الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا بُدَّ مِنْ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ
. (وَمَنْ أَوْدَعَهُ صَغِيرٌ وَدِيعَةً لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِرَدِّهَا لِوَلِيِّهِ) فِي مَالٍ كَدَيْنِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ (وَيَضْمَنُهَا) قَابِضُهَا مِنْ الصَّغِيرِ (إنْ تَلِفَتْ) لِتَعَدِّيهِ بِأَخْذِهَا (مَا لَمْ يَكُنْ) الصَّغِيرُ (مَأْذُونًا لَهُ) فِي الْإِيدَاعِ (أَوْ يَخَفْ) قَابِضُهَا مِنْ الصَّغِيرِ (هَلَاكَهَا مَعَهُ) إنْ تَرَكَهَا (كَضَائِعٍ وَمَوْجُودٍ فِي مَهْلَكَةٍ فَلَا) ضَمَانَ عَلَيْهِ بِأَخْذِهِ لِقَصْدِهِ بِهِ التَّخْلِيصَ مِنْ الْهَلَاكِ فَالْحَظُّ فِيهِ لِمَالِكِهِ
. (وَمَا أُودِعَ أَوْ أُعِيرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: أَوْدَعَهُ مَالِكُهُ أَوْ أَعَارَهُ وَهُوَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ (لِصَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ أَوْ قِنٍّ لَمْ يَضْمَنْ بِتَلَفٍ) فِي يَدِ قَابِضِهِ (وَلَوْ بِتَفْرِيطٍ) لِتَفْرِيطِ مَالِكِهِ بِدَفْعِهِ إلَى أَحَدِ هَؤُلَاءِ (وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حُرٍّ) ; لِأَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِحْفَاظُهُ وَدَخَلَ فِيهِ الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ (فِي رَقَبَتِهِ) ; لِأَنَّ إتْلَافَهُ مِنْ جِنَايَتِهِ، وَأَمَّا إتْلَافُ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ لِمَا أُودِعُوهُ أَوْ أُعِيرُوهُ فَهَدَرٌ ; لِأَنَّ مَالِكَهُ سَلَّطَهُمْ عَلَى مَالٍ كَمَا لَوْ دَفَعَ لِصَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ سِكِّينًا فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَمَاتَ فَإِنَّ دِيَتَهُ عَلَى عَاقِلَةِ الدَّافِعِ.
[فَصْلٌ وَالْمُودَعُ أَمِينٌ]
; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهَا أَمَانَةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى {: إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58](وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي رَدِّ) الْوَدِيعَةِ إلَى مَالِكِهَا أَوْ مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي قَبْضِهَا. أَشْبَهَ الْوَكِيلَ بِلَا جَعْلٍ، (وَلَوْ) ادَّعَى الْوَدِيعُ الرَّدَّ (عَلَى يَدِ قِنِّهِ) أَيْ: قِنِّ مُدَّعِي الرَّدِّ (أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ خَازِنِهِ) ; لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ حِفْظُهَا بِنَفْسِهِ وَبِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَانَ لَهُ دَفْعُهَا كَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ لِزَوْجَةِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً (أَوْ) كَانَتْ دَعْوَى الرَّدِّ مِنْ الْوَدِيعِ (بَعْدَ مَوْتِ رَبِّهَا إلَيْهِ) فَتُقْبَلُ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي حَيَاتِهِ (وَ) يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (فِي قَوْلِهِ) لِمَالِكِهَا:(أَذِنْتَ لِي فِي دَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ وَفَعَلْتُ) أَيْ: دَفَعْتُهَا لَهُ مَعَ إنْكَارِ مَالِكِهَا الْإِذْنَ نَصًّا لِأَنَّهُ ادَّعَى دَفْعًا يَبْرَأُ بِهِ مِنْ رَدِّ الْوَدِيعَةِ. أَشْبَهَ مَا لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ إلَى مَالِكِهَا. وَلَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمَالِكِ غَيْرُ الْيَمِينِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِالْقَبْضِ، وَكَذَا إنْ اعْتَرَفَ الْمَالِكُ بِالْإِذْنِ فِي الدَّفْعِ لَهُ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ دَفَعَ لَهُ إنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ وَدِيعًا، وَإِنْ كَانَ دَائِنًا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الضَّمَانِ مَا فِيهِ. وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: إنْ رَدَّ إلَى رَسُولِ مُوَكِّلٍ وَمُودِعٍ فَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ ضَمِنَ لِتَعَلُّقِ الدَّفْعِ بِثَالِثٍ. وَيُحْتَمَلُ لَا.
