الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَيْعُ وَرَجَعَ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعٍ بِمَا أُخِذَ مِنْهُ. وَكَذَا إنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ. وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْآخَرِ. فَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ لِلْمُدَّعِي ; لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ، وَيُقَرُّ مَبِيعٌ بِيَدِ مُشْتَرٍ ; لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فِي الظَّاهِرِ. وَلِبَائِعٍ إحْلَافُهُ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْبَائِعُ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي ; لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ. وَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ لَمْ يَسْتَرْجِعْهُ مُشْتَرٍ لِأَنَّهُ يَدَّعِيهِ. وَمَتَى عَادَ بِالْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ بِفَسْخٍ أَوْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ إلَى مُدَّعِيهِ وَلَهُ اسْتِرْجَاعُ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ. وَإِنْ أَقَرَّ بَائِعٌ فِي مُدَّةِ خِيَارٍ انْفَسَخَ الْبَيْعُ ; لِأَنَّهُ يَمْلِكُ فَسْخَهُ فَقُبِلَ إقْرَارُهُ بِمَا يَفْسَخُهُ. وَإِنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لَزِمَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ وَلَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، وَعَلَيْهِ دَفْعُهُ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ وَإِنْ أَقَامَ مُشْتَرٍ بَيِّنَةً بِمَا أَقَرَّ بِهِ رَجَعَ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَإِنْ كَانَ حَالَ الْبَيْعِ قَالَ: بِعْتُكَ بِهِ عِنْدِي هَذَا أَوْ مِلْكِي لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ يُكَذِّبُهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ ذَلِكَ قُبِلَتْ لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُ مِلْكَهُ وَغَيْرَهُ. وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ سُمِعَتْ وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ، لَكِنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَائِعِ لَهُ، لِأَنَّهُ يَجُرُّ بِهَا إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا. وَإِنْ أَنْكَرَاهُ جَمِيعًا فَلَهُ إحْلَافُهُمَا. وَمَنْ وَجَدَ سَرِقَتَهُ عِنْدَ إنْسَانٍ بِعَيْنِهَا فَقَالَ أَحْمَدُ: هُوَ مِلْكُهُ يَأْخُذُهُ، أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " «مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» " وَيَتْبَعُ الْمُبْتَاعُ مَنْ بَاعَهُ.
[فَصْلٌ وَإِنْ أُتْلِفَ مَغْصُوبٌ أَوْ تَلِفَ مَغْصُوبٌ كَحَيَوَانٍ قَتَلَهُ غَاصِبٌ أَوْ غَيْرُهُ]
(فَصْلٌ وَإِنْ أُتْلِفَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مَغْصُوبٌ (أَوْ تَلِفَ مَغْصُوبٌ) كَحَيَوَانٍ قَتَلَهُ غَاصِبٌ أَوْ غَيْرُهُ. أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، وَلَوْ غَصَبَهُ مَرِيضًا فَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ. وَكَثَوْبٍ أَحْرَقَهُ شَخْصٌ أَوْ احْتَرَقَ بِصَاعِقَةٍ وَنَحْوِهِ (ضُمِنَ) مَغْصُوبٌ (مِثْلِيٌّ. وَهُوَ) أَيْ الْمِثْلِيُّ (كُلُّ مَكِيلٍ) مِنْ حَبٍّ وَتَمْرٍ وَمَائِعٍ وَغَيْرِهِمَا (أَوْ مَوْزُونٍ) كَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَرِيرٍ وَكَتَّانٍ وَقُطْنٍ وَنَحْوِهَا، (لَا صِنَاعَةَ فِيهِ) أَيْ الْمَكِيلِ، بِخِلَافِ نَحْوِ هَرِيسَةٍ. أَوْ الْمَوْزُونِ بِخِلَافِ حُلِيٍّ وَأَسْطَالٍ وَنَحْوِهَا (مُبَاحَةٌ) خَرَجَ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَتُضْمَنُ بِوَزْنِهَا لِتَحْرِيمِ صِنَاعَتِهَا. وَيَأْتِي (يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ) بِخِلَافٍ نَحْوِ جَوْهَرٍ وَلُؤْلُؤٍ (بِمِثْلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِضَمِنَ، نَصًّا. لِأَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْقِيمَةِ لِمُمَاثَلَتِهِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الصُّورَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ وَالْمَعْنَى، بِخِلَافِ الْقِيمَةِ فَإِنَّهَا تُمَاثِلُ مِنْ طَرِيقِ الظَّنِّ وَالِاجْتِهَادِ. وَسَوَاءٌ تَمَاثَلَتْ أَجْزَاءُ الْمِثْلِيِّ أَوْ تَفَاوَتَتْ
كَالْأَثْمَانِ وَلَوْ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً رَائِجَةً وَالْحُبُوبَ وَالْأَدْهَانَ وَنَحْوَهَا، وَفِي رُطَبٍ صَارَ تَمْرًا وَسِمْسِمٍ صَارَ شَيْرَجًا يُخَيَّرُ مَالِكُهُ فَيَضْمَنُهُ أَيْ: الْمِثْلَيْنِ أَحَبَّ. وَأَمَّا مُبَاحُ الصِّنَاعَةِ كَمَعْمُولِ حَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَصُوفٍ وَشَعْرٍ مَغْزُولٍ فَيُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ لِتَأْثِيرِ صِنَاعَتِهِ فِي قِيمَتِهِ وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ، وَالْقِيمَةُ فِيهِ أَحْضَرُ. (فَإِنْ أَعْوَزَ) مِثْلِيُّ الْمُتْلَفِ أَيْ: تَعَذَّرَ لِعَدَمٍ أَوْ بُعْدٍ أَوْ غَلَاءٍ (فَ) الْوَاجِبُ (قِيمَةُ مِثْلِهِ يَوْمَ إعْوَازِهِ) أَيْ: الْمِثْلِيِّ لِوُجُوبِ الْقِيمَةِ فِي الذِّمَّةِ حِينَ انْقِطَاعِ الْمِثْلِ كَوَقْتِ تَلَفِ الْمُتَقَوِّمِ وَدَلِيلُ وُجُوبِهَا إذَنْ: أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ طَلَبَهَا وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ أَدَاؤُهَا وَلَا يَبْقَى وُجُوبُ الْمِثْلِ لِلْعَجْزِ عَنْهُ. وَلِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ طَلَبَهُ وَلَا اسْتِيفَاءَهُ، (فَإِنْ قَدَرَ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمِثْلُ (عَلَى الْمِثْلِ) قَبْلَ دَفْعِ الْقِيمَةِ (لَا بَعْدَ أَخْذِهَا وَجَبَ) الْمِثْلُ ; لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. وَقَدْ قَدَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الْبَدَلِ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ. فَإِنْ أَخَذَ الْمَالِكُ الْقِيمَةَ عَنْهُ اسْتَقَرَّ حُكْمُهَا وَلَمْ تُرَدَّ، وَلَا طَلَبَ بِالْمِثْلِ إذَنْ لِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِأَخْذِهَا (وَ) ضَمِنَ (غَيْرَهُ) أَيْ: غَيْرُ الْمِثْلِيِّ إذَا تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ (بِقِيمَتِهِ يَوْمَ تَلَفِهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا " «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ بِالتَّقْوِيمِ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ ; لِأَنَّهَا مُتْلَفَةٌ بِالْعِتْقِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْمِثْلِ. وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمِثْلِيِّ لَا تَتَسَاوَى أَجْزَاؤُهُ وَتَخْتَلِفُ صِفَاتُهُ. فَالْقِيمَةُ فِيهِ أَعْدَلُ وَأَقْرَبُ إلَيْهِ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (فِي بَلَدِ غَصْبِهِ مِنْ نَقْدِهِ) أَيْ: بَلَدِ الْغَصْبِ ; لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الضَّمَانِ وَمُقْتَضَى التَّعَدِّي (فَإِنْ تَعَدَّدَ) نَقْدُ بَلَدِ غَصْبِهِ بِأَنْ كَانَ فِيهِ نُقُودٌ (فَ) الْقِيمَةُ (مِنْ غَالِبِهِ) رَوَاجًا لِانْصِرَافِ اللَّفْظِ إلَيْهِ كَمَا لَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ مُطْلَقٍ.
