الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ صفَةِ الصلاةِ
-أي كيفيتها-
وهي تشتمل على فروض تسمى أركانًا، وعلى سنن تسمى ما يجير بالسجود منها بعضًا، ولا يجير هيئة، وعلى شروط تقدم بعضها وإن ذكر بعضها هنا أيضًا، مع أن جميع ذلك لم يذكر في الباب، وإنما هو مذكور في كتب الفقه.
1/ 90 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال: النَّبيّ صلى الله عليه وسلم إذَا قُمْت إلَى الصَّلاةِ فَأسْبغِ الوُضُوءَ) أي عمم أعضاءك بالماء (ثمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ) تقدم بيانه مع ما قبله في شروط الصلاة (وكَبِّرْ) أي تكبيرة الإحرام (ثمَّ اقْرأ) بعد الفاتحة كما في رواية لأبي داود (مَا تَيَسر مَعَكَ مِنَ القرْآنِ ثم ارْكَعْ حَتَّى تَطَمئِن رَاكعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتى تَعْتدِلَ قَائِمًا) إن صليت قائمًا. ولفظ ابن ماجه حتى تطمئن قائمًا (ثمَّ اسجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثم ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثمَّ اسْجُدْ حَتى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثم افعلْ ذَلِكَ في صَلَاتِكَ كُلِّها، رواه البخاري).
وفي رواية لابن حبان "ثم اقرأ بأم القرآن ثم بما شئت" وفي ذلك
وجوب المذكورات فيه إلا قراءة ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة فسنة، وصرف الأمر بها عن وجوبها الإجماع على عدمه.
2/ 91 - (وعنه أي عن أبي هريرة قال: كان النَّبيّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَبَّرَ للصَّلاةِ) أي الإِحرام بها، (سَكَتَ) يعني، ترك الجهر (هُنَيهَةً) هو تصغير هنة مؤنث هن وهو كناية عن اسم الجنس أو عن الشيء أو عن الفرج أو عن كل ما يقبح التصريح بذكره وأصلة هنوة فلذا لمَّا صغّر رجع إلى أصله فقيل هنيوة فقلبت الواو ياء وأدغم فيها ياء التصغير ثم قلبت هاء، فقيل هنيهة، وفي رواية هنية بلا إدغام بلا قلب، والمعنى كان إذا كبر سكت قليلًا من الزمان (قَبْلَ أنْ يَقْرَأ فَسَألْتُه) ماذا يقول في سكوته (فَقَال: اللهُمَّ) تقدم الكلام عليها في باب قضاء الحاجة. (بَاعِدْ بَينِي وَبَينَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعدتَ بَينَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خطاياي كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ اغْسِلِني مِنْ خَطَايَايَ بِالمَاءِ والثَّلْج وَالبَرَدِ) بفتح الراء. (رواه الشيخان).
وفيه يسن هذه الدعوات بين تكبيرة الإِحرام وقراءة الفاتحة، واستعمال المجاز، ومنه تسمية الكلام السر سكوتًا.
وفيه أيضًا تخصيص المصلي نفسه بالدعاء والدعوات المذكورة فيه مجاز
عن محو الذنوب أو عن عدم وقوعها والثاني ظاهر، وعلى الأول يكون دعاؤه بها مع كونه معصومًا، إنما هو تعليم لنا كيف ندعو بها إذا علمناها، أو أن ذلك منه إظهار للعبودية أو أنه دعاء لأمته.
وقال القرطبي: إن ذلك من باب المبالغة في طلب السلامة والبراءة من الذنوب، وبكل تقدير ففيه مجازان: مجاز في استعمال البعد الذي هو من عوارض الأمكنة والأزمنة في المعاني، ومجاز في استعمال المباعدة في الإِزالة بالكلية وفي الانتفاء الكلي كما في قوله تعالى:{تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَينَهَا وَبَينَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} .
إذ المراد التبري منه بالكلية، وكذا القول في المباعدة والنقاء والغسل، إذ كل منها وإن كان كافيًا في المقصود لكن جمع بينها تأكيدًا ومبالغة كما في قوله تعالى:{وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا} والمراد الارتقاء إلى أرفع الدرجات في السلامة من الخطايا، فلذلك طلب أولًا ما يليق بالعبودية وهو المباعدة ثم ترتقي فطلب التنقية ثم طلب ما هو الأبلغ وهو الغسل، ولهذا أكده أيضًا بقوله بالماء والثلج والبرد، والسر في في ذكرهما مع فرط بردهما، وكذا وصف الماء بالبارد في رواية، مع أن السخن أذهب للوسخ من البارد أن الذنب نار محرقة باعتبار ألم قلب المؤمن في الدنيا وحرارته منه، أو أنه موجب لها فناسب طفي ذلك بالبارد، وخطايا جمع خطئة، وفي أصله خلاف بين الخليل وسيبويه بينته في شرح الشافية والخطئة فعيلة من الخطئ بكسر أوله وهو الإِثم. قال تعالى:{إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} تقول: خطئ بالكسر يخطأ خطئًا وخطئة بوزن فعلة.
قال الجوهري: ولك أن تشدد ياء الخطيئة لأن كل ياء ساكنة قبلها كسرة أو واو ساكنة قبلها ضمة وهما زائدتان للمد لا للإلحاق، فإنك تقلب الهمزة بعد الواو واوًا وبعد الياء ياءً وتدغم فتقول في مقروء: مقروّ، وفي خبيء خبيّ بتشديد الواو والياء.
أما أخطأ فقال أبو عبيدة بمعنى خطئ وقال غيره المخطئ من أراد الصواب فصار إلى غيره، والخاطئ من تعمد ما لا ينبغي.
