ عِوَضِ (نَقْصِ رَدَاءَةٍ) لَوْ جَاءَ بِأَرْدَأَ لِمَا سَبَقَ
الشَّرْطُ (الثَّالِثُ) ذِكْرُ (قَدْرِ كَيْلٍ فِي مَكِيلٍ، وَ) قَدْرِ (وَزْنٍ فِي مَوْزُونٍ، وَ) قَدْرِ (ذَرْعٍ فِي مَذْرُوعٍ مُتَعَارَفٍ) أَيْ الْمِكْيَالِ وَالرَّطْلِ مَثَلًا وَالذِّرَاعِ (فِيهِنَّ) عِنْدَ الْعَامَّةِ لِحَدِيثِ «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» وَلِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي الذِّمَّةِ، فَاشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ قَدْرِهِ كَالثَّمَنِ.
(فَلَا يَصِحُّ) سَلَمٌ. (فِي مَكِيلٍ) كَلَبَنٍ وَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ وَتَمْرٍ (وَزْنًا، وَلَا فِي مَوْزُونٍ كَيْلًا) نَصًّا ; لِأَنَّهُ مَبِيعٌ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ فَلَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ مَا هُوَ مُقَدَّرٌ بِهِ فِي الْأَصْلِ كَبَيْعِ الرِّبَوِيَّاتِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَلِأَنَّهُ قَدَّرَهُ بِغَيْرِ مَا هُوَ مُقَدَّرٌ بِهِ فِي الْأَصْلِ فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي مَذْرُوعٍ وَزْنًا (وَلَا) يَصِحُّ (شَرْطُ صِحَّةٍ، أَوْ مِكْيَالٍ، أَوْ ذِرَاعٍ لَا عُرْفَ لَهُ) ; لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ فَاتَ الْعِلْمُ بِهِ وَلِأَنَّهُ غَرَرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعَقْدُ (فَإِنْ عَيَّنَ فَرْدًا مِمَّا لَهُ عُرْفٌ) بِأَنْ قَالَ: رِطْلُ فُلَانٍ، أَوْ مِكْيَالِهِ، أَوْ ذِرَاعُهُ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ (صَحَّ الْعَقْدُ) لِلْعِلْمِ بِهَا (دُونَ التَّعْيِينِ) فَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ لِمَا لَا يَلْزَمُ
الشَّرْطُ (الرَّابِعُ: ذِكْرُ أَجَلٍ مَعْلُومٍ) نَصًّا لِلْخَبَرِ فَأَمَرَ بِالْأَجَلِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَلِأَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ جَازَ لِلرِّفْقِ وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْأَجَلِ فَإِنْ انْتَفَى الْأَجَلُ انْتَفَى الرِّفْقُ فَلَا يَصِحُّ، كَالْكِتَابَةِ وَالْحُلُولُ يُخْرِجُهُ عَنْ اسْمِهِ وَمَعْنَاهُ بِخِلَافِ بُيُوعِ الْأَعْيَانِ، فَإِنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لِمَعْنَى التَّأْجِيلِ (لَهُ) أَيْ الْأَجَلِ (وَقَعَ فِي الثَّمَنِ عَادَةً) ; لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْأَجَلِ لِتَحْقِيقِ الرِّفْقِ، وَلَا يَحْصُلُ بِمُدَّةٍ لَا وَقْعَ لَهَا فِي الثَّمَنِ (كَشَهْرٍ وَنَحْوِهِ) مِثَالٌ لِمَا لَهُ وَقْعٌ فِي الثَّمَنِ.
وَفِي الْكَافِي: كَنِصْفِهِ. (وَيَصِحُّ) أَنْ يُسْلِمَ (فِي جِنْسَيْنِ) كَأُرْزٍ، وَعَسَلٍ (إلَى أَجَلٍ) وَاحِدٍ (إنْ بَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ) مِنْهُمَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يَصِحَّ.
