الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَقَالَ نَعَمْ وَ) قِيلَ (لِمُتَزَوِّجٍ أَقَبِلْت فَقَالَ نَعَمْ صَحَّ) النِّكَاحُ، لِأَنَّ نَعَمْ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ أَزَوَّجْتَ وَأَقْبَلْتَ وَالسُّؤَالُ مُضْمَرٌ فِي الْجَوَابِ مَعَادٌ فِيهِ فَمَعْنَى نَعَمْ مِنْ الْوَلِيِّ زَوَّجْتُهُ فُلَانَةَ وَمَعْنَى نَعَمْ مِنْ الْمُتَزَوِّجِ قَبِلْت هَذَا النِّكَاحَ وَلَا احْتِمَالَ فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْعَقِدَ بِهِ، وَلِهَذَا كَانَتْ صَرِيحَةً فِي الْإِقْرَارِ بِحَيْثُ يُقْطَعُ السَّارِقُ بِهَا مَعَ أَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَ (لَا) يُصْبِحُ نِكَاحًا (إنْ تَقَدَّمَ) فِيهِ (قَبُولٌ) عَلَى إيجَابٍ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْمَاضِي كَقَوْلِهِ تَزَوَّجْت ابْنَتَك فَيَقُولُ: زَوَّجْتُكَهَا أَوْ الْأَمْرِ فَيَقُولُ: زَوِّجْنِي ابْنَتَك فَيَقُولُ زَوَّجْتُكَهَا لِأَنَّ الْقَبُولَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْإِيجَابِ فَمَتَى وُجِدَ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ قَبُولًا لِعَدَمِ مَعْنَاهُ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَ بِلَفْظِ الِاسْتِفْهَامِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِالْمُعَاطَاةِ وَكُلُّ مَا أَدَّى مَعْنَاهُ وَالْخُلْعِ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ (وَإِنْ تَرَاخَى) قَبُولٌ عَنْ إيجَابٍ (حَتَّى تَفَرَّقَا) مِنْ الْمَجْلِسِ (أَوْ تَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ عُرْفًا بَطَلَ الْإِيجَابُ) لِلْإِعْرَاضِ عَنْهُ بِالتَّفَرُّقِ أَوْ الِاشْتِغَالِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْعَقْدِ أَشْبَهَ مَا لَوْ رَدَّهُ فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَتَفَرَّقَا وَلَا تَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ صَحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّ بِدَلِيلِ حُكْمِ الْمَجْلِسِ حُكْمَ حَالَةِ الْعَقْدِ صِحَّةَ الْقَبْضِ فِيمَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ فِيهِ.
(وَمَنْ أَوْجَبَ) أَيْ صَدَرَ مِنْهُ إيجَابُ عَقْدٍ (وَلَوْ) كَانَ الْإِيجَابُ (فِي غَيْرِ نِكَاحٍ) كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ (ثُمَّ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبُولٍ) لِمَا أَوْجَبَهُ (بَطَلَ) إيجَابُهُ بِذَلِكَ (كَ) بُطْلَانِهِ (بِمَوْتِهِ) أَوْ بِمَوْتِ مَنْ أَوْجَبَ لَهُ، لِعَدَمِ لُزُومِ الْإِيجَابِ إذَنْ أَشْبَهَ الْعُقُودَ الْجَائِزَةَ وَ (لَا) يَبْطُلُ الْإِيجَابُ (إنْ نَامَ) مَنْ أَوْجَبَ عَقْدًا قَبْلَ قَبُولِهِ، إنْ قَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ، لِأَنَّ النَّوْمَ لَا يُبْطِلُ الْعُقُودَ الْجَائِزَةَ (وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ) دُونَ غَيْرِهِ كَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50] الْآيَةَ
[فَصْلٌ شُرُوطُ النِّكَاحِ]
فَصْلٌ وَشُرُوطُهُ أَيْ النِّكَاحِ خَمْسَةٌ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الشَّرْطِ. أَحَدُهَا (تَعْيِينُ)(الزَّوْجَيْنِ) فِي الْعَقْدِ، لِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ أَشْبَهَ الْبَيْعَ (فَلَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ إنْ قَالَ الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُك بِنْتِي وَلَهُ) بِنْتٌ (غَيْرُهَا حَتَّى يُمَيِّزَهَا) اسْمًا كَفَاطِمَةَ أَوْ صِفَةً لَا يُشَارِكُهَا فِيهَا غَيْرُهَا مِنْ أَخَوَاتِهَا كَالْكُبْرَى أَوْ
الطَّوِيلَةِ أَوْ يُشِيرُ إلَيْهَا إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً كَهَذِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ إلَّا بِنْتٌ وَاحِدَةٌ (فَيَصِحُّ) النِّكَاحُ بِقَوْلِهِ زَوَّجْتُك بِنْتِي (وَلَوْ سَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا) لِأَنَّهُ لَا تَعَدُّدَ هُنَا فَلَا الْتِبَاسَ (وَإِنْ سَمَّاهَا بِاسْمِهَا) كَأَنْ قَالَ زَوَّجْتُك فَاطِمَةَ أَوْ الطَّوِيلَةَ (وَلَمْ يَقُلْ) بِنْتِي لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، لِاشْتِرَاكِ هَذَا الِاسْمِ أَوْ هَذِهِ الصِّفَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْفَوَاطِمِ وَالطِّوَالِ (أَوْ قَالَ مَنْ لَهُ) بِنْتَانِ (عَائِشَةُ وَفَاطِمَةُ زَوَّجْتُك بِنْتِي عَائِشَةَ فَقَبِلَ) الزَّوْجُ النِّكَاحَ (وَنَوَيَا) أَيْ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ (فَاطِمَةَ لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَلَفَّظَا بِمَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي فَقَطْ أَوْ عَائِشَةَ فَقَطْ وَلِأَنَّ اسْمَ أُخْتِهَا لَا يُمَيِّزُهَا بَلْ يَصْرِفُ الْعَقْدَ عَنْهَا كَذَا مَا لَوْ أَرَادَ الْوَلِيُّ الْكُبْرَى وَالزَّوْجُ الصُّغْرَى (كَمَنْ سَمَّى لَهُ فِي الْعَقْدِ غَيْرَ مَخْطُوبَتِهِ فَقَبِلَ يَظُنُّهَا) أَيْ غَيْرَ الْمَخْطُوبَةِ (إيَّاهَا) أَيْ الْمَخْطُوبَةَ، لِانْصِرَافِ الْقَبُولِ إلَى غَيْرِ مَنْ وُجِدَ الْإِيجَابُ فِيهَا. فَإِنْ لَمْ يَظُنَّهَا إيَّاهَا صَحَّ الْعَقْدُ (وَكَذَا زَوَّجْتُك حَمْلَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ) فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّ الْحَمْلَ مَجْهُولٌ وَلَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُهُ أُنْثَى وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْوُجُودِ، وَكَذَا إنْ وَضَعَتْ زَوْجَتِي ابْنَةً فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا ; لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي رِضَا زَوْجٍ مُكَلَّفٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ (وَلَوْ) كَانَ الْمُكَلَّفُ (رَقِيقًا) نَصًّا فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ إجْبَارُهُ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ كَالْحُرِّ، وَلِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهِ وَنَفْعُهُ لَهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ وَالْأَمْرُ بِإِنْكَاحِهِ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] مُخْتَصٌّ بِحَالِ طَلَبِهِ بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَى الْأَيَامَى، وَإِنَّمَا يُزَوَّجْنَ عِنْدَ الطَّلَبِ وَلِأَنَّ مُقْتَضَى الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَإِنَّمَا يَجِبُ تَزْوِيجُهُ إذَا طَلَبَهُ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَالسَّيِّدُ يَمْلِكُ مَنَافِعَ بُضْعِهَا وَالِاسْتِمْتَاعَ بِهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ، وَالْإِجَارَةُ عَقْدٌ عَلَى مَنَافِعِ بَدَنِهِ وَسَيِّدُهُ يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَهَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ (وَ) رِضَا (زَوْجَةٍ حُرَّةٍ عَاقِلَةٍ ثَيِّبٍ تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ) وَلَهَا إذْنٌ صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ فَيُشْتَرَطُ مَعَ ثُيُوبَتُهَا وَيُسَنُّ مَعَ بَكَارَتِهَا نَصًّا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إذْنُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَخَصَّ بِنْتَ تِسْعٍ لِحَدِيثِ أَحْمَدَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ " إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ ".
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، وَمَعْنَاهُ فِي حُكْمِ الْمَرْأَةِ، وَلِأَنَّهَا تَصْلُحُ بِذَلِكَ لِلنِّكَاحِ وَتَحْتَاجُ إلَيْهِ أَشْبَهَتْ الْبَالِغَةَ (وَيُجْبِرُ أَبٌ ثَيِّبًا دُونَ ذَلِكَ) أَيْ تِسْعِ سِنِينَ لِأَنَّهُ إذْنٌ لَهَا مُعْتَبَرٌ (وَ) يُجْبِرُ أَبٌ (بِكْرًا وَلَوْ) كَانَتْ (مُكَلَّفَةً)
لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَقَسَّمَ النِّسَاءَ قِسْمَيْنِ وَأَثْبَتَ الْحَقَّ لِأَحَدِهِمَا فَدَلَّ عَلَى نَفْيِهِ عَنْ الْآخَرِ وَهِيَ الْبِكْرُ فَيَكُونُ وَلِيُّهَا أَحَقَّ مِنْهَا بِهَا وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِئْمَارَ هُنَا وَالِاسْتِئْذَانَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ
(وَيُسَنُّ اسْتِئْذَانُهَا) أَيْ الْبِكْرِ إذَا تَمَّ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ لِمَا سَبَقَ (مَعَ) اسْتِئْذَانِ (أُمِّهَا) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «أَمِّرُوا النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَيُؤْخَذُ بِتَعْيِينِ بِنْتِ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ) وَلَوْ بِكْرًا (كُفْؤًا لَا بِتَعْيِينِ أَبٍ) نَصًّا فَإِنْ عَيَّنَتْ غَيْرَ كُفْؤٍ قُدِّمَ تَعْيِينُ الْأَبِ.
