الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَسْتَأْجِرَ) مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إنْسَانًا (حَتَّى شَرِيكِهِ لِفِعْلِهِ إذَا كَانَ) فِعْلُهُ (مِمَّا لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهُ إلَّا بِعَمَلٍ كَنَقْلِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ) كَكَيْلِهِ، وَاسْتِئْجَارُ غَرَائِرَ شَرِيكِهِ لِنَقْلِهِ فِيهَا، أَوْ دَارِهِ لِيُحْرِزَ فِيهَا نَصًّا (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: الشَّرِيكِ (فِعْلُهُ) أَيْ: مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ تَوَلِّيهِ بِنَفْسِهِ (لِيَأْخُذَ أُجْرَتَهُ) بِلَا اسْتِئْجَارِ صَاحِبِهِ لَهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ تَبَرَّعَ بِمَا لَا يَلْزَمُهُ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، كَالْمَرْأَةِ الَّتِي تَسْتَحِقُّ الِاسْتِخْدَامَ إذَا خَدَمَتْ نَفْسَهَا.
وَيَحْرُمُ عَلَى شَرِيكٍ فِي زَرْعٍ فَرْكُ شَيْءٍ مِنْ سُنْبُلِهِ يَأْكُلُهُ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ (وَبَذْلُ خِفَارَةٍ وَعُشْرٍ عَلَى الْمَالِ) فَيَحْتَسِبُهُ الشَّرِيكُ أَوْ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. قَالَ أَحْمَدُ: مَا أُنْفِقَ عَلَى الْمَالِ فَعَلَى الْمَالِ (وَكَذَا) مَا يُبْذَلُ (لِمُحَارِبٍ وَنَحْوِهِ) وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ مِنْ مَالِ يَتِيمٍ وَلَا يُنْفِقُ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ. وَالْأَحْوَطُ: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ النَّفَقَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا.
[فَصْلٌ الِاشْتِرَاطُ فِي الشَّرِكَة نَوْعَانِ]
فَصْلٌ (وَالِاشْتِرَاطُ فِيهَا) أَيْ: الشَّرِكَةِ (نَوْعَانِ) : نَوْعٌ (صَحِيحٌ، كَأَنْ) يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ (أَنْ لَا يَتَّجِرَ إلَّا فِي نَوْعِ كَذَا) كَالْحَرِيرِ وَالْبَزِّ وَثِيَابِ الْكَتَّانِ وَنَحْوِهَا، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَعُمُّ وُجُودُهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ أَوْ لَا (أَوْ) يَشْتَرِطَ أَنْ لَا يَتَّجِرَ إلَّا فِي (بَلَدٍ بِعَيْنِهِ) كَمَكَّةَ أَوْ دِمَشْقَ (أَوْ) أَنْ (لَا يَبِيعَ إلَّا بِنَقْدِ كَذَا) كَدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ صِفَتُهَا كَذَا (أَوْ) أَنْ لَا يَشْتَرِيَ وَلَا يَبِيعَ إلَّا (مِنْ فُلَانٍ، أَوْ) أَنْ (لَا يُسَافِرَ بِالْمَالِ) ; لِأَنَّ الشَّرِكَة تَصَرُّفٌ بِإِذْنٍ فَصَحَّ تَخْصِيصُهَا بِالنَّوْعِ وَالْبَلَدِ وَالنَّقْدِ وَالشَّخْصِ كَالْوَكَالَةِ. .
(وَ) نَوْعٌ (فَاسِدٌ وَهُوَ قِسْمَانِ) : قِسْمٌ (مُفْسِدٌ لَهَا) أَيْ: الشَّرِكَةِ (وَهُوَ مَا يَعُودُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ) كَشَرْطِ دِرْهَمٍ لِزَيْدٍ الْأَجْنَبِيِّ وَالْبَاقِي مِنْ الرِّبْحِ لَهُمَا، أَوْ اشْتِرَاطِ رِبْحِ مَا يُشْتَرَى مِنْ رَقِيقٍ لِأَحَدِهِمَا وَمَا يُشْتَرَى مِنْ ثِيَابٍ لِلْآخَرِ، أَوْ لِأَحَدِهِمَا رِبْحُ هَذَا الْكِيسِ وَلِلْآخَرِ رِبْحُ الْكِيسِ الْآخَرِ.
وَتَقَدَّمَ أَشْيَاءُ مِنْ نَظَائِرِهِ فَتَفْسُدُ الشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ بِذَلِكَ ; لِإِفْضَائِهِ إلَى جَهْلِ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الرِّبْحِ أَوْ إلَى فَوَاتِهِ ; وَلِأَنَّ الْجَهَالَةَ تَمْنَعُ مِنْ التَّسْلِيمِ فَتُفْضِي إلَى التَّنَازُعِ. .
(وَ) قِسْمٌ فَاسِدٌ (غَيْرُ مُفْسِدٍ) لِلشَّرِكَةِ نَصًّا (كَ) اشْتِرَاطِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (ضَمَانَ الْمَالِ) إنْ تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ (أَوْ أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ الْوَضِيعَةِ) أَيْ: الْخَسَارَةِ (أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ مَالِهِ، أَوْ أَنْ يُوَلِّيَهُ) أَيْ: أَنْ يُعْطِيَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ (مَا يَخْتَارُ مِنْ السِّلَعِ) الَّتِي يَشْتَرِيهَا (أَوْ) أَنْ (يَرْتَفِقَ بِهَا) كَلُبْسِ ثَوْبٍ أَوْ اسْتِخْدَامِ
عَبْدٍ أَوْ رُكُوبِ دَابَّةٍ.
