المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الجهاد المتلقى تفصيله من سير النبي صلى الله عليه وسلم - فتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌الكتاب

- ‌حجِّيته:

- ‌السنة

- ‌ماهيتها:

- ‌حجّيتُهَا ووجوب اتباعها والتحذير من مخالفتها

- ‌(إنكار حجية السنة موجب للردة)

- ‌العلاقة بين الكتاب والسنة

- ‌ أحاديث الأحكام والكتب المصنفة فيه

- ‌‌‌الكلام عن المخطوطو‌‌منهجنا في التحقيق

- ‌الكلام عن المخطوط

- ‌منهجنا في التحقيق

- ‌البخاري

- ‌مسلم

- ‌أبو داود

- ‌الترمذي

- ‌النسائي

- ‌ترجمة شيخ الإِسلام الشيخ زكريا الأنصاري

- ‌نَسَبُهُ

- ‌مولده

- ‌نشأته

- ‌طلبه للعلم

- ‌ شيوخه

- ‌تلاميذه

- ‌ومن أعيان من أخذ عنه:

- ‌مصنفاته

- ‌وَفَاتُه

- ‌(كِتاب الطهَارَة)

- ‌(باب المياة)

- ‌باب الآنية

- ‌بابُ إزالة الْخبَثِ

- ‌بابُ الوضوء

- ‌باب المسح عَلى الْخُفينِ

- ‌بابُ أسْبَاب الحَدَثِ

- ‌باب قَضَاء الحَاجَةِ هو كناية عن إخراج البول أو الغائط من الفرج

- ‌بَاب الغسل

- ‌باب التيمم

- ‌باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة

- ‌كتابُ الصلاة

- ‌باب أوقاتها

- ‌بابُ الأذَانُ

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب سترة المصلي

- ‌باب الخشوع في الصلاة

- ‌باب المساجد

- ‌بابُ صفَةِ الصلاةِ

- ‌باب سجود السهو وغيره من سجود التلاوة والشكر

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌باب صلاةِ الجمَاعَةِ والإمَامَةِ

- ‌باب كيفية صلاة المسافرين من حيث القصر والجمع

- ‌بابُ الجُمُعَةِ

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌بابُ صَلاةِ العِيدَينِ

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌باب اللباس

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاةِ

- ‌باب صدقة الفطر

- ‌باب صدقة التطوع

- ‌باب قَسْمِ الصدَقَاتِ

- ‌كتاب الصيام

- ‌باب صوم التطوع وما نهي عن صومه

- ‌باب الاعتكاف وقيام رمضان

- ‌كتاب الحج

- ‌باب فضلهما وبيان من فرضا عليه

- ‌باب المواقيت المكانية للحج والعمرة

- ‌باب وجوب الإحرام من تمتع وقران وإفراد

- ‌باب الإحرام

- ‌باب صفة الحج ودخول مكة

- ‌بَابُ الْفَوات والإحصار للحج

- ‌كتاب البيع

- ‌بَابُ شروطه والمراد بعضها وما نهى عنه منه

- ‌بَاب الْخِيار في البيع والإقالة مِنه

- ‌بَاب الربا

- ‌بابُ العرايا وبيع الأصول والثمار

- ‌أبواب السلم والإقراض والرهن

- ‌التفليس وَالْحَجر

- ‌بَاب الصُّلح

- ‌الحوالة والضمان

- ‌الشِّرِكةِ والوَكالةِ

- ‌بابُ الإقْرارِ

- ‌بابُ العَارِيةِ

- ‌بابُ الغَصْبِ

- ‌بَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌المُسَاقَاة والإجارة

- ‌بابُ إحياء المَوَاتِ

- ‌بَابُ الْوَقفِ

- ‌كتابُ الهِبَةِ

- ‌بَابُ اللقطة

- ‌بَابُ الفرائض

- ‌بَاب الوصايا

- ‌كتَاب النِّكاح

- ‌بابُ الكفاءة بين الزوجين والخيار لأحدهما بعيب في الآخر

- ‌بابُ عشرة النساء

- ‌بَاب الصداق

- ‌بَاب الوليمة

- ‌بَابُ الْقَسْمَ بَينَ الزوجات

- ‌بَابُ الخُلْع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌كتاب الرجعة

- ‌الإيلاء والظهار

- ‌باب اللعان وَمَا يُذْكر مَعهُ

- ‌أبواب العدة والإحداد والاستبراء

- ‌بَاب الرضاع

- ‌باب النفقات

- ‌بَابُ الحَضَانة

- ‌كتاب الجنايات

- ‌باب الديَات

- ‌بَابُ دَعْوَى الدم

- ‌بَاب قتال البغاة

- ‌باب قتال الجاني عمدًا

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزاني

- ‌بَابُ حَد القذف

- ‌بَاب حَد السرقة

- ‌باب حد الشارب للمسكر وبيان المسكر

- ‌التعزير والصيال

- ‌كتاب الجهاد

- ‌الجزية والهدنة

- ‌كتاب المسابقة على الخيل والسهام ونحوهما

- ‌كتاب الأطْعِمَة

- ‌باب الصيد

- ‌بابُ الأضَاحِي

- ‌بابُ العقيقة

- ‌كتابُ الأيمان والنذور

- ‌كتابُ القضاء

- ‌كتابُ الشهادات

- ‌الدعوى والبينات

- ‌كتاب الإعتاق

- ‌المدبر والمكاتب وأم الولد

- ‌ثبت المراجع

- ‌أولًا: القرآن الكريم

- ‌ثانيًا: كتب الحديث

- ‌ثالثًا: كتب التفسير

- ‌رابعًا: كتب الفقه

- ‌خامسًا: كتب أصول الفقه

- ‌سادسًا: كتب اللغة والتاريخ والتراجم

- ‌سابعًا: كتب العقيدة

- ‌فهرس الكتب الواردة في النص

الفصل: ‌ ‌كتاب الجهاد المتلقى تفصيله من سير النبي صلى الله عليه وسلم

‌كتاب الجهاد

المتلقى تفصيله من سير النبي صلى الله عليه وسلم في غزواته والأصل فيه قبل الإِجماع آيات كقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة: 216]{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36] وأخبار كالأخبار الآتية:

فيه حديث (عائشة قالت: قلْتُ: يا رسولَ اللهِ على النساءِ جهادٌ) السابق في الحج. وتقدم الكلام عليه.

1/ 538 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ ماتَ وَلَمْ يَغْز وَلَمْ يُحَدِّثْ به نفسه) أي ولم ينوه (مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفاقٍ. رواه مسلم).

ص: 622

وفيه وجوب الجهاد وأن من نوى فعل عبادة فمات قبل فعلها لا يتوجه عليه من الذم ما يتوجه على من مات ولم ينوها.

وقد اختلف أصحابنا فيمن تمكن من الصلاة في أول وقتها فأخرها بنية أن يفعلها من أثنائه فمات قبل فعلها أواخر الحج بعد التمكن إلى سنة أخرى فمات قبل فعله هل يأثم أولًا، والأصح عندهم أن يأثم في الحج دون الصلاة لأن مدة الصلاة قريبة فلا ينسب إلى تفريط بالتأخير بخلاف الحج.

2/ 539 - (عن أنس رضي الله عنه قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم جاهِدوا المشركينَ بأمْوالِكُمْ وَأنْفُسِكُمْ وَألْسِنَتِكُمْ رواه النسائي وغيره وصححه الحاكم).

وفيه وجوب الجهاد بكل من الأمور المذكورة عند المتمكن.

3/ 540 - (عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال جاءَ (4) رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَأذِنُهُ في الجهادِ فَقَال أحَيٌّ والداكَ؟ قال: نَعَمْ قَال: فَفيهِما) دون غيرهما (فَجَاهِدْ رواه الشيخان).

