الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَقْفُ عَلَى سُبُلِ الْخَيْرَاتِ. بَلْ كَانَ عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ مَنْ يَؤُمُّ أَوْ يُؤَذِّنُ أَوْ يَقُومُ بِهَذَا الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ (فَ) يَبِيعُهُ (نَاظِرٌ خَاصٌّ) إنْ كَانَ (وَالْأَحْوَطُ إذَنْ حَاكِمٌ لَهُ) لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْبَيْعَ عَلَى مَنْ سَيَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْمَوْجُودِينَ الْآنَ. أَشْبَهَ الْبَيْعَ عَلَى الْغَائِبِ (وَبِمُجَرَّدِ شِرَاءِ الْبَدَلِ) لِجِهَةِ الْوَقْفِ (يَصِيرُ وَقْفًا كَبَدَلِ أُضْحِيَّةٍ وَ) بَدَلِ (رَهْنٍ أُتْلِفَ) لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ، وَشِرَاءُ الْوَكِيلِ يَقَعُ لِمُوَكِّلِهِ. فَكَذَا هُنَا يَقَعُ شِرَاؤُهُ لِلْجِهَةِ الْمُشْتَرَى لَهَا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا وَقْفًا (وَالِاحْتِيَاطُ وَقْفُهُ) لِئَلَّا يَنْقُضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ لَا يَرَى وَقْفَهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ
[تَتِمَّةٌ لَا بَأْسَ بِتَغْيِيرِ حِجَارَةِ الْكَعْبَةِ إنْ عَرَضَ لَهَا مَرَمَّةٌ]
(تَتِمَّةٌ) فِي الْفُنُونِ لَا بَأْسَ بِتَغْيِيرِ حِجَارَةِ الْكَعْبَةِ إنْ عَرَضَ لَهَا مَرَمَّةٌ لِأَنَّ كُلَّ عَصْرٍ احْتَاجَتْ فِيهِ إلَيْهِ قَدْ فُعِلَ، وَلَمْ يَظْهَرْ نَكِيرٌ وَلَوْ تَعَيَّنَتْ الْآيَةُ لَمْ يَجُزْ كَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ، وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَلَا يَنْتَقِلُ النُّسُكُ مَعَهُ، كَآيِ الْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا عَنْ سُورَةٍ هِيَ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ إلَّا بِنَصٍّ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ «ضَعُوهَا فِي سُورَةِ كَذَا» قَالَ: وَلِهَذَا حَسَمَ صلى الله عليه وسلم مَادَّة التَّغْيِيرِ فِي إدْخَالِ الْحَجَرِ إلَى الْبَيْتِ. وَيُكْرَهُ نَقْلُ حِجَارَتِهَا عِنْدَ عِمَارَتِهَا إلَى غَيْرِهَا. كَمَا لَا يَجُوزُ ضَرْبُ تُرَابِ الْمَسَاجِدِ لَبِنًا فِي غَيْرِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُعَلَّى أَبْنِيَتُهَا زِيَادَةً عَلَى مَا وُجِدَ مِنْ عُلُوِّهَا وَإِنَّهُ يُكْرَهُ الصَّكُّ فِيهَا وَفِي أَبْنِيَتِهَا إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ الْبِنَاءُ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ. لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَوْلَا الْمُعَارَضُ فِي زَمَنِهِ لَفَعَلَهُ كَمَا فِي خَبَرِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا.
قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّوَابِ لِأَجْلِ قَالَةِ النَّاسِ. وَرَأَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ تَرْكُهُ أَوْلَى لِئَلَّا يَصِيرَ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ
(وَفَضْلُ غَلَّةٍ مَوْقُوفٌ عَلَى مُعَيَّنٍ) كَزَيْدٍ أَوْ وَلَدِهِ (اسْتِحْقَاقُهُ مُقَدَّرٌ) بِأَنْ قَالَ: يُعْطِي مِنْ رِيعِهِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَرِيعُهُ أَكْثَرُ (يَتَعَيَّنُ إرْصَادُهُ) أَيْ الْفَضْلُ لِأَنَّهُ رُبَمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ بَعْدُ (وَمَنْ وَقَفَ عَلَى ثَغْرٍ فَاخْتَلَّ) الثَّغْرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (صَرَفَ) مَا وَقَفَ عَلَيْهِ (فِي ثَغْرٍ مِثْلِهِ وَعَلَى قِيَامِهِ) أَيْ الثَّغْرِ (مَسْجِدٌ وَرِبَاطٌ وَنَحْوُهُمَا) كَسِقَايَةٍ. فَإِذَا تَعَذَّرَ الصَّرْفُ فِيهَا صَرَفَ فِي مِثْلِهَا تَحْصِيلًا لِغَرَضِ الْوَاقِفِ حَسَبَ الْإِمْكَانَ (وَنَصَّ) أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ (فِي مَنْ وَقَفَ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَانْحَرَفَ الْمَاءُ بِرَصْدٍ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ) أَيْ الْمَاءُ إلَى الْقَنْطَرَةِ فَيَصْرِفُ عَلَيْهَا مَا وَقَفَ عَلَيْهَا (وَمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ) أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَسْجِدًا كَانَ أَوْ رِبَاطًا وَنَحْوَهُ (مِنْ حُصْرِ وَزَيْتٍ وَمَغَلٍّ
وَأَنْقَاضٍ وَآلَةٍ) جَدِيدَةٍ (وَثَمَنِهَا) أَيْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إنْ بِيعَتْ (يَجُوزُ صَرْفُهُ فِي مِثْلِهِ) فَإِنْ فَضَلَ عَنْ مَسْجِدٍ صُرِفَ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى رِبَاطٍ فَفِي رِبَاطٍ.
