الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلشُّفْعَةِ ; لِأَنَّهُ يُقِرُّ بِحَقَّيْنِ: حَقٍّ لِلشَّفِيعِ، وَحَقٍّ لِلْمُشْتَرِي. فَإِذَا سَقَطَ حَقُّ الْمُشْتَرِي بِإِنْكَارِهِ وَثَبَتَ حَقُّ الْآخَرِ (وَلَوْ ادَّعَى شَرِيكٌ) فِي عَقَارٍ فِيهِ الشُّفْعَةُ (عَلَى حَاضِرٍ بِيَدِهِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ أَنَّهُ) أَيْ الْحَاضِرَ (اشْتَرَاهُ) أَيْ: الشِّقْصَ (مِنْهُ) أَيْ: الْغَائِبِ (وَأَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (يَسْتَحِقُّهُ) أَيْ: الشِّقْصَ (بِالشُّفْعَةِ فَصَدَّقَهُ) مُدَّعًى عَلَيْهِ (أَخَذَهُ) أَيْ: الشِّقْصَ مُدَّعٍ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ لِإِقْرَارِهِ لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ، (وَكَذَا لَوْ ادَّعَى) شَرِيكٌ عَلَى حَاضِرٍ (أَنَّكَ بِعْتَ نَصِيبَ الْغَائِبِ بِإِذْنِهِ فَقَالَ: نَعَمْ) فَلِمُدَّعٍ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، (فَإِذَا قَدِمَ) الْغَائِبُ (فَأَنْكَرَ) الْإِذْنَ فِي الْبَيْعِ (حَلَفَ) ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَانْتَزَعَ الشِّقْصَ وَطَالَبَ بِالْأُجْرَةِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا (وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الشَّفِيعِ) لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ تَحْتَ يَدِهِ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى مَنْ بِيَدِهِ نَصِيبُ الْغَائِبِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ فَأَنْكَرَ وَقَالَ: إنَّمَا أَنَا وَكِيلٌ فِيهِ أَوْ مُسْتَوْدَعٌ لَهُ فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ فَهَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ.
[فَصْلٌ وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي شِقْصٍ ادَّعَى مُشْتَرٍ شِرَاءَهُ لِمُوَلِّيهِ]
(فَصْلٌ وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ فِيمَا) أَيْ: شِقْصٍ (ادَّعَى) مُشْتَرٍ (شِرَاءَهُ لِمُوَلِّيهِ) أَيْ مَحْجُورِهِ ; لِأَنَّ الشُّفْعَةَ حَقٌّ ثَبَتَ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ فَاسْتَوَى فِيهِ جَائِزُ التَّصَرُّفِ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَقُبِلَ إقْرَارُ وَلِيِّهِ فِيهِ كَإِقْرَارِهِ بِعَيْبٍ فِي مَبِيعِهِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى شِرَاءَهُ لِغَائِبٍ فَثَبَتَ فِيهِ وَيَأْخُذُهُ حَاكِمٌ وَيَدْفَعُهُ لِشَفِيعٍ وَالْغَائِبُ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ، وَإِنْ أَقَرَّ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ لِمُوَكِّلِهِ الْغَائِبِ أَوْ لِمَحْجُورِهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِالشِّرَاءِ بَعْدُ لَمْ تَثْبُتْ الشُّفْعَةُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِالشِّرَاءِ أَوْ اعْتِرَافِ غَائِبٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بَعْدَ فَكِّهِ بِالشِّرَاءِ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُمَا بِالْإِقْرَارِ فَإِقْرَارُهُ بَعْدَهُ بِالشِّرَاءِ إقْرَارٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَلَا يُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَ الْمِلْكِ لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ وَلَمْ يُطَالَبْ بِبَيَانِهِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ.
وَ (لَا) تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ (مَعَ خِيَارِ) مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطِ الْبَائِعِ أَوْ مُشْتَرٍ (قَبْلَ انْقِضَائِهِ) نَصًّا ; لِأَنَّ الْمِلْكَ يَسْتَقِرُّ وَلِأَنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْبَائِعِ مِنْ الْخِيَارِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ بِالْعَقْدِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَا لَوْ بَاعَ شَفِيعٌ حِصَّتَهُ بَعْدَ بَيْعِ شَرِيكِهِ (وَعُهْدَةُ شَفِيعٍ) إنْ ظَهَرَ الشِّقْصُ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا وَأَرَادَ الشَّفِيعُ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ أَوْ الْأَرْشِ فَيَكُونُ (عَلَى مُشْتَرٍ) ; لِأَنَّ الشَّفِيعَ مَلَكَهُ مِنْ جِهَتِهِ فَهُوَ كَبَائِعِهِ (إلَّا إذَا أَنْكَرَ) مُشْتَرٍ الشِّرَاءَ وَلَا بَيِّنَةَ بِهِ (وَأَخَذَ) الشِّقْصَ (مِنْ بَائِعٍ) مُقِرٍّ الْبَيْعَ، (فَ) الْعُهْدَةُ (إذَنْ عَلَيْهِ) أَيْ: الْبَائِعِ لِحُصُولِ الْمِلْكِ لِلشَّفِيعِ مِنْ جِهَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: (كَ) مَا أَنَّ (عُهْدَةِ مُشْتَرٍ) عَلَى
بَائِعٍ (فَإِنْ أَبَى مُشْتَرٍ) لِشِقْصٍ مَشْفُوعٍ (قَبْضَ مَبِيعٍ) لِيُسَلِّمَهُ لِشَفِيعٍ (أَجْبَرَهُ حَاكِمٌ) لِوُجُوبِ الْقَبْضِ عَلَيْهِ لِيُسَلِّمَهُ لِلشَّفِيعِ.