(وَ) يُجْبِرُ أَبٌ (مَجْنُونَةً وَلَوْ) كَانَتْ (بِلَا شَهْوَةٍ) أَوْ كَانَتْ (ثَيِّبًا أَوْ بَالِغَةً) لِأَنَّ وِلَايَةَ الْإِجْبَارِ انْتَفَتْ عَنْ الْعَاقِلَةِ بِخِيَرَةِ نَظَرِهَا لِنَفْسِهَا بِخِلَافِ الْمَجْنُونَةِ (وَيُزَوِّجُهَا) أَيْ الْمَجْنُونَةَ (مَعَ شَهْوَتِهَا كُلُّ وَلِيٍّ) لِحَاجَتِهَا إلَى النِّكَاحِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّهْوَةِ عَنْهَا وَصِيَانَتِهَا عَنْ الْفُجُورِ وَتَحْصِيلْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعَفَافِ وَصِيَانَةِ الْعِرْضِ وَتُعْرَفُ شَهْوَتُهَا مِنْ كَلَامِهَا وَقَرَائِنِ أَحْوَالِهَا كَتَتَبُّعِهَا الرِّجَالَ وَمَيْلِهَا إلَيْهِمْ.
(وَ) يُجْبِرُ أَبٌ (ابْنًا صَغِيرًا) أَيْ غَيْرَ بَالِغٍ. لِمَا رُوِيَ " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ زَوَّجَ ابْنَهُ وَهُوَ صَغِيرٌ فَاخْتَصَمُوا إلَى زَيْدٍ. فَأَجَازَاهُ جَمِيعًا " رَوَاهُ الْأَثْرَمُ. وَلَهُ تَزْوِيجُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً.
(وَ) يُجْبِرُ أَبٌ ابْنًا (بَالِغًا مَجْنُونًا) مُطْبِقًا وَمَعْتُوهًا (وَلَوْ) كَانَ (بِلَا شَهْوَةٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ أَشْبَهَ الصَّغِيرَ. فَإِنَّهُ إذَا جَازَ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ مَعَ عَدَمِ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ وَتَوَقُّعِ نَظَرِهِ فَعِنْدَ حَاجَتِهِ أَوْلَى. وَبِمَا كَانَ النِّكَاحُ دَوَاءً لَهُ يُرْجَى بِهِ شِفَاؤُهُ وَقَدْ يَحْتَاجُ إلَى الْإِيوَاءِ وَالْحِفْظِ وَيَأْتِي أَنَّ لِلْأَبِ تَزْوِيجَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ كَتَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا لِمَصْلَحَةٍ.
