الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ وَالصُّلْحِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَلَا فِيمَا إذَا كَانَ سُقُوطًا يُمْكِنُ عَوْدُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ.
(وَ) لَهُ (إعَادَتُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ زَالَ لِسُقُوطِهِ أَوْ سُقُوطِ مَا تَحْتَهُ أَوْ لِهَدْمِهِ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ بَقَاءَهُ بِعِوَضٍ (وَ) لَهُ (الصُّلْحُ عَلَى عَدَمِهَا) أَيْ الْإِعَادَةِ ; لِأَنَّهُ إذَا جَازَ بَيْعُهُ مِنْهُ جَازَ صُلْحُهُ عَنْهُ (كَ) مَا لَهُ الصُّلْحُ (عَلَى زَوَالِهِ) أَيْ رَفْعِ مَا عَلَى الْعُلُوِّ مِنْ بُنْيَانٍ أَوْ خَشَبٍ سَوَاءٌ صَالَحَهُ عَنْهُ بِمِثْلِ الْعِوَضِ الْمُصَالَحِ بِهِ عَلَى وَضْعِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ; لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُ فَصَحَّ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ مَسِيلُ مَاءٍ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ أَوْ مِيزَابٍ وَنَحْوِهِ فَصَالَحَ رَبُّ الْأَرْضِ مُسْتَحِقَّهُ لِيُزِيلَهُ عَنْهُ بِعِوَضٍ جَازَ (وَ) لَهُ (فِعْلُهُ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَمَرِّ وَفَتْحِ الْبَابِ بِالْحَائِطِ وَحَفْرِ الْبُقْعَةِ بِالْأَرْضِ بِئْرًا وَوَضْعِ الْبِنَاءِ وَالْخَشَبِ عَلَى عُلُوِّ غَيْرِهِ (صُلْحًا أَبَدًا) ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِجَارَتُهُ فَجَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِالصُّلْحِ (أَوْ) فَعَلَهُ (إجَارَةً مُدَّة مُعِينَةً) ; لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُبَاحٌ مَقْصُودٌ (وَإِذَا مَضَتْ بَقِيَ وَلَهُ) أَيْ مَالِكِ الْعُلُوِّ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) وَلَا يُطَالِبُ بِإِزَالَةِ بِنَائِهِ وَخَشَبِهِ ; لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِيهِ ; لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُسْتَأْجَرُ كَذَلِكَ إلَّا لِلتَّأْبِيدِ، وَمَعَ التَّسَاكُتِ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، ذَكَرَ مَعْنَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ قُلْتُ: وَعَلَى قِيَاسِهِ الْحُكُورَةُ الْمَعْرُوفَةُ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْجِوَارِ]
بِكَسْرِ الْجِيمِ مَصْدَرُ جَاوَرَ وَأَصْلُهُ الْمُلَازَمَةُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمُعْتَكِفِ مُجَاوِرٌ لِمُلَازَمَةِ الْجَارِ جَارَهُ فِي الْمَسْكَنِ.
وَفِي الْحَدِيثِ «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» (إذَا حَصَلَ فِي هَوَائِهِ) أَيْ الْإِنْسَانِ أَوْ عَلَى جِدَارِهِ (أَوْ) فِي (أَرْضِهِ) الَّتِي يَمْلِكُهَا أَوْ بَعْضِهَا أَوْ يَمْلِكُ نَفْعَهَا أَوْ بَعْضَهُ (غُصْنُ شَجَرِ غَيْرِهِ أَوْ عِرْقُهُ) أَيْ حَصَلَ فِي هَوَائِهِ غُصْنُ شَجَرِ غَيْرِهِ أَوْ حَصَلَ فِي أَرْضِهِ عِرْقُ شَجَرِ غَيْرِهِ (لَزِمَهُ) أَيْ رَبَّ الْغُصْنِ وَالْعِرْقِ (إزَالَتُهُ) بِرَدِّهِ إلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى أَوْ قَطْعُهُ سَوَاءٌ أَثَّرَ ضَرَرًا أَوْ لَا لِيُخَلِّيَ مِلْكَهُ الْوَاجِبَ إخْلَاؤُهُ وَالْهَوَاءُ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ.
