الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّحْلِ وَحَبْلُ قِرَانٍ وَبَيْنَ الْمَحْمِلَيْنِ وَدَلِيلٌ) إنْ جَهِلَا الطَّرِيقَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمُكْتَرِي وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الدَّابَّةِ وَآلَتِهَا. أَشْبَهَ الزَّادَ، وَإِذَا اكْتَرَى لِلْحَجِّ رَكِبَ إلَى عَرَفَةَ ثُمَّ لِلْعَوْدِ إلَى مَكَّةَ ثُمَّ إلَى مِنًى ثُمَّ إلَى رَمْيِ الْجِمَارِ. وَإِنْ اكْتَرَى إلَى مَكَّةَ لَمْ يَتَجَاوَزْهَا.
(وَ) مَنْ اكْتَرَى بِئْرًا لِيَسْقِيَ مِنْهَا فَعَلَيْهِ أَيْ: الْمُكْتَرِي (بَكَرَةٌ وَحَبْلٌ وَدَلْوٌ) كَمُكْتَرٍ أَرْضًا لِزَرْعٍ فَآلَةُ حَرْثٍ وَنَحْوِهِ عَلَيْهِ.
(وَ) عَلَى مُكْتِرِ دَارٍ أَوْ حَمَّامٍ وَنَحْوَهُ (تَفْرِيغُ بَالُوعَةٍ وَكَنِيفٍ وَدَارٍ مِنْ قُمَامَةٍ وَزِبْلٍ وَنَحْوِهِ) كَرَمَادٍ (إنْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ) أَيْ: الْمُكْتَرِي كَمَا لَوْ أَلْقَى فِيهَا جِيفَةً أَوْ تُرَابًا وَنَحْوَهُ (وَعَلَى مُكْرٍ تَسْلِيمُهَا) أَيْ: الْمُؤَجَّرَةِ (فَارِغَةً) بَالُوعَتِهَا وَكَنِيفِهَا وَنَحْوِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِذَلِكَ مَعَ امْتِلَائِهِ (وَ) عَلَى مُكْرٍ (تَسْلِيمُ مِفْتَاحٍ) لِأَنَّ بِهِ يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَيُتَوَصَّلُ إلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ: الْمِفْتَاحُ (أَمَانَةٌ بِيَدِ مُسْتَأْجِرٍ) كَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَإِنْ ضَاعَ بِلَا تَفْرِيطٍ فَعَلَى مُؤَجِّرٍ بَدَلُهُ، وَلَا يَلْزَمُ تَحْسِينُ وَلَا تَزْوِيقُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِدُونِهِ.
[فَصْلٌ وَالْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]
(فَصْلٌ وَالْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ) مِنْ الطَّرَفَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا بِلَا مُوجِبٍ. لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَالْبَيْعِ. (فَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ مُسْتَأْجِرٌ) مُؤَجَّرَةً لِعُذْرٍ يَخْتَصُّ بِهِ أَوْ لَا فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ (أَوْ تَحَوَّلَ) مُسْتَأْجِرٌ مِنْهَا (فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ) ; لِاقْتِضَاءِ الْإِجَارَةِ تَمْلِيكَ الْمُؤَجِّرِ الْأَجْرَ، وَالْمُسْتَأْجِرِ النَّفْعَ، فَإِذَا تَرَكَهُ مُسْتَأْجِرٌ اخْتِيَارًا مِنْهُ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ، وَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْ الْمَنَافِعِ كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَقَبَضَهُ وَتَرَكَهُ، وَلَا يَجُوزُ لِمُؤَجِّرٍ تَصَرُّفٌ فِيهَا فَإِنْ فَعَلَ وَيَدُ مُسْتَأْجِرٍ عَلَيْهَا كَأَنْ سَكَّنَ الدَّارَ أَوْ أَجَّرَهَا لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرٍ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمُسْتَأْجِرٍ، وَعَلَى مُسْتَأْجِرٍ الْأُجْرَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا لَهُ.