(وَ) يَجُوزُ صَرْفُهُ (إلَى فَقِيرٍ) نَصًّا. وَاحْتَجَّ بِأَنَّ شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ الْحَجَبِيَّ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِخِلْقَانِ الْكَعْبَةِ. وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ: أَنَّ عَائِشَةَ أَمَرَتْهُ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ مَالُ اللَّهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَصْرِفٌ فَجَازَ صَرْفُهُ لِلْفُقَرَاءِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ جَوَازَ صَرْفِهِ فِي مِثْلِهِ وَفِي سَائِرِ الْمَصَالِحِ وَبِنَاءِ مَسَاكِنَ لِمُسْتَحِقِّ رِيعِهِ الْقَائِمِ بِمَصْلَحَتِهِ قَالَ: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ رِيعَهُ يَفْضُلُ عَنْهُ دَائِمًا وَجَبَ صَرْفُهُ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فَسَادٌ وَلَا مَانِعَ مِنْ إعْطَائِهِ فَرْقَ مَا قَدَّرَهُ لَهُ وَالْوَاقِفِ. لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَكَلَامُ غَيْرِهِ مَعْنَاهُ. وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ النَّاظِرِ صَرْفُ الْفَاضِلِ
(وَيَحْرُمُ حَفْرُ بِئْرٍ) بِمَسْجِدٍ وَلَوْ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ. لِأَنَّ الْبُقْعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ لِلصَّلَاةِ فَتَعْطِيلُهَا عُدْوَانٌ.
(وَ) يَحْرُمُ (غَرْسُ شَجَرَةٍ بِمَسْجِدٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ حَفَرَ الْبِئْرَ أَوْ غَرَسَ الشَّجَرَةَ (طُمَّتْ) الْبِئْرُ نَصًّا (وَقُلِعَتْ) الشَّجَرَةُ نَصًّا.
قَالَ أَحْمَدُ: غُرِسَتْ بِغَيْرِ حَقِّ ظَالِمٍ غَرَسَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ قَلْعُهَا بِوَاحِدٍ.
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ: أَنَّهُ لِلْإِمَامِ (فَإِنْ لَمْ تُقْلَعْ) الشَّجَرَةُ وَأَثْمَرَتْ (فَثَمَرَتُهَا لِمَسَاكِينِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْأَقْرَبُ حِلُّهُ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْمَسَاكِينِ (وَإِنْ غُرِسَتْ) الشَّجَرَةُ (قَبْلَ بِنَائِهٍ) أَيْ الْمَسْجِدِ (وَوُقِفَتْ) الشَّجَرَةُ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْمَسْجِدِ (فَإِنْ عَيَّنَ) الْوَاقِفُ (مَصْرِفَهَا) بِأَنْ قَالَ: تُصْرَفُ ثَمَرَتُهَا فِي حُصْرٍ أَوْ زَيْتٍ وَنَحْوِهِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِ (عُمِلَ بِهِ) أَيْ بِمَا عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ (وَإِلَّا) يُعَيَّنْ مَصْرِفُهَا (فَكَ) وَقْفٍ (مُنْقَطِعٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَصْرِفَهَا (وَيَجُوزُ رَفْعُ مَسْجِدٍ أَرَادَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ) أَيْ جِيرَانُ الْمَسْجِدِ (ذَلِكَ) أَيْ رَفْعَهُ (وَجَعْلَ سُفْلِهِ سِقَايَةً وَحَوَانِيتَ) يُنْتَفَعُ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَ (لَا) يَجُوزُ (نَقْلُهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ إلَى مَكَان غَيْرِ مَكَانَهُ الْأَوَّلِ وَلَوْ خَرِبَ (مَعَ إمْكَانَ عِمَارَتِهِ) وَلَوْ (دُونَ) الْعِمَارَةِ (الْأُولَى) بِحَسَبِ النَّمَاءِ. قَالَهُ فِي الْفُنُونِ. وَغَلِطَ جَمَاعَةٌ أَفْتَوْا بِخِلَافِهِ. وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيَةُ الْمَسْجِدِ وَلَا مِحْرَابِهِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ. وَمَنْ جَعَلَ سُفْلَ بَيْتِهِ مَسْجِدًا انْتَفَعَ بِسَطْحِهِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا. وَأَنَّهُ جَعَلَ السَّطْحَ مَسْجِدًا انْتَفَعَ بِأَسْفَلِهِ. لِأَنَّ السَّطْحَ لَا يَحْتَاجُ إلَى سُفْلٍ. ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ يَخْرُجُ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ وَاقِفِي الْمَسَاجِدِ مِنْ الْبُيُوتِ الَّتِي بِجَوَانِبِهِ، وَبَعْضُهَا عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْمَسْجِدِيَّةِ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمَهُ.