الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ» رَوَاهُمَا الْأَثْرَمُ وَلَا يَحْرُمُ احْتِكَارُ إدَامٍ، كَجُبْنٍ وَعَسَلٍ وَخَلٍّ ; لِأَنَّهَا لَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهَا، كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ.
وَفِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ جَلَبَ شَيْئًا أَوْ اسْتَغَلَّهُ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ مِمَّا اسْتَأْجَرَهُ، أَوْ اشْتَرَاهُ زَمَنَ الرُّخْصِ وَلَمْ يُضَيِّقْ عَلَى النَّاسِ إذَنْ، أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ بَلَدِ كَبِيرٍ، كَبَغْدَادَ أَوْ الْبَصْرَةِ وَمِصْرَ وَنَحْوِهِمَا فَلَهُ حَبْسُهُ حَتَّى يَغْلُوَ وَلَيْسَ مُحْتَكِرًا نَصًّا، وَتَرْكُ ادِّخَارِهِ لِذَلِكَ أَوْلَى
(وَيَصِحُّ شِرَاءُ مُحْتَكَرٍ) ; لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ الِاحْتِكَارُ دُونَ الشِّرَاءِ وَلَا تُكْرَهُ التِّجَارَةُ فِي الطَّعَامِ مَا لَمْ يُرِدْ الِاحْتِكَارَ (وَيُجْبَرُ) مُحْتَكِرٌ (عَلَى بَيْعِهِ) أَيْ مَا احْتَكَرَهُ مِنْ قُوتِ آدَمِيٍّ (كَمَا يَبِيعُ النَّاسُ) لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ وَدُعَاءِ الْحَاجَةِ (فَإِنْ أَبَى) مُحْتَكِرٌ بَيْعَهُ (وَخِيفَ التَّلَفُ) بِحَبْسِهِ (فَرَّقَهُ الْإِمَامُ) عَلَى الْمُحْتَاجِينَ إلَيْهِ (وَيَرُدُّونَ) أَيْ الْآخِذُونَ لَهُ مِنْ الْإِمَامِ (بَدَلَهُ) أَيْ مِثْلَ مِثْلِيٍّ وَقِيمَةَ مُتَقَوِّمٍ (وَكَذَا سِلَاحٌ لِحَاجَةٍ) إلَيْهِ فَيُفَرِّقُهُ الْإِمَامُ وَيَرُدُّونَهُ أَوْ بَدَلَهُ
(وَلَا يُكْرَهُ ادِّخَارُ قُوتِ أَهْلِهِ وَدَوَابِّهِ) نَصًّا، وَرَدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم " ادَّخَرَ قُوتَ أَهْلِهِ سَنَةً " (وَمَنْ ضَمِنَ مَكَانًا لِيَبِيعَ فِيهِ وَيَشْتَرِيَ فِيهِ وَحْدَهُ كُرِهَ الشِّرَاءُ مِنْهُ بِلَا حَاجَةٍ) " لِبَيْعِهِ بِفَوْقِ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَشِرَائِهِ بِدُونِهِ (كَ) مَا يُكْرَهُ الشِّرَاءُ بِلَا حَاجَةٍ (مِنْ مُضْطَرٍّ نَحْوِهِ) كَمُحْتَاجٍ إلَى نَقْدٍ قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: لِبَيْعِهِ بِدُونِ ثَمَنِهِ أَيْ ثَمَنِ مِثْلِهِ.
(وَ) كَمَا يُكْرَهُ الشِّرَاءُ مِنْ (جَالِسٍ عَلَى طَرِيقٍ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الَّذِي ضَمِنَ مَكَانًا لِيَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ فِيهِ وَحْدَهُ (أَخْذُ زِيَادَةٍ) عَلَى ثَمَنِ مِثْلٍ أَوْ مُثَمَّنٍ (بِلَا حَقٍّ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ
[بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ]
أَيْ مَا يَشْتَرِطُهُ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِيهِ (وَالشَّرْطُ فِيهِ) أَيْ الْبَيْعِ (وَ) فِي (شِبْهِهِ) مِنْ نَحْوِ إجَارَةٍ وَشَرِكَةٍ (إلْزَامُ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الْآخَرَ بِسَبَبِ الْعَقْدِ مَا) أَيْ شَيْئًا (لَهُ) أَيْ الْمُلْزَمِ (فِيهِ) أَيْ الشَّيْءِ الْمُلْزَمِ بِهِ (مَنْفَعَةٌ) أَيْ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَتَأْتِي أَمْثِلَتُهُ (وَتُعْتَبَرُ مُقَارَنَتُهُ) أَيْ الشَّرْطِ (لِلْعَقْدِ) .
وَفِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ كَنِكَاحٍ. وَالشَّرْطُ فِي الْبَيْعِ يَنْقَسِمُ إلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ (وَصَحِيحُهُ) أَيْ الشَّرْطُ الصَّحِيحُ فِي الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ (أَنْوَاعٍ:) أَحَدُهَا (مَا يَقْتَضِيهِ بَيْعٌ) أَيْ يَطْلُبُهُ الْبَيْعُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ (ك) شَرْطِ (تَقَابُضٍ وَحُلُولِ ثَمَنٍ وَتَصَرُّفِ كُلٍّ) مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ (فِيمَا يَصِيرُ إلَيْهِ) مِنْ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ
(وَ) اشْتِرَاطِ (رَدِّهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (بِعَيْبٍ قَدِيمٍ) يَجِدُهُ بِهِ (وَلَا أَثَرَ لَهُ) أَيْ لِلشَّرْطِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْبَيْعُ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ
النَّوْعُ (الثَّانِي) مَا كَانَ (مِنْ مَصْلَحَتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرَطِ لَهُ (كَتَأْجِيلِ) كُلِّ (الثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ) إلَى أَجَلٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ نَقْدِ الثَّمَنِ مَعَ غَيْبَةِ الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ عَنْ الْبِلَادِ أَوْ بُعْدِهِ (أَوْ) اشْتِرَاطِ (رَهْنٍ أَوْ ضَمِينٍ بِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (مُعَيَّنَيْنِ) أَيْ الرَّهْنِ وَالضَّمِينِ وَكَذَا شَرْطُ كَفِيلٍ بِبَدَنِ مُشْتَرٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ لَوْ بَاعَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ رَهْنَ الْمَبِيعِ عَلَى ثَمَنِهِ فَيَصِحُّ نَصًّا فَإِذَا قَالَ: بِعْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا عَلَى أَنْ تُرْهِنَنِيهِ عَلَى ثَمَنِهِ فَقَالَ: اشْتَرَيْته وَرَهَنْتُك صَحَّ الشِّرَاءُ وَالرَّهْنُ (أَوْ) يَشْتَرِطُ الْمُشْتَرِي (صِفَةً فِي مَبِيعٍ كَ) كَوْنِ (الْعَبْدِ) الْمَبِيعِ (كَاتِبًا أَوْ فَحْلًا أَوْ خَصِيًّا أَوْ صَانِعًا) أَيْ خَيَّاطًا وَنَحْوِهِ (أَوْ مُسْلِمًا وَ) كَوْنُ (الْأَمَةِ بِكْرًا أَوْ تَحِيضُ وَ) كَوْنُ (الدَّابَّةِ هِمْلَاجَةَ) بِكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ تَمْشِي الْهَمْلَجَةِ، وَهِيَ مِشْيَةٌ سَهْلَةٌ فِي سُرْعَةٍ (أَوْ) كَوْنُ الدَّابَّةِ (لَبُونًا) أَيْ ذَاتُ لَبَنٍ (أَوْ) كَوْنُهَا (حَامِلًا وَ) كَوْنُ (الْفَهْدِ أَوْ الْبَازِي صَيُودًا) أَيْ مُعَلَّمَ الصَّيْدِ.
(وَ) كَوْنُ (الْأَرْضِ) الْمَبِيعَةِ (خَرَاجُهَا كَذَا) فِي كُلِّ سَنَةٍ (وَ) كَوْنُ (الطَّائِرِ) الْمَبِيعِ (مُصَوِّتًا أَوْ يَبِيضُ أَوْ يَجِيءُ مِنْ مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ) ; لِأَنَّ فِي اشْتِرَاطِ هَذِهِ الصِّفَاتِ قَصْدًا صَحِيحًا، وَتَخْتَلِفُ الرَّغَبَاتُ بِاخْتِلَافِهَا، فَلَوْلَا صِحَّةُ اشْتِرَاطِهَا لَفَاتَتْ الْحِكْمَةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا شُرِعَ الْبَيْعُ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ صِيَاحَ الطَّائِرِ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ كَعِنْدَ الصَّبَاحِ أَوْ الْمَسَاءِ وَ (لَا) يَصِحُّ اشْتِرَاطُ (أَنْ يُوقِظَهُ لِلصَّلَاةِ) أَوْ أَنَّهُ يَصِيحُ عِنْدَ دُخُولِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ لِتَعَذُّرِ الْوَفَاءِ بِهِ، وَلَا كَوْنُ الْكَبْشِ نَطَّاحًا أَوْ الدِّيكِ مُنَافِرًا، أَوْ الْأَمَةِ مُغَنِّيَةً أَوْ الْبَهِيمَةِ تَحْلُبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا، أَوْ الْحَامِلِ تَلِدُ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ ; لِأَنَّهُ إمَّا مُحَرَّمٌ أَوْ لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ (وَيَلْزَمُ) الشَّرْطُ الصَّحِيحُ وَإِذَا وَفَّى بِهِ) أَيْ حَصَلَ لِلْمُشْتَرِي شَرْطُهُ فَلَا فَسْخَ (وَإِلَّا) يُوَفِّ بِهِ (فَلَهُ الْفَسْخُ) لِفَقْدِ الشَّرْطِ لِحَدِيثِ «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» (أَوْ أَرْشُ فَقَدْ الصِّفَةِ) الْمَشْرُوطَةِ إنْ لَمْ يَنْفَسِخْ كَأَرْشِ عَيْبٍ ظَهَرَ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدٌّ) لِنَحْوِ تَلَفِ مَبِيعٍ (تَعَيَّنَ أَرْشُ) فَقْدِ الصِّفَةِ، كَمَعِيبٍ تَعَذَّرَ رَدُّهُ (وَإِنْ أَخْبَرَ بَائِعٌ) مُشْتَرِيًا (بِصِفَةٍ) فِي مَبِيعٍ يَرْغَبُ فِيهِ لَهَا (فَصَدَّقَهُ) مُشْتَرٍ (بِلَا شَرْطٍ) بِأَنْ اشْتَرَى وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا فَبَانَ فَقْدُهَا فَلَا خِيَارَ لَهُ ; لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الشَّرْطِ (أَوْ شَرَطَ) مُشْتَرٍ (الْأَمَةِ) الْمَبِيعَةِ (ثَيِّبًا أَوْ كَافِرَةً أَوْ هُمَا) أَيْ ثَيِّبًا كَافِرَةً (أَوْ) شَرَطَهَا (سَبِطَةَ) الشَّعْرِ (أَوْ) شَرَطَهَا
(حَامِلًا) أَوْ شَرَطَ صِفَةً أَدْوَنَ (فَبَانَتْ أَعْلَى) بِأَنْ وَجَدَ الْمَشْرُوطَةَ ثَيِّبًا بِكْرًا أَوْ الْمَشْرُوطَةَ كَافِرَةً مُسْلِمَةً (أَوْ) الْمَشْرُوطَةَ سَبِطَةً (جَعْدَةً، أَوْ) الْمَشْرُوطَةَ حَامِلًا (حَائِلًا فَلَا خِيَارَ) لِمُشْتَرٍ ; لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا، وَكَذَا لَوْ شَرَطَهَا لَا تَحِيضُ فَبَانَتْ تَحِيضُ، أَوْ حَمْقَاءَ فَلَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، أَوْ شَرَطَ الْعَبْدَ كَافِرًا فَبَانَ مُسْلِمًا
النَّوْعُ (الثَّالِثُ: شَرَطَ بَائِعٌ) عَلَى مُشْتَرٍ (نَفْعًا غَيْرَ وَطْءٍ وَدَوَاعِيهِ) كَمُبَاشَرَةٍ دُونَ فَرْجٍ وَقُبْلَةٍ فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِمِلْكِ يَمِينٍ أَوْ عَقْدِ نِكَاحٍ (مَعْلُومًا) أَيْ النَّفْعَ (فِي مَبِيعٍ) مُتَعَلِّقٌ بِنَفْعٍ (كَ) اشْتِرَاطِ بَائِعٍ (سُكْنَى الدَّارِ) الْمَبِيعَةِ (شَهْرًا) مَثَلًا (وَحِمْلَانِ الْبَعِيرِ) أَوْ نَحْوِهِ الْمَبِيعِ (إلَى) مَحَلٍّ (مُعَيَّنٍ) وَكَاشْتِرَاطِهِ خِدْمَةَ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَيَصِحُّ نَصًّا لِحَدِيثِ جَابِرٍ " أَنَّهُ بَاعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَمَلًا وَاشْتَرَطَ ظَهْرَهُ إلَى الْمَدِينَةِ " وَفِي لَفْظٍ قَالَ " فَبِعْتُهُ بِأُوقِيَّةٍ وَاسْتَثْنَيْتُ حِمْلَانَهُ إلَى أَهْلِي " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَلِبَائِعٍ إجَارَةُ) مَا اسْتَثْنَى.
(وَ) لَهُ (إعَارَةُ مَا اُسْتُثْنِيَ) مِنْ النَّفْعِ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ بَاعَ مُشْتَرٍ مَا اسْتَثْنَى نَفْعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً صَحَّ الْبَيْعُ وَكَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مُسْتَثْنَى النَّفْعِ كَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ، كَمَنْ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً أَوْ دَارًا مُؤَجَّرَةً. (وَلَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (عَلَى مُشْتَرٍ، إنْ تَعَذَّرَ انْتِفَاعُهُ) أَيْ الْبَائِعِ بِالنَّفْعِ الْمُسْتَثْنَى (بِسَبَبِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي، بِأَنْ أَتْلَفَ الْعَيْنَ الْمُسْتَثْنَى نَفْعُهَا أَوْ أَعْطَاهَا لِمَنْ أَتْلَفَهَا أَوْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ) أَيْ النَّفْعِ الْمُسْتَثْنَى نَصًّا ; لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِسَبَبِ مُشْتَرٍ بِأَنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلَا تَفْرِيطِهِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا نَصًّا ; لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَمْلِكْهَا مِنْ جِهَتِهِ كَمَا لَوْ تَلِفَتْ نَخْلَةٌ يَسْتَحِقُّ الْبَائِعُ ثَمَرَتَهَا.
وَإِنْ أَرَادَ مُشْتَرٍ إعْطَاءَ بَائِعٍ عِوَضَ النَّفْعِ الْمُسْتَثْنَى لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ وَلَهُ اسْتِيفَاءُ النَّفْعِ مِنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ نَصًّا ; لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِهِ كَالْمُؤَجَّرَةِ، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ بَائِعُ الْعِوَضِ وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ جَازَ (وَكَذَا) أَيْ كَشَرْطِ بَائِعٍ نَفْعًا مَعْلُومًا فِي مَبِيعٍ (شَرْطُ مُشْتَرٍ نَفْعَ بَائِعٍ) نَفْسَهُ (فِي مَبِيعٍ ك) شَرْطِ (حَمْلِ حَطَبٍ) مَبِيعٍ (أَوْ تَكْسِيرِهِ وَ) كَشَرْطِهِ (خِيَاطَةَ ثَوْبٍ) مَبِيعٍ (أَوْ تَفْصِيلَهُ، أَوْ) شَرْطِ (جَذِّ رَطْبَةٍ) مَبِيعَةٍ أَوْ حَصَادِ زَرْعٍ أَوْ جِذَاذِ نَخْلٍ (وَنَحْوِهِ) كَضَرْبِ حَدِيدٍ مَبِيعٍ سَيْفًا أَوْ سِكِّينًا (بِشَرْطِ عِلْمِهِ) أَيْ النَّفْعِ الْمَشْرُوطِ بِأَنْ يَعْلَمَ مَثَلًا الْمَحَلَّ الْمَشْرُوطَ حَمْلُ الْحَطَبِ إلَيْهِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةُ اشْتَرَى مِنْ نَبَطِيٍّ جَرَزَةَ حَطَبٍ وَشَارَطَهُ عَلَى حَمْلِهَا وَلِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ ; لِأَنَّهُ بَاعَهُ
الْحَطَبَ وَأَجَّرَهُ نَفْسَهُ لِحَمْلِهِ، أَوْ بَاعَهُ الثَّوْبَ وَأَجَّرَهُ نَفْسَهُ لِخِيَاطَتِهِ.
وَكُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ فَجَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا كَالْعَيْنَيْنِ وَمَا احْتَجَّ بِهِ الْمُخَالِفُ مِنْ نَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ لَمْ يَصِحَّ.
قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا النَّهْيُ عَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ وَهَذَا يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى جَوَازِ الشَّرْطِ الْوَاحِدِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ النَّفْعَ بِأَنْ شَرَطَ حَمْلَ الْحَطَبِ عَلَى بَائِعِهِ إلَى مَنْزِلِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاء وَكَذَا لَوْ شَرَطَ بَائِعٌ نَفْعَ غَيْرِ مَبِيعٍ أَوْ مُشْتَرٍ نَفْعَ بَائِعٍ فِي غَيْرِ مَبِيعٍ، وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ.
(وَهُوَ) أَيْ الْبَائِعُ الْمَشْرُوطُ نَفْعُهُ فِي الْمَبِيعِ (كَأَجِيرٍ فَإِنْ مَاتَ) الْبَائِعُ قَبْلَ حَمْلِ الْحَطَبِ أَوْ خِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا شَرَطَ عَلَيْهِ (أَوْ اسْتَحَقَّ نَفْعَهُ) بَائِعٌ بِأَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ إجَارَةً خَاصَّةً (فَلِمُشْتَرٍ عِوَضُ ذَلِكَ) النَّفْعِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ، لِفَوَاتِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ بِذَلِكَ فَانْفَسَخَتْ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا خَاصًّا فَمَاتَ وَإِنْ مَرِضَ بَائِعٌ وَنَحْوُهُ أُقِيمَ مَقَامَهُ مَنْ يَعْمَلُ وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، كَالْإِجَارَةِ وَإِنْ أَرَادَ بَائِعٌ دَفْعَ عِوَضِ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ وَأَبَى مُشْتَرٍ أَوْ أَرَادَ مُشْتَرٍ أَخْذَهُ بِلَا رِضَا بَائِعٍ لَمْ يُجْبَرْ مُمْتَنِعٌ (وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى أَخْذِهِ) أَيْ الْعِوَضِ، وَلَوْ (بِلَا عُذْرٍ جَازَ) لِجَوَازِ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْهَا مَعَ عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ فَكَذَا مَعَهُ وَكَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ وَالْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا.
(وَيُبْطِلُهُ) أَيْ الْبَيْعَ (جَمْعٌ بَيْنَ شَرْطَيْنِ وَلَوْ صَحِيحَيْنِ) مُنْفَرِدَيْنِ كَحَمْلِ حَطَبٍ وَتَكْسِيرِهِ، أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَتَفْصِيلِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (مَا لَمْ يَكُونَا) أَيْ الشَّرْطَانِ (مِنْ مُقْتَضَاهُ) أَيْ مَبِيعٍ كَاشْتِرَاطِ حُلُولِ الثَّمَنِ، وَتَصَرُّفِ كُلٍّ فِيمَا يَصِيرُ إلَيْهِ (أَوْ) يَكُونَا (مِنْ مَصْلَحَتِهِ) كَاشْتِرَاطِ رَهْنٍ وَضَمِينٍ مُعَيَّنَيْنِ بِالثَّمَنِ فَيَصِحُّ (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ فَسْخٍ) ; لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ بِأَمْرٍ يَحْدُثُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَشْبَهَ شَرْطَ الْخِيَارِ (غَيْرِ خُلْعٍ) فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ إلْحَاقًا لَهُ بِعُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ ; لِاشْتِرَاطِ الْعِوَضِ فِيهِ (بِشَرْطٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعْلِيقٍ (كَ) قَوْلِهِ (بِعْتُكَ) كَذَا بِكَذَا (عَلَى أَنْ تَنْقُدَنِي الثَّمَنَ إلَى كَذَا) أَيْ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
(أَوْ) بِعْتُكَ (عَلَى أَنْ تُرْهِنَنِيهِ) أَيْ الْمَبِيعَ (بِثَمَنِهِ، وَإِلَّا) تَفْعَلْ ذَلِكَ (فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا) فَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْقَبُولِ (وَيَنْفَسِخُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ) أَيْ يَنْقُدُهُ الثَّمَنَ إلَى الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ يَرْهَنُهُ الْمَبِيعَ بِثَمَنِهِ، لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَمِثْلُهُ لَوْ بَاعَهُ بِثَمَنٍ وَأَقْبَضَهُ لَهُ وَشَرَطَ إنْ رَدَّهُ بَائِعٌ إلَى وَقْتِ