الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالشَّرِكَةِ إذْنٌ لَهُمْ. قَالَ: وَإِنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَخَذَ وَلَمْ يُعْطِ غَيْرَهُ وَاشْتَرَكَا فِي الْكَسْبِ جَازَ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ كَالْمُبَاحِ وَقَالَ: تَصِحُّ شَرِكَةُ الشُّهُودِ.
(وَمُوجِبُ الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ) فِي شَرِكَةٍ وَجَعَالَةٍ وَإِجَارَةٍ (التَّسَاوِي فِي عَمَلٍ وَأَجْرٍ) ; لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمْ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْفَضْلَ (وَلِذِي زِيَادَةِ عَمَلٍ لَمْ يَتَبَرَّعْ) بِالزِّيَادَةِ (طَلَبُهَا) مِنْ رَفِيقِهِ لِيَحْصُل التَّسَاوِي (وَيَصِحُّ جَمْعٌ بَيْنَ شَرِكَةِ عِنَانٍ وَأَبْدَانٍ وَوُجُوهٍ وَمُضَارَبَةٍ) لِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا فَصَحَّتْ مَعَ غَيْرِهَا قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا: وَكَمَا لَوْ ضَمَّ مَاءَ طَهُورٍ إلَى مِثْلِهِ.
[فَصْلٌ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ]
فَصْلٌ: وَالضَّرْبُ الْخَامِسُ: شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ) وَهِيَ) لُغَةً: الِاشْتِرَاكُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَشَرْعًا (قِسْمَانِ) : أَحَدُهُمَا (صَحِيحٌ. وَهُوَ) نَوْعَانِ: الْأَوَّلُ (تَفْوِيضُ كُلٍّ) مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (إلَى صَاحِبِهِ شِرَاءً وَبَيْعًا فِي الذِّمَّةِ وَمُضَارَبَةً وَتَوْكِيلًا وَمُسَافَرَةً بِالْمَالِ وَارْتِهَانًا وَضَمَانًا) أَيْ: تَقَبُّلَ (مَا يَرَى مِنْ الْأَعْمَالِ) وَالنَّوْعُ الثَّانِي: ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ يَشْتَرِكَانِ فِي كُلِّ مَا يَثْبُتُ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا إنْ لَمْ يُدْخِلَا) فِي ذَلِكَ (كَسْبًا نَادِرًا أَوْ غَرَامَةً) ; لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ أَضْرُبِ الشَّرِكَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ.
(وَ) الْقِسْمُ الثَّانِي: (فَاسِدٌ، وَهُوَ أَنْ يُدْخِلَا) فِي الشَّرِكَةِ (كَسْبًا نَادِرًا كَوِجْدَانِ لُقَطَةٍ، أَوْ رِكَازٍ، أَوْ) يُدْخِلَا فِيهَا (مَا يَحْصُلُ) لَهُمَا (مِنْ مِيرَاثٍ، أَوْ) يُدْخِلَا فِيهَا (مَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمَا مِنْ ضَمَانِ غَصْبٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) كَضَمَانِ عَارِيَّةٍ وَلُزُومِ مَهْرٍ بِوَطْءٍ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِمِثْلِهِ ; وَلِمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ الْغَرَرِ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَلْزَمُ فِيهِ مَا لَا يَقْدِرُ الشَّرِيكُ عَلَيْهِ (وَلِكُلٍّ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي هَذَا الْقِسْمِ (مَا يَسْتَفِيدُهُ وَ) لَهُ (رِبْحُ مَالِهِ. وَ) لَهُ (أُجْرَةُ عَمَلِهِ) لَا يَشْرُكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ لِفَسَادِ الشَّرِكَةِ (وَيَخْتَصُّ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِضَمَانِ مَا غَصَبَهُ أَوْ جَنَاهُ أَوْ ضَمِنَهُ عَنْ الْغَيْرِ) ; لِأَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ.
