الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دُونَ عَشْرِ سِنِينَ حَشَفَتَهُ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ أَوْ أَوْلَجَ ابْنُ عَشْرٍ فَأَكْثَرَ حَشَفَتَهُ فِي فَرْجِ بِنْتٍ دُونَ تِسْعٍ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ. وَكَذَا تَغْيِيبُ بَعْضِ الْحَشَفَةِ وَاللَّمْسُ وَالْقُبْلَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ دُونَ الْفَرْجِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ، وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّ تَحْمِلَ الْمَرْأَةُ مَاءَ أَجْنَبِيٍّ لَا يُؤَثِّرُ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ.
وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ، وَيَأْتِي بِهِ فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ يَحْرُمُ كَالْوَطْءِ، وَإِنَّمَا كَانَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ وَالزِّنَا مُحَرَّمًا كَالْحَلَالِ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] وَنَظَائِرُهُ، وَلِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ مِنْ التَّحْرِيمِ بِالْوَطْءِ الْمُبَاحِ تَعَلَّقَ بِالْمَحْظُورِ كَوَطْءِ الْحَائِضِ (وَيَحْرُمُ بِوَطْءِ ذَكَرٍ مَا يَحْرُمُ بِ) وَطْءِ (امْرَأَةٍ فَلَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْ لَائِطٍ وَمَلُوطٍ بِهِ أُمُّ الْآخَرِ، وَلَا ابْنَتُهُ) أَيْ الْآخَرِ، لِأَنَّهُ وَطِئَ فِي فَرْجٍ فَنَشَرَ الْحُرْمَةَ كَوَطْءِ امْرَأَةٍ. قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّحِيحُ: أَنَّ هَذَا لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ فَإِنْ هَؤُلَاءِ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِنَّ فِي التَّحْرِيمِ فَيَدْخُلْنَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] وَلَا هُنَّ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِنَّ، وَلِأَنَّهُنَّ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِنَّ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَثْبُتَ حُكْمُ التَّحْرِيمِ، فِيهِنَّ فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِنَّ فِي هَذَا حَلَائِلُ الْأَبْنَاءِ وَمَنْ نَكَحَهُنَّ الْآبَاءُ وَأُمَّهَاتُ النِّسَاءِ وَبَنَاتُهُنَّ وَلَيْسَ هَؤُلَاءِ مِنْهُنَّ وَلَا فِي مَعْنَاهُنَّ الْقِسْمُ (الرَّابِعُ) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى الْأَبَدِ الْمُحَرَّمَةُ (بِاللِّعَانِ) نَصًّا (فَمَنْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ) لِنَفْيِ وَلَدٍ (أَوْ) لَاعَنَ زَوْجَتَهُ (بَعْدَ إبَانَةٍ لَنَفْيِ وَلَدٍ حُرِّمَتْ أَبَدًا وَلَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ) وَيَأْتِي مُوَضَّحًا فِي اللِّعَان الْقِسْمُ (الْخَامِسُ) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى الْأَبَدِ (زَوْجَاتُ نَبِيِّنَا) مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَحْرُمْنَ (عَلَى غَيْرِهِ) أَبَدًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} [الأحزاب: 53](وَلَوْ مَنْ فَارَقَهَا) فِي حَيَاتِهِ ; لِأَنَّهَا مِنْ أَزْوَاجِهِ (وَهُنَّ أَزْوَاجُهُ دُنْيَا وَأُخْرَى) كَرَامَةً لَهُ صلى الله عليه وسلم.
[فَصْلٌ الْمُحَرَّمَات فِي النِّكَاحِ إلَى أَمَدٍ]
الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ الْمُحَرَّمَاتِ (إلَى أَمَدٍ وَهُنَّ نَوْعَانِ نَوْعٌ) مِنْهُمَا يَحْرُمُ (لِأَجْلِ الْجَمْعِ فَيَحْرُمُ) الْجَمْعُ (بَيْنَ أُخْتَيْنِ) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ حُرَّتَيْنِ كَانَتَا أَوْ أَمَتَيْنِ أَوْ حُرَّةً وَأَمَةً وَسَوَاءٌ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] .
(وَ) يَحْرُمُ الْجَمْعُ (بَيْنَ امْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا وَإِنْ عَلَتَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ) لِحَدِيثِ
«لَا تَجْمَعُوا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد «وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا، وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا، وَلَا تُنْكَحُ الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى، وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى» وَلِمَا فِيهِ مِنْ إلْقَاءِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَإِفْضَاءِ ذَلِكَ لِقَطِيعَةِ الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، وَعُمُومُ قَوْله تَعَالَى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] مَخْصُوصٌ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.
