الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضَمِنَ) الدَّيْنَ (الْمُؤَجَّلَ حَالًّا لَمْ يَلْزَمْهُ) أَدَاؤُهُ (قَبْلَ أَجَلِهِ) ; لِأَنَّهُ فَرْعُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ مَا لَا يَلْزَمُ الْمَضْمُونَ عَنْهُ، كَمَا أَنَّ الْمَضْمُونَ لَوْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ تَعْجِيلَ الْمُؤَجَّلِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَعْجِيلُهُ (وَإِنْ عَجَّلَهُ) أَيْ الْمُؤَجَّلَ ضَامِنٌ (لَمْ يَرْجِعْ) ضَامِنٌ عَلَى مَضْمُونٍ عَنْهُ (حَتَّى يَحِلَّ الدَّيْنُ) ; لِأَنَّ ضَمَانَهُ لَا يُغَيِّرُهُ عَنْ تَأْجِيلِهِ، وَإِنْ أَذِنَهُ مَضْمُونٌ عَنْهُ بِتَعْجِيلِهِ فَفَعَلَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ (وَلَا يَحِلُّ) دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ بِمَوْتِ مَضْمُونٍ عَنْهُ (وَلَا) بِمَوْتِ (ضَامِنٍ) ; لِأَنَّ التَّأْجِيلَ مِنْ حُقُوقِ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَبْطُلْ بِمَوْتِهِ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ، وَمَحِلُّهُ إنْ وَثِقَ الْوَرَثَةُ، قَالَهُ فِي شَرْحِهِ
(وَمَنْ ضَمِنَ أَوْ كَفَلَ) شَخْصًا (ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَضْمُونِ أَوْ الْمَكْفُولِ (حَقٌّ) لِلْمَضْمُونِ أَوْ الْمَكْفُولِ لَهُ (صُدِّقَ خَصْمُهُ) أَيْ الْمَضْمُونِ أَوْ الْمَكْفُولِ لَهُ لِادِّعَائِهِ الصِّحَّةَ (بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ دَعْوَاهُ، فَإِنْ نَكَلَ مَضْمُونٌ أَوْ مَكْفُولٌ لَهُ قَضَى عَلَيْهِ بِبَرَاءَةِ الضَّمِينِ وَالْأَصِيلِ.
[فَصْلٌ فِي الْكَفَالَةِ]
ِ وَهِيَ لُغَةً مَصْدَرُ كَفَلَ بِمَعْنَى الْتَزَمَ وَشَرْعًا (الْتِزَامُ رَشِيدٍ إحْضَارَ مَنْ عَلَيْهِ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ (حَقٌّ مَالِيٌّ) مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَارِيَّةٍ وَنَحْوِهَا (إلَى رَبِّهِ) أَيْ الْحَقِّ مُتَعَلِّقٌ بِإِحْضَارٍ وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهَا لِعُمُومِ حَدِيثِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى الِاسْتِيثَاقِ بِضَمَانِ الْمَالِ وَالْبَدَنِ، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَمْتَنِعُ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِ فَلَوْ لَمْ تَجُزْ الْكَفَالَةُ لَأَدَّى إلَى الْحَرَجِ وَتَعَطُّلِ الْمُعَامَلَاتِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِمَا
(وَتَنْعَقِدُ) الْكَفَالَةُ (بِمَا) أَيْ لَفْظٍ (يَنْعَقِدُ بِهِ ضَمَانٌ) ; لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْهُ، فَانْعَقَدَتْ بِمَا يَنْعَقِدُ بِهِ قُلْتُ: فَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّتُهَا مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الضَّمَانُ وَصِحَّتُهَا بِبَدَنِ مَنْ يَصِحُّ ضَمَانُهُ
