الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُدَبَّرَةً لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ بِعَبْدٍ عَلَى مِائَتَيْنِ مَهْرًا ثُمَّ مَاتَ) السَّيِّدُ (عَتَقَتْ وَلَا فَسْخَ) أَيْ لَا خِيَارَ لَهَا إنْ مَاتَ سَيِّدُهَا (قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (; لِئَلَّا يَسْقُطَ الْمَهْرُ) لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا (فَلَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَرِقُّ بَعْضُهَا) فَيُفْضِي إثْبَاتُ الْخِيَارِ لَهَا إلَى إسْقَاطِهِ (فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ) فَيُعَايَا بِهَا (فَهَذِهِ) الصُّورَةُ (مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ كَلَامِ مَنْ أَطْلَقَ) مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ مَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ لَهَا الْخِيَارُ وَإِذَا زَادَ زَوْجُ الْعَتِيقَةِ فِي مَهْرِهَا بَعْدَ عِتْقِهَا فَالزِّيَادَةُ لَهَا دُونَ سَيِّدِهَا حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا عَتَقَ مَعَهَا أَوْ لَا قَالَ فِي الشَّرْحِ وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا لَوْ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا ثُمَّ بَاعَهَا فَزَادَ زَوْجُهَا فِي مَهْرِهَا فَالزِّيَادَةُ لِلثَّانِي.
(وَلِمَالِكِ زَوْجَيْنِ بَيْعُهُمَا وَ) لَهُ بَيْعُ (أَحَدِهِمَا وَلَا فُرْقَةَ بِذَلِكَ) أَيْ بَيْعِ السَّيِّدِ ; لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَهُ عَبْدٌ وَأَمَةٌ مُتَزَوِّجَانِ إذَا أَرَادَ عِتْقَهُمَا الْبُدَاءَةُ بِالرَّجُلِ ; لِئَلَّا يَثْبُتَ لَهَا عَلَيْهِ خِيَارٌ فَتَفْسَخُ نِكَاحَهُ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّهُ كَانَ لَهَا غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ فَتَزَوَّجَا فَقَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْتِقَهُمَا، فَقَالَ لَهَا: ابْدَئِي بِالرَّجُلِ قَبْلَ الْمَرْأَةِ» وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ " أَنَّهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ وَقَالَتْ لِلرَّجُلِ: إنْ بَدَأَتْ بِعِتْقِك ; لِئَلَّا يَكُونَ لَهَا عَلَيْك خِيَارٌ ".
[بَابُ حُكْمِ الْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ]
أَيْ بَيَانِ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ مِنْهَا وَمَا لَا خِيَارَ بِهِ (وَأَقْسَامُهَا) أَيْ الْعُيُوبِ (الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ ثَلَاثَةٌ) . مِنْهَا (قِسْمٌ يَخْتَصُّ بِالرَّجُلِ) وَثُبُوتِ الْخِيَارِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا وَجَدَ بِالْآخَرِ عَيْبًا فِي الْجُمْلَةِ. رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ ; لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْوَطْءَ، فَأَثْبَتَ الْخِيَارَ كَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي النِّكَاحِ فَجَازَ رَدُّهَا بِعَيْبٍ كَالصَّدَاقِ، وَلِأَنَّ الرَّجُلَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ بِالْعَيْبِ فِي الْآخَرِ كَالْمَرْأَةِ.
