الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَصْلَحُهُنَّ الْجَلَبُ الَّتِي لَمْ تَعْرِفْ أَحَدًا وَلْيَحْذَرْ الْعَاقِلُ إطْلَاقَ الْبَصَرِ فَإِنَّ الْعَيْنَ تَرَى غَيْرَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ الْعِشْقُ فَيَهْلِكُ الْبَدَنُ وَالدِّينُ فَمَنْ اُبْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَتَفَكَّرْ فِي عُيُوبِ النِّسَاءِ.
[فَصْل وَيُبَاحُ لِمَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ نَظَرُ مَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا]
فَصْل وَيُبَاحُ لِمَنْ أَرَادَ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ بِكَسْرِ الْخَاءِ (وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إجَابَتُهُ نَظَرُ مَا يَظْهَرُ) مِنْهَا (غَالِبًا كَوَجْهٍ وَرَقَبَةٍ وَيَدٍ وَقَدَمٍ) لِحَدِيثِ «إذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَقَدَرَ أَنْ يَرَى مِنْهَا بَعْضَ مَا يَدْعُوهُ إلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَقَالَ أَيْ النَّبِيُّ:«إذَا أَلْقَى اللَّهُ عز وجل فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ.
وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد وَمَعْنَى يُؤْدَمَ أَيْ يُؤَلَّفُ وَيُوَفَّقُ وَالْأَمْرُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْحَظْرِ فَهُوَ لِلْإِبَاحَةِ (وَيُكَرِّرُهُ وَيَتَأَمَّلُ الْمَحَاسِنَ) بِلَا إذْنِ (الْمَرْأَةِ) إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ أَيْ ثَوَرَانَهَا (مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «إذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا مَا يَدْعُوهُ إلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ قَالَ: فَخَطَبْت جَارِيَةً مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَكُنْت أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْت مِنْهَا بَعْضَ مَا دَعَانِي إلَى نِكَاحِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
فَإِنْ كَانَ مَعَ خَلْوَةٍ أَوْ مَعَ خَوْفِ ثَوَرَانِ الشَّهْوَةِ لَمْ يَجُزْ (وَلِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ نَظَرُ ذَلِكَ) أَيْ الْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالرَّقَبَةِ وَالْقَدَمِ (وَرَأْسٍ وَسَاقٍ مِنْ أَمَةٍ مُسْتَامَةٍ) أَيْ مُعَرَّضَةٍ لِلْبَيْعِ يُرِيدُ شِرَاءَهَا كَمَا لَوْ أَرَادَ خِطْبَتَهَا بَلْ الْمُسْتَامَةُ أَوْلَى، لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَغَيْرِهِ نَقَلَ حَنْبَلٌ، لَا بَأْسَ أَنْ يُقَلِّبَهَا إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ، لِأَنَّهَا لَا حُرْمَةَ لَهَا.
وَرَوَى أَبُو حَفْصَةَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ وَيَكْشِفُ عَنْ سَاقَيْهَا.
(وَ) يُبَاحُ لِرَجُلٍ نَظَرُ وَجْهٍ وَرَقَبَةٍ وَيَدٍ وَقَدَمٍ وَرَأْسٍ وَسَاقٍ (مِنْ) ذَاتِ مَحْرَمٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور: 31] الْآيَةَ (وَهِيَ) أَيْ ذَاتُ الْمَحْرَمِ (مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا بِنَسَبٍ) كَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ (أَوْ سَبَبٍ مُبَاحٍ) كَرَضَاعٍ وَمُصَاهَرَةٍ كَأُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ وَزَوْجَةِ ابْنَيْهِ وَابْنِهِ وَأُمِّ زَوْجَتِهِ بِخِلَافِ أُخْتِهَا وَنَحْوِهَا، لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا إلَى أَمَدٍ وَبِخِلَافِ أُمِّ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَبِنْتِهَا وَأُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَبِنْتِهَا، لِأَنَّ السَّبَبَ لَيْسَ مُبَاحًا (لِحُرْمَتِهَا) إخْرَاجًا لِلْمُلَاعَنَةِ، لِأَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى الْمُلَاعِنِ أَبَدًا عُقُوبَةً عَلَيْهِ لَا لِحُرْمَتِهَا (إلَّا نِسَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَا
يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ آبَائِهِنَّ وَنَحْوِهِمْ وَإِنْ حُرِّمْنَ عَلَيْنَا أَبَدًا.