(وَ) يَحْرُمُ الْجَمْعُ (بَيْنَ خَالَتَيْنِ) كَأَنْ يَتَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْ رَجُلَيْنِ بِنْتَ الْآخَرِ وَتَلِدَ لَهُ بِنْتًا فَالْمَوْلُودَتَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا خَالَةُ الْأُخْرَى لِأَبٍ (أَوْ) بَيْنَ (عَمَّتَيْنِ) بِأَنْ يَتَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْ رَجُلَيْنِ أُمَّ الْآخَرِ وَلَدَتَا لَهُ بِنْتًا فَكُلٌّ مِنْ الْمَوْلُودَتَيْنِ عَمَّةُ الْأُخْرَى لِأُمٍّ فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (أَوْ) بَيْنَ (عَمَّةٍ وَخَالَةٍ) كَأَنْ يَتَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَابْنَهُ أُمَّهَا وَتَلِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنْتًا فَبِنْتُ الِابْنِ خَالَةُ بِنْتِ الْأَبِ، وَبِنْتُ الْأَبِ عَمَّةُ بِنْتِ الِابْنِ فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (أَوْ) بَيْنَ (امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى حَرُمَ نِكَاحُهُ) أَيْ الذَّكَرُ (لَهَا) أَيْ الْأُنْثَى (لِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ) لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ حَرُمَ الْجَمْعُ إفْضَاؤُهُ إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ الْقَرِيبَةِ، لِمَا فِي الطِّبَاعِ مِنْ التَّنَافُسِ وَالْغَيْرَةِ بَيْنَ الضَّرَائِرِ، وَأُلْحِقَ بِالْقَرَابَةِ الرَّضَاعُ، لِحَدِيثِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» .
(وَ) لَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ (بَيْنَ أُخْتِ شَخْصٍ مِنْ أَبِيهِ وَأُخْتِهِ مِنْ أُمِّهِ) وَلَوْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا حَلَّتْ لَهُ الْأُخْرَى وَالشَّخْصُ فِي الْمِثَالِ خَالٌ وَعَمٌّ لِوَلَدِهِمَا، وَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ رَجُلَيْنِ بِنْتٌ وَوَطِئَا أَمَةً لَهُمَا فَأُلْحِقَ وَلَدُهَا بِهِمَا فَتَزَوَّجَ رَجُلٌ بِالْأَمَةِ وَبِالْبِنْتَيْنِ فَقَدْ تَزَوَّجَ أُمَّ رَجُلٍ وَأُخْتَيْهِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ
(وَلَا) يَحْرُمُ الْجَمْعُ (بَيْنَ مُبَانَةِ شَخْصٍ وَبِنْتِهِ مِنْ غَيْرِهَا وَلَوْ فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ ; لِأَنَّهُ وَإِنْ حَرُمَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَمْ يَكُنْ تَحْرِيمُهَا إلَّا لِلْمُصَاهَرَةِ ; لِأَنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا وَلَا رَضَاعَ
. (فَمَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا) كَامْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا (فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ (أَوْ) فِي (عَقْدَيْنِ مَعًا) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (بَطَلَا) أَيْ الْعَقْدَانِ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُمَا وَلَا مَزِيَّةَ لَإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَبَطَل فِيهِمَا، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ خَمْسَ زَوْجَاتٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ.
(وَ) إنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ (فِي زَمَنَيْنِ يَبْطُلُ) عَقْدٌ (مُتَأَخِّرٌ) لِأَنَّ الْجَمْعَ حَصَلَ بِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُ لَا جَمْعَ فِيهِ (كَ) عَقْدٍ (وَاقِعٍ) عَلَى نَحْوِ أُخْتٍ (فِي عِدَّةِ) الْأُخْتِ (الْأُخْرَى وَلَوْ) كَانَتْ الْأُخْتُ الْأُخْرَى (بَائِنًا)
كَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ خُلْعٍ أَوْ طَلَاقِ ثَلَاثٍ أَوْ عَلَى عِوَضٍ، وَكَمَا لَوْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً فِي عِدَّةِ رَابِعَةٍ وَلَوْ مُبَانَةً (فَإِنْ جُهِلَ) أَسْبَقُ الْعَقْدَيْنِ (فُسِخَا) أَيْ فَسَخَهُمَا الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يُطَلِّقْهُمَا لِبُطْلَانِ النِّكَاحِ فِي إحْدَاهُمَا وَتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَلَا تُعْرَفُ الْمُحَلَّلَةُ لَهُ فَقَدْ اشْتَبَهَتْهَا عَلَيْهِ وَنِكَاحُ إحْدَاهُمَا صَحِيحٌ وَلَا تَتَيَقَّنُ بَيْنُونَتُهَا مِنْهُ إلَّا بِطَلَاقِهِمَا أَوْ فَسْخِ نِكَاحِهِمَا فَوَجَبَ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيَّانِ وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا، قَالَ فِي الشَّرْحِ.
وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُفَارِقَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ يُجَدِّدَ عَقْدَ الْأُخْرَى وَيُمْسِكَهَا فَلَا بَأْسَ، وَسَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ بِقُرْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَلِإِحْدَاهُمَا) أَيْ إحْدَى مَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا إذَا عُقِدَ عَلَيْهِمَا فِي زَمَنَيْنِ وَجُهِلَ أَسْبَقُهُمَا وَطَلَّقَهُمَا أَوْ فَسَخَ نِكَاحَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ (نِصْفُ مَهْرِهَا بِقُرْعَةٍ) بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ فَتَأْخُذُهُ مَنْ تَخْرُجُ لَهَا الْقُرْعَةُ وَلَهُ الْعَقْدُ عَلَى إحْدَاهُمَا فِي الْحَالِ إذَنْ، وَإِنْ أَصَابَ إحْدَاهُمَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ خَرَجَتْ الْمُصَابَةُ فَلَهَا مَا سُمِّيَ لَهَا وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْرَى، وَإِنْ وَقَعَتْ لِغَيْرِ الْمُصَابَةِ فَلَهَا نِصْفُ مَا سُمِّيَ وَلِلْمُصَابَةِ مَهْرُ مِثْلِهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَلَهُ نِكَاحُ الْمُصَابَةِ فِي الْحَالِ لَا الْأُخْرَى حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُصَابَةِ، وَإِنْ أَصَابَهُمَا فَلِإِحْدَاهُمَا الْمُسَمَّى وَلِلْأُخْرَى مَهْرُ الْمِثْلِ يَقْتَرِعَانِ عَلَيْهِمَا، وَلَا يَنْكِحُ إحْدَاهُمَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْأُخْرَى
. (وَمَنْ مَلَكَ أُخْتَ زَوْجَتِهِ أَوْ) مَلَكَ (عَمَّتَهَا أَوْ) مَلَكَ (خَالَتَهَا صَحَّ) مِلْكُهُ لَهَا ; لِأَنَّهُ يُرَادُ لَلِاسْتِمْتَاعِ وَغَيْرِهِ وَلِذَلِكَ صَحَّ شِرَاؤُهُ أُخْتَهَا مِنْ رَضَاعٍ (وَحَرُمَ أَنْ يَطَأَهَا) أَيْ الَّتِي مَلَكَهَا (حَتَّى يُفَارِقَ زَوْجَتَهُ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) ; لِئَلَّا يُجْمَعَ مَاؤُهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ، لِحَدِيثِ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعْ مَاءَهُ فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ»
. (وَمَنْ مَلَكَ أُخْتَيْنِ أَوْ نَحْوَهُمَا) كَامْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا (مَعًا) وَلَوْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (صَحَّ) الْعَقْدُ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي ذَلِكَ انْتَهَى، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَوَطِئَهَا حَلَّ لَهُ شِرَاءُ أُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا كَشِرَاءِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ غَيْرِهِ وَالْمُزَوَّجَةِ مَعَ أَنَّهُمَا لَا يَحِلَّانِ لَهُ (وَلَهُ وَطْءُ أَيِّهِمَا شَاءَ) لِأَنَّ الْأُخْرَى لَمْ تَصِرْ فِرَاشًا كَمَا لَوْ مَلَكَ إحْدَاهُمَا وَحْدَهَا.
(وَتَحْرُمُ بِهِ) أَيْ بِوَطْءِ إحْدَاهُمَا (الْأُخْرَى) نَصًّا وَدَوَاعِي الْوَطْءِ كَالْوَطْءِ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] فَإِنَّهُ يَعُمُّ الْوَطْءَ وَالْعَقْدَ جَمِيعًا كَسَائِرِ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْآيَةِ وَيَحْرُمُ وَطْؤُهُنَّ وَالْعَقْدُ عَلَيْهِنَّ وَلِأَنَّهَا امْرَأَةٌ صَارَتْ فِرَاشًا فَحَرُمْت أُخْتُهَا كَالزَّوْجَةِ (حَتَّى يُحَرِّمَ الْمَوْطُوءَةَ) مِنْهُمَا
(بِإِخْرَاجٍ) لَهَا أَوْ لِبَعْضِهَا (عَنْ مِلْكِهِ وَلَوْ بِبَيْعٍ لِلْحَاجَةِ) إلَى التَّفْرِيقِ (أَوْ هِبَةٍ) مَقْبُوضَةٍ لِغَيْرِ وَلَدِهِ (أَوْ تَزْوِيجٍ بَعْدَ اسْتِبْرَاءٍ) لِيَعْلَمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ حَامِلًا مِنْهُ.
(وَلَا يَكْفِي) فِي حِلِّ الْأُخْرَى (مُجَرَّدُ تَحْرِيمِ) الْمَوْطُوءَةِ ; لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ وَلَوْ حَرَّمَهَا إلَّا أَنَّهُ لِعَارِضٍ مَتَى شَاءَ أَزَالَهُ بِالْكَفَّارَةِ فَهُوَ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ (أَوْ) أَيْ وَلَا يَكْفِي لِحِلِّ الْأُخْرَى (كِتَابَةِ) الْمَوْطُوءَةِ ; لِأَنَّهُ سَبِيلٌ مِنْ اسْتِبَاحَتِهَا بِمَا لَا يَقِفُ عَلَى غَيْرِهَا (أَوْ رَهْنٍ) لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ وَطْئِهَا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ لَا لِتَحْرِيمِهَا وَلِهَذَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِإِذْنِهِ وَلِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى فَكِّهَا مَتَى شَاءَ (أَوْ بَيْعِ) هَا (بِشَرْطِ خِيَارٍ لَهُ) أَيْ الْبَائِعِ فَلَا يَكْفِيهِ ; لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِرْجَاعِهَا مَتَى شَاءَ بِفَسْخِ الْبَيْعِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِمُشْتَرٍ وَحْدَهُ.
(فَلَوْ خَالَفَ وَوَطِئَ) الْأُخْرَى قَبْلَ إخْرَاجِ الْمَوْطُوءَةِ أَوَّلًا أَوْ بَعْضَهَا عَنْ مِلْكِهِ (لَزِمَهُ أَنْ يُمْسِكَ عَنْهُمَا) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ أَوَّلًا وَالْمَوْطُوءَةِ ثَانِيًا (حَتَّى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا) بِإِخْرَاجٍ لَهَا أَوْ لِبَعْضِهَا عَنْ مِلْكِهِ (كَمَا تَقَدَّمَ) لِأَنَّ الثَّانِيَةَ صَارَتْ فِرَاشًا لَهُ يَلْحَقُهُ نَسَبُ وَلَدِهَا فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ أُخْتُهَا كَمَا لَوْ وَطِئَهَا ابْتِدَاءً وَحَدِيثُ «إنَّ الْحَرَامَ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ» غَيْرُ صَحِيحٍ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَشَرَحَهُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَ الْأُولَى وَطْئًا مُحَرَّمًا كَفِي حَيْضٍ وَنَحْوُهُ (فَإِنْ عَادَتْ) الْأُولَى (لِمِلْكِهِ وَلَوْ) كَانَ عَوْدُهَا (قَبْلَ وَطْءِ الْبَاقِيَةِ) فِي مِلْكِهِ (لَمْ يُصِبْ وَاحِدَةً) مِنْهُمَا (حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى) عَلَى نَفْسِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ مِلْكِهِ قَالَ الْمُحِبُّ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ: (إنْ لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاءٌ) كَمَا لَوْ كَانَ زَوْجُهَا فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَإِنْ وَجَبَ) اسْتِبْرَاءٌ (لَمْ يَلْزَمْ تَرْكُ الْبَاقِيَةِ فِيهِ) أَيْ فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ قَالَ (الْمُنَقِّحُ وَهُوَ) أَيْ قَوْلُ ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ (حَسَنٌ) لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ زَمَنَ الِاسْتِبْرَاءِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ عَادَتْ إلَيْهِ مُعْتَدَّةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ تَرْكُ الْبَاقِيَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْعَائِدَةِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ وَقَدْ ذَكَرْتُ مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ
(وَمَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَ سُرِّيَّتِهِ وَلَوْ بَعْدَ إعْتَاقِهَا زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ تَصِيرُ بِهِ الْمَرْأَةُ فِرَاشًا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَرِدَ عَلَى فِرَاشِ الْأُخْتِ كَالْوَطْءِ وَيُفَارِقَ النِّكَاحُ شِرَاءَ أُخْتِهَا وَنَحْوِهَا ; لِأَنَّهُ يَكُونُ لِلْوَطْءِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا صَحَّ شِرَاءُ الْأُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَشِرَاءُ مَنْ تَحْرُمُ بِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَبْرِئِ (نِكَاحُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا) أَيْ سِوَى أُخْتِ سُرِّيَّتِهِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ تَحْرِيمَ نَحْوِ أُخْتِهَا لِمَعْنًى لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهَا (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا) أَيْ نَحْوَ أُخْتِ سُرِّيَّتِهِ (بَعْدَ تَحْرِيمِ السُّرِّيَّةِ) بِنَحْوِ
بَيْعٍ (وَ) بَعْدَ (اسْتِبْرَائِهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ السُّرِّيَّةُ) بِنَحْوِ بَيْعٍ (فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ) لَا يَنْفَسِخُ بِذَلِكَ لِصِحَّتِهِ وَقُوَّتِهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ السُّرِّيَّةُ حَتَّى تَبِينَ الزَّوْجَةُ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَكَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ الزَّوْجَةِ حَتَّى يُحَرِّمَ السُّرِّيَّةَ كَمَا تَقَدَّمَ
(وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا حَرُمَ فِي) زَمَنِ (عِدَّتِهَا نِكَاحُ أُخْتِهَا) أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا وَنَحْوِهِمَا.
(وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهِ (وَطْؤُهَا) أَيْ أُخْتِ مَوْطُوءَتِهِ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا وَعَمَّتِهَا وَنَحْوِهَا (إنْ كَانَتْ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً) لَهُ.
(وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهِ (أَنْ يَزِيدَ عَلَى ثَلَاثٍ غَيْرِهَا) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا (بِعَقْدٍ) فَإِنْ كَانَ مَعَهُ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ رَابِعَةٍ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ مَوْطُوءَتِهِ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا (أَوْ وَطْءٍ) أَيْ لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَوَطِئَ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَطَأَ مِنْهُنَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ مَوْطُوءَتِهِ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا ; لِئَلَّا يُجْمَعَ مَاؤُهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ
(وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ فِي عِدَّتِهَا) كَمُعْتَدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ (إلَّا مِنْ وَاطِئٍ لَهَا) بِشُبْهَةٍ فَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ; لِأَنَّ مَنْعَهَا مِنْ النِّكَاحِ لِإِفْضَائِهِ إلَى اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ وَاشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ وَهُوَ مَأْمُونٌ هُنَا لِأَنَّ النَّسَبَ كَمَا يَلْحَقُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ يَلْحَقُ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَشْبَهَ مَا لَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّتَهُ مِنْ طَلَاقٍ وَ (لَا) يَحِلُّ نِكَاحُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ لِوَاطِئٍ كَغَيْرِهِ (إنْ لَزِمَتْهَا عِدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّتَانِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَالْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ نِكَاحَهَا إذَا دَخَلَتْ فِي عِدَّةِ وَطْئِهِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي أَشَارَ إلَيْهِ
(وَلَيْسَ لِحُرٍّ جَمْعُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ) زَوْجَاتٍ ; لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «قَالَ لِغَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ حِينَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ وَقَالَ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي خَمْسُ نِسْوَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَارِقْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ فَإِذَا مَنَعَ اسْتِدَامَةَ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ فَالِابْتِدَاءُ أَوْلَى وقَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] أُرِيدَ بِهِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1] وَلَمْ يُرِدْ أَنَّ لِكُلٍّ تِسْعَةَ أَجْنِحَةٍ وَلَوْ أَرَادَهُ لَقَالَ تِسْعَةً وَلَمْ يَكُنْ لِلتَّطْوِيلِ مَعْنَى، وَمَنْ قَالَ خِلَافَ ذَلِكَ فَقَدْ جَهِلَ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ (إلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَيِّ عَدَدٍ شَاءَ) تَكْرِمَةً لَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَمَاتَ عَنْ تِسْعٍ (وَفُسِخَ تَحْرِيمُ الْمَنْعِ) وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} [الأحزاب: 52]- بِقَوْلِهِ تَعَالَى -