الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَيْنٍ جِنْسًا وَ (قَدْرًا وَصِفَةً حَالَّيْنِ) بِأَنْ اقْتَرَضَ زَيْدُ مِنْ عَمْرٍو دِينَارًا مِصْرِيًّا مَثَلًا ثُمَّ اشْتَرَى عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ شَيْئًا بِدِينَارٍ مِصْرِيٍّ حَالٍّ (أَوْ مُؤَجَّلَيْنِ أَجَلًا وَاحِدًا) كَثَمَنَيْنِ اتَّحَدَ أَجَلُهُمَا (تَسَاقَطَا) إنْ اسْتَوَيَا (أَوْ) سَقَطَ مِنْ الْأَكْثَرِ (بِقَدْرِ الْأَقَلِّ) إنْ تَفَاوَتَا قَدْرًا بِدُونِ تَرَاضٍ ; لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي أَخْذِ الدَّيْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَقِرّ وَصَرَّحُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا مَا إذَا بَاعَ عَبْدَهُ لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِثَمَنٍ مِنْ جِنْسِ مَا سُمِّيَ لَهَا وَ (لَا) يَتَسَاقَطَانِ (إذَا كَانَا) أَيْ الدَّيْنَانِ دَيْنَ سَلَمٍ (أَوْ) كَانَ (أَحَدُهُمَا دَيْنَ سَلَمٍ) وَلَوْ تَرَاضَيَا ; لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي دَيْنِ سَلَمٍ قَبْلَ قَبْضِهِ
(أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ) أَيْ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ (حَقٌّ) بِأَنْ بِيعَ الرَّهْنُ لِتَوْفِيَةِ دَيْنِهِ مِنْ مَدِينٍ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ عَيَّنَ الْمُفْلِسُ بَعْضَ مَالِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ فَلَا مُقَاصَّةَ لَتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْغُرَمَاءِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَمَنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ وَاجِبِ نَفَقَتِهَا لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ مَعَ عُسْرَتِهَا ; لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ بِمَا فَضَلَ
(وَمَتَى نَوَى مَدْيُونٌ وَفَاءً) عَمَّا عَلَيْهِ (بِدَفْعٍ بَرِئَ) مِنْهُ (وَإِلَّا) يَنْوِ وَفَاءً (فَتَبَرُّعٌ) لِحَدِيثِ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأُصُولِ: أَنَّ رَدَّ الْأَمَانَةِ وَقَضَاءَ الدَّيْنِ وَاجِبٌ لَا يَقِفُ عَلَى النِّيَّةِ أَيْ نِيَّةِ التَّقَرُّبِ (وَتَكْفِي نِيَّةُ حَاكِمٍ وَفَّاهُ قَهْرًا مِنْ) مَالِ (مَدْيُونٍ) لِامْتِنَاعِهِ أَوْ مَعَ غَيْبَتِهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ رَبُّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ.
[بَاب الْقَرْضِ]
ِ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَحُكِيَ كَسْرُهَا، مَصْدَرُ قَرَضَ الشَّيْءَ يَقْرِضُهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ إذَا قَطَعَهُ وَمِنْهُ الْمِقْرَاضُ وَالْقَرْضُ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الِاقْتِرَاضِ وَشَرْعًا (دَفْعُ مَالٍ إرْفَاقًا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ) أَيْ الْمَالِ (وَيَرُدُّ بَدَلَهُ لَهُ) وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهِ لَفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم (وَهُوَ) أَيْ الْقَرْضُ (مِنْ الْمَرَافِقِ الْمَنْدُوبِ إلَيْهَا) لِلْمُقْرِضِ، لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إلَّا كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيجًا وَقَضَاءً لِحَاجَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ أَشْبَهَ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِ.