(وَ) يَصِحُّ أَنْ يُسْلِمَ (فِي جِنْسٍ) وَاحِدٍ (إلَى أَجَلَيْنِ) كَسَمْنٍ يَأْخُذُ بَعْضَهُ فِي رَجَبٍ، وَبَعْضَهُ فِي رَمَضَانَ ; لِأَنَّ كُلَّ بَيْعٍ جَازَ
إلَى أَجَلٍ جَازَ إلَى أَجَلَيْنِ وَآجَالٍ (إنْ بَيَّنَ قِسْطَ كُلِّ أَجَلٍ وَثَمَنَهُ) ; لِأَنَّ الْأَجَلَ الْأَبْعَدَ لَهُ زِيَادَةُ وَقْعٍ عَلَى الْأَقْرَبِ، فَمَا يُقَابِلُهُ أَقَلُّ فَاعْتُبِرَ مَعْرِفَةُ قِسْطِهِ وَثَمَنِهِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ جِنْسَيْنِ: كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فِي جِنْسٍ كَأُرْزٍ، لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يُبَيِّنَ حِصَّةَ كُلِّ جِنْسٍ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ.
(وَ) يَصِحُّ (أَنْ يُسْلَمَ فِي شَيْءٍ) كَلَحْمٍ وَخُبْزٍ وَعَسَلٍ (يَأْخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءًا مَعْلُومًا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ بَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ قِسْطٍ أَوْ لَا لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَمَتَى قَبَضَ الْبَعْضَ وَتَعَذَّرَ الْبَاقِي رَجَعَ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَجْعَلُ لِلْمَقْبُوضِ فَضْلًا عَلَى الْبَاقِي ; لِأَنَّهُ مَبِيعٌ وَاحِدٌ مُمَاثِلُ الْأَجْزَاءِ فَقَسَّطَ الثَّمَنَ عَلَى أَجْزَائِهِ بِالسَّوِيَّةِ كَمَا لَوْ اتَّفَقَ أَجَلُهُ.
(وَمَنْ أَسْلَمَ أَوْ بَاعَ) مُطْلَقًا أَوْ لِمَجْهُولٍ (أَوْ أَجَّرَ، أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يَعِدْ بِغَايَةٍ (أَوْ) جَعَلَهَا (ل) أَجَلٍ (مَجْهُولٍ كَحَصَادٍ وَجِذَاذٍ وَنَحْوِهِمَا) كَنُزُولِ مَطَرٍ لَمْ يَصِحَّ غَيْرُ بَيْعٍ، لِفَوَاتِ شَرْطِهَا وَلِأَنَّ الْحَصَادَ وَنَحْوَهُ يَخْتَلِفُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَكَذَا لَوْ أَبْهَمَ الْأَجَلَ كَإِلَى وَقْتٍ أَوْ زَمَنٍ (أَوْ جَعَلَهَا إلَى عِيدٍ، أَوْ رَبِيعٍ، أَوْ جُمَادَى، أَوْ النَّفْرِ لَمْ يَصِحَّ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ سَلَمٍ وَإِجَارَةٍ وَخِيَارِ شَرْطٍ لِلْجَهَالَةِ (غَيْرُ الْبَيْعِ) فَيَصِحُّ حَالًّا وَتَقَدَّمَ فَإِنْ عَيَّنَ عِيدَ فِطْرٍ، أَوْ أَضْحَى، أَوْ رَبِيعَ أَوَّلٍ أَوْ ثَانٍ، أَوْ جُمَادَى كَذَلِكَ، أَوْ النَّفْرَ الْأَوَّلُ وَهُوَ ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ الثَّانِي وَهُوَ ثَالِثُهَا صَحَّتْ ; لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ (وَإِنْ قَالَا) أَيْ عَاقِدَا سَلَمٍ:(مَحَلُّهُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْكَسْرُ لُغَةً: مَوْضِعُ الْحُلُولِ (رَجَبٌ أَوْ) مَحَلُّهُ (إلَيْهِ) أَيْ رَجَبٍ (أَوْ) مَحَلُّهُ (فِيهِ) أَيْ رَجَبٍ.
