الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إجْبَارُهُ عَلَى رَدِّهَا مَسَامِيرَ لِتَحْرِيمِ عَمَلِ الْغَاصِبِ فِي الْمَغْصُوبِ فَمَلَكَ الْمَالِكُ إزَالَتَهُ مَعَ الْإِمْكَانِ، بِخِلَافِ فَخَّارٍ وَصَابُونٍ وَنَحْوِهِ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ غَاصِبٌ عَلَى عَمَلِ شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ فَالْأَجْرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَقَصَ أَوْ زَادَ فَكَمَا لَوْ فَعَلَهُ غَاصِبٌ بِنَفْسِهِ. وَلِمَالِكٍ تَضْمِينُ نَقْصِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. فَإِنْ جَهِلَ الْأَجِيرُ الْحَالَ وَضَمِنَ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ. لِأَنَّهُ غَرَّهُ، وَإِنْ عَلِمَ الْحَالَ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَعَانَ الْغَاصِبُ بِمَنْ عَمِلَهُ فَكَأَجِيرٍ.
(وَمَنْ حَفَرَ فِي) أَرْضٍ (مَغْصُوبَةٍ بِئْرًا. أَوْ شَقَّ) فِيهَا (نَهْرًا وَوَضَعَ التُّرَابَ) الْخَارِجَ مِنْ الْبِئْرِ أَوْ النَّهْرِ (بِهَا) أَيْ: الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ (فَلَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (طَمُّهَا) أَيْ: الْأَرْضِ الْمَحْفُورَةِ بِئْرًا. أَوْ الْمَشْقُوقِ بِهَا النَّهْرُ (لِغَرَضٍ صَحِيحٍ) كَإِسْقَاطِ ضَمَانِ مَا يَقَعُ فِيهَا أَوْ مُطَالَبَتُهُ بِتَفْرِيغِهَا مِنْ التُّرَابِ كَمَا لَوْ جَعَلَ تُرَابَهَا فِي مِلْكِهِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ طَرِيقٍ يَحْتَاجُ إلَى تَفْرِيغِهِ (وَلَوْ بَرِئَ مِنْ) ضَمَانِ (مَا يَتْلَفُ بِهَا) أَيْ: الْأَرْضِ بِسَبَبِ الْبِئْرِ أَوْ النَّهْرِ. لِأَنَّ الْغَرَضَ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ خَشْيَةَ ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ بِهَا (وَتَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ) أَيْ: الضَّمَانِ. لِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَهُ لِوُجُودِ تَعَدِّيهِ. فَإِذَا رَضِيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِفِعْلِهِ زَالَ التَّعَدِّي. جَعْلًا لِلرِّضَا الطَّارِئِ كَالرِّضَا الْمُقَارِنِ لِلْفِعْلِ، وَلَيْسَ إبْرَاءً مِمَّا لَمْ يَجِبْ (وَإِنْ أَرَادَهُ) أَيْ: الطَّمَّ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ (مَالِكٌ أُلْزِمَ) غَاصِبٌ (بِهِ) أَيْ: الطَّمِّ لِعُدْوَانِهِ، وَلِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ
(وَإِنْ غَصَبَ حَبًّا فَزَرَعَهُ) فِي أَرْضِهِ أَوْ أَرْضِ غَيْرِهِ (أَوْ) غَصَبَ (بَيْضًا) فَعَالَجَهُ (فَصَارَ فِرَاخًا. أَوْ) غَصَبَ (نَوًى. أَوْ أَغْصَانًا) فَغَرَسَهُ (فَصَارَ شَجَرًا رَدَّهُ) أَيْ: الزَّرْعَ وَالْفِرَاخَ وَالشَّجَرَ لِمَالِكِهَا. لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ (وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ: الْغَاصِبِ لِعَمَلِهِ فِي ذَلِكَ لِتَبَرُّعِهِ بِهِ.
