الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَرَاءَةِ. لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ (وَيُتْبَعُ وَلَدٌ) فِي كِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ فِيهَا بِالْأَدَاءِ أَشْبَهَ الصَّحِيحَةَ. وَ (لَا) يُتْبَعُ (كَسْبٌ فِيهَا) أَيْ الْفَاسِدَةِ فَمَا بِيَدِهِ حِينَ عَتَقَ لِسَيِّدِهِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ وَبِيَدِهِ مَالٌ (وَلِكُلٍّ) مِنْ سَيِّدٍ وَرَقِيقٍ (فَسْخُهَا) لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَلْزَمُ حُكْمُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ ثَمَّ صِفَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ، لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ وَتَابِعَةٌ لَهَا وَالْمُعَاوَضَةُ هِيَ الْمَقْصُود.
فَإِذَا بَطَلَتْ الْمُعَاوَضَةُ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ بَطَلَتْ الصِّفَةُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الصِّفَةِ الْمُجَرَّدَةِ وَيَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ فِي الصِّفَةِ الْفَاسِدَةِ التَّصَرُّفَ فِي كَسْبِهِ وَأَخْذِ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَاتِ كَالصَّحِيحَةِ وَإِذَا كَاتَبَ عَدَدًا كِتَابَةً فَاسِدَةً فَأَدَّى إلَيْهِ أَحَدُهُمْ عَتَقَ كَالصَّحِيحَةِ. وَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ فِي الْفَاسِدَةِ أَدَاءُ رُبْعِ الْكِتَابَةِ وَلَا شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّ الْعِتْقَ هُنَا بِالصِّفَةِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ (وَتَنْفَسِخُ) الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ (بِمَوْتِ سَيِّدٍ وَجُنُونِهِ وَحَجْرٍ عَلَيْهِ لِسَفَهِهِ) لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَلَا يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ، وَأَيْضًا فَالْمُغَلَّبُ فِيهِ حُكْمُ الصِّفَةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَهِيَ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ. وَيَمْلِكُ السَّيِّدُ أَخْذَ مَا بِيَدِ الْمُكَاتَبِ فِي الْفَاسِدَةِ.
[بَابُ أَحْكَامِ أَمِّ الْوَلَدِ]
الْأَحْكَامُ جَمْعُ حُكْمٍ، وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ الْمُفِيدُ فَائِدَةً شَرْعِيَّةً. وَأَصْلُ (أُمٍّ) أُمَّهَةٌ، وَلِذَلِكَ جُمِعَتْ عَلَى أُمَّهَاتِ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ، وَعَلَى أُمَّاتٍ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ، وَالْهَاءُ فِي أُمَّهَةٌ، زَائِدَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَيَجُوزُ التَّسَرِّي إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] وَفَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (وَهِيَ) أَيْ أُمُّ الْوَلَدِ (شَرْعًا مَنْ وَلَدَتْ مَا فِيهِ صُورَةٌ وَلَوْ خَفِيفَةً مِنْ مَالِكٍ) لَهَا (وَلَوْ) كَانَ مَالِكًا (بَعْضَهَا) أَوْ جُزْءًا يَسِيرًا (أَوْ) كَانَ مَالِكُهَا أَوْ بَعْضَهَا (مُكَاتَبًا) إنْ أَدَّى، فَإِنْ عَجَزَ عَادَتْ قِنًّا (وَلَوْ) كَانَتْ الْأَمَةُ (مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ) أَيْ مَالِكِهَا كَأُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ وَكَمَجُوسِيَّةٍ وَثَنِيَّةٍ وَكَوَطْئِهَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ (أَوْ) وَلَدَتْ مِنْ أَبِي مَالِكِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الِابْنُ وَطِئَهَا نَصًّا فَإِنْ كَانَ الِابْنُ وَطِئَهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَبِ بِاسْتِيلَادِهَا لِأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا بِوَطْءِ ابْنِهِ لَهَا، فَلَا تَحِلُّ لَهُ بِحَالٍ فَأَشْبَهَ وَطْءَ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَمْلِكُهَا وَلَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَيَعْتِقُ وَلَدُهَا عَلَى أَخِيهِ لِأَنَّهُ ذُو رَحِمِهِ وَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بِالْأَبِ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءٍ يُدْرَأُ فِيهِ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ
(وَتَعْتِقُ) أُمُّ وَلَدٍ (بِمَوْتِهِ) أَيْ سَيِّدِهَا (وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهَا) لِحَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ، وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ «ذُكِرَتْ أُمُّ إبْرَاهِيمَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَلِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ إتْلَافٌ حَصَلَ بِسَبَبِ حَاجَةٍ أَصْلِيَّةٍ، وَهِيَ الْوَطْءُ فَكَانَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ.
(وَإِنْ وَضَعَتْ) أَمَةٌ مِنْ مَالِكِهَا أَوْ أَبِيهِ (جِسْمًا لَا تَخْطِيطَ فِيهِ كَالْمُضْغَةِ وَنَحْوِهَا) كَالْعَلَقَةِ (لَمْ تَصِرْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدٍ. فَإِنْ شَهِدَ ثِقَاتٌ مِنْ النِّسَاءِ بِأَنَّ فِي هَذَا الْجِسْمِ صُورَةً خَفِيَّةً تَعَلَّقَتْ بِهَا الْأَحْكَامُ لِاطِّلَاعِهِنَّ عَلَى مَا خَفِيَ عَلَى غَيْرِهِنَّ (وَإِنْ أَصَابَهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ) بِزَوْجِيَّةٍ أَوْ شُبْهَةٍ (لَا بِزِنًا ثُمَّ مَلَكَهَا حَامِلًا عَتَقَ الْحَمْلُ) لِأَنَّهُ وَلَدُهُ (وَلَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ) نَصًّا لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ. وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ الرِّقُّ، خُولِفَ فِيمَا إذَا حَمَلَتْ بِهِ فِي مِلْكِ سَيِّدِهَا فَبَقِيَ فِيمَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ. وَإِنْ زَنَا بِأَمَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَوَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ كَأَجْنَبِيٍّ مِنْهُ لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ
(وَمَنْ مَلَكَ) أَمَةً (حَامِلًا) مِنْ غَيْرِهِ (فَوَطِئَهَا) قَبْلَ وَضْعِهَا (حَرُمَ) عَلَيْهِ (بَيْعُ الْوَلَدِ) وَلَمْ يَصِحَّ (وَيُعْتِقُهُ) نَصًّا. لِأَنَّهُ قَدْ شُرِكَ فِيهِ. لِأَنَّ الْمَاءَ يَزِيدُ فِي الْوَلَدِ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَأَنَّهُ يَسْرِي كَالْعِتْقِ أَيْ لَوْ كَانَتْ كَافِرَةً (وَيَصِحُّ قَوْلُهُ) أَيْ السَّيِّدِ (لِأَمَتِهِ: يَدُك أُمُّ وَلَدِي) فَهُوَ كَقَوْلِهِ لَهَا: أَنْتِ أُمُّ وَلَدِي لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِأَنَّ جُزْءًا مِنْهَا مُسْتَوْلِدٌ يُلْزِمُهُ الْإِقْرَارَ بِاسْتِيلَادِهَا كَقَوْلِهِ يَدُك حُرَّةٌ (أَوْ) أَيْ وَكَذَا قَوْلُهُ (لِابْنِهَا) أَيْ ابْنِ أَمَتِهِ (يَدُك ابْنِي) فَهُوَ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ ابْنُهُ، كَقَوْلِهِ: أَنْتَ ابْنِي وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَلَدْتِيهِ فِي مِلْكِي لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إلَّا أَنْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى وِلَادَتِهَا لَهُ فِي مِلْكِهِ.
وَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ (وَأَحْكَامُ أُمِّ وَلَدٍ كَ) أَحْكَامِ (أَمَةٍ) غَيْرِ مُسْتَوْلَدَةٍ (فِي إجَارَةٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَوَطْءٍ وَسَائِرِ أُمُورِهَا) كَإِعَارَةٍ وَإِيدَاعٍ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ. أَشْبَهَتْ الْقِنَّ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «هِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» وَقَوْلِهِ «فَهِيَ مُعْتَقَةٌ مِنْ بَعْدِهِ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا قَبْلَ ذَلِكَ بَاقِيَةٌ فِي الرِّقِّ (إلَّا فِي تَدْبِيرٍ) فَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إذْ الِاسْتِيلَادُ أَقْوَى مِنْهُ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ أَبْطَلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ مَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ كَبَيْعٍ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ (غَيْرِ كِتَابَةٍ) فَتَصِحُّ كِتَابَتُهَا وَيُقَدَّمُ (وَكَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَقَالَ: لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ، يَسْتَمْتِعُ بِهَا السَّيِّدُ مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ (أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا) إشْعَارٌ بِذَلِكَ. وَمَنْعُ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَائِشَةَ. .
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ بَيْعُهُنَّ. وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ «بِعْنَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَهْدِ أَبِي بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا» لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ كَانَ بِعِلْمِهِ صلى الله عليه وسلم وَعِلْمِ أَبِي بَكْرٍ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ وَلَمْ تَجْتَمِعْ الصَّحَابَةُ بَعْدُ عَلَى مُخَالَفَتِهِمَا (أَوْ يُرَادُ لَهُ) أَيْ لِنَقْلِ الْمِلْكِ (كَرَهْنٍ) فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهَا لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْبَيْعُ فِي الدَّيْنِ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ (وَوَلَدِهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ (مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا) إنْ أَتَتْ بِهِ (بَعْدَ إيلَادِهَا) مِنْ سَيِّدِهَا (كَهِيَ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا أَوْ شُبْهَةٍ إنْ لَمْ تَشْتَبِهْ عَلَيْهِ بِمَنْ وَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ، وَسَوَاءٌ عَتَقَتْ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا أَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَيَجُوزُ فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ مَا يَجُوزُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَيَمْتَنِعُ فِيهِ مَا يَمْتَنِعُ فِيهَا لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ حُرِّيَّةً وَرِقًّا، فَكَذَا فِي سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ.
قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمَا (وَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا)(إلَّا أَنَّهُ) أَيْ وَلَدَهَا (لَا يَعْتِقُ بِإِعْتَاقِهَا) لِأَنَّهَا عَتَقَتْ بِغَيْرِ السَّبَبِ الَّذِي تَبِعَهَا فِيهِ وَيَبْقَى عِتْقُهُ مَوْقُوفًا عَلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ وَكَذَا لَوْ عَتَقَ وَلَدُهَا لَمْ تَعْتِقْ بَلْ يَمُوتُ سَيِّدُهَا (أَوْ) أَيْ وَلَا يَعْتِقُ وَلَدُهَا (بِمَوْتِهَا قَبْلَ سَيِّدِهَا) وَيَبْقَى عِتْقُهُ مَوْقُوفًا عَلَى مَوْتِ سَيِّدِهَا لِبَقَاءِ التَّبَعِيَّةِ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ إذَا مَاتَتْ بَطَلَتْ التَّبَعِيَّةُ لِأَنَّ سَبَبَ الْعِتْقِ فِي الْكِتَابَةِ الْأَدَاءُ، وَقَدْ تَعَذَّرَ بِمَوْتِهَا، وَالسَّبَبُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ مَوْتُ السَّيِّدِ وَلَا يَتَعَذَّرُ بِمَوْتِهَا (وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَهِيَ حَامِلٌ) مِنْهُ (فَنَفَقَتُهَا لِمُدَّةِ حَمْلِهَا مِنْ مَالِ حَمْلِهَا) أَيْ نَصِيبِهِ الَّذِي وُقِفَ لَهُ لِمِلْكِهِ لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَمْلِ مَالٌ بِأَنْ لَمْ يُخَلِّفْ السَّيِّدُ مَا يَرِثُ مِنْهُ الْحَمْلُ (فَ) نَفَقَةُ الْحَمْلِ (عَلَى وَارِثِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233]
(وَكُلَّمَا جَنَتْ أُمُّ وَلَدٍ) عَلَى غَيْرِ سَيِّدِهَا تَعَلَّقَ أَرْشُ جِنَايَتِهَا بِرَقَبَتِهَا وَ (فَدَاهَا سَيِّدُهَا بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ) أَيْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (أَوْ) مِنْ (قِيمَتِهَا يَوْمَ الْفِدَاءِ) فَإِنْ كَانَتْ حِينَئِذٍ مَرِيضَةً أَوْ مُزَوَّجَةً وَنَحْوَهُ أُخِذَتْ قِيمَتُهَا بِذَلِكَ الْعَيْبِ. قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ قِيمَتُهَا مَعِيبَةً بِعَيْبِ الِاسْتِيلَادِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْقِصُهَا فَاعْتُبِرَ كَالْمَرَضِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُيُوبِ انْتَهَى. أَمَّا كَوْنُهُ يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهَا فَلِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ يَمْلِكُ كَسْبَهَا. أَشْبَهَتْ الْقِنَّ وَأَمَّا كَوْنُهُ يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهَا كُلَّمَا جَنَتْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَوْ أَلْفَ مَرَّةٍ فَلِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ فَلَزِمَهُ فِدَاؤُهَا كَأَوَّلِ مَرَّةٍ (وَلَوْ اجْتَمَعَتْ أُرُوشٌ) بِجِنَايَاتِهَا (قَبْلَ إعْطَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ الْأُرُوشِ
(تَعَلَّقَ الْجَمِيعُ) مِنْ الْأُرُوشِ (بِرَقَبَتِهَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى السَّيِّدِ) فِيهَا كُلِّهَا (إلَّا الْأَقَلَّ مِنْ أَرْشِ الْجَمِيعِ أَوْ) مِنْ (قِيمَتِهَا) يَشْتَرِكُ فِيهَا أَرْبَابُ الْجِنَايَاتِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ
(وَإِنْ قَتَلَتْ) أَيْ أُمُّ وَلَدٍ (سَيِّدَهَا عَمْدًا فَلِوَلِيِّهِ) أَيْ السَّيِّدِ (إنْ لَمْ يَرِثْ وَلَدُهَا شَيْئًا مِنْ دَمِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (الْقِصَاصُ) كَغَيْرِ أُمِّ وَلَدِهِ فَإِنْ وَرِثَ وَلَدُهَا شَيْئًا مِنْ دَمِ سَيِّدِهَا فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لِلْوَلَدِ عَلَى أَحَدِ أَبَوَيْهِ (فَإِنْ عَفَا) عَنْهَا (عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَ الْقَتْلُ) لِسَيِّدِهَا شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ (خَطَأٍ لَزِمَهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ) مِنْ (دِيَتِهِ) أَيْ السَّيِّدِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْجِنَايَةِ كَمَا لَوْ جَنَى عَبْدٌ فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ، وَهِيَ حَالَ الْجِنَايَةِ أَمَتُهُ وَإِنَّمَا تَعْتِقُ بِالْمَوْتِ (وَتَعْتِقُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ) وَهُمَا الْقَتْلُ عَمْدًا وَخَطَأً، لِأَنَّ الْمُقْتَضِي لِعِتْقِهَا زَوَالُ مِلْكِ السَّيِّدِ عَنْهَا وَقَدْ زَالَ، وَلَوْ لَمْ تَعْتِقْ بِذَلِكَ لَزِمَ زَوَالُ نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهَا. وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ أَوْ لِأَنَّ الْعِتْقَ لِغَيْرِهَا فَلَمْ يَسْقُطْ بِفِعْلِهَا بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ وَأُورِدَ عَلَيْهِ الْمُدَبَّرُ وَأُجِيبَ بِضَعْفِ السَّبَبِ فِيهِ (وَلَا حَدَّ بِقَذْفِ أُمِّ وَلَدٍ) لِأَنَّهَا أَمَةٌ تَعْتِقُ بِالْمَوْتِ أَشْبَهَتْ الْمُدَبَّرَةَ.
(وَإِنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدٍ) لِ (كَافِرٍ مُنِعَ مِنْ غَشَيَانِهَا) أَيْ وَطْئِهَا وَالتَّلَذُّذِ بِهَا لِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ بِإِسْلَامِهَا (وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) ; لِئَلَّا يَغْشَاهَا وَلَا تَعْتِقُ بِإِسْلَامِهَا بَلْ يَبْقَى مِلْكُهُ عَلَيْهَا عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ إسْلَامِهَا (وَأُجْبِرَ) سَيِّدُهَا (عَلَى نَفَقَتِهَا إنْ عَدِمَ كَسْبُهَا) لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَالِكُهَا وَنَفَقَةُ الْمَمْلُوكِ عَلَى سَيِّدِهِ. فَإِنْ كَانَ لَهَا كَسْبٌ فَنَفَقَتُهَا فِيهِ ; لِئَلَّا يَبْقَى لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهَا مِمَّا شَاءَتْ. وَإِنْ فَضَلَ مِنْ كَسْبِهَا شَيْءٌ عَنْ نَفَقَتِهَا فَلِسَيِّدِهَا (فَإِنْ أَسْلَمَ) سَيِّدُهَا (حَلَّتْ لَهُ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَهُوَ الْكُفْرُ (فَإِنْ مَاتَ) سَيِّدُهَا (كَافِرًا عَتَقَتْ) بِمَوْتِهِ كَسَائِرِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَلِعُمُومِ الْأَخْبَارِ
(وَإِنْ وَطِئَ أَحَدُ اثْنَيْنِ) مُشْتَرِكَيْنِ فِي أَمَةٍ (أَمَتَهُمَا أُدِّبَ) لِفِعْلِهِ مُحَرَّمًا وَلَا حَدَّ فِيهِ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكًا كَوَطْءِ أَمَتِهِ الْحَائِضِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ وَاطِئَ الْمُشْتَرَكَةِ (لِشَرِيكِهِ مِنْ مَهْرِهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ) مِنْهَا سَوَاءٌ طَاوَعَتْهُ أَوْ أَكْرَهَهَا لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهَا فَلَا يَسْقُطُ بِمُطَاوَعَتِهَا كَإِذْنِهَا فِي قَطْعِ بَعْضِ أَعْضَائِهَا (فَلَوْ وَلَدَتْ) مِنْ وَطْءِ الشَّرِيكِ (صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ) كَمَا لَوْ كَانَتْ خَالِصَةً لَهُ، وَخَرَجَتْ مِنْ مِلْكِ الشَّرِيكِ كَمَا تَخْرُجُ بِالْإِعْتَاقِ مُوسِرًا كَانَ الْوَاطِئُ أَوْ مُعْسِرًا. لِأَنَّ الْإِيلَادَ أَقْوَى مِنْ الْإِعْتَاقِ (وَوَلَدُهُ) أَيْ الشَّرِيكِ الْوَاطِئِ مِنْهَا (حُرٌّ) لِأَنَّهُ مِنْ مَحَلٍّ لِلْوَاطِئِ فِيهِ مِلْكٌ. أَشْبَهَ مَا لَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ فِي حَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ (وَيَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الْوَاطِئِ.
(وَلَوْ) كَانَ (مُعْسِرًا) نَصًّا (قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ)
مِنْ الْمَوْطُوءَةِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ مِنْهُ بِالْإِعْتَاقِ أَوْ الْإِتْلَافِ، وَإِنَّمَا سَرَى الْإِيلَادُ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ مَعَ عُمْرَتِهِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِكَوْنِ الْإِيلَادِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الشَّرِيكِ وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ مِنْ فِعْلِهِ لِوُجُودِ الْوَطْءِ بِلَا إيلَادٍ، فَهُوَ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ رَفْعُ مُسَبِّبَاتِهَا كَالزَّوَالِ لِوُجُودِ الطُّهْرِ (وَلَا) يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْوَاطِئَ لِشَرِيكِهِ شَيْءٌ (مِنْ مَهْرٍ وَ) قِيمَةِ (وَلَدٍ) لِأَنَّ حِصَّةَ الشَّرِيكِ انْتَقَلَتْ إلَى مِلْكِ شَرِيكِهِ الْوَاطِئِ بِمُجَرَّدِ الْعُلُوقِ، فَصَارَتْ كُلُّهَا لَهُ وَانْعَقَدَ وَلَدُهُ حُرًّا (كَمَا لَوْ أَتْلَفَهَا) فَمَاتَتْ مِنْ الْوَطْءِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا.
(فَإِنْ أَوْلَدَهَا) الشَّرِيكُ (الثَّانِي بَعْدَ) إيلَادِ الْأَوَّلِ لَهَا عَالِمًا بِهِ (فَعَلَيْهِ مَهْرُهَا) كَامِلًا لِمُصَادَفَةِ وَطْئِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ. أَشْبَهَتْ الْأَمَةُ الْأَجْنَبِيَّةَ (وَوَلَدُهُ) مِنْهَا (رَقِيقٌ) تَبَعًا لِأُمِّهِ، لِأَنَّهُ مِلْكٌ لَهُ فِيهَا (وَإِنْ جَهِلَ) الْوَاطِئُ الثَّانِي (إيلَادَ شَرِيكِهِ) الْأَوَّلِ (أَوْ) عَلِمَهُ وَجَهِلَ (أَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) أَيْ الْأَوَّلِ وَأَنَّ حِصَّتَهُ انْتَقَلَ مِلْكُهَا لِلْأَوَّلِ بِإِيلَادِهَا (فَوَلَدُهُ حُرٌّ) لِلشُّبْهَةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْوَاطِئِ الثَّانِي (فِدَاؤُهُ) أَيْ فِدَاءُ وَلَدِهِ الَّذِي أَتَتْ بِهِ مِنْ وَطْئِهِ مَعَ جَهْلِهِ كَوْنَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ رِقَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ (يَوْمَ الْوِلَادَةِ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ أَوْقَاتِ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ. وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَمَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا جُزْءٌ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ وَلِلْآخَرِ الْبَقِيَّةُ. وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.