3/ 92 - (وعن أبي حميد) بالتصغير عبد الرحمن بن عمرو بن (سعد بن مالك الساعدي الأنصاري رضي الله عنه قال: (رَأيتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم إِذَا كبَّرَ للإِحْرَامِ جَعَلَ يَدَيهِ) أي كفيه (حَذْوَ) - بذال معجمة أي مقابل (مَنْكبَيه) بأن يحاذي أطراف أصابعه أعلى أذنيه وإبهاماه شحمتي أذنيه وراحتاه منكبيه، والمنكب مجمع عظم العضد والكتف، وقيل ما بين الكتف والعنق. (وإِذَا رَكَعَ أَمكَنَ يَدَيهِ مِنْ رُكبَتَيهِ) بأن يأخذهما بكفيه ويفرق أصابعه للقبلة (ثمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ) أي أماله إلى الأرض (فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ) من ركوعه (اسْتَوَى حَتَّى يَعُوَد كُل فَقَار) من فقار الظهر (مَكَانَه) كما كان قبل ركوعه، وفقار: جمع فقرة
بالكسر وفقرة وفقارة بالفتح فيهما وهي ما انْتَضَدَ من عظام الصلب من الكاهل إلى العَجْب (فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيهِ) أي كفيه (غَيرَ مُفْتَرِشٍ) أي غير مفرق لأصابعها (ولَا قابضهما واسْتَقْبَلَ بِأطْرَافِ أصَابعِ رِجْلَيهِ القِبْلَةَ، وإِذَا جَلَسَ في الرّكْعَتَينِ) الأوليين أي بعدهما من غير الثانية (جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى) مفروشة (ونَصَب اليُمْنى، وإِذَا جَلَسَ في الركْعَةِ الأخيرَةِ قَدَّمَ رِجْلهُ اليُسْرَى) أي أخرجها من جهة يمينه. (وَنَصَبَ الأخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدِتِه) التي قعد بها على الأرض، والقعود الأول يسمى افتراشًا والثاني توركا، والحكمة في ذلك أن المصلي مستوفز في الأول للحركة بخلافه في الثاني، والحركة عن الافتراش أهون. (والحديث رواه البخاري مفرقًا).
وفيه سن جميع ما فيه إلا قوله ولا قابضهما إذ عدم قبضهما في السجود واجب كما سيأتي في حديث ابن عباس.
4/ 93 - (وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم يَسْتفْتِحُ) أي يفتتح (الصَّلاةَ بِالتَكْبِيرِ) أي بتكبير التحرم المقرون بالنية فلا يحصل الافتتاح بغيره كالله أعظم لأن فعله صلى الله عليه وسلم مع قوله "صلوا كما رأيتموني أصلي" يدل على وجوب ذلك كما يدل عليه فعله المبين لأمر الله تعالى بقوله: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} وكذا يقال فيما يأتي إلا ما خرج بدليل وكان يفتتح (الْقِرَاءَةَ بالحمدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ) بضم الدال على الحكاية أي بسورة الفاتحة ومنها: البسملة الثابتة بما يأتي في الكلام على حديث أنس (وَكانَ إِذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ،
وَلَمْ يُصَوِّبْهُ) بضم الياء فيهما أي لم يرفعه ولم ينكسه (وَلَكِنْ بَينَ ذَلِكَ) أي بين الإِشخاص والتصويب بأن يستوي ظهره وعنقه.
وفي الطبراني الكبير: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع أو صب على ظهره ما استقر ولتضمن لفظ ذلك لاثنين صح إضافة بين إليه إذ لا تضاف إلا لمتعدد فهي هنا كقوله تعالى: {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَينَ ذَلِكَ} (وَكَانَ إِذَا رَفَعَ) رأسه (مِنَ الرَكوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوي قَائِمًا) مطمئنا (وَكانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجودِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَويَ جَالِسًا) مطمئنا (وَكَانَ يَقُولَ فِي كلِ ركعتينِ التَّحِيَّةَ) أي التشهد. أطلقت عليه تجويزًا من إطلاق الجزء على الكل (وَكَانَ يَفْرِشُ) بضم الراء أشهر من كسرها (رِجْلَهُ اليُسْرَى وَيَنْصِبُ اليُمْنَى) أي من غير جلوسه الأخير، أما فيه فيتورك كما مر في حديث أبي حميد الساعدي، وإنما كان يفرش اليسرى وينصب اليمنى إشارة إلى أنه يقول كلما ليس لك فيه رضي فقد أسفلت ووضعته تحتي ونصبت ما لك فيه رضي (وَكَانَ يَنْهى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيطَانِ) بضم العين وإسكان القاف وفي رواية عقب بفتح العين وكسر القاف، وتسمى هذه الهيئة بالإِقعاء، بأن يجلس على وركيه ناصبًا ركبتيه.
أما الإِقعاء بأن ينصب أصابع قدميه ويجلس بإليتيه على عقبيه فسنة بين السجدتين كما في خبر مسلم، وإن كان الافتراش أفضل منه (وكَانَ يَنْهى أنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ) بأن يضعها على الأرض في السجود، وإنما السنة أن يرفعهما ويضع كفيه على الأرض فقط، وإنما نهى عن ذلك لأنه
صفة المتكاسل المتهاون مع ما فيه من التشبه بالسباع والكلاب، كما نهى عن المتشبه بهما في الإِقعاء.
(وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلاةَ) أي يتحلل منها (بِالتسْلِيمِ) وهو السلام عليكم وكذا سلام عليكم على ما صححه الرافعي وخالف النووي فصحح منعه وعلله بأنه لم ينقل لكنه صحح أجزاء عليكم السلام مع أنه لم ينقل فيما أعلم، ويفرق بأن ذاك ناقص كلمة، بخلاف هذا فهو في معنى ما نقل وإنما فيه تقديم وتأخير فيما يتخلل به من العبادة وذلك لا يضر (والحديث رواه مسلم).
وفيه مشروعية المذكورات فيه، وكلها أركان إلا التسوية في الركوع والتشهد الأول والافتراش وترك الإِقعاء السابق وافتراش ذراعيه في السجود فسنة، وكل ذلك مبسوط في كتب الفقه.