[فَصْلٌ وَيَضْمَنُ غَاصِبٌ نَقْصَ مَغْصُوبٍ]
(فَصْلٌ وَيَضْمَنُ) غَاصِبٌ (نَقْصَ مَغْصُوبٍ) بَعْدَ غَصْبِهِ وَقَبْلَ رَدِّهِ (وَلَوْ) كَانَ النَّقْصُ (رَائِحَةَ مِسْكٍ وَنَحْوِهِ) كَعَنْبَرٍ ; لِأَنَّ قِيمَتَهُ تَخْتَلِفُ بِالنَّظَرِ إلَى قُوَّةِ رَائِحَتِهِ وَضَعْفِهَا (أَوْ) كَانَ النَّقْصُ بِ (نَبَاتِ لِحْيَةِ عَبْدٍ) ; لِأَنَّهُ نَقْصٌ فِي الْقِيمَةِ أَشْبَهَ النَّقْصَ بِتَغَيُّرِ بَاقِي الصِّفَاتِ، وَكَذَا قَطْعُ ذَنَبِ حِمَارٍ. فَلَوْ غَصَبَ قِنًّا فَعَمِيَ عَنْدَهُ، قُوِّمَ صَحِيحًا ثُمَّ أَعْمًى، وَأُخِذَ مِنْ غَاصِبٍ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ،
وَكَذَا لَوْ نَقَصَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ شَجَّةٍ، (وَإِنْ) غَصَبَ عَبْدًا وَ (خَصَاهُ أَوْ أَزَالَ) مِنْهُ (مَا تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ مِنْ حُرٍّ) كَأَنْفِهِ أَوْ لِسَانِهِ أَوْ يَدِهِ أَوْ رِجْلَيْهِ (رَدَّهُ) عَلَى مَالِكِهِ.
(وَ) رَدَّ مَعَهُ (قِيمَتَهُ) كُلَّهَا نَصًّا. لِأَنَّ الْمُتْلَفَ الْبَعْضُ فَلَا يَتَوَقَّفُ ضَمَانُهُ عَلَى زَوَالِ الْمِلْكِ كَقَطْعِ خُصْيَتَيْ مُدَبَّرٍ، وَلِأَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ الْمُفَوَّتُ. فَلَا يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ غَيْرِهِ أَيْ: غَيْرِ الْمُفَوَّتِ بِضَمَانِهِ. كَمَا لَوْ قَطَعَ تُسْعَ أَصَابِعِهِ.
(وَإِنْ قَطَعَ) غَاصِبٌ مِنْ رَقِيقٍ مَغْصُوبٍ (مَا فِيهِ مُقَدَّرٌ) مِنْ حُرٍّ وَلَوْ شَعْرًا (دُونَ ذَلِكَ) أَيْ: الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ كَقَطْعِ يَدٍ أَوْ جَفْنٍ أَوْ هُدْبٍ وَنَحْوِهِ (فَ) عَلَى غَاصِبٍ (أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ) مِنْ دِيَةِ الْمَقْطُوعِ أَوْ نَقْصِ قِيمَتِهِ لِوُجُودِ سَبَبِ كُلٍّ مِنْهُمَا. فَوَجَبَ أَكْثَرُهُمَا وَدَخَلَ فِيهِ الْآخَرُ. فَإِنَّ الْجِنَايَةَ وَالْيَدَ وُجِدَا جَمِيعًا. فَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ فَزَادَتْ عِنْدَهُ إلَى أَلْفَيْنِ. ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ رَدَّهُ وَأَلْفًا وَإِنْ صَارَ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ رَدَّهُ وَأَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ. فَإِنْ كَانَ الْجَانِي غَيْرَ الْغَاصِبِ فَعَلَيْهِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ فَقَطْ، وَمَا زَادَ يَسْتَقِرُّ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْكُلَّ لِحُصُولِ النَّقْصِ بِيَدِهِ.
(وَيَرْجِعُ غَاصِبٌ غَرِمَ) الْكُلَّ (عَلَى جَانٍ بِأَرْشِ جِنَايَتِهِ) لِحُصُولِ التَّلَفِ بِفِعْلِهِ فَيَسْتَقِرُّ ضَمَانُهُ عَلَيْهِ (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ مَا زَادَ عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَيَسْتَقِرُّ عَلَى الْغَاصِبِ ; لِأَنَّ الْجَانِيَ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (وَلَا يَرُدُّ مَالِكٌ) تَعَيَّبَ مَالُهُ عِنْدَ غَاصِبٍ وَاسْتَرَدَّهُ وَأَرْشُ عَيْبِهِ (أَرْشُ مَعِيبٍ أَخَذَهُ) مِنْ غَاصِبٍ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْمَغْصُوبِ (بِزَوَالِهِ) أَيْ: الْعَيْبِ عِنْدَ مَالِكٍ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا فَمَرِضَ عِنْدَهُ فَرَدَّهُ، وَأَرْشَ نَقْصِهِ بِالْمَرَضِ ثُمَّ بَرِئَ عِنْدَ مَالِكِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَصِرْ بِهِ نَقْصٌ فَلَا يَرُدُّ أَرْشَهُ. لِأَنَّهُ عَوَّضَ مَا حَصَلَ بِيَدِ الْغَاصِبِ مِنْ النَّقْصِ بِتَعَدِّيهِ وَاسْتَقَرَّ ضَمَانُهُ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ نَاقِصًا. فَإِنْ أَخَذَهُ مَالِكُهُ دُونَ أَرْشِهِ فَزَالَ عَيْبُهُ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرِئَ فِي يَدِ غَاصِبٍ فَيَرُدُّ مَالِكُهُ أَرْشَهُ إنْ كَانَ أَخَذَهُ.
