الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَدْرِ مِلْكِهِمْ) فِي النَّهْرِ، وَتَأْتِي الْقِسْمَةُ (فَمَا حَصَلَ لِأَحَدِهِمْ فِي سَاقِيَتِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا أَحَبَّ) لِانْفِرَادِهِ بِمِلْكِهِ، وَلَهُ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ مَا شَاءَ مِنْ الْأَرْضِ. سَوَاءٌ كَانَ لَهُمْ رَسْمُ شُرْبٍ مِنْهُ أَوْ لَا. كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِهِ مِنْ أَصْلِهِ وَلَهُ عَمَلُ رَحًى عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ (وَ) الْمَاءُ (الْمُشْتَرَكُ. لَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِذَلِكَ) بِلَا إذْنِ شُرَكَائِهِ لَكِنَّ الْمَاءَ الْجَارِيَ الْمَمْلُوكَ وَغَيْرَهُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ لِشُرْبِهِ وَوُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ وَغَسْلِ ثِيَابِهِ وَانْتِفَاعٍ بِهِ فِي أَشْبَاهِ ذَلِكَ. مِمَّا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ بِلَا إذْنِ مَالِكِهِ مَا لَمْ يَدْخُلْ إلَيْهِ فِي مَكَان مَحُوطٍ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِهِ الْمَنْعُ مِنْهُ. لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ كَانَ يَفْضُلُ مَائَهُ فِي الطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ ابْنَ السَّبِيلِ» الْحَدِيثُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِخِلَافِ مَا يُؤَثِّرُ فِيهِ. كَسَقْيِ مَاشِيَةٍ كَثِيرَةٍ وَنَحْوِهِ. فَإِنْ فَضَلَ الْمَاءُ عَنْ حَاجَةِ رَبِّهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَتَقَدَّمَ
(وَمَنْ سَبَقَ إلَى قَنَاةٍ لَا مَالِكَ لَهَا فَسَبَقَ آخَرُ إلَى بَعْضِ أَفْوَاهِهَا مِنْ فَوْقُ أَوْ) مِنْ (أَسْفَلُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا سَبَقَ إلَيْهِ) لِلْخَبَرِ (وَلِمَالِكِ أَرْضٍ مَنْعُهُ مِنْ الدُّخُولِ بِهَا) أَيْ: بِأَرْضِهِ (وَلَوْ كَانَتْ رُسُومُهَا) أَيْ: الْقَنَاةِ (فِي أَرْضِهِ) لِأَنَّهَا مِلْكُهُ. كَمَنْعِهِ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ (وَلَا يَمْلِكُ) رَبُّ أَرْضٍ (تَضْيِيقَ مَجْرَى قَنَاةٍ فِي أَرْضِهِ خَوْفَ لِصٍّ) نَصًّا. لِأَنَّهُ لِصَاحِبِهَا وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ بِتَقْلِيلِ الْمَاءِ وَلَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ
(وَمَنْ سُدَّ لَهُ مَاءٌ لِجَاهِهِ) يَسْقِي بِهِ أَرْضَهُ (فَلِغَيْرِهِ السَّقْيُ مِنْهُ لِحَاجَةِ) السَّقْيِ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ (مَا لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ يَرُدُّهُ عَلَى مَنْ سَدَّ عَنْهُ) فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يَتَسَبَّبُ فِي ظُلْمِ مَنْ سَدَّ عَنْهُ بِتَأْخِيرِ حَقِّهِ.