وَأَمَّا الْعَمَى وَالزَّمَانَةُ وَنَحْوَهُمَا فَلَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ الْوَطْءُ، بِخِلَافِ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَالْجُنُونِ، فَإِنَّهَا تُوجِبُ نَفْرَةً تَمْنَعُ مِنْ قُرْبَانِهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَيُخَافُ مِنْهُ التَّعَدِّيَ إلَى نَفْسِهِ وَنَسْلِهِ. وَالْمَجْنُونُ يُخَافُ مِنْهُ الْجِنَايَةُ فَهُوَ كَالْمَانِعِ الْحِسِّيِّ (وَهُوَ) أَيْ الْقِسْمُ الْمُخْتَصُّ بِالرَّجُلِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ أَحَدُهَا (كَوْنُهُ) أَيْ الرَّجُلِ (قَدْ قُطِعَ ذَكَرُهُ) كُلُّهُ (أَوْ) قُطِعَ
(بَعْضُهُ وَلَمْ يَبْقَ) مِنْهُ (مَا يُمْكِنُ جِمَاعٌ بِهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا) إنْ اخْتَلَفَا (فِي) إمْكَانِ الْوَطْءِ بِمَا بَقِيَ مِنْهُ وَ (عَدَمِ إمْكَانِهِ) أَيْ الْوَطْءِ ; لِأَنَّهُ يَضْعُفُ بِالْقَطْعِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوَطْءِ. الشَّيْءُ الثَّانِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ قُطِعَ خُصْيَتَاهُ أَوْ رُضَّتْ بَيْضَتَاهُ) أَيْ عِرْقُهُمَا حَتَّى يَنْفَسِخَ (أَوْ سُلَّا) أَيْ بَيْضَتَاهُ ; لِأَنَّ فِيهِ نَقْصًا يَمْنَعُ الْوَطْءَ أَوْ يُضْعِفُهُ.
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ ابْنَ سَعْدٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ خَصِيٌّ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَعْلَمْتَهَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَعْلِمْهَا ثُمَّ خَيِّرْهَا الشَّيْءُ الثَّالِثُ: أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ عِنِّينًا لَا يُمْكِنُهُ وَطْءٌ وَلَوْ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ) لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ عَنَّ يَعِنُّ إذَا اعْتَرَضَ ; لِأَنَّ ذَكَرَهُ يَعِنُّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُولِجَهُ أَيْ يَعْتَرِضَ ; وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لِامْرَأَةِ الْعِنِّينِ بَعْدَ تَأْجِيلِهِ سَنَةً.
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَعَلَيْهِ فَتْوَى فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ ; لِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سُمِّيَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ، وَلِأَنَّهُ عَيْبٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ فَأَثْبَتَ الْخِيَارَ كَالْجَبِّ. وَأَمَّا قِصَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَلَمْ تَثْبُتْ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ صَحَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ طَلَاقِهِ فَلَا مَعْنَى لِضَرْبِ الْمُدَّةِ (فَإِنْ) عُلِمَ أَنَّ عَجْزَهُ عَنْ الْوَطْءِ لِعَارِضٍ كَصِغَرٍ وَمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ، لَمْ تُضْرَبْ لَهُ الْمُدَّةُ. فَإِنْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عُنَّةَ زَوْجِهَا (وَأَقَرَّ بِالْعُنَّةِ أَوْ ثَبَتَتْ) عُنَّتُهُ (بِبَيِّنَةٍ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَالثِّقَةِ عُمِلَ بِهَا (أَوْ عَدِمَا) أَيْ الْإِقْرَارُ وَالْبَيِّنَةُ (فَطَلَبَتْ يَمِينَهُ فَنَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (وَلَمْ يَدَّعِ وَطْئًا) قَبْلَ دَعْوَاهَا (أُجِّلَ سَنَةً هِلَالِيَّةً) وَلَوْ عَبْدًا (مُنْذُ تَرَافُعِهِ) ; لِأَنَّهُ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّ الْعَجْزَ قَدْ يَكُونُ لِعُنَّةٍ وَقَدْ يَكُونُ لِمَرَضٍ فَضُرِبَتْ لَهُ سَنَةٌ لِتَمُرَّ بِهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ. فَإِنْ كَانَ مِنْ يَبَسٍ زَالَ فِي فَصْلِ الرُّطُوبَةِ وَبِالْعَكْسِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ بُرُودَةٍ زَالَ فِي فَصْلِ الْحَرَارَةِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ احْتِرَاقِ مَزَاجٍ زَالَ فِي فَصْلِ الِاعْتِدَالِ.
فَإِنْ مَضَتْ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَلَمْ يَزُلْ عُلِمَ أَنَّهَا خِلْقَةٌ (وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ مِنْهَا) أَيْ السَّنَةِ (مَا اعْتَزَلَتْهُ) أَيْ مُدَّةُ اعْتِزَالِ الزَّوْجَةِ لَهُ (فَقَطْ) لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ قِبَلِهَا وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ أَوْ سَافَرَ اُحْتُسِبَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ (فَإِنْ مَضَتْ) السَّنَةُ (وَلَمْ يَطَأْ. فَلَهَا الْفَسْخُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ قَالَ: وَطِئْتُهَا وَأَنْكَرَتْ) وَطْأَهُ (وَهِيَ ثَيِّبٌ فَقَوْلُهَا إنْ ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ) قَبْلَ دَعْوَاهُ وَطْأَهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ
الْوَطْءِ وَقَدْ انْضَمَّ إلَيْهِ وُجُودُ مَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ وَهُوَ ثُبُوتُ الْعُنَّةِ (وَإِلَّا) تَثْبُتْ عُنَّتُهُ قَبْلَ دَعْوَاهُ وَطْأَهَا.
(فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهُ) ; لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ (وَإِنْ كَانَتْ) مُدَّعِيَةً عُنَّتَهُ (بِكْرًا وَثَبَتَتْ عُنَّتُهُ وَبَكَارَتُهَا أُجِّلَ) سَنَةً كَامِلَةً كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا ; لِأَنَّ وُجُودَ الْعُذْرَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ ; لِأَنَّهُ يُزِيلُهَا (وَعَلَيْهَا الْيَمِينُ إنْ قَالَ) زَوْجُهَا (أَزَلْتُهَا) أَيْ الْبَكَارَةَ (وَعَادَتْ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ (وَإِنْ أُشْهِدَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ (بِزَوَالِهَا) أَيْ الْبَكَارَةِ (لَمْ يُؤَجَّلْ) ; لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْعِنِّينِ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهَا لِثُبُوتِ زَوَالِ بَكَارَتِهَا. (وَحَلَفَ) لُزُومًا (إنْ قَالَتْ زَالَتْ) بَكَارَتُهَا (بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ وَطْئِهِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهَا (وَكَذَا) لَا يُؤَجَّلُ (إنْ لَمْ تَثْبُتْ عُنَّتُهُ)(وَادَّعَاهُ) أَيْ الْوَطْءَ وَلَوْ مَعَ دَعْوَاهَا الْبَكَارَةَ وَلَمْ تَثْبُتْ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الرِّجَالِ السَّلَامَةُ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ لِقَطْعِ دَعْوَاهَا فَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ (وَمَتَى اعْتَرَفَتْ بِوَطْئِهِ) أَيْ زَوْجِهَا (فِي قُبُلٍ) لَهَا (بِنِكَاحٍ تَرَفُّعًا فِيهِ وَلَوْ) قَالَتْ وَطِئَنِي (مَرَّةً) وَاحِدَةً (أَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ رِدَّةٍ وَنَحْوِهِ) كَصَوْمٍ وَاجِبٍ.