(وَ) يُصَدَّقُ مُودَعٌ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى (تَلَفِ) وَدِيعَةٍ
بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ لِتَعَذُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَلِئَلَّا يَمْتَنِعَ النَّاسُ مِنْ قَبُولِ الْأَمَانَاتِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا. وَ (لَا) تُقْبَلُ دَعْوَاهُ التَّلَفَ (بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ، كَحَرِيقٍ وَنَحْوِهِ) كَنَهْبِ جَيْشٍ (إلَّا مَعَ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِوُجُودِهِ) أَيْ: السَّبَبِ ثُمَّ يَحْلِفُ أَنَّهَا ضَاعَتْ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ ضَمِنَ ; لِأَنَّهُ. لَا تَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ.
(وَ) يُصَدَّقُ مُودَعٌ بِيَمِينِهِ فِي (عَدَمِ خِيَانَةٍ وَ) عَدَمِ (تَفْرِيطٍ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ
. (وَإِنْ ادَّعَى) مُودَعٌ (رَدَّهَا) أَيْ الْوَدِيعَةَ (لِحَاكِمٍ أَوْ وَرَثَةِ مَالِكٍ) لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتَمِنُوهُ (أَوْ) ادَّعَى (رَدًّا بَعْدَ مَطْلِهِ) أَيْ تَأْخِيرِ دَفْعِهَا إلَى مُسْتَحِقِّهِ (بِلَا عُذْرٍ أَوْ) ادَّعَى رَدًّا بَعْدَ (مَنْعِهِ) مِنْهَا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ; لِأَنَّهُ صَارَ كَالْغَاصِبِ.
(أَوْ) ادَّعَى (وَرَثَةُ) مُودَعٍ (رَدًّا) مِنْهُمْ أَوْ مِنْ مُوَرِّثِهِمْ (وَلَوْ لِمَالِكٍ لَمْ يُقْبَلْ) ذَلِكَ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) ; لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُؤْتَمَنِينَ عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ مَالِكِهَا، وَكَذَا لَوْ ادَّعَاهُ مُلْتَقِطٌ، أَوْ مَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبًا وَنَحْوَهُ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
(وَإِنْ) أَنْكَرَ مُودَعٌ الْوَدِيعَةَ فَ (قَالَ: لَمْ تُودِعْنِي ثُمَّ أَقَرَّ) بِالْإِيدَاعِ (أَوْ ثَبَتَ) عَلَيْهِ (بِبَيِّنَةٍ فَادَّعَى رَدًّا أَوْ تَلَفًا سَابِقَيْنِ لِجُحُودِهِ لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ صَارَ ضَامِنًا بِجُحُودِهِ مُعْتَرِفًا عَلَى نَفْسِهِ بِالْكَذِبِ الْمُنَافِي لِلْأَمَانَةِ (وَلَوْ) أَتَى عَلَيْهِ (بِبَيِّنَةٍ) فَلَا تُسْمَعُ لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِجُحُودِهِ (وَيَقْبَلَانِ) أَيْ: الرَّدَّ وَالتَّلَفَ إذَا ادَّعَاهُمَا (بِهَا) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ (بَعْدَهُ) أَيْ: الْجُحُودِ لِعَدَمِ تَكْذِيبِهِ لَهَا إذَنْ. فَإِذَا شَهِدَا بِرَدٍّ أَوْ تَلَفٍ وَلَمْ يُعَيِّنَا هَلْ هُوَ قَبْلَ جُحُودِهِ أَوْ بَعْدَهُ؟ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ ; لِأَنَّ وُجُوبَهُ مُتَحَقِّقٌ فَلَا يَنْتَفِي بِأَمْرٍ مُتَرَدِّدٍ فِيهِ. وَمَتَى ثَبَتَ التَّلَفُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الضَّمَانُ حَيْثُ كَانَ بَعْدَ الْجُحُودِ كَالْغَاصِبِ.