(وَكَذَا) أَيْ: كَالْمَغْصُوبِ فِيمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ (مُتْلَفٌ بِلَا غَصْبٍ وَمَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ) يَجِبُ الضَّمَانُ فِي صَحِيحِهِ كَبَيْعٍ لَا نَحْوِ هِبَةٍ (وَمَا أُجْرِيَ مَجْرَاهُ) أَيْ: مَجْرَى الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ (مِمَّا لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ) أَيْ: مِلْكِ الْمُتْلِفِ لَهُ، فَيُضْمَنُ مِثْلِيٌّ بِمِثْلِهِ وَمُتَقَوِّمٌ بِقِيمَتِهِ، (فَلَوْ دَخَلَ) تَالِفٌ فِي مِلْكِ مُتْلِفِهِ (بِأَنْ أَخَذَ) مِنْ آخَرَ شَيْئًا (مَعْلُومًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، أَوْ) أَخَذَ (حَوَائِجَ) مُتَقَوِّمَةً. كَفَوَاكِهَ وَبُقُولٍ وَنَحْوِهِمَا (مِنْ بَقَّالٍ وَنَحْوِهِ) كَجَزَّارٍ وَزَيَّاتٍ (فِي أَيَّامٍ ثُمَّ يُحَاسِبُهُ) عَلَى مَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ (فَإِنَّهُ) لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَلَا الْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ، بَلْ (يُعْطِيهِ بِسِعْرِ يَوْمِ أَخْذِهِ) لِتَرَاضِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ. وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ.
(وَيُقَوَّمُ مَصُوغٌ مُبَاحٌ) كَحُلِيِّ النِّسَاءِ (مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) إذَا تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ
عِنْدَ غَاصِبٍ أَوْ مَنْ يَضْمَنُهُ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ تَزِيدُ عَلَى وَزْنِهِ لِصِنَاعَةٍ بِنَقْدٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ (وَ) يُقَوَّمُ (تِبْرٌ تُخَالِفُ قِيمَةَ وَزْنِهِ) لِنَقْصِ قِيمَتِهِ (بِ) نَقْدٍ مِنْ (غَيْرِ جِنْسِهِ) ، فَإِنْ كَانَ ذَهَبًا قُوِّمَ بِفِضَّةٍ وَعَكْسِهِ، لِئَلَّا يُفْضِيَ تَقْوِيمُهُ بِجِنْسِهِ إلَى الرِّبَا (وَإِنْ كَانَ) الْحُلِيُّ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ مَعًا قَوَّمَهُ (بِأَيِّهِمَا) أَيْ النَّقْدَيْنِ (شَاءَ) لِلْحَاجَةِ إلَى تَقْوِيمِهِ بِأَحَدِهِمَا ; لِأَنَّهُمَا قِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ (وَيُعْطَى) رَبُّ الْحُلِيِّ الْمَصُوغِ مِنْ النَّقْدَيْنِ (بِقِيمَتِهِ عَرَضًا) ; لِأَنَّ أَخْذَهَا مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ يُفْضِي إلَى الرِّبَا، (وَيُضْمَنُ مُحَرَّمٌ صِنَاعَةً) كَأَوَانِي ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحُلِيِّ رِجَالٍ مُحَرَّمٍ (بِوَزْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ) ; لِأَنَّ صِنَاعَتَهُ مُحَرَّمَةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا شَرْعًا، (وَ) تَجِبُ (فِي تَلَفِ بَعْضِ مَغْصُوبٍ) عِنْدَ غَاصِبٍ (فَتَنْقُصُ قِيمَةُ بَاقِيهِ كَزَوْجَيْ) خُفٍّ (تَلِفَ أَحَدُهُمَا رَدَّ بَاقٍ) مِنْهُمَا إلَى مَالِكِهِ (وَقِيمَةَ تَالِفٍ وَأَرْشَ نَقْصِ) الْبَاقِي مِنْهُمَا. فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مُجْتَمِعِينَ سِتَّةَ دَرَاهِمَ، وَصَارَتْ قِيمَةُ الْبَاقِي مِنْهُمَا