5/ 94 - (وعن ابن عمر رضي الله عنهما قاله: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْفَعُ يَدَيهِ حَذْوَ مَنْكِبَيهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ) بأن يرفعهما مع ابتداء التكبير، أما الانتهاء ففي الروضة كأصلها وشرح مسلم أنه لا يسن فيه شيء، بل إن فرغ منهما معًا فذاك أو من أحدهما قبل تمام الآخر أتم الأخير، لكنه صحح في شرحي المهذب والوسيط والتحقيق استحباب انتهائهما معًا (وَإذَا كَبَّرَ للركُوعِ وَإذَا
رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرّكُوع) وفي رواية "حتى يحاذي بهما" أي بيديه "فروع أذنيه" أي أعاليهما وقدمت صفة ذلك مع تفسير حذو المنكبين في الكلام على حديث أبي حميد.
وحكمة رفع اليدين كما قال الشافعي إعظام لجلال الله واتباع لسنة رسوله الله صلى الله عليه وسلم ورجاء ثواب الله، وقيل كون الكفار كانوا يظهرون الصلاة معه صلى الله عليه وسلم وأصنامهم تحت أباطهم فأمر صلى الله عليه وسلم يرفعها ليرفعوها معه فتسقط أصنامهم.
وقيل: إشارة إلى التوحيد. وقيل: رؤية من لم يسمع تكبير الإِمام فيتابعه، وقيل: إشارة إلى طرح الدنيا وراء ظهره والإِقبال بكليته على صلاته كما تضمن ذلك تكبيرة فيتطابق فعله وقوله، وقيل: غير ذلك. (والحديث رواه الشيخان إلا قول حتى إلى آخره فمسلم).
وفيه سن رفع اليدين في الأماكن المذكورة، وكذا يسن بعد قيامه من الركعتين الأوليين كما صوبه النووي لصحة الخبر به كما في البخاري وغيره وإن صحح أئمتنا عدم سَنّه.
6/ 95 - (وعن أبي هنيدة) وقيل أبي هنيد بلا هاء وائل بن حجر بضم الحاء وسكون الجيم كما في تهذيب النووي وضمها كما في مجموعه ابن ربيعة وقيل ابن سعد رضي الله عنه قال: صَلَّيتُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى) ظَهْرِ (يَدِه اليُسْرَى عَلَى صدْرِهِ) يعني تحته كما في رواية "وفوق سرته"(رواه ابن خزيمة في صحيحه وأصله في مسلم).
وفيه سن وضع يده اليمنى على اليسرى تحت صدره أي في قيامه بأن يقبض بكفه اليمنى كوع اليسرى وبعض الساعد والرسغ باسطًا أصابعهما في
عرض المفصل، وقيل ناشرًا لها صوب الساعد، وحكمة وضعهما تحت الصدر أن يكونا فوق أشرف الأعضاء وهو القلب فإنه تحت الصدر، وقيل الحكمة فيه أن القلب محل النية، والعادة جارية بأن من احتفظ على شيء جعل يديه عليه، ولهذا يقال في المبالغة أخذه بكلتا يديه، والكوع العظم الذي يلي إبهام اليد، والرسغ المفصل بين الكف والساعد.
7/ 96 - (وعنه) أي عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم إذَا رَكَعَ فَرَّجَ بَينَ أصَابِعِه) أي تفريجًا وسطًا (وإِذَا سَجَدَ ضَمَّ أصَابِعَه مَنْشُورَةً إلى القِبْلَةِ، رواه الحاكم في صحيحه).
وفيه سن تفريج أصابع يده في الركوع لأنه أمكن (وضمها) في السجود ومثله في الجلسات وكالركوع البقية من قيام وغيره كما في المجموع خلافًا لما في الروضة وأصلها.
8/ 97 - (وعن أبي الوليد عبادة بن الصامت) بن قيس بن أصرم بن فهر الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه قال قَال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لَا صَلاةَ) نفي للحقيقة الشرعية والحقيقة تنتفي بانتفاء جزئها، أي لا صلاة صحيحة (لِمَنْ لَمْ يَقْرأ بأُمِّ القُرْآنِ، رواه الشيخان).
وفي رواية لابن حبان وغيره "لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب.
فيه وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة، وهي واجبة في كل ركعة على كل مصلٍ، وكما تسمى بما ذكر تسمى أيضًا بأم الكتاب أي أصله، وبالسبع
المثاني وبالحمد وبالحمد لله رب العالمين وبالصلاة وبالكافية وبالشافية وبالكنز وبالقرآن العظيم وبالرقية.
9/ 98 - (وعن أنس رضي الله عنه أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يَفْتَتِحُونَ الصلاةَ بِالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالمِينَ)، والمراد يفتتحون قراءة الصلاة بذلك وإلا فافتتاحها حقيقة بالتكبير كما مر ذلك في حديث عائشة (لا يَذْكُرُونَ)(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ في أولِ قَرَاءَةٍ) وقوله (وَلَا فِي آخِرِهِا) تأكيد ومبالغة في النفي وإلا فمعلوم أنها ليست في آخر الفاتحة ولا غيرها من السور. (والحديث رواه الشيخان. إلا قوله لا يذكرون الخ فمسلم)، وفي رواية للنسائي وغيره.
"يجهرون ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" ويؤخذ منها أنهم كانوا يبسملون سرًّا، فالبسملة واجبة لما مر ولأنها آية من الفاتحة كسائر السور سوى براءة لأخبار وردت بذلك كخبر البخاري في تاريخه.
وخبر الدارقطني وخبر ابن خزيمة في صحيحه وروى مسلم عن أنس خبر أنه صلى الله عليه وسلم قال: أنزلت علي آنفًا سورة فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّا أَعْطَينَاكَ الْكَوْثَرَ} إلى آخرها وأجمعت الصحابة على إثباتها في المصحف بخطه أوائل السور سوى براءة دون الأعشار وتراجم السور والتعوذ فلو لم تكن قرآنًا لما أجازوا ذلك لأنه يحمل على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآنًا، وبالجملة فهذه محصلة للظن القوي بثبوت البسملة قرآنًا، والمطلوب هنا الظن لا القطع فهي عندنا آية أول الفاتحة قطعًا، وفي براءة ليست بآية بل ولا قرآن قطعًا، وفي غيرها آية أول كل سورة على الأصح من ثلاثة أوجه ثانيهما هي بعض آية وثالثها ليست بقرآن أصلًا. وقد بسطت الكلام على ذلك في شرح مختصر المزني وغيره.