[بَابُ الْجَعَالَةِ]
ِ بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ. ذَكَرَهُ ابْنُ مَالِكٍ: مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْجُعْلِ. بِمَعْنَى التَّسْمِيَةِ ; لِأَنَّ الْجَاعِلَ يُسَمِّي الْجُعْلَ لِلْعَامِلِ. أَوْ مِنْ الْجَعْلِ بِمَعْنَى الْإِيجَابِ. يُقَالُ: جَعَلْتُ لَهُ كَذَا أَيْ: أَوْجَبْتُ، وَيُسَمَّى مَا يُعْطَاهُ الْإِنْسَانُ عَلَى أَمْرٍ يَفْعَلُهُ: جُعْلًا وَجَعَالَةً وَجَعِيلَةً. قَالَهُ ابْنُ فَارِسٍ. وَيَدُلُّ لِمَشْرُوعِيَّتِهَا قَوْله تَعَالَى {: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وَحَدِيثُ اللَّدِيغِ. وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَهِيَ شَرْعًا (جَعْلُ) أَيْ: تَسْمِيَةُ (مَالٍ مَعْلُومٍ) فَلَا يَصِحُّ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ نِصْفُهُ وَنَحْوُهُ (لَا) إنْ كَانَ (مِنْ مَالِ مُحَارِبٍ) أَيْ: حَرْبِيٍّ
(فَيَصِحُّ مَجْهُولًا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ (لِمَنْ يَعْمَلُ) مُتَعَلِّقٌ بِجَعْلٍ (لَهُ) أَيْ الْجَاعِلِ (عَمَلًا) مُبَاحًا، بِخِلَافِ نَحْوِ زَمْرٍ وَزِنًا، (وَلَوْ) كَانَ الْعَمَلُ (مَجْهُولًا) كَمَنْ خَاطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ فَلَهُ كَذَا (أَوْ) لِمَنْ يَعْمَلُ لَهُ (مُدَّةً وَلَوْ مَجْهُولَةً) كَمَنْ حَرَسَ زَرْعِي. أَوْ أَذَّنَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَلَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا. وَ (كَمَنْ رَدَّ لُقَطَتِي أَوْ بَنَى لِي هَذَا الْحَائِطَ أَوْ) مَنْ (أَقْرَضَنِي زِيدَ بِجَاهِهِ أَلْفًا. أَوْ أَذَّنَ بِهَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا. فَلَهُ كَذَا. أَوْ مَنْ فَعَلَهُ مِنْ مَدِينِي) أَيْ: مِمَّنْ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ (فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ كَذَا) ; لِأَنَّ الْجِعَالَةَ جَائِزَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا فَلَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَلْزَمَهُ مَجْهُولٌ، وَالْجِعَالَةُ نَوْعُ إجَارَةٍ لِوُقُوعِ الْعِوَضِ فِي نَظِيرِ النَّفْعِ، وَتَتَمَيَّزُ بِكَوْنِ الْعَامِلِ لَمْ يَلْتَزِمْ الْعَمَلَ، وَكَوْنِ الْعَقْدِ قَدْ يَقَعُ مُبْهَمًا لَا مَعَ مُعَيَّنٍ، وَبِجَوَازِ الْجَمْعِ فِيهَا بَيْنَ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ. وَصَحَّ مَا ذَكَرَ مَعَ كَوْنِهِ تَعْلِيقًا. لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ. لَا تَعْلِيقَ مَحْضٍ وَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ فِي الْجُعْلِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ. لِأَنَّهُ يَسْتَقِرُّ بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَالْأُجْرَةِ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ فِي قَوْلِهِ: مَنْ أَقْرَضَنِي زِيدَ بِجَاهِهِ أَلْفًا. لِأَنَّ الْجُعْلَ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَهُ مِنْ جَاهِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقٍ لَهُ بِالْقَرْضِ، وَاشْتِرَاطُ كَوْنِ الْعَمَلِ لِلْجَاعِلِ احْتِرَازٌ عَمَّنْ رَكِبَ دَابَّتَهُ وَنَحْوَهُ فَلَهُ كَذَا. فَلَا يَصِحُّ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ لَهُ الْأَمْرَانِ (فَمَنْ بَلَغَهُ) الْجُعْلُ (قَبْلَ فِعْلِهِ) أَيْ: الْعَمَلِ الْمَجْعُولِ لَهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعِوَضُ (اسْتَحَقَّهُ) أَيْ الْجُعْلَ (بِهِ) أَيْ: الْعَمَلِ بَعْدَهُ لِاسْتِقْرَارِهِ بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَالرِّبْحِ فِي الْمُضَارَبَةِ. فَإِنْ تَلِفَ فَلَهُ مِثْلُ مِثْلِهِ وَقِيمَةُ غَيْرِهِ، وَلَا يَحْبِسُ الْعَامِلُ الْعَيْنَ حَتَّى يَأْخُذَهُ (وَ) مَنْ بَلَغَهُ الْجَعْلُ (فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ: الْعَمَلِ (فَ) لَهُ مِنْ الْجُعْلِ (حِصَّةُ تَمَامِهِ) أَيْ: بِقِسْطِ مَا عَمِلَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ (إنْ أَتَمَّهُ بِنِيَّةِ الْجُعْلِ) ; لِأَنَّ عَمَلَهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ. فَلَا يَسْتَحِقُّ عَنْهُ عِوَضًا لِتَبَرُّعِهِ بِهِ.