(وَيُزَوِّجُهُمَا) أَيْ الصَّغِيرَ وَالْبَالِغَ الْمَجْنُونَ (مَعَ عَدَمِ أَبٍ) لَهُمَا (وَصِيُّهُ) أَيْ الْأَبِ فِي النِّكَاحِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. وَقَالَهُ الْخِرَقِيِّ. وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَهُوَ أَظْهَرُ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ (فَإِنْ عُدِمَ) وَصِيُّ الْأَبِ (وَثَمَّ حَاجَةٌ) إلَى نِكَاحِهِمَا (فَحَاكِمٌ) يُزَوِّجُهُمَا لِأَنَّهُ يَنْظُرُ فِي مَصَالِحِهِمَا بَعْدَ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَمَنْ يَتَحَقَّقُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ إذَا بَلَغَ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ، لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ. وَمَنْ أَمْكَنَ أَنْ يَتَزَوَّجَ لِنَفْسِهِ لَمْ تَثْبُتْ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهِ لِغَيْرِهِ كَالْعَاقِلِ وَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِغَيْرِ سَامٍّ أَوْ مَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ فَكَالْعَاقِلِ (وَيَصِحُّ قَبُولُ) صَبِيٍّ (مُمَيِّزٍ لِنِكَاحِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) كَتَوَلِّيهِ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ (وَلِكُلِّ وَلِيٍّ) مِنْ أَبٍ وَوَصِيِّهِ
وَبَقِيَّةِ الْعَصَبَاتِ وَالْحَاكِمِ
(تَزْوِيجُ بِنْتِ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ بِإِذْنِهَا) نَصًّا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا. فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إذْنُهَا، وَإِنْ أَبَتْ لَمْ تُكْرَهْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْيَتِيمَةَ تُزَوَّجُ بِإِذْنِهَا وَأَنَّ لَهَا إذْنًا صَحِيحًا وَقَدْ انْتَفَى ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا بِأَلَّا تَفْلَقَ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ بَلَغَتْ تِسْعًا جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ (وَهُوَ) أَيْ إذْنُهَا (مُعْتَبَرٌ) كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَ (لَا) يُزَوِّجُ غَيْرُ أَبٍ وَوَصِيِّهِ (مَنْ دُونَهَا) أَيْ تِسْعِ سِنِينَ (بِحَالٍ) مِنْ الْأَحْوَالِ، لِأَنَّهُ لَا إذْنَ لَهَا وَغَيْرُ الْأَبِ وَوَصِيُّهُ لَا إجْبَارَ لَهُ
(وَإِذْنُ ثَيِّبٍ بِوَطْءٍ فِي قُبُلٍ وَلَوْ) كَانَ وَطْأَهَا (زِنًا أَوْ مَعَ عَوْدِ بَكَارَةٍ) بَعْدَ وَطْئِهَا (الْكَلَامُ) لِحَدِيثِ «الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا» وَلِمَفْهُومِ حَدِيثِ «لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ وَإِذْنُهَا أَنْ تَسْكُتَ» لِأَنَّهُ لَمَّا قَسَّمَ النِّسَاءَ قِسْمَيْنِ وَجَعَلَ السُّكُوتَ إذْنًا لِأَحَدِهِمَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ بِخِلَافِهِ.
(وَ) إذْنُ (بِكْرٍ وَلَوْ وُطِئَتْ فِي دُبُرٍ الصُّمَاتُ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ الْبِكْرُ تَسْتَحِي، قَالَ: رِضَاهَا صُمَاتُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَلَوْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ) كَانَ إذْنًا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فَإِنْ بَكَتْ أَوْ سَكَتَتْ فَهُوَ رِضَاهَا وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا " وَلِأَنَّهَا غَيْرُ نَاطِقَةٍ بِالِامْتِنَاعِ مَعَ سَمَاعِهَا لِلِاسْتِئْذَانِ فَكَانَ ذَلِكَ إذْنًا مِنْهَا كَالصُّمَاتِ وَالْبُكَاءِ يَدُلُّ عَلَى فَرْطِ الْحَيَاءِ الْكَرَاهَةِ، وَلَوْ كَرِهَتْ لَامْتَنَعَتْ فَإِنَّهَا لَا تَسْتَحِي مِنْ الِامْتِنَاعِ (وَنُطْقُهَا) أَيْ الْبِكْرِ بِالْإِذْنِ (أَبْلَغُ) مِنْ صُمَاتِهَا، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْإِذْنِ وَاكْتَفَى عَنْهُ بِصُمَاتِ الْبِكْرِ لِاسْتِحْيَائِهَا (وَيُعْتَبَرُ فِي اسْتِئْذَانِ) مَنْ يُشْتَرَطُ اسْتِئْذَانُهَا (تَسْمِيَةُ الزَّوْجِ لَهَا عَلَى وَجْهٍ تَقَعُ الْمَعْرِفَةُ) مِنْهَا (بِهِ) بِأَنْ يَذْكُرَ لَهَا نَسَبَهُ وَمَنْصِبَهُ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَتَّصِفُ بِهِ لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي إذْنِهَا فِي تَزْوِيجِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ.
(وَمَنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ) كَإِصْبَعٍ أَوْ وَثْبَةٍ (فَكَبِكْرٍ) فِي الْإِذْنِ فَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا. لِأَنَّ حَيَاءَهَا لَا يَزُولُ بِذَلِكَ (وَيُجْبِرُ سَيِّدٌ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) كَابْنِهِ وَأَوْلَى لِتَمَامِ مِلْكِهِ وَوِلَايَتِهِ (وَ) يُجْبِرُ سَيِّدٌ (أَمَةً مُطْلَقًا) أَيْ كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا قِنًّا أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ وَالنِّكَاحُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَتِهَا أَشْبَهَ عَقْدَ الْإِجَارَةِ، وَلِذَلِكَ مَلَكَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْعَبْدَ، وَلِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ مَهْرِهَا وَوَلَدِهَا وَيَسْقُطُ عَنْهُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُبَاحَةً لَهُ أَوْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ كَأُمِّهِ أَوْ أُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