(وَ) يُبَاحُ (لِلْعَبْدِ) امْرَأَةٌ (لَا مُبَعَّضٍ أَوْ مُشْتَرَكٍ نَظَرُ ذَلِكَ) أَيْ الْوَجْهِ وَالرَّقَبَةِ وَالْيَدِ وَالْقَدَمِ وَالرَّأْسِ وَالسَّاقِ (مِنْ مَوْلَاتِهِ) أَيْ مَالِكَةِ كُلِّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31] وَلِمَشَقَّةِ تَحَرُّزِهَا مِنْهُ (وَكَذَا غَيْرُ أُولِي الْإِرْبَةِ) أَيْ الْحَاجَةِ إلَى النِّسَاءِ فَيُبَاحُ لَهُمْ النَّظَرُ إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ (كَعِنِّينٍ وَكَبِيرٍ وَنَحْوِهِمَا) كَمَرِيضٍ لَا شَهْوَةَ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ} [النور: 31] .
(وَ) يُبَاحُ أَنْ (يَنْظُرَ مِمَّنْ لَا تُشْتَهَى كَعَجُوزٍ وَبَرْزَةٍ) لَا تُشْتَهَى (وَقَبِيحَةٍ وَنَحْوِهِنَّ) كَمَرِيضَةٍ لَا تُشْتَهَى إلَى غَيْرِ عَوْرَةِ صَلَاةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} [النور: 60] الْآيَةَ.
(وَ) يُبَاحُ أَنْ يَنْظُرَ (مِنْ أَمَةٍ غَيْرِ مُسْتَامَةٍ إلَى غَيْرِ عَوْرَةِ صَلَاةٍ) قَالَهُ فِي التَّنْقِيحِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ، وَقَطَعَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَمَةٍ رَآهَا مُتَقَنِّعَةً (اكْشِفِي رَأْسَكِ وَلَا تَشَبَّهِي بِالْحَرَائِرِ) وَأَطَالَ فِي شَرْحِهِ فِي رَدِّ كَلَامِ الْمُنَقِّحِ هُنَا، وَهَكَذَا فِي الْإِقْنَاعِ الصَّوَابُ خِلَافُهُ
(وَحَرُمَ نَظَرُ خَصِيٍّ) أَيْ مَقْطُوعِ الْخُصْيَتَيْنِ (وَمَجْبُوبٍ) أَيْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ (وَمَمْسُوحٍ) أَيْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ وَالْخُصْيَتَيْنِ (إلَى أَجْنَبِيَّةٍ) وَلَوْ امْرَأَةَ سَيِّدِهِ.
قَالَ الْأَثْرَمُ: اسْتَعْظَمَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ دُخُولَ الْخُصْيَانِ عَلَى النِّسَاءِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا تُبَاحُ خَلْوَةُ النِّسَاءِ بِالْخُصْيَانِ وَلَا بِالْمَجْبُوبِينَ، لِأَنَّ الْعُضْوَ وَإِنْ تَعَطَّلَ أَوْ عُدِمَ فَشَهْوَةُ الرِّجَالِ لَا تَزُولُ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَلَا يُؤْمَنُ التَّمَتُّعُ بِالْقُبْلَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلِذَلِكَ لَا يُبَاحُ خَلْوَةُ الْفَحْلِ بِالرَّتْقَاءِ مِنْ النِّسَاءِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ.
(وَلِشَاهِدٍ وَمُعَامِلٍ نَظَرُ وَجْهٍ مَشْهُودٍ عَلَيْهَا وَوَجْهِ) مَنْ تُعَامِلُهُ فِي بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِيَعْرِفَهَا بِعَيْنِهَا لِتَجُوزَ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا أَوْ لِيَرْجِعَ عَلَيْهَا بِالدَّرْكِ (وَكَذَا) لِمُعَامِلٍ نَظَرٌ إلَى (كَفَّيْهَا لِحَاجَةٍ) نَقَلَ حَرْبٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْبٍ فِي الْبَائِعِ يَنْظُرُ كَفَّيْهَا وَوَجْهَهَا إنْ كَانَتْ عَجُوزًا رَجَوْتُ وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً تُشْتَهَى أَكْرَهُ ذَلِكَ (وَلِطَبِيبٍ وَمَنْ يَلِي خِدْمَةَ مَرِيضٍ) وَأَقْطَعَ يَدَيْنِ (وَلَوْ أُنْثَى فِي وُضُوءٍ وَاسْتِنْجَاءٍ نَظَرٌ وَمَسٌّ) حَتَّى لِفَرْجٍ لَكِنْ بِحَضْرَةِ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ (مَا دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةٌ) دَفْعًا لِلْحَاجَةِ وَلْيَسْتُرْ مَا عَدَاهُ وَكَذَا حَالُ تَخْلِيصِ مَنْ غَرِقَ وَنَحْوِهِ،.
وَرُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا حَكَّمَ سَعْدًا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ كَانَ يَكْشِفُ عَنْ مُؤْتَزِرِهِمْ» وَعَنْ عُثْمَانَ (أَنَّهُ أُتِيَ بِغُلَامٍ قَدْ سَرَقَ فَقَالَ اُنْظُرُوا فِي مُؤْتَزَرِهِ فَلَمْ
يَجِدُوهُ أَنْبَتَ الشَّعْرِ فَلَمْ يَقْطَعْهُ) (وَكَذَا لَوْ حَلَقَ عَانَةَ مَنْ لَا يُحْسِنُهُ) أَيْ حَلْقَ عَانَةِ نَفْسِهِ فَيُبَاحُ لِلْحَلَّاقِ النَّظَرُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يَحْلِقُهُ نَصًّا
(وَ) يُبَاحُ (لِامْرَأَةٍ مَعَ امْرَأَةٍ وَلَوْ كَافِرَةً مَعَ مُسْلِمَةٍ، وَلِرَجُلٍ مَعَ رَجُلٍ وَلَوْ أَمْرَدَ نَظَرُ غَيْرِ عَوْرَةٍ وَهِيَ) أَيْ الْعَوْرَةُ هُنَا (مِنْ امْرَأَةٍ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) كَالرَّجُلِ لَكِنْ إنْ كَانَ الْأَمْرَدُ جَمِيلًا يُخَافُ الْفِتْنَةُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ تَعَهُّدُ النَّظَرِ إلَيْهِ، وَرَوَى الشَّعْبِيُّ قَالَ «قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ قَيْسٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِمْ غُلَامٌ أَمْرَدُ ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ فَأَجْلَسَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَاءَ ظَهْرِهِ» رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ.
(وَ) يُبَاحُ (لِامْرَأَةٍ نَظَرٌ مِنْ رَجُلٍ إلَى غَيْرِ عَوْرَةٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: «اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَك فَلَا يَرَاك» وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّهُنَّ لَوْ مُنِعْنَ النَّظَرَ لَوَجَبَ عَلَى الرِّجَالِ الْحِجَابُ كَمَا وَجَبَ عَلَى النِّسَاءِ ; لِئَلَّا يَنْظُرْنَ إلَيْهِمْ فَأَمَّا حَدِيثُ نَبْهَانَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ «كُنْت قَاعِدَةً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَحَفْصَةُ فَاسْتَأْذَنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم احْتَجِبَا مِنْهُ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ ضَرِيرٌ لَا يُبْصِرُ قَالَ أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا لَا تُبْصِرَانِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، فَقَالَ أَحْمَدُ، نَبْهَانُ رَوَى حَدِيثَيْنِ عَجِيبَيْنِ هَذَا الْحَدِيثَ وَالْآخَرُ «إذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبٌ فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ» كَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى ضَعْفِ حَدِيثِهِ إذْ لَمْ يَرْوِ إلَّا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الْمُخَالِفَيْنِ لِلْأُصُولِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ نَبْهَانُ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَحَدِيثُ فَاطِمَةَ صَحِيحٌ فَالْحُجَّةُ بِهِ لَازِمَةٌ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّ حَدِيثَ نَبْهَانَ خَاصٌّ بِأَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد (وَمُمَيِّزٌ لَا شَهْوَةَ لَهُ مَعَ امْرَأَةٍ كَامْرَأَةٍ) مَعَ امْرَأَةٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النور: 58] وَقَوْلِهِ: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 59] فَدَلَّ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْبَالِغِ وَغَيْرِهِ (وَ) الْمُمَيِّزُ (ذُو الشَّهْوَةِ مَعَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ كَمَحْرَمٍ لِلْآيَةِ حَيْثُ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَالِغِ (وَبِنْتُ تِسْعٍ مَعَ رَجُلٍ كَمَحْرَمٍ) لِحَدِيثِ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ لَمْ تَحِضْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَيَكُونُ حُكْمُهَا مَعَ الرِّجَالِ كَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَكَالْغُلَامِ الْمُرَاهِقِ مَعَ النِّسَاءِ.