(وَ) مَنْ بَلَغَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ (لَمْ يَسْتَحِقَّهُ) أَيْ: الْجُعْلَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ لِمَا سَبَقَ (وَحُرِّمَ) عَلَيْهِ (أَخْذُهُ) إلَّا إنْ تَبَرَّعَ لَهُ بِهِ رَبُّهُ بَعْدَ إعْلَامِهِ بِالْحَالِ، وَإِنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي الْعَمَلِ اشْتَرَكُوا فِي الْجَعْلِ بِخِلَافِ مَنْ دَخَلَ هَذَا النَّقْبَ فَلَهُ دِينَارٌ. فَكُلُّ مَنْ دَخَلَهُ اسْتَحَقَّ دِينَارًا لِدُخُولِهِ كَامِلَا. بِخِلَافِ نَحْوِ رَدِّ لُقَطَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ كَامِلًا. كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ نَقَبَ السُّوَرَ فَلَهُ دِينَارٌ فَنَقَبَهُ ثَلَاثَةٌ اشْتَرَكُوا فِي الدِّينَارِ، وَإِنْ نَقَبَ كُلُّ وَاحِدٍ نَقْبًا اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ دِينَارًا، وَإِنْ جَعَلَ لِزَيْدٍ عَلَى رَدِّ آبِقِهِ دِينَارًا، وَلِعَمْرٍو عَلَى رَدِّهِ دِينَارَيْنِ، وَلِبَكْرٍ ثَلَاثَةً.
فَرَدُّوهُ فَلِكُلٍّ ثُلُثُ مَا جُعِلَ لَهُ، وَإِنْ جَعَلَ لِزَيْدٍ عَلَى رَدِّهِ مَعْلُومًا وَلِآخَرَيْنِ مَجْهُولًا وَرَدُّوهُ فَلِزَيْدٍ ثُلُثُ مَا جَعَلَ لَهُ، وَلِلْآخَرَيْنِ أُجْرَةُ عَمَلِهِمَا، وَإِنْ جَعَلَ لِزَيْدٍ عَلَى رَدِّهِ مَعْلُومًا فَرَدَّهُ هُوَ وَآخَرَانِ مَعَهُ. فَإِنْ قَصَدَا إعَانَةَ زَيْدٍ اسْتَحَقَّ زَيْدٌ الْجُعْلَ كُلَّهُ، فَإِنْ عَمِلَ غَيْرُهُ بِقَصْدِ الْجُعْلِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلِزَيْدٍ ثُلُثُ جُعْلِهِ، وَإِنْ قَالَ: مَنْ دَاوَى لِي هَذَا حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ جُرْحِهِ أَوْ رَمَدِهِ فَلَهُ كَذَا. لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا
(وَ) إنْ قَالَ رَبُّ آبِقٍ (مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا وَهُوَ) أَيْ: الْمُسَمَّى (أَقَلُّ مِنْ دِينَارٍ أَوْ) أَقَلُّ (مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا) فِضَّةً (اللَّذَيْنِ قَدَّرَهُمَا الشَّارِعُ) فِي رَدِّ الْآبِقِ (فَقِيلَ: يَصِحُّ) ذَلِكَ (وَلَهُ) أَيْ: الرَّادُّ (بِرَدِّهِ) أَيْ: الْآبِقِ (الْجُعْلُ فَقَطْ) قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ رَدَّهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَسْتَحِقُّ غَيْرَهُ (وَقِيلَ: لَا) تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ (وَلِلرَّادِّ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ) قَطَعَ بِهِ الْحَارِثِيُّ.
