الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِتَعَلُّقِهِ بِرَقَبَتِهِ (وَ) بِخِلَافِ (دَيْنِ كِتَابَةٍ) لِأَنَّهُ بَدَلُ رَقَبَتِهِ (وَيَشْتَرِطُ رَبُّ دَيْنٍ) مُعَامَلَةً (وَ) رَبُّ (أَرْشٍ) جِنَايَةً فِي تَرِكَةِ مُكَاتَبٍ (بَعْدَ مَوْتِهِ) فَيَتَحَاصَّانِ لِفَوَاتِ الرَّقَبَةِ (وَلِ) لْمُكَاتَبِ (غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ أَيِّ دَيْنٍ شَاءَ) مِنْ دَيْنِ كِتَابَةٍ وَمُعَامَلَةٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ كَالْحُرِّ.
[فَصْلٌ وَالْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ]
مِنْ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ (لَا يَدْخُلُهَا خِيَارٌ) لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا تَحْصِيلُ الْعِتْقِ فَكَأَنَّ السَّيِّدَ عَلَّقَ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ عَلَى أَدَاءِ مَالِ الْكِتَابَةِ، وَلِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ لِاسْتِدْرَاكِ مَا يَحْصُلُ لِلْعَاقِدَيْنِ مِنْ الْغَبْنِ وَالسَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ دَخَلَا فِيهِ مُتَطَوِّعَيْنِ رَاضِيَيْنِ بِالْغَبْنِ (وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا فَسْخَهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ) كَإِذَا جَاءَ رَجَبٌ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا كَبَاقِي الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ. وَخَرَجَ بِالْمُسْتَقْبَلِ الْمَاضِي وَالْحَاضِرُ، كَإِنْ كُنْت عَبْدِي وَنَحْوِهِ فَقَدْ كَاتَبْتُك (وَلَا تَنْفَسِخُ) الْكِتَابَةُ (بِمَوْتِ سَيِّدٍ وَلَا جُنُونِهِ وَلَا حَجْرٍ عَلَيْهِ) لِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ (وَيَعْتِقُ) الْمُكَاتَبُ (بِأَدَاءٍ إلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ السَّيِّدِ مِنْ وَلِيِّهِ وَكَوَكِيلِهِ أَوْ الْحَاكِمِ مَعَ غَيْبَةِ سَيِّدِهِ (أَوْ) بِأَدَاءٍ إلَى (وَارِثِهِ) أَيْ السَّيِّدِ إنْ مَاتَ وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ لَا لِلْوَارِثِ كَمَا لَوْ وَصَّى بِمَا عَلَيْهِ لِشَخْصٍ فَأَدَّى إلَيْهِ
(وَإِنْ حَلَّ) عَلَى الْمُكَاتَبِ (نَجْمٌ) مِنْ كِتَابَتِهِ (فَلَمْ يُؤَدِّهِ فَلِسَيِّدِهِ الْفَسْخُ) كَمَا لَوْ أَعْسَرَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (بِلَا حُكْمِ) حَاكِمٍ كَرَدِّ الْمَعِيبِ
(وَيَلْزَمُ) سَيِّدًا (إنْظَارُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ فَسْخِ كِتَابَتِهِ (ثَلَاثًا) إنْ اسْتَنْظَرَهُ الْمُكَاتَبُ (لِبَيْعِ عَرْضٍ وَلِمَالٍ غَائِبٍ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ يَرْجُو قُدُومَهُ وَلِدَيْنٍ حَالٍّ عَلَى مَلِيءٍ أَوْ) لِمَالٍ (مُودَعٍ) قَصْدًا لِحَظِّ الْمُكَاتَبِ وَالرِّفْقِ بِهِ مَعَ عَدَمِ الْإِضْرَارِ بِالسَّيِّدِ.
وَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ وَالْمُكَاتَبُ غَائِبٌ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ وَبِإِذْنِهِ يَكْتُبُ الْحَاكِمُ إلَى حَاكِمِ الْبَلَدِ الَّذِي بِهِ الْمُكَاتَبُ يَأْمُرُهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ يُثْبِتُ عَجْزَهُ لِيَفْسَخَ السَّيِّدُ أَوْ وَكِيلُهُ. فَإِنْ قَدَرَ الْمُكَاتَبُ عَلَى الْوَفَاءِ وَلَمْ يَحْضُرْ وَلَمْ يُوَكِّلْ مَنْ يُؤَدِّي عَنْهُ مَعَ الْإِمْكَانِ وَمَضَى زَمَنُ السَّيْرِ عَادَةً فَلِسَيِّدِهِ الْفَسْخُ (وَلِمُكَاتَبٍ قَادِرٍ عَلَى كَسْبٍ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ) بِتَرْكِ التَّكَسُّبِ لِأَنَّ دَيْنَ الْكِتَابَةِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ عَلَيْهِ، وَمُعْظَمُ الْقَصْدِ بِالْكِتَابَةِ تَخْلِيصُهُ مِنْ الرِّقِّ. فَإِذَا لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَمْلِكْ) الْمُكَاتَبُ (وَفَاءً) لِكِتَابَتِهِ
فَإِنْ مَلَكَهُ لَمْ يَمْلِكْ تَعْجِيزَ نَفْسِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَدَاءِ وَهُوَ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي هِيَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهَا مَعَ حُصُولِ سَبَبِهَا بِلَا كُلْفَةٍ وَ (لَا) يَمْلِكُ مُكَاتَبٌ (فَسْخَهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ لِلُزُومِهَا (فَإِنْ مَلَكَهُ) أَيْ الْوَفَاءَ مُكَاتَبٌ (أُجْبِرَ عَلَى أَدَائِهِ) لِسَيِّدِهِ (ثُمَّ عَتَقَ) بِأَدَائِهِ وَلَا يَعْتِقُ بِنَفْسِ الْمِلْكِ لِلْخَبَرِ، وَلِجَوَازِ أَنْ يَتْلَفَ قَبْلَ أَدَائِهِ فَيَفُوتُ عَلَى السَّيِّدِ
(فَإِنْ مَاتَ) مُكَاتَبٌ (قَبْلَهُ) أَيْ الْوَفَاءِ (انْفَسَخَتْ) وَلَوْ مَلَكَ وَفَاءً لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا فَمَالُهُ جَمِيعُهُ لِسَيِّدِهِ (وَيَصِحُّ فَسْخُهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ (بِاتِّفَاقِهِمَا) أَيْ الْمُكَاتَبِ وَسَيِّدِهِ فَيَصِحُّ أَنْ يَتَقَايَلَا أَحْكَامَهَا قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ قَالَهُ فِي الْكَافِي.
وَفِي الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى
(وَلَوْ زَوَّجَ) السَّيِّدُ (امْرَأَةً تَرِثُهُ) إنْ مَاتَ (مِنْ مُكَاتَبِهِ وَصَحَّ) النِّكَاحُ بِأَنْ قُلْنَا الْكَفَاءَةُ شَرْطٌ لِلُّزُومِ لَا لِلصِّحَّةِ، أَوْ حَكَمَ بِهِ مَنْ يَرَاهُ (ثُمَّ مَاتَ) السَّيِّدُ (انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِمِلْكِهَا زَوْجَهَا أَوْ بَعْضَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُكَاتَبًا (وَكَذَا لَوْ وَرِثَ) زَوْجٌ حُرٌّ (زَوْجَتَهُ الْمُكَاتَبَةَ أَوْ) زَوْجَةً (غَيْرَهَا) أَوْ جُزْءًا مِنْهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ. لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ أَقْوَى مِنْ النِّكَاحِ فَإِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ أَبْطَلَهُ
(وَيَلْزَمُ أَنْ يُؤَدِّيَ) السَّيِّدُ (إلَى مَنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ) كُلَّهَا (رُبْعَهَا) أَمَّا وُجُوبُ الْإِيتَاءِ بِلَا تَقْدِيرٍ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَأَمَّا كَوْنُهُ رُبْعَ مَالِ الْكِتَابَةِ فَلِمَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] قَالَ «رُبْعُ الْكِتَابَةِ» .
وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَنْ عَلِيٍّ وَلِأَنَّهُ مَالٌ يَجِبُ إيتَاؤُهُ بِالشَّرْعِ مُوَاسَاةً فَكَانَ مُقَدَّرًا كَالزَّكَاةِ. وَحِكْمَتُهُ الرِّفْقُ بِالْمُكَاتَبِ وَفَارَقَتْ الْكِتَابَةُ فِي ذَلِكَ سَائِرَ الْعُقُودِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا الرِّفْقُ بِالْمُكَاتَبِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ
(وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبَ (قَبُولُ بَدَلِهِ) أَيْ رُبْعِ مَالِ الْكِتَابَةِ إنْ دَفَعَهُ سَيِّدُهُ لَهُ (مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ) الَّذِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْكِتَابَةُ بِأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى دَرَاهِمَ فَأَدَّاهَا إلَيْهِ وَأَعْطَاهُ عَنْ رُبْعِهَا دَنَانِيرَ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ أَعْطَاهُ عَنْهَا عُرُوضًا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْتِهِ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ وَلَا مِنْ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ الْإِيتَاءِ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ جِنْسِهِ فَتَسَاوَيَا فِي الْإِجْزَاءِ كَالزَّكَاةِ، وَغَيْرُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ أُلْحِقَ بِهِ لَكِنَّ الْأَوْلَى مِنْ عَيْنِهِ لِظَاهِرِ النَّصِّ
(فَلَوْ وَضَعَ) السَّيِّدُ عَنْ مُكَاتَبِهِ مِنْ مَالِ كِتَابَتِهِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ الرُّبْعِ جَازَ لِتَفْسِيرِ الصَّحَابَةِ الْآيَةَ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي النَّفْعِ وَأَعْوَنُ عَلَى حُصُولِ الْعِتْقِ (أَوْ عَجَّلَهُ) أَيْ إيفَاءَ الرُّبْعِ لِلْمُكَاتَبِ سَيِّدُهُ (جَازَ) لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لَهُ وَكَالزَّكَاةِ وَوَقْتُ الْوُجُوبِ: عِنْدَ الْعِتْقِ