(وَإِنْ قَالَ) مُدَّعًى عَلَيْهِ بِوَدِيعَةٍ لِمُدَّعِيهَا: (مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ) . أَوْ لَا حَقَّ لَكَ قِبَلِي وَنَحْوَهُ. ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا وَادَّعَى تَلَفًا، أَوْ رَدًّا (قُبِلَا) مِنْهُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُنَافٍ لِجَوَابِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَوْدَعَهُ ثُمَّ تَلِفَ عِنْدَهُ بِلَا تَفْرِيطٍ، أَوْ رَدَّهَا فَلَا يَكُونُ لَهُ عِنْدَهُ شَيْءٌ. وَ (لَا) تُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى (وُقُوعُهُمَا) أَيْ: الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ (بَعْدَ إنْكَارِهِ) لِاسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ بِالْجُحُودِ فَيُشْبِهُ الْغَاصِبَ وَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ وَلَوْ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ، ثُمَّ ادَّعَى ظَنَّ بَقَائِهَا
. (وَإِنْ تَلِفَتْ) الْوَدِيعَةُ (عِنْدَ وَارِثِ) وَدِيعٍ (قَبْلَ إمْكَانَ رَدِّ) هَا إلَى رَبِّهَا لِنَحْوِ جَهْلٍ بِهَا أَوْ بِهِ (لَمْ يَضْمَنْهَا) إذَا لَمْ يُفَرِّطْ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَلِفَتْ بَعْدَ إمْكَانَ رَدِّهَا (ضَمِنَ) لِتَأَخُّرِ رَدِّهَا مَعَ إمْكَانِهِ مَعَ حُصُولِهَا بِيَدِهِ بِلَا إيدَاعٍ، كَمَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبًا وَنَحْوَهُ، وَبِخِلَافِ عَبْدٍ وَحَيَوَانٍ دَخَلَ دَارِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ
يُخْرِجَهُ لِيَذْهَبَ كَمَا جَاءَ ; لِأَنَّ يَدَهُ لَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهِمَا. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْقَوَاعِدِ
(وَمَنْ أَخَّرَ رَدَّهَا) أَيْ: الْوَدِيعَةِ (أَوْ) أَخَّرَ (مَالًا أُمِرَ بِدَفْعِهِ بَعْدَ طَلَبٍ) مِنْ مُسْتَحِقِّهَا (بِلَا عُذْرٍ) فِي تَأْخِيرٍ (ضَمِنَ) مَا تَلِفَ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ فَعَلَ مُحَرَّمًا بِإِمْسَاكِهِ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ، أَشْبَهَ الْغَاصِبَ (وَيُمْهَلُ) مَنْ طُولِبَ بِوَدِيعَةٍ أَوْ بِمَالٍ أُمِرَ بِدَفْعِهِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ (لِأَكْلٍ وَنَوْمٍ وَهَضْمِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ) كَصَلَاةٍ وَطَهَارَةٍ (بِقَدْرِهِ) أَيْ: الْمَذْكُورِ. فَلَا يَضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ زَمَنَ عُذْرِهِ، لِعَدَمِ عُدْوَانِهِ. وَإِنْ أَمَرَهُ بِالرَّدِّ إلَى وَكِيلِهِ فَتَمَكَّنَ وَأَبَى ضَمِنَهَا. وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا وَكِيلُهُ. وَإِنْ طَلَبَهَا فِي وَقْتٍ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا لِبُعْدِهَا أَوْ مَخَافَةً فِي طَرِيقِهَا، أَوْ عَجْزٍ عَنْ حَمْلِهَا وَنَحْوَهُ. . لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِتَرْكِ تَسْلِيمِهَا. لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا. وَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا لِعَدَمِ عُدْوَانِهِ. وَلَيْسَ عَلَى وَدِيعٍ مُؤْنَةُ حَمْلِهَا وَرَدِّهَا لِمَالِكِهَا، قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ. وَمَنْ اسْتَأْمَنَهُ أَمِيرٌ عَلَى مَالِ فَخَشَى مِنْ حَاشِيَتِهِ إنْ مَنَعَهُمْ مِنْ عَادَتِهِمْ الْمُتَقَدِّمَةِ لَزِمَهُ فِعْلُ مَا يُمْكِنُهُ وَهُوَ أَصْلُحُ لِلْأَمِيرِ مِنْ تَوَلِّيهِ غَيْرُهُ فَيَرْتَعُ مَعَهُمْ. لَا سِيَّمَا وَلِلْآخِذِ شُبْهَةٌ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَتَثْبُتُ وَدِيعَةٌ بِإِقْرَارِ وَدِيعٍ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِإِقْرَارِ وَرَثَتِهِ بَعْدَهُ