وَفِي الْمُبْدِعِ وَالْإِقْنَاعِ: لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ كَامِلًا بِوُجُودِ سَبَبِهِ. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الشَّارِعَ قَدَّرَ فِي رَدِّ الْآبِقِ دِينَارًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كَانَ يُسَاوِيهِمَا أَوْ لَا لِئَلَّا يَلْتَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ يَشْتَغِلَ بِالْفَسَادِ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ مُرْسَلًا «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ فِي رَدِّ الْآبِقِ إذَا جَاءَ بِهِ خَارِجًا مِنْ الْحَرَمِ دِينَارًا» وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ جُعْلِ الْآبِقِ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي. قَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ. لَمْ يَكُنْ عِنْدِي فِيهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ
(وَيَسْتَحِقُّ مَنْ) سُمِّيَ لَهُ جُعْلٌ عَلَى رَدِّ آبِقٍ وَ (رَدَّهُ مِنْ دُونِ) مَسَافَةٍ (مُعَيَّنَةِ الْقِسْطَ) مِنْ الْمُسَمَّى. فَإِنْ كَانَ الْمَرْدُودُ مِنْهُ نِصْفَ الْمَسَافَةِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْمُسَمَّى. وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَبِحِسَابِهِ.
(وَ) إنْ رَدَّهُ (مِنْ أَبْعَدَ) مِنْ الْمُسَمَّى. (فَلَهُ الْمُسَمَّى فَقَطْ) لِتَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ (وَ) يَسْتَحِقُّ (مَنْ رَدَّ أَحَدَ آبِقَيْنِ) جُعِلَ عَلَى رَدِّهِمَا (نِصْفَهُ) أَيْ: الْجُعْلِ عَنْ رَدِّهِمَا. لِأَنَّهُ رَدَّ نِصْفَهُمَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْجِعَالَةَ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ.
(وَبَعْدَ شُرُوعِ عَامِلٍ) فِي عَمَلٍ (إنْ فَسَخَ جَاعِلٌ فَعَلَيْهِ) لِعَامِلٍ (أُجْرَةٌ) مِثْلُ (عَمَلِهِ) ; لِأَنَّهُ عَمَلٌ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ لِمَا يَعْمَلُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ. (وَإِنْ فَسَخَ عَامِلٌ) قَبْلَ تَمَامِ عَمَلِهِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِإِسْقَاطِهِ حَقَّ نَفْسِهِ، حَيْثُ لَمْ يُوفِ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ زَادَ جَاعِلٌ فِي جُعْلٍ أَوْ نَقَصَ مِنْهُ قَبْلَ شُرُوعٍ فِي عَمَلٍ جَازَ وَعَمِلَ بِهِ. لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ كَالْمُضَارَبَةِ
(وَيَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ وَعَمَلٍ) فِي جِعَالَةٍ كَمَنْ بَنَى لِي هَذَا الْحَائِطَ فِي يَوْمٍ فَلَهُ كَذَا،
لِجَوَازِهَا مَعَ جَهَالَةِ الْمُدَّةِ، وَالْعَمَلِ لِلْحَاجَةِ، وَإِنْ نَادَى غَيْرُ رَبِّ الضَّالَّةِ: مَنْ رَدَّ ضَالَّةَ فُلَانٍ فَلَهُ كَذَا فَرُدَّتْ فَالْعِوَضُ عَلَى الْمُنَادِي. لِأَنَّهُ ضَمِنَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ قَالَ رَبُّهَا: مَنْ رَدَّهَا فَلَهُ كَذَا
(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ: الْجَاعِلُ وَالْعَامِلُ (فِي أَصْلِ جُعْلٍ فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ) مِنْهُمَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، (وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي قَدْرِهِ) أَيْ: الْجُعْلِ (أَوْ) فِي قَدْرِ (مَسَافَتِهِ) بِأَنْ قَالَ: جَاعِلٌ جَعَلْتُهُ لِمَنْ رَدَّهُ مِنْ بَرِيدَيْنِ. وَقَالَ عَامِلٌ: بَلْ مِنْ بَرِيدٍ (فَقَوْلُ جَاعِلٍ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِمَّا لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ. وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ
. (وَإِنْ عَمِلَ) شَخْصٌ (وَلَوْ الْمُعَدُّ لِأَخْذِ أُجْرَةٍ) عَلَى عَمَلِهِ (لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِلَا إذْنٍ. أَوْ) بِلَا (جُعْلٍ) مِمَّنْ عَمِلَ لَهُ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِتَبَرُّعِهِ بِعَمَلِهِ حَيْثُ بَذَلَهُ بِلَا عِوَضٍ وَلِئَلَّا يَلْزَمَ الْإِنْسَانُ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَلَمْ تَطِبْ بِهِ نَفْسُهُ
. (إلَّا فِي تَخْلِيصِ مَتَاعِ غَيْرِهِ. وَلَوْ) كَانَ الْمَتَاعُ (قِنًّا مِنْ بَحْرٍ) أَوْ فَمِ سَبُعٍ (أَوْ فَلَاةٍ) يُظَنُّ هَلَاكُهُ فِي تَرْكِهِ (فَ) لَهُ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ) ; لِأَنَّهُ يَخْشَى هَلَاكَهُ وَتَلَفَهُ عَلَى مَالِكِهِ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ. وَفِيهِ حَثٌّ وَتَرْغِيبٌ فِي إنْقَاذِ الْأَمْوَالِ مِنْ الْهَلَكَةِ
. (وَ) إلَّا فِي (رَدِّ آبِقٍ مِنْ قِنٍّ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ إنْ لَمْ يَكُنْ) الرَّادُّ (الْإِمَامُ فَ) لِرَادِّهِ (مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ) ، سَوَاءٌ رَدَّهُ مِنْ الْمِصْرِ أَوْ خَارِجِهِ، قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ أَوْ بَعُدَتْ، وَلَوْ كَانَ الرَّادُّ زَوْجًا لِلرَّقِيقِ أَوْ ذَا رَحِمٍ فِي عِيَالِ الْمَالِكِ وَتَقَدَّمَ لِلْحَثِّ عَلَى حِفْظِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَصِيَانَتِهِ عَمَّا يَخَافُ مِنْهُ مِنْ لِحَاقِهِ بِدَارِ حَرْبٍ وَالسَّعْيِ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَالْمَتَاعِ (مَا لَمْ يَمُتْ سَيِّدُ مُدَبَّرٍ) خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ (أَوْ أُمُّ وَلَدٍ قَبْلَ وُصُولٍ. فَيُعْتَقَا وَلَا شَيْءَ لَهُ) ; لِأَنَّ الْعَمَلَ لَمْ يَتِمَّ إذْ الْعَتِيقُ لَا يُسَمَّى آبِقًا (أَوْ يَهْرُبُ) الْآبِقُ مِنْ آخِذِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا. وَكَذَا لَوْ جُعِلَ لَهُ عَلَى رَدِّ الْآبِقِ جُعْلٌ فَهَرَبَ مِنْهُ وَنَحْوُهُ أَوْ مَاتَ بِيَدِهِ. فَلَا شَيْءَ لَهُ كَسَائِرِ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَمَلَهُ (وَيَأْخُذُ) وَاجِدُهُ (مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى دَابَّةٍ) يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا (فِي قُوتٍ وَلَوْ هَرَبَ) أَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ جُعْلًا لِرَدِّهِ (مِنْ غَيْرِ بَلَدٍ سَمَّاهُ أَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ مَالِكًا مَعَ قُدْرَتِهِ) عَلَى اسْتِئْذَانِهِ ; لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا. وَلَا يَجُوزُ اسْتِخْدَامُهُ بِنَفَقَتِهِ كَالْمَرْهُونِ (وَيُؤْخَذَانِ) أَيْ: الْجُعْلُ وَالنَّفَقَةُ (مِنْ تَرِكَةِ) سَيِّدٍ (مَيِّتٍ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ عَلَيْهِ (مَا لَمْ يَنْوِ) الرَّادُّ (التَّبَرُّعَ) بِالْفِعْلِ وَالنَّفَقَةِ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ
. (وَلَهُ ذَبْحُ مَأْكُولٍ خِيفَ مَوْتُهُ وَلَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَهُ) ; لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي مَالِ الْغَيْرِ مَتَى كَانَ إنْقَاذًا لَهُ مِنْ التَّلَفِ الْمُشْرِفِ عَلَيْهِ كَانَ جَائِزًا بِغَيْرِ