(وَلَا يَضْمَنُ) غَاصِبٌ رَدَّ مَغْصُوبًا بِحَالِهِ (نَقْصُ سِعْرٍ) كَثَوْبٍ غَصَبَهُ، وَهُوَ يُسَاوِي مِائَةً وَلَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى نَقَصَ سِعْرُهُ فَصَارَ يُسَاوِي ثَمَانِينَ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُهُ بِرَدِّهِ شَيْءٌ. لِأَنَّهُ رَدَّ الْعَيْنَ بِحَالِهَا لَمْ تَنْقُصْ عَيْنًا وَلَا صِفَةً. بِخِلَافِ السِّمَنِ وَالصَّنْعَةِ، وَلَا حَقَّ لِلْمَالِكِ فِي الْقِيمَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِيهَا وَهِيَ بَاقِيَةٌ كَمَا كَانَتْ (كَهُزَالٍ زَادَ بِهِ) سِعْرُ الْمَغْصُوبِ أَوْ لَمْ يَزِدْ بِهِ وَلَمْ يَنْقُصْ، كَعَبْدٍ مُفْرِطٍ فِي السِّمَنِ قِيمَتُهُ يَوْمَ غُصِبَ ثَمَانُونَ فَهَزَلَ عِنْدَ غَاصِبِهِ فَصَارَ يُسَاوِي مِائَةً. أَوْ
بَقِيَتْ قِيمَتُهُ بِحَالِهَا. فَلَا يَرُدُّ مَعَهُ الْغَاصِبُ شَيْئًا لِعَدَمِ نَقْصِهِ (وَيَضْمَنُ) غَاصِبٌ (زِيَادَتَهُ) أَيْ: الْمَغْصُوبِ. بِأَنْ سَمِنَ أَوْ تَعَلَّمَ صَنْعَةً عِنْدَهُ ثُمَّ هَزَلَ أَوْ نَسِيَ الصَّنْعَةَ. فَعَلَيْهِ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَ بَعْدَ الزِّيَادَةِ سَوَاءٌ طَالَبَهُ الْمَالِكُ بِرَدِّهِ زَائِدًا أَوْ لَا. لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي نَفْسِ الْمَغْصُوبِ فَضَمِنَهَا الْغَاصِبُ، كَمَا لَوْ طَالَبَهُ بِرَدِّهَا فَلَمْ يَفْعَلْ. وَلِأَنَّهَا زَادَتْ عَلَى مَالِكِ مَالِكِهَا فَضَمِنَهَا الْغَاصِبُ كَالْمَوْجُودَةِ حَالَ الْغَصْبِ، بِخِلَافِ زِيَادَةِ السِّعْرِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حَالَ الْغَصْبِ لَمْ يَضْمَنْهَا، وَالصِّنَاعَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ فَهِيَ صِفَةٌ فِيهِ وَتَابِعَةٌ لَهُ.