وَإِنْ تَصَرَّفَ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا أَوْ امْتَنَعَ مِنْهُ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَإِنْ سَلَّمَهَا لَهُ فِي أَثْنَائِهَا انْفَسَخَتْ فِيمَا مَضَى وَوَجَبَ أَجْرُ الْبَاقِي بِالْحِصَّةِ. (وَإِنْ حَوَّلَهُ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرَ (مَالِكُ) الدَّارِ وَنَحْوِهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا أُجْرَةَ لِمَا سُكِنَ قَبْلَ أَنْ يُحَوِّلَهُ الْمُؤَجِّرُ نَصًّا.
(أَوْ امْتَنَعَ) مُؤَجِّرُ دَابَّةٍ (مِنْ تَسْلِيمِ الدَّابَّةِ) الْمُؤَجَّرَةِ (فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ) فِي أَثْنَاءِ (الْمَسَافَةَ) الْمُؤَجَّرَةِ لِلرُّكُوبِ أَوْ الْحَمْلِ عَلَيْهَا فَلَا أُجْرَةَ لِرُكُوبِهِ أَوْ حَمْلِهِ عَلَيْهَا قَبْلَ الْمَنْعِ مِنْهُ (أَوْ) امْتَنَعَ (الْأَجِيرُ) لِعَمَلٍ (مِنْ تَكْمِيلِ الْعَمَلِ فَلَا أُجْرَةَ) لَهُ لِمَا عَمِلَهُ قَبْلُ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ لَمْ يُسَلِّمْ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ
شَيْئًا، كَمَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْمِلُ لَهُ كِتَابًا إلَى بَلَدٍ بِعَيْنِهِ فَحَمَلَهُ بَعْضَ الطَّرِيقِ، أَوْ لِيَحْفِرَ لَهُ أَذْرُعًا فَحَفَرَ بَعْضَهَا وَامْتَنَعَ مِنْ حَفْرِ الْبَاقِي.
(وَإِنْ شَرَدَتْ) دَابَّةٌ (مُؤَجَّرَةٌ، أَوْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ بَاقِي النَّفْعِ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدِهِمَا) أَيْ: الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ (فَ) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ (الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا اسْتَوْفَى) مِنْ النَّفْعِ قَبْلَ ذَلِكَ لِعُذْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا.
(وَإِنْ هَرَبَ أَجِيرٌ) مُدَّةَ الْعَمَلِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ النَّفْعِ حَتَّى انْقَضَتْ انْفَسَخَتْ (أَوْ) هَرَبَ (مُؤَجِّرُ عَيْنٍ بِهَا) أَيْ: قَبْلَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ النَّفْعِ حَتَّى انْقَضَتْ انْفَسَخَتْ. (أَوْ شَرَدَتْ) دَابَّةٌ مُؤَجَّرَةٌ (قَبْلَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ النَّفْعِ حَتَّى انْقَضَتْ) مُدَّةُ الْإِجَارَةِ (انْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ لِفَوَاتِ زَمَنِهَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. فَإِنْ عَادَتْ انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ اسْتَوْفَى مَا بَقِيَ مِنْهَا ; لِأَنَّهَا تَنْفَسِخُ شَيْئًا فَشَيْئًا.
، وَلَا أُجْرَةَ لِزَمَنِ هَرَبٍ (فَلَوْ كَانَتْ) الْإِجَارَةُ (عَلَى عَمَلٍ) مَوْصُوفٍ بِذِمَّةٍ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبِنَاءِ حَائِطٍ، أَوْ حَمْلٍ إلَى مَحَلٍّ مَعْلُومٍ وَهَرَبَ الْأَجِيرُ (اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَعْمَلُهُ) كَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ إذَا هَرَبَ وَنَحْوَهُ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) اسْتِئْجَارُ مَنْ يَعْمَلُهُ مِنْ مَالِهِ (خُيِّرَ مُسْتَأْجِرٌ بَيْنَ فَسْخِ) إجَارَةٍ (وَ) بَيْنَ (صَبْرٍ) إلَى قُدْرَةٍ عَلَيْهِ فَيُطَالِبُهُ بِعَمَلِهِ ; لِأَنَّ مَا فِي ذِمَّتِهِ لَا يَفُوتُ بِهَرَبِهِ.