10/ 99 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم إِذَا فَرَغِ مِنْ قِرَاءَةِ أمِّ القُرْآنِ) أي في صلاة جهرية (رَفَعَ) بعد سكتة لطيفة (صَوْته
وَقَال: آمِينَ) أي اللهم استجب. (رواه الدارقطني وحسنه الحاكم وصححه).
وفيه سن التأمين للإِمام ورفع صوته به بعد قراءة الفاتح، وهو سنة لقارئ الفاتحة في الصلاة وغيرها لكنه فيها آكد، وخبر الصحيحين "إذا أمن الإِمام فأمنوا" يدل لما ذكر مع زيادة، إذ لو لم يجهر الإِمام بالتأمين لما علق تأمين المأموم عليه، والمعنى في الجهرية أنه تابع للفاتحة فكان حكمه حكمها في الجهر كالسورة، والمأموم كالإِمام في الجهرية على الأصح.
11/ 100 - (وعن أبي معاذ رفاعة بن رافع) هو ابن مالك بن عجلان بن عمرو بن عامر الأنصاري المدني رضي الله عنهما قال: جَاءَ رَجُلٌ) لَا يحسن الصلاة (إِلى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فَقَال لَهُ: عَلّمْنِي مَا يكْفِينِي. قَال: إِذَا قُمْتَ إِلى الصَّلاةِ فَتَوَضَّأ كَمَا أمَرَكَ الله ثمَّ تَشَهَّدْ بَعْدَ الوضُوءِ) بتشهده المشهور (وأَقِمْ) ثُمَّ
كَبِّرْ فَإن كَانَ مَعَكَ قُرْآن فاقرأ بِه وإلا فاحمِد الله وهَلِّلهُ وكبِّرْهُ، رواه أبو داود والترمذي وحسنه).
وفيه أن العاجز عن قراءة القرآن يأتي بالذكر بدل الفاتحة، وهو واجب كمبدله، ويجب كونه سبعة أنواع، وأن لا تنقص حروفه عن حروف الفاتحة، والدعاء والمتعلق بالآخرة كالذكر في ذلك، وبسط الكلام على ذلك يطلب من كتب الفقه.
12/ 101 - (وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يصلي بنا، فَيَقْرأُ في الظهْرِ والعَصْرِ -في الركعتين الأوليين-) بياءين تحتيتين، وكذا في الأخريين الآيتين تثنية أولى وأخرى، وأما قراءتها بتاء فوقية ثم ياء تحتية تثنية
أوله بتشديد الواو وآخره فجائز لكنه قليل لغة (بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَسُورَتَينِ) من سور القرآن والسورة المقطعة المنزلة، ومنه سورة القرآن لأنها قطعة منه ومنزلة بعد منزلة مقطوعة عن أخرى (وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أحْيَانًا) أي يقصد ذلك تنبيهًا على أن الإِسرار ليس بشرط، قيل: ويحتمل أنه لم يقصد ذلك بل سبق لسانه لذلك لاستغراقه في تدبر القرآن، واستبعد، لأن قوله: ويسمعنا يقتضي قصد ذلك وإلا لقال ونسمع منه بالنون. والآية لغة: العلامة.
واصطلاحًا: طائفة من القرآن موسومة بفاصل.
قالوا: وأقلها ستة أحرف، وهو صحيح على القول بأن لم يلد بعض آية، أما على القول بأنه آية فأقلها خمسة، وأصلها آيية بيائين مفتوحتين قلبت الأولى ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وقدمت بذلك على الثانية وإن كانت مثلها في استحقاقها ذلك لاستحقاقها له أولًا وأحيانًا منصوب بالظرفية كما مر في باب أوقات الصلاة.
وكان (يُطَوِّلُ الرّكْعَةَ الأُوَلى) على الأخيرة (وَيَقْرأ في الأُخْرَيَينِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ) وكان يطول أي بالقراءة في الأولى من صلاة الصبح ويقصر في الثانية. (رواه الشيخان).
وفيه يسن سورتين في ركعتي الصبح وفي أولي الظهر والعصر دون ما سواهما فلا يسنان فيه على الأصح -ويقاس بالظهر والعصر، المغرب والعشاء ويسن تطويل الأولى على الثانية ما لم يردْ خلافه.
وفيه أيضًا أن قراءة سورة كاملة أفضل من قدرها فأكثر من طويلة لارتباط القراءة بعضها ببعض في ابتدائها وانتهائها بخلاف قدرها فأكثر من طويلة، فإنه قد يخفى الارتباط على أكثر الناس أو كثير منهم، فيبتدئ ويقف على غير مرتبط، وهو محذور لاختلاله بنظم الإِعجاز.
والحكمة في قراءة السورة في الظهر والعصر والصبح المذكورات في الحديث أن الظهر في وقت القائلة، والعصر في وقت شغل الناس بالبيع والشراء وتعب الأعمال، والصبح في وقت غفلة النوم آخر الليل، فطولت بالقراءة ليدركها المتأخر لاشتغاله بما ذكر من القائلة والتعب والنوم، والحكمة في تطويل الأولى على الثانية قصد إدراك المأموم فضيلة أول الصلاة جماعة، وعلى القول بأن السورة تسن في الأخريين تكون القراءة فيهما على النصف منها في الأوليين لخبر مسلم عن أبي سعيد، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة ثلاثين آية وفي الآخرتين قدر خمس عشرة آية أو نصف ذلك، وفي العصر الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر قراءة خمس عشرة آية، وفي الأخريين قدر نصف ذلك.