(وَضَمِنَ) رَبُّ غُصْنٍ أَوْ عِرْقٍ (مَا تَلِفَ بِهِ بَعْدَ طَلَبٍ) بِإِزَالَتِهِ لِصَيْرُورَتِهِ مُعْتَدِيًا بِإِبْقَائِهِ وَبَنَاهُ فِي الْمُغْنِي عَلَى مَسْأَلَةِ مَا إذَا مَالَ حَائِطُهُ فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى أَتْلَفَ شَيْئًا فَعَلَيْهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَإِذَا أَبَى) رَبُّ غُصْنٍ
أَوْ عِرْقٍ إزَالَتَهُ (فَلَهُ) أَيْ رَبِّ الْهَوَاءِ أَوْ الْأَرْضِ (قَطْعُهُ) أَيْ الْغُصْنِ أَوْ الْعِرْقِ إنْ لَمْ يَزُلْ إلَّا بِهِ بِلَا حَاكِمٍ وَلَا غُرْمَ ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُ مَالِ غَيْرِهِ فِي مِلْكِهِ بِلَا رِضَاهُ وَلَا يُجْبَرُ رَبُّهُ عَلَى إزَالَتِهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَ (لَا) يَصِحُّ (صُلْحُهُ) أَيْ رَبِّ الْغُصْنِ أَوْ الْعِرْقِ عَلَى ذَلِكَ بِعِوَضٍ (وَلَا) صُلْحُ (مَنْ مَالَ حَائِطُهُ أَوْ زَلَقَ خَشَبُهُ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ إبْقَائُهُ كَذَلِكَ (بِعِوَضٍ) ; لِأَنَّ شَغْلَهُ لِمِلْكِ الْآخَرِ لَا يَنْضَبِطُ وَإِذَا اتَّفَقَا) أَيْ رَبُّ الْغُصْنِ وَالْهَوَاءِ أَوْ الْأَرْضِ وَالْعِرْقِ عَلَى (أَنَّ الثَّمَرَةَ لَهُ أَوْ) عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ (بَيْنَهُمَا جَازَ) ; لِأَنَّهُ أَصْلَحُ مِنْ الْقَطْعِ (وَلَمْ يَلْزَمْ) الصُّلْحُ ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى ضَرَرِ رَبِّ الشَّجَرِ لِتَأْبِيدِ اسْتِحْقَاقِ الثَّمَرَةِ عَلَيْهِ أَوْ مَالِكِ الْهَوَاءِ، أَوْ الْأَرْضِ لِتَأْبِيدِ بَقَاءِ الْغُصْنِ أَوْ الْعِرْقِ فِي مِلْكِهِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهُ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ ثُمَّ امْتَنَعَ رَبُّ الشَّجَرَةِ مِنْ دَفْعِ مَا صَالَحَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ
(وَحَرُمَ إخْرَاجُ دُكَّانٍ) بِضَمِّ الدَّالِ (وَ) إخْرَاجُ (دَكَّةٍ) بِفَتْحِهَا قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَالدَّكَّةُ بِالْفَتْحِ وَالدُّكَّانُ بِالضَّمِّ بِنَاءٌ يُسَطَّحُ أَعْلَاهُ لِلْمَقْعَدِ.