(وَإِنْ هَرَبَ) جَمَّالٌ أَوْ نَحْوُهُ (أَوْ مَاتَ جَمَّالٌ أَوْ نَحْوُهُ) كَحَمَّارٍ وَبَغَّالٍ (وَتَرَكَ بَهَائِمَهُ) الَّتِي أَكْرَاهَا (وَلَهُ) أَيْ: الْهَارِبِ (مَالٌ) مَقْدُورٌ عَلَيْهِ (أَنْفَقَ عَلَيْهَا) أَيْ: الْبَهَائِمِ (مِنْهُ) أَيْ: الْمَالِ (حَاكِمٌ) لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ وَالْحَاكِمُ نَائِبُهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْدِرْ لِلْهَارِبِ عَلَى مَالٍ (فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مُكْتَرٍ بِإِذْنِ حَاكِمٍ) رَجَعَ لِقِيَامِ إذْنِ الْحَاكِمِ مَقَامَ إذْنِ رَبِّهَا (أَوْ) أَنْفَقَ عَلَيْهَا مُكْتَرٍ بِدُونِ إذْنِ حَاكِمٍ (بِنِيَّةِ رُجُوعٍ رَجَعَ) عَلَى مَالِكِهَا بِمَا أَنْفَقَهُ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى اسْتِئْذَانِ الْحَاكِمِ أَوْ لَا، أَشْهَدَ عَلَى نِيَّةِ رُجُوعِهِ بِأَنْ قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي مَا أَنْفَقْتُ عَلَى هَذِهِ الْبَهَائِمِ إلَّا بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ أَوْ لَا، لِقِيَامِهِ عَنْهُ بِوَاجِبٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَا أَنْفَقَهُ وَكَانَ الْحَاكِمُ قَدَّرَهُ، قُبِلَ قَوْلُ الْمُكْتَرِي فِي ذَلِكَ دُونَ مَا زَادَ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْهُ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ بِالْمَعْرُوفِ.
قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ: (فَإِذَا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ بَاعَهَا) أَيْ: الْبَهَائِمَ (حَاكِمٌ وَوَفَّاهُ) مَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْبَهَائِمِ ; لِأَنَّ فِيهِ تَخْلِيصًا لِذِمَّةِ الْغَائِبِ وَإِيفَاءَ الْمُنْفِقِ (وَحِفْظَ بَاقِي ثَمَنِهَا لِمَالِكِهَا) ; لِأَنَّ عَلَيْهِ حِفْظَ مَالِ الْغَائِبِ.
(وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ) مَحَلٍّ (مَعْقُودٍ عَلَيْهِ) كَدَابَّةٍ أَوْ عَبْدٍ مَاتَ أَوْ دَارٍ انْهَدَمَتْ قَبَضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ لَا ; لِزَوَالِ الْمَنْفَعَةِ بِتَلَفِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَقَبْضُهَا إنَّمَا يَكُونُ بِاسْتِيفَائِهَا أَوْ التَّمَكُّنِ مِنْهُ وَلَمْ يَحْصُلُ ذَلِكَ.
(وَ) إنْ تَلِفَ مُؤَجَّرٌ (فِي الْمُدَّةِ
وَقَدْ مَضَى) مِنْهَا (مَا لَهُ أُجْرَةٌ) عَادَةً انْفَسَخَتْ (فِيمَا بَقِيَ) مِنْ الْمُدَّةِ كَتَلَفِ إحْدَى صُبْرَتَيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِجَائِحَةٍ، وَيُعْطِيهِ بِحِسَابِ مَا انْتَفَعَ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَجْرُ بِحَسَبِ الزَّمَنِ كَمَوْسِمٍ وَتَفَرُّجٍ اُعْتُبِرَ بِحَسَبِهِ.