(وَيَعْمَلُ) وَارِثٌ وُجُوبًا (بِخَطِّ مُوَرِّثِهِ عَلَى كِيسٍ وَنَحْوَهُ) كَصُنْدُوقٍ أَوْ كِتَابٍ (هَذَا وَدِيعَةٌ، أَوْ) هَذَا (لِفُلَانٍ) نَصًّا وَ (وَيَعْمَلُ بِخَطِّ مُوَرِّثِهِ) بِدَيْنٍ عَلَيْهِ (وُجُوبًا) فَيَجِبُ دَفْعُهُ إلَى مَنْ هُوَ مَكْتُوبٌ بِاسْمِهِ (أَوْ) بِدَيْنٍ (لَهُ عَلَى فُلَانٍ) فَيَعْمَلُ بِخَطِّ أَبِيهِ فِيهِ (وَ) يَجُوزُ لَهُ أَنْ (يَحْلِفَ) إذَا أَقَامَ بِهِ شَاهِدًا، إذَا عَلِمَ مِنْ مُوَرِّثِهِ الصِّدْقَ وَالْأَمَانَةَ، وَأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ إلَّا حَقًّا. فَيَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِهِ
. (وَإِنْ ادَّعَاهَا) أَيْ: الْوَدِيعَةَ (اثْنَانِ فَأَقَرَّ) الْوَدِيعُ (لِأَحَدِهِمَا) بِهَا (فَ) هِيَ (لَهُ) أَيْ: لِلْمُقَرِّ لَهُ (بِيَمِينِهِ) ; لِأَنَّ الْيَدَ كَانَتْ لِلْمُودَعِ. وَقَدْ نَقَلَهَا إلَى الْمُدَّعِي، فَصَارَتْ الْيَدُ لَهُ. فَقُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. فَلَوْ قَالَ الْوَدِيعُ: أَوْدَعَنِيهَا الْمَيِّتُ، وَقَالَ هِيَ لِفُلَانٍ فَقَالَ وَرَثَتُهُ: بَلْ هِيَ لَهُ، فَقَوْلُ وَدِيعٍ مَعَ يَمِينِهِ. أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (وَيَحْلِفُ) الْمُودَعُ (لِلْآخَرِ) الَّذِي أَنْكَرَهُ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِدَعْوَاهُ وَتَكُونُ يَمِينُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ. فَإِنْ حَلَفَ انْقَطَعَتْ خُصُومَتُهُ مَعَهُ، وَإِلَّا غَرِمَ لَهُ بَدَلَهَا لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِهَا لِلْأَوَّلِ فَيُسَلِّمُهَا لِلْأَوَّلِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِلثَّانِي نَصًّا، (وَ) إنْ أَقَرَّ بِهَا (لَهُمَا فَ) هِيَ (لَهُمَا) كَمَا لَوْ كَانَتْ بِأَيْدِيهِمَا وَتَدَاعَيَاهَا (وَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) يَمِينًا عَلَى نِصْفِهَا. فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ عِوَضُهَا،
يَقْتَسِمَانِهِ. وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لَزِمَهُ لِمَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَهُ عِوَضُ نِصْفِهَا (وَإِنْ قَالَ) جَوَابًا لِدَعْوَاهُمَا (لَا أَعْرِفُ صَاحِبَهَا) مِنْكُمَا (وَصَدَّقَاهُ) عَلَى عَدَمِ مَعْرِفَةِ صَاحِبِهَا (أَوْ سَكَتَا فَلَا يَمِينَ) عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ، وَتُسَلَّمُ لِأَحَدِهِمَا بِقُرْعَةٍ مَعَ يَمِينِهِ (وَإِنْ كَذَّبَاهُ) فَقَالَا: بَلْ تَعْرِفُ أَيَّنَا صَاحِبَهَا، (حَلَفَ) لَهُمَا (يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ) ; لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَكَذَا إنْ كَذَّبَهُ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ نَكَلَ قَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ وَالْعَيْنُ، فَيَقْتَرِعَانِ عَلَيْهِمَا أَوْ يَتَّفِقَانِ. هَذِهِ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَجَمَاعَةٍ وَقَدَّمَهَا الْحَارِثِيُّ، (وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالَتَيْنِ) أَيْ: حَالَةِ مَا إذَا صَدَّقَاهُ وَحَالَةِ مَا إذَا كَذَّبَاهُ وَحَلَفَ، (فَمَنْ قَرَعَ) أَيْ: خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ (حَلَفَ) أَنَّهَا لَهُ لِاحْتِمَالِ عَدَمِهِ (وَأَخَذَهَا) بِمُقْتَضَى الْقُرْعَةِ، وَكَذَا حُكْمُ عَارِيَّةٍ وَرَهْنٍ وَمَبِيعٍ مَرْدُودٍ بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. وَيَأْتِي بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا فِي بَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ
(وَإِنْ أَوْدَعَاهُ) أَيْ: أَوْدَعَ اثْنَانِ وَاحِدًا (مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا يَنْقَسِمُ) إجْبَارًا (فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِغَيْبَةِ شَرِيكَهُ أَوْ) مَعَ حُضُورِهِ (وَامْتِنَاعِهِ) مِنْ أَخْذِ نَصِيبِهِ وَمِنْ الْإِذْنِ لِشَرِيكِهِ فِي أَخْذِ نَصِيبِهِ (سَلَّمَ إلَيْهِ) أَيْ: الطَّالِبِ نَصِيبَهُ وُجُوبًا. لِأَنَّهُ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ يُمْكِنُ فِيهِ تَمْيِيزُ نَصِيبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ بِغَيْرِ غَبْنٍ وَلَا ضَرَرٍ. أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ مُتَمَيِّزًا. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ حَاكِمٍ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ. لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى قِسْمَةٍ وَيَفْتَقِرُ إلَى حُكْمٍ أَوْ اتِّفَاقٍ. فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ غَيْرَ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ، أَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَكِنْ لَا يَنْقَسِمُ لِصِنَاعَةٍ فِيهِ كَآنِيَةِ نُحَاسٍ وَنَحْوِهَا وَحُلِيٍّ مُبَاحٍ أَوْ مُخْتَلِفِ الْأَجْزَاءِ وَنَحْوِهِ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ حَاكِمٍ. ; لِأَنَّ قِسْمَتَهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا الْحَيْفُ لِافْتِقَارِهَا إلَى التَّقْوِيمِ وَهُوَ ظَنٌّ وَتَخْمِينٌ
(وَلِمُودِعٍ وَمُضَارِبٍ وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ) قُلْتُ: وَمِثْلُهُمْ الْعَدْلُ بِيَدِهِ الرَّهْنُ وَالْأَجِيرُ عَلَى حِفْظِ عَيْنٍ وَالْوَكِيلُ فِيهِ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُجَاعِلُ عَلَى عَمَلِهَا (إنْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ) أَيْ الْوَدِيعَةُ أَوْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ أَوْ الرَّهْنُ أَوْ الْمُسْتَأْجَرَةُ (الْمُطَالَبَةُ بِهَا) مِنْ غَاصِبِهَا. لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ حِفْظِهَا الْمَأْمُورِ بِهِ (وَلَا يَضْمَنُ مُودَعٌ أُكْرِهَ عَلَى دَفْعِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (لِغَيْرِ رَبِّهَا) كَمَا لَوْ أَخَذَهَا مِنْهُ قَهْرًا. لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عُذْرٌ يُبِيحُ لَهُ دَفْعَهَا. وَإِنْ صَادَرَهُ سُلْطَانٌ لَمْ يَضْمَنْ. قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَضَمَّنَّهُ أَبُو الْوَفَاءِ إنْ فَرَّطَ.
وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: مَنْ صَادَرَهُ سُلْطَانٌ وَنَادَى بِتَهْدِيدِ مَنْ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَنَحْوُهَا وَلَمْ يَحْمِلْهَا إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ أَوْ عَيَّنَهُ وَهَدَّدَهُ وَلَمْ يَنَلْهُ