ص: 623

وفيه الإِشارة إلى وجوب الجهاد وأن بر الوالدين مقدم عليه.

4/ 541 - (وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا هِجْرَةَ) مشروعة إلى المدينة من مكة (بَعْدَ الفَتْحِ) أي فتحها لأنها صارت دار إسلام أبدًا وأما مطلق الهجرة فبأن حكمها من بلاد الكفار للقادر كما هو مفصل في كتب الفقه (ولَكِنْ جِهادٌ وَنِيَّةٌ) أي مع نية خالصة أو لكن جهاد للقادر غير المعذور ونية للمعذور، وقال النووي معناه ولكن لكم طريق إلى تحصيل الفضائل التي في معنى الهجرة وذلك بالجهاد ومنه الخير في كل شيء.

5/ 542 - (وعن أبي موسى الأشْعَرِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَاتَلَ لتكونَ كَلِمَة اللهِ) وهي كلمة الشهادة (هِيَ العُلْيَا) مؤنث الأعلى ولامه واو لكنها قلبت ياء كالدنيا من الدنو لأن لام فعلى إذا كانت صفة يجب القلب إلا ما شذ قياسًا كالقصوى (فَهُوَ) أي فقتاله (في سَبِيلِ اللهِ) أي طريقه أي هو الخالص (رواه الشيخان).

ص: 624

وفيه وجوب الإِخلاص وهو العمل على وفق الأمر وأن القتال المتصف بالإِخلاص هو القتال لتكون كلمة الله هي العليا بخلاف القتال رياء بالمد على الأكثر شجاعة أو حمية أي أنفةً وغيرة وغضبًا.

6/ 543 - (وعن سَهْلِ بن سعد الساعِدِيّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رباطُ يَوْمٍ في سبيلِ اللهِ) أي ثوابه (خَيرٌ من نَعِيم الدُّنْيا وَمَا عَلَيهَا) لو ملكه إنسان وأنعم به لأنه زائل ونعيم الآخرة باق وإن لم يكن منه إلا النظر إلى وجهه الكريم وفي ذلك تنزيل الغائب منزلة المحسوس تقريبًا للفهم وإلا فليس شيء من الآخرة بينه وبين الدنيا توازن حتى يقع فيه التفاضل والرباط مراقبة للعدو في حركاته وسكناته وهو مصدر رابط ووجه الفاعلة فيه أن كلا من المسلمين والكفار ربطوا أنفسهم على حماية طرق بلادهم من عدوهم وراقبوه في أفعاله (وَمَوْضِعُ سَوْطِ أحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ) أي ثوابه (خَيرٌ مِنْ نعيمِ الدُّنْيا ومَا عَلَيها) لو ملكه إنسان إلى آخر ما مر (والرَّوْحَةُ) بفتح الراء المرة من الروح وهو غالبًا السير بين الزوال والغروب (يَرُوحُها العَبْدُ في سَبيلِ اللهِ) أو الغدوة بفتح المعجمة أي المرة من الغدو وهو السير بين أول النهار والزوال أي ثواب ذلك (خَيرٌ مِنْ نَعيمِ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيهَا رواه الشيخان).

ص: 625

وفيه الحث على الرباط في سبيل الله والتنبيه على فضله وهو أحد شعب الجهاد والتنبيه على حقارة الدنيا وما فيها.