(وَ) تَنْفَسِخُ إجَارَةٌ ب (انْقِلَاعِ ضِرْسٍ اكْتَرَى لِقَلْعِهِ، أَوْ) اكْتَرَى (مُدَّةً مَعْلُومَةً لِبُرْئِهِ) ; لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالْمَوْتِ فَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ أَوْ امْتَنَعَ مُسْتَأْجِرٌ مِنْ فِعْلِهِ لَمْ يُجْبَرْ (وَنَحْوِهِ) أَيْ: تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ، كَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِيَقْتَصَّ مِنْ آخَرَ أَوْ يَحُدُّهُ فَمَاتَ أَوْ لِيُدَاوِيه فَبَرِئَ أَوْ مَاتَ. وَسَوَاءٌ كَانَ التَّلَفُ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ كَقَتْلِهِ الْعَبْدَ الْمُؤَجَّرَ أَوْ لَا بِفِعْلِ أَحَدٍ كَمَوْتِهِ حَتْفَ أَنْفِهِ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلُ الْمُسْتَأْجِرَ أَوْ غَيْرَهُ. وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَ، كَالْمَرْأَةِ تَقْطَعُ ذَكَرَ زَوْجِهَا تَضْمَنُهُ وَتَمْلِكُ الْفَسْخَ.
(وَ) تَنْفَسِخُ إجَارَةٌ ب (مَوْتِ مُرْتَضِعٍ) أَوْ امْتِنَاعِهِ مِنْ الرَّضَاعِ مِنْهَا ; لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الِارْتِضَاعِ لِاخْتِلَافِ الْمُرْتَضِعِينَ فِيهِ، وَقَدْ يُدَرُّ اللَّبَنُ عَلَى وَاحِدٍ دُونَ آخَرَ، وَكَذَا إنْ مَاتَتْ مُرْضِعَةٌ.
(لَا) تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ (رَاكِبٍ اكْتَرَى لَهُ) مُطْلَقًا، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ لَا. وَسَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُكْتَرِيَ أَوْ غَيْرَهُ اكْتَرَى لَهُ ; لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ الدَّابَّةِ دُونَ الرَّاكِبِ ; لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُرْكِبَ مَنْ يُمَاثِلُهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الرَّاكِبَ لِتَتَقَدَّرَ بِهِ الْمَنْفَعَةُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قُطْنًا مُعَيَّنًا فَتَلِفَ (وَلَا) تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ (مُكْرٍ، أَوْ) أَيْ: وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ (مُكْتَرٍ) لِلُزُومِهَا كَالْبَيْعِ.
وَكَمَا لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ أَمَةَ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدَانِ (أَوْ) أَيْ: وَلَا تَنْفَسِخُ ب (عُذْرٍ لِأَحَدِهِمَا بِأَنْ يَكْتَرِيَ) جَمَلًا مَثَلًا لِيَحُجَّ عَلَيْهِ (فَتَضِيعَ نَفَقَتُهُ) فَلَا يُمْكِنُهُ الْحَجُّ (أَوْ) يَكْتَرِيَ دُكَّانًا مَثَلًا لِيَبِيعَ مَتَاعَهُ فَ (يَحْتَرِقَ مَتَاعُهُ) ; لِأَنَّهَا عَقْدٌ لَا يَجُوزُ فَسْخُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ. فَلَمْ يَجُزْ لِعُذْرٍ مِنْ غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ، بِخِلَافِ الْإِبَاقِ (فَانْقَطَعَ مَاؤُهَا) أَيْ: الْأَرْضِ (أَوْ انْهَدَمَتْ) الدَّارُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (انْفَسَخَتْ فِيمَا بَقِيَ) مِنْ الْمُدَّةِ لِتَعَطُّلِ النَّفْعِ فِيهِ (وَيُخَيَّرُ مُكْتَرٍ فِيمَا) أَيْ: مُؤَجَّرٍ (انْهَدَمَ بَعْضُهُ) كَدَارٍ انْهَدَمَ مِنْهَا بَيْتٌ خُيِّرَ بَيْنَ فَسْخٍ وَإِمْسَاكٍ لِلْعَيْبِ (فَإِنْ أَمْسَكَ فَبِالْقِسْطِ مِنْ الْأُجْرَةِ) ; لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ نَاقِصًا. فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَضِيَ بِالْمَبِيعِ مَعِيبًا، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.
(وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا بِلَا مَاءٍ) لِلزَّرْعِ وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنْ لَا مَاءَ لَهُمَا. صَحَّ ; لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ زَرْعِهَا رَجَاءَ الْمَاءِ وَمِنْ النُّزُولِ وَوَضْعِ رَحْلِهِ وَجَمْعِ الْحَطَبِ فِيهَا. وَلَهُ زَرْعُهَا بَعْدَ حُصُولِ الْمَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا وَلَا يَغْرِسَ ; لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلتَّأْبِيدِ، وَتَقْدِيرُ الْإِجَارَةِ بِمُدَّةٍ تَقْتَضِي تَفْرِيغَهَا عِنْدَ انْقِضَائِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ ; لِأَنَّ
التَّصْرِيحَ يَصْرِفُ التَّقْدِيرَ عَنْ مُقْتَضَاهُ بِظَاهِرِهِ فِي التَّفْرِيغِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (أَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ قَالَ: أَجَّرْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ سَنَةً بِكَذَا. فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: قَبِلْت (مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهَا) أَيْ: أَنْ لَا مَاءَ لَهَا (صَحَّ) ; لِأَنَّهُمَا دَخَلَا فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ لَا مَاءَ لَهَا. فَأَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَاهُ، وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا كَمَا فِي الْأُولَى وَالْأَرْضُ الَّتِي لَهَا مَاءٌ غَيْرُ دَائِمٍ أَوْ الظَّاهِرُ انْقِطَاعُهُ قَبْلَ الزَّرْعِ أَوْ لَا يَكْفِي الزَّرْعَ كَالَّتِي لَا مَاءَ لَهَا.
وَ (لَا) تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِأَرْضٍ لَا مَاءَ لَهَا (إنْ ظَنَّ إمْكَانَ تَحْصِيلِهِ) أَيْ: الْمَاءِ. أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لَا مَاءَ لَهَا ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ فِي الْعَقْدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُؤَجَّرَ يَحْصُلُ لَهُ، وَأَنَّهُ يَكْتَرِيهَا لِلزِّرَاعَةِ مَعَ تَعَذُّرِهَا (وَإِنْ عَلِمَ) مُسْتَأْجِرٌ وُجُودَهُ (أَوْ ظَنَّ وُجُودَهُ) أَيْ: الْمَاءِ (بِأَمْطَارٍ) مُعْتَادَةٍ (أَوْ زِيَادَةٍ) مُعْتَادَةٍ، كَالْأَرْضِ الَّتِي تَشْرَبُ مِنْ الْمُعْتَادِ غَالِبًا فِي النِّيلِ أَوْ الْفُرَاتِ وَنَحْوِهِمَا (صَحَّ) الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَلَوْ مَعَ عَدَمِ مَائِهَا ; لِأَنَّ حُصُولَهُ مُعْتَادٌ. وَالظَّاهِرُ وُجُودُهُ، وَالْأَرْضُ الَّتِي لَا مَاءَ لَهَا لَكِنْ مَا زُرِعَ أَوْ غُرِسَ فِيهَا يَكْفِيهِ الشُّرْبُ بِعُرُوقِهِ لِنَدَاوَتِهَا وَقُرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ فَكَالَّتِي لَهَا مَاءٌ دَائِمٌ، لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِانْقِطَاعِهِ أَوْ لَا يَنْقَطِعُ إلَّا مُدَّةً لَا تُؤَثِّرُ فِي الزَّرْعِ.
وَالْأَرْضُ الَّتِي يَنْدُرُ مَجِيءُ الْأَمْطَارِ إلَيْهَا كَالَّتِي لَا يَكْفِيهَا إلَّا الْمَطَرُ الْكَثِيرُ الَّذِي يَنْدُرُ وُجُودُهُ أَوْ تَشْرَبُ مِنْ فَيْضِ وَادٍ مَجِيئُهُ نَادِرًا أَوْ مِنْ زِيَادَةٍ نَادِرَةٍ فِي نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ عَالِيَةٍ فَإِجَارَتُهَا بَعْدَ وُجُودِ مَا يَسْقِيهَا تَصِحُّ وَإِنْ أُجِّرَتْ قَبْلَهُ لِزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ تَوَقُّعًا لِحُصُولِ الْمَاءِ لَمْ تَصِحَّ لِتَعَذُّرِ النَّفْعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ظَاهِرًا، كَإِجَارَةِ الْآبِقِ.
