الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصيد والذبائح
باب الصيد
أصله مصدر ثم أطلق على المصيد، والذبائح جمع ذبيحة بمعنى مذبوحة، والأصل فيهما من الكتاب قوله تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] وقوله {إلا مَا ذَكَّيتُمْ} [المائدة: 3].
ومن السنة الأخبار الآتية.
1/ 570 - (عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنِ اتَّخَذَ كلْبًا إلا كلب ماشية أو صَيدٍ أو وزع انْتَقَصَ من أجره كل يَوْمٍ قيراطٌ رواه الشيخان) وفي رواية لهما "نقص من أجره كل يوم قيراطان" وجمع بينهما بأوجه
إما باعتبار نوعين من الكلاب أحدهما أشد ضررًا، أو باعتبار المكان فالقيراطان في المدينة لزيادة فضلهما والقيراط في غيرها أو القيراطان في القرى والقيراط في البراري، والقيراط هنا خير معلوم عند الله تعالى واختلف فيه فقيل ينقص ذلك من ماضي عمله، وقيل من مستقبله، والسبب في نقص الأجر بذلك إما ارتكاب النهي وإما يبتلى به من ولوغها عن غفلة منه فلا يغسل ما ولغت فيه، أو ما في ذلك من مجانبة الملائكة لمحلها كما ورد في حديث فتفوت بركة مخالطتهم.
وبالجملة دل الحديث على النهي عن اقتناء الكلاب إلا لما استثنى.
2/ 571 - (وعن أبي طريف عدي بن حاتم هو ابن عبد الله بن سعد رضي الله عنه قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرْسَلْتَ كلبكَ المُعَلّم فاذكر اسمَ اللهِ عليه) أي عند إرساله (فَإنْ أمْسَكَ عَلَيكَ فَأدْرَكْتَهُ حَيًّا فَاذْبَحْهُ، وَإِنْ أدْرَكْتَهُ قَدْ قُتِلَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ) شيئًا (فكُلْهُ) فإن قتل الكلب ذكاته (وإِنْ وَجَدْتَ مَعَ كَلْبِكَ كلبًا غَيرَهُ وَقَدْ قَتَلَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّكَ لا تَدْرِي أيُّهُمَا قَتَلَهُ وَإِنْ رَمَيتَ بِسَهْمِكَ فَاذْكُرْ اسمَ اللهِ عَلَيهِ) أي عند رميك (فَإِنْ غَابَ) الصيد (عَنْكَ يَوْمًا) مثلًا (فلم تجد فيه إلا أثَرَ سَهْمِكَ فَكُلْ إن شِئْتَ، وَإِنْ وَجَدْتَهُ غَريقًا في الْماءِ) أو
به أثر غير أثر سهمك (فلا تَأْكُل) لما مر (رواه الشيخان) واللفظ لمسلم.
وفيه الأمر بالتسمية وهي عند الفعل من ذبح وإرسال سهم أو جارحة سنة عند الشافعي.
وفيه جواز أكل صيد الكلب والتنبيه على أنه إذا شك في الذبح المبيح
للحيوان لم يحل لأن الأصل تحريمه.
وفيه أنه إذا أدرك حياته وجب ذبحه ونقل فيه الإِجماع.
3/ 572 - (وعنه أي عن عَدِيِّ بن حاتم رضي الله عنه قَال سَألْتُ النبي صلى الله عليه وسلم عن صيدِ المِعْراضِ) -بكسر الميم وسكون المهملة وبراء ثم ضاد معجمة خشبة ثقيلة أو عصا محدد رأسها بحديد وقد تكون بدونها وقيل سهم طويل له أرابع قذذ رقاق فإذا رمي به اعترض، وقيل عود رقيق الطرفين غليظ الوسط إذا رمي به ذهب مستويًا (فَقَال إِذَا أصبْتَ بِحَدِّة) فقتل (فَكُلْ، وإِذَا أصَبْتَ بِعَرْضِه فَقَتَلِ فإِنَّة وَقِيذٌ) بذال معجمة أي موقوذ وهو ما قتل بغير محدد كعصى وحجر (فَلا تَأكُلْ) مِنْهُ شيئًا (رواه البخاري).
وفيه أنه إذا رمي إلى صيد بمعراض فإن قتله بمحدد حل أكلهُ، أو بغيره فلا.
4/ 573 - (وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ قَوْمًا قالوا للنبِيِّ صلى الله عليه وسلم إن قَوْمًا يَأتُونَنَا باللَّحْمِ لا نَدْري أذَكَرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيهِ أم لا؟ فَقَال سَمُوا الله عَلَيهِ) أنتم- ندبا (وَكُلُوهُ رواه البخاري).
وفيه أن التسمية ليست بواجبه عند الفعل وتقدم وأن ما يوجد في أيدي الناس من اللحوم ونحوها في أسواق بلاد المسلمين مباح.