وَفِي مَوْضِعٌ آخَرَ الدُّكَّانُ كَرُّمَّانٍ الْحَانُوتُ (بِ) طَرِيقٍ (نَافِذٍ) سَوَاءٌ أَضَرَّ بِالْمَارَّةِ أَوْ لَا ; لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ حَالًا فَقَدْ يَضُرُّ مَآلًا وَسَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ أَوْ لَا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَا سِيَّمَا مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَضُرَّ (فَيَضْمَنُ) مَخْرَجَ دُكَّانٍ أَوْ دَكَّةٍ (مَا تَلِفَ بِهِ) لِتَعَدِّيهِ
(وَكَذَا جَنَاحٌ وَ) هُوَ الرَّوْشَنُ عَلَى أَطْرَافِ خَشَبٍ أَوْ حَجَرٍ مَدْفُونَةٍ فِي الْحَائِطِ وَ (سَابَاطٌ) وَهُوَ الْمُسْتَوْفِي لِلطَّرِيقِ عَلَى جِدَارَيْنِ (وَمِيزَابٌ) فَيَحْرُمُ إخْرَاجُهَا بِنَافِذٍ (إلَّا بِإِذْنِ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ) ; لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ فَإِذْنُهُ كَإِذْنِهِمْ، وَلِحَدِيثِ أَحْمَدَ " أَنَّ عُمَرَ اجْتَازَ عَلَى دَارِ الْعَبَّاسِ وَقَدْ نَصَبَ مِيزَابًا إلَى الطَّرِيقِ فَقَلَعَهُ فَقَالَ تَقْلَعُهُ وَقَدْ نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَا تَنْصِبَهُ إلَّا عَلَى ظَهْرِي فَانْحَنَى حَتَّى صَعَدَ عَلَى ظَهْرِهِ فَنَصَبَهُ " وَلِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ (بِلَا ضَرَرٍ بِأَنْ يُمْكِنَ عُبُورُ مَحْمَلٍ) مِنْ تَحْتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَضْعُهُ وَلَا إذْنُهُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ مُنْخَفِضًا وَقْتَ وَضْعِهِ ثُمَّ ارْتَفَعَ لِطُولِ الزَّمَنِ فَحَصَلَ بِهِ ضَرَرٌ وَجَبَتْ إزَالَتُهُ ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ
(وَيَحْرُمُ ذَلِكَ) أَيْ إخْرَاجُ دُكَّانٍ وَدَكَّةٍ وَجَنَاحٍ وَسَابَاطٍ وَمِيزَابٍ (فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ هَوَائِهِ) أَيْ الْغَيْرِ (أَوْ) فِي (دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ) أَ (وفَتْحِ بَابٍ فِي ظَهْرِ دَارٍ فِيهِ) أَيْ الدَّرْبِ غَيْرِ النَّافِذِ (لِاسْتِطْرَاقٍ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ) إنْ كَانَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ (أَوْ) إلَّا بِإِذْنِ (أَهْلِهِ) أَيْ الدَّرْبِ غَيْرِ النَّافِذِ إنْ فَعَلَ فِيهِ ; لِأَنَّ الدَّرْبَ مِلْكُهُمْ فَلَمْ يَجُزْ التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِمْ
(وَيَجُوزُ) فَتْحُ بَابٍ
فِي ظَهْرِ دَارٍ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ بِلَا إذْنِ أَهْلِهِ (لِغَيْرِ اسْتِطْرَاقٍ) كَلِضَوْءٍ وَهَوَاءٍ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لِأَهْلِهِ فِي الِاسْتِطْرَاقِ وَلَمْ يُزَاحِمْهُمْ فِيهِ ; وَلِأَنَّ غَايَتَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ بِرَفْعِ بَعْضِ حَائِطِهِ (وَ) يَجُوزُ فَتْحُ ذَلِكَ وَلَوْ لِاسْتِطْرَاقٍ (فِي) زُقَاقٍ (نَافِذٍ) ; لِأَنَّهُ ارْتِفَاقٌ بِمَا لَا يَتَعَيَّنُ لَهُ مَالِكٌ وَلَا إضْرَارَ فِيهِ عَلَى الْمَارِّينَ
(وَ) يَجُوزُ (صُلْحٌ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ إخْرَاجِ دُكَّانٍ وَدَكَّةٍ بِمِلْكِ غَيْرِهِ وَجَنَاحٍ وَسَابَاطٍ وَمِيزَابٍ بِهَوَاءِ غَيْرِهِ وَالِاسْتِطْرَاقُ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ (بِعِوَضٍ) ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لِمَالِكِهِ الْخَاصِّ وَلِأَهْلِ الدَّرْبِ فَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَمَحَلُّهُ فِي الْجَنَاحِ وَنَحْوِهِ إنْ عُلِمَ مِقْدَارُ خُرُوجِهِ وَعُلُوِّهِ
(وَ) يَجُوزُ (نَقْلُ بَابٍ فِي) دَرْبٍ (غَيْرِ نَافِذٍ) مِنْ آخِرِهِ (إلَى أَوَّلِهِ) لِتَرْكِهِ بَعْضَ حَقِّهِ فِي الِاسْتِطْرَاقِ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ (بِلَا ضَرَرٍ) فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ مُنِعَ مِنْهُ (كَ) أَنْ فَتَحَهُ فِي (مُقَابَلَةِ بَابِ غَيْرِهِ وَنَحْوِهِ) كَفَتْحِهِ عَالِيًا يَصْعَدُ إلَيْهِ بِسُلَّمٍ يُشْرِفُ مِنْهُ عَلَى دَارِ جَارِهِ
وَ (لَا) يَجُوزُ نَقْلُ الْبَابِ بِدَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ مِنْ أَوَّلِهِ (إلَى دَاخِلٍ) مِنْهُ نَصًّا (إنْ لَمْ يَأْذَنْ مَنْ فَوْقَهُ) أَيْ الدَّاخِلُ عَنْهُ لِتَعَدِّيهِ إلَى مَوْضِعٍ لَا اسْتِطْرَاقَ لَهُ فِيهِ.
