الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَإِنْ أَبَى) الْكَافِرُ إزَالَةَ مِلْكِهِ عَمَّنْ أَسْلَمَ (بِيعَ) أَيْ: بَاعَهُ الْحَاكِمُ (عَلَيْهِ) إزَالَةً لِمِلْكِهِ عَنْهُ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141]
(وَمَنْ أَنْكَرَ التَّدْبِيرَ فَشَهِدَ بِهِ) رَجُلَانِ (عَدْلَانِ أَوْ) رَجُلٌ (عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ) رَجُلٌ عَدْلٌ وَ (حَلَفَ مَعَهُ الْمُدَبَّرُ حُكِمَ بِهِ) أَيْ: التَّدْبِيرِ ; لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إتْلَافَ مَالٍ، وَالْمَالُ يُقْبَلُ فِيهِ مَا ذُكِرَ
(وَيَبْطُلُ) تَدْبِيرٌ (بِقَتْلِ مُدَبَّرٍ سَيِّدَهُ) ; لِأَنَّهُ اسْتَعْجَلَ مَا أَجَّلَ لَهُ فَعُوقِبَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَحِرْمَانِ الْقَاتِلِ الْمِيرَاثَ وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَتَعْتِقُ مُطْلَقًا لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهَا وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ.
وَإِنْ جَرَحَ رَقِيقٌ سَيِّدَهُ فَدَبَّرَهُ ثُمَّ سَرَى الْجُرْحُ إلَيْهِ وَمَاتَ عَتَقَ وَتَقَدَّمَ.
وَإِنْ ارْتَدَّ سَيِّدُ مُدَبَّرٍ وَدَبَّرَهُ فِي رِدَّتِهِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فَتَدْبِيرُهُ بِحَالِهِ. وَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ لَمْ يَعْتِقْ.
[بَابُ الْكِتَابَةِ]
الْكِتَابَةُ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الْمُكَاتَبَةِ مِنْ الْكَتْبِ بِمَعْنَى الْجَمْعِ لِأَنَّهَا تُجْمَعُ نُجُومًا. وَمِنْهُ سُمِّيَ الْخَرَّازُ كَاتِبًا، أَوْ ; لِأَنَّ السَّيِّدَ يَكْتُبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِهِ كِتَابًا بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ. وَشَرْعًا (بَيْعُ سَيِّدٍ رَقِيقَهُ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (نَفْسَهُ) أَيْ: الرَّقِيقِ (بِمَالٍ) فَلَا تَصِحُّ عَلَى خِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِ (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ: الرَّقِيقِ لَا مُعَيَّنٍ (مُبَاحٍ) فَلَا تَصِحُّ عَلَى آنِيَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (مَعْلُومٍ) فَلَا تَصِحُّ عَلَى مَجْهُولٍ ; لِأَنَّهَا بَيْعٌ، وَلَا يَصِحُّ مَعَ جَهَالَةِ الثَّمَنِ (يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ) فَلَا تَصِحُّ بِجَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى التَّنَازُعِ (مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا) أَيْ: أَكْثَرَ مِنْ نَجْمَيْنِ (بِعِلْمِ قِسْطٍ) أَيْ: مَبْلَغِ (كُلِّ نَجْمٍ) بِمَا عُقِدَ عَلَيْهِ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ غَيْرِهِمَا (وَمُدَّتِهِ) ; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْكَتْبِ وَهُوَ الضَّمُّ. فَوَجَبَ افْتِقَارُهَا إلَى نَجْمَيْنِ لِيُضَمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ وَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِمَا لِكُلِّ نَجْمٍ مِنْ الْقِسْطِ وَالْمُدَّةِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ جَهْلُهُ إلَى التَّنَازُعِ. وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْأَنْجُمِ. فَلَوْ جُعِلَ نَجْمٌ شَهْرًا وَآخَرُ سَنَةً أَوْ جُعِلَ قِسْطَ أَحَدِهِمَا مِائَةً وَالْآخَرَ خَمْسِينَ وَنَحْوَهُ جَازَ ; لِأَنَّ الْقَصْدَ الْعِلْمُ بِقَدْرِ الْأَجَلِ وَقَسْطُهُ وَقَدْ حَصَلَ بِذَلِكَ. وَالنَّجْمُ هُنَا الْوَقْتُ. فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لَا تَعْرِفُ الْحِسَابَ وَإِنَّمَا تَعْرِفُ الْأَوْقَاتَ بِطُلُوعِ النَّجْمِ. قَالَ بَعْضُهُمْ:
إذَا سُهَيْلٌ أَوَّلَ اللَّيْلِ طَلَعَ
…
فَابْنُ اللَّبُونِ الْحِقُّ وَالْحِقُّ الْجَذَعُ
أَوْ يَبِيعُ سَيِّدٌ رَقِيقَهُ نَفْسَهُ (بِمَنْفَعَةٍ) مُنَجَّمَةٍ (عَلَى أَجَلَيْنِ) فَأَكْثَرَ، كَأَنْ يُكَاتِبَهُ فِي
الْمُحَرَّمِ عَلَى خِدْمَتِهِ فِيهِ وَفِي رَجَبٍ أَوْ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ بِنَاءِ حَائِطٍ عَيَّنَهُمَا. فَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ أَوْ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ تَصِحَّ ; لِأَنَّهُ نَجْمٌ وَاحِدٌ. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْكِتَابَةِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] وَحَدِيثِ بَرِيرَةَ وَحَدِيثِ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَلَا يُشْتَرَطُ) لِكِتَابَةٍ (أَجَلٌ لَهُ وَقَعَ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ فِيهِ) فَيَصِحُّ تَوْقِيتُ النَّجْمَيْنِ بِسَاعَتَيْنِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ فِي الْأَصَحِّ.
وَفِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ الصِّحَّةُ وَلَكِنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قِيَاسًا عَلَى السَّلَمِ لَكِنَّ السَّلَمَ أَضْيَقُ وَجَزَمَ بِالثَّانِي فِي الْإِقْنَاعِ
(وَتَصِحُّ) الْكِتَابَةُ (عَلَى خِدْمَةٍ مُفْرَدَةٍ) كَأَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ رَجَبَ وَشَعْبَانَ (أَوْ) عَلَى خِدْمَةٍ (مَعَهَا مَالٌ إنْ كَانَ) الْمَالُ (مُؤَجَّلًا وَلَوْ أَثْنَائِهَا) أَيْ: مُدَّةِ الْخِدْمَةِ كَأَنْ يُكَاتِبَهُ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ وَدِينَارٍ يُؤَدِّيه فِي أَثْنَائِهِ وَآخِرِهِ وَإِذَا لَمْ يُسَمِّ الشَّهْرَ كَانَ عَقِبَ الْعَقْدِ كَالْإِجَارَةِ فِي قَوْلٍ. وَإِنْ عَيَّنَ الشَّهْرَ صَحَّ. وَلَوْ اتَّصَلَ بِالْعَقْدِ ; لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْحُلُولِ فِي غَيْرِ الْخِدْمَةِ لِلْعَجْزِ عَنْهُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِهَا. وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَجَلُ الدِّينَارِ قَبْلَ الْخِدْمَةِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ بِالْعَقْدِ كَأَنْ يُكَاتِبَهُ فِي الْمُحَرَّمِ عَلَى دِينَارٍ إلَى صَفَرٍ وَعَلَى خِدْمَتِهِ رَجَبٍ. وَإِنْ جَعَلَ مَحَلَّهُ نِصْفَ رَجَبٍ أَوْ انْقِضَاءَهُ صَحَّ كَمَا تَقَدَّمَ ; لِأَنَّ الْخِدْمَةَ بِمَنْزِلَةِ الْعِوَضِ الْحَاصِلِ فِي ابْتِدَاءِ مُدَّتِهَا فَيَكُونُ مَحَلُّهَا غَيْرَ مَحَلِّ الدِّينَارِ
(وَتُسَنُّ) الْكِتَابَةُ (لِمَنْ) أَيْ: رَقِيقٍ (عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا) لِلْآيَةِ (وَهُوَ) أَيْ: الْخَيْرُ (الْكَسْبُ وَالْأَمَانَةُ) قَالَ أَحْمَدُ: الْخَيْرُ صِدْقٌ وَصَلَاحٌ وَوَفَاءٌ بِمَالِ الْكِتَابَةِ. وَنَحْوِهِ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُهُمْ فِي ذَلِكَ. وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّدْبِ لِحَدِيثِ «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ إلَى إزَالَةِ مِلْكِهِ بِعِوَضٍ فَلَمْ يُجْبَرْ السَّيِّدُ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ
(وَتُكْرَهُ) الْكِتَابَةُ (لِمَنْ لَا كَسْبَ لَهُ) لِئَلَّا يَصِيرَ كَلًّا عَلَى النَّاسِ وَيَحْتَاجَ إلَى الْمَسْأَلَةِ
(وَتَصِحُّ) الْكِتَابَةُ (لِمُبَعَّضٍ) بِأَنْ يُكَاتِبَ السَّيِّدُ بَعْضَ عَبْدِهِ مَعَ حُرِّيَّةِ بَعْضِهِ.