دِرْهَمَيْنِ رَدَّهُ وَأَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَصَلَ بِجِنَايَتِهِ فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ كَمَا لَوْ شَقَّ ثَوْبًا يُنْقِصُهُ الشَّقُّ، وَتَلِفَ أَحَدُ الشِّقَّيْنِ بِخِلَافِ نَقْصِ السِّعْرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ بِهِ مِنْ الْمَغْصُوبِ عَيْنٌ وَلَا مَعْنَى، وَهَاهُنَا فَوَّتَ مَعْنًى وَهُوَ إمْكَانَ الِانْتِفَاعِ وَهُوَ الْمُوجِبُ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ، كَمَا لَوْ فَوَّتَ بَصَرَهُ وَنَحْوِهِ كَالسَّمْعِ. وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا مَثَلًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَلَبِسَهُ حَتَّى نَقَصَ بِلُبْسِهِ خَمْسَةً ثُمَّ غَلَتْ الثِّيَابُ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ عَشْرَةً رَدَّهُ وَأَرْشَ نَقْصِهِ. وَلَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، ثُمَّ غَلَتْ الثِّيَابُ فَصَارَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ عِشْرِينَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا عَشَرَةٌ.
(وَ) يَجِبُ (فِي قِنٍّ يَأْبِقُ) مِنْ غَاصِبٍ (وَنَحْوَهُ) كَجَمَلٍ يَشْرُدُ مِنْهُ وَيَعْجِزُ عَنْ رَدِّهِ (قِيمَتُهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ الْآبِقِ أَوْ الشَّارِدِ لِمَالِكِهِ لِلْحَيْلُولَةِ (وَيَمْلِكُهَا) . أَيْ الْقِيمَةَ (مَالِكُهُ) أَيْ: الْمَغْصُوبِ بِقَبْضِهَا، فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهَا كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ مِنْ أَجْلِ الْحَيْلُولَةِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ ; وَلِذَلِكَ (لَا) يَمْلِكُ (غَاصِبٌ مَغْصُوبًا بِدَفْعِهَا) أَيْ: الْقِيمَةِ ; لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهَا بِالْبَيْعِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ. وَكَمَا لَوْ كَانَ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا يَمْلِكُ كَسْبَهُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ قَرِيبَهُ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى أَخْذِهَا. وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا. وَلَا يَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِالْبَدَلِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الذِّمَّةِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ جَوَازُ الْأَخْذِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ فَتُوقَفُ عَلَى خِيَرَتِهِ (فَمَتَى قَدَرَ) غَاصِبٌ عَلَى آبِقٍ وَنَحْوَهُ (رَدَّهُ) وُجُوبًا بِزِيَادَتِهِ ; لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهُ (وَأَخَذَهَا) أَيْ: الْقِيمَةَ بِعَيْنِهَا إنْ بَقِيَتْ لِزَوَالِ الْحَيْلُولَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لِأَجْلِهَا. وَيَرُدُّ
زَوَائِدَهَا الْمُتَّصِلَةَ مِنْ سِمَنٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَرُدُّ الْمُنْفَصِلَةَ بِلَا نِزَاعٍ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ.