(وَإِنْ وَرِثَ اثْنَانِ شِقْصًا) عَنْ أَبِيهِمَا أَوْ غَيْرِهِ مَعَ تَسَاوٍ أَوْ تَفَاضُلٍ (فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ) الَّذِي وَرِثَهُ أَوْ بَعْضَهُ (فَالشُّفْعَةُ) فِي الْمَبِيعِ (بَيْنَ) الْوَارِثِ (الثَّانِي) الَّذِي لَمْ يَبِعْ.
(وَ) بَيْنَ (شَرِيكِ مُوَرِّثِهِ) عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا ; لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ حَالَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ مَلَكَاهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى نِصْفَ دَارٍ اشْتَرَى اثْنَانِ نِصْفَهَا الْآخَرَ أَوْ اتَّهَبَاهُ أَوْ وَرِثَاهُ وَنَحْوَهُ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَخَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَأَرْضًا وَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنَيْنِ وَبَاعَ أَحَدُ الْعَمَّيْنِ نَصِيبَهُ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ أَخِيهِ وَابْنَيْ أَخِيهِ.
(وَلَا شُفْعَةَ لِكَافِرٍ) حَالَ بَيْعٍ وَلَوْ كَانَ كُفْرُهُ بِبِدْعَةٍ كَالدُّعَاةِ (عَلَى مُسْلِمٍ) نَصًّا، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدُ لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا " «لَا شُفْعَةَ لِنَصْرَانِيٍّ» " وَهَذَا يَخُصُّ عُمُومَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَخْبَارِ ; وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَخْتَصُّ بِهِ الْعَقَارُ أَشْبَهَ الِاسْتِيلَاءَ فِي الْبُنْيَانِ يُحَقِّقُهُ أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ مِلْكِهِ فَقُدِّمَ دَفْعُ ضَرَرِهِ عَلَى دَفْعِ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي. وَحَقُّ الْمُسْلِمِ أَرْجَحُ وَرِعَايَتُهُ أَوْلَى وَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَشَمِلَ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ وَالْمُرْتَدَّ وَمَنْ كَفَرَ بِبِدْعَةٍ وَتَثْبُتُ لِقَرَوِيٍّ عَلَى بَدْوِيٍّ كَعَكْسِهِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ.
(وَلَا) شُفْعَةَ (لِمُضَارِبٍ عَلَى رَبِّ الْمَالِ) بِأَنْ اشْتَرَى مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ شِقْصًا مَشْفُوعًا لِلْمُضَارِبِ فِيهِ شَرِكَةٌ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ (إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ) فِي مَالِ مُضَارَبَةٍ ; لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ فِيهَا جُزْءٌ فَلَا تَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ (وَإِلَّا) يَظْهَرَ فِيهِ رِبْحٌ (وَجَبَتْ) أَيْ: ثَبَتَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ لَهُ نَصًّا ; لِأَنَّ مَالِكَ الشِّقْصِ لِرَبِّ الْمَالِ أَشْبَهَ الْوَكِيلَ فِي شِرَائِهِ (وَلَا) شُفْعَةَ (لَهُ) أَيْ: رَبِّ الْمَالِ (عَلَى مُضَارِبٍ) بِأَنْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِهَا شِقْصًا شَرِكَةً لِرَبِّ الْمَالِ فَلَا شُفْعَةَ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ. لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ (وَلَا) شُفْعَةَ (لِمُضَارِبٍ فِيمَا) أَيْ فِي شِقْصٍ (بَاعَهُ مِنْ مَالِهَا) أَيْ: الْمُضَارَبَةِ (وَلَهُ) أَيْ: الْمُضَارِبِ (فِيهِ) أَيْ: الَّذِي مِنْهُ الشِّقْصُ الْمَبِيعُ (مِلْكٌ) ; لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ كَشِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُضَارِبِ (الشُّفْعَةُ فِيمَا) أَيْ: فِي شِقْصٍ (بِيعَ) أَيْ: بَاعَهُ مَالِكُهُ الْأَجْنَبِيُّ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ مَكَانٍ فِيهِ الشُّفْعَةُ (شَرِكَةٌ لِمَالِ الْمُضَارَبَةِ إنْ كَانَ) فِي أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ (حَظٌّ) نَحْوَ كَوْنِهِ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ ; لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الرِّبْحِ (فَإِنْ أَبَى) مُضَارِبٌ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ (أَخَذَ بِهَا) أَيْ: الشُّفْعَةِ (رَبُّ الْمَالِ) ; لِأَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ مِلْكُهُ، وَالشَّرِكَةُ حَقِيقَةٌ لَهُ وَلَا يَنْفُذُ