(وَ) هُوَ (نَوْعٌ مِنْ السَّلَفِ) لِشُمُولِهِ لَهُ وَلِلسَّلَمِ، فَيَصِحُّ بِلَفْظِهِ وَبِكُلِّ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ، كَمَلَّكْتُك هَذَا عَلَى أَنْ تَرُدَّ بَدَلَهُ
(فَإِنْ قَالَ مُعْطٍ) لِمَالٍ (مَلَّكْتُك وَلَا قَرِينَةَ عَلَى رَدِّ بَدَلِهِ) فَهِبَةٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ هِبَةٌ أَوْ قَرْضٌ
(فَقَوْلُ آخِذٍ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ هِبَةٌ) ; لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى رَدِّ بَدَلِهِ فَقَوْلُ مُعْطٍ إنَّهُ قَرْضٌ وَلَا يَجِبُ عَلَى مُقْرِضٍ وَلَا يُكْرَهُ فِي حَقِّ مُقْتَرِضٍ نَصًّا وَقَالَ إذَا اقْتَرَضَ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِحَالِهِ لَمْ يُعْجِبْنِي، وَقَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ يَقْتَرِضَ لِإِخْوَانِهِ بِجَاهِهِ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى مَا إذَا كَانَ مَنْ يَقْتَرِضُ لَهُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْوَفَاءِ. وَلَا يَسْتَقْرِضُ إلَّا مَا يَقْدِرُ أَنْ يُوَفِّيَهُ إلَّا الْيَسِيرَ الَّذِي لَا يُتَعَذَّرُ مِثْلُهُ، وَكَذَا الْفَقِيرُ يَتَزَوَّجُ مُوسِرَةً يَنْبَغِي أَنْ يُعْلِمَهَا بِحَالِهِ لِئَلَّا يَغُرَّهَا وَلَهُ أَخْذُ جُعْلٍ عَلَى اقْتِرَاضِهِ لَهُ بِجَاهِهِ لَا عَلَى كَفَالَتِهِ
(وَشُرِطَ عِلْمُ قَدْرِهِ) أَيْ الْقَرْضِ بِمُقَدَّرٍ مَعْرُوفٍ فَلَا يَصِحُّ قَرْضُ دَنَانِيرَ وَنَحْوِهَا عَدَدًا إنْ لَمْ يَعْرِفْ وَزْنَهَا، إلَّا إنْ كَانَتْ يُتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا فَيَجُوزُ وَيَرُدُّ بَدَلَهَا عَدَدًا
(وَ) مَعْرِفَةُ (وَصْفِهِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ رَدِّ بَدَلِهِ (وَ) شُرِطَ
(كَوْنُ مُقْرِضٍ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ) فَلَا يُقْرِضُ نَحْوُ وَلِيِّ يَتِيمٍ مِنْ مَالِهِ وَلَا مُكَاتَبٍ وَنَاظِرِ وَقْفٍ مِنْهُ كَمَا لَا يُحَابِي (وَمِنْ شَأْنِهِ) أَيْ الْقَرْضِ (أَنْ يُصَادِفَ ذِمَّةً) لَا عَلَى مَا يَحْدُثُ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الدَّيْنُ لَا يَثْبُتُ إلَّا فِي الذِّمَمِ انْتَهَى.
وَفِي الْمُوجَزِ يَصِحُّ قَرْضُ حَيَوَانٍ وَثَوْبٍ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ وَيَأْتِي فِي اللَّقِيطِ: الِاقْتِرَاضُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَفِي الْوَقْفِ اقْتِرَاضُ النَّاظِرِ لَهُ وَشِرَاؤُهُ لَهُ نَسِيئَةً وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَبَقَ مِنْ أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَ عُمَرَ «أَنْ يَأْخُذَ عَلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ»
(وَيَصِحُّ) الْقَرْضُ (فِي كُلِّ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا) مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَغَيْرِهِ وَجَوْهَرٍ وَحَيَوَانٍ (إلَّا بَنِي آدَمَ) ; لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ قَرْضُهُمْ وَلَا هُوَ مِنْ الْمَرَافِقِ.