(وَ) تَصِحُّ كِتَابَةُ رَقِيقٍ (مُمَيِّزٍ) ; لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَبَيْعُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَصَحَّتْ كِتَابَتُهُ كَالْمُكَلَّفِ. وَإِيجَابُ سَيِّدِهِ الْكِتَابَةَ لَهُ إذْنٌ لَهُ فِي قَبُولِهَا بِخِلَافِ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ لَكِنْ يُعْتَقَانِ بِالتَّعْلِيقِ، إنْ عَلَّقَ عِتْقَهُمَا عَلَى الْأَدَاءِ صَرِيحًا. وَ (لَا) تَصِحُّ الْكِتَابَةُ (مِنْهُ) أَيْ: الْمُمَيِّزِ بِأَنْ يُكَاتِبَ مُمَيِّزٌ رَقِيقَهُ (إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) ; لِأَنَّهَا تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ
الْمُمَيِّزِ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَالْبَيْعِ
(وَلَا) تَصِحُّ كِتَابَةٌ (مِنْ) سَيِّدٍ (غَيْرِ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) كَسَفِيهٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ كَالْبَيْعِ (وَلَا) أَيْ: وَلَا تَصِحُّ كِتَابَةٌ (بِغَيْرِ قَوْلٍ) ; لِأَنَّ الْمُعَاطَاةَ لَا تَمَكُّنَ فِيهَا صَرِيحًا (وَتَنْعَقِدُ) الْكِتَابَةُ (بِ) قَوْلِ سَيِّدٍ لِرَقِيقِهِ (كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا مَعَ قَبُولِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْكِتَابَةَ. لِأَنَّهُ لَفْظُهَا الْمَوْضُوعُ لَهَا فَانْعَقَدَتْ بِمُجَرَّدِهِ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ (فَإِذَا أَدَّيْتَ) إلَيَّ مَا كَاتَبْتُك عَلَيْهِ (فَأَنْتَ حُرٌّ) ; لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ مُوجِبُ عَقْدِ الْكِتَابَةِ. فَتَثْبُتُ عِنْدَ تَمَامِهِ كَسَائِرِ أَحْكَامِهِ، وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ وُضِعَ لِلْعِتْقِ بِالْأَدَاءِ، فَلَمْ تَحْتَجْ إلَى لَفْظِ الْعِتْقِ كَالتَّدْبِيرِ وَإِطْلَاقُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمُخَارَجَةِ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الِاحْتِرَازِ عَنْهُ، عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ الْمُحْتَمَلَ يَنْصَرِفُ بِالْقَرَائِنِ إلَى أَحَدِ مَعَانِيهِ. وَمَالُ الْمُكَاتَبِ حَالَةَ الْكِتَابَةِ لِسَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُكَاتَبُ (وَمَتَى أَدَّى) الْمُكَاتَبُ (مَا عَلَيْهِ) مِنْ كِتَابَةٍ (فَقَبَضَهُ) مِنْهُ (سَيِّدُهُ أَوْ وَلِيُّهُ) أَيْ: السَّيِّدُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عَتَقَ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ. عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثِ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ، جَمِيعَ كِتَابَتِهِ، وَدَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَدَّى جَمِيعَ كِتَابَتِهِ لَا يَبْقَى عَبْدًا (أَوْ أَبْرَأَهُ) أَيْ: الْمُكَاتَبَ (سَيِّدُهُ) مِنْ كِتَابَتِهِ (أَوْ) أَبْرَأَهُ (وَارِثٌ) لِسَيِّدِهِ (مُوسِرٌ مِنْ حَقِّهِ) مِنْ كِتَابَتِهِ (عَتَقَ) ; لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا فَإِنْ أَدَّى الْبَعْضَ أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ بَرِئَ مِنْهُ وَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ فِيمَا بَقِيَ لِلْخَبَرِ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مُعْسِرًا وَأَبْرَأَ مِنْ حَقِّهِ عَتَقَ نَصِيبُهُ فَقَطْ بِلَا سِرَايَةٍ (وَمَا فَضُلَ بِيَدِهِ) أَيْ: الْمُكَاتَبِ بَعْدَ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ (فَلَهُ) أَيْ: الْمُكَاتَبِ ; لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ فَبَقِيَ عَلَى مَا كَانَ
(وَتَنْفَسِخُ) الْكِتَابَةُ (بِمَوْتِهِ) أَيْ: الْمُكَاتَبِ (قَبْلَ أَدَائِهِ) جَمِيعَ كِتَابَتِهِ سَوَاءٌ خَلَّفَ وَفَاءً أَوْ لَا (وَمَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ) نَصًّا. ; لِأَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ عَبْدٌ كَمَا لَوْ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً ; لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ. وَقَدْ تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَبَطَلَ، وَقَتْلُهُ كَمَوْتِهِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَلَا قِصَاصَ إنْ قَتَلَهُ حُرٌّ وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ سَيِّدُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ شَيْءٌ لَكَانَ لَهُ، وَمَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ لِزَوَالِ الْكِتَابَةِ لَا عَلَى أَنَّهُ وَارِث وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ أَجْنَبِيًّا فَلِسَيِّدِهِ قِيمَتُهُ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَجِّلَهَا) أَيْ: الْكِتَابَةَ الْمُؤَجَّلَةَ قَبْلَ حُلُولِهَا لِسَيِّدِهِ (وَيَضَعُ) السَّيِّدُ (عَنْهُ) أَيْ: الْمُكَاتَبِ (بَعْضَهَا) أَيْ: الْكِتَابَةِ فَلَوْ كَانَ النَّجْمُ مِائَةً وَعَجَّلَ مِنْهُ أَوْ صَالَحَهُ عَنْهُ عَلَى سِتِّينَ وَأَبْرَأَهُ مِنْ الْبَاقِي صَحَّ. ; لِأَنَّ مَالَ الْكِتَابَةِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَلَيْسَ بِدَيْنٍ صَحِيحٍ.
لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ، وَمَا يُؤَدِّيهِ إلَى سَيِّدِهِ كَسْبُ عَبْدِهِ. وَإِنَّمَا جَعَلَ الشَّرْعُ هَذَا الْعَقْدَ وَسِيلَةً إلَى الْعِتْقِ وَأَوْجَبَ فِيهِ التَّأْجِيلَ مُبَالَغَةً فِي تَحْصِيلِ الْعِتْقِ وَتَخْفِيفًا عَلَى الْمُكَاتَبِ. فَإِذَا عَجَّلَ عَلَى وَجْهٍ يَسْقُطُ بِهِ بَعْضُ مَا عَلَيْهِ كَانَ أَبْلَغَ فِيهِ حُصُولُ الْعِتْقِ وَأَخَفَّ عَلَى الْعَبْدِ وَبِهَذَا فَارَقَ سَائِرَ الدُّيُونِ، وَيُفَارِقُ الْأَجَانِبَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَبْدُهُ، فَهُوَ أَشْبَهُ بِعَبْدِهِ الْقِنِّ. وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الزِّيَادَةِ فِي الْأَجَلِ وَالدَّيْنِ، كَأَنْ حَلَّ عَلَيْهِ نَجْمٌ: فَقَالَ أَخِّرْهُ إلَى كَذَا وَأَزِيدُكَ كَذَا لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّهُ يُشْبِهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ الْمُحَرَّمِ
