الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الْأَرْضِ بِأَنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَأَخْرَجَا الْبَذْرَ نِصْفَيْنِ وَجَعَلَا لِلْعَامِلِ عَلَيْهَا مِنْهُمَا الثُّلُثَيْنِ (صَحَّ) وَالسُّدُسُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِ الْعَامِلِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ كَأَنَّ شَرِيكَهُ. قَالَ: زَارَعْتُكَ عَلَى نَصِيبِي بِثُلُثِهِ فَيَجُوزُ كَالْأَجْنَبِيِّ وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ.
(مَنْ زَارَعَ أَوْ أَجَّرَ) شَخْصًا (أَرْضًا وَسَاقَاهُ عَلَى شَجَرٍ بِهَا صَحَّ) ; لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ يَجُوزُ إفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَجَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَسَوَاءٌ قَلَّ بَيَاضُ الْأَرْضِ أَوْ كَثُرَ نَصًّا (مَا لَمْ يَكُنْ) ذَلِكَ (حِيلَةً) عَلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ وُجُودِهَا أَوْ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (وَمَعَهَا) أَيْ: الْحِيلَةِ (إنْ جَمَعَهُمَا) أَيْ: الْإِجَارَةَ وَالْمُسَاقَاةَ (فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ (فَتَفْرِيقُ صَفْقَةٍ) فَيَصِحُّ فِي الْإِجَارَةِ وَيَبْطُلُ فِي الْمُسَاقَاةِ.
(وَلِمُسْتَأْجِرٍ فَسْخُ الْإِجَارَةِ) لِتَبَعُّضِ الصَّفْقَةِ فِي حَقِّهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا فِي عَقْدٍ. بَلْ أَفْرَدَ الْإِجَارَةَ بِعَقْدٍ وَالْمُسَاقَاةَ بِآخَرَ (فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ) فَقَطْ ; لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْإِجَارَةِ بِالثَّمَرِ. وَلَا فَسْخَ لِلْمُسْتَأْجِرِ ; لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُفْرَدَةٌ عَنْ غَيْرِهَا كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُسَاقَاةٌ. قَالَ: (الْمُنَقِّحُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ عَقْدِ الْحِيلَةِ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى.
وَسَوَاءٌ كَانَ إجَارَةً أَوْ مُسَاقَاةً جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ فَرَّقَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْأَرْضِ إلَّا شَجَرَاتٌ يَسِيرَةٌ لَمْ يَجُزْ شَرْطُ ثَمَرِهَا لِعَامِلِ مُزَارَعَةٍ وَمَا سَقَطَ مِنْ حَبٍّ فِي حَصَادٍ فَنَبَتَ عَامًا آخَرَ، فَلِرَبِّ الْأَرْضِ نَصًّا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: مَالِكًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا وَكَذَا مَنْ بَاعَ قَصِيلًا فَحُصِدَ وَبَقِيَ يَسِيرٌ فَصَارَ سُنْبُلًا فَلِرَبِّ الْأَرْضِ. وَاللِّقَاطُ مُبَاحٌ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيَحْرُمُ مَنْعُهُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُدْخَلَ مَزْرَعَةَ أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِهِ وَقَالَ: لَمْ يَرَ بَأْسَا بِدُخُولِهِ يَأْخُذُ كَلًّا وَشَوْكًا لِإِبَاحَتِهِ ظَاهِرًا. عُرْفًا وَعَادَةً، وَإِذَا فَسَخَ الْعَامِلُ الْمُزَارَعَةَ قَبْلَ الزَّرْعِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ ظُهُورِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا عَمِلَ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْأَرْضِ وَبَعْدَ ظُهُورِ الزَّرْعِ لَهُ حِصَّتُهُ وَعَلَيْهِ تَمَامُ الْعَمَلِ كَالْمُسَاقَاةِ.
[بَابُ الْإِجَارَةِ]
ِ مِنْ الْأَجْرِ وَهُوَ الْعِوَضُ. وَمِنْهُ سُمِّيَ الثَّوَابُ أَجْرًا ; لِأَنَّهُ تَعَالَى يُعَوِّضُهُ الْعَبْدَ عَلَى طَاعَتِهِ أَوْ صَبْرِهِ عَنْ مَعْصِيَتِهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: الْإِجَارَةُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاتَّفَقَ عَلَى إجَازَتِهَا كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ قَوْلَهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ
إلَيْهَا ; لِأَنَّ أَكْثَرَ الْمَنَافِعِ بِالصَّنَائِعِ. وَهِيَ لُغَةً الْمُجَازَاةُ يُقَالُ: آجَرَهُ اللَّهُ عَلَى عَمَلِهِ إذَا جَازَاهُ عَلَيْهِ.