قَالَ الْمَجْدُ: وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ ; لِأَنَّ الشَّجَرَ وَالْحَيَوَانَ لَا يَكُونُ أَبَدًا فِي نَفْسِهِ نَفْسُ الْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ بَلْ بَدَلٌ عَنْهَا. فَإِذَا رَجَعَ الْمَغْصُوبُ رَدَّ الْقِيمَةَ لَا بَدَلَهَا، كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِدَرَاهِمَ. ثُمَّ أَخَذَ عَنْهَا ذَهَبًا، أَوْ سِلْعَةً ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِدَرَاهِمِهِ لَا بِبَدَلِهَا انْتَهَى. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الثَّمَنَ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ دَرَاهِمَ، فَإِذَا عَرَضَهُ عَنْهَا شَيْئًا فَهُوَ عَقْدٌ آخَرُ. وَأَمَّا هُنَا فَالْقِيمَةُ لَمْ تَثْبُتْ فِي الذِّمَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ، فَمَا دَفَعَهُ ابْتِدَاءً هُوَ الْقِيمَةُ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ النَّقْدَيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا (أَوْ) يَأْخُذُ (بَدَلَهَا) أَيْ الْقِيمَةِ (إنْ تَلِفَتْ) أَيْ: مِثْلَهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَإِلَّا فَقِيمَتَهَا، وَلَيْسَ لِغَاصِبٍ حَبْسُ الْمَغْصُوبِ لِتُرَدَّ قِيمَتُهُ. وَكَذَا مُشْتَرٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ عَلَى رَدِّ ثَمَنِهِ صَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ، بَلْ يُدْفَعَانِ إلَى عَدْلٍ يُسَلِّمُ إلَى كُلٍّ مَالَهُ.
(وَ) يَجِبُ (فِي عَصِيرٍ تَخَمَّرَ (خَلًّا بِيَدِهِ رَدُّهُ) إلَى مَالِكِهِ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ، (وَ) رَدَّ مَعَهُ (أَرْشَ نَقْصِهِ) إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِتَخَلُّلِهِ عَنْ قِيمَتِهِ عَصِيرًا، لِحُصُولِ النَّقْصِ بِيَدِهِ كَتَلَفِ جُزْءٍ مِنْهُ، (وَكَمَا لَوْ نَقَصَ بِلَا تَخَمُّرٍ) بِأَنْ صَارَ ابْتِدَاءً خَلًّا وَكَغَصْبِ شَابَّةٍ فَتَهْرَمُ (وَاسْتَرْجَعَ) الْغَاصِبُ إذَا رَدَّ الْخَلَّ وَأَرْشَ نَقْصِ الْعَصِيرِ (الْبَدَلَ وَهُوَ مِثْلُ الْعَصِيرِ الَّذِي دَفَعَهُ لِمَالِكِهِ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا لَوْ أَدَّى قِيمَةَ الْآبِقِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ لِرَبِّهِ. وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَةُ عَصِيرٍ أَوْ زَيْتٍ غَلَاهُ غَاصِبٌ بِغَلَيَانِهِ فَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهِ.
(وَمَا صَحَّتْ إجَارَتُهُ مِنْ مَغْصُوبٍ وَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ) كَرَقِيقٍ وَدَوَابَّ وَسُفُنٍ وَعَقَارٍ (فَعَلَى قَابِضٍ وَغَاصِبٍ) بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ بَقَائِهِ بِيَدِهِ،) فَتُضْمَنُ مَنَافِعُهُ بِالْفَوَاتِ وَالتَّفْوِيتِ أَيْ: سَوَاءٌ اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ أَوْ تَرَكَهَا تَذْهَبُ ; لِأَنَّ كُلَّ مَا ضَمِنَهُ بِالْإِتْلَافِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ جَازَ أَنْ يَضْمَنَهُ بِمُجَرَّدِ التَّلَفِ كَالْأَعْيَانِ. وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ، فَوَجَبَ ضَمَانُهُ كَالْعَيْنِ. وَأَمَّا خَبَرُ " «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» " فَفِي الْبَيْعِ. وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْغَاصِبُ وَنَحْوُهُ. وَالْمُرَادُ بِالْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ الْفَاسِدَتَانِ بِخِلَافِ عُقُودِ الْأَمَانَاتِ وَالتَّبَرُّعَاتِ كَالْوَكَالَةِ وَالْمُضَارَبَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِهَا فَلَا يُضْمَنُ فِي فَاسِدِهَا.
(وَمَعَ عَجْزِ) غَاصِبٍ (عَنْ رَدِّ) مَغْصُوبٍ تَصِحُّ إجَارَتُهُ تَلْزَمُ أُجْرَتُهُ (إلَى) وَقْتِ (أَدَاءِ قِيمَةٍ) . وَكَذَا