أَوْ يَشْتَرِطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْمُضَارَبَةِ أَنْ يُضَارِبَ فِي مَالٍ آخَرَ، أَوْ يَأْخُذَهُ بِضَاعَةً أَوْ قَرْضًا، أَوْ يَخْدُمَهُ فِي كَذَا أَوْ أَنَّهُ مَتَى بَاعَ السِّلْعَةَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ (أَوْ) أَنْ (لَا يَفْسَخَ الشَّرِكَةَ مُدَّةَ كَذَا) أَوْ أَبَدًا أَوْ أَنْ لَا يَبِيعَ إلَّا بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى مِنْهُ، أَوْ أَنْ لَا يَبِيعَ فِيهَا وَلَا يَشْتَرِيَ وَنَحْوَهُ. فَهَذِهِ الشُّرُوطُ كُلُّهَا فَاسِدَةٌ ; لِتَفْوِيتِهَا الْمَقْصُودَ مِنْ عَقْدِ الشَّرِكَةِ، أَوْ مَنْعَ الْفَسْخِ الْجَائِزِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ، وَالشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةٌ كَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهِمَا.
(وَإِذَا فَسَدَتْ) الشَّرِكَةُ بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ أَوْ غَيْرِهَا (قُسِّمَ رِبْحُ شَرِكَةِ عِنَانٍ) وَرِبْحُ شَرِكَةِ وُجُوهٍ عَلَى (قَدْرِ الْمَالَيْنِ) ; لِأَنَّهُ نَمَاؤُهُمَا كَمَا لَوْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْ غَيْرِ الشَّرِيكَيْنِ.
(وَ) قُسِّمَ (أَجْرُ مَا تَقَبَّلَاهُ) أَيْ: الشَّرِيكَانِ مِنْ عَمَلٍ (فِي شَرِكَةِ أَبْدَانٍ) عَلَيْهِمَا (بِالسَّوِيَّةِ) اُسْتُحِقَّ بِالْعَمَلِ وَهُوَ مِنْهُمَا (وَوُزِّعَتْ) أَيْ: قُسِّمَتْ (وَضِيعَةٌ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلٍّ) مِنْ الشُّرَكَاءِ (وَرَجَعَ كُلٌّ مِنْ شَرِيكَيْنِ فِي) شَرِكَةِ (عِنَانٍ وَ) شَرِكَةِ (وُجُوهٍ وَ) شَرِكَةِ (أَبْدَانٍ بِأُجْرَةِ نِصْفِ عَمَلِهِ) ; لِعَمَلِهِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِعَقْدٍ يَبْتَغِي بِهِ الْفَضْلَ فِي ثَانِي الْحَالِ فَوَجَبَ أَنْ يُقَابِلَ الْعَمَلَ فِيهِ عِوَضٌ كَالْمُضَارَبَةِ.
فَإِذَا كَانَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا مَثَلًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَالْآخَرِ خَمْسَةً تَقَاصَّا بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ وَرَجَعَ ذُو الْعَشَرَةِ بِدِرْهَمَيْنِ ونِصْفٍ (وَ) يَرْجِعُ كُلٌّ (مِنْ ثَلَاثَةِ) شُرَكَاءَ عَلَى شَرِيكِهِ (بِأُجْرَةِ ثُلُثَيْ عَمَلِهِ) وَمِنْ أَرْبَعَةٍ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ. وَهَكَذَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرِيكَيْنِ.
(وَمَنْ تَعَدَّى) مِنْ الشُّرَكَاءِ بِمُخَالَفَةٍ وَإِتْلَافٍ (ضَمِنَ) أَيْ: صَارَ ضَامِنًا لِمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ، صَحَّتْ الشَّرِكَةُ أَوْ فَسَدَتْ لِتَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ كَالْغَاصِبِ (وَرِبْحِ مَالٍ) تَعَدَّى فِيهِ (لِرَبِّهِ) نَصًّا ; لِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالٍ تَصَرَّفَ فِيهِ غَيْرُ مَالِكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَكَانَ لِمَالِكِهِ كَمَا لَوْ غَصَبَهُ حِنْطَةً وَزَرَعَهَا.
(وَعَقْدٌ فَاسِدٌ فِي كُلِّ أَمَانَةٍ وَتَبَرُّعٍ كَمُضَارَبَةٍ وَشَرِكَةٍ وَوَكَالَةٍ الْوَدِيعَةٍ وَرَهْنٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهَا) كَهَدِيَّةٍ وَوَقْفٍ (كَ) عَقْدٍ (صَحِيحٍ فِي ضَمَانٍ وَعَدَمِهِ) فَلَا يَضْمَنُ مِنْهَا مَا لَا يَضْمَنُ فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ ; لِدُخُولِهِمَا عَلَى ذَلِكَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ قَابِضُ الزَّكَاةِ إذَا كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ لِقَبْضِهَا مَا قَبَضَهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِهِ، وَهُوَ مُفَرِّطٌ بِقَبْضِ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ قَبْضُهُ، فَهُوَ مِنْ الْقَبْضِ الْبَاطِلِ لَا الْفَاسِدِ (وَكُلُّ) عَقْدٍ (لَازِمٍ يَجِبُ الضَّمَانُ فِي صَحِيحِهِ يَجِبُ فِي فَاسِدِهِ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَنِكَاحٍ وَنَحْوِهَا) كَقَرْضٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْعُقُودِ إنْ أَوْجَبَ الضَّمَانَ