وَلَا يَصِحُّ قَرْضُ مَنْفَعَةٍ (وَيَتِمُّ) الْقَرْضُ (بِقَبُولٍ) كَبَيْعٍ (وَيَمْلِكُ) مَا اقْتَرَضَ بِقَبْضٍ (وَيَلْزَمُ) عَقْدُهُ (بِقَبْضٍ) ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقِفُ التَّصَرُّفُ فِيهِ عَلَى الْقَبْضِ فَوَقَفَ الْمِلْكُ عَلَيْهِ (فَلَا يَمْلِكُ مُقْرِضٌ اسْتِرْجَاعَهُ) أَيْ الْقَرْضَ مِنْ مُقْتَرِضٍ كَالْبَيْعِ لِلُزُومِهِ مِنْ جِهَةٍ (إلَّا إنْ حُجِرَ عَلَى مُقْتَرِضٍ لِفَلَسٍ) فَيَمْلِكُ مُقْرِضٌ الرُّجُوعَ فِيهِ بِشَرْطِهِ لِحَدِيثِ «مَنْ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ»
وَيَأْتِي (وَلَهُ) أَيْ الْمُقْرِضِ (طَلَبُ بَدَلِهِ) أَيْ الْمُقْرَضِ مِنْ مُقْتَرَضٍ فِي الْحَالِ ; لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُوجِبُ رَدَّ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ فَأَوْجَبَهُ حَالًّا كَالْإِتْلَافِ، فَلَوْ أَقْرَضَهُ تَفَارِيقَ فَلَهُ طَلَبُهُ بِهَا جُمْلَةً كَمَا لَوْ بَاعَهُ بُيُوعًا مُتَفَرِّقَةً ثُمَّ طَالَبَهُ بِثَمَنِهَا جُمْلَةً
(وَإِنْ شَرَطَ) مُقْرِضٌ (رَدَّهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَصِحَّ) الشَّرْطُ ; لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ التَّصَرُّفُ وَرَدُّهُ بِعَيْنِهِ يَمْنَعُ ذَلِكَ (وَيَجِبُ) عَلَى مُقْرِضٍ (قَبُولُ) قَرْضٍ (مِثْلِيٍّ رُدَّ) بِعَيْنِهِ وَفَاءً وَلَوْ تَغَيَّرَ سِعْرُهُ لِرَدِّهِ عَلَى صِفَةِ مَا عَلَيْهِ، فَلَزِمَهُ قَبُولُهُ كَالسَّلَمِ بِخِلَافِ مُتَقَوِّمٍ
رُدَّ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ سِعْرُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَهُ قِيمَتُهُ (مَا لَمْ يَتَعَيَّبْ) مِثْلِيٌّ رُدَّ بِعَيْنِهِ كَحِنْطَةٍ ابْتَلَّتْ، فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ ; لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ (أَوْ) مَا لَمْ (يَكُنْ) الْقَرْضُ (فُلُوسًا أَوْ) دَرَاهِمَ (مُكَسَّرَةً فَيُحَرِّمَهَا السُّلْطَانُ) أَيْ: يَمْنَعُ التَّعَامُلَ بِهَا وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ النَّاسُ عَلَى تَرْكِ التَّعَامُلِ بِهَا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ.
(فَلَهُ) أَيْ الْمُقْرِضِ (قِيمَتُهُ) أَيْ: الْقَرْضِ الْمَذْكُورِ (وَقْتَ قَرْضٍ) نَصًّا ; لِأَنَّهَا تَعَيَّبَتْ فِي مِلْكِهِ، وَسَوَاءٌ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَتَكُونُ الْقِيمَةُ (مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ: الْقَرْضِ (إنَّ جَرَى فِيهِ) أَيْ: أَخْذِ الْقِيمَةِ مِنْ جِنْسِهِ (رِبَا فَضْلٍ) بِأَنْ اقْتَرَضَ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً وَحُرِّمَتْ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَرْضِ أَنْقَصُ مِنْ وَزْنِهَا فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ بِقِيمَتِهَا ذَهَبًا وَكَذَا لَوْ اقْتَرَضَ حُلِيًّا (وَكَذَا ثَمَنٌ لَمْ يُقْبَضْ) إذَا كَانَ فُلُوسًا أَوْ مُكَسَّرَةً وَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ (أَوْ طَلَبُ ثَمَنٍ) مِنْ بَائِعٍ (بِرَدِّ مَبِيعٍ) عَلَيْهِ وَصَدَاقٍ وَأُجْرَةٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ فُلُوسًا أَوْ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً وَحُرِّمَتْ فَحُكْمُهُ كَقَرْضٍ
(وَيَجِبُ) عَلَى مُقْتَرِضٍ (رَدُّ مِثْلِ فُلُوسٍ) اقْتَرَضَهَا وَلَمْ تَحْرُمْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا (غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ أَوْ كَسَدَتْ) ; لِأَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ.