(وَلَوْ) كَانَ إقْرَارُهَا بِالْوَطْءِ (بَعْدَ ثُبُوتِ عُنَّتِهِ فَقَدْ زَالَتْ) عُنَّتُهُ لِإِقْرَارِهَا بِمَا يَتَضَمَّنُ زَوَالَهَا وَهُوَ الْوَطْءُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ إقْرَارُهَا بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ قَبْلَ ثُبُوتِ عُنَّتِهِ (فَلَيْسَ بِعِنِّينٍ) لِاعْتِرَافِهَا بِمَا يُنَافِي دَعْوَاهَا، وَلِأَنَّ حُقُوقَ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ اسْتِقْرَارِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ تَثْبُتُ بِالْوَطْءِ مَرَّةً وَقَدْ وُجِدَ (وَلَا تَزُولُ عُنَّةٌ بِوَطْءِ غَيْرِ مُدَّعِيَةٍ) وَلَوْ فِي قُبُلٍ ; لِأَنَّ حُكْمَ كُلِّ امْرَأَةٍ يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهَا، وَلِأَنَّ الْفَسْخَ بِدَفْعِ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِعَجْزِهِ عَنْ وَطْئِهَا وَهُوَ لَا يَزُولُ بِوَطْءِ غَيْرِهَا (أَوْ) أَيْ وَلَا تَزُولُ عُنَّةٌ بِوَطْءِ مُدَّعِيَةٍ (فِي دُبُرٍ) ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْوَطْءِ أَشْبَهَ الْوَطْءَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَلِذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إحْصَانٌ وَلَا إحْلَالٌ لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا. (وَمَجْنُونٌ ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ كَعَاقِلٍ فِي ضَرْبِ الْمُدَّةِ) لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْفَسْخِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِالْعَجْزِ عَنْ الْوَطْءِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمَجْنُونُ وَغَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ عُنَّتُهُ لَمْ تُضْرَبْ لَهُ مُدَّةٌ.
(وَمَنْ حَدَثَ بِهَا جُنُونٌ فِيهَا) أَيْ الْمُدَّةِ الَّتِي ضُرِبَتْ لِزَوْجِهَا الْعِنِّينِ (حَتَّى انْتَهَتْ) الْمُدَّةِ (وَلَمْ يَطَأْ فَلِوَلِيِّهَا) أَيْ الْمَجْنُونَةِ (الْفَسْخُ) لِتَعَذُّرِهِ مِنْ جِهَتِهَا وَتَحَقُّقِ احْتِيَاجِهَا لِلْوَطْءِ بِدَلِيلِ طَلَبِهَا قَبْلَ جُنُونِهَا (وَيَسْقُطُ حَقُّ زَوْجَةِ عِنِّينٍ وَ) زَوْجَةِ (مَقْطُوعٍ بَعْضُ ذَكَرِهِ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ) مِنْ سَلِيمِهَا كَسَائِرِ أَحْكَامِ الْوَطْءِ (أَوْ) تَغْيِيبِ
(قَدْرِهَا) أَيْ الْحَشَفَةِ مِنْ مَقْطُوعِهَا لِيَكُونَ مَا يَجْزِي مِنْ الْمَقْطُوعِ مِثْلَ مَا يَجْزِي مِنْ الصَّحِيحِ
. (وَقِسْمٌ) مِنْ الْعُيُوبِ يَخْتَصُّ (بِالْمَرْأَةِ) وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ (وَهُوَ كَوْنُ فَرْجِهَا مَسْدُودًا لَا يَسْلُكُهُ ذَكَرٌ فَإِنْ كَانَ) ذَلِكَ (بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فَ) هِيَ (رَتْقَاءُ) بِالْمَدِّ فَالرَّتْقُ تَلَاحُمُ الشُّفْرَيْنِ خِلْقَةً (وَإِلَّا) يَكُنْ ذَلِكَ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ (فَ) هِيَ (قَرْنَاءُ وَعَفْلَاءُ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالْخِرَقِيِّ أَنَّ الْقَرْنَ وَالْعَفَلَ فِي الْعُيُوبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَقَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ الْقَرْنَاءُ مَنْ نَبَتَ فِي فَرْجِهَا لَحْمٌ زَائِدٌ فَسَدَّهُ، وَالْعَفَلُ وَرَمٌ يَكُونُ فِي اللُّجْنَةِ الَّتِي بَيْنَ مَسْلَكَيْ الْمَرْأَةِ فَيَضِيقُ مِنْهُ فَرْجُهَا فَلَا يَنْفُذُ فِيهِ الذَّكَرُ حَكَاهُ الْأَزْهَرِيُّ فَهُمَا مُتَغَايِرَانِ وَقِيلَ الْقَرْنُ عَظْمٌ وَالْعَفَلُ رَغْوَةٌ فِيهِ تَمْنَعُ لَذَّةَ الْوَطْءِ وَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ عَلَى كُلِّ الْأَقْوَالِ (أَوْ بِهِ) أَيْ الْفَرْجِ (بَخَرٌ) أَيْ نَتْنٌ يَثُورُ عِنْدَ الْوَطْءِ (أَوْ) بِالْفَرْجِ (قُرُوحٌ سَائِلَةٌ أَوْ كَوْنُهَا فَتْقَاءَ بِانْخِرَاقِ مَا بَيْنَ سَبِيلَيْهَا أَوْ) بِانْخِرَاقِ (مَا بَيْنَ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ أَوْ) كَوْنُهَا (مُسْتَحَاضَةً) فَيَثْبُتُ لِلزَّوْجِ الْخِيَارُ بِكُلٍّ مِنْ هَذِهِ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَقِسْمٌ مُشْتَرَكٌ) بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ (وَهُوَ الْجُنُونُ وَلَوْ كَانَ) يَخْنِقُ (أَحْيَانًا) وَإِنْ زَالَ الْعَقْلُ بِمَرَضٍ فَإِغْمَاءٍ لَا خِيَارَ بِهِ فَإِنْ زَالَ الْمَرَضُ وَدَامَ فَجُنُونٌ (وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَبَخَرُ فَمٍ) أَيْ نَتْنُهُ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُسْتَعْمَلُ لَهُ السِّوَاكُ وَيَأْخُذُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَرَقَةَ آسٍ مَعَ زَبِيبٍ مَنْزُوعِ الْعَجَمِ بِقَدْرِ الْجَوْزَةِ، وَاسْتِعْمَالُ الْكُرْسُفِ وَمَضْغُ النَّعْنَاعِ جَيِّدٌ فِيهِ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالدَّوَاءُ الْقَوِيُّ لِعِلَاجِهِ أَنْ يَتَغَرْغَرَ بِالصَّبْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى الرِّيقِ وَوَسَطِ النَّهَارِ وَعِنْدَ النَّوْمِ وَيَتَمَضْمَضُ بِالْخَرْدَلِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ ثَلَاثَةً أُخَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ فَمُهُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ وَإِمْسَاكُ الذَّهَبِ فِي الْفَمِ يُزِيلُ الْبَخَرِ (وَاسْتِطْلَاقُ بَوْلٍ وَ) اسْتِطْلَاقُ (نَجْوٌ) أَيْ غَائِطٍ (وَبَاسُورٌ وَنَاصُورٌ) دَاءَانِ بِالْمَقْعَدَةِ مَعْرُوفَانِ (وَقَرَعُ رَأْسٍ وَلَهُ رِيحٌ مُنْكَرَةٌ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِيحٌ كَذَلِكَ فَلَا فَسْخَ بِهِ (وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا خُنْثَى) غَيْرَ مُشْكِلٍ ; لِأَنَّ الْمُشْكِلَ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ وَتَقَدَّمَ (فَيُفْسَخُ بِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ) لِمَا فِيهِ مِنْ النُّفْرَةِ أَوْ النَّقْصِ أَوْ خَوْفِ تَعَدِّي أَذَاهُ أَوْ تَعَدِّي نَجَاسَتِهِ (وَلَوْ حَدَثَ) ذَلِكَ (بَعْدَ دُخُولٍ) ; لِأَنَّهُ عَيْبٌ فِي النِّكَاحِ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ مُقَارِنًا فَأَثْبَتَهُ طَارِئًا كَالْإِعْسَارِ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَحُدُوثُ الْعَيْبِ بِهَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