(وَلَوْ زَرَعَ) مُسْتَأْجِرٌ (فَغَرِقَ) الزَّرْعُ (أَوْ تَلِفَ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ لَمْ يَنْبُتْ) الزَّرْعُ (فَلَا) ضَمَانَ عَلَى مُؤَجِّرٍ وَلَا (خِيَارَ) لِمُسْتَأْجِرٍ (وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ) نَصًّا ; لِأَنَّ التَّالِفَ غَيْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَسَبَبُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْمُؤَجِّرِ.
(وَإِنْ تَعَذَّرَ زَرْعُ) مُؤَجَّرَةٍ (لِغَرَقٍ) حَصَلَ بِهَا (أَوْ قَلَّ الْمَاءُ قَبْلَ زَرْعِهَا) بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الزَّرْعُ (أَوْ) قَلَّ الْمَاءُ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ زَرْعِهَا بِحَيْثُ لَا يَكْفِي لِلزَّرْعِ (أَوْ عَابَتْ) الْأَرْضُ (بِغَرَقٍ يَعِيبُ بِهِ الزَّرْعُ) أَوْ يَهْلِكُ بَعْضُهُ (فَلَهُ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرِ (الْخِيَارُ) لِنَقْصِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ بَعْدَ زَرْعٍ بَقِيَ الزَّرْعُ إلَى الْحَصَادِ، وَعَلَيْهِ مِنْ الْمُسَمَّى بِحِصَّتِهِ إلَى الْفَسْخِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا بَقِيَ مُتَّصِفَةً بِذَلِكَ الْعَيْبِ، وَأَرْضٌ غَارِقَةٌ بِالْمَاءِ لَا يُمْكِنُ زَرْعُهَا قَبْلَ انْحِسَارِهِ وَهُوَ تَارَةً يَنْحَسِرُ وَتَارَةً لَا يَنْحَسِرُ، لَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا إذَنْ ; لِتَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ بِهَا فِي الْحَالِ وَفِي الْمَآلِ غَيْرُ ظَاهِرٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ غَالِبًا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَمَا لَمْ يُرْوَ مِنْ الْأَرْضِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ قَالَ فِي الْإِجَارَةِ:
مَقِيلًا وَمَرَاحًا أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ عَقْدٌ كَالْبَرِّيَّةِ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا) أَيْ: الْأَرْضَ (سَنَةً فَزَرَعَهَا) زَرْعًا جَرَتْ الْعَادَةُ بِنَبَاتِهِ فِيهَا (فَلَمْ يَنْبُتْ إلَّا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَعَلَيْهِ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرِ (الْأُجْرَةُ) لِلْأَرْضِ (مُدَّةَ احْتِبَاسِهَا) كَمَا لَوْ أَعَارَهُ إيَّاهَا ثُمَّ رَجَعَ (وَلَيْسَ لِرَبِّهَا) أَيْ: الْأَرْضِ (قَلْعُهُ) أَيْ: الزَّرْعِ (قَبْلَ إدْرَاكِهِ) ; لِأَنَّهُ لَا تَفْرِيطَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِتَأْخِيرِهِ أَشْبَهَ زَرْعَ الْمُسْتَعِيرِ.
(وَإِنْ غُصِبَتْ مُؤَجَّرَةٌ مُعَيَّنَةٌ لِعَمَلٍ) بِأَنْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُ مِنْك هَذِهِ الْفَرَسَ لِأَرْكَبَهَا إلَى مَحَلِّ كَذَا، أَوْ هَذَا الْعَبْدَ لِيَبْنِيَ لِي هَذَا الْحَائِطَ بِكَذَا. فَغُضِبَتْ الْفَرَسُ أَوْ الْعَبْدُ (خُيِّرَ) مُسْتَأْجِرٌ (بَيْنَ فَسْخِ) إجَارَةٍ، كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُ مَبِيعٍ (وَ) بَيْنَ (صَبْرٍ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهَا) ; لِأَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لَهُ فَإِذَا أَخَّرَهُ جَازَ.