وَ (لَا) يَضْمَنُ غَاصِبٌ (مَرَضًا) طَرَأَ عَلَى مَغْصُوبٍ بِيَدِهِ وَ (بَرِئَ مِنْهُ فِي يَدِهِ) أَيْ: الْغَاصِبِ لِزَوَالِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ فِي يَدِهِ وَكَذَا لَوْ حَمَلَتْ فَنَقَصَتْ ثُمَّ وَضَعَتْ بِيَدِ غَاصِبٍ فَزَالَ نَقْصُهَا لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا (وَلَا) يَضْمَنُ غَاصِبٌ شَيْئًا (إنْ) زَادَ مَغْصُوبٌ بِيَدِهِ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ ثُمَّ زَالَتْ الزِّيَادَةُ ثُمَّ (عَادَ مِثْلُهَا) أَيْ قَدْرُ الزِّيَادَةِ الْأُولَى (مِنْ جِنْسِهَا) قَبْلَ الرَّدِّ. كَأَنْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَتَعَلَّمَ صَنْعَةً فَصَارَ يُسَاوِي مِائَةً وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَسِيَهَا فَعَادَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةٍ ثُمَّ تَعَلَّمَ الصَّنْعَةَ فَعَادَتْ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَرَدَّهُ لِمَالِكِهِ كَذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَوْدِ مَا ذَهَبَ وَهُوَ بِيَدِهِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ مَرِضَ وَبَرِئَ بِيَدِهِ أَوْ أَبَقَ ثُمَّ عَادَ وَنَحْوَهُ. وَكَذَا لَوْ سَمِنَ ثُمَّ هَزَلَ ثُمَّ سَمِنَ، وَعَادَتْ قِيمَتُهُ كَمَا كَانَ بِخِلَافِ مَا لَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى كَمَا لَوْ هَزَلَ وَتَعَلَّمَ صَنْعَةً ; لِأَنَّ الذَّاهِبَ لَمْ يَعُدْ.
(وَلَا) يَضْمَنُ غَاصِبٌ النَّقْصَ (إنْ نَقَصَ) مَغْصُوبٌ بِيَدِهِ (فَزَادَ مِثْلَهُ مِنْ جِنْسِهِ) كَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا سَمِينًا يُسَاوِي مِائَةً فَهَزَلَ عِنْدَهُ وَصَارَ يُسَاوِي ثَمَانِينَ ثُمَّ سَمِنَ فَعَادَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةً فَرَدَّهُ (وَلَوْ) كَانَ مَا زَادَهُ (صَنْعَةً بَدَلَ صَنْعَةٍ نَسِيَهَا) كَأَنْ غَصَبَ عَبْدًا نَسَّاجًا يُسَاوِي مِائَةً فَنَسِيَهَا وَصَارَ يُسَاوِي ثَمَانِينَ فَتَعَلَّمَ الْخِيَاطَةَ فَعَادَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةٍ رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ ; لِأَنَّ الصَّنَائِعَ كُلَّهَا جِنْسٌ مِنْ أَجْنَاسِ الزِّيَادَةِ فِي الرَّقِيقِ (وَإِنْ نَقَصَ) مَغْصُوبٌ نَقْصًا (غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ وَعَفِنَتْ) وَلَمْ تَبْلُغْ حَالًا يُعْلَمُ فِيهَا قَدْرُ أَرْشِ نَقْصِهَا (خُيِّرَ) مَالِكٌ (بَيْنَ) أَخْذِ (مِثْلِهَا) مِنْ غَاصِبٍ (أَوْ تَرْكِهَا) بِيَدِ غَاصِبٍ (حَتَّى يَسْتَقِرَّ فَسَادُهَا وَيَأْخُذَهَا) مَالِكُهَا (وَأَرْشَ نَقْصِهَا) لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ الْمِثْلُ ابْتِدَاءً لِوُجُودِ عَيْنِ مَالِهِ، وَلَا أَرْشُ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ وَلَا ضَبْطُهُ إذَنْ، فَكَانَتْ الْخِيَرَةُ لِلْمَالِكِ: بَيْنَ أَخْذِ مِثْلِهَا لِمَا فِي تَأْخِيرِ حَقِّهِ بَعْدَ طَلَبِهِ مِنْ الضَّرَرِ، وَبَيْنَ الصَّبْرِ كَمَا ذُكِرَ
لِرِضَاهُ بِالتَّأْخِيرِ.
