الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَاقِيهَا بِمَوْتِ الْآخَرِ) لِمَا سَبَقَ.
[فَصْلٌ وَيَصِحُّ نَقْلُ الْمِلْكِ فِي الْمُكَاتَبِ]
وَيَصِحُّ نَقْلُ الْمِلْكِ فِي الْمُكَاتَبِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِقِصَّةِ بَرِيرَةَ حِينَ اشْتَرَتْهَا عَائِشَةُ بِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ فِي الْقِصَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ عَجَزَتْ، بَلْ اسْتِعَانَتُهَا بِهَا دَلِيلُ بَقَاءِ كِتَابَتِهَا وَيُقَاسُ عَلَى الْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا (وَلِمُشْتَرٍ) مُكَاتَبًا (جَعَلَ لَهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ (الرَّدُّ أَوْ الْأَرْشُ) لِأَنَّهَا عَيْبٌ فِي الرَّقِيقِ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ بِمِلْكِهِ نَفْعَهُ وَكَسْبَهُ (وَهُوَ) أَيْ الْمُشْتَرِي إنْ أَمْسَكَ (كَبَائِعٍ فِي عِتْقٍ بِأَدَاءٍ) لِلُزُومِ الْكِتَابَةِ فَلَا تَنْفَسِخُ بِنَقْلِ الْمِلْكِ فِيهِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (الْوَلَاءُ) عَلَى الْمُكَاتَبِ إذَا أَدَّى إلَيْهِ وَعَتَقَ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ (وَ) مُشْتَرٍ كَبَائِعٍ فِي (عَوْدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (قِنًّا بِعَجْزِهِ) عَنْ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْبَائِعِ
(فَلَوْ اشْتَرَى كُلُّ) وَاحِدٍ (مِنْ مُكَاتِبِي شَخْصٍ) الْآخَرَ (أَوْ) اشْتَرَى كُلٌّ مِنْ مُكَاتِبِي شَخْصَيْنِ (اثْنَيْنِ الْآخَرَ صَحَّ شِرَاءُ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ) لِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ شِرَاءُ الْعَبِيدِ فَصَحَّ شِرَاؤُهُ لِلْمُكَاتَبِ كَشِرَائِهِ لِلْقِنِّ وَبَطَلَ شِرَاءُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَمْلِكَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ لِإِفْضَائِهِ إلَى تَنَاقُضِ الْأَحْكَامِ (فَإِنْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا) أَيْ الْبَيْعَيْنِ (بَطَلَا) لِاشْتِبَاهِ الصَّحِيحِ بِالْبَاطِلِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ وَجُهِلَتْ السَّابِقَةُ وَيُرَدُّ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى كِتَابَتِهِ
(وَإِنْ أُسِرَ) أَيْ إنْ أَسَرَ الْكُفَّارُ الْمُكَاتَبَ (فَاشْتُرِيَ) مِنْهُمْ أَوْ وَقَعَ فِي قَسْمِ أَحَدِ الْغَانِمِينَ (فَأَحَبَّ سَيِّدُهُ أَخْذَهُ) مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْكُفَّارِ (بِمَا اشْتَرَى بِهِ) فَلَهُ ذَلِكَ وَكِتَابَتُهُ بِحَالِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُحِبَّ السَّيِّدُ أَخْذَهُ بِذَلِكَ مِنْهُ بَقِيَ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ (فَإِذَا أَدَّى) الْمُكَاتَبُ (لِمُشْتَرِيهِ) أَوْ لِمَنْ وَقَعَ فِي قِسْمَتِهِ (مَا بَقِيَ) عَلَيْهِ (مِنْ كِتَابَتِهِ عَتَقَ) لِلُزُومِ الْكِتَابَةِ، فَلَا تَنْفَسِخُ بِالْأَسْرِ كَالْبَيْعِ وَأَوْلَى (وَوَلَاؤُهُ لَهُ) أَيْ لِمُشْتَرِيهِ لِعِتْقِهِ فِي مِلْكِهِ (وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (بِمُدَّةِ الْأَسْرِ) الَّتِي هُوَ فِيهَا عِنْدَ الْكُفَّارِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِتَفْرِيطِهِ وَلَا فِعْلِهِ (فَلَا يَعْجِزُ) الْمُكَاتَبُ (حَتَّى يَمْضِيَ) عَلَيْهِ (بَعْدَ الْأَجَلِ مِثْلُهَا) أَيْ مُدَّةِ الْأَسْرِ فَتُلْغَى مُدَّةُ الْأَسْرِ، وَيُبْنَى عَلَى مَا مَضَى
(وَعَلَى مُكَاتَبٍ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ) فِدَاءُ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مَعَ سَيِّدِهِ كَالْحُرِّ فِي الْمُعَامَلَاتِ. فَكَذَا فِي الْجِنَايَاتِ (أَوْ) أَيْ وَعَلَى مُكَاتَبٍ جَنَى عَلَى (أَجْنَبِيٍّ فِدَاءُ نَفْسِهِ) لِأَنَّهُ الْجَانِي وَقَدْ مَلَكَ نَفْعَهُ وَكَسْبَهُ. أَشْبَهَ الْحُرَّ، ثُمَّ إنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَكْثَر مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنَّهُ يَفْدِي نَفْسَهُ (بِقِيمَتِهِ فَقَطْ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ
عَلَيْهِ بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ، لِأَنَّهُ عَبْدٌ وَالْقِيمَةُ بَدَلٌ مِنْ رَقَبَتِهِ (مُقَدِّمًا) فِدَاءَ نَفْسِهِ (عَلَى) دَيْنِ (كِتَابَتِهِ) لِتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ، وَتَعَلُّقِ حَقِّ الْكِتَابَةِ بِذِمَّتِهِ، وَلِأَنَّهُ إذَا قَدَّمَ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى السَّيِّدِ فِي الْعَبْدِ الْقِنِّ فَلَأَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي الْمُكَاتَبِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى
(فَإِنْ أَدَّى) مُكَاتَبٌ جَانٍ كِتَابَتَهُ (مُبَادِرًا) قَبْلَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (وَلَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ) فِي مَالِهِ (عَتَقَ) لِصِحَّةِ أَدَائِهِ، لِأَنَّهُ قَضَى حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ كَقَضَاءِ مَدِينٍ بَعْضَ غُرَمَائِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ (وَاسْتِقْرَارُ الْفِدَاءِ) أَيْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا قَبْلَ الْعِتْقِ فَكَذَا بَعْدَهُ. فَإِنْ سَأَلَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ وَحَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ لَمْ يَصِحَّ دَفْعُهُ إلَى سَيِّدِهِ، فَلَا يَعْتِقُ بِهِ وَارْتَجَعَهُ حَاكِمٌ فَدَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ. لِأَنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ مُسْتَقِرٌّ وَدَيْنَ الْكِتَابَةِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ
(وَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبَ الْجَانِيَ (سَيِّدُهُ لَزِمَهُ) مَا كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْجِنَايَةِ وَهُوَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِهَا وَقِيمَتِهِ، لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ مَحَلَّ تَعْلِيقِهَا وَهُوَ رَقَبَةُ الْجَانِي (وَكَذَا إنْ أَعْتَقَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبَ الْجَانِيَ السَّيِّدُ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِإِتْلَافِهِ مَالِيَّتَهُ بِعِتْقِهِ (وَيَسْقُطُ) أَرْشُ جِنَايَتِهِ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ أَوْ عِتْقِهِ إيَّاهُ (إنْ كَانَتْ) جِنَايَتُهُ (عَلَى سَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ فَوَّتَ مَالِيَّتَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ دَيْنُ نَفْسِهِ
(وَإِنْ عَجَزَ مُكَاتَبٌ) جَانٍ عَنْ فِدَاءِ نَفْسِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْجِنَايَةُ (عَلَى سَيِّدِهِ فَلَهُ) أَيْ سَيِّدِهِ (تَعْجِيزُهُ) أَيْ عَوْدُهُ إلَى الرِّقِّ، لِأَنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ حَقٌّ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ عَادَ إلَى بَدَلِهِ وَهُوَ رَقَبَتُهُ (وَإِنْ فَدَاهُ) فَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ (وَإِلَّا بِيعَ فِيهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ (قِنًّا) أَيْ غَيْرَ مُكَاتَبٍ لِبُطْلَانِ كِتَابَتِهِ بِتَعْلِيقِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِرَقَبَتِهِ (وَيَجِبُ فِدَاءُ جِنَايَتِهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (أَوْ أَرْشِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ كَانَ الْأَرْشُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا مَوْضِعَ لَهَا. وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِهَا
(وَإِنْ عَجَزَ) مُكَاتَبٌ (عَنْ دُيُونِ مُعَامَلَةٍ لَزِمَتْهُ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ) لِأَنَّ حُكْمَهُ كَالْأَحْرَارِ فَيُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ عِتْقِهِ، لِأَنَّهُ حَالُ يَسَارِهِ. وَخَرَجَ بِدُيُونِ الْمُعَامَلَةِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْإِتْلَافَاتِ وَتَقَدَّمَ (فَيُقَدِّمُهَا) أَيْ دُيُونَ الْمُعَامَلَةِ عَلَى دَيْنِ كِتَابَتِهِ إنْ كَانَ (مَحْجُورًا عَلَيْهِ) بِأَنْ ضَاقَتْ دُيُونُهُ عَنْهَا وَسَأَلَ غُرَمَاؤُهُ الْحَاكِمَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فَحَجَرَ عَلَيْهِ (بَعْدَ تَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (فَلِهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (مَالٌ فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ تَعْجِيزُهُ) بِعَوْدِهِ إلَى الرِّقِّ (بِخِلَافِ أَرْشِ) جِنَايَةٍ