13/ 102 - (وعن أبي أيوب سليمان) التابعي بن يسار الهلالي رحمه الله قال: كَانَ فُلان يُطِيل الأولَيَين مِنَ الظُّهْرِ، وَيُخَفِّفُ الْعَصْرَ، وَيَقْرَأ فِي المغْرِبِ بِقِصَارَ المُفَصَّل) وأوله من الحجرات على الأصح (وَفي الْعِشَاءِ
بِوَسَطِهِ، وفي الصُّبْحِ بِطِوَالِه) بكسر الطاء وضمها (فَقَال أبُو هريرةَ: مَا صَلَّيتُ وَرَاءَ أحدٍ أشْبَهَ صلَاةً بصَلَاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذَا، رواه النسائي بإسناد صحيح).
وفيه سن تطويل الأوليين من الظهر وتقصيرها من العصر، وسن قراءة قصار المفصل في المغرب وطواله في الصبح وكذا في الظهر وأوساطه في العشاء وكذا في العصر.
ومحل سن طواله وأوساطه في الإِمام إذا رضي بذلك المأمون المحصورون.
14/ 103 - (وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم يَقْرَأ في المَغْرِبِ بِالطُّور، رواه الشيخان).
وفيه جواز أن يقال قرأت الطور والبقرة مثلًا كما يجوز أن يقال قرأت سورة كذا خلافًا لمن زعم أنه لا يجوز شيء منها وإنما يقال السورة التي فيها البقرة مثلًا واحتج لذلك بحديث لكنه ضعيف.
وكما قرأ صلى الله عليه وسلم في المغرب بالطور قرأ فيها بالأعراف وهما محمولان على بيان جواز قراءة أوساط المفصل وطواله بلا كراهة في المغرب وإلا فقد مر أن السنة قراءة قصاره فيها، وتقدم بيان إعراب ما بعد سمعت في نظائره في باب الوضوء.
15/ 104 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم يَقْرَأ في صَلَاةِ الفَجْرِ) أي الصبح (يَوْمَ الجُمُعَةِ) في الركعة الأولى {الم (1) تَنْزِيلُ} (السَّجْدَةِ) وفي الثانية {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} ، (رواه الشيخان) وفيه سن قراءة هاتين السورتين في صلاة صبح يوم الجمعة مع سجدة التلاوة في قراءة الأولى.
16/ 105 - (وعنه) أي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ إِلى الصَّلاةِ يُكَبِّرُ) للإِحرام (حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يكَبِّرُ) للركوع (حِينَ يَرْكَعُ ثمَّ يَقُولُ: سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ) أي تقبل منه حمده ويكفي من حمد الله سمع له، وعدى سمع باللام مع أنه متعدٍّ بنفسه لتضمنه معنى استجاب (حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنَ الرُكُوعِ، ثمَّ يَقُولُ: وَهُوَ قَائمٌ: رَبَّنَا ولَكَ الحَمدُ) أي على تقبلك حمد من حمدك (ثمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوي سَاجِدًا، ثُم
يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ) من سجود الأول (ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ) ثانيًا. (ثمَّ يُكَبِّر حِينَ يرْفَعُ رَأْسَهُ) من سجودِهِ الثاني (ثمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ في الصَّلاةِ كلَّهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ اثْنَتَينِ) أي الركعتين (بَعْدَ الجُلوسِ) للتشهد الأول. (رواه الشيخان).
وفيه مشروعية التكبيرات في المحال المذكورة، والأولى منها واجبة كما مر أول الباب، وبقيتها سنة.
17/ 106 - (وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ألَا وإني نُهيتُ أنْ أقْرَأَ القُرْآنَ رَاكِعًا أوْ سَاجِدًا، فَأمًا الرّكوعُ فَعَظّمُوا فِيهِ الرَّبَّ) بالتسبيح، (وأمَّا السُّجُودُ فاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ) فيه مع التسبيح (فَقَمنٌ) بفتح الميم مصدرًا وبكسرها صفة، ويقال فيه قمين بياء مع كسر الميم أي فحقيق (أنْ يُسْتَجَابُ لَكُمْ، رواه مسلم).
وفيه كراهة قراءة القرآن ولو بعض آية في الركوع والسجود ومثلها كما في المجموع سائر أفعال الصلاة غير القيام، وهي كراهة تنزيه فلو قرأ في شيء من ذلك كره ولم يبطل صلاته.
وقيل إن قرأ الفاتحة عمدًا حرم وبطلت صلاته.
وفيه سن التسبيح في الركوع كأن يقول سبحان ربي العظيم، وسَنَّ الدعاء أي مع التسبيح في السجود كأن يقول سبحان ربي الأعلى، ويدعو بما شاء، وأوجب جماعة التسبيح في الركوع والسجود لظاهر الأمر به، ولخبر البخاري "صلوا كما رأيتموني أصلي".
وأجاب الأول عن ذلك بحمله على الندب، واحتج بخبر المسيء صلاته فإنه صلى الله عليه وسلم لم يأمره به.
18/ 107 - (وعنه) أي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أُمرتُ) على لسان جبريل أو بالإِلهام أو بالرؤيا (أَنْ أسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ) وفي رواية "على سبعة أعضاء" وفي أخرى (آراب) جمع إرب بكسر الهمزة وسكون الراء وهو العضو، ويقال في جمعه أيضًا أرآب وابدل من ذلك قوله (عَلَى الجَبْهَةِ) ولو بعضها (وأشارَ بِيَدِهِ إِلى أنْفِهِ) أي جبهته، وهي الجبهة إذ لا يجب السجود عندنا على الأنف في الأصح (وَالْيَدَينِ) أي
الكفين كما روي كذلك ولو بعض كل منهما (والرُكْبَتَينِ وَأطْرَافِ القَدَمَينِ) ولو بعضًا من كل منهما (رواه الشيخان).
وفيه الأمر بالسجود على الأعضاء المذكورة والأمر. فيه للوجوب في الجبهة قطعًا إذ لا يتصور السجود إلا بها، وفي البقية على الأصح عن طائفة منهم النووي. قال: وهو الذي رجحه الشافعي، ويجب في الجبهة فقط كشفها ولا يكفي وضعها بل يجب أن يتحامل على موضع سجوده، وبثقل رأسه وعنقه حتى يستقر بجبهته، وبسط ذلك يطلب من كتب الفقه.