وَشَرْعًا (عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ) لَا مُحَرَّمَةٍ كَزِنًا وَزَمْرٍ (مَعْلُومَةٍ) لَا مَجْهُولَةٍ (مُدَّةً مَعْلُومَةً) كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ (مِنْ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَوْصُوفَةٍ فِي الذِّمَّةِ) كَسُكْنَى هَذِهِ الدَّارِ سَنَةً أَوْ دَابَّةٍ صِفَتُهَا كَذَا لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ سَنَةً مَثَلًا (أَوْ) عَلَى (عَمَلٍ مَعْلُومٍ) كَحَمْلِهِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ ضَرْبَانِ: وَيَأْتِي (بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ) فِي الضَّرْبَيْنِ فَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ ; لِأَنَّهَا الَّتِي تُسْتَوْفَى دُونَ الْعَيْنِ وَالْعِوَضُ فِي مُقَابَلَتِهَا، وَإِنَّمَا أُضِيفَ الْعَقْدُ لِلْعَيْنِ ; لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْمَنْفَعَةِ كَمَا تُضَافُ الْمُسَاقَاةُ لِلْبُسْتَانِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الثَّمَرُ وَلَوْ قَالَ: آجَرْتُك مَنْفَعَةَ دَارِي جَازَ (وَالِانْتِفَاعُ) مِنْ قِبَلِ مُسْتَأْجَرٍ (تَابِعٍ) لِلْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا (وَيُسْتَثْنَى مِنْ شَرْطِ الْمُدَّةِ صُورَةٌ تَقَدَّمَتْ فِي الصُّلْحِ) وَهِيَ أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى إجْرَاءِ مَائِهِ فِي أَرْضِهِ أَوْ سَطْحِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا تَقْدِيرُ الْمُدَّةِ لِلْحَاجَةِ كَنِكَاحٍ.
(وَ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا (مَا فَعَلَهُ) أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقْسَمْ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَأَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَسَوَادِ الْعِرَاقِ حَيْثُ وَقَفَهَا وَأَقَرَّهَا بِأَيْدِي أَرْبَابِهَا بِخَرَاجٍ ضَرَبَهُ عَلَيْهَا فِي كُلِّ عَامٍ أُجْرَةً لَهَا وَلَمْ يُقَدِّرْ مُدَّتَهَا لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ وَأَرْكَانُ الْإِجَارَةِ الْعَاقِدَانِ وَالْعِوَضَانِ وَالصِّيغَةُ (وَهِيَ) أَيْ: الْإِجَارَةُ (وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ وَالْعَرَايَا وَالشُّفْعَةُ وَالْكِتَابَةُ وَنَحْوُهَا) كَالسَّلَمِ (مِنْ الرُّخَصِ الْمُسْتَقِرِّ حُكْمُهَا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ) إذْ الشُّفْعَةُ انْتِزَاعُ مِلْكِ الْإِنْسَانِ مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَالْكِتَابَةُ يَتَّحِدُ فِيهَا الْمُشْتَرَى وَالْمَبِيعُ وَالْبَقِيَّةُ فِيهَا الْغَرَرُ (وَالْأَصَحُّ لَا) أَيْ: أَنَّهَا عَلَى (وَفْقِ الْقِيَاسِ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُخَصِّصْ الْعِلَّةَ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُ مُخَالِفَةُ قِيَاسٍ صَحِيحٍ وَمَنْ خَصَّصَهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ الشَّيْءُ خِلَافَ الْقِيَاسِ إذَا كَانَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ مَوْجُودًا فِيهِ وَتَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهُ.
(وَتَنْعَقِدُ) الْإِجَارَةُ (بِلَفْظِ إجَارَةٍ وَ) بِلَفْظِ (كِرَاءٍ) كَأَجَرْتُك وَأَكْرَيْتُك وَاسْتَأْجَرْت وَاكْتَرَيْت ; لِأَنَّ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ مَوْضُوعَانِ لَهَا.
(وَ) تَنْعَقِدُ ب (مَا بِمَعْنَاهُمَا) كَأَعْطَيْتُكَ نَفْعَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ مَلَّكْتُكَهُ سَنَةً بِكَذَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَكَذَا لَوْ أَضَافَهُ إلَى الْعَيْنِ كَأَعْطَيْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً بِكَذَا.
(وَ) تَصِحُّ (بِلَفْظِ بَيْعٍ إنْ لَمْ يُضَفْ إلَى الْعَيْنِ) نَحْوُ بِعْتُكَ نَفْعَ دَارِي شَهْرًا بِكَذَا فَيَصِحُّ ; لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ وَالْمَنَافِعُ بِمَنْزِلَةِ الْأَعْيَانِ ; لِأَنَّهَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا وَتُضْمَنُ بِالْيَدِ وَالْإِتْلَافِ.
فَإِنْ أُضِيفَتْ إلَى الْعَيْنِ كَبِعْتُكِ دَارِي شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