(وَإِنْ ضَمِنَ) رَشِيدٌ (مَعْرِفَتَهُ) أَيْ لَوْ جَاءَ يَسْتَدِينُ مِنْ إنْسَانٍ فَقَالَ: أَنَا لَا أَعْرِفُكَ فَلَا أُعْطِكَ، فَضَمِنَ آخَرُ مَعْرِفَتَهُ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يُدَايِنَهُ فَدَايَنَهُ وَغَابَ مُسْتَدِينٌ أَوْ تَوَارَى (أُخِذَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ضَامِنُ الْمَعْرِفَةِ (بِهِ) أَيْ الْمُسْتَدِينِ نَصًّا كَأَنَّهُ قَالَ: ضَمِنْتُ لَك حُضُورَهُ مَتَى أَرَدْتَ ; لِأَنَّكَ لَا تَعْرِفُهُ وَلَا يُمْكِنُكَ إحْضَارُ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: كَفَلْتُ بِبَدَنِهِ فَيُطَالَبُ بِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ مَعَ حَيَاتِهِ لَزِمَهُ مَا عَلَيْهِ لِمَنْ ضَمِنَ مَعْرِفَتَهُ لَهُ، وَلَا يَكْفِي أَنْ يَعْرِفَ رَبُّ الْمَالِ اسْمَهُ وَمَكَانَهُ، بِدَلِيلِ قَوْلِ الْإِمَامِ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ ضَمِنَ ; لِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِذَلِكَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ كُلَّ
وَقْتٍ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: أَعْطِ فُلَانًا أَلْفًا فَفَعَلَ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَفَالَةً وَلَا ضَمَانًا، إلَّا أَنْ يَقُولَ أَعْطِهِ عَنِّي
(وَتَصِحُّ) كَفَالَةٌ (بِبَدَنِ مَنْ عِنْدَهُ عَيْنٌ مَضْمُونَةٌ) كَعَارِيَّةِ وَغَصْبٍ (أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ) كَالضَّمَانِ، فَتَصِحُّ بِبَدَنِ كُلِّ مَنْ يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ بِدَيْنٍ لَازِمٍ وَلَوْ مَالًا فَتَصِحُّ بِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَجِبُ إحْضَارُهُمَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا بِالْإِتْلَافِ وَبِبَدَنِ مَحْبُوسٍ غَائِبٍ (وَلَا) تَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ (حَدٌّ) لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا، أَوْ لِآدَمِيٍّ كَحَدِّ قَذْفٍ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «لَا كَفَالَةَ فِي حَدٍّ» وَلِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْإِسْقَاطِ وَالدَّرْءِ بِالشُّبْهَةِ، فَلَا يَدْخُلُهُ الِاسْتِيثَاقُ وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ الْجَانِي.
(أَوْ) عَلَيْهِ (قِصَاصٌ) فَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَدِّ (وَلَا بِزَوْجَةٍ) لِزَوْجِهَا فِي حَقِّ الزَّوْجِيَّةِ لَهُ عَلَيْهَا (وَ) لَا ب (شَاهِدٍ) ; لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِمَا لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْكَفِيلِ وَلَا بِمُكَاتَبٍ لِدَيْنِ كِتَابَةٍ ; لِأَنَّ الْحُضُورَ لَا يَلْزَمُهُ، إذْ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ (وَلَا إلَى أَجَلٍ أَوْ شَخْصٍ مَجْهُولَيْنِ) أَمَّا عَدَمُ صِحَّتِهَا إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ فَلِأَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ يَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ فِيهِ، وَأَمَّا عَدَمُ صِحَّتِهَا بِشَخْصٍ مَجْهُولٍ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فِي الْحَالِ وَلَا فِي الْمَآلِ فَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ بِخِلَافِ ضَمَانِ دَيْنٍ مَجْهُولٍ يَئُولَ إلَى الْعِلْمِ (وَلَوْ فِي ضَمَانٍ) بِأَنْ قَالَ: ضَمِنْتُهُ إلَى نُزُولِ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ أَوْ قَالَ ضَمِنْتُ أَحَدَ هَذَيْنِ، فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ لِمَا تَقَدَّمَ
