الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَيَسْتَقِلُّ) سَفِيهٌ (بِمَا) أَيْ فِعْلٍ (لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ مَقْصُودُهُ) كَحَدِّ قَذْفٍ وَعِبَادَةٍ بَدَنِيَّةٍ مِنْ حَجٍّ وَغَيْرِهِ، لَا نَذْرِهِ عِبَادَةً مَالِيَّةً كَصَدَقَةٍ وَلَا تَصِحُّ شَرِكَتُهُ وَلَا حَوَالَتُهُ، وَلَا الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ (وَإِنْ أَقَرَّ بِحَدٍّ) أَيْ بِمَا يُوجِبُهُ مِنْ نَحْوِ زِنًا أَوْ قَذْفٍ أُخِذَ بِهِ فِي الْحَالِ (أَوْ) أَقَرَّ (بِنَسَبٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ قِصَاصٍ، أُخِذَ بِهِ فِي الْحَالِ) .
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هُوَ إجْمَاعُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي نَفْسِهِ، وَالْحَجْرُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ فَيُقْبَلُ عَلَى نَفْسِهِ (وَلَا يَجِبُ مَالٌ عَفَى عَلَيْهِ) عَنْ قِصَاصٍ أَقَرَّ بِهِ السَّفِيهُ لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقِرِّ لَهُ، فَإِنْ فُكَّ حَجْرُهُ أُخِذَ بِهِ.
(وَ) إنْ أَقَرَّ (بِمَالٍ) كَثَمَنٍ وَقَرْضٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ (فَبَعْدَ فَكِّهِ) أَيْ الْحَجْرِ يُؤْخَذ بِهِ، ; لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ، كَالرَّاهِنِ يُقِرُّ بِالرَّهْنِ، وَلَا يُقْبَلُ فِي الْحَالِ لِئَلَّا يَزُولَ مَعْنَى الْحَجْرِ، لَكِنْ إنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ صِحَّةَ مَا أَقَرَّ بِهِ السَّفِيهُ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ فِي الْحَالِ (وَتَصَرُّفُ وَلِيُّهُ) أَيْ السَّفِيهِ فِي مَالِهِ (كَ) تَصَرُّفِ (وَلِيِّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ ; لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِحَظِّ نَفْسِهِ أَشْبَهَ الصَّغِيرَ
[فَصْلٌ وَلِوَلِيِّ غَيْرِ حَاكِمٍ وَأَمِينِهِ الْأَكْلُ لِحَاجَةٍ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ]
(فَصْلٌ: وَلِوَلِيِّ) صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ (وَسَفِيهٍ)(غَيْرِ حَاكِمٍ وَأَمِينِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ (الْأَكْلُ لِحَاجَةٍ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] وَلِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنِّي فَقِيرٌ وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ وَلِي يَتِيمٌ فَقَالَ: كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِكَ غَيْرَ مُسْرِفٍ» رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ لَا يَأْكُلَانِ شَيْئًا لِاسْتِغْنَائِهِمَا بِمَا لَهُمَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَيَأْكُلُ مَنْ يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ (الْأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ كِفَايَتِهِ) .
فَإِذَا كَانَتْ كِفَايَتُهُ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَأُجْرَةُ عَمَلِهِ ثَلَاثَةً أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يَأْكُلْ إلَّا الثَّلَاثَةَ ; لِأَنَّهُ يَأْكُلُ بِالْحَاجَةِ وَالْعَمَلِ جَمِيعًا فَلَا يَأْخُذُ إلَّا مَا يُوجَدُ فِيهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْوَلِيَّ (عِوَضُهُ) أَيْ مَا أَكَلَهُ (بِيَسَارِهِ) ; لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ عَمَلِهِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ عِوَضُهُ مُطْلَقًا كَالْأَجِيرِ وَالْمُضَارِبِ، وَلِظَاهِرِ الْآيَةِ: فَإِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا بِخِلَافِ الْمُضْطَرِّ إلَى طَعَامِ غَيْرِهِ لِاسْتِقْرَارِ عِوَضِهِ فِي ذِمَّتِهِ (وَمَعَ عَدَمِهَا) أَيْ حَاجَةِ وَلِيِّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ بِأَنْ كَانَ غَنِيًّا يَأْكُلُ مِنْ مَالِهِمْ (مَا فَرَضَهُ لَهُ حَاكِمٌ) فَإِنْ لَمْ يَفْرِضْ لَهُ شَيْئًا لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: 6] وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ لِلْحَاكِمِ فَرْضُهُ لَكِنْ لِمَصْلَحَةٍ (وَلِنَاظِرِ وَقْفٍ وَلَوْ لَمْ
