الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِ الْجِوَارِ]
ِ. وَهُوَ لُغَةً (التَّوْفِيقُ وَالسَّلْمُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
(وَ) الصُّلْحُ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا (يَكُونُ بَيْنَ مُسْلِمِينَ وَأَهْلِ حَرْبٍ) وَتَقَدَّمَتْ أَقْسَامُهُ فِي الْجِهَادِ.
(وَ) الثَّانِي (بَيْنَ أَهْلِ عَدْلٍ وَ) أَهْلِ (بَغْيٍ) وَيَأْتِي فِي قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ. .
(وَ) الثَّالِث (بَيْنَ زَوْجَيْنِ خِيفَ شِقَاقُ بَيْنِهِمَا أَوْ خَافَتْ) الزَّوْجَةُ (إعْرَاضُهُ) أَيْ الزَّوْجِ عَنْهَا وَيَأْتِي فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ. .
(وَ) الرَّابِعُ (بَيْنَ مُتَخَاصِمَيْنِ فِي غَيْرِ مَالٍ) . وَالْخَامِسُ بَيْنَ مُتَخَاصِمَيْنِ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ الصُّلْحُ (فِيهِ) أَيْ الْمَالِ (مُعَاقَدَةٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مُوَافَقَةٍ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ) فِيهِ وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الْمُبَوَّبُ لَهُ
(وَهُوَ) أَيْ الصُّلْحُ فِي مَالٍ (قِسْمَانِ) صُلْحٌ (عَلَى إقْرَارٍ) وَصُلْحٌ عَلَى إنْكَارٍ (وَهُوَ) أَيْ الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ (نَوْعَانِ نَوْعٌ) يَقَعُ (عَلَى جِنْسِ الْحَقِّ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ) جَائِزُ التَّصَرُّفِ (لَهُ) أَيْ لِمَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ (بِدَيْنٍ) مَعْلُومٍ (أَوْ) يُقِرَّ لَهُ (بِعَيْنٍ) بِيَدِهِ (فَيَضَعَ) الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ الْمُقِرِّ بَعْضَ الدَّيْنِ كَنِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبْعِهِ (أَوْ يَهَبُ) لَهُ (الْبَعْضَ) مِنْ الْعَيْنِ الْمُقَرِّ بِهَا (وَيَأْخُذُ) الْمُقَرُّ لَهُ (الْبَاقِيَ) مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الْعَيْنِ (فَيَصِحُّ) ذَلِكَ ; لِأَنَّ جَائِزَ التَّصَرُّفِ لَا يَمْنَعُ مِنْ إسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهِ أَوْ هِبَتِهِ كَمَا لَا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَائِهِ وَقَدْ كَلَّمَ عليه الصلاة والسلام غُرَمَاءُ جَابِرٍ لِيَضَعُوا عَنْهُ.
وَ (لَا) يَصِحُّ (بِلَفْظِ الصُّلْحِ) ; لِأَنَّهُ هَضْمٌ لِلْحَقِّ (أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْبَاقِي) وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الشَّرْطِ كَعَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا مِنْهُ أَوْ تُعَوِّضَنِي مِنْهُ كَذَا ; لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْمُعَاوَضَةَ فَكَأَنَّهُ عَاوَضَ عَنْ بَعْضِ حَقِّهِ بِبَعْضٍ وَهَذَا الْمَعْنَى مَلْحُوظٌ فِي لَفْظِ الصُّلْحِ ; لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ لَفْظٍ يَتَعَدَّى بِهِ كَالْبَاءِ وَعَلَى، وَهَذَا يَقْتَضِي الْمُعَاوَضَةَ (أَوْ يَمْنَعَهُ) أَيْ يَمْنَعُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ رَبَّهُ (حَقَّهُ بِدُونِهِ) أَيْ الْإِعْطَاءِ مِنْهُ فَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ أَكْلٌ لِمَالِ الْغَيْرِ بِالْبَاطِلِ