(وَإِنْ كَفَلَ) رَشِيدٌ (بِجُزْءٍ شَائِعٍ) كَثُلُثِ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ أَوْ رُبْعِهِ (أَوْ) كَفَلَ ب (عُضْوٍ) مِنْهُ ظَاهِرٍ كَرَأْسِهِ وَيَدِهِ أَوْ بَاطِنٍ كَقَلْبِهِ وَكَبِدِهِ صَحَّ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إحْضَارُهُ إلَّا بِإِحْضَارِ الْكُلِّ (أَوْ) تَكَفَّلَ (بِشَخْصٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ جَاءَ بِهِ) أَيْ الْكَفِيلِ فَقَدْ بَرِئَ (وَإِلَّا) يَجِئْ بِهِ (فَهُوَ كَفِيلٌ بِآخَرَ) مُعَيَّنٍ (أَوْ) فَهُوَ (ضَامِنٌ مَا عَلَيْهِ) مِنْ الْمَالِ، صَحَّ لِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ وَالضَّمَانِ عَلَى شَرْطٍ كَضَمَانِ الْعُهْدَةِ
(أَوْ) قَالَ (إذَا قَدِمَ الْحَاجُّ فَأَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ شَهْرًا صَحَّ) لِجَمْعِهِ تَعْلِيقًا وَتَوْقِيتًا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (وَيَبْرَأُ) مَنْ كَفَلَ شَهْرًا أَوْ نَحْوه (إنْ لَمْ يُطَالِبْهُ) مَكْفُولٌ لَهُ بِإِحْضَارِهِ (فِيهِ) أَيْ الشَّهْرِ وَنَحْوه ; لِأَنَّهُ بِمُضِيِّهِ لَا يَكُونُ كَفِيلًا وَأَمَّا تَوْقِيتُ الضَّمَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ
(وَإِنْ قَالَ) رَشِيدٌ لِرَبِّ الدَّيْنِ (أَبْرِئْ الْكَفِيلَ وَأَنَا كَفِيلٌ فَسَدَ الشَّرْطُ) وَهُوَ قَوْلُهُ: أَبْرِئْ الْكَفِيلَ ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ (فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ الْكَفَالَةِ ; لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَيْهِ.
وَلَوْ قَالَ: كَفَلْت لَك هَذَا الْمَدِينُ عَلَى أَنْ تُبْرِئَنِي مِنْ الْكَفَالَةِ بِفُلَانٍ، أَوْ ضَمِنْتُ لَك هَذَا
الدَّيْنَ بِشَرْطِ أَنْ تُبْرِئَنِي مِنْ ضَمَانِ الدَّيْنِ الْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ شَرْطُ فَسْخِ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ فَسْخِ بَيْعٍ آخَرَ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ فِي كَفَالَةٍ أَوْ ضَمَانٍ أَنْ يَتَكَفَّلَ الْمَكْفُولُ لَهُ أَوْ بِهِ بِآخَرَ، أَوْ يَضْمَنَ دَيْنًا عَلَيْهِ أَوْ يَبِيعَهُ شَيْئًا بِعَيْنِهِ أَوْ يُؤَجِّرَهُ دَارِهِ لَمْ يَصِحَّ لِمَا تَقَدَّمَ
(وَيُعْتَبَرُ) لِصِحَّةِ كَفَالَةٍ (رِضَا كَفِيلٍ لَا مَكْفُولٍ بِهِ) وَلَا مَكْفُولٍ لَهُ كَضَمَانٍ (وَمَتَى سَلَّمَهُ) أَيْ سَلَّمَ كَفِيلٌ مَكْفُولًا بِهِ لِمَكْفُولٍ لَهُ (بِمَحِلِّ عَقْدٍ وَقَدْ حَلَّ الْأَجَلُ) أَيْ أَجَلُ الْكَفَالَةِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ مُؤَجَّلَةً بَرِئَ الْكَفِيلُ ; لِأَنَّ الْكَفَالَةَ عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ فَبَرِئَ مِنْهُ بِعَمَلِهِ كَالْإِجَارَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ ضَرَرٌ أَوْ لَا فَإِنْ سَلَّمَهُ فِي غَيْرِ مَحِلِّ الْعَقْدِ أَوْ غَيْرِ مَوْضِعِ شَرْطِهِ لَمْ يَبْرَأْ ; لِأَنَّ رَبَّ الْحَقِّ قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَى إثْبَاتِ الْحُجَّةِ فِيهِ لِنَحْوِ غَيْبَةِ شُهُودِهِ (أَوْ لَا) أَيْ أَوْ سَلَّمَهُ وَلَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ.
