الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ عَلَى النِّكَاحِ]
فَصْلٌ الشَّرْطُ الرَّابِعُ الشَّهَادَةُ عَلَى النِّكَاحِ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ خَوْفَ الْإِنْكَارِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «لَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ حُضُورِ أَرْبَعَةٍ: الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالشَّاهِدَانِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «الْبَغَايَا اللَّوَاتِي يُزَوِّجْنَ أَنْفُسَهُنَّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ غَيْرِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَهُوَ الْوَلَدُ فَاشْتُرِطَ فِيهِ الشَّهَادَةُ، ; لِئَلَّا يَجْحَدَهُ أَبُوهُ فَيَضِيعَ نَسَبُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ (إلَّا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذَا نَكَحَ أَوْ أَنْكَحَ لِأَمْنِ الْإِنْكَارِ (فَلَا يَنْعَقِدُ) النِّكَاحُ (إلَّا بِشَهَادَةِ ذَكَرَيْنِ بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ مُتَكَلِّمَيْنِ سَمِيعَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَوْ أَنَّ الزَّوْجَةَ ذِمِّيَّةٌ عَدْلَيْنِ وَلَوْ ظَاهِرًا) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الشَّهَادَةِ إعْلَانُ النِّكَاحِ وَإِظْهَارُهُ وَلِذَلِكَ يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَإِذَا حَضَرَ مَنْ يَشْتَهِرُ بِحُضُورِهِ صَحَّ (فَلَا يُنْقَضُ لَوْ بَانَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (فَاسْقِينَ) لِوُقُوعِ النِّكَاحِ فِي الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ وَالْبَوَادِي وَبَيْنَ عَامَّةِ النَّاسِ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ الْعَدَالَةِ فَاعْتِبَارُ ذَلِكَ يَشُقُّ فَاكْتُفِيَ بِظَاهِرِ الْحَالِ فِيهِ. قُلْتُ: وَكَذَا لَا يُنْقَضُ إنْ بَانَ الْوَلِيُّ فَاسِقًا (غَيْرَ مُتَّهَمَيْنِ لِرَحِمٍ) بِأَنْ لَا يَكُونَا مِنْ عَمُودَيْ نَسَبِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ الْوَلِيِّ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ أَبِي الزَّوْجَةِ أَوْ جَدِّهَا فِيهِ وَلَا ابْنِهَا وَابْنِهِ فِيهِ، وَكَذَا أَبُو الزَّوْجِ وَجِدُّهُ وَابْنُهُ وَابْنُ ابْنِهِ وَإِنْ نَزَلَ لِلتُّهْمَةِ وَكَذَا أَبُو الْوَلِيِّ وَابْنُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الشَّاهِدَيْنِ بَصِيرَيْنِ فَتَصِحُّ (وَلَوْ أَنَّهُمَا ضَرِيرَانِ) لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى قَوْلٍ أَشْبَهَتْ الِاسْتِفَاضَةَ، وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَتَيَقَّنَ الصَّوْتَ بِحَيْثُ لَا يَشُكُّ فِي الْعَاقِدَيْنِ كَمَا يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ رَآهُمَا (أَوْ) أَيْ. وَلَوْ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ (عَدُوَّا الزَّوْجَيْنِ أَوْ) عَدُوَّا (أَحَدِهِمَا، أَوْ) عَدُوَّا (الْوَلِيِّ) لِأَنَّهُمَا يَنْعَقِدُ بِهِمَا نِكَاحُ غَيْرِ هَذَيْنِ الزَّوْجَيْنِ فَانْعَقَدَ بِهِمَا نِكَاحُهُمَا كَسَائِرِ الْعُدُولِ (وَلَا يُبْطِلُهُ) أَيْ الْعَقْدَ (تَوَاصٍ بِكِتْمَانِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَعَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ مَكْتُومًا وَيُكْرَهُ كِتْمَانُهُ قَصْدًا
وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ أَنَّهُمَا مُتَنَاكِحَانِ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ مُبْهَمَيْنِ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِإِقْرَارِهِمَا
(وَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ بِخُلُوِّهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مِنْ الْمَوَانِعِ) لِلنِّكَاحِ كَالْعِدَّةِ وَالرِّدَّةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا (أَوْ) أَيْ وَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ عَلَى (إذْنِهَا) لِوَلِيِّهَا فِي الْعَقْدِ عَلَيْهَا اكْتِفَاءً بِالظَّاهِرِ (وَالِاحْتِيَاطُ الْإِشْهَادُ) بِخُلُوِّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ وَبِإِذْنِهَا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ
(وَإِنْ ادَّعَى زَوْجٌ إذْنَهَا) لِوَلِيِّهَا فِي الْعَقْدِ (وَأَنْكَرَتْ)
الزَّوْجَةُ إذْنَهَا لِوَلِيِّهَا (صُدِّقَتْ قَبْلَ دُخُولِ) زَوْجٍ بِهَا مُطَاوِعَةً، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَ (لَا) تُصَدَّقُ فِي إنْكَارِهَا الْإِذْنَ (بَعْدَهُ) أَيْ الدُّخُولِ بِهَا مُطَاوِعَةً، لِأَنَّ دُخُولَهُ بِهَا كَذَلِكَ دَلِيلُ كَذِبِهَا
الشَّرْطُ (الْخَامِسُ كَفَاءَةُ زَوْجٍ عَلَى رِوَايَةٍ) وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُتَقَدِّمِينَ (فَتَكُونُ) الْكَفَاءَةُ (حَقًّا لَلَهُ تَعَالَى وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (وَلِأَوْلِيَائِهَا كُلِّهِمْ فَ) عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ (لَوْ رَضِيَتْ) امْرَأَةٌ (مَعَ أَوْلِيَائِهَا بِ) تَزْوِيجِ (غَيْرِ كُفْءٍ لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ، لِفَوَاتِ شَرْطِهِ (وَلَوْ زَالَتْ) الْكَفَاءَةُ (بَعْدَ عَقْدٍ فَلَهَا فَقَطْ) دُونَ أَوْلِيَائِهَا (الْفَسْخُ) كَعِتْقِهَا تَحْتَ عَبْدٍ. قِيلَ لِأَحْمَدَ فِيمَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: اسْتَغْفِرْ اللَّهَ، فَالْمُعْتَبَرُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وُجُودُهَا حَالَ الْعَقْدِ. وَاحْتُجَّ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِأَنَّ مَنْعَهَا تَزْوِيجَ نَفْسِهَا ; لِئَلَّا تَضَعَهَا فِي غَيْرِ كُفْؤٍ فَبَطَلَ الْعَقْدُ لِتَوَهُّمِ الْعَارِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى، وَلِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَعَلَى) رِوَايَةٍ (أُخْرَى أَنَّهَا) أَيْ الْكَفَاءَةَ (شَرْطٌ لِلُّزُومِ) أَيْ لُزُومِ النِّكَاحِ (لَا لِلصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ. وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةُ بْنَ رَبِيعَةَ تَبَنَّى سَالِمًا وَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةُ وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ.» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
«وَأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تَنْكِحَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَنَكَحَهَا بِأَمْرِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْكَفَاءَةَ حَقٌّ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْمَرْأَةِ وَأَوْلِيَائِهَا فَإِذَا رَضُوا بِهِ صَحَّ ; لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِحَقِّهِمْ وَلَا حَجْرَ فِيهِ عَلَيْهِمْ (فَيَصِحُّ) النِّكَاحُ مَعَ فَقْدِ الْكَفَاءَةِ
(وَلِمَنْ لَمْ يَرْضَ) بِغَيْرِ كُفْءٍ بَعْدَ عَقْدٍ (مِنْ امْرَأَةٍ وَعَصَبَتِهَا حَتَّى مَنْ يَحْدُثُ) مِنْ عَصَبَتِهَا (الْفَسْخُ) لِعَدَمِ لُزُومِ النِّكَاحِ لِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ (فَ) يَجُوزُ أَنْ (يَفْسَخَ أَخٌ مَعَ رِضَا أَبٍ) لِأَنَّ الْعَارَ فِي تَزْوِيجِ غَيْرِ الْكُفْؤِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ (وَهُوَ) أَيْ خِيَارُ الْفَسْخِ لِفَقْدِ الْكَفَاءَةِ (عَلَى التَّرَاخِي) ; لِأَنَّهُ لِنَقْصٍ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَشْبَهَ خِيَارَ الْعَيْبِ (فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِإِسْقَاطِ عَصَبَةٍ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ) كَأَنْ مَكَّنَتْهُ عَالِمَةً بِأَنَّهُ غَيْرُ كُفْؤٍ.
وَيَحْرُمُ تَزْوِيجُ امْرَأَةٍ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِلَا رِضَاهَا وَيَفْسُقُ بِهِ الْوَلِيُّ (وَالْكَفَاءَةُ) لُغَةً الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُسَاوَاةُ وَمِنْهُ حَدِيثُ «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» أَيْ تَتَسَاوَى. فَدَمُ الْوَضِيعِ مِنْهُمْ كَدَمِ الرَّفِيعِ، وَهُنَا (دِينٌ فَلَا تُزَوَّجُ عَفِيفَةٌ) عَنْ زِنًا (بِفَاجِرٍ) أَيْ فَاسِقٍ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ اعْتِقَادٍ ; لِأَنَّهُ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