(وَ) إنْ أَذِنَ مَنْ فَوْقَهُ جَازَ، وَ (يَكُونُ إعَارَةً) لَازِمَةً فَلَا رُجُوعَ لِلْآذِنِ بَعْدَ فَتْحِ الدَّاخِلِ وَسَدُّ الْأَوَّلِ كَإِذْنِهِ فِي نَحْوِ بِنَاءٍ عَلَى جِدَارِهِ ; لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِالْمُسْتَعِيرِ ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي شَرْحِهِ فَإِنْ سَدَّ الْمَالِكُ بَابَهُ الدَّخِلَ، ثُمَّ أَرَادَ فَتْحَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ إلَّا بِإِذْنٍ ثَانٍ
(وَمَنْ خَرَقَ بَيْنَ دَارَيْنِ لَهُ) أَيْ الْخَارِقِ (مُتَلَاصِقَيْنِ) مِنْ ظَهْرِهِمَا (بَابَاهُمَا فِي دَرْبَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ) أَيْ بَابُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ (وَاسْتَطْرَقَ) بِالْخَرْقِ (إلَى كُلٍّ) مِنْ الدَّارَيْنِ (مِنْ الْأُخْرَى جَازَ) ; لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَطْرَقَ مِنْ كُلِّ دَرْبٍ إلَى دَارِهِ الَّتِي فِيهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الِاسْتِطْرَاقِ مِنْهَا إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، كَدَارٍ وَاحِدَةٍ لَهَا بَابَانِ يَدْخُلُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَيَخْرُجُ مِنْ الْآخَرِ
(وَحَرُمَ) عَلَى مَالِكٍ (أَنْ يُحْدِثَ بِمِلْكِهِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ كَحَمَّامٍ) يَتَأَذَّى جَارُهُ بِدُخَانِهِ أَوْ يَتَضَرَّرُ حَائِطُهُ بِمَائِهِ وَمِثْلُهُ مَطْبَخُ سُكَّرٍ (وَكَنِيفٍ) يَتَأَذَّى جَارُهُ بِرِيحِهِ أَوْ يَصِلُ إلَى بِئْرِهِ (وَرَحًى) يَهْتَزُّ بِهَا حِيطَانُهُ (وَتَنُّورٍ) يَتَعَدَّى دُخَانُهُ إلَيْهِ وَدُكَّانِ حِدَادَةٍ وَقِصَارَةٍ يَتَأَذَّى بِدَقِّهِ بِهَزِّ الْحِيطَانِ لِحَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» بِجَارِهِ (وَلَهُ) أَيْ الْجَارِ (مَنْعُهُ إنْ فَعَلَ) ذَلِكَ (كَابْتِدَاءِ إحْيَائِهِ) أَيْ كَمَا لَهُ مَنْعُهُ مِنْ ابْتِدَاءِ إحْيَاءِ مَا بِجِوَارِهِ لِتَعَلُّقِ مَصَالِحِهِ بِهِ (وَك) مَا لَهُ مَنْعُهُ مِنْ (دَقٍّ وَسَقْيٍ يَتَعَدَّى) إلَيْهِ لِلْخَبَرِ وَلَهُ تَعْلِيَةُ دَارِهِ وَلَوْ أَفْضَى إلَى سَدِّ الْفَضَاءِ عَنْ جَارِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (بِخِلَافِ طَبْخٍ وَخَبْزٍ فِيهِ) أَيْ مِلْكِهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ
وَضَرَرُهُ يَسِيرٌ لَا سِيَّمَا بِالْقُرَى.
