الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَبِيلٍ وَعَلَى أَعْقَلِ النَّاسِ تَوَجَّهَ أَنَّهُمْ الزُّهَّادُ. وَذَكَره فِي الْفُرُوعِ. وَالزُّهْدُ تَرْكُ فُضُولِ الْعَيْشِ وَمَا لَيْسَ بِضَرُورَةٍ فِي بَقَاءِ النَّفْسِ. وَعَلَى هَذَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَإِنْ جَعَلَ وَقْفَهُ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ شَمِلَ الْقُرَبَ كُلَّهَا. وَأَفْضَلُهَا الْغَزْوُ وَيَبْدَأُ بِهِ نَصًّا. وَيُعْطِي مَنْ صَارَ مُسْتَحِقًّا قَبْلَ الْقِسْمَةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْمَاءِ الَّذِي يُسْقَى فِي السَّبِيلِ: يَجُوزُ لِلْأَغْنِيَاءِ الشُّرْبُ مِنْهُ (وَيَشْمَلُ جَمْعَ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ) كَالْمُسْلِمِينَ (وَضَمِيرُهُ الْأُنْثَى) تَغْلِيبًا (لَا عَكْسُهُ) فَلَا يَشْمَلُ جَمْعَ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمِ كَالْمُسْلِمَاتِ الْمُذَكَّرِ
(وَ) إنْ وَقَفَ لِيَصْرِفَ وَقْفَهُ (لِجَمَاعَةٍ أَوْ لِجَمْعٍ مِنْ الْأَقْرَبِ إلَيْهِ فَلِثَلَاثَةٍ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ فِي أَكْثَرِ الِاسْتِعْمَالِ (وَيُتَمِّمُ) الْجَمْعَ (مِمَّا بَعْدَ الدَّرَجَةِ الْأُولَى) إنْ لَمْ يَبْلُغْ أَهْلُهَا الثَّلَاثَةَ، بِأَنْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ وَأَوْلَادُ ابْنٍ فَيَخْرُجُ مِنْهُمْ وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ يُضَمُّ لِابْنَيْنِ وَيُعْطُونَ الْوَقْفَ. ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ (وَشَمِلَ أَهْلَ الدَّرَجَةِ وَإِنْ كَثَرُوا) فَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ بَنِينَ وُزِّعَ الرِّيعُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِهِمْ (وَوَصِيَّةٌ كَوَقْفٍ) فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ فِيهَا إلَى لَفْظِ الْمُوصِي كَمَا يَرْجِعُ فِي الْوَقْفِ إلَى لَفْظِ وَاقِفِهِ (لَكِنَّهَا) أَيْ الْوَصِيَّةَ (أَعَمُّ) مِنْ الْوَقْفِ عَلَى مَا يَأْتِي. فَيَصِحُّ لِمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمَا.
[فَصْلٌ وَالْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ]
(فَصْلٌ. وَالْوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ. أَشْبَهَ الْعِتْقَ. وَسَوَاءٌ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ أَوْ لَا، حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ أَوْ لَا. لِحَدِيثِ «لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُورَثُ» .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ (لَا يُفْسَخُ) الْوَقْفُ (بِإِقَالَةٍ وَلَا غَيْرِهَا) لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ (وَلَا يُبَاعُ) فَيَحْرُمُ بَيْعُهُ. وَلَا يَصِحُّ وَلَا الْمُنَاقَلَةُ بِهِ (إلَّا أَنْ تَتَعَطَّلَ مَنَافِعُهُ الْمَقْصُودَةُ) مِنْهُ (بِخَرَابٍ وَلَمْ يُوجَدْ) فِي رِيعِ الْوَقْفِ (مَا يَعْمُرُ بِهِ) فَيُبَاعُ (أَوْ) تَتَعَطَّلُ مَنَافِعُهُ الْمَقْصُودَةُ (بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْخِرَابِ، كَخَشَبٍ تَشَعَّثَ وَخِيفَ سُقُوطُهُ نَصًّا (وَلَوْ كَانَ) الْوَقْفُ (مَسْجِدًا) وَتَعَطَّلَ نَفْعُهُ الْمَقْصُودُ (بِضِيقِهِ عَلَى أَهْلِهِ) نَصًّا. قَالَ فِي الْمُغْنِي. وَلَمْ تُمْكِنْ تَوْسِعَتُهُ فِي مَوْضِعِهِ (أَوْ) كَانَ تَعْطِيلُ نَفْعِهِ (بِخَرَابِ مَحَلَّتِهِ) وَقَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ: يُحَوَّلُ الْمَسْجِدُ خَوْفًا مِنْ اللُّصُوصِ، وَإِذَا كَانَ مَوْضِعُهُ قَذَرًا.