[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]
ِ مِنْ السَّقْيِ ; لِأَنَّهُ أَهَمُّ أَمْرِهَا بِالْحِجَازِ ; لِأَنَّ النَّخْلَ تُسْقَى بِهِ نَضْحًا مِنْ الْآبَارِ فَتَكْثُرُ مَشَقَّتُهُ، وَشَرْعًا (دَفْعُ شَجَرٍ مَغْرُوسٍ مَعْلُومٍ) لِلْمَالِكِ وَالْعَامِلِ بِرُؤْيَةٍ أَوْ وَصْفٍ.
فَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى بُسْتَانٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَا مَوْصُوفٍ أَوْ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْحَائِطَيْنِ لَمْ تَصِحَّ ; لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِيهَا بِاخْتِلَافِ الْأَعْيَانِ فَلَمْ تَجُزْ عَلَى غَيْرِ مَعْلُومٍ كَالْبَيْعِ (لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ) أَيْ: الشَّجَرِ (بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ ثَمَرُهُ) النَّامِي بِعَمَلِهِ وَسَوَاءٌ النَّخْلُ وَالْكَرْمُ وَالرُّمَّانُ وَالْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالزَّيْتُونُ وَغَيْرُهَا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «عَامَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَالْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ حَاجَتَيْ رَبِّ الشَّجَرِ وَالْعَامِلِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «كُنَّا نُخَابِرُ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى حَدَّثَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ مُعَامَلَاتٍ فَاسِدَةٍ فَسَّرَهَا رَافِعٌ وَهُوَ مُضْطَرِبٌ أَيْضًا.
قَالَ أَحْمَدُ: رَافِعٌ يُرْوَى عَنْهُ فِي هَذَا ضُرُوبٌ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ يُوهِنُ حَدِيثَهُ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ عَلَى قُطْنٍ وَمَقَاثِي وَمَا لَا سَاقَ لَهُ وَلَا عَلَى مَا لَا ثَمَرَ لَهُ مَأْكُولٌ كَسَرْوٍ وَصَفْصَافٍ وَلَوْ كَانَ لَهُ زَهْرٌ مَقْصُودٌ كَنَرْجِسِ وَيَاسَمِينٍ وَلَا إنْ جَعَلَ لِلْعَامِلِ كُلَّ الثَّمَرَةِ وَلَا جُزْءًا مُبْهَمًا كَسَهْمٍ وَنَصِيبٍ وَلَا آصُعًا وَلَوْ مَعْلُومَةً أَوْ دَرَاهِمَ وَلَا ثَمَرَةَ شَجَرَةٍ فَأَكْثَرَ مُعَيَّنَةٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْبُسْتَانِ أَجْنَاسٌ وَجَعَلَ لَهُ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ جُزْءًا مُشَاعًا مَعْلُومًا كَنِصْفِ الْبَلَحِ وَثُلُثِ الْعِنَبِ وَرُبُعِ الرُّمَّانِ وَهَكَذَا جَازَ أَوْ سَاقَاهُ عَلَى بُسْتَانَيْنِ: أَحَدُهُمَا بِالنِّصْفِ وَالْآخَرُ بِالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ أَوْ سَاقَاهُ عَلَى بُسْتَانٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ سِنِينَ، السَّنَةُ الْأُولَى بِالنِّصْفِ وَالثَّانِيَةُ بِالثُّلُثِ وَالثَّالِثَةُ بِالرُّبُعِ وَنَحْوِهِ. جَازَ وَتَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْبَعْلِ مِنْ الشَّجَرِ كَاَلَّذِي يَحْتَاجُ لِلسَّقْيِ.