(وَعَلَى غَاصِبٍ جِنَايَةُ) قِنٍّ (مَغْصُوبٍ وَ) عَلَيْهِ (إتْلَافُهُ) أَيْ: بَدَلُ مَا يُتْلِفُهُ (وَلَوْ) كَانَتْ الْجِنَايَةُ (عَلَى رَبِّهِ) أَيْ: مَالِكِهِ (أَوْ) كَانَ الْإِتْلَافُ لِ (مَالِهِ) أَيْ: مَالِ مَالِكِهِ. وَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ بِرَدِّ غَاصِبٍ لَهُ لِوُجُودِ السَّبَبِ بِيَدِهِ (بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِ) جِنَايَةٍ (وَقِيمَتِهِ) أَيْ: الْعَبْدِ. أَمَّا ضَمَانُ جِنَايَتِهِ وَإِتْلَافُهُ فَلِتَعَلُّقِ ذَلِكَ بِرَقَبَتِهِ فَهِيَ نَقْصٌ فِيهِ فَضَمَانُهُ كَسَائِرِ نَقْصِهِ. وَأَمَّا ضَمَانُ جِنَايَتِهِ عَلَى مَالِكِهِ وَمَالِهِ فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ جِنَايَاتِهِ فَضَمِنَهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَمَتَى قَتَلَ الْمَغْصُوبُ سَيِّدَهُ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ قِنًّا فَقُتِلَ بِهِ ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ بِهِ لِتَلَفِهِ بِيَدِهِ. فَإِنْ عَفَا عَنْهُ عَلَى مَالٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَضَمِنَهُ الْغَاصِبُ وَيَضْمَنُهُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ كَمَا يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ. وَإِنْ قَطَعَ يَدًا مَثَلًا فَقُطِعَتْ يَدُهُ قِصَاصًا فَعَلَى غَاصِبٍ نَقْصُهُ كَمَا لَوْ سَقَطَتْ بِلَا جِنَايَةٍ وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ فَكَمَا تَقَدَّمَ.
(وَهِيَ) أَيْ: جِنَايَةُ مَغْصُوبٍ (عَلَى غَاصِبٍ هَدَرٌ) ; لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِهِ كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ فَتَسْقُطُ، (وَكَذَا) جِنَايَةُ الْمَغْصُوبِ (عَلَى مَالِهِ) أَيْ: الْغَاصِبِ هَدَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ (إلَّا) إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ (فِي قَوَدٍ) فَلَا تُهْدَرُ (فَيُقْتَلُ) عَبْدٌ مَغْصُوبٌ (بِعَبْدٍ غَاصِبٍ) قَتَلَهُ عَمْدًا ; لِأَنَّ الْقِصَاصَ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِنَفْسِهِ لَا يُمْكِنُ تَضْمِينُهُ لِغَيْرِهِ فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَكَذَا لَوْ جَنَى عَلَى عَبْدِ مَالِكِهِ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ (وَيَرْجِعُ) مَالِكُهُ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْغَاصِبِ (بِقِيمَتِهِ) لِتَلَفِهِ بِيَدِهِ كَمَا لَوْ اقْتَصَّ مِنْهُ غَيْرُ الْغَاصِبِ أَوْ مَاتَ.
(وَزَوَائِدُ مَغْصُوبٍ) كَوَلَدِ حَيَوَانٍ وَثَمَرِ شَجَرٍ (إذَا تَلِفَتْ أَوْ نَقَصَتْ أَوْ جَنَتْ) بِيَدِ غَاصِبٍ عَلَى مَالِكٍ أَوْ غَيْرِهِ (كَهُوَ) أَيْ كَالْمَغْصُوبِ أَصَالَةً، سَوَاءٌ تَلِفَتْ مُفْرَدَةً أَوْ مَعَ أَصْلِهَا ; لِأَنَّهَا مِلْكُ مَالِكِ الْأَصْلِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ بِسَبَبِ ثَبَاتِ يَدِهِ الْعَادِيَةِ عَلَى الْأَصْلِ فَتَبِعَتْهُ فِي الْحُكْمِ فَمَنْ غَصَبَ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا فَحَمَلَتْ عِنْدَهُ وَوَلَدَتْ فَالْوَلَدُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ إنْ وَلَدَتْهُ حَيًّا وَإِنْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا وَقَدْ غَصَبَهَا حَامِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ. وَإِنْ كَانَتْ حَمَلَتْ بِهِ عِنْدَهُ وَوَلَدَتْهُ مَيِّتًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ. وَصَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ. وَقَالَ وَلَدُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ: يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا. وَقَالَ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَبِعَهُ: الْأَوْلَى أَنْ يَضْمَنَهُ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ وَإِنْ وَلَدَتْهُ حَيًّا وَمَاتَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ تَلَفِهِ.