الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَيْسَتْ زَوْجَةً وَلَا مِلْكَ يَمِينٍ وَكَالْمُسْتَأْجَرَةِ مَعَ مِلْكِهِ نَفْعُهَا، فَهُنَا أَوْلَى (وَرَقَّ وَلَدُهُ) إنْ وَلَدَتْ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِأُمِّهِ وَهُوَ وَلَدُ زِنًا، وَسَوَاءٌ أَذِنَ رَاهِنٌ أَوْ لَا (وَلَزِمَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنَ (الْمَهْرُ) إنْ لَمْ يَأْذَنْهُ رَاهِنٌ بِوَطْئِهَا، لَوْ أَكْرَهَهَا عَلَيْهِ أَوْ طَاوَعَتْ، وَلَوْ اعْتَقَدَ الْحِلَّ أَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ يَجِبُ لِلسَّيِّدِ فَلَا يَسْقُطُ بِمُطَاوَعَتِهَا أَوْ إذْنِهَا كَإِذْنِهَا فِي قَطْعِ يَدِهَا وَكَأَرْشِ بَكَارَتِهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا.
(وَإِنْ أَذِنَ رَاهِنٌ) مُرْتَهِنًا فِي وَطْئِهَا (فَلَا مَهْرَ) لِإِذْنِ الْمَالِكِ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ كَالْحُرَّةِ الْمُطَاوِعَةِ (وَكَذَا لَا حَدَّ) بِوَطْءِ مُرْتَهِنٍ مَرْهُونَةً (إنْ ادَّعَى) مُرْتَهِنٌ (جَهْلَ تَحْرِيمِهِ) أَيْ الْوَطْءِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (يَجْهَلُهُ) أَيْ التَّحْرِيمَ لِكَوْنِهِ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ سَوَاءٌ أَذِنَهُ رَاهِنٌ فِيهِ أَوْ لَا (وَوَلَدُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ مِنْ وَطْءٍ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ (حُرٌّ) ; لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ ظَنَّهَا أَمَتَهُ (وَلَا فِدَاءَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مُرْتَهِنٍ أَذِنَ لَهُ رَاهِنٌ فِي وَطْءٍ، لِحُدُوثِ الْوَلَدِ مِنْ وَطْءٍ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَالْإِذْنُ فِي الْوَطْءِ إذْنٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ رَاهِنٌ فِي الْوَطْءِ وَوَطِئَ بِشُبْهَةٍ فَوَلَدُهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ فِدَاؤُهُ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ، خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِهِ.
[بَابٌ الضَّمَانِ]
ِ جَائِزٌ إجْمَاعًا فِي الْجُمْلَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الزَّعِيمُ الْكَفِيلُ، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الضَّمِّ أَوْ مِنْ التَّضَمُّنِ ; لِأَنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ تَتَضَمَّنُ الْحَقَّ أَوْ مِنْ الضِّمْنِ ; لِأَنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ فِي ضِمْنِ ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ زِيَادَةُ وَثِيقَةٍ وَشَرْعًا (الْتِزَامُ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ) وَهُوَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَغِيرٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا سَفِيهٍ ; لِأَنَّهُ إيجَابُ مَالٍ بِعَقْدٍ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُمْ كَالشِّرَاءِ.