(وَالْمُنَاصَبَةُ.) هِيَ (الْمُغَارَسَةُ دَفْعُهُ) أَيْ: الشَّجَرِ الْمَعْلُومِ الَّذِي لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ (بِلَا غَرْسٍ مَعَ أَرْضٍ لِمَنْ يَغْرِسُهُ) فِيهَا (وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الشَّجَرِ عَيْنِهِ (أَوْ مِنْ ثَمَرِهِ أَوْ مِنْهُمَا) أَيْ: الشَّجَرِ وَثَمَرِهِ نَصًّا وَاحْتُجَّ بِحَدِيثِ خَيْبَرَ ; وَلِأَنَّ الْعَمَلَ وَعِوَضَهُ مَعْلُومَانِ فَصَحَّتْ كَالْمُسَاقَاةِ عَلَى شَجَرٍ مَغْرُوسٍ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَوْ كَانَ نَاظِرَ وَقْفٍ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِنَاظِرٍ بَعْدَهُ بَيْعُ نَصِيبِ الْوَقْفِ مِنْ الشَّجَرِ بِلَا حَاجَةٍ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغِرَاسُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَسَدَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ تَكْلِيفِ رَبِّ الْغِرَاسِ أَخْذَهُ، وَيَضْمَنُ لَهُ نَقْصَهُ وَبَيْنَ تَمَلُّكِهِ بِقِيمَتِهِ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ رَبُّهُ أَخْذَهُ.
وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى إبْقَائِهِ بِأُجْرَةٍ جَازَ وَإِنْ دَفَعَ أَرْضًا وَشَجَرًا لِمَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ الشَّجَرِ لَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ جَعَلَ لَهُ فِي الْمُسَاقَاةِ جُزْءًا مِنْ الشَّجَرِ.
(وَالْمُزَارَعَةُ دَفْعُ أَرْضٍ وَحَبٍّ لِمَنْ
يَزْرَعُهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ. أَوْ) دَفْعُ (مَزْرُوعٍ لِيَعْمَلَ عَلَيْهِ) الْمَدْفُوعُ لَهُ (بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْمُتَحَصَّلِ) وَتُسَمَّى مُخَابَرَةً مِنْ الْخَبَارِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَهِيَ الْأَرْضُ اللَّيِّنَةُ وَمُوَاكَرَةً وَالْعَامِلُ فِيهَا خَبِيرٌ وَأَكَارَ وَمَوَاكِرَ، وَيَشْهَدُ لِجَوَازِهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَتَقَدَّمَ وَزَارَعَ عَلِيٌّ وَسَعْدٌ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمْ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا كَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ بَلْ الْحَاجَةُ إلَى الزَّرْعِ آكَدُ مِنْهَا إلَى غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ مُقْتَاتًا وَحَدِيثُ رَافِعٍ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ. وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُخَابَرَةِ يُعَارِضُهُ حَدِيثُهُ فِي خَيْبَرَ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا مَهْمَا أَمْكَنَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ ; لِاسْتِحَالَةِ نَسْخِ قِصَّةِ خَيْبَرَ لِاسْتِمْرَارِ عَمَلِ الْخُلَفَاءِ بِهَا.
(وَيُعْتَبَرُ) لِمُسَاقَاةٍ وَمُنَاصَبَةٍ وَمُزَارَعَةٍ (كَوْنُ عَاقِدِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نَافِذَ التَّصَرُّفِ) بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا رَشِيدًا ; لِأَنَّهَا عُقُودُ مُعَارَضَةٍ أَشْبَهَتْ الْبَيْعَ.
(وَتَصِحُّ مُسَاقَاةٌ بِلَفْظِهَا) كَسَاقَيْتُكَ عَلَى هَذَا الْبُسْتَانِ وَنَحْوِهِ (وَ) تَصِحُّ بِلَفْظِ (مُعَامَلَةٍ وَمُفَالَحَةٍ. وَ) بِلَفْظِ (اعْمَلْ بُسْتَانِي هَذَا) حَتَّى تَكْمُلَ ثَمَرَتُهُ عَلَى النِّصْفِ مَثَلًا (وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُؤَدِّي ذَلِكَ الْمَعْنَى ; لِأَنَّهُ الْقَصْدُ. فَأَيُّ لَفْظٍ دَلَّ عَلَيْهِ انْعَقَدَتْ بِهِ كَالْبَيْعِ (وَ) تَصِحُّ مُسَاقَاةٌ بِلَفْظِ إجَارَةٍ (مَعَ مُزَارَعَةٍ) أَيْ: وَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ أَيْضًا (بِلَفْظِ إجَارَةٍ) كَاسْتَأْجَرْتُك لِتَعْمَلَ عَلَى هَذَا الْبُسْتَانِ حَتَّى تَكْمُلَ ثَمَرَتُهُ بِثُلُثِهَا أَوْ اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَزْرَعَ هَذَا الْحَبَّ بِهَذِهِ الْأَرْضِ وَتَعْمَلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتِمَّ بِالرُّبُعِ وَنَحْوِهِ ; لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُؤَدٍّ لِلْمَعْنَى.