(وَ) إنْ غُصِبَتْ مُؤَجَّرَةٌ مُعَيَّنَةٌ (لِمُدَّةٍ) كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ سَنَةً لِلْخِدْمَةِ. فَغُصِبَ (خُيِّرَ) مُسْتَأْجِرٌ (بَيْنَ فَسْخٍ وَ) بَيْنَ (إمْضَاءٍ) أَيْ: إبْقَاءِ الْعَقْدِ بِلَا فَسْخٍ (وَمُطَالَبَةِ غَاصِبٍ بِأَجْرِ مِثْلٍ) وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِ غَصْبٍ ; لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ لَمْ يَفُتْ مُطْلَقًا بَلْ إلَى بَدَلٍ وَهُوَ الْقِيمَةُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَبِيعَ بِكَيْلٍ وَنَحْوِهِ آدَمِيٌّ (مُتَرَاخِيًا وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا) أَيْ: الْمُدَّةِ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ (فَإِنْ فَسَخَ) الْإِجَارَةَ (فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا مَضَى) مِنْ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْفَسْخِ بِالْقِسْطِ. وَإِنْ أَمْضَى فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى تَامًّا، وَيَرْجِعُ عَلَى غَاصِبٍ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ رُدَّتْ) مُؤَجَّرَةٌ مَغْصُوبَةٌ (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ: الْمُدَّةِ (قَبْلَ فَسْخِ) مُسْتَأْجِرٍ (اسْتَوْفَى مَا بَقِيَ) مِنْ الْمُدَّةِ (وَخُيِّرَ فِيمَا مَضَى) وَالْعَيْنُ بِيَدِ غَاصِبٍ، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِالْمُسَمَّى وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَى الْعَقْدِ وَيُطَالِبُ الْغَاصِبَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَلَهُ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرِ (بَدَلٌ مَوْصُوفَةٌ بِذِمَّةٍ) غُصِبَتْ ; لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَعِيبًا (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْبَدَلُ (فَلَهُ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرِ (الْفَسْخُ) وَالصَّبْرُ إلَى الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَتَنْفَسِخُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ إنْ كَانَتْ إلَى مُدَّةٍ.
(وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ) لِلْمُؤَجَّرَةِ (الْمُؤَجِّرَ) لَهَا (فَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُطْلَقًا) نَصًّا، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ أَوْ إلَى مُدَّةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَوْصُوفَةٍ، وَسَوَاءٌ غَصَبَهَا قَبْلَ الْمُدَّةِ أَوْ فِيهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَحُدُوثُ خَوْفٍ عَامٍّ) يَمْنَعُ الِانْتِفَاعَ بِمُؤَجَّرَةٍ (كَغَصْبٍ) فَلِمُسْتَأْجِرٍ الْخِيَارُ فَإِنْ كَانَ الْخَوْفُ خَاصًّا بِمُسْتَأْجِرٍ كَخَوْفِهِ مِنْ السَّفَرِ لِقُرْبِ عَدُوِّهِ مِنْ مَحَلٍّ يُرِيدُ سُلُوكِهِ لَمْ يَمْلِكْ الْفَسْخَ ; لِأَنَّهُ عُذْرٌ يَخْتَصُّ بِهِ لَا يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ بِالْكُلِّيَّةِ أَشْبَهَ مَرَضَهُ.
(وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ)
كَخِيَاطَةٍ وَبِنَاءٍ (وَلَمْ تُشْتَرَطْ مُبَاشَرَتُهُ) لَهُ فِي الْعَقْدِ (فَمَرِضَ أُقِيمَ عِوَضُهُ) مَنْ يَعْمَلُهُ لِيَخْرُجَ مِمَّا وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ (وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَرِيضِ ; لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا لَزِمَهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إنْظَارُهُ ; لِأَنَّ الْعَقْدَ بِإِطْلَاقِهِ يَقْتَضِي التَّعْجِيلَ (وَإِنْ اخْتَلَفَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْعَمَلِ (الْقَصْدُ، كَنَسْخٍ) لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْخُطُوطِ (وَنَحْوه) كَتِجَارَةٍ لِاخْتِلَافِهَا بِاخْتِلَافِ الْحِذْقِ فَلَا (أَوْ وَقَعَتْ) الْإِجَارَةُ (عَلَى عَيْنِهِ) كَالْأَجِيرِ الْخَاصِّ فَلَا (أَوْ شُرِطَتْ مُبَاشَرَتُهُ) الْعَمَلَ (فَلَا) يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ قَبُولُ عَمَلِ غَيْرِهِ ; لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَحْصُلُ بِهِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ أَسْلَمَ فِي نَوْعٍ فَسَلَّمَ إلَيْهِ غَيْرَهُ. (وَلِمُسْتَأْجِرٍ الْفَسْخُ) ; لِتَعَذُّرِ تَعْجِيلِ حَقِّهِ الْوَاجِبِ تَعْجِيلُهُ.