(وَيَلْزَمُ سَيِّدًا) عَجَّلَ لَهُ مُكَاتَبُهُ كِتَابَتَهُ (أَخْذُ مُعَجَّلِهِ بِلَا ضَرَرٍ) عَلَى السَّيِّدِ فِي قَبْضِهَا وَيَعْتِقُ (فَإِنْ أَبَى) السَّيِّدُ أَخْذَهَا (جَعَلَهَا إمَامٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَحَكَمَ بِعِتْقِهِ) رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَلِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ. فَإِذَا قَدَّمَهُ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فَسَقَطَ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ تَلِفَ بِبَيْتِ الْمَالِ ضَاعَ عَلَى السَّيِّدِ لِقِيَامِ قَبْضِ الْإِمَامِ مَقَامَ قَبْضِهِ، لِامْتِنَاعِهِ بِلَا حَقٍّ فَإِذَا كَانَ ضَرَرٌ عَلَى السَّيِّدِ بِقَبْضِهَا كَأَنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِطَرِيقٍ مَخُوفٍ أَوْ احْتَاجَتْ إلَى مَخْزَنٍ كَالطَّعَامِ وَالْقُطْنِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَخْذُهَا ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْتِزَامُ ضَرَرٍ وَلَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ، وَلَا يُعْتَقُ بِبَذْلِهِ إذًا
(وَمَتَى بَانَ بِعِوَضٍ دَفَعَهُ) مُكَاتَبٌ لِسَيِّدِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ (عَيْبٌ فَلَهُ) أَيْ: السَّيِّدِ (أَرْشُهُ) إنْ أَمْسَكَهُ (أَوْ عَوَّضَهُ) أَيْ: الْمَعِيبَ (بِرَدِّهِ) عَلَى الْمُكَاتَبِ ; لِأَنَّ إطْلَاقَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ يَقْتَضِي سَلَامَةَ عِوَضِهَا وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْمُكَاتَبِ رَقِيقًا فَوَجَبَ أَرْشُ الْعَيْبِ أَوْ عِوَضُ الْمَعِيبِ جَبْرًا لِمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْعَقْدِ (وَلَمْ يَرْتَفِعْ عِتْقُهُ) ; لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ بِعِوَضٍ فَلَا يُبْطِلُهُ رَدُّ الْعِوَضِ بِالْعَيْبِ كَالْخُلْعِ
(وَلَوْ أَخَذَ سَيِّدُهُ) أَيْ: الْمُكَاتَبِ مِنْهُ (حَقَّهُ ظَاهِرًا ثُمَّ قَالَ) السَّيِّدُ (هُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَانَ) مَا دَفَعَهُ (مُسْتَحَقًّا) أَيْ: مَغْصُوبًا وَنَحْوَهُ (لَمْ يُعْتَقْ) لِفَسَادِ الْقَبْضِ، وَإِنَّمَا قَالَ: هُوَ حُرٌّ اعْتِمَادًا عَلَى صِحَّةِ الْقَبْضِ (وَإِنْ ادَّعَى) السَّيِّدُ (تَحْرِيمَهُ) أَيْ: مَا أَرَادَ الْمُكَاتَبُ أَنْ يُقْبِضَهُ لَهُ، بِأَنْ قَالَ: لَا أَقْبِضُهُ ; لِأَنَّهُ غَصْبٌ أَوْ سَرِقَةٌ وَنَحْوُهُ وَأَنْكَرَهُ الْمُكَاتَبُ (قُبِلَ) قَوْلُ السَّيِّدِ (بِبَيِّنَةٍ) وَسُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ ; لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي أَنْ لَا يَقْتَضِيَ دَيْنَهُ مِنْ حَرَامٍ، وَلَا يَأْمَنُ رُجُوعَ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ بِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لِلسَّيِّدِ بَيِّنَةٌ (حَلَفَ الْعَبْدُ) أَنَّهُ مَلَكَهُ (ثُمَّ يَجِبُ) عَلَى السَّيِّدِ (أَخْذُهُ وَيُعْتَقُ) الْمُكَاتَبُ (بِهِ) أَيْ: بِأَخْذِهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ مَلَكَهُ (ثُمَّ يَلْزَمُهُ) أَيْ: السَّيِّدَ (رَدُّ) مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ مُدَّعِيًا أَنَّهُ حَرَامٌ (إلَى