يَحْتَجْ أَكْلٌ) مِنْهُ (بِمَعْرُوفٍ) إلْحَاقًا لَهُ بِعَامِلِ الزَّكَاةِ فَإِنْ شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا فَلَهُ مَا شَرَطَهُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يُقْدِمُ بِمَعْلُومِهِ بِلَا شَرْطٍ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةَ عَمَلِهِ مَعَ فَقْرِهِ كَوَصِيِّ الْيَتِيمِ
(وَمَنْ فُكَّ حَجْرُهُ) لِعَقْلِهِ وَرُشْدِهِ (فَادَّعَى عَلَى وَلِيُّهُ تَعَدِّيًا) فِي مَالِهِ (أَوْ) ادَّعَى عَلَى وَلِيُّهُ (مُوجِبَ ضَمَانٍ) كَتَفْرِيطٍ أَوْ تَبَرُّعٍ (وَنَحْوِهِ) كَدَعْوَاهُ عَدَمَ مَصْلَحَةٍ فِي بَيْعِ عَقَارٍ وَنَحْوِهِ فَقَوْلُ وَلِيٍّ (أَوْ) ادَّعَى (الْوَلِيُّ وُجُودَ ضَرُورَةٍ أَوْ) وُجُودَ (غِبْطَةٍ) لِبَيْعِ عَقَارٍ فَقَوْلُ وَلِيٍّ (أَوْ) ادَّعَى الْوَلِيُّ وُجُودَ (تَلَفٍ أَوْ) ادَّعَى (قَدْرَ نَفَقَةٍ) وَلَوْ عَلَى عَقَارِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (أَوْ كِسْوَةٍ) لِمَحْجُورِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ رَقِيقِهِ وَنَحْوِهِ (فَقَوْلُ وَلِيٍّ) ; لِأَنَّهُ أَمِينٌ أَشْبَهَ الْمُودَعَ (مَا لَمْ يُخَالِفْهُ) أَيْ قَوْلَ الْوَلِيِّ (عَادَةٌ وَعُرْفٌ) فَيُرَدُّ لِلْقَرِينَةِ.
(وَيَحْلِفُ) وَلِيٌّ حَيْثُ قِيلَ قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْآخَرِ (غَيْرَ حَاكِمٍ) فَلَا يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَ (لَا) يُقْبَلُ قَوْلُ وَلِيٍّ بِجُعْلٍ (فِي دَفْعِ مَالٍ بَعْدَ رُشْدٍ أَوْ) بَعْدَ (عَقْلٍ) ; لِأَنَّهُ قَبَضَ الْمَالَ لِمَصْلَحَةٍ، أَشْبَهَ الْمُسْتَعِيرَ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْوَلِيُّ (مُتَبَرِّعًا) فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِ الْمَالِ إذَنْ ; لِأَنَّهُ قَبَضَ الْمَالَ لِمَصْلَحَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَقَطْ أَشْبَهَ الْوَدِيعَ (وَلَا) يُقْبَلُ قَوْلُ وَلِيٍّ (فِي قَدْرِ زَمَنِ إنْفَاقٍ) بِأَنَّ قَالَ مَنْ انْفَكَّ حَجْرُهُ: أَنْفَقْتُ عَلَيَّ مِنْ سَنَةٍ فَقَالَ الْوَلِيُّ: بَلْ مِنْ سَنَتَيْنِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ
(وَلَيْسَ لِزَوْجِ) حُرَّةٍ (رَشِيدَةٍ حَجْرٌ عَلَيْهَا فِي تَبَرُّعٍ زَائِدٍ عَلَى ثُلُثِ مَالِهَا) لِلْآيَةِ وَحَدِيثِ «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ» وَكُنَّ يَتَصَدَّقْنَ وَيَقْبَلُ صلى الله عليه وسلم مِنْهُنَّ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ، وَلِأَنَّ مَنْ وَجَبَ دَفْعُ مَالِهِ إلَيْهِ لِرُشْدِهِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِلَا إذْنِ أَحَدٍ كَالذَّكَرِ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ عَطِيَّةٌ مِنْ مَالِهَا إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا إذْ هُوَ مَالِكُ عِصْمَتِهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ شُعَيْبًا لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحْدِيدِ الْمَنْعِ بِالثُّلُثِ وَلَا يُقَاسُ عَلَى حُقُوقِ الْوَرَثَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَالِ الْمَرِيضِ ; لِأَنَّ الْمَرَضَ سَبَبٌ يُفْضِي إلَى وُصُولِ الْمَالِ إلَيْهِمْ بِالْمِيرَاثِ وَالزَّوْجِيَّةُ إنَّمَا تَجْعَلُهُ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ فَهِيَ أَحَدُ وَصْفَيْ الْعِلَّةِ فَلَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِمُجَرَّدِهَا كَمَا لَا يَثْبُتُ لَهَا الْحَجْرُ عَلَى زَوْجِهَا
(وَلَا لِحَاكِمٍ حَجْرٌ عَلَى مُقَتِّرٍ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ) ; لِأَنَّ فَائِدَةَ الْحَجْرِ جَمْعُ الْمَالِ وَإِمْسَاكُهُ لَا إنْفَاقُهُ وَقِيلَ بَلَى، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ عُقُودِهِ وَلَا يُكَفُّ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، لَكِنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ جَبْرًا بِالْمَعْرُوفِ مِنْ مَالِهِ