(وَخُنْثَى مُشْكِلٌ فِي نَظَرِ رَجُلٍ إلَيْهِ كَامْرَأَةٍ) تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحَظْرِ قَالَ
(الْمُنَقِّحُ وَنَظَرُهُ) أَيْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ (إلَى رَجُلٍ كَنَظَرِ امْرَأَةٍ إلَيْهِ) أَيْ الرَّجُلِ (وَ) نَظَرُ خُنْثَى مُشْكِلٍ (إلَى امْرَأَةٍ كَنَظَرِ رَجُلٍ إلَيْهَا) تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحَظْرِ (وَلِرَجُلٍ نَظَرٌ لِغُلَامٍ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ) كَالْبَالِغِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحِجَابُ كَالْمَرْأَةِ (وَيَحْرُمُ نَظَرٌ لَهَا) أَيْ الشَّهْوَةِ بِأَنْ يَتَلَذَّذَ بِالنَّظَرِ إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا (أَوْ) أَيْ وَيَحْرُمُ نَظَرٌ (مَعَ خَوْفِ ثَوَرَانِهَا إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا) مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَخُنْثَى غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَسُرِّيَّتِهِ، وَحَرَّمَ ابْنُ عَقِيلٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ النَّظَرَ مَعَ شَهْوَةِ تَخْنِيثٍ وَسِحَاقٍ وَدَابَّةٍ يَشْتَهِيهَا وَلَا يَعِفُّ عَنْهَا (وَلَمْسٌ كَنَظَرٍ بَلْ أَوْلَى) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْهُ فَيَحْرُمُ اللَّمْسُ حَيْثُ يَحْرُمُ النَّظَرُ وَلَيْسَ كُلَّمَا أُبِيحَ نَظَرُهُ لِمُقْتَضًى شَرْعِيٍّ يُبَاحُ لَمْسُهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَنْعُ لِلنَّظَرِ وَاللَّمْسِ فَحَيْثُ أُبِيحَ النَّظَرُ لِدَلِيلِهِ بَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ إلَّا مَا نُصَّ عَلَى جَوَازِ لَمْسِهِ
(وَصَوْتُ الْأَجْنَبِيَّةِ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَيَحْرُمُ تَلَذُّذٌ بِسَمَاعِهِ) أَيْ صَوْتِ الْمَرْأَةِ غَيْرِ زَوْجَةٍ وَسُرِّيَّةٍ (وَلَوْ) كَانَ صَوْتُهَا (بِقِرَاءَةٍ) لِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الْفِتْنَةِ بِهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا تُسِرُّ بِالْقِرَاءَةِ إذَا سَمِعَهَا أَجْنَبِيٌّ (وَ) يَحْرُمُ (خَلْوَةُ غَيْرِ مَحْرَمٍ) بِذَاتِ مَحْرَمِهِ (عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (مُطْلَقًا) أَيْ بِشَهْوَةٍ وَدُونَهَا (وَكَرَجُلٍ) وَاحِدٍ يَخْلُو (مَعَ عَدَدٍ مِنْ نِسَاءٍ وَعَكْسِهِ) بِأَنْ يَخْلُوَ عَدَدٌ مِنْ رِجَالٍ بِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَلَوْ بِحَيَوَانٍ يَشْتَهِي الْمَرْأَةَ أَوْ تَشْتَهِيهِ كَالْقِرْدِ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَشَيْخُنَا، وَقَالَ الْخَلْوَةُ بِأَمْرَدَ وَمُضَاجَعَتُهُ كَالْمَرْأَةِ وَلَوْ لِمَصْلَحَةِ تَعْلِيمٍ وَتَأْدِيبٍ وَالْمُقِرُّ مُوَلِّيهِ عِنْدَ مَنْ يُعَاشِرُهُ لِذَلِكَ مَلْعُونٌ دَيُّوثٌ وَمَنْ عُرِفَ بِمَحَبَّتِهِمْ أَوْ بِمُعَاشَرَةٍ بَيْنَهُمْ مُنِعَ مِنْ تَعْلِيمِهِمْ
(وَلِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ نَظَرُ جَمِيعِ بَدَنِ الْآخَرِ وَلَمْسُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ حَتَّى فَرْجِهِ) نَصًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] وَلِحَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ «عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ قَالَ احْفَظْ عَوْرَتَك إلَّا مِنْ زَوْجِك أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَلِأَنَّ الْفَرْجَ مَحَلُّ الِاسْتِمْتَاعِ فَجَازَ النَّظَرُ إلَيْهِ كَبَقِيَّةِ الْبَدَنِ (كَبِنْتٍ دُونَ سَبْعِ) سِنِينَ وَابْنٍ دُونَ سَبْعٍ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِعَوْرَتِهِمَا،.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي لَيْلَى قَالَ «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَجَاءَ الْحَسَنُ فَجَعَلَ يَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ فَرَفَعَ مُقَدَّمَ قَمِيصِهِ أُرَاهُ قَالَ فَقَبَّلَ زَبِيبَهُ» رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ (وَكُرِهَ) النَّظَرُ (إلَيْهِ) أَيْ الْفَرْجِ (حَالَ الطَّمْثِ) أَيْ الْحَيْضِ يُقَالُ طَمَثَتْ الْمَرْأَةُ تَطْمُثُ كَنَصَرَ وَسَمِعَ إذَا حَاضَتْ فَهِيَ طَامِثٌ