وَإِذَا قَالَ ضَامِنٌ: كُنْتُ حِينَ الضَّمَانِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَأَنْكَرَهُ مَضْمُونٌ لَهُ فَقَوْلُهُ ; لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَلَامَةَ الْعَقْدِ وَلَوْ عُرِفَ لِضَامِنٍ حَالُ جُنُونٍ (أَوْ) الْتِزَامُ (مُفْلِسٍ) ; لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ كَالرَّاهِنِ يَتَصَرَّفُ فِي غَيْرِ الرَّهْنِ (أَوْ) الْتِزَامُ (قِنٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِمَا) ; لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِحَقِّهِ، فَإِذَا أَذِنَهُمَا انْفَكَّ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْهُمَا فِيهِ لَمْ يَصِحَّ سَوَاءٌ أَذِنَ فِي التِّجَارَةِ أَمْ لَا، إذْ الضَّمَانُ عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إيجَابَ مَالٍ كَالنِّكَاحِ (وَيُؤْخَذُ) مَا ضَمِنَ فِيهِ مُكَاتَبٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (مِمَّا بِيَدِ
مُكَاتَبٍ) كَثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ وَنَحْوِهِ (وَ) يُؤْخَذُ (مَا ضَمِنَهُ قِنٌّ) بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (مِنْ سَيِّدِهِ) لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ فَإِنْ أَذِنَهُ فِي الضَّمَانِ لِيَقْضِيَ مِمَّا بِيَدِهِ صَحَّ وَتَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ كَتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ جَانٍ.
وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ حُرٌّ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَا ضَمِنَهُ مِنْ مَالٍ عَيَّنَهُ وَمَا ضَمِنَهُ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ مِنْ ثُلُثِهِ (مَا) مَفْعُولُ الْتِزَامٍ أَيْ مَالًا (وَجَبَ عَلَى آخَرَ) كَثَمَنٍ وَقَرْضٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ (مَعَ بَقَائِهِ) أَيْ مَا وَجَبَ عَلَى مَضْمُونِهِ عَنْهُ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِالضَّمَانِ، لِحَدِيثِ «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» وَقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ " الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدَتُهُ " حِينَ أَخْبَرَهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ (أَوْ) مَا (يَجِبُ) عَلَى آخَرَ كَجُعْلٍ عَلَى عَمَلٍ لِلْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ يَئُولَ إلَى اللُّزُومِ إذَا عَمِلَ الْعَمَلَ (غَيْرَ جِزْيَةٍ فِيهِمَا) أَيْ فِيمَا وَجَبَ وَفِيمَا يَجِبُ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا وَلَا قَبْلَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا كَافِرٍ لِفَوَاتِ الصَّغَارِ عَنْ الْمَضْمُونِ بِدَفْعِ الضَّامِنِ.
وَيَحْصُلُ الِالْتِزَامُ (بِلَفْظِ) أَنَا (ضَمِينٌ وَكَفِيلٌ وَقَبِيلٌ وَحَمِيلٌ وَصَبِيرٌ وَزَعِيمٌ وَ) بِلَفْظِ (ضَمِنْتُ دَيْنَكَ أَوْ تَحَمَّلْتُهُ وَنَحْوَهُ) كَعِنْدِي أَوْ عَلَيَّ مَا لَك عِنْدَهُ، وَكَبِعْهُ أَوْ زَوِّجْهُ وَعَلَيَّ الثَّمَنُ أَوْ الْمَهْرُ لِأُؤَدِّيَ أَوْ أُحْضِرَ ; لِأَنَّهُ وَعْدٌ. وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: اضْمَنْ أَوْ اُكْفُلْ عَنْ فُلَانٍ فَفَعَلَ لَزِمَ الْمُبَاشِرَ دُونَ الْآمِرِ
(وَ) يَصِحُّ (بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ مِنْ أَخْرَسَ) لِقِيَامِهَا مَقَامَ نُطْقِهِ لَا بِكِتَابَةٍ مُنْفَرِدَةٍ عَنْ إشَارَةٍ يُفْهَمُ بِهَا أَنَّهُ قَصَدَ الضَّمَانَ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُبُ عَبَثًا أَوْ تَجْرِبَةَ قَلَمٍ وَمَنْ لَا تُفْهَمُ إشَارَتُهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَكَذَا سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ
(وَلِرَبِّ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ) أَيْ الضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِمَا (وَ) لَهُ مُطَالَبَتُهُمَا (مَعًا) لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّ الْكَفِيلَ لَوْ قَالَ: الْتَزَمْتُ أَوْ تَكَفَّلْتُ بِالْمُطَالَبَةِ دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ (فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ) لِمَا سَبَقَ فَإِنْ قِيلَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ لَا يَشْغَلُ مَحِلَّيْنِ أُجِيبَ بِأَنَّ إشْغَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّعَلُّقِ وَالِاسْتِيثَاقِ كَتَعَلُّقِ دَيْنِ الرَّهْنِ بِهِ وَبِذِمَّةِ الرَّاهِنِ
وَإِذَا أَحَالَ) رَبُّ الْحَقِّ عَلَى مَضْمُونٍ أَوْ رَاهِنٍ (أَوْ أُحِيلَ) رَبُّ الْحَقِّ بِدَيْنِهِ الْمَضْمُونِ لَهُ أَوْ الَّذِي بِهِ الرَّهْنُ (أَوْ زَالَ عَقْدٌ) وَجَبَ بِهِ الدَّيْنُ بِتَقَايُلٍ أَوْ غَيْرِهِ (بَرِئَ ضَامِنٌ وَكَفِيلٌ وَبَطَلَ رَهْنٌ) ; لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالتَّسْلِيمِ لِفَوَاتِ الْمَحِلِّ
وَ (لَا) يَبْرَأُ ضَامِنٌ وَكَفِيلٌ وَلَا يَبْطُلُ رَهْنٌ (إنْ وُرِثَ) الْحَقُّ ; لِأَنَّهَا حُقُوقٌ لِلْمَيِّتِ فَتُورَثُ عَنْهُ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ (لَكِنْ) اسْتِدْرَاكٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَوَالَةِ
(لَوْ أَحَالَ رَبُّ دَيْنٍ عَلَى اثْنَيْنِ) - مَدِينَيْنِ لَهُ (وَكُلٌّ) مِنْهُمَا (ضَامِنٌ الْآخَرَ - ثَالِثًا لِيَقْبِضَ) الْمُحْتَالُ (مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ صَحَّ) ; لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ هُنَا فِي نَوْعٍ وَلَا أَجَلٍ وَلَا عَدَدٍ وَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَةُ
اسْتِيثَاقٍ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنًا الْآخَرَ وَأَحَالَهُ عَلَيْهِمَا ; لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْحَقَّ مِنْ وَاحِدٍ جَازَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ مِنْ اثْنَيْنِ وَإِنْ أَحَالَهُ فِي الْأُولَى عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ صَحَّ لِاسْتِقْرَارِ الدَّيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا.
وَالظَّاهِرُ بَرَاءَةُ الَّذِي لَمْ يُحَلْ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُحِيلِ لِانْتِقَالِ حَقِّهِ عَنْهُ ; لِأَنَّ الْحَوَالَةَ اسْتِيفَاءٌ وَيَنْتَقِلُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى كَأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَكِنْ لَا يُطَالِبُ الْآخَرَ حَتَّى يُؤَدِّيَ كَمَا فِي ضَامِنِ الضَّامِنِ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَأَطَالَ وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ، فَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الرَّهْنِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ بِغَيْرِ دَيْنٍ لَهُ، وَالْأَصَحُّ فِي الضَّمَانِ: أَنَّهُ إنْ قَالَ ضَمِنْتُ مَا عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَضْمُونَ لَهُ فَالضَّمَانُ بَاقٍ، وَإِنْ عَيَّنَ الْمَضْمُونَ لَهُ بِالدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ انْتَهَى. وَإِنْ أَحَالَ أَحَدٌ اثْنَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنُ الْآخَرِ رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُمَا مَعًا كَمَا لَوْ قَضَاهُ (وَإِنْ بَرِئَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَبْرَأَهُ رَبُّ الدَّيْنِ (مِنْ الْكُلِّ) بَرِئَ مِمَّا عَلَيْهِ أَصَالَةً وَضَمَانًا وَ (بَقِيَ مَا عَلَى الْآخَرِ أَصَالَةً) ; لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَمْ يُصَادِفْهُ وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَيْهِ كَفَالَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنْهُ بِإِبْرَاءِ الْأَصِيلِ
(وَإِنْ بَرِئَ مَدْيُونٌ) بِوَفَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ حَوَالَةٍ (بَرِئَ ضَامِنُهُ) ; لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ وَالضَّمَانُ وَثِيقَةٌ فَإِذَا بَرِئَ الْأَصْلُ زَالَتْ الْوَثِيقَةُ كَالرَّهْنِ (وَلَا عَكْسَ) أَيْ لَا يَبْرَأُ مَدِينٌ بِبَرَاءَةِ ضَامِنِهِ لِعَدَمِ تَبَعِيَّتِهِ لَهُ. إنْ تَعَدَّدَ ضَامِنٌ، لَمْ يَبْرَأْ أَحَدُهُمْ بِإِبْرَاءِ غَيْرِهِ سَوَاءٌ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعَ الدَّيْنِ أَوْ جُزْءًا مِنْهُ وَيَبْرَءُونَ بِإِبْرَاءِ مَضْمُونٍ عَنْهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ أَحَدُ الضَّامِنِينَ الْآخَرَ لِثُبُوتِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ بِضَمَانِهِ الْأَصْلَ فَهُوَ أَصْلٌ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَصِيرَ فَرْعًا، بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ ; لِأَنَّهَا بِبَدَنِهِ لَا بِمَا فِي ذِمَّتِهِ فَلَوْ سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا بَرِئَ وَبَرِئَ كَفِيلُهُ بِهِ لِأَمْنِ إحْضَارِ مَكْفُولٍ بِهِ
(وَلَوْ لَحِقَ ضَامِنٌ بِدَارِ حَرْبٍ مُرْتَدًّا أَوْ) كَانَ كَافِرًا (أَصْلِيًّا) فَضَمِنَ وَلَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ (لَمْ يَبْرَأْ) مِنْ الضَّمَانِ كَالدَّيْنِ الْأَصْلِيِّ
(وَإِنْ قَالَ رَبُّ دَيْنٍ لِضَامِنٍ: بَرِئْتَ إلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَقَدْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ) الدَّيْنَ ; لِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِفِعْلِ الضَّامِنِ، وَالْبَرَاءَةُ لَا تَكُونُ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ إلَّا بِأَدَائِهِ وَ (لَا) يَكُونُ قَوْلُهُ لَهُ (أَبْرَأْتُكَ) مِنْ الدَّيْنِ (أَوْ بَرِئْتُ مِنْهُ) إقْرَارًا بِقَبْضِهِ أَمَّا فِي أَبْرَأْتُكَ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي بَرِئْتَ مِنْهُ فَلِأَنَّ الْبَرَاءَةَ قَدْ تُضَافُ إلَى مَا لَا يُتَصَوَّرُ الْفِعْلُ مِنْهُ ك بَرِئَتْ ذِمَّتُكَ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْبَرَاءَةُ بِفِعْلِ الضَّامِنِ أَوْ الْمَضْمُونِ لَهُ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْقَبْضِ
(وَ) قَوْلُ رَبِّ دَيْنٍ لِضَامِنٍ (وَهَبْتُكَهُ) أَيْ الدَّيْنَ (تَمْلِيكٌ لَهُ) أَيْ الضَّامِنِ
(فَيَرْجِعُ) بِهِ (عَلَى مَضْمُونٍ) عَنْهُ كَمَا لَوْ دَفَعَهُ عَنْهُ ثُمَّ وَهَبَهُ إيَّاهُ
(وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا فَأَسْلَمَ مَضْمُونٌ لَهُ) بَرِئَ مَضْمُونٌ عَنْهُ كَضَامِنِهِ ; لِأَنَّ مَالِيَّةَ الْخَمْرِ بَطَلَتْ فِي حَقِّهِ فَلَمْ يَمْلِكْ الْمُطَالَبَةَ بِهَا (أَوْ) أَسْلَمَ مَضْمُونٌ (عَنْهُ بَرِئَ) الْمَضْمُونُ عَنْهُ (كَضَامِنِهِ) ; لِأَنَّهُ صَارَ مُسْلِمًا وَلَا يَجُوزُ وُجُوبُ الْخَمْرِ عَلَى مُسْلِمٍ وَالضَّامِنُ فَرْعُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَ ضَامِنٌ) فِي خَمْرٍ وَحْدَهُ (بَرِئَ) ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ طَلَبُ مُسْلِمٍ بِخَمْرٍ (وَحْدَهُ) ; لِأَنَّهُ تَبَعٌ، فَلَا يَبْرَأُ الْأَصْلُ بِبَرَاءَتِهِ
(وَيُعْتَبَرُ) لِصِحَّةِ ضَمَانٍ (رِضَا ضَامِنٍ) ; لِأَنَّ الضَّمَانَ تَبَرُّعٌ بِالْتِزَامِ الْحَقِّ فَاعْتُبِرَ لَهُ الرِّضَا كَالتَّبَرُّعِ بِالْأَعْيَانِ وَ (لَا) يُعْتَبَرُ رِضَا (مَنْ ضُمِنَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ ; لِأَنَّ أَبَا قَتَادَةَ ضَمِنَ الْمَيِّتَ فِي الدِّينَارَيْنِ وَأَقَرَّهُ الشَّارِعُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِصِحَّةِ قَضَاءِ دَيْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَأَوْلَى ضَمَانُهُ (أَوْ) أَيْ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا (مَنْ ضُمِنَ لَهُ) أَيْ الْمَضْمُونِ لَهُ ; لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ لَا يُعْتَبَرُ لَهَا قَبْضٌ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ لَهَا رِضًا كَالشَّهَادَةِ (وَلَا) يُعْتَبَرُ لِضَامِنٍ (أَنْ يُعَرِّفَهُمَا) أَيْ الْمَضْمُونَ لَهُ وَالْمَضْمُونَ عَنْهُ (ضَامِنٌ) ; لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُمَا فَكَذَا مَعْرِفَتُهُمَا (وَلَا) يُعْتَبَرُ (الْعِلْمُ) مِنْ الضَّامِنِ (بِالْحَقِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ ; لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ.
(وَلَا) يُعْتَبَرُ (وُجُوبُهُ) أَيْ الْحَقِّ (إنْ آلَ إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الْعِلْمِ بِهِ وَإِلَى الْوُجُوبِ لِلْآيَةِ ; لِأَنَّ حِمْلَ الْبَعِيرِ فِيهِمَا يَئُولُ إلَى الْوُجُوبِ، فَإِنْ قِيلَ: الضَّمَانُ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَضْمُونِ حَقٌّ فَلَا ضَمَّ أُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ ضَمَّ ذِمَّتَهُ إلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُهُ وَهَذَا كَافٍ (فَيَصِحُّ ضَمِنْتُ لِزَيْدٍ مَا عَلَى بَكْرٍ) وَإِنْ جَهِلَهُ الضَّامِنُ (أَوْ) أَيْ وَيَصِحُّ ضَمِنْت لِزَيْدٍ (مَا يُدَايِنُهُ) بَكْرٌ أَوْ مَا يُقِرُّ لَهُ بِهِ أَوْ يَثْبُتُ لَهُ عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَهُ) أَيْ ضَامِنٍ مَا لَمْ يَجِبْ (إبْطَالُهُ) أَيْ الضَّمَانِ (قَبْلَ وُجُوبِهِ) أَيْ الْحَقِّ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالْوُجُوبِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمَوْتِ ضَامِنٍ
(وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الضَّمَانِ مَا يَئُولُ إلَى الْوُجُوبِ (ضَمَانُ السُّوقِ وَهُوَ) أَيْ ضَمَانُ السُّوقِ (أَنْ يَضْمَنَ مَا يَلْزَمُ التَّاجِرَ مِنْ دَيْنٍ أَوْ مَا يَقْبِضُهُ) أَيْ التَّاجِرُ (مِنْ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ) كَمَقْبُوضٍ عَلَى وَجْهِ سَوْمٍ وَإِنْ قَالَ مَا أَعْطَيْتَهُ فَعَلَيَّ وَلَا قَرِينَةَ، فَهُوَ لِمَا وَجَبَ مَاضِيًّا، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ، وَصَوَّبَ فِي الْإِنْصَافِ أَنَّهُ لِلْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ وَمَعْنَاهُ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ
(وَيَصِحُّ ضَمَانُ مَا صَحَّ أَخَذَ رَهْنٍ بِهِ) مِنْ دَيْنٍ وَعَيْنٍ لَا عَكْسِهِ، لِصِحَّةِ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ دُونَ أَخْذِ الرَّهْنِ بِهَا
(وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ (دَيْنِ ضَامِنٍ) بِأَنْ يَضْمَنَهُ ضَامِنٌ آخَرَ وَكَذَا ضَامِنُ الضَّامِنِ فَأَكْثَرَ ; لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَازِمٌ
فِي ذِمَّةِ الضَّامِنِ فَصَحَّ ضَمَانُهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ فَيَثْبُتُ الْحَقُّ فِي ذِمَّةِ الْجَمِيعِ، أَيُّهُمْ قَضَاهُ بَرِئُوا وَإِنْ بَرِئَ الْمَدِينُ بَرِئَ الْكُلُّ وَإِنْ أَبْرَأَ مَضْمُونٌ لَهُ أَحَدَهُمْ بَرِئَ وَمَنْ بَعْدَهُ لَا مَنْ قَبْلَهُ
(وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ (مَيِّتٍ) وَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً لِحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ «إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ فَقَالُوا نَعَمْ دِينَارَانِ قَالَ هَلْ تَرَكَ لَهُمْ وَفَاءً؟ قَالُوا لَا فَتَأَخَّرَ، فَقَالُوا لِمَ لَا تُصَلِّ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ مَا تَنْفَعُهُ صَلَاتِي وَذِمَّتُهُ مَرْهُونَةٌ. أَلَا قَامَ أَحَدُكُمْ فَضَمِنَهُ؟ فَقَامَ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ: هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (قَبْلَ قَضَاءِ دَيْنِهِ) نَصًّا لِحَدِيثِ «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» " وَلَمَّا أَخْبَرَهُ عليه الصلاة والسلام أَبُو قَتَادَةَ بِوَفَاءِ الدِّينَارَيْنِ قَالَ " الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدَتُهُ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ بِدَيْنٍ أَشْبَهَ الرَّهْنَ وَكَالْحَيِّ
(وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِ (مُفْلِسٍ مَجْنُونٍ) لِعُمُومِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَكَالْمَيِّتِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الِانْتِصَارِ: أَنَّهُ إذَا مَاتَ لَمْ يُطَالَبْ فِي الدَّارَيْنِ ; لِأَنَّ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ لَا يُسْقِطُهُ
(وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ (نَقْصِ صَنْجَةٍ أَوْ) نَقْصِ (كَيْلٍ) أَيْ مِكْيَالٍ فِي بَذْلِ وَاجِبٍ أَوْ مَا آلَ إلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ دَيْنَ سَلَمٍ ; لِأَنَّ النَّقْصَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ بَاذِلٍ، فَصَحَّ ضَمَانُهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ وَلِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ ضَمَانٌ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ فَصَحَّ، كَضَمَانِ الْعُهْدَةِ (وَيَرْجِعُ) قَابِضٌ (بِقَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ) فِي قَدْرِ نَقْصٍ ; لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا ادَّعَاهُ بَاذِلٌ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ اشْتِغَالِ ذِمَّةِ بَاذِلٍ، وَلِرَبِّ الْحَقِّ طَلَبُ ضَامِنٍ بِهِ لِلُزُومِهِ مَا يَلْزَمُ الْمَضْمُونَ
(وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ (عُهْدَةِ مَبِيعٍ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى الْوَثِيقَةِ، وَالْوَثَائِقُ ثَلَاثَةٌ: الشَّهَادَةُ وَالرَّهْنُ وَالضَّمَانُ، وَالشَّهَادَةُ لَا يُسْتَوْفَى مِنْهَا الْحَقُّ، وَالرَّهْنُ لَا يَجُوزُ فِيهِ إجْمَاعًا لِمَا تَقَدَّمَ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الضَّمَانُ فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ لَامْتَنَعَتْ الْمُعَامَلَاتُ مَعَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ وَأَلْفَاظُ ضَمَانِ الْعُهْدَةِ: ضَمِنْتُ عُهْدَتَهُ أَوْ ثَمَنَهُ أَوْ دَرَكَهُ، أَوْ يَقُولُ لِمُشْتَرٍ: ضَمِنْتُ خَلَاصَكَ مِنْهُ، أَوْ مَتَى خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَقَدْ ضَمِنْتُ لَك الثَّمَنَ وَعُهْدَةُ الْمَبِيعِ لُغَةً: الصَّكُّ يُكْتَبُ فِيهِ الِابْتِيَاعُ.