(وَ) يَجِبُ رَدُّ (مِثْلِ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ) لَا صِنَاعَةَ فِيهِ مُبَاحَةً يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ ; لِأَنَّهُ يُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ بِمِثْلِهِ، فَكَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ شَبَهًا بِهِ مِنْ الْقِيمَةِ (فَإِنْ أَعْوَزَ الْمِثْلُ فَ) عَلَيْهِ (قِيمَتُهُ يَوْمَ إعْوَازِهِ) ; لِأَنَّهُ يَوْمُ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ
(وَ) يَجِبُ رَدُّ (قِيمَةِ غَيْرِهِمَا) أَيْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ الْمَذْكُورِ ; لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ فَضُمِنَ بِقِيمَتِهِ كَمَا فِي الْإِتْلَافِ وَالْغَصْبِ (كَجَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا تَخْتَلِفُ قِيمَتُهُ كَثِيرًا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (يَوْمَ قَبْضٍ) لِاخْتِلَافِ قِيمَتِهِ فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ بِكَثْرَةِ الرَّاغِبِ وَقِلَّتِهِ، فَتَزِيدُ زِيَادَةً كَثِيرَةً فَيَنْظُرُ الْمُقْتَرِضُ أَوْ تَنْقُصُ فَيَنْظُرُ الْمُقْرِضُ (وَغَيْرِهِ) أَيْ: الْجَوْهَرِ وَنَحْوِهِ كَمَذْرُوعٍ وَمَعْدُودٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (يَوْمَ قَرْضٍ) ; لِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ (وَيُرَدُّ مِثْلُ كَيْلِ مَكِيلٍ دُفِعَ وَزْنًا) ; لِأَنَّ الْكَيْلَ هُوَ مِعْيَارُهُ الشَّرْعِيُّ وَكَذَا يُرَدُّ مِثْلُ وَزْنِ مَوْزُونٍ دُفِعَ كَيْلًا.
(وَيَجُوزُ قَرْضُ مَاءٍ كَيْلًا) كَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ (وَ) يَجُوزُ قَرْضُهُ (لِسَقْيٍ مُقَدَّرًا بِأُنْبُوبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا) مِمَّا يُعْمَلُ عَلَى هَيْئَتِهَا مِنْ فَخَّارٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ.
(وَ) يَجُوزُ قَرْضُهُ مُنْدِرًا (بِزَمَنٍ مِنْ نَوْبَةِ غَيْرِهِ لِيَرُدَّ) مُقْتَرِضٌ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُقْرِضِ (مِثْلَهُ) فِي الزَّمَنِ (مِنْ نَوْبَتِهِ) نَصًّا قَالَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَحْدُودٍ كَرِهْتُهُ أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ
(وَ) يَجُوزُ قَرْضُ (خُبْزٍ وَخَمِيرٍ) وَرَدُّهُ (عَدَدًا بِلَا قَصْدِ زِيَادَةٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ
«قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ الْجِيرَانُ يَسْتَقْرِضُونَ الْخُبْزَ وَالْخَمِيرَ وَيَرُدُّونَ زِيَادَةً وَنُقْصَانًا؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ إنَّمَا ذَلِكَ مِنْ مَرَافِقِ النَّاسِ لَا يُرَادُ بِهِ الْفَضْلُ» رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي وَلِمَشَقَّةِ اعْتِبَارِهِ بِالْوَزْنِ مَعَ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ
(وَيَثْبُتُ الْبَدَلُ) أَيْ بَدَلُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّةِ مُقْتَرِضٍ (حَالًّا) ; لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُوجِبُ رَدَّ الْبَدَلِ فَأَوْجَبَهُ حَالًّا كَالْإِتْلَافِ أَوْ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُنِعَ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَمُنِعَ فِيهِ الْأَجَلُ كَالصَّرْفِ (وَلَوْ مَعَ تَأْجِيلِهِ) أَيْ الْقَرْضِ ; لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَأَيْضًا شَرْطُ الْأَجَلِ زِيَادَةٌ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْعَقْدِ فَلَا يَلْزَمُ (وَكَذَا كُلُّ) دَيْنٍ (حَالٍّ أَوْ) مُؤَجَّلٍ (حَلَّ) فَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَجُوزُ شَرْطُ رَهْنٍ فِيهِ) أَيْ الْقَرْضِ ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «اسْتَقْرَضَ مِنْ يَهُودِيٍّ شَعِيرًا وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ مَا جَازَ فِعْلُهُ جَازَ شَرْطُهُ (وَ) يَجُوزُ شَرْطُ ضَمِينٍ لِمَا تَقَدَّمَ
وَ (لَا) يَجُوزُ الْإِلْزَامُ بِشَرْطِ (تَأْجِيلِ) قَرْضٍ (أَوْ) شَرْطِ (نَقْصٍ فِي وَفَاءٍ) ; لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ (أَوْ) شَرْطٍ (جَرِّ نَفْعًا) فَيَحْرُمُ (كَ) شَرْطِهِ (أَنْ يُسْكِنَهُ) أَيْ الْمُقْتَرِضُ (دَارِهِ أَوْ يَقْضِيَهُ خَيْرًا مِنْهُ) أَيْ: مِمَّا أَقْرَضَهُ (أَوْ) أَنْ يَقْضِيَهُ (بِبَلَدٍ آخَرَ) وَلِحَمْلِهِ مُؤْنَةً ; لِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ وَقُرْبَةٍ، فَشَرْطُ النَّفْعِ فِيهِ يُخْرِجُهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ فَقَالَ فِي الْمُغْنِي: الصَّحِيحُ جَوَازُهُ ; لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ لَهُمَا مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَكَذَا لَوْ أَرَادَ إرْسَالَ نَفَقَةٍ إلَى أَهْلِهِ فَأَقْرَضَهَا لِيُوَفِّيَهَا الْمُقْتَرِضُ لَهُمْ جَازَ وَلَا يَفْسُدُ الْقَرْضُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ
(وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ مَا يَحْرُمُ اشْتِرَاطُهُ بِأَنْ أَسْكَنَهُ دَارِهِ أَوْ قَضَاهُ بِبَلَدِ آخَرَ (بِلَا شَرْطٍ) جَازَ (أَوْ أَهْدَى) مُقْتَرِضٌ (لَهُ) هَدِيَّةً (بَعْدَ الْوَفَاءِ) جَازَ (أَوْ قَضَى مُقْتَرِضٌ خَيْرًا مِنْهُ) أَيْ مِمَّا أَخَذَهُ جَازَ كَصِحَاحٍ عَنْ مُكَسَّرَةٍ أَوْ أَجْوَدَ نَقْدًا أَوْ سِكَّةً مِمَّا اقْتَرَضَ، وَكَذَا رَدُّ نَوْعٍ خَيْرًا مِمَّا أَخَذَهُ أَوْ أَرْجَحَ يَسِيرًا فِي قَضَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ.
وَفِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ لِلْخَبَرِ (بِلَا مُوَاطَأَةٍ) فِي الْجَمِيع نَصًّا (أَوْ عُلِمَتْ زِيَادَتُهُ) أَيْ الْمُقْتَرِضِ عَلَى مِثْلِ الْقَرْضِ أَوْ قِيمَتِهِ (لِشُهْرَةِ سَخَائِهِ جَازَ) ذَلِكَ (لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «اسْتَسْلَفَ بَكْرًا فَرَدَّ خَيْرًا مِنْهُ وَقَالَ: خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ، وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ تُجْعَلْ عِوَضًا فِي الْقَرْضِ وَلَا وَسِيلَةً إلَيْهِ وَلَا إلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ قَرْضٌ
(وَإِنْ فَعَلَ) مُقْتَرِضٌ ذَلِكَ بِأَنْ أَسْكَنَهُ دَارِهِ أَوْ أَهْدَى لَهُ (قَبْلَ الْوَفَاءِ وَلَمْ يَنْوِ) مُقْتَرِضٌ (احْتِسَابَهُ مِنْ دَيْنِهِ أَوْ) لَمْ يَنْوِ (مُكَافَأَتَهُ) عَلَيْهِ (لَمْ يَجُزْ إلَّا إنَّ جَرَتْ عَادَةٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْمُقْرِضِ وَالْمُقْتَرِضِ (بِهِ) أَيْ: بِذَلِكَ الْفِعْلِ (قَبْلَ قَرْضٍ) لِحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا