الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَلِكَ نَقْصٌ فِي إنْسَانِيَّتِهِ فَلَيْسَ كُفْؤَ الْعَدْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ} [السجدة: 18](وَمَنْصِبٌ وَهُوَ النَّسَبُ فَلَا تُزَوَّجُ عَرَبِيَّةٌ) مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ (بِعَجَمِيٍّ) وَلَا بِوَلَدِ زِنًا لِقَوْلِ عُمَرَ (لَأَمْنَعَنَّ تَزَوُّجَ ذَوَاتِ الْأَحْسَابِ إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلِأَنَّ الْعَرَبَ يَعْتَمِدُونَ الْكَفَاءَةَ فِي النَّسَبِ وَيَأْنَفُونَ مِنْ نِكَاحِ الْمَوَالِي وَيَرَوْنَ ذَلِكَ نَقْصًا وَعَارًا، وَالْعَرَبُ قُرَيْشٌ وَغَيْرُهُمْ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ، وَسَائِرُ النَّاسِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ
. (وَحُرِّيَّةٌ فَلَا تُزَوَّجُ حُرَّةٌ) وَلَوْ عَتِيقَةً (بِعَبْدٍ) وَلَا بِمُبَعَّضٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ; لِأَنَّهُ مَنْقُوصٌ بِالرِّقِّ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي كَسْبِهِ غَيْرُ مَالِكٍ ; وَلِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لَهُ يُشْبِهُ مِلْكَ الْبَهِيمَةِ فَلَا يُسَاوِي الْحُرَّةَ لِذَلِكَ (وَيَصِحُّ) النِّكَاحُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ (إنْ عَتَقَ) الْعَبْدُ (مَعَ قَبُولِهِ) النِّكَاحَ بِأَنْ قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: أَنْتَ حُرٌّ مَعَ قَبُولِكَ النِّكَاحَ، أَوْ يَكُونَ السَّيِّدُ وَكِيلًا عَنْ عَبْدِهِ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ فَيَقُولُ بَعْدَ إيجَابِ النِّكَاحِ لِعَبْدِهِ: قَبِلْت لَهُ هَذَا النِّكَاحَ وَأَعْتَقْتُهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ بَعْدَ الْعَقْدِ يُمْكِنُ الْفَسْخُ فِيهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَتِيقَ كُفْؤٌ لِحُرَّةِ الْأَصْلِ
(وَصِنَاعَةٌ غَيْرُ زَرِيَّةٍ) أَيْ دَنِيئَةٍ (فَلَا تُزَوَّجَ بِنْتُ بَزَّازٍ) أَيْ تَاجِرٍ فِي الْبَزِّ وَهُوَ الْقَمَّاشُ (بِحَجَّامٍ وَلَا) تُزَوَّجُ (بِنْتُ ثَانِي صَاحِبِ عَقَارٍ بِحَائِكٍ) وَكَسَّاحٍ وَنَحْوِهِ ; لِأَنَّهُ نَقْصٌ فِي عُرْفِ النَّاسِ أَشْبَهَ نَقْصَ النَّسَبِ.