وَاصْطِلَاحًا ضَمَانُ الثَّمَنِ (عَنْ بَائِعٍ لِمُشْتَرٍ بِأَنْ يَضْمَنَ) الضَّامِنُ (عَنْهُ) أَيْ الْبَائِعِ (الثَّمَنَ) وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ ; لِأَنَّهُ يَئُولَ إلَى الْوُجُوبِ (إنْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ) أَيْ ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا لِغَيْرِ بَائِعٍ (أَوْ رُدَّ) الْمَبِيعُ عَلَى بَائِعٍ (بِعَيْبٍ) أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) يَضْمَنَ (أَرْشَهُ) إنْ اخْتَارَ مُشْتَرٍ إمْسَاكًا مَعَ عَيْبٍ (وَ) يَكُونُ ضَمَانُ الْعُهْدَةِ (عَنْ مُشْتَرٍ لِبَائِعٍ بِأَنْ يَضْمَنَ) الضَّامِنُ (الثَّمَنَ
الْوَاجِبَ) فِي الْبَيْعِ (قَبْلَ تَسْلِيمِهِ وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (عَيْبٌ أَوْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ) أَيْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا فَضَمَانُ الْعُهْدَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ هُوَ ضَمَانُ الثَّمَنِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ عَنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ
(وَلَوْ بَنَى مُشْتَرٍ) فِي مَبِيعٍ ثُمَّ بَانَ مُسْتَحَقًّا (فَهَدَمَهُ مُسْتَحِقٌّ فَالْأَنْقَاضُ لِمُشْتَرٍ) ; لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَمْ يَزُلْ عَنْهَا (وَيَرْجِعُ) مُشْتَرٍ (بِقِيمَةِ تَالِفٍ) مِنْ ثَمَنِ مَاءٍ وَرَمَادٍ وَطِينٍ وَنَوْرَةٍ وَجِصٍّ وَنَحْوِهِ (عَلَى بَائِعٍ) ; لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَكَذَا أُجْرَةُ مَبِيعٍ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ (وَيَدْخُلُ) ذَلِكَ (فِي ضَمَانِ الْعُهْدَةِ) فَلِمُشْتَرٍ رُجُوعٌ بِهِ عَلَى ضَامِنِهَا ; لِأَنَّهُ مِنْ دَرَكِ الْمَبِيعِ
(وَ) يَصِحُّ ضَمَانُ (عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ كَغَصْبٍ وَعَارِيَّةٍ وَمَقْبُوضٍ عَلَى وَجْهِ سَوْمٍ وَوَلَدِهِ) أَيْ الْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ سَوْمٍ ; لِأَنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي الضَّمَانِ (فِي بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِسَوْمٍ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْيَانَ يَضْمَنُهَا مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لَوْ تَلِفَتْ، فَصَحَّ ضَمَانُهَا كَعُهْدَةِ الْمَبِيعِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمَقْبُوضَ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ (إنْ سَاوَمَهُ وَقَطَعَ ثَمَنَهُ) أَوْ أُجْرَتَهُ (أَوْ سَاوَمَهُ فَقَطْ) بِلَا قَطْعِ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ (لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ إنْ رَضَوْهُ وَإِلَّا رَدَّهُ) فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ ; لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ وَالْعِوَضِ، لَكِنْ فِي الْإِجَارَةِ يَنْبَغِي ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ لَا الْعَيْنِ، إذْ فَاسِدُ الْعُقُودِ كَصَحِيحِهَا كَمَا يَأْتِي.
وَ (لَا) ضَمَانَ عَلَى آخِذِهِ (إنْ أَخَذَهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ (بِلَا مُسَاوَمَةٍ وَلَا قَطْعِ ثَمَنٍ) ; لِأَنَّهُ لَا سَوْمَ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَمَعْنَى ضَمَانِ غَصْبٍ وَنَحْوِهِ ضَمَانُ اسْتِنْقَاذِهِ وَالْتِزَامُ تَحْصِيلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ فَهُوَ كَعُهْدَةِ الْمَبِيعِ
(وَلَا) يَصِحُّ ضَمَانُ (بَعْضِ مَا لَمْ يُقَدَّرْ مِنْ دَيْنٍ) لِجَهَالَتِهِ حَالًا وَمَآلًا وَكَذَا لَوْ ضَمِنَ أَحَدٌ دَيْنَهُ
(وَلَا) يَصِحُّ ضَمَانُ (دَيْنِ كِتَابَةٍ) ; لِأَنَّهُ لَا يَئُولَ لِلْوُجُوبِ
(وَلَا) يَصِحُّ ضَمَانُ (أَمَانَةٍ كَوَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا) كَعَيْنٍ مُؤَجَّرَةٍ وَمَالِ شَرِكَةٍ وَعَيْنٍ أَوْ ثَمَنٍ بِيَدِ وَكِيلٍ فِي بَيْعِ أَوْ شِرَاءٍ ; لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ فَكَذَا عَلَى ضَامِنِهِ (إلَّا أَنْ يَضْمَنَ التَّعَدِّيَ فِيهَا) فَيَصِحَّ ضَمَانُهَا ; لِأَنَّهَا مَعَ التَّعَدِّي مَضْمُونَةٌ كَالْغَصْبِ فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدَّلَّالِينَ فِيمَا يُعْطُونَهُ لِبَيْعِهِ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ تَعَدِّيَهُمْ فِيهِ أَوْ هَرَبَهُمْ بِهِ وَنَحْوَهُ
(وَمَنْ بَاعَ) شَيْئًا (بِشَرْطِ ضَمَانِ دَرَكِهِ إلَّا مِنْ زَيْدٍ) لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ ; لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ زَيْدٍ مِنْ ضَمَانِ دَرَكِهِ يَدُلُّ عَلَى حَقٍّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي بَيْعِهِ فَيَكُونُ بَاطِلًا (ثُمَّ إنْ دَرَكَهُ مِنْهُ أَيْضًا لَمْ يَعُدْ) الْبَيْعُ (صَحِيحًا) ; لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا
(وَإِنْ شُرِطَ خِيَارٌ فِي ضَمَانٍ أَوْ) فِي (كَفَالَةٍ) بِأَنْ قَالَ: أَنَا ضَمِينٌ بِمَا عَلَيْهِ أَوْ كَفِيلٌ بِبَدَنِهِ وَلِيَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا (فَسَدَ) أَيْ الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ لِمُنَافَاتِهِ لَهُمْ
(وَيَصِحُّ) قَوْلُ جَائِزِ