(وَ) تَصِحُّ مُسَاقَاةٌ وَمُزَارَعَةٌ (عَلَى ثَمَرَةٍ وَزَرْعٍ مَوْجُودَيْنِ يَنْمِيَانِ بِعَمَلٍ) ; لِأَنَّهُمَا إذَا جَازَا فِي الْمَعْدُومَيْنِ مَعَ كَثْرَةِ الْغَرَرِ فَعَلَى الْمَوْجُودَيْنِ مَعَ قِلَّتِهِ أَوْلَى.
(وَتَصِحُّ إجَارَةُ أَرْضٍ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ) كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ (مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا) أَيْ: الْأَرْضِ الْمُؤَجَّرَةِ طَعَامًا كَانَ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَهِيَ إجَارَةُ حَقِيقَةً يُشْتَرَطُ لَهَا شُرُوطُ الْإِجَارَةِ. فَكَمَا تَصِحُّ بِالدَّرَاهِمِ تَصِحُّ بِالْخَارِجِ مِنْهَا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَمَنْ تَبِعَهُ هِيَ مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَهُ بِآصُعٍ مَعْلُومَةٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا لَمْ تَصِحَّ كَمَا لَوْ كَانَ الْجُزْءُ الْمُشَاعُ مَجْهُولًا.
(فَإِنْ لَمْ تُزْرَعْ) أَرْضٌ أُجِّرَتْ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا قُلْت: أَوْ زُرِعَتْ فَلَمْ تَنْبُتْ (نُظِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (إلَى مُعَدَّلِ الْمُغَلِّ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ: إلَى الْمُغَلِّ الْمُعَدَّلِ أَيْ: الْمُوَازِنِ لِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا لَوْ زُرِعَتْ (فَيَجِبُ الْقِسْطُ الْمُسَمَّى) لِرَبِّ الْأَرْضِ، فَإِنْ فَسَدَتْ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ.
(وَ) تَصِحُّ إجَارَةٍ أَرْضٍ (بِطَعَامٍ مَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِ الْخَارِجِ) مِنْهَا (أَوْ) مِنْ (غَيْرِهِ) بِأَنْ آجَرَهَا سَنَةً لِزَرْعِ بُرٍّ بِقَفِيزِ بُرٍّ وَلَمْ يَقُلْ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا أَوْ بِقَفِيزِ شَعِيرٍ
وَنَحْوِهِ كَمَا لَوْ آجَرَهَا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ.
(وَلَوْ عَمِلَا) أَيْ: الشَّرِيكَانِ (فِي شَجَرٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ثَمَرِهِ) فَإِنْ قَالَا: عَلَى أَنَّ لَك الثُّلُثَ وَلِي الثُّلُثَيْنِ مَثَلًا (صَحَّ) ; لِأَنَّ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْفَضْلَ قَدْ يَكُونُ أَقْوَى عَلَى الْعَمَلِ مِنْ الْمَفْضُولِ، وَأَعْرَفَ بِهِ مِنْهُ (بِخِلَافِ مُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِنِصْفِهِ) أَوْ ثُلُثِهِ وَنَحْوِهِ. فَلَا تَصِحُّ ; لِأَنَّ الْعَامِلَ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ بِمِلْكِهِ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ شَيْئًا.
وَإِنْ شُرِطَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ فَقَدْ جُعِلَ لِغَيْرِ الْعَامِلِ جُزْءٌ مِنْ نَصِيبِ الْعَامِلِ وَيَسْتَعْمِلُهُ بِلَا عِوَضٍ، فَلَا يَسْتَحِقُّهُ. وَالثَّمَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ لِتَبَرُّعِهِ بِهِ (أَوْ) أَيْ: وَبِخِلَافِ مُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ ب (كُلِّهِ) أَيْ: الثَّمَرِ فَلَا يَصِحُّ (وَلَهُ) أَيْ: الْعَامِلِ (أُجْرَتُهُ) أَيْ: أُجْرَةُ مِثْلِهِ (إنْ شَرَطَ الْكُلَّ لَهُ) ; لِأَنَّهُ عَمَلٌ بِعِوَضٍ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ.