(وَلَا) يَصِحُّ الصُّلْحُ بِأَنْوَاعِهِ (مِمَّنْ لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ كَمُكَاتَبٍ وَ) قِنٍّ (مَأْذُونٍ لَهُ) فِي تِجَارَةٍ (وَوَلِيِّ) نَحْوِ صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ وَنَاظِرِ وَقْفٍ ; لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَهُمْ لَا يَمْلِكُونَهُ (إلَّا إنْ أَنْكَرَ) مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِمُدَّعِيهِ فَيَصِحُّ ; لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْبَعْضِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اسْتِيفَاءِ الْكُلِّ أَوْلَى مِنْ التَّرْكِ (وَيَصِحُّ) مِنْ وَلِيِّ الصُّلْحِ وَيَجُوزُ لَهُ (عَمَّا ادَّعَى بِهِ عَلَى مُوَلِّيهِ) مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ (وَبِهِ بَيِّنَةٌ) فَيَدْفَعُ
الْبَعْضَ وَيَقَعُ الْإِبْرَاءُ أَوْ الْهِبَةُ فِي الْبَاقِي ; لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ لَمْ يُصَالِحْ عَنْهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمَهُ الْوَلِيُّ
(وَلَا يَصِحُّ) الصُّلْحُ (عَنْ) دَيْنٍ (مُؤَجَّلٍ بِبَعْضِهِ) أَيْ الْمُؤَجَّلِ (حَالًّا) نَصًّا ; لِأَنَّ الْمَحْطُوطَ عِوَضٌ عَنْ التَّعْجِيلِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحُلُولِ وَالْأَجَلِ (إلَّا فِي) مَالِ (كِتَابَةٍ) إذَا عَجَّلَ مُكَاتَبٌ لِسَيِّدِهِ بَعْضَ كِتَابَتِهِ عَنْهَا ; لِأَنَّ الرِّبَا لَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ (وَإِنْ وَضَعَ) رَبُّ الدَّيْنِ (بَعْضَ) دَيْنٍ (حَالٍّ وَأَجَّلَ بَاقِيَهُ صَحَّ الْوَضْعُ) ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ تَأْجِيلٍ كَمَا لَوْ وَضَعَهُ كُلَّهُ وَ (لَا) يَصِحُّ (التَّأْجِيلُ) ; لِأَنَّ الْحَالَّ لَا يَتَأَجَّلُ ; وَلِأَنَّهُ وَعْدٌ، وَالْوَعْدُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا يَأْتِي، وَكَذَا لَوْ صَالَحَ عَنْ مِائَةٍ صِحَاحٍ بِخَمْسِينَ مُكَسَّرَةٍ فَهُوَ إبْرَاءٌ مِنْ الْخَمْسِينَ وَوَعْدٌ فِي الْأُخْرَى
(وَلَا يَصِحُّ) الصُّلْحُ (عَنْ حَقٍّ كَدِيَةٍ خَطَأٍ) أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ أَوْ عَمْدٍ لَا قَوَدَ فِيهِ كَجَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ (أَوْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ) كَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ (بِأَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ) الْمُصَالَحِ عَنْهُ (مِنْ جِنْسِهِ) ; لِأَنَّ الدِّيَةَ وَالْقِيمَةَ ثَبَتَتْ فِي الذِّمَّةِ بِقَدْرِهِ فَالزَّائِدُ لَا مُقَابِلَ لَهُ فَيَكُونُ حَرَامًا ; لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ كَالثَّابِتِ عَنْ قَرْضٍ
(وَيَصِحُّ) الصُّلْحُ (عَنْ مُتْلَفٍ مِثْلِيٍّ) كَبُرٍّ (بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ) مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ.
وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ حَقٍّ كَدِيَةٍ خَطَأٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ (وَ) عَنْ مِثْلِيٍّ (بِعَرْضِ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ) مِنْ الدِّيَةِ أَوْ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ وَالْمِثْلِيِّ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ; لِأَنَّهُ لَا رِبَا بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ عَنْهُ فَصَحَّ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِدِرْهَمٍ
(وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ بَيْتٍ) ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ وَ (أَقَرَّ) لَهُ (بِهِ عَلَى بَعْضِهِ) أَيْ الْبَيْتِ (أَوْ) عَلَى (سُكْنَاهُ) أَيْ سُكْنَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيْتَ (مُدَّة) مَعْلُومَةً كَسَنَةِ كَذَا أَوْ مَجْهُولَةً كَمَا عَاشَ (أَوْ) عَلَى (بِنَاءِ غُرْفَةٍ لَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَوْقَهُ) أَيْ الْبَيْتِ، لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ ; لِأَنَّهُ صَالَحَهُ عَنْ مِلْكِهِ عَلَى مِلْكِهِ أَوْ عَلَى مَنْفَعَةِ مِلْكِهِ فَإِنْ فَعَلَ عَلَى سَبِيلِ الْمُصَالَحَةِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ وَجَبَ بِالصُّلْحِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مَا سَكَنَ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْبَيْتِ ; لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَإِنْ بَنَى فَوْقَ الْبَيْتِ غُرْفَةً أُجْبِرَ عَلَى نَقْضِهِ وَإِذَا أَجَّرَ السَّطْحَ مُدَّة مَقَامِهِ بِيَدِهِ وَلَهُ أَخْذُ آلَتِهِ، فَإِنْ صَالَحَهُ عَنْهَا رَبُّ الْبَيْتِ بِرِضَاهُمَا جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ آلَةُ الْبِنَاءِ وَالتُّرَابِ مِنْ الْبَيْتِ فَالْغُرْفَةُ لِرَبِّهِ وَعَلَى الْبَانِي أُجْرَتُهَا مَبْنِيَّةً وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهَا إنْ أَبْرَاهُ رَبُّ الْبَيْتِ مِنْ ضَمَانِ مَا يَتْلَفُ بِهَا وَإِنْ أَسْكَنَهُ أَوْ أَعْطَاهُ الْبَعْضَ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ وُجُوبَهُ وَكَانَ مُتَّبِعًا وَمَتَى شَاءَ انْتَزَعَهُ مِنْهُ
(أَوْ ادَّعَى) مُكَلَّفٌ (رِقَّ مُكَلَّفٍ أَوْ) ادَّعَى (زَوْجِيَّةَ مُكَلَّفَةٍ فَأَقَرَّا) أَيْ الْمُدَّعِي رِقَّهُ
وَالْمُدَّعِي زَوْجِيَّتَهَا (لَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي الرِّقَّ أَوْ الزَّوْجِيَّةَ (بِعِوَضٍ مِنْهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (لَمْ يَصِحَّ) الصُّلْحُ وَلَا الْإِقْرَارُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا» وَهَذَا صُلْحٌ أَحَلَّ حَرَامًا ; لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الرِّقَّ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِرَقِيقٍ وَالزَّوْجِيَّةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْكِحْهَا وَلَوْ أَرَادَ الْحُرُّ بَيْعَ نَفْسِهِ أَوْ الْمَرْأَةُ بَذْلَ نَفْسِهَا بِعِوَضٍ لَمْ يَجُزْ.