(وَإِنْ ظَهَرَ) بِمُؤَجَّرَةٍ عَيْبٌ بِأَنْ كَانَ بِهَا حِينَ الْعَقْدِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ مُسْتَأْجِرٌ كَمَا لَوْ وَجَدَ الدَّابَّةَ جَمُوحًا أَوْ عَضُوضًا أَوْ عَرْجَاءَ بِحَيْثُ تَتَأَخَّرُ بِهِ عَنْ الْقَافِلَةِ وَنَحْوَهُ كَعَمًى (أَوْ حَدَثَ) بِمُؤَجَّرٍ، عَيْبٌ كَجُنُونِ أَجِيرٍ أَوْ مَرَضِهِ وَنَحْوِهِ (وَهُوَ) أَيْ: الْعَيْبُ (مَا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتُ الْأُجْرَةِ) بِأَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَعَهُ دُونَهَا مَعَ عَدَمِهِ (فَلِمُسْتَأْجِرٍ الْفَسْخُ) لِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. أَشْبَهَ الْعَيْبَ فِي بُيُوعِ الْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ لَا يَحْصُلُ قَبْضُهَا إلَّا شَيْئًا فَشَيْئًا. فَإِذَا حَدَثَ الْعَيْبُ فَقَدْ وُجِدَ قَبْلَ قَبْضِ الْبَاقِي مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَأَثْبَتَ الْفَسْخَ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا (إنْ لَمْ يَزُلْ) الْعَيْبُ (بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ) أَيْ: الْمُسْتَأْجِرَ.
فَإِنْ اسْتَدَّتْ الْبَالُوعَةُ وَفَتَحَهَا مُؤَجِّرٌ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ لَا تَتْلَفُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ تَضُرُّ بِالْمُسْتَأْجِرِ فَلَا خِيَارَ لَهُ (وَ) لِمُسْتَأْجِرٍ أَيْضًا (الْإِمْضَاءُ مَجَّانًا) بِلَا أَرْشٍ لِعَيْبٍ قَدِيمٍ أَوْ حَدِيثٍ لِرِضَاهُ بِالنَّقْصِ. وَفِيهِ وَجْهٌ لَهُ الْأَرْشُ.
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمَوْجُودِ هَلْ هُوَ عَيْبٌ؟ رُجِعَ فِيهِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ (وَيَصِحُّ بَيْعُ) عَيْنٍ (مُؤَجَّرَةٍ) نَصًّا سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُدَّةً لَا تَلِي الْعَقْدَ ثُمَّ بِيعَتْ قَبْلَهَا أَوْ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ ; لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ فَلَا تَمْنَعُ الْبَيْعَ كَبَيْعِ الْمُزَوَّجَةِ.
وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ ; لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ غَيْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ (وَلِمُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ) أَنَّ الْمَبِيعَ مُؤَجَّرٌ (فَسْخٌ أَوْ إمْضَاءٌ) لِلْبَيْعِ (مَجَّانًا) أَيْ: بِلَا أَرْشٍ.
وَفِي الرِّعَايَةِ: الْفَسْخُ أَوْ الْأَرْشُ. قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ عَيْبٌ (وَالْأُجْرَةُ) مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ (وَلَهُ) نَصًّا وَاسْتُشْكِلَ بِكَوْنِ الْمَنَافِعِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لِلْبَائِعِ فَلَا تَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، فَكَيْفَ يَكُونُ عِوَضُهَا وَهُوَ الْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَالِكَ يَمْلِكُ عِوَضَهَا وَهُوَ الْأُجْرَةُ لَمْ يَسْتَقِرَّ بَعْدُ وَلَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ لَرَجَعَتْ الْمَنَافِعُ إلَى الْبَائِعِ.
فَإِذَا بَاعَ الْعَيْنَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْمَنَافِعُ وَلَا عِوَضُهَا