قَالَ
الْقَاضِي: يَعْنِي إذَا كَانَ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَيُبَاعُ (أَوْ) كَانَ الْوَقْفُ (حَبِيسًا لَا يَصْلُحُ لِغَزْوٍ فَيُبَاعُ) لِأَنَّ الْوَقْفَ مُؤَبَّدٌ. فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأْبِيدُهُ بِعَيْنِهِ اسْتَبْقَيْنَا الْغَرَضَ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ عَلَى الدَّوَامِ فِي عَيْنٍ أُخْرَى. وَاتِّصَالُ الْإِبْدَالِ يَجْرِي مَجْرَى الْأَعْيَانِ. وَجُمُودُنَا عَلَى الْعَيْنِ مَعَ تَعَطُّلِهَا تَضْيِيعٌ لِلْغَرَضِ، كَذَابِحِ الْهَدْيِ إذَا عَطِبَ فِي مَوْضِعِهِ مَعَ اخْتِصَاصِهِ بِمَوْضِعٍ آخَرَ. فَلَمَّا تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْغَرَضِ بِالْكُلِّيَّةِ اسْتَوْفَى مِنْهُ مَا أَمْكَنَ. وَقَوْلُهُ " فَيُبَاعُ " أَيْ وُجُوبًا، كَمَا مَالَ إلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. وَنُقِلَ مَعْنَاهُ عَنْ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَالْمُوَفَّقِ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ
(وَلَوْ شَرَطَ) وَاقِفُهُ (عَدَمَ بَيْعِهِ وَشَرْطُهُ) إذْنٌ (فَاسِدٌ) نَصًّا وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ وَمَنْفَعَةٌ لَهُمْ (وَ) حَيْثُ بِيعَ وَقْفٌ بِشَرْطِهِ فَإِنَّهُ (يُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ) إنْ أَمْكَنَ (أَوْ) فِي (بَعْضِ مِثْلِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهِ) أَيْ الْمَوْقُوفِ الْخَرَابِ (لِإِصْلَاحِ بَاقِيهِ) لِأَنَّهُ حَيْثُ جَازَ بَيْعُ الْكُلِّ فَالْبَعْضُ أَوْلَى (إنْ اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ) فَإِنْ اخْتَلَفَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ (إنْ كَانَ الْوَقْفُ (عَيْنَيْنِ) كَدَارَيْنِ خَرِبَتَا فَتُبَاعُ إحْدَاهُمَا لِتُعَمَّرَ بِهَا الْأُخْرَى (أَوْ) كَانَ (عَيْنًا) وَاحِدَةً (وَلَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ) بِالتَّشْقِيصِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ بِبَيْعِ الْبَعْضِ إذَنْ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ عَيْنًا وَاحِدَةً وَنَقَصَتْ الْقِيمَةُ بِالتَّشْقِيصِ (بِيعَ الْكُلُّ) كَبَيْعِ وَصِيٍّ لِدَيْنٍ أَوْ حَاجَةِ صَغِيرٍ، بَلْ هَذَا أَسْهَل لِجَوَازِ تَغْيِيرِ صِفَاتِهِ لِمَصْلَحَةٍ
(وَلَا يُعَمَّرُ وَقْفٌ مِنْ آخَرَ) وَلَوْ عَلَى جِهَتِهِ (وَأَفْتَى) الشَّيْخُ (عُبَادَةَ) مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا (بِجَوَازِ عِمَارَةٍ مِنْ رِيعٍ) وَقْفٍ (آخَرَ عَلَى جِهَتِهِ) قَالَ (الْمُنَقِّحِ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ) .
وَفِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ قَوِيٌّ، بَلْ عَمَلُ النَّاسِ عَلَيْهِ. لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا: يَعْنِي ابْنَ قُنْدُسٍ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: إنَّ كَلَامَهُ فِي الْفُرُوعِ أَظْهَرُ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: وَمَا عَدَا الْمَسْجِدَ مِنْ الْأَوْقَافِ يُبَاعُ بَعْضُهُ لِإِصْلَاحِ مَا بَقِيَ (وَيَجُوزُ نَقْضُ مَنَارَةِ مَسْجِدٍ وَجَعْلُهَا فِي حَائِطِهِ لِتَحْصِينِهِ) نَصًّا مِنْ نَحْوِ كِلَابٍ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ.
(وَ) يَجُوزُ (اخْتِصَارُ آنِيَةٍ) مَوْقُوفَةٍ، كَقُدُورٍ وَقِرَبٍ وَنَحْوِهِمَا. إذَا تَعَطَّلَتْ (وَإِنْفَاقُ الْفَضْلِ) مِنْهَا (عَلَى الْإِصْلَاحِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاخْتِصَارُ اُحْتُمِلَ جَعْلُهَا نَوْعًا آخَرَ مِمَّا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْأَوَّلِ، وَاحْتُمِلَ أَنْ تُبَاعَ وَتُصْرَفَ فِي آنِيَةٍ مِثْلِهَا وَهُوَ الْأَقْرَبُ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ عَقِبَهُ: وَهُوَ الصَّوَابُ (ويَبِيعُهُ) أَيْ الْوَقْفَ حَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ (حَاكِمٌ إنْ كَانَ) الْوَقْفُ (عَلَى سَبِيلِ الْخَيْرَاتِ) كَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَنَحْوِهَا. لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِعَقْدٍ لَازِمٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا، فَتَوَقَّفَ عَلَى الْحَاكِمِ، كَالْفُسُوخِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا (وَإِلَّا) يَكُنْ