(وَلَا ضَرَرَ) عَلَى مَكْفُولٍ لَهُ (فِي قَبْضِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ بَرِئَ كَفِيلٌ ; لِأَنَّهُ قَدْ زَادَهُ خَيْرًا بِتَعَجُّلِ حَقِّهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ لَغَيْبَةِ حُجَّتِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ مَجْلِسِ الْحُكْمِ، أَوْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ لَا يُمْكِنُ اقْتِضَاؤُهُ مِنْهُ وَنَحْوُهُ - لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ (وَلَيْسَ ثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ (يَدٌ حَائِلَةٌ) بَيْنَ رَبِّ الْحَقِّ وَالْمَكْفُولِ (ظَالِمَةٌ) فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ ; لِأَنَّهُ كَلَا تَسْلِيمٍ (أَوْ سَلَّمَ) مَكْفُولٌ (نَفْسَهُ) لِرَبِّ الْحَقِّ بَرِئَ الْكَفِيلُ ; لِأَنَّ الْأَصِيلَ أَدَّى مَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَضَى مَضْمُونٌ عَنْهُ الدَّيْنَ (أَوْ مَاتَ) الْمَكْفُولُ بَرِئَ كَفِيلٌ لِسُقُوطِ الْحُضُورِ عَنْهُ بِمَوْتِهِ (أَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ) الْمَضْمُونَةُ الَّتِي تَكَفَّلَ بِبَدَنِ مَنْ هِيَ عِنْدَهُ (بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ طَلَبٍ بَرِئَ كَفِيلٌ) ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَوْتِ الْمَكْفُولِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِتَلَفِهَا بَعْدَ طَلَبِهِ بِهَا وَلَا بِتَلَفِهَا بِفِعْلِ آدَمِيٍّ وَلَا بِغَصْبِهَا، وَلَوْ قَالَ كَفِيلٌ: إنْ عَجَزْتُ عَنْ إحْضَارِهِ أَوْ مَتَى عَجَزْتُ عَنْ إحْضَارِهِ كَانَ عَلَيَّ الْقِيَامُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ فَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: لَا يَبْرَأُ بِمَوْتِ الْمَكْفُولِ وَيَلْزَمُهُ مَا عَلَيْهِ
وَ (لَا) يَبْرَأُ كَفِيلٌ (إنْ مَاتَ هُوَ) أَيْ الْكَفِيلُ (أَوْ) مَاتَ (مَكْفُولٌ لَهُ) ; لِأَنَّ الْكَفَالَةَ أَحَدُ نَوْعَيْ الضَّمَانِ، فَلَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ كَفِيلٍ وَلَا مَكْفُولٍ لَهُ كَضَمَانِ الْمَالِ (وَإِنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ) أَيْ الْمَكْفُولِ عَلَى الْكَفِيلِ (مَعَ بَقَائِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ بِأَنْ تَوَارَى (أَوْ غَابَ) عَنْ الْبَلَدِ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا وَلَوْ بِدَارِ حَرْبٍ وَعُلِمَ خَبَرُهُ.
(وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ) كَفِيلٌ (رَدَّهُ) أَيْ الْمَكْفُولِ (فِيهِ أَوْ) مَضَى زَمَنٌ (عَيَّنَهُ) كَفِيلٌ (لِإِحْضَارِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ، بِأَنْ قَالَ: كَفَلْتُهُ عَلَى أَنْ أُحْضِرَهُ لَك غَدًا، فَمَضَى الْغَدُ وَلَمْ يُحْضِرْهُ أَوْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ لَا يُعْلَمُ فِيهَا خَبَرُهُ (ضَمِنَ) الْكَفِيلُ (مَا عَلَيْهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ
نَصًّا، لِعُمُومِ حَدِيثِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَلِأَنَّهَا أَحَدُ نَوْعَيْ الضَّمَانِ فَوَجَبَ الْغُرْمُ بِهَا كَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْمَالُ بِإِحْضَارِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ الْمُسَمَّى قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَ (لَا) يَضْمَنُ كَفِيلٌ مَا عَلَى مَكْفُولٍ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ.