19/ 108 - (وعنه) أي عن ابن عباس (قال: كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم يَقُول فِي
كل من السَّجْدَتَينِ: اللهم اغْفِرْ لي وارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي وارْزُقْنِي، رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم).
وفيه سن الدعاء بذلك في السجود مع التسبيح فيه. وأما قوله صلى الله عليه وسلم اغفر لي مع أنه مغفور له فهو من باب العبودية والإِذعان والافتقار إلى الله تعالى أو قاله ليقتدي به ويستن به أمته أو لاستدعاء محبة الله تعالى. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} .
20/ 109 - (وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي ركُوعِهِ وَسُجودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ) سبحتك قال في شرح مسلم: ومعناه بتوفيقك وهدايتك لي وفضلك عليّ سبحتك لا بحولي وقوتي (اللَّهم اغْفِرْ لِي، رواه الشيخان).
وفيه سن ما ذكر فيه للمصلي في ركوعه وسجوده، والتسبيح التنزيه من كل نقص. يقال: سبحت الله تسبيحًا وسبحانًا وفي قوله بحمدك بالتقرير
السابق شكرًا لله تعالى على هذه النعمة والاعتراف بها، والتفويض إلى الله تعالى في جميع الأقوال والأفعال.
21/ 110 - (وعنها) أي عن عائشة رضي الله عنها قَالت: رَأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا، رواه النسائي بإسناد حسن وصححه ابن خزيمة).
وفيه جواز الصلاة حيث جازت بجلوس متربعًا وهو مع العجز على الافتراش والتورك واجب مع القدرة عليهما خلاف الأولى في حقنا لا في حق النبي صلى الله عليه وسلم.
22/ 111 - (وعن الحسن بن علي) بن أبي طالب رضي الله عنهما قَال: عَلَّمَنِي النبي صلى الله عليه وسلم كَلِماتٍ أقُولهُنَّ في قنوت الوتر) وهي: (اللَّهمّ اهدِنِي فِيمَنْ هَدَيتَ، وعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيتَ، وَبَارِكْ لي فِيمَا أعْطَيتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيتَ، فَإنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيكَ، إِنهُ لا يَذلُّ مَنْ وَاليتَ وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَاليتَ، وصلى الله على النبي، رواه أبو داود والنسائي والترمذي). إلا قوله ولا يعز من عاديت
فالطبراني والبيهقي وإلا وصلى الله على النبي فالنسائي.
وفيه سن القنوت بذلك في الوتر، ومحله في الاعتدال من الأخيرة منه في النصف الثاني من رمضان.
23/ 112 - (وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذَا قَعَدَ للتَّشَهدِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى) طَرف (رُكبتهِ اليُسْرَى) بحيث يسامته رؤوسها (وَاليُمْنَى عَلَى طرف ركبته اليُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلاثًا وخَمْسِينَ) بأن قبض الخنصر وتالييه (وَأشَارَ بِإصْبَعِه السبابة) عند قوله إلا الله مع ضم الإبهام إليها، وسميت سبابة لأنه يشار بها إلى المسبوب عند السب (والحديث رواه مسلم).
وفيه سن الكيفية المذكورة للمصلي في جلوسه.
24/ 113 - (وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمنَا التشهُد في الصلاة وهو التحيَّاتُ) جمع تحية وهي الملك، وقيل: البقاء وقيل: العظمة وقيل: الحياة، وإنما جمعت لأن ملوك العرب كان لكل منهم تحية مخصوصة فقيل جميع تحياتهم لله تعالى (المُبَارَكَاتُ) جمع مباركة فعلة كانت أو كلمة من البركة وهي كثرة الخير وقيل النماء، (الصَّلَوَاتُ) جمع صلاة وهي الصلاة المعروفة وقيل: الدعاء وقيل: الرحمة (الطَّيِّبَاتُ) أي الكلمات الطيبة لكونها ثناء على الله، وذكرا له. وهذه الثلاثة بتقدير واو
العطف على التحيات كما في خبر ابن مسعود وغيره لكنها حذفت اختصارًا وهو جائز معروف في اللغة، والمعنى التحيات وما بعدها مستحقة (لِلهِ تَعَالى)، ولا تصلح حقيقتها لغيره (السَّلامُ عَلَيكَ أيُّها النبي ورَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه السَّلامُ عَلَينَا وَعَلَى عبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ) جمع صالح وهو القائم بحقوق الله تعالى وحقوق عباده قيل: ومعنى السلام في الموضعين، وفي التحلل من الصلاة التحصن بالله تعالى فإنه اسم له تعالى تقديره السلام على من ذكر حفيظ وكفيل كما يقال الله معك أي بالحفظ والمعونة والظفر وقيل معناه السلامة والنجاة على من ذكر ويكون مصدرًا بمعنى التسليم والسلام كما قال تعالى:{فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} [الواقعة: 91] والسلام في التشهد في الموضعين يجوز فيه التعريف والتنكير بلا خلاف لورود كل منهما لكن التعريف أفضل لزيادته، وهو الموجود في الصحيحين. وأما السلام في التحلل من الصلاة، فقيل فيه بذلك والأظهر وجوب تعريفه لأنه لم ينقل إلا كذلك ولتقدم ذكره في التشهد فينبغي إعادته معه فليعود التعريف إليه، كما تقول جاءني رجل فأكرمت الرجل (أشْهَدُ) أي أعلم (أن لا إلا الله وأن محمدًا عبْدُهُ وَرَسُولُهُ)(رواه الشيخان واللفظ لمسلم).
وفيه مشروعية التشهد في الصلاة وهو عندنا واجب إن عقبه سلام وإلا
فسنة، وعلى الأول يحمل خبر الدارقطني والبيهقي كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد السلام على الله قبل عباده، السلام على جبريل السلام على ميكائيل، السلام على فلان، فقال صلى الله عليه وسلم لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام ولكن قولوا التحيات لله إلى آخره.
واعلم أن ما ذكر في التشهد من المباركات وتالييها وأشهد الثاني سنة وكذا تعريف السلام فيه كما مر فأقله التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله أو محمدًا عبده ورسوله فعلم بذلك قدر الواجب منه، وقد بسطت الكلام على ذلك في شرح الروض وغيره.