7/ 544 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم تَضَمَّنَ الله) أي حق ما وعد به (لِمَنْ خَرَجَ في سَبيلِهِ لا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهاد) برفعه مع ما عطف عليه استثناء مفرغ وبنصبه كذلك كما في مسلم، مفعولًا له. والفاعل مقدر أي لا يخرجه مخرج إلا الجهاد وما عطف عليه (في سَبيلي) فيه التفات من الغيبة إلى التكلم (وإيمانٌ) بي أي بوعدي لك بمجازاتي له بالجنة (وَتَصْديقٌ بِرُسُلي) أي بما جاء به عني (فَهُوَ) أي من خرج كذلك (عَلَيَّ ضامِنٌ) أي مضمون لعيشة راضية أي مرضية والمراد أوجبت على نفس لا لزومًا بل تفضلًا وإنعامًا (أنْ ادْخِلَهُ الجَنَّةَ) يحتمل أن يريد إدخال روحه أثر موته كما قيل به في الشهداء أو أن يريد إدخالهُ مع السابقين من غير حساب ولا عقاب (أَوْ أرْجِعَهُ) بفتح الهمزة وكسر الجيم على المشهور (إِلَى مَسْكَنِهُ) بفتح الكاف وكسرها (الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نائِلًا) حال أي معطى (مَا نال) أبهمه للتعظيم نحو {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} (مِنْ أجْرٍ أو غنيمة) بيان لما قبله والغنيمة فعيلة من الغنم وهو أخذ الشيء قهرًا والقياس فيما ترك التاء كريح وقتيل لكنها لم تجر على موصوف فصارت كالاسم فأتي فيها بالتاء، وأو مانعة خلو فلا ينافي الجمع بين الأمرين، وقيل أو بمعنى الواو كما جاء في رواية لمسلم وقيل أنها للتقسيم بمعنى أنه يرجع بأجر فقط إن لم يكن ثم ما يغنم أو

ص: 626

أعرض عنه أو بالأجر مع الغنيمة إن كان ثم غنم ولم يعرض عنه (والحديث رواه الشيخان).

وفيه الحث على الإِخلاص في الجهاد، وأن الله هو الذي يتولى أجر المجاهد بما ذكر.

8/ 545 - (وعنه أي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مَكْلومٍ) أي مجروح من الكلم بفتح الكاف وإسكان اللام الجرح وقد يطلق على محله كما يأتي (يُكْلَمُ) أي يجرح (في سبيلِ اللهِ إلا جاءَ يَوْمَ القيامةِ وَكَلْمُهُ) أي محل جرحه (يَدْمي) بفتح أوله أي يسيل دمه (اللَّوْنُ) أي لون دمه في الآخرة (لَوْنُ الدم) له في الدنيا (والرِّيحُ) أي وريحه (ريحُ المِسْكِ. (والحديث رواه الشيخان).

وفيه فضل الجراحة في سبيل الله وإن الشهيد لا يزال عنه الدم إظهارًا لفضيلة وأنه يبعث على حالته التي خرج عليها من الدنيا.

9/ 546 - (وعن أبي عبد الله كعب بن مالك هو ابن عمرو الأنصاري

ص: 627

الخزرجي رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أرادَ غَزْوَةً وَرَّى بغيرِها) أي سترها وكنى عنها وأوهم أنه يريد غيرها لئلا يتيقظ العدو فيستعد للدفع وأصله من الورا أي ألقى البيان وراء ظهره والحديث (رواه الشيخان).

وفيه الحث على أن من أراد غزوة ورى بغيرها لما ذكر.

10/ 547 - (وعن أنس رضي الله عنه قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسَّلَبْ) بفتح السين واللام بمعنى المسلوب وهو ما يأخذه أحد الفريقين في الحرب من الآخر مما يكون عليه ومعه من سلاح وثياب ونفقة ودابة وغيرها للقاتل (رواه أبو داود) وأصله في مسلم.

وفيه أن السلب يختص به القاتل منا لارتكابه العذر في قتل قرنه.

11/ 548 - (وعنه أي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكة وعلى رأسه المِغْفَر) وهو شبه البيضة من الحديد وهو الخوذة (فَلَمَّا نَزَعَه جَاءَهُ

ص: 628

رَجُلٌ) قيل هو أبو برزة الأسلمي (فقال) هذا (ابنُ خَطَلٍ) واسمه هلال أو غيره (مُتَعَلِّقٌ بأستارِ الكَعْبَةِ) وقد كان يذكره ولحق بمكة بعد إسلامه وهجرته (فقال اقْتُلوهُ) وإن تعلق بأستار الكعبة (رواه الشيخان).