وَإِنْ ادَّعَى فَسَادَ بِئْرِهِ بِكَنِيفِ جَارِهِ أَوْ بَالُوعَتِهِ اُخْتُبِرَ بِالنِّفْطِ يُلْقَى فِيهِمَا فَإِنْ ظَهَرَ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ بِالْمَاءِ نُقِلَتَا إنْ لَمْ يُمْكِنُ إصْلَاحُهُمَا
(وَمَنْ لَهُ حَقُّ مَاءٍ يَجْرِي عَلَى سَطْحِ جَارِهِ لَمْ يَجُزْ لِجَارِهِ تَعْلِيَةُ سَطْحِهِ لِيَمْنَعَ الْمَاءَ) أَنْ يَجْرِيَ عَلَى سَطْحِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ جَارِهِ (أَوْ) أَنْ يُعَلِّيَهُ (ل) كَيْ (يَكْثُرَ ضَرَرُهُ) أَيْ صَاحِبِ الْحَقِّ بِإِجْرَائِهِ عَلَى مَا عَلَاهُ لِلْمُضَارَّةِ بِهِ
(وَيَحْرُمُ تَصَرُّفٌ فِي جِدَارِ جَارٍ أَوْ) فِي جِدَارٍ (مُشْتَرَكٍ) بَيْنَ الْمُتَصَرِّفِ وَغَيْرِهِ (بِفَتْحِ رَوْزَنَةٍ) وَهِيَ الْكَوَّةُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا أَيْ الْخَرْقُ فِي الْحَائِطِ (أَوْ) بِفَتْحِ (طَاقٍ أَوْ) ب (ضَرْبِ وَتَدٍ) وَلَوْ لِسُتْرَةٍ (وَنَحْوِهِ) كَجَعْلِ رَفٍّ فِيهِ (إلَّا بِإِذْنِ) مَالِكِهِ أَوْ شَرِيكِهِ كَالْبِنَاءِ عَلَيْهِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (وَضْعُ خَشَبٍ) عَلَى جِدَارِ دَارٍ أَوْ مُشْتَرَكٍ (إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنُ تَسْقِيفٌ إلَّا بِهِ) فَيَجُوزُ (بِلَا ضَرَرٍ) نَصًّا (وَيُجْبَرُ) رَبُّ الْجِدَارِ أَوْ الشَّرِيكِ فِيهِ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْهُ (إنْ أَبَى) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَهُ عَلَى جِدَارِهِ، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَالِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ؟ وَاَللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِحَائِطِ جَارِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّهُ أَشْبَهَ الِاسْتِنَادَ إلَيْهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَالِغِ وَالْيَتِيمِ وَالْمَجْنُونِ وَالْعَاقِلِ وَلَمْ يَجُزْ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَخْذُ عِوَضٍ عَنْهُ إذَنْ ; لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عِوَضَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ (وَجِدَارُ مَسْجِدٍ ك) جِدَارِ (دَارٍ) نَصًّا ; لِأَنَّهُ إذَا جَازَ فِي مِلْكِ الْآدَمِيِّ مَعَ شُحِّهِ وَضِيقِهِ فَحَقُّ اللَّهِ أَوْلَى وَالْفَرْقُ بَيْنَ فَتْحِ الْبَابِ وَالطَّاقِ وَبَيْنَ وَضْعِ الْخَشَبِ: أَنَّ الْخَشَبَ يُمْسِكُ الْحَائِطَ وَالطَّاقَ وَالْبَابَ يُضْعِفُهُ، وَوَضْعُ الْخَشَبِ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِرَبِّ الْحَائِطِ هَدْمُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَمَتَى زَالَ الْخَشَب بِسُقُوطِهِ أَوْ سُقُوطِ الْحَائِطِ ثُمَّ أُعِيدَ فَلَهُ إعَادَتُهُ إنْ بَقِيَ الْمُجَوِّزُ لِوَضْعِهِ وَإِنْ خِيفَ سُقُوطُ الْحَائِطِ بِاسْتِمْرَارِهِ عَلَيْهِ لَزِمَهُ إزَالَتُهُ وَإِنْ اسْتَغْنَى رَبُّ الْخَشَبِ عَنْ إبْقَائِهِ عَلَيْهِ لَمْ تَلْزَمْهُ إزَالَتُهُ ; لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِصَاحِبِهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ هَدْمُهُ بِلَا حَاجَةٍ، وَلَا إجَارَتُهُ أَوْ إعَارَتُهُ عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ وَضْعِ خَشَبِهِ.