(وَنَحْوُهُ) كَشَعْبَانَ (صَحَّ) السَّلَمُ (وَحَلَّ) مُسْلَمٌ فِيهِ (بِأَوَّلِهِ) أَيْ رَجَبٍ وَنَحْوِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقُ إلَى رَجَبٍ أَوْ فِيهِ وَلَيْسَ مَجْهُولًا لِتَعَلُّقِهِ بِأَوَّلِهِ (وَ) إنْ قَالَا: مَحِلُّهُ (إلَى أَوَّلِهِ) أَيْ شَهْرِ كَذَا (أَوْ) إلَى (آخِرِهِ، يَحِلُّ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ كَتَعْلِيقِ طَلَاقٍ (وَلَا يَصِحُّ) إنْ قَالَا (يُؤَدِّيهِ فِيهِ) أَيْ فِي شَهْرِ كَذَا لِجَعْلِهِ ظَرْفًا فَيَشْمَلُ أَوَّلَهُ وَآخِرِهِ فَهُوَ مَجْهُولٌ (وَيَصِحُّ) تَأْجِيلُهُ (لِشَهْرٍ وَعِيدٍ رُومِيَّيْنِ إنْ عُرِفَا) كَشُبَاطِ وَالنَّيْرُوزِ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُهُمَا ; لِأَنَّهُمَا مَعْلُومَانِ، لَا يَخْتَلِفَانِ أَشْبَهَا أَشْهُرَ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْيَادُهُمْ بِخِلَافِ الشَّعَانِينَ، وَعِيدِ الْفَطِيرِ.
(وَيُقْبَلُ قَوْلُ مَدِينٍ) أَيْ مُسْلَمٍ إلَيْهِ (فِي قَدْرِهِ) أَيْ الْأَجَلِ.
(وَ) فِي عَدَمِ (مُضِيِّهِ) بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى الْأَجَلَ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ ; وَلِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَ التَّسْلِيمِ، وَهُوَ الْأَصْلُ.
(وَ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا فِي (مَكَانِ تَسْلِيمٍ) نَصًّا إذْ
الْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ مُؤْنَةِ نَقْلِهِ إلَى مَوْضِعٍ ادَّعَى الْمُسْلِمُ شَرْطَ التَّسْلِيمِ فِيهِ (وَمَنْ أُتِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِمَالِهِ) أَيْ دَيْنِهِ (مِنْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِهِ، قَبْلَ مَحِلِّهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ: أَيْ حُلُولِهِ. (وَلَا ضَرَرَ) عَلَيْهِ (فِي قَبْضِهِ) كَخَوْفٍ، وَتَحَمُّلِ مُؤْنَةٍ، أَوْ اخْتِلَافِ قَدِيمِهِ وَحَدِيثِهِ (لَزِمَهُ) أَيْ رَبَّ الدَّيْنِ قَبْضُهُ نَصًّا لِحُصُولِ غَرَضِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ: كَالْأَطْعِمَةِ، وَالْحُبُوبِ، وَالْحَيَوَانِ أَوْ الزَّمَنِ مَخُوفًا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْضُهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ، وَإِنْ أَحْضَرَهُ فِي مَحِلِّهِ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ قَبْضُهُ مُطْلَقًا كَمَبِيعٍ مُعَيَّنٍ.