وفيه أن من ارتد قتل، وإن دخل المسجد وتعلق بأستار الكعبة، وأما قوله في الحديث الآخر من دخل المسجد فهو آمن فمعناه من دخله بغير ردة مع أنه مستثنى مع جماعة آخر أمر بقتلهم فإنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتل جماعة أخر سلك مسلك ابن خطل وتعلقوا بأستار الكعبة كما رواه أبو داود والنسائي.

وفيه أيضًا جواز لبس المِغْفَر ونحوه من السلاح.

تنبيه: عورض الحديث بما في رواية لمسلم أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء وجمع بينهما بأنه يمكن أن تكون العمامة تحت المغفر وبأن يكون أول دخوله مكة كان على رأسه المغفر ثم نزعه ولبس العمامة وخطب بها لأن الخطبة إنما كانت عند باب الكعبة بعد تمام الفتح.

12/ 549 - (وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فَدا رَجُلَينِ مِنَ المُسْلِمينَ أسرهما المشركون برجل من المشركين أسرناه

ص: 629

رواه الترمذي وصححه وأصله في مسلم).

وفيه جواز فداء المسلمين بالكافر، وهو جائز سواء تعدد الجانبان أم اتحدا أم اختلفا.

13/ 550 - (وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بَعَثَ النبي صلى الله عليه وسلم سريةً) أي قطعةً من الجيش أربعمائة ونحوها غالبًا سميت بذلك لأنها تسري في الليل وتخفي أمرها فعيلة بمعنى فاعلة وتقال أسري وسرى إذا ذهب ليلًا، (وأنَا فِيهِمْ قبلَ نجْد) أي جهته (فَغَنِمُوا إِبِلًا كثيرةً فكانت سُهْمَانُهم) منها بضم السين جمع سهم وهو النصب (اثني عَشَرَ بَعيرًا) وهو صحيح على لغة من يعرب المثنى بالألف مطلقًا والمعنى أن سهم كل من الغانمين من الإِبل بلغ اثني عشر (وَنُفِّلُوا بَعيرًا بعيرًا) فبلغ بذلك سهم كل منهم ثلاثة عشر بعيرًا (رواه الشيخان).

ص: 630

وفيه سن بعث السرايا للجهاد وإثبات النفل، وهو زيادة يدفعها الإِمام باجتهاده من مال المصالح لمن ظهر منه في الحرب أمر محمود أو يشرطها لمن يفعل ما ينكي الحربيين والكلام على ذلك مبسوط في كتب الفقه.

وفيه وجوب قسمة الغنائم على أهلها وأن ما غنمته السرية قبل عودها إلى الجيش الذي خرج معها من البلد يكون مشتركًا بينهما لأنه ردء لها.

14/ 551 - (وعنه أي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قَسَّمَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خيبر للفَرَس سَهْمَين وللرجل سهمًا) أي أعطى الرجل الفارس ثلاثة أسهم سهمًا لنفسه وسهمين لفرسه أي له بسببها (رواه الشيخان واللفظ للبخاري).

وفيه أن الفارس يستحق ثلاثة أسهم على الوجه الذي تقرر، سواء تعددت الأفراس أم لا، وأما الرجل غير الفارس فله سهم واحد.

15/ 552 - (وعن معن بن يزيد السلمي رضي الله عنهما قال: قال

ص: 631

رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نَفْلَ إلا بعد الخُمْسِ) يعني من خمس الخمس (رواه أبو داود وغيره وصححه الطحاوي).

وفيه أن النفل يكون من خمس الخمس لا من الخمس ولا من أصل المغنم كما هو مبسوط في كتب الفقه.

16/ 553 - (وعن حبيب بن مسلمة رضي الله عنه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم نَفَّلَ الربع في البَدْأةِ والثُّلُثُ في الرجْعَةِ رواه أبو داود وغيره

ص: 632

وصححه ابن حبان والحاكم).