وَفِي حَدِيثٍ «الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ إلَّا حَائِكًا أَوْ حَجَّامًا» قِيلَ لِأَحْمَدَ: وَكَيْفَ تَأْخُذُ بِهِ وَأَنْتَ تُضَعِّفُهُ. قَالَ: الْعَمَلُ عَلَيْهِ. أَيْ أَنَّهُ يُوَافِقُ الْعُرْفَ
. (وَيَسَارٌ بِحَسَبِ مَا يَجِبُ لَهَا فَلَا تُزَوَّجُ مُوسِرَةٌ بِمُعْسِرٍ) لِأَنَّ عَلَيْهَا ضَرَرًا فِي إعْسَارِهِ لِإِخْلَالِهِ بِنَفَقَتِهَا وَمُؤْنَةِ أَوْلَادِهِ، وَلِهَذَا مَلَكَتْ الْفَسْخَ بِإِعْسَارِهِ بِالنَّفَقَةِ، وَلِأَنَّ الْعُسْرَةَ نَقْصٌ فِي عُرْفِ النَّاسِ يَتَفَاضَلُونَ بِهَا كَتَفَاضُلِهِمْ فِي النَّسَبِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْكَفَاءَةُ فِي الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ ; لِأَنَّ الْوَلَدَ يَشْرُفُ بِشَرَفِ أَبِيهِ لَا أُمِّهِ. وَقَدْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَتَسَرَّى بِالْإِمَاءِ وَمَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ لَا يُشَارِكُونَهُمْ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ نَصًّا، وَصَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَنَقَلَ مُهَنَّا أَنَّهُمْ كُفُؤٌ لَهُمْ.
[بَابُ مَوَانِع النِّكَاحِ]
الْمُحَرَّمَاتُ فِي النِّكَاحِ ضَرْبَانِ: أَيْ صِنْفَانِ (ضَرْبٌ) يَحْرُمُ (عَلَى الْأَبَدِ) أَيْ
الْمُحَرَّمَاتُ عَلَى الْأَبَدِ (هُنَّ أَقْسَامٌ) خَمْسَةٌ (قِسْمٌ) يَحْرُمْنَ (بِالنَّسَبِ وَهُنَّ سَبْعٌ الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ لِأَبٍ) وَإِنْ عَلَتْ (أَوْ) الْجَدَّةُ (لِأُمٍّ وَإِنْ عَلَتْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] وَأُمَّهَاتُك كُلُّ مَنْ انْتَسَبْتَ إلَيْهَا بِوِلَادَةٍ سَوَاءٌ وَقَعَ عَلَيْهَا اسْمُ الْأُمِّ حَقِيقَةً وَهِيَ الَّتِي وَلَدَتْكَ، أَوْ مَجَازًا وَهِيَ وَاَلَّتِي وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَتْكَ وَإِنْ عَلَتْ ; وَمِنْهُ جَدَّاتُك أُمُّ أَبِيكَ، وَأُمُّ أُمِّكَ، وَجَدَّةُ أُمِّكِ وَجَدَّاتُ أَجْدَادِكِ، وَجَدَّاتُ جَدَّاتِكِ. وَإِنْ عَلَوْنَ وَارِثَاتٍ كُنَّ أَوْ غَيْرَ وَارِثَاتٍ ذَكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ:«هَاجَرَ أُمَّ إسْمَاعِيلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ» .
وَفِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ «اللَّهُمَّ صَلِّي عَلَى أَبِينَا آدَمَ وَأُمِّنَا حَوَّاءَ» (وَالْبَنَاتُ) لِصُلْبٍ (وَبَنَاتُ الْوَلَدِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَإِنْ سَفَلَ) وَارِثَاتٍ كُنَّ أَوْ غَيْرَ وَارِثَاتٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: 23](وَلَوْ) كُنَّ (مَنْفِيَّاتٍ بِلِعَانٍ) أَوْ كُنَّ (مِنْ زِنًا) لِدُخُولِهِنَّ فِي عُمُومِ اللَّفْظِ، وَالنَّفْيُ بِلِعَانٍ لَا يَمْنَعُ احْتِمَالَ كَوْنِهَا خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ.
وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَخَوَاتِ وَغَيْرِهِنَّ مِمَّا يَأْتِي مِنْ الْأَقْسَامِ، وَيَكْفِي فِي التَّحْرِيمِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهَا بِنْتُهَا وَنَحْوُهَا ظَاهِرًا، وَإِنْ كَانَ النَّسَبُ لِغَيْرِهِ (وَالْأُخْتُ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ) وَهِيَ الْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ وَالْأُخْتُ لِأَبٍ وَالْأُخْتُ لِأُمٍّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَخَوَاتُكُمْ (وَبِنْتٌ لَهَا) أَيْ لِلْأُخْتِ مُطْلَقًا (أَوْ) بِنْتٌ (لِابْنِهَا) أَيْ ابْنِ الْأُخْتِ (أَوْ) بِنْتٌ (لَبِنْتِهَا) أَيْ لِبِنْتِ الْأُخْتِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: 23](وَبِنْتُ كُلِّ أَخٍ) شَقِيقٍ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (وَبِنْتُهَا) أَيْ بِنْتُ بِنْتِ الْأَخِ (وَبِنْتُ ابْنِهَا وَإِنْ نَزَلْنَ كُلُّهُنَّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبَنَاتُ الْأَخِ} [النساء: 23](وَالْعَمَّةُ) مِنْ كُلِّ جِهَةٍ (وَالْخَالَةُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَإِنْ عَلَتَا) أَيْ الْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ (كَعَمَّةِ أَبِيهِ وَعَمَّةِ) أُمِّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ} [النساء: 23](وَعَمَّةُ الْعَمِّ لِأَبٍ) لِأَنَّهَا عَمَّةُ أَبِيهِ و (لَا) تَحْرُمُ عَمَّةُ الْعَمِّ (لِأُمٍّ) بِأَنْ يَكُونَ لِلْعَمِّ أَخِي أَبِيهِ لِأُمِّهِ عَمَّةٌ فَلَا تَحْرُمُ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ، لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ وَ (كَعَمَّةِ الْخَالَةِ لِأَبٍ) فَتَحْرُمُ ; لِأَنَّهَا عَمَّةُ الْأُمِّ وَ (لَا) تَحْرُمُ (عَمَّةُ الْخَالَةِ لِأُمٍّ) لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ (وَ)(كَخَالَةِ الْعَمَّةِ لِأُمٍّ) فَتَحْرُمُ ; لِأَنَّهَا خَالَةُ أَبِيهِ.
وَ (لَا) تَحْرُمُ خَالَةُ (الْعَمَّةِ لِأَبٍ) لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ (فَتَحْرُمُ كُلُّ نَسِيبَةٍ) أَيْ قَرِيبَةٍ (سِوَى بِنْتِ عَمٍّ وَ) بِنْتِ (عَمَّةٍ وَبِنْتِ خَالٍ وَبِنْتِ خَالَةٍ وَ) إنْ نَزَلْنَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبَنَاتِ عَمِّكَ} [الأحزاب: 50] الْآيَةَ. وَالْقِسْمُ (الثَّانِي) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى الْأَبَدِ
الْمُحَرَّمَاتُ (بِالرَّضَاعِ وَلَوْ) كَانَ الْإِرْضَاعُ مُحَرَّمًا كَمَنْ (أَكْرَهَ) وَفِي نُسْخَةٍ غَصَبَ (امْرَأَةً عَلَى إرْضَاعِ طِفْلٍ) فَأَرْضَعَتْهُ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ لِوُجُودِ سَبَبِ التَّحْرِيمِ وَهُوَ الرَّضَاعُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي سَبَبِ التَّحْرِيمِ كَوْنُهُ مُبَاحًا بِدَلِيلِ ثُبُوتِ تَحْرِيمٍ وَالْمُصَاهَرَةِ بِالزِّنَا وَكَذَا لَوْ غَصَبَ لَبَنَ امْرَأَةٍ وَسَقَاهُ طِفْلًا سَقْيًا مُحَرَّمًا (وَتَحْرِيمُهُ) أَيْ الرَّضَاعُ (كَ) تَحْرِيمِ (نَسَبٍ) فَكُلُّ امْرَأَةٍ حَرُمَتْ مِنْ النَّسَبِ حَرُمَ مِثْلُهَا بِالرَّضَاعِ حَتَّى مَنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ لَبَنٍ ثَابَ مِنْهُ مِنْ زِنًا كَبِنْتِهِ مِنْ زِنًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ فَقَالَ: إنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي. إنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَفِي لَفْظٍ «مِنْ الرَّحِمِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا «أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مِنْ الرَّضَاعِ مَا حَرَّمَ مِنْ النَّسَبِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلِأَنَّ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَخَوَاتِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِنَّ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] وَالْبَاقِيَاتُ يَدْخُلْنَ فِي عُمُومِ لَفْظِ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ فَيَدْخُلُ فِي الْبَنَاتِ بَنَاتُ الرَّضَاعَةِ وَفِي بَنَاتِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ بَنَاتُهُمَا مِنْ الرَّضَاعَةِ وَفِي الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ الْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ مِنْ الرَّضَاعِ (حَتَّى فِي مُصَاهَرَةٍ فَتَحْرُمُ زَوْجَةُ أَبِيهِ وَ) زَوْجَةُ (وَلَدِهِ مِنْ رَضَاعٍ كَ) مَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ زَوْجَةُ أَبِيهِ وَابْنِهِ (مِنْ نَسَبٍ) وقَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ} [النساء: 23] احْتِرَازًا عَمَّنْ تَبَنَّاهُ وَ (لَا) تَحْرُمُ عَلَى رَجُلٍ (أُمُّ أَخِيهِ) مِنْ رَضَاعٍ (وَ) لَا (أُخْتُ ابْنِهِ مِنْ رَضَاعٍ) أَيْ فَتَحِلُّ مُرْضِعَةٌ وَبِنْتُهَا لِأَبِي مُرْتَضِعٍ وَأَخِيهِ مِنْ نَسَبٍ وَتَحِلُّ أُمُّ مُرْتَضِعٍ وَأُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ لِأَبِيهِ وَأَخِيهِ مِنْ رَضَاعٍ ; لِأَنَّهُنَّ فِي مُقَابَلَةِ مَنْ يَحْرُمُ بِالْمُصَاهَرَةِ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَنْ يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ، وَالشَّارِعُ إنَّمَا حَرَّمَ مِنْ الرَّضَاعِ مَا حَرَّمَ مِنْ النَّسَبِ لَا مَا يَحْرُمُ بِالْمُصَاهَرَةِ.
الْقِسْمُ (الثَّالِثُ) الْمُحَرَّمَاتُ (بِالْمُصَاهَرَةِ وَهُنَّ أَرْبَعٌ) إحْدَاهُنَّ (أُمَّهَاتُ زَوْجَتِهِ وَإِنْ عَلَوْنَ) مِنْ نَسَبٍ وَمِثْلُهُنَّ مِنْ رَضَاعٍ فَيَحْرُمْنَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ نَصًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهَا مِنْ نِسَائِهِ فَتَدْخُلُ أُمُّهَا فِي عُمُومِ الْآيَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَبْهِمُوا مَا أَبْهَمَ الْقُرْآنُ أَيْ عَمِّمُوا حُكْمَهَا فِي كُلِّ حَالٍ وَلَا تَفْصِلُوا بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَبِيبَتَهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا» رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ
(وَ) الثَّانِي وَالثَّالِثُ (حَلَائِلُ عَمُودَيْ نَسَبِهِ) أَيْ زَوْجَاتُ آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ سُمِّيَتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ حَلِيلَةً ; لِأَنَّهَا تَحِلُّ إزَارَ زَوْجِهَا وَمُحَلَّلَة لَهُ (وَمِثْلُهُنَّ) أَيْ مِثْلُ حَلَائِلِ عَمُودَيْ نَسَبِهِ زَوْجَاتُ آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ (مِنْ رَضَاعٍ فَيَحْرُمْنَ) أَيْ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِهِ وَحَلَائِلُ عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَمِثْلُهُنَّ مِنْ رَضَاعٍ (بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ) قَالَ فِي الشَّرْحِ لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا، وَيَدْخُلُ فِيهِ زَوْجَةُ الْجَدِّ وَإِنْ عَلَا وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَزَوْجَةُ الِابْنِ وَزَوْجَةُ ابْنِهِ وَابْنُ بِنْتِهِ وَإِنْ نَزَلَ وَارِثًا كَانَ أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ و (لَا) تَحْرُمُ (بَنَاتُهُنَّ) أَيْ بَنَاتُ حَلَائِلِ عَمُودَيْ نَسَبِهِ (وَأُمَّهَاتُهُنَّ) فَتَحِلُّ لَهُ رَبِيبَةُ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَأُمُّ زَوْجَةِ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] .
(وَ) الرَّابِعَةُ (الرَّبَائِبُ وَهُنَّ بَنَاتُ زَوْجَتِهِ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ سَفَلْنَ) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، قَوْله تَعَالَى:{وَرَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23](أَوْ كُنَّ) بَنَاتٍ (لِرَبِيبٍ أَوْ) كُنَّ بَنَاتٍ لِ (ابْنِ رَبِيبِهِ) قَرِيبَاتٍ كُنَّ أَوْ بَعِيدَاتٍ وَارِثَاتٍ أَوْ غَيْرَ وَارِثَاتٍ فِي حَجْرِهِ أَوْ لَا، لِأَنَّ التَّرْبِيَةَ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي التَّحْرِيمِ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى:{اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] فَقَدْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا الشَّرْطِ فَلَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِمَفْهُومِهِ.
(فَإِنْ مَاتَتْ) الزَّوْجَةُ (قَبْلَ دُخُولٍ) لَمْ تَحْرُمْ بَنَاتُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23](أَوْ أَبَانَهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ (بَعْدَ خَلْوَةٍ وَقَبْلَ وَطْءٍ لَمْ يَحْرُمْنَ) أَيْ بَنَاتُهَا لِلْآيَةِ وَالْخَلْوَةُ لَا تُسَمَّى دُخُولًا (وَتَحِلُّ زَوْجَةُ رَبِيبٍ) بَانَتْ مِنْهُ لِزَوْجِ أُمِّهِ.
(وَ) تَحِلُّ (بِنْتُ زَوْجِ أُمٍّ) لِابْنِ امْرَأَتِهِ (وَ) تَحِلُّ (زَوْجَةُ زَوْجِ أُمٍّ) لِابْنِهَا (وَ) يَحِلُّ (لِأُنْثَى ابْنُ زَوْجَةِ ابْنٍ) لَهَا (وَ) وَيَحِلُّ لِأُنْثَى (زَوْجُ زَوْجَةِ أَبٍ) بِأَنْ تَتَزَوَّجَ زَوْجَ زَوْجَةِ أَبِيهَا (أَوْ) زَوْجَ (زَوْجَةِ ابْنٍ) بِأَنْ تَتَزَوَّجَ زَوْجَ زَوْجَةِ ابْنِهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفُرُوجِ الْحِلُّ إلَّا مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِهِ.
(وَلَا يُحَرَّمُ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَطْءٌ (فِي مُصَاهَرَةٍ إلَّا بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِحَائِلٍ (وَلَوْ دُبُرًا) ; لِأَنَّهُ فَرْجٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ إذَا وُجِدَ فِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ فَكَذَا فِي الزِّنَا (أَوْ) كَانَ الْوَطْءُ (بِشُبْهَةٍ أَوْ بِزِنًا بِشَرْطِ حَيَاتِهِمَا) أَيْ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ فَلَوْ أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِ مَيِّتَةٍ أَوْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ حَشَفَةَ مَيِّتٍ فِي فَرْجِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ (وَ) يُشْتَرَطُ (كَوْنُ مِثْلِهِمَا يَطَأُ وَيُوطَأُ) فَلَوْ أَوْلَجَ ابْنٌ