(وَيَصِحُّ تَوْقِيتُ مُسَاقَاةٍ) كَوَكَالَةٍ وَشَرِكَةٍ وَمُضَارَبَةٍ ; لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ) تَوْقِيتُ الْمُسَاقَاةِ ; لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إبْقَاؤُهُ وَفَسْخُهُ. فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّوْقِيتِ كَالْمُضَارَبَةِ (وَيَصِحُّ) تَوْقِيتُهَا (إلَى جِذَاذٍ وَ) إلَى (إدْرَاكٍ. وَ) إلَى مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ لَا إلَى مُدَّةٍ لَا تَحْتَمِلُهُ ; لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا إذَنْ.
(وَمَتَى انْفَسَخَتْ) الْمُسَاقَاةُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا، أَوْ مَوْتِهِ وَنَحْوَهُ (وَقَدْ ظَهَرَ ثَمَرٌ) فِيمَا سَاقَاهُ عَلَيْهِ (ف) الثَّمَرَةُ (بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ) فِي الْعَقْدِ (وَعَلَى عَامِلٍ) أَوْ وَارِثِهِ (تَمَامُ الْعَمَلِ) كَالْمُضَارِبِ يَبِيعُ الْعُرُوضَ بَعْدَ فَسْخِ الْمُضَارَبَةِ لِيَفُضَّ الْمَالَ، فَإِنْ حَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى بَعْدَ الْفَسْخِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا.
قَالَ (الْمُنَقِّحُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِمْ عَلَى الْعَامِلِ بَعْدَ الْفَسْخِ تَمَامُ الْعَمَلِ (دَوَامُ الْعَمَلِ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْمُنَاصَبَةِ وَلَوْ فُسِخَتْ) الْمُغَارَسَةُ (إلَى أَنْ تَبِيدَ) الْأَشْجَارُ الْمَغْرُوسَةُ (وَالْوَاقِعُ كَذَلِكَ) انْتَهَى. وَإِنْ بَاعَ عَامِلٌ أَوْ وَارِثُهُ نَصِيبَهُ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ جَازَ. وَصَحَّ شَرْطُهُ كَالْمُكَاتَبِ يُبَاعُ عَلَى كِتَابَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرٍ فَلَهُ الْخِيَارُ ذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ فِي الْإِقْنَاعِ.
(وَلَا شَيْءَ لِعَامِلٍ فَسَخَ) الْمُسَاقَاةَ (أَوْ هَرَبَ قَبْلَ ظُهُورِ) الثَّمَرِ لِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ بِرِضَاهُ كَعَامِلِ الْمُضَارَبَةِ إذَا فَسَخَ قَبْلَ ظُهُورِ رِبْحٍ
(وَلَهُ) أَيْ: الْعَامِلِ (إنْ مَاتَ) الْعَامِلُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ (أَوْ فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ) الْمُسَاقَاةَ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ وَبَعْدَ الْعَمَلِ (أُجْرَةُ عَمَلِهِ) ; لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ الْعِوَضَ الْمُسَمَّى وَلَمْ يَرْضَ الْعَامِلُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْهُ ; لِأَنَّ الْمَوْتَ لَمْ يَأْتِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَفِيمَا إذَا فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ هُوَ الَّذِي مَنَعَهُ مِنْ إتْمَامِ الْعَمَلِ فَإِذَا تَعَذَّرَ الْمُسَمَّى رَجَعَ إلَى أَجْرِ الْمِثْلِ وَفَارَقَ ذَلِكَ فَسْخُ رَبِّ الْمَالِ الْمُضَارَبَةَ قَبْلَ ظُهُورِ رِبْحٍ ; لِأَنَّ