وفيه أن للإِمام أن ينفل السرية التي بعثها ابتداء لدار الحرب طليعة الربع مما غنمه وأن ينفل السرية التي أمرها بالرجوع بعد توجه الجيش لدارنا الثلث، ونقص في البداءة لأنهم مستريحون إذ لم يطل سهم السفر، ولأن الكفار في غفلة، ولأن الإِمام من ورائهم يستظهرون به بخلاف الرجعة في كل ذلك.

17/ 554 - (وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال (كُنَّا) أيها الغانمون ولو أغنياء (نُصيبُ في مغازينا العَسَلَ والعِنَبَ فَنَأْكُلُهُ ولا نَرْفَعُهُ) أي لا ندخره (رواه البخاري).

وفيه أنه يجوز للغانمين التبسط على سبيل الإِباحة لا التمليك بما يعتاد أكله غالبًا من الغنيمة بدار الحرب، وفي العود منها إلى عمران غيرها كدارنا. ودار أهل الذمة، والكلام على ذلك مبسوط في كتب الفقه.

18/ 555 - (وعن عمر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأخْرِجَنَّ) اللام للقسم (اليَهُودَ والنَّصَارىَ من جزيرةِ العرب حتى لا أدَع) أي أترك (إلا مسلمًا رواه مسلم) وفي رواية له وللبخاري (أخرجوا المُشْرِكينَ من

ص: 633

جزيرةِ العَرَبِ).

وفيه جواز القسم في الأمور المهمة والمراد بجزيرة العرب مكة والمدينة واليمامة واليمن ولكن خص الشافعي الحكم هنا ببعضها وهو مكة والمدينة واليمامة وأعمالها دون اليمن وغيره.

ففي الحديث وجوب إخراج الكفار منها لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] وقيس بالمسجد الحرام بقية ذلك والمسألة مبسوطة في كتب الفقه.

ص: 634

19/ 556 - (وعنه أي عن عمر رضي الله عنه قال: كانت أمْوالُ بَنِي النَّضِير) بفتح النون وكسر المعجمة -قبيلة من اليهود بالمدينة (مِمَّا أفاءَ الله عَلَى رَسُولِهِ) من فاء أي رجع ثم استعمل في المال الراجع من الكفار إلينا (ممَّا لَمْ يُوجِفِ) أي يسرع (المسلمون عَلَيهِ بَخِيلٍ ولا ركابِ) أي إبل ومثلها البغال والسفن والرّجالة فهذا بيان لكون المال المذكور فيئًا لا غنيمة وإن كان أحدهما قد يطلق على الآخر- والركاب لا واحد له من لفظه بل واحدة راجلة وجمع الركاب رُكُبْ ككتاب وكتب (فَكَانَتْ) أي الأموال أي معظمها على المشهور (لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةٍ) لأن له صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه أربعة أخماسه وخمس الخمس الباقي فله أحد وعشرون سهمًا من خمسة وعشرين سهمًا والأربعة الباقية لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل (فَكَانَ) صلى الله عليه وسلم بعد أن اتسع عليه الحال بتلك الأموال (يَعْزِلُ منها على أهلِهِ نَفَقَة سنةً) تطييبًا لقلوبهم وتشريعًا للأمة (ثمَّ يَجْعَل ما بَقِيَ في الكُراعِ) بضم الكاف الخيل (والسِّلاحِ) وهو ما أعد للحرب من آلات الحديد مما يقاتل به (عُدَّةً) بضم العين ما يستعان به في حوادث الدهر من مال وسلاح في سَبِيلِ اللهِ عز وجل، (رواه الشيخان).

ص: 635

وفيه بيان ما أكرم الله به نبيه من خصائص الدنيا والآخرة وتقديمه بها على جميع المخلوقات، وجواز الادخار لنفس أو العيال قوت سنة، وإن ذلك غير قادح في التوكل مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يدخر لنفسه بل لعياله كما مر، والبداءة بالإِنفاق على العيال والتوسعة عليهم.

ص: 636