وَمَنْ وَجَدَ بِنَاءَهُ أَوْ خَشَبَهُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ أَوْ مُشْتَرَكًا وَلَمْ يَعْلَمْ سَبَبَهُ وَزَالَ فَلَهُ إعَادَتُهُ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ وَضْعُهُ بِحَقٍّ، وَكَذَا مَسِيلُ مَائِهِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ أَوْ مَجْرَى مَاءٍ بِسَطْحِهِ عَلَى سَطْحِ غَيْرِهِ وَنَحْوِهِ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ بِحَقٍّ أَوْ عُدْوَانٍ فَقَوْلُ صَاحِبِهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ
(وَلَهُ) أَيْ الْإِنْسَانِ (أَنْ يَسْتَنِدَ) إلَى حَائِطِ غَيْرِهِ (وَ) أَنْ (يُسْنِدَ قُمَاشَهُ وَجُلُوسَهُ فِي ظِلِّهِ)
بِلَا إذْنِهِ لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ وَعَدَمِ الضَّرَرِ فِيهِ.
(وَ) يَجُوزُ (نَظَرُهُ) أَيْ الْإِنْسَانِ (فِي ضَوْءِ سِرَاجِ غَيْرِهِ) بِلَا إذْنِهِ نَصًّا لِمَا تَقَدَّمَ
(وَإِنْ طَلَبَ شَرِيكٌ فِي حَائِطٍ) انْهَدَمَ طِلْقًا أَوْ وَقْفًا (أَوْ) فِي (سَقْفٍ انْهَدَمَ) مُشَاعًا بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَ سُفْلِ أَحَدِهِمَا وَعُلُوِّ الْآخَرِ (شَرِيكَهُ) فِيهِ بِبِنَاءٍ مَعَهُ أَيْ الطَّالِبِ (أُجْبِرَ) الْمَطْلُوبُ عَلَى الْبِنَاءِ مَعَهُ نَصًّا (كَ) مَا يُجْبَرُ عَلَى (نَقْضِهِ) مَعَهُ (عِنْدَ خَوْفِ سُقُوطِ) الْحَائِطِ أَوْ السَّقْفِ دَفْعًا لِضَرَرِهِ لِحَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَكَوْنُ الْمِلْكِ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ تُوجِبُ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مُسَلَّمًا لَكِنَّ حُرْمَةَ الشَّرِيكِ الَّذِي يَتَضَرَّرُ بِتَرْكِ الْبِنَاءِ تُوجِبُ ذَلِكَ.
وَإِذَا أَبَى) شَرِيكٌ الْبِنَاءَ مَعَ شَرِيكِهِ وَأَجْبَرَهُ عَلَيْهِ حَاكِمٌ وَأَصَرَّ (أَخَذَ حَاكِمٌ) تَرَافَعَا إلَيْهِ (مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْمُمْتَنِعِ النَّقْدَ وَأَنْفَقَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ (أَوْ بَاعَ) الْحَاكِمُ (عَرْضَهُ) أَيْ الْمُمْتَنِعِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَقْدٌ (وَأَنْفَقَ) مِنْ ثَمَنِهِ مَعَ شَرِيكِهِ بِالْمُحَاصَّةِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ وَإِذَا تَعَذَّرَ) ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ لِنَحْوِ تَغْيِيبِ مَالِهِ (اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) الْحَاكِمُ لِيُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ كَنَفَقَةِ نَحْوِ زَوْجَتِهِ.
(وَإِنْ بَنَاهُ) شَرِيكٌ (بِإِذْنِ شَرِيكِهِ) أَوْ بِإِذْنِ (حَاكِمٍ أَوْ) بِدُونِ إذْنِهِمَا (لِيَرْجِعَ) عَلَى شَرِيكِهِ وَبَنَاهُ (شَرِكَةً رَجَعَ) لِرُجُوعِهِ عَلَى الْمُنْفِقِ عَنْهُ فَقَدْ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ.