25/ 114 - (وعن بشير) بفتح الباء وكسر الشين (ابن سعد) هو ابن جلاس بن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب (الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه قَال: قُلْتُ يا رسول الله أمَرَنَا الله أنْ نُصلِّي عَلَيكَ) بقوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيهِ} (فَكَيفَ نُصَلِّي عَلَيكَ)؟ إِذَا نحن صلينا عليك في صلاتنا (فَسَكَتَ
ثم قَال: قُولُوا، اللهُمَّ صلِّ عَلَى مُحَمًدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيتَ عَلَى آل إِبْرَاهِيم وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آل مُحَمَّد كما بَارَكْتَ عَلَى آل إبْرَاهِيم في العَالمِينَ إنكَ حَميدٌ مَجِيدٌ) أي محمود مجيد أي ماجد، وهو من كل شرفًا وكرمًا والسلام كما علمتم أي في التشهد. (رواه مسلم إلا قوله إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا فابن خزيمة في صحيحه).
وفيه مشروعية ما ذكر فيه من الصلاة والسلام على من ذكر فيه والصلاة على محمد في التشهد الأول وعلى غيره في الأخير سنة. أما الصلاة على محمد في الأخير فواجبة للأمر بالصلاة عليه في الكتاب والسنة.
قالوا: وقد أجمع العلماء على أنها لا تجب في غير الصلاة فتعين وجوبها فيها مع أنه ثابت بزيادة ابن خزيمة ما ذكر في خبر بشير المذكور والقائل بوجوبها مرة في غيرها محجوج بإجماع من قبله، والمناسب لها من الصلاة والتشهد آخرها، فتجب فيه أي بعده كما صرح به في المجموع. قال في الأذكار وغيره الأفضل أن يقول: اللهم صلِّ على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي
وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. وآل إبراهيم إسماعيل وإسحاق، وأولادهما وخص إبراهيم بالذكر لأن الرحمة والبركة لم يجتمعا لنبي غيره. قال تعالى:{رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيكُمْ أَهْلَ الْبَيتِ} .
26/ 115 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إِذَا فَرَغَ أحَدُكُم مِنَ التَّشَهُد الأخِير) أي وتابعه من قوله اللهم صل على محمد إلى مجيد (فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ أرْبَعِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنّي أعُوذُ) أي اعتصم وامتنع (بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ) أي النار (وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ومِنْ فِتْنَةِ المحَيا والمَمَاتِ) أي الحياة والموت (ومِنْ فتْنَةِ المَسِيحِ) بفتح الميم وتخفيف السين وبالحاء المهملة. وقيل: بالمعجمة، ونسب قائله إلى التصحيف (الدَّجَّالِ) هو عدو الله الكذاب المموه واسمه صاف وكنيته أبو يوسف، وهو يهودي (والحديث رواه الشيخان إلا لفظ الأخير فمسلم).
وفيه سن التعوذ بما ذكر فيه بعد الفراغ من التشهد الأخير أي وتابعه بخلاف الأول لبنائه على التخفيف خلافًا لمن زعم أنه فيهما، وكأنه لم يطلع على رواية مسلم السابقة.
وفيه أيضًا إثبات عذاب القبر وهو مذهب أهل الحق خلافًا للمعتزلة، وذكرت فتنة المسيح الدجال مع شمول فتنة المحيا والممات لها لعظمها، وكثرة شرها، أو لكونها تقع في محيا جماعة مخصوصة وهم الموجودون في وقت خروجه وسمي مسيحًا لأنه ممسوح العين، وقيل: لأنه أعور فعليهما فعيل بمعنى مفعول، وقيل لمسحه أي وطئه الأرض غير حرم مكة والمدينة وبيت المقدس عند خروجه، فهو فعيل بمعنى فاعل فمسحه لها مقيدة بذلك محنة ومسح عيسى عليه الصلاة والسلام لها مطلقًا منحة، والدجال من الدجل وهو التغطية سمي به لتمويهه وتغطيته الحق بباطله، وقيل: غير ذلك، والفتنة لغة، الاختبار.
وعرفًا: اختبار كشف ما يكره تقول فتنت الذهب إذا أدخلته النار لتختبره وتنظر جودته ويقال افتن الرجل وفتن بمعنى امتحن خلافًا لمن أنكر الأول، وفتنة المحيا ما يعرض للإِنسان في حياته من الافتتان بالدنيا وشهواتها، وفتنة الممات فتنة القبر وقيل الفتنة، فقيل الموت، وأضيفت للموت لقربها منه، وقيل فتنة المحيا عند الاحتضار وفتنة الممات فتنة القبر، وقيل غير ذلك.
27/ 116 - (وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قَال للنبي صلى الله عليه وسلم عَلّمْنِي دُعَاء أدْعُو بِه فِي صَلَاتي) أي في المحل اللائق بالدعاء فيه منها وهو
السجود، وبعد التشهد الأخير، وتابعه (قَال: قَلْ اللهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) أي بملابسة ما يوجب عقوبتها (ظُلْمًا كَثِيرًا) بالمثلثة في أكثر الروايات وبالموحدة في أقلها.
قال النووي: فينبغي للداعي أن يجمع بينهما فيقول كثيرًا كبيرًا احتياطًا للتعبد ومحافظة على لفظه الوارد (وَلَا يَغْفِرُ الذنُوبَ إِلَا أنْتَ) هو اعتراف بالوحدانية واستجلاب للمغفرة (فاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ) قيدها بعنديته مع أنها لا تكون إلا كذلك إشارة إلى أنه طلب أنها تكون له تفضلًا من عنده تعالى لا بعمل منه (وارحمني) أي زدني إحسانًا على المغفرة (إِنك) بالكسر على الاستئناف البياني المشعر بالتعليل (أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ) كُل من الوصفين للمبالغة، والأول راجع إلى اغفر لي، والثاني إلى ارحمني، ففي ذلك لف ونشر مرتب. (والحديث رواه الشيخان).