(وَإِنْ بَذَلَا) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعُبُودِيَّةَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهَا الزَّوْجِيَّةُ (مَالًا) لِلْمُدَّعِي (صُلْحًا عَنْ دَعْوَاهُ) صَحَّ ; لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُهُ عَنْ دَعْوَاهُ الرِّقَّ أَوْ النِّكَاحَ، وَالدَّافِعُ يَقْطَعُ بِهِ الْخُصُومَةَ عَنْ نَفْسِهِ فَجَازَ كَعِوَضِ الْخُلْعِ، لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَى الْآخِذِ إنْ عَلِمَ كَذِبَ نَفْسِهِ لِأَخْذِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَوْ ثَبَتَتْ زَوْجِيَّتُهَا بَعْدُ لَمْ تَبِنْ بِأَخْذِهِ الْعِوَضَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ طَلَاقٌ وَلَا خُلْعٌ (أَوْ) بَذَلَتْ امْرَأَةٌ مَالًا (لِمُبِينِهَا لِيُقِرَّ) لَهَا (بِبَيْنُونَتِهَا صَحَّ) ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا بَذْلُ الْمَالِ لِيُبِينَهَا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهُ
(وَ) مَنْ قَالَ لِغَرِيمِهِ (أَقِرَّ لِي بِدَيْنِي وَأُعْطِيكَ) مِنْهُ مِائَةً (أَوْ) أَقِرَّ لِي بِدَيْنِي (وَخُذْ مِنْهُ مِائَةً) مَثَلًا (فَفَعَلَ) أَيْ أَقَرَّ (لَزِمَهُ) أَيْ الْمُقِرُّ مَا أَقَرَّ بِهِ ; لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لِمَنْ أَقَرَّ (وَلَمْ يَصِحَّ) الصُّلْحُ لِوُجُوبِ الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ، فَلَمْ يَبُحْ لَهُ الْعِوَضُ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ
(النَّوْعُ الثَّانِي) مِنْ قِسْمَيْ الصُّلْحِ عَلَى إقْرَارٍ أَنْ يُصَالِحَ (عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ) بِأَنْ أَقَرَّ لَهُ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ (وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الصُّلْحِ) كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ ; لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ عَنْ الشَّيْءِ بِبَعْضِهِ مَحْظُورَةٌ (فَ) الصُّلْحُ (بِنَقْدٍ عَنْ نَقْدٍ) بِأَنْ أَقَرَّ لَهُ بِدِينَارٍ فَصَالَحَهُ عَنْهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا أَوْ عَكْسُهُ فَهُوَ (صَرْفٌ) يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّقَابُضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ.
(وَ) الصُّلْحُ عَنْ نَقْدٍ بِأَنْ أَقَرَّ لَهُ بِدِينَارٍ فَصَالَحَهُ عَنْهُ (بِعَرْضٍ) كَثَوْبِ بَيْعٍ (أَوْ) صَالَحَهُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ عَرْضٍ أَقَرَّ لَهُ بِهِ كَفَرَسٍ (بِنَقْدٍ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بَيْعٌ (أَوْ) صَالَحَهُ عَنْ عَرْضٍ كَثَوْبٍ ب (عَرْضٍ بَيْعٌ) يُشْتَرَطُ لَهُ شُرُوطُهُ كَالْعِلْمِ بِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّقَابُضِ بِالْمَجْلِسِ إنْ جَرَى بَيْنَهُمَا رِبَا نَسِيئَةٍ.
(وَ) الصُّلْحُ عَنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ مُقَرٍّ بِهِ (بِمَنْفَعَةٍ كَسُكْنَى) دَارٍ (وَخِدْمَةِ) قِنٍّ (مُعَيَّنَيْنِ إجَارَةً) فَيُعْتَبَرُ لَهُ شُرُوطُهَا وَتَبْطُلُ بِتَلَفِ الدَّارِ وَمَوْتِ الْقِنِّ كَبَاقِي الْإِجَارَاتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهُمَا أَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ فَلِلْمُصَالِحِ نَفْعُهُ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّة وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ تَلِفَا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ رَجَعَ بِمَا صُولِحَ عَنْهُ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَفِي أَثْنَائِهَا تَنْفَسِخُ فِيمَا بَقِيَ فَيَرْجِعُ
بِقِسْطِهِ، وَإِنْ ظَهَرَتْ الدَّارُ مُسْتَحَقَّةً أَوْ الْقِنُّ حُرًّا أَوْ مُسْتَحَقًّا فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ لِفَسَادِ الْعِوَضِ وَرَجَعَ مُدَّعٍ فِيمَا أُقِرَّ لَهُ بِهِ وَإِنْ ظَهَرَا مَعِيبَيْنِ بِمَا تَنْقُصُ بِهِ الْمَنْفَعَةُ فَلَهُ الرَّدُّ وَفَسْخُ الصُّلْحِ وَإِنْ صَالَحَهُ بِتَزْوِيجِ أَمَتِهِ صَحَّ بِشَرْطِهِ وَالْمُصَالَحُ بِهِ صَدَاقُهَا فَإِنْ فُسِخَ نِكَاحٌ قَبْلَ دُخُولٍ بِمَا يُسْقِطُهُ رَجَعَ زَوْجٌ بِمَا صَالَحَ عَنْهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا وَنَحْوَهُ قَبْلَ دُخُولٍ رَجَعَ بِنِصْفِهِ.