(فَإِنْ أَبَى) قَبْضَهُ حَيْثُ لَزِمَهُ (قَالَ لَهُ حَاكِمٌ: إمَّا أَنْ تَقْبِضَ أَوْ تُبْرِئَ) مِنْ الْحَقِّ. (فَإِنْ أَبَاهُمَا) أَيْ الْقَبْضَ وَالْإِبْرَاءَ (قَبَضَهُ) الْحَاكِمُ (لَهُ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ: لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ كَمَا يَأْتِي فِي السَّيِّدِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِ الْكِتَابَةِ (وَمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ دَيْنٍ عَنْ) مَدِينِ (غَيْرِهِ فَأَبَى رَبُّهُ) أَيْ الدَّيْنِ قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَدِينِ (أَوْ أَعْسَرَ) زَوْجٌ (بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ) وَكَذَا إنْ لَمْ يُعْسِرْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (فَبَذَلَهَا أَجْنَبِيٌّ) أَيْ مَنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا (فَأَبَتْ) الزَّوْجَةُ قَبُولَ نَفَقَتِهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ (لَمْ يُجْبَرَا) أَيْ رَبُّ الدَّيْنِ وَالزَّوْجَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ عَلَيْهِمَا (وَمَلَكَتْ) الزَّوْجَةُ (الْفَسْخَ) لِإِعْسَارِ زَوْجِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَبْذُلْهَا أَحَدٌ فَإِنْ مَلَّكَهُ لِمَدِينٍ وَزَوْجٍ، وَقَبَضَاهُ، وَدَفَعَاهُ لَهُمَا أُجْبِرَا عَلَى قَبُولِهِ وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ إلَّا أَقَلُّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الصِّفَةُ، وَتُسَلَّمُ الْحُبُوبُ نَقِيَّةً مِنْ تِبْنٍ وَعُقَدٍ وَنَحْوِهَا، وَتُرَابٍ إلَّا يَسِيرًا لَا يُؤَثِّرُ فِي كَيْلٍ، وَالتَّمْرُ جَافًّا
الشَّرْطُ (الْخَامِسُ: غَلَبَةُ مُسْلَمٍ فِيهِ فِي مَحِلِّهِ) أَيْ عِنْدَ حُلُولِهِ ; لِأَنَّهُ وَقْتُ وُجُوبِ تَسْلِيمِهِ، وَإِنْ عُدِمَ وَقْتَ عَقْدِ كَسَلَمٍ فِي رُطَبٍ، وَعِنَبٍ فِي الشِّتَاءِ إلَى الصَّيْفِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ غَالِبًا عِنْدَ وُجُوبِهِ أَشْبَهَ بَيْعَ الْآبِقِ بَلْ أَوْلَى. (وَيَصِحُّ) سَلَمٌ (إنْ عَيَّنَ) مُسْلَمٌ فِيهِ مِنْ (نَاحِيَةٍ تَبْعُدُ فِيهَا آفَةٌ) كَتَمْرِ الْمَدِينَةِ، و.
(لَا) يَصِحُّ السَّلَمُ إنْ عَيَّنَ (قَرْيَةً صَغِيرَةً أَوْ بُسْتَانًا وَلَا) إنْ أَسْلَمَ فِي شَاةٍ (مِنْ غَنَمِ زَيْدٍ، أَوْ أَسْلَمَ) فِي بَعِيرٍ مِنْ (نِتَاجِ فَحْلِهِ، أَوْ فِي) ثَوْبٍ (مِثْلِ هَذَا الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ) كَفِي عَبْدٍ مِثْلِ هَذَا الْعَبْدِ لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ أَسْلَفَ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ دَنَانِيرَ فِي تَمْرٍ مُسَمًّى فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: مِنْ تَمْرِ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا مِنْ حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ فَلَا وَلَكِنْ كَيْلٌ مُسَمًّى إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى» وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ، وَلَا تَلَفُ الْمُسْلَمِ فِي مِثْلِهِ، أَشْبَهَ تَقْدِيرَهُ بِنَحْوِ مِكْيَالٍ لَا يُعْرَفُ (وَإِنْ أَسْلَمَ إلَى مَحِلٍّ) أَيْ وَقْتٍ (يُوجَدُ فِيهِ) مُسْلَمٌ فِيهِ
(عَامًّا، فَانْقَطَعَ وَيُحَقَّقُ بَقَاؤُهُ لَزِمَهُ تَحْصِيلُهُ) وَلَوْ شَقَّ كَبَقِيَّةِ الدُّيُونِ.
(وَإِنْ تَعَذَّرَ) مُسْلَمٌ فِيهِ (أَوْ) تَعَذَّرَ (بَعْضُهُ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ (خُيِّرَ) مُسْلِمٌ (بَيْنَ صَبْرٍ) إلَى وُجُودِهِ، فَيُطَالِبُ بِهِ. (أَوْ فَسْخٍ فِيمَا تَعَذَّرَ) مِنْهُ كَمَنْ اشْتَرَى قِنًّا فَأَبَقَ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَيَرْجِعُ) إنْ فَسَخَ لِتَعَذُّرِهِ كُلِّهِ (بِرَأْسِ مَالِهِ) إنْ وُجِدَ (أَوْ عِوَضِهِ) إنْ عُدِمَ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ وَإِنْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ إلَى ذِمِّيٍّ فِي خَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا، رَجَعَ مُسْلِمٌ بِرَأْسِ مَالِهِ، أَوْ عِوَضِهِ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ الْإِيفَاءِ.