(إذَا شَرَطَ) الْكَفِيلُ (الْبَرَاءَةَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَالِ عِنْدَ تَعَذُّرِ إحْضَارِهِ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» وَلِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ إحْضَارَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مَا الْتَزَمَهُ (وَإِنْ ثَبَتَ) بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ مَكْفُولٍ لَهُ (مَوْتُهُ) أَيْ الْمَكْفُولِ الْغَائِبِ أَوْ نَحْوِهِ (قَبْلَ غُرْمِهِ) أَيْ الْكَفِيلِ الْمَالَ لِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ (اسْتَرَدَّهُ) أَيْ مَا غَرِمَهُ كَفِيلٌ لِتَبَيُّنِ بَرَاءَةِ الْكَفِيلِ بِمَوْتِ الْمَكْفُولِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَخْذَ مِنْهُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى مَكْفُولٍ بَعْدَ أَدَائِهِ عَنْهُ مَا لَزِمَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهُ فِي رُجُوعِهِ عَلَيْهِ كَضَامِنٍ وَأَنْ لَا يُسَلِّمَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ ثُمَّ يَسْتَرِدَّ مَا أَدَّاهُ، بِخِلَافِ مَغْصُوبٍ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مَعَ بَقَائِهِ، لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ (وَالسَّجَّانُ كَالْكَفِيلِ) فَيَغْرَمُ إنْ هَرَبَ مِنْهُ الْمَحْبُوسُ وَعَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ يُجْعَلُ فِي حِفْظِ الْغَرِيمِ، وَكَذَا رَسُولُ الشَّرْعِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ هَرَبَ غَرِيمٌ مِنْهُ فَعَلَيْهِ إحْضَارُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، أَوْ يَغْرَمُ مَا عَلَيْهِ وَعَلَى الثَّانِي إنْ كَانَ بِتَفْرِيطِهِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ وَإِلَّا فَلَا.
(وَإِذَا طَالَبَ كَفِيلٌ مَكْفُولًا بِهِ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُ) لِيُسَلِّمَهُ لِغَرِيمِهِ وَيَبْرَأَ مِنْهُ لَزِمَهُ بِشَرْطِهِ (أَوْ) طَالَبَ (ضَامِنٌ مَضْمُونًا بِتَخْلِيصِهِ) مِنْ ضَمَانِهِ بِأَدَاءِ الْحَقِّ لِرَبِّهِ (لَزِمَهُ) أَيْ الْمَدِينَ (إنْ كَفَلَ أَوْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمَكْفُولِ أَوْ الْمَضْمُونِ (وَطُولِبَ) كَفِيلٌ أَوْ ضَامِنٌ بِذَلِكَ ; لِأَنَّهُ شَغَلَ ذِمَّتَهُ مِنْ أَجَلِهِ بِإِذْنِهِ، فَلَزِمَهُ تَخْلِيصُهَا، كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ عَبْدَهُ فَرَهَنَهُ بِإِذْنِهِ ثُمَّ طَلَبَهُ سَيِّدُهُ بِفَكِّهِ (وَيَكْفِي) فِي لُزُومِ الْحُضُورِ (فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى) أَيْ مَسْأَلَةِ الْكَفَالَةِ (أَحَدُهُمَا) أَيْ الْإِذْنُ أَوْ مُطَالَبَةُ رَبِّ الدَّيْنِ الْكَفِيلَ أَمَّا مَعَ الْإِذْنِ فَلِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا مَعَ الْمُطَالَبَةِ فَلِأَنَّ حُضُورَ الْمَكْفُولِ حَقٌّ لِلْمَكْفُولِ لَهُ، وَقَدْ اسْتَنَابَ الْكَفِيلَ فِي ذَلِكَ بِمُطَالَبَتِهِ بِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالْوَكَالَةِ
(وَمَنْ كَفَلَهُ اثْنَانِ) مَعًا أَوَّلًا (فَسَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ) لِانْحِلَالِ إحْدَى الْوَثِيقَتَيْنِ بِلَا اسْتِيفَاءٍ فَلَا تَنْحَلُّ الْأُخْرَى، كَمَا لَوْ أَبْرَأَ أَحَدُهُمَا أَوْ انْفَكَّ أَحَدُ الرَّهْنَيْنِ بِلَا قَضَاءٍ (وَإِنْ سَلَّمَ) مَكْفُولٌ (نَفْسَهُ بَرِئَا) أَيْ الْكَفِيلَانِ لِأَدَاءِ الْأَصِيلِ مَا عَلَيْهِمَا (وَإِنْ كَفَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ الْكَفِيلِينَ (شَخْصٌ آخَرُ فَأَحْضَرَ) هَذَا الْآخَرَ (الْمَكْفُولَ بِهِ) أَيْ مَكْفُولَ مَكْفُولِهِ (بَرِئَ) مَنْ أَحْضَرَهُ (وَهُوَ مَنْ تَكَفَّلَ