(وَ) الصُّلْحُ (عَنْ دَيْنٍ) وَنَحْوَهُ غَيْرَ دَيْنِ سَلَمٍ (يَصِحُّ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مُطْلَقًا) أَيْ بِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيهِ وَ (لَا) يَصِحُّ صُلْحٌ عَنْ حَقٍّ (بِجِنْسِهِ) كَعَنْ بُرٍّ بِبُرٍّ (أَقَلَّ) مِنْهُ (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْهُ (عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ) لِإِفْضَائِهِ إلَى رِبَا الْفَضْلِ فَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ عَلَى وَجْهِ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ صَحَّ لَا بِلَفْظِ الصُّلْحِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَ) الصُّلْحُ عَنْ دَيْنٍ (بِشَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ) بِأَنْ صَالَحَهُ عَنْ دِينَارٍ فِي ذِمَّتِهِ بِإِرْدَبِّ قَمْحٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الذِّمَّةِ يَصِحُّ وَ (وَيَحْرُمُ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ) ; لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ
(وَلَوْ صَالَحَ الْوَرَثَةُ مَنْ وُصِيَّ لَهُ) مِنْ قِبَلِ مُوَرِّثِهِمْ (بِخِدْمَةِ) رَقِيقٍ مِنْ التَّرِكَةِ (أَوْ) ب (سُكْنَى) دَارٍ مُعَيَّنَةٍ (أَوْ) ب (حَمْلِ أَمَةٍ) مُعَيَّنَةٍ (بِدَرَاهِمَ) مَثَلًا (مُسَمَّاةٍ جَازَ) ذَلِكَ صُلْحًا ; لِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَقٍّ، فَصَحَّ فِي الْمَجْهُولِ لِلْحَاجَةِ (لَا بَيْعًا) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَبِيعِ
(وَمَنْ صَالَحَ عَنْ عَيْبٍ فِي مَبِيعِهِ بِشَيْءٍ) مِنْ عَيْنٍ كَدِينَارٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ كَسُكْنَى دَارِهِ شَهْرًا صَحَّ، وَلَيْسَ مِنْ الْأَرْشِ فِي شَيْءٍ وَ (رَجَعَ) بِالْمُصَالَحِ (بِهِ إنْ بَانَ عَدَمُهُ) أَيْ الْعَيْبِ كَنَفَاخِ بَطْنِ أَمَةٍ ظَنَّهُ حَمْلًا ثُمَّ ظَهَرَ الْحَالُ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ (أَوْ زَالَ) الْعَيْبُ (سَرِيعًا) بِلَا كُلْفَةٍ وَلَا تَعْطِيلِ نَفْعٍ عَلَى مُشْتَرٍ كَمُزَوَّجَةٍ بَانَتْ وَمَرِيضٍ عُوفِيَ لِحُصُولِ الْجُزْءِ الْفَائِتِ مِنْ الْمَبِيعِ بِلَا ضَرَرٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ (وَتَرْجِعُ امْرَأَةٌ صَالَحَتْ عَنْهُ) أَيْ عَنْ عَيْبِ مَبِيعِهَا (بِتَزْوِيجِهَا) وَبَانَ عَدَمُهُ أَوْ زَالَ سَرِيعًا (بِأَرْشِهِ) أَيْ الْعَيْبِ لَوْ كَانَ أَوْ لَمْ يَزُلْ سَرِيعًا ; لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْأَرْشِ مَهْرًا لَهَا وَكَذَا إنْ بَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ، كَقِنٍّ خَرَجَ حُرًّا أَوْ مُسْتَحَقًّا وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِزَرْعٍ فَصَالَحَهُ عَنْهُ صَحَّ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَصِحُّ بَيْعُهُ وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ
(وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَمَّا) أَيْ مَجْهُولٍ لَهُمَا أَوْ لِلْمَدِينِ (تَعَذَّرَ عِلْمُهُ مِنْ دَيْنٍ) كَمَنْ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةٌ أَوْ حِسَابٌ مَضَى عَلَيْهِ زَمَنٌ طَوِيلٌ (أَوْ) تَعَذَّرَ عِلْمُهُ مِنْ (عَيْنٍ) كَقَفِيزِ حِنْطَةٍ وَقَفِيزِ شَعِيرٍ اخْتَلَطَا وَطُحِنَا (بِ) مَالٍ (مَعْلُومِ نَقْدٍ) أَيْ حَالٍّ (وَنَسِيئَةٍ)«لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِرَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي مَوَارِيثَ دَرَسَتْ بَيْنَهُمَا اسْتَهِمَا وَتَوَاخَيَا الْحَقَّ وَلْيَحْلِلْ أَحَدُكُمَا صَاحِبَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد ; لِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَقٍّ فَصَحَّ فِي الْمَجْهُولِ
لِلْحَاجَةِ وَلِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى ضَيَاعِ الْمَالِ أَوْ بَقَاءِ شَغْلِ الذِّمَّةِ، إذْ لَا طَرِيقَ إلَى التَّخَلُّصِ إلَّا بِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْجَهْلُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ أَوْ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ بِمَجْهُولٍ لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ وَاجِبٌ وَالْجَهْلُ بِهِ يَمْنَعُهُ وَإِذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ) عِلْمُ الْمَجْهُولِ كَتَرِكَةٍ بَاقِيَةٍ صَالَحَ الْوَرَثَةُ الزَّوْجَةَ عَنْ حِصَّتِهَا مِنْهَا مَعَ الْجَهْلِ بِهَا (فَكَبَرَاءَةٍ مِنْ مَجْهُولٍ) جَزَمَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.
قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَقَدْ نَزَّلَ أَصْحَابُنَا الصُّلْحَ عَنْ الْمَجْهُولِ الْمُقَرِّ بِهِ بِمَعْلُومٍ مَنْزِلَةَ الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ فَيَصِحُّ عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَطْعِ النِّزَاعِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْإِنْصَافُ أَنَّ الصَّحِيحَ الْمَنْعُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ; وَلِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا تَقْبَلُ الْإِبْرَاءَ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِ.
(الْقِسْمُ الثَّانِي) مِنْ قِسْمَيْ الصُّلْحِ فِي الْمَالِ، الصُّلْحُ (عَلَى إنْكَارٍ بِأَنْ يَدَّعِيَ) شَخْصٌ عَلَى آخَرَ (عَيْنًا أَوْ دَيْنًا فَيُنْكِرَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَوْ يَسْكُتَ وَهُوَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (يَجْهَلُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ (ثُمَّ يُصَالِحَهُ عَلَى نَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةٍ) ; لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُلْجَأٌ إلَى التَّأْخِيرِ بِتَأْخِيرِ خَصْمِهِ (فَيَصِحُّ) الصُّلْحُ لِلْخَيْرِ. لَا يُقَالُ: هَذَا يُحِلُّ حَرَامًا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَحَلَّ بِالصُّلْحِ ; لِأَنَّ هَذَا يُوجَدُ فِي الصُّلْحِ بِمَعْنَى الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ قَبْلَهُ وَكَذَا الصُّلْحُ بِمَعْنَى الْهِبَةِ أَوْ الْإِبْرَاءِ، بَلْ مَعْنَى يُحِلُّ حَرَامًا مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى تَنَاوُلِ الْمُحَرَّمِ مَعَ بَقَاءِ تَحْرِيمِهِ، كَاسْتِرْقَاقِ حُرٍّ، أَوْ إحْلَالِ بُضْعٍ مُحَرَّمٍ، أَوْ الصُّلْحِ بِخَمْرٍ وَنَحْوِهِ (وَيَكُونُ) الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارِ (إبْرَاءِ حَقِّهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ بَذْلُ الْعِوَضِ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ حَقٍّ ثَبَتَ عَلَيْهِ فَ (لَا شُفْعَةَ فِيهِ) أَيْ الْمُصَالَحِ عَنْهُ إنْ كَانَ شِقْصًا مِنْ عَقَارٍ.