(وَ) إنْ بَنَاهُ شَرِيكُهُ (لِنَفْسِهِ بِآلَتِهِ) أَيْ الْمُنْهَدِمِ (فَ) الْمَبْنِيُّ (شَرِكَةٌ) بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَ ; لِأَنَّ الْبَانِيَ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَى التَّأْلِيفِ وَهُوَ أَثَرٌ لَا عَيْنٌ يَمْلِكُهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ شَرِيكَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلَ أَخْذِ نِصْفِ نَفَقَةِ تَأْلِيفِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ.
(وَ) إنْ بَنَاهُ لِنَفْسِهِ (بِغَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ آلَةِ الْمُنْهَدِمِ (فَ) الْبِنَاءُ (لَهُ) أَيْ الْبَانِي خَاصَّةً (وَلَهُ) أَيْ الْبَانِي (نَقْضُهُ) ; لِأَنَّهُ مِلْكُهُ (لَا إنْ دَفَعَ) لَهُ (شَرِيكُهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ) فَلَا يَمْلِكُ نَقْضَهُ ; لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ فَأُجْبِرَ عَلَى الْإِبْقَاءِ وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْبَانِي نَقْضُهُ وَلَا إجْبَارُ الْبَانِي عَلَى نَقْضِهِ ; لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ مَنْعَهُ مِنْ بِنَائِهِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَمْلِكَ إجْبَارَهُ عَلَى نَقْضِهِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَطَالَبَهُ الْبَانِي بِالْغَرَامَةِ أَوْ الْقِيمَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا إنْ أَذِنَ وَإِنْ كَانَ لَهُ رَسْمُ الِانْتِفَاعِ وَوَضْعُ خَشَبٍ وَقَالَ: إمَّا أَنْ تَأْخُذْ مِنِّي نِصْفَ قِيمَتِهِ لِأَنْتَفِعَ بِهِ، أَوْ تَقْلَعَهُ لِنُعِيدَ الْبِنَاءَ بَيْنَنَا، لَزِمَهُ إجَابَتُهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ رُسُومِهِ وَانْتِفَاعِهِ
(وَكَذَا إنْ احْتَاجَ لِعِمَارَةِ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ دُولَابٍ أَوْ نَاعُورَةٍ أَوْ قَنَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ) بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فَيُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْعِمَارَةِ إنْ امْتَنَعَ وَفِي النَّفَقَةِ مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ (وَلَا يُمْنَعُ شَرِيكٌ مِنْ عِمَارَةِ) تِلْكَ الْحَائِطِ وَإِذَا فَعَلَ) أَيْ عَمَّرَ فِيهَا (فَالْمَاءُ) بَيْنَ الشُّرَكَاءِ (عَلَى الشَّرِكَةِ) كَمَا كَانَ، وَلَيْسَ لِلْمُعَمِّرِ مَنْعُهُ مِمَّنْ لَمْ يُعَمِّرْ ; لِأَنَّ
الْقَرَارَ لَهُمْ وَالْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا أَثَّرَ أَحَدُهُمَا فِي نَقْلِ الطِّينِ مِنْهُ وَنَحْوِهِ، وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ عَيْنُ مَالٍ، أَشْبَهَ الْحَائِطَ إذَا عَمَّرَهُ بِآلَتِهِ، وَفِي الرُّجُوعِ بِالنَّفَقَةِ مَا سَبَقَ مِنْ التَّفْصِيلِ