5/ 574 - (وعن عبد الله بن مَعْقَل رضي الله عنه وتقدم ضبطه في صلاة التطوع قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحِذْفِ) تقدم ضبطه وتفسيره في قتال الجاني وفي المرتد في حديث أبي هريرة وأنه إنما يكون بنحو حصاة أو بندقة. وبهذا الاعتبار أتت في قوله وقال (إِنَّها لا تَصِيدُ صَيدًا وَلَا تَنْكَأ عَدُوًا) أي لا تكثر فيه جراحًا ولا قتلًا. (ولكنها تَكْسِرُ السن وَتَفْقَأُ العَينَ) أي تعور العين (رواه الشيخان واللفظ لمسلم).
وفيه النهي عن الحذف لما مر، قال النووي قوله ينكأ بفتح أوله وبالهمزة كذا في روايات المشهور وقال القاضي يعني عياض كذا رويناه، وقال في بعض الروايات ينكي فتح أوله وكسر ثالثه غير مهموز وقال إنه أوجه لأن المهموز إنما هو من نكأت القرحة وليس هذا موضعهُ إلا على تجوز وإنما هذا من النكاية يقال نكيت العدو أنكيه نكاية ونكأت بالهمز لغةً فيه قال فعلى هذه اللغة يتوجه رواية الهمز انتهى كلام النووي فصح في ينكأ لغتان لكن بالنظر
للرواية الأشهر الهمز وبالنظر للغة الأشهر تركه.
6/ 575 - (وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تَتَّخِذُوا شيئًا فِيهِ الرُّوحُ) كدجاجة (غَرَضًا) أي يرمى إليه (رواه مسلم) وفي رواية له وللبخاري نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم تصبير البهائم "وفي ذلك النهي عن اتخاذ ما فيه روح غرضًا وهذا النهي للتحريم لأنه تعذيب للحيوان وتضييع لماله، وتفويت لذبحه إن كان مأكولًا ولمنفعته إن لم يكن مأكولًا.
7/ 576 - (عن رافع بن خديج رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ما أنْهَر الدَّمَ) أي أساله وصبه من حيوان مأكول (وَذَكَرَ اسْم الله عليه فَكُلْ) من ذلك الحيوان (لَيسَ) ما أنْهَر الدم (السِّنُّ والظُفْرُ وسَأحَدثكُمْ عَنْ ذَلِكَ أمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ) وهو يتنجس بالدم وقد نهينا عن العظم في الاستنجاء لكونه زاد إخواننا من الجن (3)(وَأمَّا الظفر فَمُرَى الحبَشَةِ) وهم كفار وقد نهينا عن التشبه بهم (رواه الشيخان).
وفيه حل ما ذبح بما أنهر الدم من حديد ونحوه، وتحريم ما ذبح بالعظم والظفر، وتقدم أن التسمية سنة لا واجبة.
8/ 577 - (وعن أبي يعلى شَدَّاد بن أوس هو ابن ثابت بن المنذر بين حرام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله كَتَبَ الإِحْسانَ عَلَى كُلَ شَيءٍ فَإِذَا قتَلْتُمْ فَأحْسِنُوا القِتْلَةَ) -بكسر القاف اسم للهيئة (وإِذا ذَبَحْتُم فأحسنوا الذِّبْحَةَ) بكسر المعجمة اسم للهيئة (وَلْيُحِدَّ) بضم الياء (أحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ) بفتح الشين أي سكينه (فَلْيُرِحْ) بضم الياء (ذَبِيحَتَهُ) بإحداد السكين وتعجيل إمرارها وغيرهما (رواه مسلم).
وفيه الحث على الأمور المذكورة فيه، ويسن أن لا يحد السكين بحضرة الذبيحة وأن لا تذبح واحدة بحضرة أخرى وأن لا يجرها إلى ذبحها.
9/ 578 - (وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ذكاةُ الجنينِ ذَكاةَ أمِّهِ رواه أبو داود وغيره وصححه ابن حبان).
وفيه أن ذكاة أم الجنين ذكاة له، فلا يحتاج إلى تذكية بناء على رفعهما وهو المعروف، الثاني مبتدأ والأول خبر لتحصل الفائدة بذلك ومن رواهما، أو الثاني فقط بالنصب بتقدير ذكاة الجنين أو ذكاة الجنين كذكاة أمه فحذفت الكاف فانتصب مجرورها أوجب تزكية الجنين، وأجاب الأول عن رواية النصب بتقدير صحتها بأن تقديرها ذكاة الجنين حاصلة وقت ذكاة أمه، وأما قولهم تقديره كذكاة أمه فلا يصح عند النحويين بل هو لحن وإنما جاء النصب بإسقاط الجار في مواضع معروفة عند الكوفيين بشرط ليس موجودًا هنا نبه على ذلك النووي، والتزكية الذبح والنحر.