وفيه سن الدعاء بما ذكر فيه على ما مر ومشروعية طلب تعليم العلم من
العلماء، وإجابة العلم للمتعلم سؤاله والمراد بالنفس هنا الذات المشتملة على الروح كما في قوله تعالى:{أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] وإن اختلف العلماء في أن حقيقة النفس هي الروح أو غيرها حتى قيل إن فيها ألف قول.
والغفر والستر والمعنى أن الداعي طلب من الله أن يجعل له ساترًا بينه وبين الذنوب إن لم تكن وقعت، وساترًا بينه وبين ما يترتب عليها من العقاب واللوم إن كانت وقعت ولا يخفى ما في الحديث من حسن ترتيبه حيث قدم الاعتراف بالذنب ثم بالوحدانية ثم سأل الله المغفرة لأن الاعتراف بذلك أقرب إلى العفو والثناء على السيد بما هو أهله أرجى لقبول سؤاله.
28/ 117 - (وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم يَقُول في دُبُرِ) بضم الدال مع الباء ويجوز إسكانها أي آخر (كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ) والمراد عقبها (لَا إلهَ إِلَّا الله) وقوله (وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ) تأكيدٌ لما قبله مع ما فيه من تكثير حسنات الذاكر والإِشارة إلى نفي الإِعانة بغيره لما كانت العرب تقول: لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك (لَهُ المُلْكُ) بضم الميم مصدر أي السلطان والقدرة، وأما ما ملك من مال وغيره فهو ملك بتثليث الميم والكسر أفصح وأشهر. قاله النووي في تهذيبه.
(وَلَهُ الْحَمْدُ) مر بيانه في شرح الخطبة {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ} عده بعضهم من العمومات في القرآن التي لم يطرقها تخصيص وهي {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [العنكبوت: 57]{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6] {وَاللَّهُ
بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ (282)} [البقرة: 282]{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 284].
ونُوزع في الأخيرة من جهة تخصيصها بالممكن (اللهمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أعْطَيتَ) أي لما أردت إعطاءه، وروي لما أنطيت (وَلَا معْطِيَ لِمَا مَنعْتَ) وروي عقبهْ (وَلَا رَادَ لِمَا قَضَيتَ) ترك تنوين اسم لا في المواضع الثلاثة تشبيهًا بالمضاف تخفيفًا أو بناءه إجراء له مُجرى المفرد على لغة حكاها الفارسي، وعلى اللغة المشهورة يقال: لا مانعًا لما أعطيت ولا معطيًا لما منعت ولا راد لما قضيت (ولا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ) بفتح الجيم فيها أشهر من كسرها أي الغنى، والحظ؛ أي لا ينفع وينجي ذا الغنى والحظ غناه وحظه منك وإنما ينفعه وينجيه العمل الصالح لقوله تعالى:{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيرٌ} [الكهف: 46] قاله النووي في شرح مسلم.
وظاهره أن منك متعلق بالجد وأن المراد بالجد الجد الدنيوي لأن الأخروي نافع، وقال العلامة ابن دقيق العيد: منك متعلق بينفع لا حال من الجد لأنه إذ ذاك نافع، وضمن ينفع معنى يمنع، أو ما يقاربه، وعليه فالمعنى
لا يمنعه منك حظّ دنيويًّا كان أو أخرويًّا وهو حسن دقيق. (والحديث رواه الشيخان).
وفيه سن الذكر فيه بما ذكر عقب الصلاة المكتوبة، ودلالة على التفويض إلى الله تعالى واعتقاد أنه مالك الملك وأن له الحمد ملكًا واستحقاقًا، وأن قدرته تعلقت بكل شيء من الموجودات على ما مر.
29/ 118 - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ سَبَّحَ اللَّه دُبُرَ كُلّ صَلاةٍ) أي مكتوبة بقرينة التقييد بها في الخبر السابق (ثَلاثًا وَثَلاثِينَ) تسبيحة (وحَمِدَ اللَّه ثَلاثًا وثَلاثِينَ) تحميدة (وَكَبَّر اللَّه ثَلاثًا وثَلاثِينَ) تكبيرة (فَتِلْكَ تَسْعٌ وتسْعُونَ، وَقَال تَمَامَ) بالنصب بالظرفية أي عند تمام (المائةِ؛ لا إله إلا الله وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، ولَه الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كل شيءٍ قَدِير، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ) الصغائر (وَلَوْ كَانَتْ مثْلُ زَبِدِ الْبَحْرِ) في الكثرة. (رواه مسلم وغيره).
وفيه سن الذكر بما ذكر فيه عقب كل صلاة وظاهره أنه يسبح ثلاثًا وثلاثين مستقلة، ثم يحمد كذلك ثم يكبر كذلك، وهو أولى من أن يأتي بها مجموعة
بأن يقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر على ما سلكه بعضهم، وروي إحدى عشرة، وروي أن التكبيرات أربع وثلاثون، ولا تنافي لأن الزيادات المذكورة؛ زيادة من الثقات فينبغي للإِنسان أن يحتاط فيأتي بثلاث وثلاثين تسبيحة، ثم مثلها تحميدات، ثم أربع وثلاثين تكبيرة ثم يقول: لا إله إلا الله إلى آخره ليجمع بين الروايات.
30/ 119 - (وعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم صَلُّوا كَمَا رَأيتُمُونِي أُصَلِّي، رواه البخاري).
وفيه الأمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله في الصلاة كما في غيرها.
31/ 120 - (وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قَال لي النبي صلى الله عليه وسلم صَلِّ) أي الفرض (قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَستَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِن لَمْ تَستَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ، رواه البخاري).
وفيه وجوب القيام على القادر عليه في صلاة الفرض، فإن عجز عنه وجب القعود، فإن عجز عنه وجب الاضطجاع، والكلام على كيفية ذلك مبسوط في كتب الفقه.
ومن صلى جالسًا لعجزه عن القيام. قال في المجموع وغيره، لا ينقص ثوابه عن ثوابه في حال القيام لأنه معذور، ولخبر البخاري "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا".