الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبَيْنَهَا. فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهَا ضَمِنَهَا كَالْمَغْصُوبَةِ. وَنَمَاؤُهَا كَهِيَ. وَلَيْسَ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ. ; لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ وَإِنْ شَرَطَ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ ضَمَانَ مُؤَجَّرَةٍ فَسَدَ الشَّرْطُ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
وَفِي التَّبْصِرَةِ: يَلْزَمُهُ رَدٌّ بِشَرْطٍ (وَلِ) مُؤَجِّرٍ (مُشْتَرِطٍ) عَلَى مُسْتَأْجِرٍ (عَدَمَ سَفَرٍ ب) عَيْنٍ (مُؤَجَّرَةٍ الْفَسْخُ بِهِ) أَيْ: سَفَرِهِ بِهَا لِمُخَالِفَتِهِ الشَّرْطَ. وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّ لَهُ السَّفَرَ مَعَ الْإِطْلَاقِ، وَلَيْسَ لِسَيِّدٍ آجَرَ رَقِيقَهُ السَّفَرُ بِهِ.
(وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ بِعَقْدِ) بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (فَأَعْطَى) بَائِعًا أَوْ مُؤَجِّرًا وَنَحْوَهُ (عَنْهَا دَنَانِيرَ) أَوْ غَيْرَهَا، بِأَنْ عَوَّضَهُ عَنْهَا عِوَضًا (ثُمَّ انْفَسَخَ) عَقْدُ الْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ وَنَحْوِهِ رَجَعَ مُشْتَرٍ أَوْ مُسْتَأْجِرٌ وَنَحْوِهِ بِالدَّرَاهِمِ ; لِأَنَّهَا عِوَضُ الْعَقْدِ، وَالْبَائِعُ أَوْ الْمُؤَجِّرُ وَنَحْوُهُ إنَّمَا أَخَذَ الدَّنَانِيرَ أَوْ نَحْوَهَا بِعَقْدٍ آخَرَ وَلَمْ يَنْفَسِخْ. أَشْبَهَ مَا لَوْ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ صَرَفَهَا بِدَنَانِيرَ أَوْ اشْتَرَى بِهَا عَرَضًا مِنْهُ.
[بَابُ الْمُسَابَقَةِ]
ِ مِنْ السَّبَقِ وَهُوَ بُلُوغُ الْغَايَةِ قَبْلَ غَيْرِهِ. وَالسَّبَقُ بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَالسِّبْقَةُ: الْجُعْلُ يُتَسَابَقُ عَلَيْهِ. وَهِيَ (الْمُجَارَاةُ بَيْنَ حَيَوَانٍ وَنَحْوِهِ) كَرِمَاحٍ وَمَنَاجِقَ وَكَذَا السِّبَاقُ (وَالْمُنَاضَلَةُ) مِنْ النَّضْلِ (الْمُسَابَقَةُ بِالرَّمْيِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ السَّهْمَ التَّامُّ يُسَمَّى نَضْلًا فَالرَّمْيُ بِهِ عَمَلٌ بِالنَّضْلِ.
(وَتَجُوزُ) الْمُسَابَقَةُ (فِي سُفُنٍ وَمَزَارِيقُ وَطُيُورٍ وَغَيْرِهَا) كَمَقَالِيعَ وَأَحْجَارٍ (وَعَلَى الْأَقْدَامِ وَكُلِّ الْحَيَوَانَاتِ) كَإِبِلٍ وَخَيْلٍ وَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ وَفِيَلَةٍ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِهَا فِي الْجُمْلَةِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60] وَحَدِيثِ مُسْلِمٍ " «إنَّ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ سَابَقَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» ".
وَفِي الْوَسِيلَةِ يُكْرَهُ الرَّقْصُ وَاللَّعِبُ كُلُّهُ وَمَجَالِسُ الشِّعْرِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ يُكْرَهُ لُعْبَةٌ بِأُرْجُوحَةٍ وَنَحْوِهَا.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ الْمَعْرُوفُ بِالطَّابِ وَالنَّقِيلَةِ: وَقَالَ: يَجُوزُ مَا قَدْ يَكُونُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ بِلَا مَضَرَّةٍ. وَيُسْتَحَبُّ بِآلَةِ حَرْبٍ. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَالثَّقَّافُ وَلَيْسَ مِنْ اللَّهْوِ تَأْدِيبُ فَرَسِهِ وَمُلَاعَبَةُ أَهْلِهِ وَرَمْيُهُ لِلْخَبَرِ.
وَ (لَا) تَجُوزُ مُسَابَقَةٌ (بِعِوَضٍ) أَيْ: مَالٍ لِمَنْ سَبَقَ (إلَّا فِي مُسَابَقَةِ خَيْلٍ وَإِبِلٍ وَسِهَامٍ) أَيْ: نُشَّابٍ وَنَبْلٍ لِلرِّجَالِ قَالَهُ فِي الْإِقْنَاعِ. لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "
«لَا سَبَقَ إلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ» " رَوَاهُ الْخَمْسَةُ. وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ مَاجَهْ " نَصْلٍ " ; وَلِأَنَّهَا آلَاتُ الْحَرْبِ الْمَأْمُورِ بِتَعَلُّمِهَا وَأَحْكَامِهَا.
فَلِذَلِكَ اخْتَصَّ بِهَا. وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ تَحْرِيمَ الرَّهْنِ فِي غَيْرِ الثَّلَاثَةِ إجْمَاعًا (بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ. أَحَدُهَا: تَعْيِينُ الْمَرْكُوبَيْنِ) فِي الْمُسَابَقَةِ (وَ) تَعْيِينُ (الرُّمَاةِ) فِي الْمُنَاضَلَةِ (بِرُؤْيَةٍ) فِيهِمَا (سَوَاءٌ كَانَا اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَتَيْنِ) ; لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي الْمُسَابَقَةِ مَعْرِفَةُ ذَاتِ الْمَرْكُوبَيْنِ الْمُسَابَقِ عَلَيْهِمَا وَمَعْرِفَةُ عَدَدِهِمَا وَفِي الْمُنَاضَلَةِ: مَعْرِفَةُ حِذْقِ الرُّمَاةِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّعْيِينِ بِالرُّؤْيَةِ. فَإِنْ عَقَدَ اثْنَانِ مُنَاضَلَةً وَمَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نَفَرٌ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ بَانَ بَعْضُ الْحِزْبِ كَثِيرُ الْإِصَابَةِ أَوْ عَكْسِهِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا ظَنَّ خِلَافِهِ لَمْ يُقْبَلْ. وَ (لَا) يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ (الرَّاكِبَيْنِ وَلَا الْقَوْسَيْنِ) ; لِأَنَّهُمَا آلَةٌ لِلْمَقْصُودِ كَالسَّرْجِ. وَالْقَصْدُ مَعْرِفَةُ عَدْوِ الْفَرَسِ وَحِذْقِ الرَّامِي كَمَا سَبَقَ.
وَكُلُّ مَا تَعَيَّنَ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ يَجُوزُ إبْدَالُهُ مُطْلَقًا. وَإِنْ شُرِطَ أَنْ لَا يَرْمِيَ بِغَيْرِ هَذَا الْقَوْس أَوْ السَّهْمِ أَوْ لَا يَرْكَبَ غَيْرُ فُلَانٍ فَفَاسِدٌ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. الشَّرْطُ (الثَّانِي: اتِّحَادُ الْمَرْكُوبَيْنِ) بِالنَّوْعِ فِي الْمُسَابَقَةِ (أَوْ) اتِّحَادُ (الْقَوْسَيْنِ بِالنَّوْعِ) فِي الْمُنَاضَلَةِ ; لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ مَعْلُومٌ بِحُكْمِ الْعَادَةِ. أَشْبَهَا الْجِنْسَيْنِ (فَلَا تَصِحُّ) مُسَابَقَةٌ (بَيْنَ) فَرَسٍ (عَرَبِيٍّ وَ) فَرَسٍ (هَجِينٍ) أَيْ: أَبُوهُ فَقَطْ عَرَبِيٌّ (وَلَا) الْمُنَاضَلَةُ بَيْنَ (قَوْسٍ عَرَبِيَّةٍ) أَيْ: قَوْسِ النَّبْلِ (وَ) قَوْسٍ (فَارِسِيَّةٍ) أَيْ: قَوْسِ النُّشَّابِ. قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ. وَلَا يُكْرَهُ الرَّمْيُ بِهَا.
فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ أَنْوَاعُ الْقَوْسِ الَّتِي يَرْمِيَانِ بِهَا فِي الِابْتِدَاءِ لَمْ يَصِحَّ. الشَّرْطُ (الثَّالِثُ: تَحْدِيدُ الْمَسَافَةِ) بِالِابْتِدَاءِ (وَالْغَايَةِ وَ) تَحْدِيدُ (مَدَى رَمْيٍ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ) أَمَّا فِي الْمُسَابَقَةِ ; فَلِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ الْأَسْبَقِ. وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّسَاوِي فِي الْغَايَةِ ; لِأَنَّ مِنْ الْحَيَوَانِ مَا يُقَصِّرُ فِي أَوَّلِ عَدْوِهِ وَيُسْرِعُ فِي انْتِهَائِهِ وَبِالْعَكْسِ. فَيَحْتَاجُ إلَى غَايَةٍ تَجْمَعُ حَالَيْهِ. فَإِنْ اسْتَبَقَا بِلَا غَايَةٍ لِيُنْظَرَ أَيَّهُمَا يَقِفُ أَوَّلًا لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ لَا يَقِفَ أَحَدُهُمَا حَتَّى يَنْقَطِعَ فَرَسُهُ وَيَتَعَذَّرُ الْإِشْهَادُ عَلَى السَّبَقِ فِيهِ. وَأَمَّا فِي الْمُنَاضَلَةِ ; فَلِأَنَّ الْإِصَابَةَ تَخْتَلِفُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ. فَإِنْ قُيِّدَ بِمَدًى تَتَعَذَّرُ فِيهِ الْإِصَابَةُ غَالِبًا وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ لَمْ يَصِحَّ. ; لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِهِ الْغَرَضُ الْمَقْصُودُ بِالرَّمْيِ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ مَا رَمَى فِي أَرْبَعِمِائَةِ ذِرَاعٍ إلَّا عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ.
الشَّرْطُ (الرَّابِعُ: عِلْمُ عِوَضٍ) ; لِأَنَّهُ مَالٌ فِي عَقْدٍ. فَوَجَبَ الْعِلْمُ بِهِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَيُعْلَمُ بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ الْوَصْفِ. وَيَجُوزُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا وَبَعْضُهُ حَالٌّ
وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ كَالْبَيْعِ (وَإِبَاحَتُهُ) أَيْ: الْعِوَضِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَهُوَ) أَيْ: الْعِوَضُ أَيْ: بَذْلُهُ (تَمْلِيكٌ) لِلسَّابِقِ (بِشَرْطِ سَبْقِهِ) وَلِهَذَا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ: الْقِيَاسُ لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ (الْخَامِسُ: الْخُرُوجُ) بِالْعِوَضِ (عَنْ شِبْهِ قِمَارٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ. يُقَالُ: قَامَرَهُ قِمَارًا وَمُقَامَرَةً فَقَمَرَهُ إذَا رَاهَنَهُ فَغَلَبَهُ (بِأَنْ لَا يُخْرِجَ جَمِيعُهُمْ) الْعِوَضَ. لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ لَمْ يَخْلُ عَنْ أَنْ يَغْنَمَ أَوْ يَغْرَمَ وَهُوَ شِبْهُ الْقِمَارِ.
(فَإِنْ كَانَ) الْجُعْلُ (مِنْ الْإِمَامِ) عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ فَهُوَ لَهُ. جَازَ وَلَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. ; لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً وَحَثًّا عَلَى تَعَلُّمِ الْجِهَادِ وَنَفْعًا لِلْمُسْلِمِينَ (أَوْ) كَانَ الْجُعْلُ مِنْ (غَيْرِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ فَهُوَ لَهُ جَازَ. لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَالْقُرْبَةِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ سِلَاحًا أَوْ خَيْلًا (أَوْ) كَانَ الْجُعْلُ (مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ: الْمُتَسَابِقَيْنِ أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْهُمْ إذَا كَثَرُوا وَثَمَّ مَنْ لَمْ يَخْرُجْ (عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ أَخْذُهُ جَازَ) ; لِأَنَّهُ إذَا جَازَ بَذْلُهُ مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ مِنْ بَعْضِهِمْ.
(فَإِنْ جَاءَا) أَيْ: الْمُتَسَابِقَانِ مُنْتَهَى الْغَايَةِ (مَعًا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا) مِنْ الْجُعْلِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (وَإِنْ سَبَقَ مُخْرِجُ) عِوَضٍ (أَحْرَزَهُ. وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا) لِئَلَّا يَكُونَ قِمَارًا (وَإِنْ سَبَقَ الْآخَرُ) الَّذِي لَمْ يُخْرِجْ (أَحْرَزَ سَبْقَ صَاحِبِهِ) فَمَلَكَهُ كَسَائِرِ مَالِهِ، كَالْعِوَضِ فِي الْجَعَالَةِ إذَا وَفَّى بِالْعَمَلِ. فَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَخَذَهُ وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَدَيْنٌ يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ. وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا. وَإِنْ أَفْلَسَ ضُرِبَ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ (وَإِنْ أَخْرَجَا) أَيْ: الْمُتَسَابِقَانِ (مَعًا لَمْ يَجُزْ) تَسَاوِيًا أَوْ تَفَاضُلًا ; لِأَنَّهُ قِمَارٌ، إذْ لَا يَخْلُو كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ أَنْ يَغْنَمَ أَوْ يَغْرَمَ (إلَّا بِمُحَلِّلٍ لَا يُخْرِجُ شَيْئًا.
(وَلَا يَجُوزُ) كَوْنُ مُحَلِّلٍ (أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ) لِدَفْعِ الْحَاجَةِ بِهِ (يُكَافِئُ مَرْكُوبُهُ) أَيْ: الْمُحَلِّلِ (مَرْكُوبَيْهِمَا) فِي الْمُسَابَقَةِ (أَوْ) يُكَافِئُ (رَمْيُهُ رَمْيَهُمَا) فِي الْمُنَاضَلَةِ. لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " «مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَلَيْسَ قِمَارًا. وَمَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يَسْبِقَ فَهُوَ قِمَارٌ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَافِئِ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.
(فَإِنْ سَبَقَاهُ) أَيْ: سَبَقَ الْمُخْرِجَانِ الْمُحَلِّلَ وَلَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (أَحْرَزَا سَبَقَيْهِمَا) أَيْ: أَحْرَزَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَبَقَهُ ; لِأَنَّهُ لَا سَابِقَ مِنْهُمَا. وَلَا شَيْءَ لِلْمُحَلِّلِ. لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدَهُمَا (وَلَمْ يَأْخُذَا مِنْهُ شَيْئًا) لِئَلَّا يَكُونَ قِمَارًا (وَإِنْ سَبَقَ هُوَ) أَيْ: الْمُحَلِّلُ الْمُخْرِجَيْنِ أَحْرَزَ السَّبَقَيْنِ (أَوْ) سَبَقَ (أَحَدُهُمَا) أَيْ: أَحَدُ الْمُخْرِجَيْنِ صَاحِبَهُ وَالْمُحَلِّلَ (أَحْرَزَ السَّبَقَيْنِ) لِوُجُودِ شَرْطِهِ (وَإِنْ سَبَقَا) أَيْ: الْمُحَلِّلُ وَأَحَدُ الْمُخْرِجَيْنِ
(مَعًا فَسَبْقُ مَسْبُوقٍ بَيْنَهُمَا) نِصْفَيْنِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي السَّبَقِ وَمَا أَخْرَجَهُ السَّابِقُ مَعَ الْمُحَلِّلِ فَهُوَ لَهُ بِسَبْقِهِ.
(وَإِنْ قَالَ غَيْرُهُمَا) أَيْ: غَيْرُ الْمُتَسَابِقَيْنِ الْمُخْرِجَ لِلْعِوَضِ (مَنْ سَبَقَ) مِنْكُمَا (أَوْ صَلَّى فَلَهُ عَشَرَةٌ لَمْ يَصِحَّ مَعَ اثْنَيْنِ) ; لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي طَلَبِ السَّبَقِ إذَنْ فَلَا حِرْصَ عَلَيْهِ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ زَادَ) عَلَى اثْنَيْنِ صَحَّ (أَوْ قَالَ) مُخْرِجٌ: مَنْ سَبَقَ فَلَهُ عَشَرَةٌ (وَمَنْ صَلَّى فَلَهُ خَمْسَةٌ وَكَذَا عَلَى التَّرْتِيبِ لِلْأَقْرَبِ) فَالْأَقْرَبِ (السَّابِقِ) كَمَا لَوْ قَالَ: وَمَنْ تَلَى فَلَهُ أَرْبَعَةٌ (صَحَّ) لِاجْتِهَادِ كُلٍّ مِنْهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ سَابِقًا لِيُحْرِزَ الْأَكْثَرَ.
(وَخَيْلُ الْحَلْبَةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ (مُرَتَّبَةٌ) وَهِيَ خَيْلٌ تَجْتَمِعُ لِلسِّبَاقِ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ، لِتَخْرُجَ مِنْ إسْطَبْلٍ وَاحِدٍ كَمَا يُقَالُ لِلْقَوْمِ إذَا جَاءُوا مِنْ أَوْبٍ لِلنُّصْرَةِ: قَدْ أَحْلَبُوا. قَالَ فِي الصِّحَاحِ. أَوَّلُهَا (مُجَلٍّ) بِالْجِيمِ وَهُوَ السَّابِقُ لِجَمِيعِ خَيْلِ الْحَلْبَةِ (فَمُصَلٍّ) ; لِأَنَّ رَأْسَهُ تَكُونُ عِنْدَ صَلَا الْمُجَلِّي. وَالصَّلَوَانِ: عِرْقَانِ أَوْ عَظْمَانِ مِنْ جَانِبَيْ الذَّنَبِ. .
وَفِي الْأَثَرِ عَنْ عَلِيٍّ " سَبَقَ أَبُو بَكْرٍ وَصَلَى عُمَرُ، وَخَبَطَتْنَا فِتْنَةٌ " وَهِيَ مَوْتُ عُثْمَانَ (فَتَالٍ) الْجَائِي بَعْدَ الْمُصَلِّي (فَبَارِعٌ) الرَّابِعُ (فَمُرْتَاحٌ) الْخَامِسُ (فَحَظِيٌّ) السَّادِسُ (فَعَاطِفٌ) السَّابِعُ (فَمُؤَمَّلٌ) بِوَزْنِ مُعَظَّمٍ الثَّامِنُ (فَلَطِيمٌ) التَّاسِعُ (فَسُكَيْتٌ) بِوَزْنِ كُمَيْتٍ، وَقَدْ تُشَدَّدُ يَاؤُهُ: الْعَاشِرُ آخِرُ خَيْلِ الْحَلْبَةِ (فَفُسْكُلٌ) كَقُنْفُذٍ وَزَبْرَجٍ وَبِرْذَوْنٍ: الَّذِي يَجِيءُ آخِرِ الْخَيْلِ وَيُسَمَّى الْقَاشُورُ وَالْقَاشِرَ، هَكَذَا فِي التَّنْقِيحِ.
وَفِي الْكَافِي وَالْمُطْلِعِ: مُجَلٍّ فَمُصَلٍّ فَمُسْلٍ فَتَالٍ فَمُرْتَاحٌ إلَى آخِرِهَا وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْفِسْكِلُ بِالْكَسْرِ الَّذِي يَجِيءُ فِي الْحَلْبَةِ آخِرَ الْخَيْلِ. وَمِنْهُ رَجُلٌ فُسْكُلٌ إذَا كَانَ رَذْلًا انْتَهَى. فَكَانَ الصَّوَابُ عَطْفَهُ بِالْوَاوِ
(وَيَصِحُّ عَقْدٌ لَا شَرْطٌ) فَيَلْغُو (فِي) قَوْلِ أَحَدِ الْمُتَسَابِقَيْنِ لِلْآخَرِ (إنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ كَذَا وَلَا أَرْمِي أَبَدًا أَوْ) لَا أَرْمِي (شَهْرًا) وَنَحْوَهُ (أَوْ) شَرَطَا (أَنَّ السَّابِقَ يُطْعِمُ السَّبَقَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ: الْجُعْلَ (أَصْحَابَهُ أَوْ) أَنَّهُ يُطْعِمُهُ (بَعْضَهُمْ أَوْ) أَنَّهُ يُطْعِمُهُ (غَيْرَهُمْ) وَوَجْهُ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ هَذِهِ: أَنَّهُ قَدْ تَمَّ بِأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ كَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ.
وَأَمَّا إلْغَاءُ نَحْوِ: لَا أَرْمِي أَبَدًا أَوْ شَهْرًا ; فَلِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ شَيْءٍ مَطْلُوبٍ مِنْهُ شَرْعًا. أَشْبَهَ قَوْلَهُ: وَلَا أُجَاهِدُ أَوْ نَحْوَهُ، وَأَمَّا إلْغَاءُ إطْعَامِ غَيْرِهِ ; فَلِأَنَّهُ عِوَضٌ عَلَى عَمَلٍ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُ الْعَامِلِ، كَعِوَضِ الْجَعَالَةِ.