(وَإِنْ بَنَيَا مَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) مِنْ حَائِطِ أَوْ غَيْرِهِ (وَالنَّفَقَةُ) بَيْنَهُمَا (كَذَلِكَ) أَيْ نِصْفَيْنِ (عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ) مِمَّا لِلْآخَرِ بِأَنْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَيْنِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَ مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ صَالَحَ عَلَى بَعْضِ مِلْكِهِ بِبَعْضِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِدَارٍ فَصَالَحَهُ بِسُكْنَاهَا (أَوْ) بَنَيَاهُ عَلَى (أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْمِلُهُ مَا احْتَاجَ) إلَيْهِ (لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ وَصَفَا الْحَمْلَ) ; لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ
(وَإِنْ عَجَزَ قَوْمٌ عَنْ عِمَارَةِ قَنَاتِهِمْ أَوْ نَحْوِهَا) كَنَهْرِهِمْ (فَأَعْطَوْهَا لِمَنْ يُعَمِّرُهَا وَيَكُونُ مِنْهَا جُزْءٌ مَعْلُومٌ) كَنِصْفٍ أَوْ رُبْعٍ (صَحَّ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْجِزُوا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ كَدَفْعِ رَقِيقٍ لِمَنْ يُرَبِّيهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ وَغَزْلٍ لِمَنْ يَنْسُجُهُ كَذَلِكَ
(وَمَنْ لَهُ عُلُوٌّ) مِنْ طَبَقَتَيْنِ وَالسُّفْلُ لِآخَرَ (أَوْ) لَهُ (طَبَقَةٌ ثَالِثَةٌ) وَمَا تَحْتَهَا لِغَيْرِهِ فَانْهَدَمَ السُّفْلُ فِي الْأُولَى أَوْ السُّفْلُ أَوْ الْوَسَطُ أَوْ هُمَا فِي الثَّانِيَةِ (لَمْ يُشَارِكْ) رَبُّ الْعُلُوِّ (فِي) النَّفَقَةِ عَلَى (بِنَاءِ مَا انْهَدَمَ تَحْتَهُ) مِنْ سُفْلٍ أَوْ وَسَطٍ ; لِأَنَّ الْحِيطَانَ إنَّمَا تُبْنَى لِمَنْعِ النَّظَرِ وَالْوُصُولِ إلَى السَّاكِنِ وَهَذَا يَخْتَصُّ بِهِ مَنْ تَحْتَهُ دُونَ رَبِّ الْعُلُوِّ (وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى بِنَائِهِ (مَالِكُهُ) أَيْ الْمُنْهَدِمِ تَحْتَ لِيَتَمَكَّنَ رَبُّ الْعُلُوِّ مِنْ انْتِفَاعِهِ بِهِ.
(وَيَلْزَمُ الْأَعْلَى) جَعْلُ (سُتْرَةٍ تَمْنَعُ مُشَارَفَةَ الْأَسْفَلِ) لِحَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» " إذْ الْإِشْرَافُ عَلَى الْجَارِ إضْرَارٌ بِهِ لِكَشْفِهِ جَارَهُ وَاطِّلَاعِهِ عَلَى حَرَمِهِ وَإِذَا اسْتَوَيَا) فَلَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْجَارَيْنِ أَعْلَى مِنْ الْآخَرِ (اشْتَرَكَا) فِي السُّتْرَةِ ; لِأَنَّهُ لَا أَوْلَوِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ ذَلِكَ أُجْبِرَ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ فَأُجْبِرَ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَلَيْسَ لَهُ الصُّعُودُ عَلَى سَطْحِهِ قَبْلَ بِنَاءِ سُتْرَةٍ حَيْثُ كَانَ يُشْرِفُ عَلَى جَارِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ سَدُّ طَاقَةٍ إذَا لَمْ يُشْرِفْ مِنْهُ عَلَى جَارِهِ وَلَا يُجْبَرُ مُمْتَنِعٌ مِنْ بِنَاءِ حَائِطٍ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا، وَيَبْنِي الطَّالِبُ فِي مِلْكِهِ إنْ شَاءَ
(وَمَنْ هَدَمَ بِنَاءً لَهُ) أَيْ الْهَادِمِ (فِيهِ جُزْءٌ) وَإِنْ قَلَّ (إنْ خِيفَ سُقُوطُهُ) حَالَ هَدْمِهِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِشَرِيكِهِ لِوُجُوبِ هَدْمِهِ إذَنْ (وَإِلَّا) يَخَفْ سُقُوطَهُ (لَزِمَهُ إعَادَتُهُ) كَمَا كَانَ، لِتَعَدِّيهِ عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَلَا يُمْكِنُ الْخُرُوجُ مِنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ إلَّا بِإِعَادَةِ جَمِيعِهِ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهِ بِالنَّقْصِ.