الشَّرْطُ (السَّادِسِ: قَبْضُ رَأْسِ مَالِهِ) أَيْ السَّلَمِ (قَبْلَ تَفَرُّقٍ) مِنْ مَجْلِسِ عَقْدٍ تَفَرُّقًا يُبْطِلُ خِيَارَ مَجْلِسٍ، لِئَلَّا يَصِيرَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَاسْتَنْبَطَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم " فَلْيُسْلِفْ " أَيْ فَلْيُعْطِ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ اسْمُ السَّلَفِ فِيهِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا أَسْلَفَهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ مَنْ أَسْلَفَهُ وَتَقَدَّمَ فِي الصَّرْفَ لَوْ قَبَضَ بَعْضَهُ (وَكَقَبْضٍ) فِي الْحُكْمِ (مَا بِيَدِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (أَمَانَةٌ أَوْ غَصْبٌ) وَنَحْوُهُ فَيَصِحُّ جَعْلُهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ فِي ذِمَّةِ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ وَقَوْلُهُ " أَمَانَةٌ أَوْ غَصْبٌ " بَدَلٌ مِنْ " مَا ".
وَ (لَا) يَصِحُّ جَعْلُ (مَا فِي ذِمَّتِهِ) رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ ; لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ دَيْنٌ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالٍ دَيْنًا كَانَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ بِخِلَافِ أَمَانَةٍ وَغَصْبٍ وَلَوْ عَقَدَا عَلَى نَحْوِ مِائَةِ دِرْهَمٍ فِي نَحْوِ كُرِّ طَعَامٍ بِشَرْطِ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ مِنْهَا خَمْسِينَ وَخَمْسِينَ إلَى أَجَلٍ، لَمْ يَصِحَّ فِي الْكُلِّ، وَلَوْ قُلْنَا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ; لِأَنَّ لِلْمُعَجَّلِ فَضْلًا عَلَى الْمُؤَجَّلِ، فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِي مُقَابَلَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا فِي مُقَابَلَةِ الْمُؤَجَّلِ وَالزِّيَادَةُ مَجْهُولَةٌ (وَتُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ) أَيْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ.
(وَ) مَعْرِفَةُ (صِفَتِهِ) ; لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ فَسْخُ السَّلَمِ لِتَأَخُّرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَوَجَبَ مَعْرِفَةُ رَأْسِ مَالٍ لِيُرَدَّ بَدَلُهُ كَالْقَرْضِ، وَاعْتُبِرَ التَّوَهُّمُ هُنَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جَوَازِهِ وَإِنَّمَا جُوِّزَ مَعَ الْأَمْنِ مِنْ الْغَرَرِ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا (فَلَا تَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ) أَيْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ كَمَا لَوْ عَقَدَاهُ بِصُبْرَةٍ لَا يَعْلَمَانِ قَدْرَهَا وَوَصْفَهَا.
(وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ كَجَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ) كَكُتُبٍ (وَيُرَدُّ) مَا قُبِضَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ رَأْسُ مَالِ سَلَمٍ لِفَسَادِ الْعَقْدِ (إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا) يُوجَدْ (فَقِيمَتُهُ) وَلَوْ مِثْلِيًّا، قَالَ فِي شَرْحِهِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ (فَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهَا) أَيْ الْقِيمَةِ أَيْ قَدْرِهَا (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُ مُسْلَمٍ إلَيْهِ) بِيَمِينِهِ ; لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَإِذَا تَعَذَّرَ) قَوْلُ مُسْلَمٍ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْرِفُ قِيمَةَ مَا قَبَضْتُهُ (فَ) عَلَيْهِ (قِيمَةُ مُسْلَمٍ فِيهِ مُؤَجَّلَةً) بِأَجَلِ السَّلَمِ إذْ الظَّاهِرُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وُقُوعُهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُسْلَمٍ إلَيْهِ فِي قَبْضِ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَبَضَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَالْآخَرُ بَعْدَهُ