(وَلَا يَسْتَحِقُّ) مُدَّعًى عَلَيْهِ (لِعَيْبٍ) وَجَدَهُ فِي مُصَالَحٍ عَنْهُ (شَيْئًا) ; لِأَنَّهُ لَمْ يَبْذُلْ الْعِوَضَ فِي مُقَابَلَتِهِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَ الصُّلْحِ فَلَا مُعَاوَضَةَ.
(وَ) يَكُونُ الصُّلْحُ (بَيْعًا فِي حَقِّ مُدَّعٍ فَلَهُ رَدُّهُ) أَيْ الْمُصَالَحِ بِهِ عَمَّا ادَّعَاهُ (بِعَيْبٍ) يَجِدُهُ فِيهِ ; لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى أَنَّهُ عِوَضُ مَا ادَّعَاهُ (وَفُسِخَ الصُّلْحُ) إنْ وَقَعَ عَلَى عَيْنِهِ وَإِلَّا طَالَبَ بِبَدَلِهِ (وَيَثْبُتُ فِي) شِقْصٍ (مَشْفُوعٍ) صُولِحَ بِهِ (الشُّفْعَةُ) ; لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عِوَضًا عَمَّا ادَّعَاهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِهِ (إلَّا إذَا صَالَحَ) الْمُدَّعِي مُدَّعًى عَلَيْهِ (بِبَعْضِ عَيْنٍ مُدَّعًى بِهَا) .
كَمَنْ ادَّعَى نِصْفَ دَارٍ بِيَدِ آخَرَ فَأَنْكَرَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى رُبْعِهَا
(فَهُوَ) أَيْ الْمُدَّعِي (فِيهِ) أَيْ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ (كَالْمُنْكِرِ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلَا يُؤْخَذُ مَعَهُ بِشُفْعَةٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ لِعَيْبٍ شَيْئًا ; لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ أَخَذَ بَعْضَ عَيْنِ مَالِهِ مُسْتَرْجِعًا لَهُ مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ (وَمَنْ عَلِمَ بِكَذِبِ نَفْسِهِ) مِنْ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ (فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ فِي حَقِّهِ) أَمَّا الْمُدَّعِي ; فَلِأَنَّ الصُّلْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى دَعْوَاهُ الْبَاطِلَةِ، وَأَمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ; فَلِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَحْدِهِ حَقَّ الْمُدَّعِي لِيَأْكُلَ مَا يَنْتَقِصُهُ بِالْبَاطِلِ (وَمَا أَخَذَ) مُدَّعٍ عَالِمٌ كَذِبَ نَفْسِهِ مِمَّا صُولِحَ بِهِ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ مِمَّا انْتَقَصَهُ مِنْ الْحَقِّ بِجَحْدِهِ (فَهُوَ حَرَامٌ) ; لِأَنَّهُ أَكْلُ مَالِ الْغَيْرِ بِالْبَاطِلِ، وَلَا يَشْهَدُ لَهُ إنْ عُلِمَ ظُلْمُهُ نَصًّا وَإِنْ صَالَحَ الْمُنْكِرُ بِشَيْءٍ ثُمَّ أَقَامَ مُدَّعٍ بَيِّنَةَ أَنَّ الْمُنْكِرَ قَبِلَ الصُّلْحَ بِالْمِلْكِ لَمْ تُسْمَعْ وَلَوْ شَهِدَتْ بِأَصْلِ الْمِلْكِ وَلَمْ يَنْقُصْ الصُّلْحُ
(وَمَنْ قَالَ) لَآخِرَ (صَالِحْنِي عَنْ الْمِلْكِ الَّذِي تَدَّعِيهِ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِهِ) أَيْ بِالْمِلْكِ لِلْمَقُولِ لَهُ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ صِيَانَةِ نَفْسِهِ عَنْ التَّبَذُّلِ وَحُضُورِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِذَلِكَ
(وَإِنْ صَالَحَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مُنْكِرٍ لِدَيْنٍ) بِإِذْنِهِ أَوْ بِدُونِهِ صَحَّ لِجَوَازِ قَضَائِهِ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ لِفِعْلِ عَلِيٍّ وَأَبِي قَتَادَةَ وَأَقَرَّهُمَا عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَتَقَدَّمَ فِي الضَّمَانِ
(أَوْ) صَالَحَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ مُنْكِرٍ ل (عَيْنٍ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمُنْكِرِ (أَوْ) ب (دُونِهِ) أَيْ إذْنِهِ (صَحَّ) الصُّلْحُ (وَلَوْ لَمْ يَقُلْ) الْأَجْنَبِيُّ (إنَّهُ) أَيْ الْمُنْكِرَ (وَكَّلَهُ) ; لِأَنَّهُ افْتِدَاءٌ لِلْمُنْكِرِ مِنْ الْخُصُومَةِ وَإِبْرَاءٌ لَهُ مِنْ الدَّعْوَى (وَلَا يَرْجِعُ) الْأَجْنَبِيُّ بِشَيْءٍ مِمَّا صَالَحَ بِهِ عَنْ الْمُنْكِرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ دَفَعَ (بِدُونِ إذْنِهِ) فِي الصُّلْحِ أَوْ الدَّفْعِ ; لِأَنَّهُ أَدَّى عَنْهُ مَا لَا يَلْزَمُهُ فَكَانَ مُتَبَرِّعًا كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ عَنْهُ فَإِنْ أَذِنَ الْمُنْكِرُ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي الصُّلْحِ أَوْ الْأَدَاءِ عَنْهُ رَجَعَ عَلَيْهِ إنْ نَوَاهُ (وَإِنْ صَالَحَ) الْأَجْنَبِيُّ الْمُدَّعِي (لِنَفْسِهِ لِيَكُونَ الطَّلَبُ لَهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ (وَقَدْ أَنْكَرَ) الْأَجْنَبِيَّ (الْمُدَّعَى) أَيْ صِحَّةَ الدَّعْوَى لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الْمُدَّعِي مَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وَلَمْ تَتَوَجَّهْ إلَيْهِ خُصُومَةٌ يَفْتَدِي مِنْهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى مِنْهُ مِلْكَ غَيْرِهِ (أَوْ أَقَرَّ) الْأَجْنَبِيُّ.
(وَالْمُدَّعَى) بِهِ (دَيْنٌ) لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ (أَوْ هُوَ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ (عَيْنٌ) وَأَقَرَّ بِهَا (وَعَلِمَ) الْأَجْنَبِيُّ (عَجْزَهُ عَنْ اسْتِنْقَاذِهَا) مِنْ مُدَّعًى عَلَيْهِ (لَمْ يَصِحَّ) الصُّلْحُ ; لِأَنَّهُ بَيْعُ مَغْصُوبٍ لِغَيْرِ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِهِ (وَإِنْ ظَنَّ) الْأَجْنَبِيُّ (الْقُدْرَةَ) عَلَى اسْتِنْقَاذِهَا صَحَّ ; لِأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ مَالِكٍ مِلْكَهُ الْقَادِرَ عَلَى أَخْذِهِ فِي اعْتِقَادِهِ (أَوْ) ظَنَّ (عَدَمَهَا) أَيْ الْقُدْرَةِ (ثُمَّ تَبَيَّنَتْ) قُدْرَتُهُ عَلَى اسْتِنْقَاذِهَا (صَحَّ) الصُّلْحُ ; لِأَنَّ الْبَيْعَ تَنَاوَلَ مَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ ظَنُّ